سامح عوده
– فلسطين
أدركُ تماماً أن الوهم إذا ما عشش في الصدور تختلط المشاهد وتتداخل الألوان، وبالتالي تجد أن أشياء غير واقعية هبطت عليك من مكان ما ..!! تتخيلها بأنها ملائكة بيضاء، في حين انها في حقيقتها شياطين سوداء لا تلبس إلا السواد، لكن الحقيقة مختلفة تماماً في تشخيصها، وتحليلها، وفي النتائج التي سوف تجدُ نفسك قد قبلتها على شكل مسلمات، لأنها ستؤدي بك إلى بر الأمان ..
قد أكون مجبراً على هذه المقدمة التي ليست خيالاً وإنما هي بدايةُ تشخيص لحالة الوهم التي أصابتنا جميعاً، فما عدنا نفرقُ بين الوهم والحقيقة، والمنطقي أن بينهما فرق كبير، فالعنوان والمقدمة يليقان لوصف الحالة الفلسطينية الآن، وما دفعني للكتابة تحت هذا العنوان، أنني كنتُ قد شاركتُ في المؤتمر الأكاديمي الذي عقد في جامعة القدس – أبو ديس، على مدار ثلاثة أيام، بعنوان " المستقبل الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال وتآكل إمكانية الدولة "، شارك في المؤتمر أكاديميون فلسطينيون وأردنيون، وقادة فكر وسياسة، والحقيقة أن المؤتمر استطاع أن يتناول المشهد الفلسطيني بكل تعقيداته، وتداخلاته بنوع من الواقعية، في أوراق العمل التي قدمت تشخيصاَ للمشهد الفلسطيني الآن وما يعتريه من إرهاصات أدت بنا إلى التراجع إلى الوراء كثيراً، بحيث أبعدنا ذلك عن الهدف الاستراتيجي لنا وهو التوحد في وجه الاحتلال، وقد قدمت خلال المؤتمر رؤىً إذا ما استغلت جيداً فإنها ستحمينا من لظى النار الذي يحرقنا بها الاحتلال ، ويبدد آمالنا بتآكل إمكانية قيام الدولة .
مشاركتي في المؤتمر هي التي الهمتني فكرة هذا المقال، بل وجعلتني أسهبُ في التحليل قليلاً، بناءً على ما استمعت اليه من مداخلات، كون الواقع الفلسطيني في ظل وجود حكومة إسرائيلية متطرفة، لا تؤمن إلا بالقتل، وسلب الأرض، عنوناً لبرنامج عملها، وهذا ما نلمسه كفلسطينيين نعيش تحت الاحتلال، إطلاق يد المستوطنين لتخريب والتدمير، وتكثيف الاستيطان، حصار غزة وضربها متى شاؤوا، تمزيق الضفة إلى كنتونات معزولة، والاهم تهويد القدس بالقوة وطرد السكان منها .
في المقابل هناك حالة تشرذم لا يمكن إغفالها، حكومة في غزة تعملُ منفردة، ترى أنها سوف تحقق للفلسطينيين الدولة التي يحلمون بها، وتخلصهم من الاحتلال، وحكومة في رام الله لديها نفس الاعتقاد، والمواطنُ في كلى الجانبين يتحملُ قرف الاحتلال ومضايقاته .
فالواهمون في غزة يسيطرون على القطاع بالقوة، ولا يَدَعَونْ متنفساً للوقوف مع الذات قليلاً، لمراجعة واقع الفلسطينيين هناك، فالأنفاق تعمل، وعائداتها أتخمت جيوب قادتها ، والواقع الاجتماعي والمعيشي في انحدار، والفقر، والبطالة، ومنغصات الحياة هي الطاغية ، البسطاء والعامة هم من يعانون ويدفعون الثمن، والاحتلال يقصف متى يريد، وأينما يريد، والمقاومة التي تتحدث عنها حماس أصبحت درباً من الماضي، وهناك أشياء لا يتسع المكان لذكرها، كلها لا تصب في مصلحة الفلسطينيين، فهي لا تخدم إلا الاحتلال، الذي يحاصر غزة ويجوعها، هذا الحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة أعاد حياة الفلسطينيين إلى الوراء عشرات السنوات، من كافة النواحي، واستمرار الوضع على ما هو سيؤدي إلى نتائج وخيمة، أهمها على الصعيد السياسي، إذ من الممكن في لحظة ما أن تقدم تنازلات نحن في غنى عنها، وإذا ما استمر الأداء بهذه الطريقة فلن نجني إلا الوهم .
وفي الضفة الغربية الوضع أفضل حالاً منه في غزة في النواحي المعيشة " اقتصاد، ومؤسسات " ، لكن مع وجود الاحتلال ومنغصاته، فبات من المعروف أن هذه السنوات الطويلة التي أضعناها في المفاوضات لم تحقق لنا الدولة التي طالما تمنيناها، وان استمرت مفتوحة دون سقف زمني فلن تحقق إلا الوهم ..!! كالسراب يحسبه الظمآن ماءً، من المعروف أن إسرائيل قوية، وهي التي تمسكُ بخيوط اللعبة، وهذه الحقيقة المؤسفة، التي علينا أن نعترف بها في الضفة وغزة إذا ما أردنا الوصول بشعبنا وقضيتنا إلى بر الأمان، وان المفاوضات في ظل الانقسام لن تكون مجدية .
