‏إظهار الرسائل ذات التسميات مأمون شحادة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مأمون شحادة. إظهار كافة الرسائل

الأحد، أبريل 11، 2010

الى متى سيبقى مكتب الاحصاء في غزة مغلقاً؟

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
wonpalestine@yahoo.com

رن هاتفي النقال،،،، الووو،،،، من معي، صديقك (؟) من غزة، فرحت كثيراً، فدار الحديث، حيث كان مجمله عن رسالة الماجستير التي يقدمها صديقي هناك، موضحاً لي ان رسالته تحتاج الى بيانات احصائية من الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، فقلت له على الفور: اذهب الى مكتب الجهاز في غزة سيزودك بالبيانات، فرد قائلاً، انه مغلق منذ عامين، قلت له "لماذا"، فرد مرة اخرى قائلاً: بسبب الاحداث التي حصلت قبل عامين ما بين فتح وحماس!!!
هنا توقفتُ عن الحديث معه، وانا احاور نفسي ما بين صيغة الحوار، وحوار الصياغة، قائلاً لنفسي هل الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، جهاز حزبي و سياسي؟!، فعلى حد علمي ان مؤشر بوصلة هذا الجهاز تشير الى العدد الاحصائي والقدس، وليس له اي ارتباطات حزبية يحسب عليها، فلماذا يغلق ؟!؟!؟
بما معناه،،، يجب ان نتوقف قليلاً، لنفك تلك الاقواس عن معادلة الاحصاء الفلسطينية، ذلك لانها معادلة جُل همها المحافظة على جودة العينة الديمغرافية للشعب الفلسطيني، فبدون مؤسسة الاحصاء ستضيع معادلتنا الرقمية بين دهاليز السياسة و تشابك الارقام، والذي يتوجب منا جميعاً "ابعاد" مؤسساتنا الوطنية عن المناكفات السياسية والحزبية!!!
ان الاحصاء الفلسطيني يشكل خلية نحل يتعاون فيها الجميع لإنجاز العمل، مهما تكن درجة صعوبته وظروفه، وكما قال الحكماء: " بالجد والعمل يحقق الأمل" .. افلا يستوجب منا وقفة جادة ترنو الى فتح ابواب هذا الجهاز لكي يكون متواصلاً مع توأمه في الضفة، في الوقت الذي نرى فيه ان أسرة الإحصاء الفلسطيني حققت الرقم الصعب في المعادلة الصعبة من خلال، الجهد، والمثابرة، والإصرار، حتى اصبحت رقما صعبا بين مؤسسات الإحصاء العالمية، حيث حصدت الكثير من الأوسمة والجوائز العالمية : جائزة فلسطين للإبداع والتمييز، وجائزة افضل عمل إحصائي عربي، والمرتبة الأولى للوزارات والمؤسسات الرسمية لدى ديوان الرقابة المالية والإدارية، إضافة إلى الإبداع و التميز الذي يسير عليه الإحصاء الفلسطيني حيث انه على طريق الإعداد والتحضير لإجراء التعداد الزراعي الأول لهذا العام .
السؤال هنا موجه إلى كافة المسؤولين، أليس الحري بنا أن نفخر بتلك المؤسسة ؟، وامام تلك الحقيقة الاحصائية، اليس الحري بنا ان نفك الاقواس التي تغلق جهاز الاحصاء الفلسطيني في غزة الحبيبة ؟ وبما أن الإحصاء الفلسطيني نجم مهني وإداري يسمو سماء الوطن، أفلا يتطلب منا جهدا لحمايته والمحافظة عليه من اجل مصلحة الشعب الفلسطيني التي نتطلع إليها جميعا، ولكن اين الجامعات الفلسطينية، التي حصدت جوائز عالمية نفتخر بها جميعاً من هذا الاغلاق؟، وهل ترضى تلك الجامعات هذا الاغلاق؟ اليس نجاحكم "مدعما" بارقام احصائية تتوج هذا النجاح؟
من هنا نناشد جميع المسؤولين، والهيئات الانسانية، وجميع الجامعات الفلسطينية، للتحرك من اجل فتح مكتب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في غزة الحبيبة، ونحن نعرف ان اخوتنا في غزة سيتقبلون هذه الدعوة بكل صدر رحب، فنحن بانتظار "قرار" يسمح "بفتح" هذا المكتب الاحصائي!!! وانا على قناعة بان صديقي الذي اتصل بي سيذهب قريباً الى ذلك "المكتب" لاستلام البيانات الاحصائية التي يحتاجها من اجل اتمام رسالته التعليمية.

الاثنين، أبريل 05، 2010

السياسة و جدلية اللون البرتقالي

مأمون شحادة
فلسطين
مختص بالشؤون الاقليمية
WONPALESTINE@YAHOO.COM

الألوان كثيرة، منها الاحمر، والاخضر وغيرها من الالوان، ولكن اللون الذي يمتلك الشهرة هو البرتقالي، باعتباره ذا دلالة رمزية للتعبير، حيث اعتبره الهولنديون كرمز للاستعداد والحركة، فيما اعتبره التشيليون والاوكرانيون كرمز للتحرك الشعبي، وفق نظرة مستقبلية تغييرية تسمى “الثورة البرتقالية”، ما يعني ان هذا اللون يعبر عن الشعور بالكآبة والضجر، والتحرك من اجل الاصلاح، ولكن دون تحريف لرمزية ذلك المعنى. بما معناه، فان عملية اختيارية طوعية يختارها شعب من الشعوب كأسلوب للتعبير والتغيير دون فرضه بالغصب والاكراه، ولن يكون لذلك اللون اي معنى ان لم يكن نابعاً من حرية الذات.
هنا نتذكر قول احد الشعراء، حينما قال “ولون الدم يزور حتى في التأبين رماديا”، ولكن في اي كفة نضع التحريفات الأميركية والاسرائيلية لرمزية ذلك اللون، على اعتبار انه لوناً للاذلال والقهر، فالالبسة البرتقالية، التي فرضت على سجناء جوانتانامو تتوافق مع التحريفات الإسرائيلية، كنموذج يحتمل تطبيقه على الاسرى الفلسطينيين...!
ولكن الا يعتبر اللون البرتقالي رمزاً للمظلوم ومن لبسه فانه بطبيعة الامر كذلك؟ فوفقاً لهذا السؤال فان الاجابة ستكون متربعة بين حشايا الضمير كمطلب لرد المظالم الى اهلها، فهل يستطيع العقل الأميركي استيعاب هذا الجواب؟ ام ان بصيرة عقله لا تحتمل الا الاجوبة الاسرائيلية!؟!
من الظاهر ان تشعب تلك الاجابة ادت الى صبغ بعض من الشعوب بلون تلك الاجابة، كأسلوب حضاري، وكتعبير عن اليأس والضجر تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لإحداث تغيير جوهري وجذري في المجالات الحياتية، بمنظور مستقبلي يتلاءم مع متطلبات الجماهير.
بطبيعة الحال، فان هذه الجدلية تحتمل وتحمل عدة توجهات وتجاذبات في استخدامه، كالذي شاهدناه على سبيل المثال في جمهورية التشيلي ابان حكم بيونيشه، حينما احتدم التجاذب والصراع السياسي بين الجماهير، التي تسعى الى اصلاح اوضاعها الحياتية، والمناهضة للسياسة الأميركية، وبين الرئيس التشيلي بيونيشه الموالي لتلك السياسية، والذي ادى الى انتصار تلك الجماهير.
اما على الجانب الاوكراني فان الاوضاع كانت مغايرة للحالة التشيلية، فسياسة الرئيس كوتشما الموالية لروسيا جعلت من الجماهير الاوكرانية تفترش الارصفة وهي ترتدي الزي البرتقالي كاسلوب تؤيد فيه السياسة الأميركية ضد الروسية باعتباره “طوق نجاة” يخرج البلاد من ازماته المتلاحقة، ولكن بيضة القبان “وبعد ستة اعوام” عادت لتتمركز مرة اخرى لمصلحة المد الروسي بفوز يانكوفيتش، ما شكل ضربة قوية للثورة البرتقالية التي أسسها يوتشينكو ويوليا توميشنكو.
يتبين من ذلك ان السياسة هي من يحرك ديمومة ذلك اللون، وفق عدة مفاهيم تسعى لاحلال الثورة وتصفية الحسابات، والالتفاف، والاقصاء، والاحتواء... فعلى الرغم من تلك التقلبات البرتقالية الا ان ذلك اللون وباعتراف كل ضمير حي يعتبر لونا حضاريا للنهوض بالإنسانية.
ولكن الا يبدو انه اصبح رمزاً يعبر عن المصالح الأميركية؟ فالثورة البرتقالية “الاوكرانية” تحمل احلاماً أميركية، والمتهم بالارهاب وفقاً للمواصفات الأميركية صُبِغت ملابسه باللون البرتقالي، افلا يشكل ذلك امتداداً برتقالياً على شاكلة المد الاخضر والاحمر؟

الثلاثاء، مارس 30، 2010

في ذكرى يوم الارض



مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
بيت لحم – فلسطين
WONPALESRINE@YAHOO.COM
في وقت كانت فيه الشمس تميل للغروب وأمامه ابريق الشاي، يجلس تحت شجرة الخوخ ناظراً إلى الشمس وهي تغيب، حينها راودته الأفكار ما بين السؤال وفحوى الإجابة،.. هل أصبحنا نحن الفلسطينيين نبحث عن عالمية قضيتنا وفق ما تقرره الأرقام القياسية لموسوعة جينس، نتسابق إليها بطبق من الكنافة وستة آلاف طائرة ورقية تعلو فوق الأرض، ونسينا أن هناك ما هو أهم من ذلك ، القضية الفلسطينية، التي يتظاهر من أجلها العالم أجمع.
صحيح أن طبق الكنافة حقق رقماً قياسياً بدخوله موسوعة جينس للارقام القياسية، لكنه قسم بعد ذلك على الحضور، كل أخذ قطعته ولم يتبق بعد ذلك إلا المفعول به، الكنافة، ....وكذلك الطائرات الورقية التي علت سماء قطاع غزة دخلت موسوعة جينس كظاهرة تحدث لاول مرة، لكنها سقطت بعد علوها ولم يتبق للعلو إلا الرقم القياسي.
إن القضية الفلسطينية أكبر من ذلك بكثير فهي استطاعت أن تدخل الضمير العالمي والتعاطف الشعبي مخترقة القلوب والعواطف، مسجلة أكبر رقم قياسي تحققه قضية عشقها الجميع اقليميا وعالميا، ولكن!!! وفي ظل الانقسام ما بين الضفة وغزة ، وصراع الضد والضد البيني ما بين اخوة السلاح وعدالة القضية، سؤال يطرح نفسه... أين نحن الآن؟ وما الذي يحدث؟
هنا توقف الكاتب و اعترف للجميع وهو يردد ما قاله الشاعر نزار قباني " أهديناك مكان الوردة سكينا"،.. أفبعد ذلك نهدي أما احتضنت الجميع مكان الوردة سكينا؟، ونسينا أن القضية الفلسطينية، قضية جوهرية تسكن عقولنا وفكرنا ووجداننا، حيث انها تعبر عن شيء واحد وهو فلسطين ، بوابة الشرق وقبلة الثوار ومحط انظار الجماهير شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، الذي يلزمها عمل للمحافظة عليها كقضية يلتف حولها الجميع، عملا وفكر، ونحن نعرف ان هناك شعباً عربياً محتلاً ينتظر فرحة النصر واحتضان العالم العربي، أفبعد ذلك نشظي أنفسنا ما بين الضفة وغزة وننسَ الماضي، .... بالله عليكم اقرؤوا لي المستقبل إن استطعتم ؟
إن قضية فلسطين الآن تتراوح ما بين التقسيم والسقوط فهي أمانة في أعناقنا جميعا، فلا نريدها تقسيما وسقوطا بل نريدها رقما قياسيا في الحفاظ على مصلحة الشعب الفلسطيني لرأب الصدع ما بين الضفة وغزة.
اخذ الكاتب يستمع الى صديقه "الكاتب" الفلسطيني الدكتور ابراهيم ابراش: " الانقسام خطير، يهدد وحدة المشروع الوطني كمشروع حركة تحرر وطني بهدف واحد واستراتيجية عمل وطني واحدة و يضرب بالصميم قدرة الشعب على الوصول لهدفه الوطني"،.... ولكن ، متى يسجل هذا الرقم القياسي ؟
وقف الكاتب على اكبر جبل "فكري" مخاطبا اياهم : " لكي نحافظ على مستقبلنا نحن الفلسطينيين يجب علينا أن نحافظ على معادلة الأرقام القياسية الفلسطينية التي تتشكل من كلمات جوهرية، وحدة ، واتحاد، ومصالحة، ومصلحة شعب، ومستقبل، وأم لا تحتمل أن يتخاصم أولادها ،.... معادلة وان كانت صعبة على الحل، لكن مفاتيحها بأيدينا.
ها هو الكاتب يجلس وحيدا مرة اخرى، يرتشف فنجان القهوة تحت شجرة السنديان، امامه صحيفة معنونة ومذيلة بالاخبار، تناولها من على الطاولة، يقلب صفحاتها، فوقع ناظريه على صورة تحمل رأسين، مزارع فلسطيني يحمل نعجة برأسين... يا للعجب!!!
اخذ الكاتب يحاور نفسه مرة اخرى محدقا بالصحيفة... ولمَ العجب !!!، و نحن ابناء الشعب الفلسطيني، ابناء الارض الواحدة منقسمون الى نصفين (غزة وضفة) .. متسائلا اليس الحري بنا ان نتعجب من انقسام انفسنا وليس من انقسام النعجة !!! ، ضحينا بالغالي والنفيس ونحن ابناء شعب واحد، والان ضحينا بالغالي والنفيس من اجل الانقسام..... ان حالتنا اليوم يسودها العجب امام العالم الخارجي..!! ، لقد اصبحت قضية فلسطين تحتمل المسميات، بل اصبحت مسألة فلسطينية تحتمل كل الحلول.... اهذا ما نريده مرورا بتلك المحطة التي توصل الى ما وصلنا اليه، حيث ان "فوبيا" الاندهاش من تلك الصورة كمثل قضيتنا تدهش العالم الخارجي !!!. فقضية النعجة خرجت من يد المزارع واصبحت مسألة عالمية " تحتمل كل الحلول "، فليس للمزارع الفلسطيني سيطرة عليها، لان مسألة نعجته اصبحت في خبر كان من كثرة الاختبارات التي اجريت عليها !!!!!
حاول الكاتب ان يخاطب نفسه مرة اخرى " بلغة المخاطبة الداخلية " افبعد ذلك يا اخوة التراب الواحد والهامة السمراء القمحاوية التي عجنت من سنابل تلك الارض لتشكل منها مزارعا فلسطينيا ضحى وما زال يضحي من اجل ارضه .... ان الواجب منا ونحن ابناء تلك الارض الواحدة ان نضع الكف بالكف ونسير نحو هدف واحد وليس ان نسير في طريق ضياع الشعب والتي لا نجني منها الا الشوك وغزارة الدماء ...
غراب فوق شجرة السنديان ينعق بصوت عالٍ فاستيقظ الكاتب من محاورته الداخلية مع نفسه، وضع الصحيفة على الطاولة ومضى في طريقه حتى وجد نفسه تحت شجرة زيتون تعلوها حمامة بيضاء وصحيفة تلتحف ظل الشجرة .

الأحد، مارس 28، 2010

الى قمة سِرت .. من يعلق الجرس

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com


قال الحكماء قديماً " اذا اردت تحقيق الهدف، فعليك معرفة الطريق التي تؤدي اليه، وليس ان السير بدونه، بما معناه ان هناك اسباباً ومسببات لمفهوم كلمة هدف، لان تلك الكلمة بحد ذاتها طريق .
ان الهدف وكما ذكر اعلاه يعتبر اسلوباً للمثابرة، والجد، والعمل نحو طريق المستقبل، وليس عكس ذلك،... وبما ان الهدف له طريق للمضي عليه، فما مدى تقبل القمم العربية للخروج بصياغة محددة ترسم معالم المستقبل ؟...
من الواضح ان تلك "القمم" لديها التباس "فوبيوي" مزمن لا يؤهلها لصوغ بيان موحد، وفق نظرة سياسية صادقة وبعيدة عن الخطابات الديماغوجية!!.
فالبيان الختامي تحول الى سؤال ليس ككل الاسئلة، للاجابة عليه، فهل اصبح جداراً تتحطم عليه احلام الشعب العربي؟، وهل اصبح تعبيراً لمفهوم قاعدة العمل القبلي ؟، وكأن الاحلام العربية قادمة من المريخ – وليس- من الارض، متناسين ان هناك وحدة تكوينية لتلك القمم، تضم اللغة والثقافة والمصالح المشتركة والتاريخ والمصير المشترك الواحد، هذا من جهة، ومن الجهة الثانية فان الوطن العربي يتمتع بمقومات اقليمية، كالموارد الطبيعية، والبشرية، والموقع الاستراتيجي.
بصراحة،... ان هروب البيان الختامي دوماً من جوهر المطالب الشعبية جعله متأرجحاً ومتدحرجاً بين نصف الدفء ونصف الموقف .
فالمطالب الشعبية لا تحتاج نصف المواقف، كمبرر للخروج بصيغة تلائم البيان الختامي، انما تريد موقفاً كاملاً لاصلاح البوصلة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، مما يتطلب عدم وضع حجارة مغناطيسية في طريقها، ليتعثر بها مؤشر تلك البوصلة، بل يجب جمعها لبناء سلم للصعود عليه نحو وحدة تجمع امة الضاد في قالب واحد، وكما قال الحكماء، الضمير صوت هادئ يخبركم بأن أحدا ما ينظر الى المستقبل، فالديمقراطية، والتنمية، والامن الغذائي والقومي تمثل قاعدة رباعية يتربع عليها الحلم العربي، فالحري بالقمم العربية ان تسعى الى ارساء تلك المتطلبات على شاطئ الواقع، لانها تمثل الطريق الامثل لحل اشكاليات صراع الاضداد، وكبداية للطريق يجب ارساء مفهوم التكامل الاقتصادي بين الدول العربية باعتباره هدفاً يوصل للهدف الكلي، وهو الوحدة العربية التي تحمل بين حناياها بوصلة تشير الى غد مشرق...، ولكن ..!! من يعلق الجرس ؟

الخميس، مارس 25، 2010

اين الثقافة الرياضية؟

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
الخضر – بيت لحم – فلسطين
wonpalestine@yahoo.com
خسر الفريق، كم هي الحالة صعبة، هتافات مسرعة يرددها "جمهور متهور" يضرب بعرض الحائط كل الاخلاقيات الرياضية، ولا يرى في الملعب او على المدرج الا نفسه، الامر الذي ادى الى ارتكاب ابشع جريمة رياضية، ترتكب بحق المشروع الرياضي العربي، وفق مجموعة "من الانحناءات"، فالعامل الزمني المتخم بالاجراءات لاذ بالفرار تاركاً هذا الجمهور يعبث بالحق العام، حتى استقر به الامر الى احداث حالة خطرة و حرجة، تُسكِنُ المجتمع الرياضي في غرفة الانعاش ما بين رحمة الله والخطابات .
امثال وعبارات كثيرة نقولها ونتداولها هنا وهناك، ما بين قول الحقيقة وغيرها " في التأني السلامة وفي العجلة الندامة"، فهل تكفي تلك العبارات لرأب الصدع، الذي اصاب الحالة الرياضية، لردع الذين يضربون بعرض الحائط قاعدة العمل الرياضي ؟، ام ان تلك العبارات يلزمها تنشئة اجتماعية، لولادة ثقافة رياضية !!
ان هؤلاء المتهورين يمثلون سرطاناً ينخر جسم المجتمع الرياضي، ما يعني انه يجب استئصالهم كما يستأصل السرطان من الجسد، لكي يكون رادعاً لغيرهم من اجل سلامة واطمئنان المشروع الرياضي، فاليوم هو، وغدا انت، وبعد غد انا،.. فما الذي يتبقى بعد ذلك؟ الاجابة واضحة: "متهورون" يتقوقعون في انانيتهم، ويهدرون الحق الرياضي، ويفاجئون المجتمع بخسائر متتالية، فالانانية اصبحت قاعدة للعمل الشخصاني، والجمهور قبيلة تتحكم بعناصر الفريق، كل ذلك يحمل عنوانا بالخط العريض، سقوط الروح المعنوية واصطدامها بجدار التملق والانزواء، ما يعني ان السقوط يحمل معنى الانانية وليس تشجيع الفريق، وما حرب داحس و الغبراء، التي وقعت بين الجمهور المصري والجزائري الا صورة كربونية ترسم علامات التملق والانزواء بين جدران الانانية، والشخصانية، والقبلية .
ان قضية "افتقادنا للثقافة الرياضة" انما تمثل قضية يهتم بها الجميع، فهي نحن، وهم، وانتم، فالكل يشترك في هذا القضية، التي يفتقد اليها العصب الرياضي، فالنتيجة واضحة : خسارة الحلم والهدف والمستقبل .
اسئلة تطرح نفسها: الى متى سيبقى هؤلاء المتهورين يعبثون بالتنشئة الرياضية ؟ وهل هناك اجراءات تحد من تلك الاعمال الشخصانية ؟ والى متى سيبقى عراب المعادلة الخجولة ورقة رابحة في يد المارقين والعابثين بتلك التنشئة ؟
من هنا نناشد تلك التنشئة قبل ان نناشد المسؤول، للقضاء على الانانية، والتهور، والشخصانية، من اجل كتابة اجمل عنوان رياضي" الرياضة اخلاق"، وكما قال غسان كنفاني " إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضية"، افلا تستدعي تلك المقولة الى صياغة جملة مشابهة لها، تحمل عنواناً " ان التنشئة المتراكمة هي في نهاية الامر ثقافة مكتسبة"، ام ان عراب السياسة الخجولة، خجول ولا يقوى على قول الحقيقة الا من خلال التملق والانزواء ؟

الأحد، مارس 07، 2010

اسرائيل .. بين اسطورة المسادا وتعاليم جابوتنسكي

مأمون شحادة
كاتب مختص بالشؤون الاقليمية
بيت لحم - فلسطين
wonpalestine@yahoo.com
استوقفتني مقولة شهيرة لجابوتنسكي" إذا أراد المرء أن يستوطن بلداً يقطنه شعب، فعليه أن يجد من ينفذ له هذا الأمر. فإذا لم تكن هناك قوة مسلحة تقضي على كل حركة تعارض الاستيطان أو تمنعه أو تعرضه للخطر، فسيكون الاستيطان غير ممكن...إن الصهيونية مشروع استعماري استيطاني يرتبط تقدمه وتراجعه بقوة سلاحه. صحيح أنّه من المهم أن نتكلم العبرية، ولكن الأهم، بكل أسف، أن نتقن استخدام السلاح، وإلاّ فلا استيطان" .
بناء على ذلك فقد تبنى الجانب (الإسرائيلي) عقيدة حربية بنيت على منهج توراتي " السيف والتوراة نزلا من السماء معاً "، ما يعني أن الفكر العسكري الإسرائيلي هو فكر مبني على لغة التناقض مع المنطقة المنوي استيطانها، كحلقة متصلة الاوصال (اجتماعياً) للحفاظ على "كيانها" من الانقراض.
ان لغة التناقض تحمل في حيثياتها مسافة شاسعة ما بين الوجود الاسرائيلي والوجود العربي على ارض الواقع، بحكم أن (إسرائيل) محاطة من كل الدول العربية، و مختلفة عنها "بوحدة التكوين الوجودية"، اضافة الى ان العينة الديمغرافية للوطن العربي تلعب دورا "وجودياً" في تشكيل المنطقة من حيث الكثافة البشرية مقارنة بالعدد الضئيل للمجتمع الإسرائيلي، ما جعل الإسرائيليون يلجأون إلى الكثافة التكنولوجية والعسكرية وتشكيل جيش قوي في مواجهة الديموغرافيا العربية لجعل (إسرائيل) أمراً واقعاً من ضمن تلك المنطقة .
كل ذلك ترافق بتغذية فكرية لتعميق وترسيخ الوعي الإسرائيلي بأحقية (إسرائيل) في الوجود وانها وجدت لتبقى، حيث قامت الدولة العبرية بتفعيل الأسطورة التوراتية المسمى بـ "المسادا" والتي تتلخص " إن مقاتلين يهوداً ونساءهم وأطفالهم تحصنوا بقلعه اسمها المسادا بعد استيلائهم على مدينة القدس أثناء التمرد اليهودي على الحكم الروماني في العام 66 وهى قلعة تقع على قمة جبل صخري مطل على البحر الميت، وكان يقود المتمردين اليعازر بن باعى والذي حث جنوده على القتال حتى النهاية بدلاً من الاستسلام لجنود الرومان، وهذا طبقا للأسطورة التوراتيه، وتنتهي القصة بالمأساة المعروفة وانتحار المتمردين اليهود جميعا ونسائهم وأولادهم بشكل جماعي بدلا من إعلان الاستسلام "... من خلال تلك الإسطورة يتولد لدى "المجتمع الإسرائيلي" حالة من القلق والخوف على مصيره المرتبط بمصير دولته .
ان معالم هذه التغذية تجسدت في معالم تشكيل اللحمة العسكرية، حيث أن الجندي الإسرائيلي لدى دخوله خدمة الجيش يقسم بالعبارة التالية " اقسم أن لا تعود أسطورة المسادا مرة أخرى "، ما يعني أن وجود الدولة الإسرائيلية مرهون بإيجاد عقيدة حربية إسرائيلية يتحول فيها كل فرد موجود على تلك الدولة الى جنديا حارسا من اجل بقاء عنصر الدولة واستمرارها.
على اثر ذلك قامت (إسرائيل) بوضع عقيدتها الحربية معتبرة اياها عقيدة الحماية والاستمرارية وفق مبدأ المبادأة والمرونة والمباغتة والمناورة الواسعة في أعمال المسرح الحربي متبعة الهجوم الاستباقي على ارض الخصم مترافق مع استراتيجية الاقتراب غير المباشر .
يتضح من ذلك ان الإستراتيجية الحربية الإسرائيلية قامت على ثلاثة عوامل، وهي : العامل الزمني : الاستمرار بالضربات الجوية لفترة طويلة من اجل أضعاف الخصم والسيطرة على أجواء المعركة، وعامل الاضعاف : تدمير القوة الدفاعية للخصم وغير الدفاعية، وعامل الهجموم المضاد : نقل المعركة إلى أرض الخصم لايجاد العمق الاستراتيجي .
لكن الذي يميز الحرب الإسرائيلية في أونتها الأخيرة لجوئها إلى حرب من نوع جديد، لاكمال عقيدتها الحربية سعيا لرسم حدودها الاقليمية، تحت ما يسمى " الردع والرادع الدولي " ، فالردع : قيام (إسرائيل) بتوجيه ضربة عسكرية رادعة للخصم مستخدمة في ذلك كل الأساليب المتاحة مسببة حالة من الدمار في المنطقة المستهدفة لإجبار الخصم على القبول بالشروط الدولية، اما الرادع الدولي : قدوم قوات دولية لحماية الحدود الإسرائيلية والتي تعتبرها (إسرائيل) أقوى من حالة الردع الأولى، ذلك لأنها تتماشى مع القانون الدولي معتبرة اياه متممة للضربة الأولى .
من خلال ذلك يتضح ان اسرائيل تسعى الى ترسيم حدودها (جوهريا) بمقولات توراتية (درع داود)، التي انطلق بها الأب الروحي للصهيونية فلاديمير جابوتنسكي تحت ما يسمى بـ"الجدار الحديدي" للحفاظ على اساسيات الكيان الصهيوني .
فإسرائيل اليوم عازمة على اتمام جدارها الامني والإتيان بـ"قوات دولية" لترسيم حدودها، ليتضح ان اسرائيل فشلت فشلا ذريعا في فرض حلولها بالقوة، وحتى "لو خاضت حروبا مستقبلية" لن تستطيع فرض "الامر بالواقع" على الدولة المنوي مهاجمتها، على الرغم من تفننها في اتقان واستخدام السلاح بنفس الطريقة التي بينها جابوتنسكي، ما جعلها تسير على خطى جابوتنسكي الثانية (الجدار الحديدي) لرسم اطرها الاقليمية، سعيا منها لادلجة تلك الاطر المرسومة بمتطلبات التغيرات الاقليمية والدولية، وفق منهج سياسي يرنو الى فتح صفحة جديدة تتوافق مع المنطقة .
ليتبين ان العمق الاستراتيجي الذي كانت تبحث عنه (اسرائيل) لحماية دولتها ذهب ادراج رياح التغيرات الاقليمية والدولية واستبدل بجدار وقوات دولية ترسم حدودها، ولكن ما هي معالم تلك الصفحة الجديدة بالمفهوم الاستراتيجي والجيوسياسي لعقيدة الحرب الاسرائيلية (الهلامية)، التي تشبه عنصر الزئبق في هلاميته ؟ وهل حرب الاغتيالات (الاسرائيلية) اصبحت بديلاً عن الحروب التقليدية، ام انها متممة لها ؟

الثلاثاء، يناير 05، 2010

اشكاليات الفكر الرياضي العربي

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com


كما هي السياسة مراوغة، الرياضة هي كذلك، عبارة التصقت بجدار الفكر الرياضي العربي حاملة في طياتها رموزاً جوهرية تعبر من خلالها عن ثغرات فكرية في تشكيل المعادلة الرياضية العربية للأندية المحلية.
نعم، هي ردة الفعل على جوهرية تشكيل تلك المعادلة ، التي تجتاح الأندية العربية ما بين حيرة في طرح السؤال وتلبك في فحوى الإجابة، واضعة تلك الاندية في مرمى اجابة السؤال وهي تعرف انها تسير على طريق الحكمة المشهورة " الرجل غير المناسب في المكان المناسب " ، أم ان التدرج المعلوماتي في فنون إدارة الأندية مفقود فيمن يترأسونها؟ ، أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة والى دراية في الإجابة لتكون مقنعة وعقلانية ليتقبلها الطرف الأخر، لأن الشارع الرياضي سئم من الإجابات القهرورياضية .
إن التذمر والشكوى "المعتاد" على سماعها من الوسط الرياضي تجاه الأندية العربية لا بد وانها تحمل في جنباتها اشكاليات كثيرة مدفونة تحت رماد "الترهل الإداري" من خلال انتخاب إدارة رياضية تخضع لرحمة العائلة والقبيلة والعشيرة، تنصب من تشاء وتنحي من تشاء ، متهمة بعد ذلك ان اسباب الترهل و التشظي الاداري هي اسباب يتحملها فلان وعلان!!! ، فاين نحن الان من فحوى الإجابة ؟
قال الحكماء " اذا اردت التصحيح فعليك بالجذر "، الذي يعني ان هناك اموراً عدة تحتاج الى تصحيح في المجتمع الرياضي لمعالجة اشكالية التشكيلة الادارية للاندية الرياضية، التي هي اسيرة قرارات العائلة والقبيلة والعشيرة،.... ولكن، اين العقول الرياضية؟ ، ... اين الذين يحملون الشهادات الجامعية" تخصص رياضة"؟،... اين الذين يحملون في عقولهم خبرة رياضية لكي يصححوا تلك الفوضى؟ ، فالمعادلة الرياضية لا تريد ادارات تمثل عائلة فلان وعلان، بل ادارة تنهض من تحت الركام وليس مجرد ادارة تحمل اللقب، لان اللقب يتطلب من صاحبه العمل لتحقيق هدف ما وليس مجرد كرسي يجلس عليه كعامل من عوامل التواجد الصوري.....!!!
يتضح من ذلك ان الرياضة كما السياسة في المراوغة، تراوغ فيها العائلة والقبيلة والعشيرة في وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب وتحت مسمى الاكثرية الانتخابية، وكما قال الحكماء" الرياضة اخلاق"، فاين تلك المقولة مما تفعله الثلاثية الجمعانية الشخصانية سابقة الذكر في حشد اصواتها للمرشح " فلان " وهم يعرفون ان الكرسي الاداري يحتاج الى عمل وجد للوصول الى الهدف المنشود،... هنا تسقط المعادلة الرياضية ما بين الانانية والترهل الجماهيري الشخصاني في اختيار الانسب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
العامل النفسي :
قال الحكماء قديماً "اعرف فحوى السبب ثم ابدأ بالعلاج "، من هنا يتبين ان السبب له مسبب، والاخطاء الكثيره "المتراكمه" لها تاريخ تراكمي وليست وليدة الساعه ، تلك التعريفات الجوهرية تضعنا على محك السؤال والاجابه فيما ينتاب المشروع الرياضي العربي من عقبات ومشاكل جمه تقف عائقاً امام نفسية الكادر الرياضي ممثلاً بالعناصر الذهبيه (الفريق) وهم يضعون على طاولة المسؤول سؤال يحتاج الى اجابة صريحة "من امام الستار وليس من خلفه"، هنا يقف المسؤول متلبكاً في طرح الاجابه غير متمكن في ايصالها الى الجوهر النفسي الذي يتحكم في نفسية اللاعبين، ناثراً في الهواء حيثيات الاجابة الخجوله التي تهمل تلك النفسية، جاعلة منهم غير مستعدين لدخول الساحة الرياضية، على اعتبار ان "المسؤول" يتصور ان المستطيل او المربع الاخضر هو مجرد لعب وركض وهرولة وتسديد (هكذا)، غير ملتفت الى ان اللاعب حينما يدخل ذلك المستطيل او المربع يجب ان تكون نفسيته خاضعة للسكون والضم وليس للشد والكسر ، لكي يبدع في الركض و التسديد والتكتيك والعمل بروح الفريق.
المحصله من ذلك، معادلة صعبة (ولكنها مترهلة) يجب اعادة صياغتها وفق نفسية اللاعبين، لان التراكم النفسي طويل الامد دون "ادراكه" يؤدي في النهايه الى تراجع في الاداء وعدم جني النتائج المأموله،،، هذا يرجعنا الى ما" قاله الحكماء"، ما يعني انه يجب احتواء وعلاج تلك المعضلة النفسية التي تشكل ثقلاً على الجهاز العصبي لدى اللاعبين من اجل النهوض بالرياضة العربية الى غد مشرق .
الاسئلة هنا كثيرة، ولكن اهمها سؤالين موجهين الى المجتمع الرياضي "العربي" : الى متى ستبقى انتخابات الاندية الرياضية تحت رحمة العائلة والقبيلة والعشيرة ؟ و بما ان الرياضة "فن ومهارة"، افلا يشكل انهيار العامل النفسي وقلة المحفزات للاعبين الى تراجع ويأس لدى العمل الجماعي فيما يسمى بـ"روح الفريق" ؟

الثلاثاء، ديسمبر 29، 2009

جميلة الهباش : عنواني الكرة الارضية

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
الخضر - بيت لحم – فلسطين
wonpalestine@yahoo.com


اسئلة كثيرة تراودني ما بين هنا وهناك وانا على متن قاربي الصغير، حيث اخذت الاسئلة تلاطم عقلي كما الامواج تلاطم قاربي، لا ادري ما الذي يعتري هذا البحر على طول المسافة ما بين هنا وهناك مقارنة بعقلي.
صحيح ان المسافة الطويلة ترهق من يسير، لكن الانتماء الى هذه الطريق من خلال معرفة الهدف تجعل ممن يسير عليها يعرف ماذا يريد والى اي طريق يتجه.
هنا تجتاح السائل موجة من الاسئلة الكثيرة تضعه على محك الاجابة فيما يسمى بالصراحة، ولكن أأنت قادر على ان تكون صريحاً في اجابتك وفق منظومتك الانسانية؟ ولا تنس انك انسان ولك فطرة ولدتها كل نساء الارض فيما يعرف بالاصل التكويني، ولكن الظروف الحياتية والتنشئة تختلف من مجتمع الى اخر .
قاربي الصغير اقترب كثيراً من شاطئ النسيان، حتى اخذ حراس هذا الشاطئ بالقاء القبض علي بتهمة اختراق الحدود الانسانية، والتهمة انني اشتقت الى اخوة لي في الطرف الاخر من حدود التجزئة والقسمة لهذه الارض، حيث وجه الي سؤال، فحواه انني لست من مواطني هذا الشاطئ، انما من مواطني الشاطئ الاخر، حتى اخذت بالاجابة قائلاً: ان معادلة التكوين لهذه الارض تحتوى على الكثير من العناصر المهمة التي يجب عدم اغفالها، فيما يسمى بالانتماء لهذه الكرة الارضية.
ولوانك خرجت من قريتك متوجها نحو المدينة وسألت من اي منطقة انت، حتما ان الاجابة ستكون متعلقة بقريتك، فيما ان الخارج من مدينته نحو محافظة اخرى ستكون اجابته باتجاه مدينته، هكذا هي المعادلة.
فلو خرجت من اطار دولتك الى دولة اخرى فستكون اجابتك نفس الاجابة السابقة بالانتماء الى قطريتك، ولكن!! لوخرجت من اطار قطريتك الى كوكب اخر خارج كوكب الارض، فماذا ستكون اجابتك؟ هل ستقول انا من سكان الارض؟ نعم، ستكون اجابتك هكذا وبغض النظر عن اي عرق او مجتمع انت، وستكتفي باجابة انك انسان من سكان كوكب الارض .
هنا يأتي السؤال مترافقاً مع حيرة وتلبك في الطرح. بما انك انسان وفطرة بوصلتك تشير الى الارض، فلماذا يقتل الانسان اخاه الانسان؟ وانت تعرف ان الارض لو تعرضت لغزو خارجي من كوكب اخر فسنكون كلنا معشر البشر في خندق واحد ومن كل الاعراق والمجتمعات ضد هذا الغزو الخارجي.
ولكن المكابرة على الحقيقة "قتلتنا" جميعاً، وانت تعرف، وانا اعرف اننا نؤلم الارض كل يوم، رغم ان الارض مصممة على ان ندفن فيها جميعاً، فتربة قبرك لا تختلف عن تربة قبري، فالارض واحدة والشمس واحدة والقمر واحد، ولكن الكواكب كثيرة ومختلفة، فلا تعتقد انك وحيد في هذا الكون، فالكون واسع ولكن اعيننا ضيقة لا تحتمل الرؤية الا في مجال القتل واتهام الاخر والاستثناء .
عدت الى قاربي لاعود الى الجهة الاخرى من الشاطئ ومعي أمنية طفلة فلسطينية مبتورة الساقين تحلم بأن تصبح صحفية*، لكن رصاصة من الخلف اخترقت احلامي ما بين طرح معادلتي وعودتي، ولغة القتل انتصرت على المعادلة الانسانية في طرح لغة التفاهم ما بين البشرية، حتى اخذ الموج يلاطم جثتي الملقاة على شاطئ النسيان ما بين مد وجزر، فلم تجد جثتي اي انسان يتجرأ على دفنها، فعاد قاربي الصغير وحيداً الى شاطئ الذكريات في الطرف الاخر، وانا لم ازل ملقى على شاطئ النسيان كما هي الارض في طريقها الى معانقة المريخ .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
* جميلة الهباش، طفلة فلسطينية من قطاع غزة بُترت ساقاها قبل عام اثر الاعتداء الاسرائيلي على غزة، حيث ان امنيتها المستقبلية ان تكون صحفية واذاعية.

الخميس، ديسمبر 17، 2009

تركيا : الى أين.. ؟

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
الخضر – بيت لحم – فلسطين
wonpalestine@yahoo.com


ما ان اصدرت المحكمة الدستورية التركية قرارها بحظر حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، حتى اخذ الشارع الكردي بالغليان معلناً حالة فريدة من نوعها يخوضها ضمن اطار الهبة الجماهيرية، وان كانت تحمل في اثنائها اموراً عدة يجب التطلع اليها من زاوية احتدام التجاذب والتنافر سياسياً ما بين السياسة التركية الداخلية من جهة وغليان الشارع الكردي من جهة اخرى، الامر الذي يضع سؤالاً ما بين قوسين حاملاً معه علامات التعجب، ما الذي يحدث؟
ان تلك الاحداث تحمل في جعبتها احتداماً للتجاذب والتنافر ما بين التيار العلماني والاسلامي على الساحة التركية، الذي تمثل في اشعال شرارة التنافر بين الجانبين باعلان حظر حزب المجتمع الديمقراطي الكردي من قبل المحكمة الدستورية التركية في اشارة "غير مباشرة" الى وضع العراقيل امام حزب العدالة و التنمية لافشال الحلول السلمية الاردوغانية تجاه القضية الكردية على اعتبار ان ما يقوم به اردوغان سيؤول الى تقسيم الارض التركية .
ان تلك الاحداث وما آلت اليه من هبة جماهيرية كردية انما يعني نقل الملف الكردي من حالة السلم واللاسلم الى حالة " تفاوضية " تؤدي الى صياغة اتفاقية سلمية داخلية، حيث ان تلك الهبة تعني في جوهرها نقل المعركة الكردية من وضعية العمل المسلح ممثلاً بحزب العمال الكردستاني الى وضعية العمل الشعبي بمفهوم الهبة الجماهيرية( الانتفاضة) ليتبين ان هناك تحولاً استراتيجياً كردياً نحو مفهوم جيوسياسي ضمن مفهوم الارض التركية، وهذا ما اكده رئيس الحزب( احمد ترك) داعياً الى تصعيد التظاهرات ضد هذا القرار، ما يعني ان تلك الهبة ليست مجرد ايام معدودة وانما طويلة الامد ضمن مفهومها الشعبي والمرتكزة على قاعدة الاجماع الكردي، حيث لم تعد محصورة في زاوية تحركات حزب العمال الكردستاني وقد حان الوقت لاعادة صياغة المعادلة الكردية ضمن الاطار التركي، كل ذلك سيؤدي الى تعاطف اقليمي ودولي مع هذا التحرك الشعبي الكردي .
هذا ينقلنا الى المربع السياسي الذي اشار الى ان ما قامت به المحكمة الدستورية التركية انما يمثل احراجاً لحزب العدالة و التنمية على اعتبار انه يشكل فشلاً ذريعاً له، ولكن هناك "ترويكا ثلاثية" يجب الانتباه اليها، وهي الحالة الاقتصادية، والحالة السياسية، و معادلة الاندماج الاوروبي ضمن معادلة المستقبل التركي، فلو بحثنا في حيثياتها لوجدنا ان حزب العدالة و التنمية سيخرج سالماً من هذه الازمة و سيجني الثمار من وراء الهبة الكردية، ذلك لانها جعلت من اوراق اردوغان قوية ضمن المبادرة السلمية التي اطلقها، وهذا ما اكدته رئيسة القائمة الكردستانية سوزان شهاب" نأمل ان لا يؤثر هذا القرار على خطوات الحكومة التركية باتجاه الانفتاح على القضية التركية"، ما يعني ان لدى الاكراد اجماعاً على خطة اردوغان، الامر الذي يتطلب ايجاد حل فوري للملف الكردي .
ان تلك الترويكا الثلاثية حساسة للشارع التركي وتمثل ركائز اساسية يجب المحافظة عليها ، حيث تبين ذلك سابقاً في عام 1997 حينما لاحظ العلمانيون الممثلون بمؤسسة الجيش ان النخبة التركية لا ترى في سياسة حظر الاحزاب " حلاً " لحماية تركيا، بل ترى فيه تهديداً للديمقراطية، حيث تحرك اتحاد الصناعيين ورجال الاعمال ونادوا بالحلول الديمقراطية السلمية، بذلك اصبح المستقبل التركي محكوماً بعوامل داخلية وخارجية، داخلية: بتدخل قوى الاقتصاد التركية المنادين بالحلول الديمقراطية السلمية، وخارجية: لان التيار العلماني يتطلع لسياسة خارجية واحدة لدخول الاتحاد الاوروبي .
امام تلك التحديات يقف الشارع التركي متسائلاً: ما هو مستقبل تركيا سياسياً واقتصادياً و اوروبياً وسط الهبة الكردية التي تمثل 20% من سكان تركيا؟، حتماً ان الجواب واضح وهو خسارة لتركيا في كافة المجالات، وتدهور للعلاقات مع الاتحاد الاوروبي، واضعاف للجهود التركية في منطقة الشرق الاوسط، ولكن هناك سؤال اخر، من هو المسؤول عن تلك الاشكاليات؟ الجواب واضح، وهي المحكمة الدستورية التركية التي تتبنى سياسة اقصائية تجاه الاحزاب، رافضة بذلك اجراء اصلاحات للحالة الدستورية التركية وخصوصاً تعديل قانون الاحزاب، وهذا ما تعرض اليه حزب الرفاه بقيادة اربكان عام 1997 .
هنا سيقف الشارع التركي مرة اخرى وقفة جدية مع نفسه وسط هذه الاشكاليات، ما الحل؟ وما السبيل لاخراج تركيا من ورطتها الحالية؟، هنا سوف يتسلح اردوغان باسلحته السياسية المنادية الى ايجاد حل للمشكلة الكردية في اشارة منه الى ان الازمة الاخيرة تتحملها المحكمة الدستورية التركية ، الامر الذي يؤدي الى ضرب عصفورين بحجر واحد وفق مطلب اوروبي كشرط لدخول الاتحاد الاوروبي في اشارة الى حل الملف الكردي واعادة صياغة قانون الاحزاب في تركيا بما يتفق مع مسار الاتحاد الاوروبي .
ان تلك الازمة لن تمر هكذا، انما ستؤدي الى المناداة للاصلاح الدستوري في البلاد، لان الازمة الاخيرة وضعت تركيا امام هبات سياسية واقتصادية صعبة ستؤثر على الوضع السياسي والاقتصادي، الامر الذي يتطلب تحركاً لايجاد حل جذري للمشكلة التركية الداخلية، ولكن هل ستشكل تلك التحركات مسماراً يدق في نعش المحكمة الدستورية ؟

الأربعاء، ديسمبر 09، 2009

البريسترويكا الروسية الجديدة بمفهوم بوتين

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com

تبدو الفرصة الآن أكثر من متاحة لروسيا بعد الأزمة المالية التي اجتاحت العالم فهي الأقل تأثراً من غيرها، واقتصادها معافى بالمقارنة مع أقوى الاقتصادات الأوربية، ولكي تقوم روسيا بدور اقتصادي وريادي في إفريقيا والشرق الأوسط، يجب عليها تغيير سياساتها الاقتصادية تجاه المنطقة، فروسيا لا تقوم بتمويل مشاريع استثمارية في المنطقة، وهذا لا شك يقلل من تأثيرها السياسي، ويعرقل دورها وثقلها في حل الأزمات في المنطقة، وفي المحصلة يجعل من روسيا منعزلة أو معزولة الأمر الذي تسعى له الولايات المتحدة والغرب عموماً... لذلك تسعى روسيا لتلعب دوراً مؤثراً وإحراز تقدم ملموس في التسويات السلمية في قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا التي تضم الثقل العربي، هنا توقف الكاتب الدكتور هاشم حسين بابكر من المركز العالمي للدراسات الإفريقية في وصفه الصعود الروسي نحو القمة في اشارة الى اعادة النجم الروسي الى سماء المنطقة.

الامر الذي حدا بروسيا الى تغير سياستها تجاه العالم الخارجي وفق سياسة خارجية ترنو الى مستقبل روسي مشرق انتهجها فلاديمير بوتين، مدركا ان فترة الركود الروسي خلال التسعينيات يجب اعادة صياغتها وفق المصلحة الروسية لاعادة الثقل الروسي، حيث اشار بوتين الى هذا خلال كلمته امام مؤتمر " روسيا الموحدة " على ضرورة الشروع في تطبيق الخطط الاستراتيجية للنهوض بروسيا داخليا وخارجيا فيما يسمى بـ " خطة بوتين "، وقد جاء هذا ايضا على لسان الرئيس الروسي ميدفيدف داعيا الى تحويل روسيا الى قوة عالمية على اسس جديدة وجوهرية "، وهذا ما أكّـده ميخائيل دميترييف، مدير الهيئة الفدرالية الرّوسية للتعاون التِّـقني "أن موسكو تسعى في الآونة الأخيرة إلى تطوير التّـعاون العسكري والتِّقني مع الدّول العربية ودخول أسواق جديدة، مُذكِّـرا بتوقيع عقود ضخْـمة" فيما رأت لور دلكور، مديرة البحوث في "معهد البحوث الدولية والإستراتيجية" الفرنسي في تعليق لسويس أنفو،" ان الاهتمام الروسي المُـتزايد بالمنطقة، هو أن موسكو لا تسعى فقط إلى استعادة موقِـعها السياسي والعسكري في المنطقة، وإنما أيضا إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية للَـعِـب دورا أكبر في قِـطاع النفط والغاز الذي أدركت أهميته، خلال أزمة الغاز مع أوكرانيا والبلدان الأوروبية خلال فصل الشتاء. " ما يعني ان روسيا تسعى ومنذ مطلع عام 2000 الى احداث علاقات سياسية، واقتصادية، وثقافية، اقليميا وعالميا، وخصوصا مع جمهورية الجزائر، وسوريا، ، والامارات العربية المتحدة، وتركيا على اعتبار انها دول ذات اهمية كبيرة في اطار المنطقة و نقاط استراتيجية وجيوسياسية مهمة ، حيث سعت روسيا الى احداث علاقات مع الدول الاربعة لتعزير اواصر الثقة على الرغم ان روسيا تقيم علاقات اكثر تعاقدا مع غيرها من الدول، ولكن السؤال هنا لماذا تسعى روسيا الى تعزيز علاقتها مع تلك الدول الاربعة ؟ .

من ذلك سوف نسعى الى تفصيل العلاقة ما بين روسيا وبين الدول الاربعة سابقة الذكر لمعرفة بدايات الخيوط الاولى التي تحيك بساط البريسترويكا الروسية البوتينية الجديدة من اجل النهوض من تحت الركام .

الجزائر

تسعى روسيا الى توثيق التعاون بينها وبين الجزائر على اعتبار ان الجزائر شريك مهم لروسيا في شمال افريقيا ومنطقة البحر الابيض المتوسط، على اعتبار انهما الاكثر تصديرا للغاز الى الاتحاد الاوروبي، حيث تم عقد الكثير من الاتفاقيات السياسية ، والاقتصادية، والثقافية بينهما، تمثل ذلك في فوز شركة السكك الحديدية الروسية بعقد انشاء خطوط حديدية في الجزائر، و قيام شركة " روس نفط" بالتعاون مع شركة " ستروي ترانس غاز" اكتشاف حقلين للنفط وحقلين للغاز في الجزائر بمحتوى 3.5 مليون طن سنويا، ونية البلدين لاعداد منظمة تكتل روسي جزائري لصناعة الغاز " اوبك غاز" على غرار اوبك العالمية، حيث لاقى هذا ترحيباً من فنزويلا وايران على اعتبار ان روسيا والجزائر اهم مصدرين للغاز الى اوروبا، وايضا عقد اتفاقية التنقيب عن احتياطات الهيدوليك في جوف الارض الجزائرية، كذلك اعلان المدير العام لمصنع السفن العالمية" سيفرنايا فيرت" في سان بطرس بيرغ السيد انديه موميتشيف ان روسيا ستنفذ التزامها والعمل على تصنيع غواصتين وتحديث سفينتين صاروخيتين صغيرتين تابعتين للقوات البحرية الجزائرية حتى عام 2009 ، هذا يترافق مع صفقات السلاح الموقعة بين روسيا والجزائر بقيمة 4.7 مليار دولار، فقد بينت المؤشرات ان الجزائر تحتل المرتبة الثانية بين بلدان العالم المستوردة للاسلحة الروسية، هذا بالاضافة الى عمليات شطب الديون المستحقة لروسيا وتحويلها الى استثمارات جزائرية روسية، فيما ذكر رئيس مجلس الدوما الروسي يوريس عزيزلوف ان التعاون العسكري التقني بين البلدين يساهم بالقسط الاكبر في النمو المطرد للتبادل التجاري فقد تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين مليار دولار في اواخر العام 2007، اضافة الى التعاون الاقتصادي العالي المستويات المبني على استراتيجية الشراكة في العام 2001 والتي مثلت الطريق لتوقيع اتفاقية التعاون الفضائي وتوقيع اتفاقية التعاون في الطاقة النووية السلمية، الامر الذي جعل من روسيا تطلق في المدار الصناعي" القمر الصناعي الجزائري( السات – 1 ) " في شهر نوفمبر 2002 .

سوريا

روسيا تسعى الى نقل الكلام من النظرية الى التطبيق من خلال استغلالها الارث التراكمي التعاوني القديم ما بين سوريا وروسيا على اعتبار ان سوريا دولة وسيطة في المنطقة ولها تأثير مباشر اقليمي ودولي ومنطقة تقاطع مصالح ضمن حدود المنطقة وفق رؤية جيوسياسية لروسيا لانها تمتلك قيمة استراتيجية باعتبارها مفتاح الحرب والسلام في الشرق الاوسط، وتلعب دورا مهما في التسوية السياسية، ما يعني ان سوريا مفتاح بوابة الشرق العربي، وكما قال الكثير من الساسة الروس وصفهم لسوريا انها " قلب العالم العربي وطموح روسيا نحو توسيع العلاقات " ، وهذا ايضا ما فعلته سوريا، حيث انها كلما حاولت روسيا اعادة تعريف نفسها كلما استغلت سوريا هذا الخطاب "التعريفي" الجديد لانها مصممة على اللعب ضمن المعادلة الدولية انطلاقا من الانطلاقة الروسية، فيما رحبت سوريا بان تعيد روسيا لعب دوراً مهماً في المنطقة، موقعة في ذلك اتفاقيات سياسية، واقتصادية، وثقافية، و علمية، وحربية، وتجارية، من العيار الثقيل، فقد تم توقيع صفقات السلاح، والتعاون العسكري، وتزويد دمشق بمعلومات استخباراتية فضائية عن التحركات الاسرائيلية، متزامناً مع سعي سوري لبناء انظمة الدفاع الجوي، حيث اعلن الاميرال فلاديمير ماسورين قائد البحرية الروسية عزم روسيا اقامة قواعد حربية لها في سوريا " في منطقتي اللاذقية وطرطوس" لتعزيز الثقة المتبادلة بين الأسطولين الروسي والسوري، اما على الجانب الاقتصادي فقد تم في عام 2005 – 2006 توقيع اتفاقية اقتصادية تجسدت بفتح العديد من المصانع المشتركة، اضافة الى مجلس لحماية رجال الاعمال السوريين ومنع الازدواج الضريبي مترافقاً مع منظومة امنية لحماية التعاون الاقتصادي السوري الروسي، حيث بلغ معدل التبادل التجاري بين البلدين في عام 2007 ما يزيد عن مليار دولار، بالاضافة الى شطب 10 مليار دولار من ديون سوريا، وتزويد سوريا بالنتجات النفطية بنسبة 57% من نسبة الصادرات الروسية، وعثرت شركة "تاتنفت" الرّوسية في الفترة الأخيرة على ثلاثة حقولٍ نفطية في سوريا، اضافة الى ذلك فقد قامت شركة "سترويس رايس" الروسية على مد انابيب الغاز على طريق الاردن لتصل الى مضختي غاز تدمر، اضافة الى ازدياد الشركات السياحية بين روسيا وسوريا .

تركيا

تسعى روسيا الى توثيق التعاون مع تركيا لانها تلعب دورا هاما في المنطقة على اعتبار انها الجسر الواصل ما بين الشرق والغرب فهي تجسد ثلاثة دوائر جغرافية، الدائرة الاوروبية، والدائرة العربية، والدائرة الاسيوية الوسطى، وكذلك لان تركيا عضو في حلف شمال الاطلسى وهي تسعى الى صياغة تكتل استراتيجي ما بينها وبين سوريا والعراق وايران من الجهة الاخرى، اما على الجانب التعاقدي فقد وقعت روسيا معها الكثير من العقود كاتفاقية التعاون بين الجانبين" الاوراسية "في العام 2001 واتفاقية التعاون العسكري في العام 2002 هذا اضافة الى معرض الاسلحة العسكري الذي اقيم في نيسان 2009 لعرض الاسلحة الروسية في معرض "ايديف 2009 "، وتوقيع اتفاقية دخول السلع الروسية الى تركيا في العام 2005 واتفافية تعزيز وتطوير التعاون في مجالات الغاز والنفط والطاقة في العام 2009 وايضا توقيع اتفاقيتين لمد خط النفط "سامسون - جيحان" وبناء أول محطة كهرذرية على الأراضي التركية من قبل الخبراء الروس مترافقا مع اتفاقية الانذار السريع عن الحوادث النووية وكذلك اتفاقية استكشاف واستخدام الفضاء الكوني، بالاضافة الى التعاقدات المبرمة ما بين الجانبين بتجارة المواد الاولية وغير الاولية في مجال تجارة الطاقة الكهربائية، وايضا ابرام العديد من الاتفاقيات التجارية حتى وصل معدل التبادل التجاري الى اكثر من 33 مليار دولار عام 2008 ، حيث ان تركيا تشغل المرتبة الخامسة تجاريا وتحتل المرتبة الثالثة من حيث مشتريات الغاز، ويعمل في روسيا اكثر من 150 شركة تركية، بالاضافة الى اتفاقيات التعاون البحري من خلال بناء السفن التجارية للجانب التركي.

التبادلات ما بين الجانبين لم تتوقف عند هذا الحد، بل اصبحت تاخذ ابعادا مستقبلية في ارساء الاستقرار ضمن المنطقة، من خلال الدور الروسي في حل نزاع قره باغ الجبلية بين اذربيجان وارمينيا مع احتمال ارسال قوات حفظ سلام روسية بينهما، وهناك ايضا علاقة في التصور الروسي التركي في لعب دور الجسر الواصل بين العالم الاسلامي والغربي للدخول كشريك في ادارة المنطقة اقتصاديا وسياسيا، الذي تجسد واقعيا باتفاق روسي تركي على مد وانشاء مشروع خط انابيب الغاز المسمى " السيال الازرق – 2 "، والتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، ونيتهما في استثمار حقول النفط العراقية، هذا يأخذنا الى "نقطة مهمة" هو الصراع الروسي الامريكي على غاز اذربيجان ضمن خط انابيب" باكو"، حيث ان الرؤية الروسية تتوافق مع الرؤية التركية في انشاء اتحاد لمصدري الغاز من اجل المحافظة على سعره عالميا وهذ يشمل " الجزائر والامارات العربية ايضا"، الامر الذي جعل من البلدين جادين في حل مشكلة قره باغ الجبلية المتنازع عليها من قبل الاذريين والارمن، ما يعني ان لتركيا وروسيا نظرة فاحصة تجاه المنطقة من اجل اعادة الصياغة التعريفية " في كافة المجالات الحياتية" ما بينهما و بين المنطقة العربية .

الامارات

تسعى روسيا الى توثيق التعاون، السياسي، والاقتصادي، والثقافي مع الامارات العربية المتحدة، في الوقت الذي اعتبر فيه السيد فلاديمير كيدروف ، رئيس شبكة المراسلين بتلفزيون "روسيا اليوم" إن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل ظاهرة فريدة على خريطة العالم العربي وخريطة العالم عموما، كونها مركزا نفطيا كبيرا ومركزا تجاريا عالميا ومركزا سياحيا دوليا، منوها إلى أهمية الدور السياسي الذي تلعبه الإمارات على صعيد العالمين العربي والإسلامي، وقيمتها الإستراتيجية والجيوسياسية على الصعيد الدولي والعالمي .

اضافة الى ما قاله السيد فلاديمير كيدروف فان الامارات تضم بين ثناياها اكبر جالية روسية في منطقة الخليج، بالاضافة الى بناء اول كنيسة ارثوذكسية في امارة الشارقة لترتادها تلك الجالية .

فيما اعتبر الدكتور يوري زينين الخبير في امور الشرق الاوسط أن روسيا الاتحادية مؤهلة للمساهمة بفاعلية في تنفيذ المشاريع التكاملية بين دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة القطاعين العام والخاص في إطار تنويع الاقتصاد والإنتاج في البلدان الخليجية .

واضاف ايضا : إنه بوسع روسيا والإمارات تنفيذ مشاريع كبيرة بتوظيف التكنولوجيا والمبتكرات الحديثة الروسية في استخراج النفط وتكريره وفي إدارة الثروة المائية وصناعة الطاقة الذرية والفضاء الخارجي، داعيا إلى تنفيذ مشاريع لإقامة البنية التحتية واستثمار الثروات الطبيعية في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي بحكم ما تتمتع به بلاده من قدرات إنتاجية وتكنولوجيات جاهزة وخبرة واقعية في تعاونها مع شركائها من البلدان العربية على النحو الذي نفذته موسكو في العهد السوفيتي في مصر وسورية والجزائر والعراق .

حيث انه يوجد في الامارات العربية 500 شركة روسية بكلفة إجمالية قدرها 35 مليار دولار و 200 شركة روسية اماراتية و 80 شركة روسية في مناطق حرة، وقد تصدرت الإمارات البلدان الأعضاء من حيث عدد المشاريع،حيث بلغت 124 مشروعا. اضافة الى ذلك فوز شركة النفط الروسية وريثة وزارة النفط زمن الاتحاد السوفيتي بابرام عقد في عام 2000 لانشاء مصفاة تكرير النفط في امارة الفجيرة بطاقة انتاجية تبلغ مليوني طن سنويا، اضافة الى بناء أكبر مشروع عقاري روسي تنفذه شركة من دبي بقيمة 11 مليار دولار على مشارف روسيا تحت اسم مدينة «دوموديدوفو» .

الاهتمام الروسي في تقوية العلاقات بينها و بين الامارات يحمل في طياته العديد من الطموحات المستقبلية لروسيا، الذي تجسد في اقامة علاقات تقنية وعسكرية مع الامارات، من خلال اقامة معرض الصناعات العسكرية في ابو ظبي( ايدكس 2009) بالتعاون مع سبع شركات روسية للصناعات الحربية، والقيام بدورات لتبادل الخبرات العسكرية، حيث ان الامارات عازمة على نشر منظومة اقمار صناعية خاصة بالاتصال العسكري السري، وهي مؤلفة من قمرين صناعيين، سيتم اطلاق احدهما الى الفضاء بواسطة الصاروخ الروسي" بروتون- أم " .

التعاون بين البلدين لم يتوقف عند هذا الحد انما كان هناك غزل سياسي من جهة الامارات في تعزيز التعاون بينهما في الكثير من المجالات، تمثل في دعوة الامارات الى تحرك روسي اكبر في المنطقة، الامر الذي شجع روسيا اكثر على اقامة المؤتمر الدولي حول النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، ما جعل روسيا تلعبُ دورا دبلوماسيا، وتكتيكيا من خلال العلاقات والمجالات الاقتصادية والسياسية و التجارية، مثل الطاقة النووية السلمية، والاستثمار في قطاع الغاز والبتروكيماويات، والسعي لانشاء طريق النقل الدولي السريع " الشمالي- الجنوبي" الموقع بين روسيا وايران والهند، و احتمال دخول الامارات العربية الى هذا الطريق .

سؤال يجب ان يطرح على الساحة الروسية بعد كل هذا التواجد، ما مدى نجاح بريسترويكا روسيا الجديدة بعلاقة التنافر ما بينها وبين امريكا من جهة، وروسيا وامريكا وتنظيم القاعدة من جهة اخرى ؟ .

ان العلاقة ما بين روسيا وامريكا تتمحور ضمن الصراع المتبلور على نار هادئة فيما بينهما على منطقة الشرق الاوسط ، وقد لوحظ ذلك بحلول عام 2000 مع انطلاق الرؤية" البوتينية" الروسية باتجاه منطقة الشرق الاوسط ساعيا الى محو فترة الترهل الروسي خلال التسعينيات وانفراد امريكا على المستوى الدولي وخاصة منطقة الشرق الاوسط، ما يعني ان روسيا مصممة على المضي في ارساء علاقاتها اقليميا ودوليا، ما يعني انطلاق مرحلة الصراع "على نار هادئة" و من "وراء الستارة" ما بين امريكا و روسيا وريثة سياسة الاتحاد السوفيتي ولكن بايديولوجيا جديدة، حيث وصف بوتين امريكا بـ( الصديق الذئب)، الامر الذي يجعل من الطرف الامريكي يدرس كل الامكانيات لصد هذا التقدم الروسي، وخصوصا في البلدان الاربعة سابقة الذكر .

اما العلاقة ما بين روسيا وامريكا وتنظيم القاعدة" المجاهدون الافغان"، من حيث ايام الحرب الباردة ودخولا في المرحلة الجديدة، فالعلاقة طردية فيما بينهما، حيث ان المجاهدين الافغان لعبوا دورا مهما في اختتام المشهد الاخير لتلك الحرب من خلال مقارعة الاتحاد السوفيتي وبدعم امريكي مع بعض الدول الاقليمية، الذي ادى فيما بعد الى انتهاء هذه الحرب المبنية على الايديولوجية القديمة بهزيمة الاتحاد السوفيتي تاركا الباب مشرعا امام الولايات المتحدة لتلعب على القطب الاوحد معلنة في ذلك النظام العالمي الجديد مترافقا مع مقولات هانتنغتون وفوكاياما فيما يسمى بنهاية التاريخ وصراع الحضارات.

اما من حيث المرحلة الحالية، وانقلاب معادلة الماضي فان صديق الامس عدو اليوم ، حيث ان تنظيم القاعدة ، تخطى الحدود الاقليمية لافغانستان، ليس ضد خصم واحد وانما ضد خصمين، خصم علني هو الولايات المتحدة ، وخصم مستهدف من وراء الستارة هو الاتحاد الروسي، ولكن ليس على المشهد الاخير كما في الحرب الباردة، انما "على" المشهد الاول للمرحلة الحالية، الذي يعني ان تنظيم القاعدة اتخذ طريقا لقلب معادلة الماضي باتجاه معادلة جديدة، عدو الامس عدو اليوم وصديق الامس عدو اليوم، فالعلاقة ما بين القاعدة والروس تزداد سوءا يوما بعد يوم، فقد ذكرت العديد من الوكلات الاخبارية "ان رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في روسيا الكسندر بورتنيكوف اتهم المخابرات الجورجية بمساعدة عناصر "القاعدة" في نقل مجاهدين إلى جمهورية الشيشان، وتهريب السلاح إلى داغستان، وفي سبتمبر 2009 قالت قوات الأمن الروسية انها قتلت زعيم تنظيم القاعدة في الشيشان( من اصل جزائري) و ثانيًا في داغستان بشمال القوقاز، فيما ذكر الجهاز الأمني في طاجيكستان إن المحكمة العليا أصدرت حكمًا بالسجن لفترات طويلة على أربعة أدينوا بالانتماء الى القاعدة في أول محاكمة لهم في البلاد، اضافة الى ان المحكمة العليا في روسيا اعتبرت ان تنظيم القاعدة ، تنظيم ارهابي، ما ادى الى تعميق الخلاف ما بين القاعدة وروسيا " وريثة الاتحاد السوفيتي" ونقل المعركة معها ليس على ارض الاتحاد الروسي فقط، وانما على خارج اراضيها ( صراع من وراء الستارة).

في الاونة الاخيرة لاحظنا ان تنظيم القاعدة يحاول ان يمد جذوره الى الدول الاربعة سابقة الذكر( الجزائر، سوريا، تركيا، الامارات)، فهل القاعدة تستهدف في ذلك روسيا؟، وهل تستطيع القاعدة الوصول الى الدول الاربعة سابقة الذكر؟ حيث انها استطاعت الوصول والاستفحال في الجزائر فيما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، حيث تم توجيه ضربات موجعة للجزائر بعد ان اوشكت الحرب الداخلية ان تضع اوزارها، ولكنها في الوقت نفسه تواجه صعوبات في الاستفحال في بقية الدول رغم انتقال فكرها السلفي الجهادي هناك، حيث انه في سوريا تم تنفيذ هجوم انتحاري في اعنف انفجار تشهده سوريا في سبتمبر 2008 تحت ما يسمى " الجماعة السلفية" راح ضحيته 17 شخصا والذي يحمل في خفاياه بصمات تنظيم القاعدة، هذا ينقلنا الى تركيا التي القي القبض فيها على خلية لتنظيم القاعدة حاولت تنفيذ عمليات تفجيرية داخل تركيا في اكتوبر 2009 تستهدف المرافق الاقتصادية والحيوية ، وعلى الجانب الاخر ذكرت العديد من الوكلات الاخبارية ان الإمارات فككت شبكة لـ"القاعدة" أرادت تفجير "برج دبي"" و استهداف قيادات عليا في الأسرتين الحاكمتين في إمارتي أبوظبي ودبي علاوة على محاولة تفجير بعض الأهداف الاقتصادية البارزة، مما يؤدي إلى إلحاق خسائر كبيرة في سمعة البلاد كمركز مالي عالمي"، فهل يستطيع تنظيم القاعدة اختراق تلك الدول كما اخترق الجزائر؟، ولكن هناك سؤال اخر، ونحن نعرف ان تلك البلدان مليئة بالمصالح الامريكية، خصوصا تركيا والجزائر والامارات العربية، فهل تلك الضربات والاختراقات موجهة الى روسيا ام الى امريكا ام الاثنين معا، ام انه غير ذلك؟ فيما يدل على ان معادلة الصراع فيما بينهما مليئة بما هو جديد ومستقبلي .

ما يعني ان لعبة تقمص الادوار تحاك من وراء ستار ظلمة حرب المصالح، وكأن تلك الترويكا( القاعدة و امريكا وروسيا) تتعارك من امام وخلف الستارة للسيطرة على المنطقة، ولكن هل هي مقدمة لحرب باردة جديدة؟ فعدو الامس عدو اليوم ولكن بايديولوجيا جديدة، حيث ان روسيا وريثة السياسة السوفيتية وليست وريثة الايديولوجيا، والولايات المتحدة بشعارها الراسمالي، هي وريثة المنطقة ولكن بشعار "النظام العالمي الجديد"، واما القاعدة فقد خرجت عن نطاقها الحدودي (افغانستان) ، واصبحت عابرة للحدود الاقليمية والدولية ... ولكن !! الصراع ما بين تلك الترويكا يسودها الكثير من علامات التعجب ويتخللها اسئلة كثيرة، حيث ذكر العديد من المحللين والمراقبين السياسيين ان روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي تلعب اللعبة التي لعبتها امريكا سابقا مع " المجاهدين الافغان" من خلال تقديم اسلحة لتنظيم القاعدة و طالبان في افغانستان على اعتبار ان افغانستان مستنقع يصعب الخروج منه وللروس خبرة في ذلك المستنقع، و على الجهة الاخرى ذكرت العديد من الوكلات الاخبارية "ان الكسندر بورتنيكوف رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في روسيا اتهم المخابرات الجورجية بمساعدة عناصر "القاعدة" في نقل مجاهدين إلى جمهورية الشيشان، وتهريب السلاح إلى داغستان، في الوقت الذي نحن نعرف فيه ولاء جورجيا للولايات المتحدة الامريكية- هنا يدخل التناقض - مترافقاً مع سؤال مفتوح وعصي على الاجابة،... من يحارب من ؟ .

ان البريسترويكا الروسية الجديدة تحمل في طياتها سيناريوهات بوتينية ترنو الى اخراج روسيا من تحت الركام لتشكل ثقلا اقليميا ودوليا، مستبدلا البريسترويكا القديمة ببريسترويكا النهوض ( التقدم والاستفحال ) لتأخذ معناها الحقيقي في اعادة البناء على اعتبار ان البريسترويكا القديمة كانت تمر في مرحلة سكرة الموت، اما الجديدة فهي مغايرة وفق مفهوم جديد يرافقه سطوع للنجم الروسي ،،، فهل تصدق تنبؤات نائب رئيس الدوما ميخائيل بورياف بظهور امبراطورية روسية ثالثة؟، ما يعني انهيار تنبؤات فوكوياما وهنتغتون بنهاية التاريخ ان صدقت تلك التنبؤات، ولكن هناك عدة عقبات جمة تقف في طريق تقدمها المستقبلي، مواجهة في ذلك عدة اطراف تريد المحافظة على مصالحها واجندتها الداخلية والخارجية، ما يعني ان هناك صراعا على نار هادئة يقف امام تقدم الحلم الروسي، فاتحا المجال امام سؤال جوهري: وفق ما ذكر اعلاه، هل هي مقدمة لانطلاق الحرب الباردة الثانية ؟، وهل تستطيع روسيا وفق البريسترويكا الجديدة سحب البساط من تحت الولايات المتحدة الامريكية ؟

الأربعاء، نوفمبر 18، 2009

رسالة من رافع الاذان وقارع الاجراس

مأمون شحادة
بيت لحم – فلسطين
wonpalestine@yahoo.com

إن الوطن العربي الذي يمثل بوابة الديانات نحو طريق يؤدي لمدينة تسمى مدينة الحرية، والذي يجسد أروع صورة للأخوة والتآخي بين المسلمين والمسيحيين.. هو الوطن العربي الذي يحتضن مولد الرسول"ص" ومسراه، ومدينة السلام ومولد عيسى وقيامته؛ صحيح أن التحديات تحاصر ذلك الوطن من كل الجهات "داخلياً وخارجياً"، لكن مآذنه وأجراسه قهرت تلك التحديات بالتآخي الداخلي، من هنا احتضن الأخ اخاه، رافع الآذان وقارع الأجراس.

إن الخطاب والقلم اللذين يعبران عن هموم الشعوب لكي تصل الحقيقة إلى من يحبها ويعشقها، هما عبارة عن سلاح بسيط ذي فاعلية كبيرة في التأثير على المستوى السياسي؛ ولكن حينما يتبين أن النصوص التي يكتبها الصحفيون والمحللون السياسيون لا يسمعها الساسة والمسؤولون، فحتما سوف تتغير الأداة في التعبير عن تلك القضايا وبشتى الطرق لتناسب الظروف التي تقهرهم، لكن ما الفرق حينما تتغير الأداة من استعمال الخطاب والقلم إلى استعمال أشياء أخرى لا يرضاها الساسة؟

إن الفرق واضح بين الأداتين، ففي الأداة الأولى تذوب النصوص المكتوبة بالقلم وتنسى على مر السنين، ولكن في الأداة الثانية ستكتب في التاريخ ولا تنسى إلى الأبد، وستظل محفورة في الذاكرة عبر كل الأجيال، وأكبر مثال على ذلك حذاء الرئيس الروسي خروتشوف الذي قام بضربه على منصة المؤتمرات ليسمعه الجميع... فهل من أحد نسي هذا الموقف؟

إن المتواجدين في هذا المؤتمر لم يلتفتوا إلى الكلمات والنصوص التي كتبها خروتشوف ولكنهم فهموا لغة الحذاء العفوية والتي جعلت من النصوص ذات قيمة يسمعها الجميع؛ ولا ننسى الشعب الصومالي في أواخر الثمانينات حينما كان يشاهد طائرات الهيلوكبتر الأمريكية، كان على الفور يخلع أحذيته ويرفعها للأعلى باتجاه الطائرات كتعبير عن رفض الأمريكي على أرضه.

إن لغة "الأشياء الأخرى" يا سيادة الرئيس أوباما لم يقم بها أحد مما تدعون أنهم إرهابيون ولكنها انطلقت من أناس عانوا وما زالوا يعانون المشاهد اليومية من مجازر وانتهاكات للشرف يقوم بها جنودكم الديمقراطيون والحريصون على الديمقراطية، غير متناسين أفعال طفلتكم المدللة إسرائيل...

فهل اقتنعتم الآن بأن الشعب العربي غير راضٍ عن سياستكم تجاه المنطقة العربية؟ فاعلموا أن الذي يقتلنا هو نصف الدفء ونصف الموقف أكثر، حتى أن الصحفي رمى قلمه واستبدله بلغة أخرى لكي تفهموا أن سياستكم لا تقوى على البصيرة إلا بعين واحدة...

إن الوطن العربي، يعاني كل المعاناة من جراء سياسة بلادكم، فإن أردتم معنى الحضارة فعليكم إرساء سياسة تليق بمعنى تلك الكلمة، لأن من أساسيات الحضارة كلمة تسمى "حرية"، فالحضارة لا تبنى على مقولات هانتنجتون "صراع الحضارات" ولا على مقولات فوكوياما "نهاية التاريخ"!

الاثنين، نوفمبر 02، 2009

محمد عابد الجابري* : نظرة فاحصة في اشكاليات الفكر العربي

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com
نقلة فكرية وجرأة نقدية، خاضها العرب بوقفة خطابية، قالها جعفر بن ابي طالب امام النجاشي رغم الرعب والقتل والخوف، لكن التصميم والارادة، وسمو الفكر النقدي وثبوته في تلك الوقفة موضحا تغيرا فكريا في المجالات الحياتية، والعقائدية، وثورة على المفاهيم السائدة في ذلك العصر وفق نموذج فكري جديد معاصر لوقته، ومراعيا الخصوصية العربية ومغايرا للنماذج الرومانية والفارسية، ليتبين مدى رصانة الفكر العربي انذاك، في مخاطبة ( الانا والاخر ). وبالانتقال من هناك الى هنا مترافقا مع مقولة نقدية قالها المفكر العربي محمد عابد الجابري* : " يشعر الواحد منا نحن المثقفون العرب ان التراث العربي بمضامينه ومشاكله الفكرية في واد، والعصر الحاضر وحاجاته في واد اخر " ، هذا يذكرنا بما قاله علي بن ابي طالب " لا تقسروا اولادكم على اخلاقكم فإنهم خلقوا لزمن غير زمنكم " ، الذي يعني ان القدماء طالبوا بالتغيير ولكننا نحن نقف امامه سدا منيعا، افلا تستدعي تلك المقولات الى تدوين ايبستمولوجي للتراث العربي لمحاكاة الواقع الراهن والى اعادة كتابة التاريخ، وتجاوز اشكالية الاصالة والمعاصرة في الفكر العربي الحديث، من اجل ربط هذا الفكر بالواقع، نعم، هذا ما جعل من محمد عابد الجابري يحمل نظرة نقدية متفحصة تجاه الفكر العربي مبينا الاشكاليات الظاهرية والجوهرية منها ،،، ولكن كيف كانت نظرته تجاه اشكاليات الفكر العربي، وما هي الحلول لحل تلك الاشكاليات ؟، الامر الذي دعى للخوض في كينونة كتابه" اشكاليات الفكر العربي المعاصر"، ومدى نظرته الى تلك الاشكاليات .
نعم، وكما قال الجابري، ان العرب يعيشون ماضيهم قبل حاضرهم، ويعيشون في ذاكرة الماضي اكثر من غرسهم لتطلعات بناء مستقبلهم وتقدم اجيالهم، لقد تصارعت الافكار العربية في مرحلة تاريخية صعبة، تبلورت في خضمها تناقضات خلفتها احداث تاريخية مهمة ومصيرية ساهم في صنعها.. التاريخ العربي الاسلامي، و العامل الاوروبي ( الاستعمار و التحديث ) واللذين شكلا الدور الحقيقي في خلق التأثيرات الفكرية والسياسية المحتدمة لدى العرب منذ مطلع القرن العشرين . الذي ادى الى ظهور مواقف سلفية لاستعادة الماضي، وعصرانية وفق النموذج الغربي، مما ادى الى خروج موقف انتقائي للموافقة بينهما ولكن حتى الانتقائيون اختلفوا فيما بينهم فمنهم السلفي ذو الميول الليبرالي، والليبرالي ذو الميول السلفية، ومنهم الماركسي الاممي ، والماركسي العربي، والقومي الليبرالي، والاشتراكي القومي، والسلفي العروبي، والعروبي العلماني ذوالميول السلفية، والعلماني العروبي ذو الميول الليبرالية، او الماركسية الى غير ذلك من التركيبات " المزجية " المعقدة .
ان الفكر حينما يتم تناوله يجب ان يتناول من الناحية العصرية ( التخطيط المنطقي العقلاني) وليس من الناحية العاطفية (الحلم الهيامي اللاعقلاني)، نعم هذا هو وضع الفكر العربي الحالم بفكره الهيامي اللانقدي ذو الازدواجية الفكرية في بناء مشروعه النهضوي، والذي أدى الى خروج نوعين من المثقفين، مثقف يحلم بتغيير متمدن يساير التطور والتقدم، والاخر صقل نفسه بثقافة مقاومة التدخل الاجنبي المستعمر. فاختزل مشروع النهضة بزوجين من الثقافة طارحا مسألة الهوية حتى يومنا هذا وفق سؤال... ما هويتنا ؟ . والذي طرح عدة اسألة واشكاليات متزاوجة، مثل الاسلام/ والعروبة، الدين / الدولة، الاصالة / المعاصر، الوحدة / التجزئة ، الذي يحتم نقد تلك الاجزاء من خلال ضبط العاطفة وجعلها عقلانية .
ان الفكر العربي والمتصف في تعميم الاشكاليات من الخاص الى العام جعل من هذا الفكر يعيش في ازمة دائمه مزمنة وجعلها مشاكل تاريخية ملازمة لتاريخ الامة العربية، والغاء تحديد مشاكل الحاضر المحدود ضمن حدود مكانية وزمانية. فالاسلام والعروبة، والدين والدولة، والاصالة والمعاصرة، انما تعني اشكاليات وقعت في المشرق العربي وليس في مغربه ، مما يعني انها اشكاليات محلية وخصوصية، وخصوصا في سوريا الكبرى، حيث تشكلت تلك الازواج ( في المشرق ) كردة فعل ضد الحكم العثماني وسياسة التتريك للحفاظ على الكيان العربي لغة وتراثا، وكردة فعل على الاضهاد الديني للاقليات الغير مسلمة باسم الاسلام فيما تشكلت الاخيرة للدعوى الى الاصلاح من خلال محاربة الطرقية والصوفية والشعوذة .
من خلال تلك الازواج المعقدة ظهرت شعارات كثيرة كالمناداة بالقومية العربية، وفصل الدين عن الدولة وشعار العودة الى الاسلام وغيرها، فالدولة القطرية والتي طبقت تلك الشعارات سواء لبست لباسا دينيا او لباسا قوميا فهي دول علمانية في قوانينها وسلوكها وسياستها الداخلية، متناسين ان انبثاق الحكم من ارادة الشعب واختيارهم، مما يعني زيف تلك الشعارات. ولكن فيما يخص "الوحدة / التجزئة"، فانها تشكل ازمة التناقضات العربية في خضم واقع عربي مهترئ، وقعت بها جميع الايديولوجيات العربية في خطأ جسيم عندما اعتبرت " التجزئة " من فعل الاستعمار الاوروبي او الغربي لوحده بسبب نفيها العوامل التاريخية لما كان عليه العرب في اواخر الخلافة العباسية الى قدوم السلطنة العثمانية المبنية على التعدد والمؤسسة عليه، يعني ان الدولة العربية المستقلة هي دولة قديمة وليست وليدة الاستعمار وانما مصلحته تتطلب ذلك لان الوحدة العربية تؤثر على مصالحه، من هنا ارتبطت العقلية العربية بمعادلة الاعجاب والكراهية بالغرب( التقانة والاستعمار) ... ولكن يجب التخلص من هذا التعميم ، لانه لا يخدم الفكر القومي ولا القضية القومية، بل على العكس يضع هذه القضية في ازمة دائمه مزمنة وجعلها مشاكل تاريخية ملازمة لتاريخ الامة العربية والغاء تحديد مشاكل الحاضر المحدود ضمن حدود مكانية وزمانية، تجعل من بناء المشروع الحضاري العربي مشروعا لا يخضع للواقع المعاصر.
ان المشروع الحضاري العربي ، الذي لم يتحول الى واقع ملموس، يجب ان يخرج من دائرة العبارات الحالمة ذات المعنى الفارغ متوجها الى دائرة اللغة العلمية، والتي تحتم اعادة بناء التاريخ بصورة فلسفية وليس اعادة بناء الوعي بصورة تاريخية،... ولكن يجب بناء الوعي الذاتي النقدي ذو الخصوصية العربية ، ويجب ان تكون فلسفة التاريخ نابعة من الحاضر ومن حاجة هذا العصر ومدعم من الخلف من اجل تأسيس وتدعيم الوعي المؤدي الى طريق المستقبل، وهذا واضح من خلال الفلسفة التاريخية الخلدونية، فلسفة لـ " التراجع " في التاريخ ، بينما كانت فلسفة التاريخ عند مفكري اوروبا للقرنين الثامن عشر والتارسع عشر، فلسفة لـ " التقدم "، فالجوهر في فلسفة التاريخ انها تقوم على اكتشاف العقل في التاريخ . ومن اجل تدعيم المشروع الحضاري العربي يجب ان نجعل من صورة المستقبل الاتي متممة لصورة المستقبل الماضي، وبالتالي تحويل الحاضر الى جسر يصل بين المستقبلين، يدمج الماضي في الحاضر ويجعل المستقبل ميدانا لتحقيق الماضي، وفق علم مستقبلات خاص بنا.
اذا فالمشروع، مشروع الماضي ومشروع الحاضر، لتحقيق اهداف اساسية وهي الوحدة، والتمدن، والعقلنة، وان التاريخ الاسلامي وعلم المستقبلات ستبقى مجردة ان لم تقوم على تلك الخيارات الاستراتيجية الثلاث وفق استقلال الذات والديمقراطية والتنظيم من اجل بناء المجالات الحياتية للمجتمع العربي وفق روحانية عقلانية وليس روحانية غنوصة مضادة للعقلانية، لكي لا يكون هنالك عجزا للعقل و قفزا على مملكة العقل، والخوض في مجالات اللاعقل.
ان التناقض الوجداني العربي الذي اتخذه العرب من الغرب ما بين ( الانا والاخر ) ، بين الواقع العربي النائم، والمتأخر، المعتدى عليه، المهدد في وجوده المادي وكيانه الروحي، وبين الغرب في موقع المناهض المتقدم، الغازي التوسعي المستعمر، جعل من العرب يعانون من عقبات مادية لانشاء مشروعهم الحضاري مجسدا اشكاليات نقل التقانة اليه من المركز الغربي الذي بدأ يدخل وبسرعة فائقه في عصر الثورة التقانية، جاعلا من المائة سنة التي مضت تنتهي الى ازمة في التطور ما بين الاعجاب والكراهية للغرب، ما يعني ان هنالك عوامل داخلية وخارجية ادت الى زيادة المسافة بين التأخر العربي والتقدم الغربي الصناعي، وليس نقصانها. وهكذا انشغل التقنويون العرب بسد الفجوة الثقافية، التي تفصل حاضر العرب عن حاضر الغرب ومستقبله ليجدوا ان هنالك هوة تقانية، وازمة في نقل التقانة والتقانة الملائمة، وان التنمية العربية لن تتم الا بالوحدة العربية. فاخذ العرب يواجهون حضارة الغرب، القائمة على العلم والتقانة بمعطيات الحضارة الزراعية وقيم البداوة وثقافتها، مبتعدين عن البحث العلمي المؤدي الى التقانة. فالتقاء الحضارة الزراعية في مواجهة الحضارة التقانية( المركز) اصبح الغرب يعطي للعرب ثلاثة اشياء، التقانة المنتهية ( الاستهلاكية)، التخصصات العلمية الهامشية، وهجرة الادمغة اليها، لكي يجعلها تابعة مرتبطة بها، ولكن هنالك تناقض بين مظاهر الحضارة الحديثة كما يعيشونها العرب على مستوى الاستهلاك، وبين مظاهر التخلف كما يعانونها على مستوى الانتاج والسلوك والفكر، والتناقض بين ضرورة الوحدة او على الاقل التكامل والتنسيق على مستوى استرتيجية التنمية والابقاء بشروطها، ومواجهة عراقيلها الداخلية وبين انقسام الوطن العربي الى دول قطرية متنافسة متصادمة تابعة، مما يعني انه لا يجوز ولا يصح وضع قضية النهضة العربية، في هذا الوقت الذي يوجد فيه العالم على عتبة عصر التقانة، على كاهل الغرب وحده واعفاء العرب من كل مسؤولية، كما انه لا يجوز ولا يصح ارجاع المشكل كله الى وضعية العرب وتناقضهم، وبالتالي اعفاء الغرب من كل مسؤولية، ليتضح ان العلاقة بين العرب والغرب حقيقة واقعية لا يجوز اغفالها، او التقليل من شأنها.
ان مواجهة تحديات المستقبل تحتاج الى مواجهة حقيقية واقعية، وشعارات واقعية تراعي فية الواقع العربي في الواقع العالمي من اجل انجاح المشروع العربي النهضوي، كي لا يكون الشعار المرفوع متناقضا مع ارض الواقع، وبعيدا عن الخصوصية العربية ، .... الامر الذي جعل من المشروع القومي العربي ناقصا، لانه يفتقد الى عنصر اساسي، الديمقراطية، لان من دون الديمقراطية، ومن دون التغيير الديمقراطي الحر، لا يمكن احتواء المشاكل التي تهدد هذا المشروع كاشكالية الطائفية، والتعصب الديني، والاقليات، احتواء سليما وصحيحا.... لان الدولة القطرية التي تعتبر امرا واقعيا، اصبحت عبئا على نفسها، لانها اصبحت مهددة في وجودها ليس من الخارج فحسب، وانما من الداخل ايضا، بتفاقم مسألة الامن الغذائي والذي يستدعي الى التكامل والتعاون بين البلدان العربية.... فبدلا من الهروب اللاشعوري من المسؤولية، وانتظار البطل التاريخي او المهدي المنتظر يجب العمل على بلورة نخبة وطنية مثقفة وواعية، تبشر بالتغيير والتخطيط له، وتعمل على استعجال حركته وصيرورته.
ان الفكر العربي الذي بنى على المطلقات، وما تبعها من فكر مأزوم، ولد حالة من الاحباط، جعلته مستسلما للنماذج الغربية، من غير ادارك ان النموذج الغربي قائم على كونه وسيلة للايضاح، وسيلة لاكتشاف الذات وترسيخ الوعي وليس تطبيقه مباشرة في البيئة العربية، لان بذورها لا تلائم التربة العربية وخصوصيتها، ليتبين ان اشكاليات الفكر العربي اشكاليات تحمل رواسب فكرية عميقة ما بين الماضي والحاضر دون النظر الى المستقبل، ليتضح ان تلك الاشكاليات برزت بعودة الثالوث الفكري ( القبيلة، الغنيمة، والعقيدة)، ليجعل حاضرنا مشابها لماضينا، ويجعل عصرنا الايديولوجي النهضوي والقومي وكأنه فترة استثنائية، فاصبحت " القبيلة" محركا علنيا للسياسة، واصبح الاقتصاد ريعيا او شبه ريعي مطبوعا بطابع " الغنيمة"، واصبح الفكر والايديولوجيا " عقيدة " طائفية او شبه طائفية والذي يحتم على نقد هذا الثالوث ( الماضي في الحاضر ) بتحويل القبيلة في مجتمعنا لتنظيم مدني سياسي اجتماعي حديث، وتحويل الغنيمة الى ضريبة، والاقتصاد الاستهلاكي الى اقتصاد انتاجي، وتحويل " العقيدة " الى رأي بدلا من الفكر المذهبي الطائفي و المتعصب الذي يدعي امتلاك الحقيقة .
ومما سبق نستنتج ان الفكر العربي فكرا يواجه الحاضر بالماضي، ليتبين ان العلاقة التي تبلورت بين المجتمع العربي وبين خصائص المجتمعات الغربية في المجالات الحياتية المختلفة هي علاقة تناقض وتبعية، وعدم تكافؤ فيما بينهما تسودها الفوقية و الاستعلائية، مما اوجد "المخيال الثقافي" فيما بينهما جاعلا من عملية التثاقف غير متبادلة، بل من جانب واحد(الاستشراق) حيث ادخل المجتمع العربي في حالة دفاع عن النفس، ولكن عن طريق الفكر الهيامي (بدون الغربنة), وان المجتمع العربي الذي لم يستطع دخول الحداثة زمنيا، والمتناقض مع خصائص المجالات الحياتية للغرب فكيف به يستطيع دخول مرحلة ما بعد الحداثة في ظل حداثته العكسية في الوقت الذي تبحث فيه المجتمعات الغربية عن مجالات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية جديدة، لان تلك المجالات المتقولبة لم تعد تناسبهم في عصر ما بعد الحداثة، ذلك لانه وكما وصفها الطيب تزيني " ما بعد الحداثة تبشر بعصر او بعصور متغيرة او مختلفة اختلافا كليا عن العصور السابقة.... وظهور مجتمعات ما بعد الصناعية " بعكس المجتمع العربي، الذي يتمسك بمجالات ما قبل الحداثة . ومهما تكن خصائص ما بعد الحداثة من "تفكك وتشظي وانشطار وابتلاع" للمجالات الحياتية المتقولبة، فان المجتمع العربي لن يستطيع الدخول فيها الا بطريقة القفز اليها، فيكون بذلك متضاعفا بالتشوه في حين انه لم يستطع ازالة حالة الحداثة المشوهة من قبل, ليتضح انه يجب اعادة هيكلة الفكر العربي ما بين الماضي والحاضر بنظرة واقعية الى واقع المجتمع العربي، ومراعيا خصوصيته العربية من اجل بناء مشروعه الحضاري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
*محمد عابد الجابري، مفكر وناقد مغربي، حيث يعتبر احد كبار فلاسفة الفكر العربي

الأربعاء، أكتوبر 07، 2009

هل الانتفاضة الثالثة قادمة ؟

مأمون شحادة
لم تعد الخيارات ممكنة إلى درجة أن وصل الشعب إلى حالة الإحباط واليأس، هذا هو حال الشعب الفلسطيني في الانتفاضتين التي خاضها 1987) و ( 2000.. من الملاحظ أن الانتفاضتين قد حملتا نفس الحلم الشعبي في بناء الدولة ولكن النتائج متفاوته في المرتين، ففي المرة الأولى، خاض الشعب الفلسطيني انتفاضته بسبب حالة الإحباط واليأس من الاحتلال الاسرائيلي ومن أجل إيجاد دولة فلسطينية واحدة ونظام سياسي واحد لشعب واحد.
وفي المرة الثانية، خاض الشعب الفلسطيني انتفاضته بسبب الاستهتارات الإسرائيلية بالقضية الفلسطينية وانهيار عملية السلام ، ذلك لأن قضية القدس أصبحت مصيرية، وليثبت للإسرائيليين أن الشعب الفلسطيني لن يتهاون في قضية القدس، ولكن الناتج أنها أفرزت بغير قصد(غزة والضفة) وبنظامين سياسيين ولكن لشعب واحد .....
إن على الشعب الفلسطيني أن يعرف أن جلاده واحد، فالكل مستهدف من الجانب الإسرائيلي لأن العرب هم أخطر شيء على الصهيوينة وأن صموده على تلك الأرض أكبر سلاح موجه ضد المشروع الصهيوني، وأن معادلة الوحدة الوطنية تلعب دورا هاما في صراعه مع الصهيونية، لأن الوحدة والصمود أكبر رسالة موجهة إلى الجانب الإسرائيلي.
أما الانتفاضة الثالثة فيبدو أنها ستكون "سلمية " على طريقة انتفاضة "غاندي" لترميم البيت الداخلي بعكس الانتفاضتين السابقتين، ذلك لان الشعب الفلسطيني لا يقوى على خوض انتفاضة مسلحة جديدة وهو منهك القوى داخليا، فالوضع الاقتصادي في تدهور، والوحدة الوطنية مفقودة في ظلمة الانقسام، اما في حالة اندلاع انتفاضة جديدة على شاكلة الانتفاضة الثانية فالمتوقع انها ستكون عكسية على الشعب الفلسطيني يشوبها اقتتال داخلي اكثر من السابق وسط شعارات" الاتهام واتهام الاخر"، فبدون ترميم البيت الفلسطيني من الداخل، لن يستطيع الشعب الفلسطيني خوض انتفاضة مسلحة جديدة، ما يعني ان الاحتقان الداخلي سيؤدي الى انتفاضة جديدة ولكن بشكل "سلمي" لتقوية اعمدة البناء الفلسطيني، حيث ان اسبابها كثيرة: " الانقسام الفلسطيني، وقضية القدس، و الانتماء البيولوجي لهذا الوطن"، فالانقسام يشكل معادلة متجذرة تجتمع فيها كل العناصر ما بين حيرة وتعجب ليخرج الناتج من تلك المعادلة دماء تسيل من أبناء هذا الشعب الذي ينتمي بيولوجيا إلى هذه الارض ، حيث ان الوطن أغلى مما نسميه انقساما، ولكن الانقسام ينخر بنية الشعب الفلسطيني فهم الان منقسمون ما بين "ضفة وغزة "متناسين أن عدوهم وجلادهم واحد " سيما ونحن نعرف إن الوطن نوع من الانتماء البيولوجي لا حيله لك فيه ولا إرادة وهو نوع من قوانين الفيزياء الجبرية.
ان الشعب الفلسطيني الذي ضحى وما زال يضحي من أجل حماية هذا الوطن لكي يتمم بناء قواعد الدولة الفلسطينية ومن أجل حماية معادلة الشعب الفلسطيني التي تجمع كل أطيافه فيها، ولكن الناتج بما نشاهده اليوم ونسمعه إنما هو انقسام وتشتت يشتت أطياف الشعب الفلسطيني مبعثرا عناصره هنا وهناك ما بين الضفة وغزة!! حيث انه من الواجب عليه ان يضع الكف في الكف ويسير نحو هدف واحد وليس أن يسير في طريق الانقسام والتي لا يجني منها إلا الشوك وغزارة الدماء.
إن انقسام الأرض الفلسطينية ضمن حدود 67 ما بين "غزة والضفة "إنما يعني انهيار القضية الفلسطينية وضياعها وافتقادها إلى الجوهر النضالي وإن اندلاع انتفاضة ثالثة( سلمية على طريقة غاندي) من أجل الوحدة الوطنية وتصفية القضايا العالقة ستزيد الشعب الفلسطيني تمسكا بالقضية الفلسطينية نحو طموح يطمح اليه الشعب الفلسطيني لبناء دولته المستقلة.

الجمعة، أكتوبر 02، 2009

سميح شقير، أنت هنا وهمُ الهاربون

مأمون شحادة
WONPALESTINE@YAHOO.COM

وطن ووحدة تكوينية، تضم بين ثناياها لغة اصيلة تحكي قصة امة عربية عاشت وما زالت تعيش وحدتها اللغوية، التي يصعب تفكيكها بلغة خارجة عن "قواعدها" في اطار الاصالة والانتماء، فلقد تعودنا عليها من اصحاب "الاصوات الحرة" باصالتهم وانتمائهم لروح الامة في معناها العربي لتتشكل حروف منيرة " تخرج من الحناجر" يصعب اختراقها رغم رحيل الصوت .
من هنا وباسم اللغة العربية عبر هذا الوطن الذي يحمل خطابا لغويا صيغت كلماته بلغة اصيلة، من حيث العروبة والانتماء لهذا الوطن، الذي يحتضن حرف الضاد بين ضلوعه مخاطبا " اياهم" بالجملة الاسمية، والفعلية، كما خاطبهم سميح شقير بابيات لدرويش، مغنياً : " وانت تحرر نفسك بالاستعارات فكر، فكر بغيرك من فقدوا حقهم بالكلام ".
ان اللغة العربية، لغة تستظل بمظلة امة الضاد، فلا فرق بين الطاء، والظاء، والنون، والباء، والسين، والشين، انما هي تسميات اجتمعت لتكون كلمات وعبارات مختلفة، ما يعني ان لتلك الحروف معادلة اخوية ينتمون من خلالها لهذا الوطن العربي الكبير , لكن هناك بعضا من الهاربين " المبتعدين" عن مسار لغة الضاد... " قتلتهم الردة " , فهم الان مرتدين عن مسار اللغة العربية، وقد حكمت عليهم الكلمات والعبارات بالنفي من قواعدها، فلم يعد لهم فيها اي اعراب لغوي.
حدثني جدي قديما ان هناك "كلمات" تمثل لغة ليس ككل اللغات، وذكرني بما قاله الشاعر " انا يقتلني نصف الدفء ونصف الموقف اكثر "، واتذكر انه امسك معصمي قائلا " ان ثقافة اللاانتماء تحمل نصوصا كثيرة، عنوانها الهروب من الذات" .
نعم، انت تعرف هذا يا سميح جيدا، وانا اعرف كم تحب اللغة العربية، واعرف انك ما زلت هنا " تغني " ، واعرف لمن تغني، فانت هنا وهم الهاربون من الذات، واعرف انك تحب سماع الشعر وكتابته، ولحن القصيدة القائلة : " عشبة في حطام المراكب... جمرة في صحارى الكلام،... هكذا ننتمي وجع في ثنايا الرخام "، واعرف كذلك انك لا تحب ان يمسك هاجس الغائبين، لكي لا ترتكب السفر .

نعم، انت هنا وهم الهاربون، وان لغة الهروب من الذات ما بين النظرية والتطبيق، انما تعني حبرا ليس له لونا كتب على جدار سيمفونية الضاد، والتي تأبى ان يهدم هذا الجدار بلغة لا تمت لتلك الامة بصلة , فالامة العربية ستمسح تلك الحروف الهاربة من الذات من على جدارها لتكتب مرة اخرة بحروف عربية، عبارة " أنت هنا وهمُ الهاربون " .

الأحد، سبتمبر 27، 2009

مغازلة ديماغوجية

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com
إن الإبداع في إلقاء الخطاب السياسي ما بين الديماغوجية الشعبوية وبين الهتاف والتصفيق، لهو نفس المعنى الذي يحمل في ثناياه كلمتي "النفاق" و"الكذب"، حيث يحكى أن تلك الكلمتين اجتمعتا في يوم من الأيام "ما بين الماضي والحاضر" وكونتا كلمة تسمى "سياسة"، ليتضح للعاقل والمعقول، وللفاعل والمفعول به، أن الخطابات النظرية تحتاج إلى واقعية للتطبيق، فهناك فرق بين النظرية والتطبيق على أرض الواقع بما تحويه من أفعال الماضي والحاضر.
إن خطاب أوباما الأخير في القاهرة، الذي يحمل في طياته الكثير من العبارات النظرية، والهيامية من تفكير وتنظير وعلامات للتعجب والحيرة والانتظار، من خلال ما قاله: "إن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، ويحق للفسطينيين أن يعيشوا حياة كريمة في ظل دولة فلسطينية"، وهذا يذكرنا بما قاله ايهود باراك قبل عدة سنوات، حينما رشح نفسه للانتخابات الإسرائيلية تحت مسمى "الحمائم" في مارس-آذار 1998: لو كنت فلسطينيا، وفي العمر المناسب، لأصبحت في مرحلة ما عضوا في إحدى المنظمات الفلسطينية المقاومة..". ولكن فيما بعد أصبح خطاب ايهود باراك مغايرا للواقع الخطابي السابق، الذي تجسد بمجازر ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ، ليتبين أنه خطاب تكتيكي مرحلي.
إن الخطاب الديماغوجي، الذي يجسد كلمة اعتاد الساسة على أدلجتها وفق مقولات "تدغدغ" الحشود الجماهيرية، ملهبة مشاعرهم بالتصفيق والهتاف على أمل أن يتجدد الواقع المزري إلى ما هو أحسن، فهل خطاب أوباما يحمل أشياء جديدة؟ نعم، يحمل أشياء جديدة، ولكنها أشياء تشبه ما جاء به خطاب ايهود باراك، وهذا واضح من خلال ما قاله أوباما "إن الشعب الأمريكي تربطه علاقات ثقافية وسياسية قوية بالشعب الإسرائيلي، ولن يستطيع أي إنسان أن يحدث شرخا في تلك العلاقة".
اللافت للنظر أن أوباما- ومن اجل المصداقية- قام بأدلجة وتطعيم خطابه بنصوص من القرآن الكريم، الذي يعني انطلاق مرحلة يغازل فيها الجانب العربي ديماغوجيا "ضحك على اللحى" وعلى الوتر الحساس، وتر الحس الديني، وهذا يذكرنا بما فعله نابليون حينما أعلن إسلامه أثناء احتلال القوات الفرنسية مصر لكسب مشاعر الشعب المصري.
ان الخطاب بمعنى الخطاب ليس مجرد كلمات وعبارات تطلق في الهواء هكذا لاحداث صدى جماهيري، ولكنها نصوص يجب ان تترافق بواقع عملي يسير على طريق المصداقية ، وبما ان اوباما يمتلك كاريزما قوية، فقد اثبت من خلال خطابه الاخير انه مبدع في القاء الخطاب السياسي الديماغوجي، حيث تجاوز في ذلك فنون الخطابات العربية.

الخميس، سبتمبر 24، 2009

محاورة ذاتية .. :بين التألم والتأمل

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com

في وقت كانت فيه الشمس تميل للغروب وأمامه إبريق الشاي، يجلس تحت شجرة الخوخ ناظراً إلى الشمس وهي تغيب، حينها راودته الأفكار ما بين السؤال وفحوى الإجابة،.. هل أصبحنا نحن الفلسطينيين نبحث عن عالمية قضيتنا وفق ما تقرره الأرقام القياسية لموسوعة جينس، نتسابق إليها بطبق من الكنافة وستة آلاف طائرة ورقية تعلو فوق الأرض، ونسينا أن هناك ما هو أهم من ذلك ، القضية الفلسطينية، التي يتظاهر من أجلها العالم أجمع.
صحيح أن طبق الكنافة حقق رقماً قياسياً بدخوله موسوعة جينس للأرقام القياسية، لكنه قسم بعد ذلك على الحضور، كل أخذ قطعته ولم يتبق بعد ذلك إلا المفعول به، الكنافة، ....وكذلك الطائرات الورقية التي علت سماء قطاع غزة دخلت موسوعة جينس كظاهرة تحدث لأول مرة، لكنها سقطت بعد علوها ولم يتبق للعلو إلا الرقم القياسي.
إن القضية الفلسطينية أكبر من ذلك بكثير فهي استطاعت أن تدخل الضمير العالمي والتعاطف الشعبي مخترقة القلوب والعواطف، مسجلة أكبر رقم قياسي تحققه قضية عشقها الجميع إقليميا وعالميا، ولكن!!! وفي ظل الانقسام ما بين الضفة وغزة ، وصراع الضد والضد البيني ما بين إخوة السلاح وعدالة القضية، سؤال يطرح نفسه... أين نحن الآن؟ وما الذي يحدث؟
هنا توقف الكاتب و اعترف للجميع وهو يردد ما قاله الشاعر نزار قباني " أهديناك مكان الوردة سكينا"،.. أفبعد ذلك نهدي أما احتضنت الجميع مكان الوردة سكينا؟، ونسينا أن القضية الفلسطينية، قضية جوهرية تسكن عقولنا وفكرنا ووجداننا، حيث إنها تعبر عن شيء واحد وهو فلسطين ، بوابة الشرق وقبلة الثوار ومحط أنظار الجماهير شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، الذي يلزمها عمل للمحافظة عليها كقضية يلتف حولها الجميع، عملا وفكر، ونحن نعرف أن هناك شعباً عربياً محتلاً ينتظر فرحة النصر واحتضان العالم العربي، أفبعد ذلك نشظي أنفسنا ما بين الضفة وغزة وننسَ الماضي، .... بالله عليكم اقرؤوا لي المستقبل إن استطعتم ؟
إن قضية فلسطين الآن تتراوح ما بين التقسيم والسقوط فهي أمانة في أعناقنا جميعا، فلا نريدها تقسيما وسقوطا بل نريدها رقما قياسيا في الحفاظ على مصلحة الشعب الفلسطيني لرأب الصدع ما بين الضفة وغزة.
أخذ الكاتب يستمع إلى صديقه "الكاتب" الفلسطيني الدكتور إبراهيم ابراش: " الانقسام خطير، يهدد وحدة المشروع الوطني كمشروع حركة تحرر وطني بهدف واحد واستراتيجية عمل وطني واحدة و يضرب بالصميم قدرة الشعب على الوصول لهدفه الوطني"،.... ولكن ، متى يسجل هذا الرقم القياسي ؟
وقف الكاتب على أكبر جبل "فكري" مخاطبا إياهم : " لكي نحافظ على مستقبلنا نحن الفلسطينيين يجب علينا أن نحافظ على معادلة الأرقام القياسية الفلسطينية التي تتشكل من كلمات جوهرية، وحدة ، واتحاد، ومصالحة، ومصلحة شعب، ومستقبل، وأم لا تحتمل أن يتخاصم أولادها ،.... معادلة وإن كانت صعبة على الحل، لكن مفاتيحها بأيدينا.
ها هو الكاتب يجلس وحيدا مرة أخرى، يرتشف فنجان القهوة تحت شجرة السنديان، أمامه صحيفة معنونة ومذيلة بالأخبار، تناولها من على الطاولة، يقلب صفحاتها، فوقع ناظريه على صورة تحمل رأسين، مزارع فلسطيني يحمل نعجة برأسين... يا للعجب!!!
أخذ الكاتب يحاور نفسه مرة أخرى محدقا بالصحيفة... ولمَ العجب !!!، و نحن أبناء الشعب الفلسطيني، أبناء الأرض الواحدة منقسمون إلى نصفين (غزة وضفة) .. متسائلا أليس الحري بنا أن نتعجب من انقسام أنفسنا وليس من انقسام النعجة !!! ، ضحينا بالغالي والنفيس ونحن أبناء شعب واحد، والآن ضحينا بالغالي والنفيس من أجل الانقسام..... إن حالتنا اليوم يسودها العجب أمام العالم الخارجي..!! ، لقد أصبحت قضية فلسطين تحتمل المسميات، بل أصبحت مسألة فلسطينية تحتمل كل الحلول.... أهذا ما نريده مرورا بتلك المحطة التي توصل إلى ما وصلنا إليه، حيث إن "فوبيا" الاندهاش من تلك الصورة كمثل قضيتنا تدهش العالم الخارجي !!!. فقضية النعجة خرجت من يد المزارع وأصبحت مسألة عالمية " تحتمل كل الحلول "، فليس للمزارع الفلسطيني سيطرة عليها، لأن مسألة نعجته أصبحت في خبر كان من كثرة الاختبارات التي أجريت عليها !!!!!
حاول الكاتب أن يخاطب نفسه مرة أخرى " بلغة المخاطبة الداخلية " أفبعد ذلك يا إخوة التراب الواحد والهامة السمراء القمحاوية التي عجنت من سنابل تلك الأرض لتشكل منها مزارعا فلسطينيا ضحى وما زال يضحي من أجل أرضه .... إن الواجب منا ونحن أبناء تلك الأرض الواحدة أن نضع الكف بالكف ونسير نحو هدف واحد وليس أن نسير في طريق ضياع الشعب والتي لا نجني منها إلا الشوك وغزارة الدماء ...
غراب فوق شجرة السنديان ينعق بصوت عالٍ فاستيقظ الكاتب من محاورته الداخلية مع نفسه، وضع الصحيفة على الطاولة ومضى في طريقه حتى وجد نفسه تحت شجرة زيتون تعلوها حمامة بيضاء وصحيفة تلتحف ظل الشجرة .

الثلاثاء، سبتمبر 08، 2009

الإحـصـاء الفلـسـطـيـنـي مـدرسـة للنقـاء الـوظـيـفـي

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
wonpalestine@yahoo.com

بيت تسكن فيه الكفاءة، والتأهيل، والنمو المهني، والأخلاق المهنية، للخروج بمعادلة تكاملية تسمو إلى الرقي الإداري في تقوية أعمدة بناء الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وفق مواصفات مهنية تسير على طريق النمو الشامل، السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، حيث أن مدرسة النقاء الوظيفي تسكن الاحصاء الفلسطيني "وظائفياً " على قاعدة الجهد والاستحقاق، ولا مجال للوساطة والأساليب الشخصانية المؤدية إلى الترهل الوظيفي، ليتبين أن الإحصاء الفلسطيني يحمل في جوفه وجوهره رقما صعباً، مكوناته، ونتاجه محلي الصنع .
إن ديمومة الإحصاء الفلسطيني لا تتوقف عند حد زمني مرتبط بأشخاص معينين، وإنما يحمل في جوفه وجنباته كادراً إداريا ضحى وما زال يضحي من اجل الرسالة التي يحملها، معادلة إحصائية متكاملة للنهوض بالمستقبل، ذلك لأنه يسير على نهج إداري وفني متطور وكما وصفها رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض "الإحصاء الفلسطيني لا يتميز بالاستمرارية فقط بل بالتطور نحو الأفضل" .
يتضح من ذلك أن الإحصاء الفلسطيني يتبنى معاييرا تقويمية وتقييمية لتطوير الأداء، وليس الحد من النمو في أسلوب المؤسسة المهنية في عمليات التقويم والتقييم، لتحديد الثغرات والنواقص، الأمر الذي أدى إلى بلورة النجاح وتفعيل الدور الفلسطيني إحصائيا ليس على محيط الوطن وإنما على المحيط العالمي بإنجاز أول تعداد إحصائي للشعب الفلسطيني عام 1997 بالأراضي الفلسطينية، رغم الظروف الصعبة آنذاك المتمثلة بالإجراءات الإسرائيلية الصارمة، حيث شكل مفاجأة للجميع من خلال المواصفات و دقة البيانات وجودتها الإحصائية، على الرغم من أنها التجربة الأولى، الأمر الذي جعل من هذا النجاح نبراسا ينير درب الاحصاء الفلسطيني نحو النجاح والطموح إلى ما هو اكثر من ذلك، مما جعل الكيان الإحصائي متماسكا ويسير نحو هدف محدد، وهو خدمة الشعب الفلسطيني وجعله رقما ديموغرافيا صعبا بين الدلالات الإحصائية، سيما وان هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا النقاء الوظيفي المبني على الجهد والاستحقاق .
هذا كله جعل من أسرة الإحصاء الفلسطيني قبلة إحصائية تحج إليها أجهزة الإحصاء العالمية للتعرف على مدى النجاحات التي حققتها تلك الأسرة للاستفادة منها على مستوى البلدان المختلفة، ذلك بإيفاد الخبرات الإحصائية إلى العديد من البلدان لإعطائهم دورات تدريبية يستفيد منها المتدربون، مما يعني أن التجربة الإحصائية الفلسطينية شكلت نموذجا دوليا تحتذي به جميع الدول لإنجاح مسيرتها الإحصائية، نعم، هذا ما قاله الزعيم الراحل أبو عمار:" الإحصاء الفلسطيني مفخرة للشعب الفلسطيني ومدادا للأرقام العالمية " .
لم يقف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عند ذلك الحد، وإنما أصر على المضي في طريق نجاحاته، باعلان انطلاقة المرحلة التعدادية الثانية للشعب الفلسطيني 2007 ، التي أثمرت نجاحات مذهلة وبخطط رائعة أدت إلى إنجاح المعادلة التعدادية الإحصائية، متزامنا مع إجراء البطولة الوطنية الأولى على كأس التعداد العام بكرة القدم، التي جمعت كل الفرق الرياضية من جميع محافظات الضفة الغربية في الوقت الذي عجزت فيه كل الأطراف عن جمعها، إلا أن الجهاز الإحصائي وببصمته الإحصائية استطاع أن يجمعها وأقام البطولة وسط احتفال جماهيري معلنا التعداد الفلسطيني والذي شكل مزيجا ما بين الرياضة والإحصاء بمعادلة اجتماعية وثقافية ورياضية وإحصائية وسط سيمفونية غنائية خاصة بالتعداد.
ان الاحصاء الفلسطيني يشكل خلية إحصائية يتعاون فيها الجميع لإنجاز العمل، مهما تكن درجة صعوبته وظروفه، وكما قال الحكماء: " بالجد والعمل يحقق الأمل" .. فعلاً وحقيقةً لقد حققت أسرة الإحصاء الفلسطيني الرقم الصعب في المعادلة الصعبة من خلال، الجهد، والمثابرة، والإصرار، حتى اصبح رقما صعبا بين مؤسسات الإحصاء العالمية، حيث حصد الكثير من الأوسمة والجوائز العالمية، جائزة فلسطين للإبداع والتمييز، وجائزة افضل عمل إحصائي عربي، و المرتبة الأولي للوزارات والمؤسسات الرسمية لدى ديوان الرقابة المالية والإدارية، إضافة إلى الإبداع و التميز الذي يسير عليه الإحصاء الفلسطيني فانه على طريق الإعداد والتحضير لإجراء التعداد الزراعي الأول عام 2010، مما يعني أن ذلك الإحصاء الفلسطيني يشكل مفخرة للشعب الفلسطيني في تحقيق الأرقام القياسية على مستوى التطبيق والجودة العالية وليس على المستوى النظري فقط، فهناك فرق شاسع بين النظرية والتطبيق على المستوى العملي، حيث تجسد ذلك ليس فقط على معادلة الأرقام الإحصائية ، إنما تعدى ذلك إلى النشاطات الاجتماعية التطوعية في المجتمع المحلي، كالتبرع بالدم لصالح المرضى، وشد الهمة في موسم قطف الزيتون لمساعدة الأهالي، وغيرها من الأعمال التطوعية .
إنجازات كثيرة، وكثيرة أيضا، تضع على صدر أسرة الإحصاء الفلسطيني وسام المهنية، والمصداقية، وجودة البيانات الإحصائية ودقتها، جاعلا من كيانه الإحصائي متماسكا ومترافقا بالاستمرارية الإدارية والإخلاص والمثابرة والعمل، ليدل ذلك على أن بوصلة الإحصاء الفلسطيني تدار بالأجيال الفلسطينية الشابة، مما يدل على أن الديمومة الإدارية للإحصاء الفلسطيني لا تتميز بالاستمرارية فقط بل بالتطور والنضج نحو الأفضل.
السؤال هنا موجه إلى المسؤولين والقيادتين السياسية والتنفيذية، أليس الحري بنا أن نأخذ من الإحصاء الفلسطيني نموذجا نحتذي به ؟، في الوقت الذي تنادي فيه القيادتين السياسية والتنفيذية لبناء دولة المؤسسات .
بما أن الإحصاء الفلسطيني نجم مهني وإداري يسمو سماء الوطن، أفلا يتطلب منا جهدا لحمايته والمحافظة عليه من اجل دولة المؤسسات التي نتطلع إليها جميعا.

السبت، أغسطس 29، 2009

ليلى: بين الذئب وحقوق الانسان

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com

المسافة طويلة ما بين الانطلاق الى نقطة الوصول، الامر الذي جعل ليلى تستريح في منتصفها، مجهدة من طول المسافة وعناء الطريق، جلست على الرصيف ناظرة هنا وهناك، حتى استقر نظرها بعيدا، وقفت مذعورة وتقدمت قليلا للامام، حدقت النظر اكثر، فاذا به حاجز اسرائيلي منصوب على الطريق مكتوب عليه كلمة " قف "، تقدمت ليلى اكثر لتصل ذلك الحاجز، حتى اخذ الجندي بالصراخ " عد من حيث اتيت" ...
اضطرت ليلى ان تأخذ طريق اخر للوصول الى بيتها، صحيح ان الطريق طويل، لكنها مصممة على الوصول، حتى وصلت،....،،، دخلت البيت واستلقت على سريرها متعبة من طول المسافة، كانت الساعة في ذلك الوقت الثالثة عصرا، تذكرت ليلى انها متعودة في ذلك الوقت على سماع صوت "كوكب الشرق" ام كلثوم على اذاعة " راديو بيت لحم 2000" ، اسرعت الى المذياع لتشغيله،... اخذت تدير مؤشر المذياع يمينا ويسارا فلم تجد مكانا لتردد الاذاعة، .... نادت على امها، لتسألها ما السبب، اجابتها قائلة:" ان الاحتلال سرق جهاز البث الاذاعي التابع للاذاعة"،.... اضطرت ليلى ان تبحث عن صوت ام كلثوم على محطة اخرى، الا انها اصطدمت بنشرة للاخبار مفادها "ان جنود الاحتلال يسرقون اعضاء الشهداء الفلسطينيين"،... استلقت ليلى مرة اخرى على السرير متعبة ليس من طول المسافة وانما من اسئلة كثيرة تدور في عقلها،....حتى دخلت في صراع ما بين طرح السؤال والاجابة،...متسائلة ما الذي يحدث، حواجز عسكرية على الطريق تسرق الارض الفلسطينية!!، وسرقة لاجهزة البث الاذاعي الفلسطيني!!، وقتل متعمد للشعب الفلسطيني من اجل سرقة اعضائه البشرية!!، ... فتذكرت ليلى ان سرقتهم لتلك الاشياء انما هي بالوراثة" خبرة الاجداد ومهارة الابناء"، فالارض سرقت، والاعضاء البشرية سرقت، وصوت الجماهير الاذاعي سرق ايضا،،، ما الذي تبقى بعد ذلك!؟،...... اهذه هي الديمقراطية وحقوق الانسان ايها العالم ؟

الأربعاء، أغسطس 26، 2009

القومية العربية : بين التأزم والتأويل

مأمون شحادة
wonpalestine@yahoo.com

ان مفهوم القومية العربية يرتبط بمفهوم الامة الواحدة التي لها هوية سياسية تجمع بين افرادها روابط خاصة وفق وحدة تكوينية تضم اللغة والثقافة والمصالح المشتركة والتاريخ والمصير المشترك الواحد ، والقومية العربية التي تجمع بين ابناء الشعب العربي الواحد، تهدف الى تحقيق استقلال الامة العربية وتحقيق وحدة الوطن العربي وبعث الحضارة العربية. وهي تستند الى عناصر الوحدة الموجودة عند العرب في المشرق والمغرب.
ومن اجل احياء القومية العربية ظهرت عدة مدارس قومية مختلفة مثل المدرسة الاقليمية، والمدرسة البعثية، والعلمانية، والتكاملية وسط اختلاف وتشابه في الاراء حول بلورة معنى وحدة التكوين العربية، حيث نادت القومية الاقليمية بالعودة الى الاصل التكويني للشعوب، كالمناداة بالفينيقية والكنعانية والفرعونية كالدعوة الى احياء الامة السورية كما رأى انطون سعادة ضمن معنى الهلال الخصيب، باعتبارها منفصلة عن الوطن العربي وبان تاريخها يتجاوز التاريخ العربي على اعتبار ان القومية هي الجغرافيا والتاريخ والشعب, ليتبين من ذلك ان هنالك تناقض مع وحدة التكوين العربية التي تعتبر ان الشعب السوري احد شعوب الامة العربية، في حين ان مدرسة القومية البعثية التي دعت الى التحرر قبل الوحدة القومية كما جاء على لسان ميشيل عفلق مبررا في ذلك ان