أعي جيداً أن الاستغراق في التحليل، والتوصيف لن يغير من الأمر شيئاً، فمن يعيش على هذه الأرض يستطيع أن يعرف حجم الإخفاقات التي باتت تكبلنا، المشهد مأساوي معقد، في ظل انقسام أثر علينا في كافة النواحي، مع عدو قوي يمتلك كل عناصر القوة الاقتصادية والعسكرية، ويحظى بدعم دولي كبير، لذا فما يمكنُ أن يحققه الفلسطينيون في أفضل الأحول هو دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس، إذا توحدت كافة الأطياف الفلسطينية، إن مقولات مسح إسرائيل من الوجود هي محاولات فقط للعب بالألفاظ، وإعطاء الاحتلال مبرراً للتهرب من التزاماتها، .
المطلوب الآن التسامي عن الخلافات، وطي صفحة الماضي، وإنجاح جلسات الحوار التي تجري في القاهرة، تمهيداً لتشكيل حكومة تسير أعمال تعمل على أجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، والاهم الاتفاق على برنامج سياسي شامل، واضح المعالم قابل للتطبيق، للتفرغ للاحتلال ومقارعته، لتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، إن الخلاص من الاحتلال هو الهدف الاستراتيجي لنا، وبالتالي علينا استثمار كل الطاقات لتحقيق ذلك عبر ابتكار وسائل أخرى للمقاومة واستثمار طاقات الجماهير كإعادة نموذج المقاومة الشعبية التي استخدمت خلال الانتفاضة الأولى، والتي أنهكت الاحتلال بتعاطف العالم معها، والمطلوب أيضاً استثمار المناخ العربي جيداً، ليعمل بشكل افضل على دعم القضية الفلسطينية .
واهــــــم ... من يظنُ أن أي طرف من الأطراف وحـــده يمكن له أن يحقق لشعبنا، شيئاً، واهم من يظن أن بالمقاومة وحدها، او بالمفاوضات وحدها يمكن أن تنحق طموحات شعبنا، واهم من يظن أن الوطن له، واهم من يظن أن الدين له، وحنى لا نغرق في بحر من الأوهام، علينا ترك الأوهام جانباً، واستبدالها بمحيط من الحقائق لان الحقيقة هي الباقية، وما دونها زائل ..!!
أدركُ تماماً أن الوهم إذا ما عشش في الصدور تختلط المشاهد وتتداخل الألوان، وبالتالي تجد أن أشياء غير واقعية هبطت عليك من مكان ما ..!! تتخيلها بأنها ملائكة بيضاء، في حين انها في حقيقتها شياطين سوداء لا تلبس إلا السواد، لكن الحقيقة مختلفة تماماً في تشخيصها، وتحليلها، وفي النتائج التي سوف تجدُ نفسك قد قبلتها على شكل مسلمات، لأنها ستؤدي بك إلى بر الأمان ..
قد أكون مجبراً على هذه المقدمة التي ليست خيالاً وإنما هي بدايةُ تشخيص لحالة الوهم التي أصابتنا جميعاً، فما عدنا نفرقُ بين الوهم والحقيقة، والمنطقي أن بينهما فرق كبير، فالعنوان والمقدمة يليقان لوصف الحالة الفلسطينية الآن، وما دفعني للكتابة تحت هذا العنوان، أنني كنتُ قد شاركتُ في المؤتمر الأكاديمي الذي عقد في جامعة القدس – أبو ديس، على مدار ثلاثة أيام، بعنوان " المستقبل الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال وتآكل إمكانية الدولة "، شارك في المؤتمر أكاديميون فلسطينيون وأردنيون، وقادة فكر وسياسة، والحقيقة أن المؤتمر استطاع أن يتناول المشهد الفلسطيني بكل تعقيداته، وتداخلاته بنوع من الواقعية، في أوراق العمل التي قدمت تشخيصاَ للمشهد الفلسطيني الآن وما يعتريه من إرهاصات أدت بنا إلى التراجع إلى الوراء كثيراً، بحيث أبعدنا ذلك عن الهدف الاستراتيجي لنا وهو التوحد في وجه الاحتلال، وقد قدمت خلال المؤتمر رؤىً إذا ما استغلت جيداً فإنها ستحمينا من لظى النار الذي يحرقنا بها الاحتلال ، ويبدد آمالنا بتآكل إمكانية قيام الدولة .
مشاركتي في المؤتمر هي التي الهمتني فكرة هذا المقال، بل وجعلتني أسهبُ في التحليل قليلاً، بناءً على ما استمعت اليه من مداخلات، كون الواقع الفلسطيني في ظل وجود حكومة إسرائيلية متطرفة، لا تؤمن إلا بالقتل، وسلب الأرض، عنوناً لبرنامج عملها، وهذا ما نلمسه كفلسطينيين نعيش تحت الاحتلال، إطلاق يد المستوطنين لتخريب والتدمير، وتكثيف الاستيطان، حصار غزة وضربها متى شاؤوا، تمزيق الضفة إلى كنتونات معزولة، والاهم تهويد القدس بالقوة وطرد السكان منها .
في المقابل هناك حالة تشرذم لا يمكن إغفالها، حكومة في غزة تعملُ منفردة، ترى أنها سوف تحقق للفلسطينيين الدولة التي يحلمون بها، وتخلصهم من الاحتلال، وحكومة في رام الله لديها نفس الاعتقاد، والمواطنُ في كلى الجانبين يتحملُ قرف الاحتلال ومضايقاته .
فالواهمون في غزة يسيطرون على القطاع بالقوة، ولا يَدَعَونْ متنفساً للوقوف مع الذات قليلاً، لمراجعة واقع الفلسطينيين هناك، فالأنفاق تعمل، وعائداتها أتخمت جيوب قادتها ، والواقع الاجتماعي والمعيشي في انحدار، والفقر، والبطالة، ومنغصات الحياة هي الطاغية ، البسطاء والعامة هم من يعانون ويدفعون الثمن، والاحتلال يقصف متى يريد، وأينما يريد، والمقاومة التي تتحدث عنها حماس أصبحت درباً من الماضي، وهناك أشياء لا يتسع المكان لذكرها، كلها لا تصب في مصلحة الفلسطينيين، فهي لا تخدم إلا الاحتلال، الذي يحاصر غزة ويجوعها، هذا الحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة أعاد حياة الفلسطينيين إلى الوراء عشرات السنوات، من كافة النواحي، واستمرار الوضع على ما هو سيؤدي إلى نتائج وخيمة، أهمها على الصعيد السياسي، إذ من الممكن في لحظة ما أن تقدم تنازلات نحن في غنى عنها، وإذا ما استمر الأداء بهذه الطريقة فلن نجني إلا الوهم .
وفي الضفة الغربية الوضع أفضل حالاً منه في غزة في النواحي المعيشة " اقتصاد، ومؤسسات " ، لكن مع وجود الاحتلال ومنغصاته، فبات من المعروف أن هذه السنوات الطويلة التي أضعناها في المفاوضات لم تحقق لنا الدولة التي طالما تمنيناها، وان استمرت مفتوحة دون سقف زمني فلن تحقق إلا الوهم ..!! كالسراب يحسبه الظمآن ماءً، من المعروف أن إسرائيل قوية، وهي التي تمسكُ بخيوط اللعبة، وهذه الحقيقة المؤسفة، التي علينا أن نعترف بها في الضفة وغزة إذا ما أردنا الوصول بشعبنا وقضيتنا إلى بر الأمان، وان المفاوضات في ظل الانقسام لن تكون مجدية .
أعي جيداً أن الاستغراق في التحليل، والتوصيف لن يغير من الأمر شيئاً، فمن يعيش على هذه الأرض يستطيع أن يعرف حجم الإخفاقات التي باتت تكبلنا، المشهد مأساوي معقد، في ظل انقسام أثر علينا في كافة النواحي، مع عدو قوي يمتلك كل عناصر القوة الاقتصادية والعسكرية، ويحظى بدعم دولي كبير، لذا فما يمكنُ أن يحققه الفلسطينيون في أفضل الأحول هو دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس، إذا توحدت كافة الأطياف الفلسطينية، إن مقولات مسح إسرائيل من الوجود هي محاولات فقط للعب بالألفاظ، وإعطاء الاحتلال مبرراً للتهرب من التزاماتها، .
المطلوب الآن التسامي عن الخلافات، وطي صفحة الماضي، وإنجاح جلسات الحوار التي تجري في القاهرة، تمهيداً لتشكيل حكومة تسير أعمال تعمل على أجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، والاهم الاتفاق على برنامج سياسي شامل، واضح المعالم قابل للتطبيق، للتفرغ للاحتلال ومقارعته، لتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، إن الخلاص من الاحتلال هو الهدف الاستراتيجي لنا، وبالتالي علينا استثمار كل الطاقات لتحقيق ذلك عبر ابتكار وسائل أخرى للمقاومة واستثمار طاقات الجماهير كإعادة نموذج المقاومة الشعبية التي استخدمت خلال الانتفاضة الأولى، والتي أنهكت الاحتلال بتعاطف العالم معها، والمطلوب أيضاً استثمار المناخ العربي جيداً، ليعمل بشكل افضل على دعم القضية الفلسطينية .
واهــــــم ... من يظنُ أن أي طرف من الأطراف وحـــده يمكن له أن يحقق لشعبنا، شيئاً، واهم من يظن أن بالمقاومة وحدها، او بالمفاوضات وحدها يمكن أن تنحق طموحات شعبنا، واهم من يظن أن الوطن له، واهم من يظن أن الدين له، وحنى لا نغرق في بحر من الأوهام، علينا ترك الأوهام جانباً، واستبدالها بمحيط من الحقائق لان الحقيقة هي الباقية، وما دونها زائل ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق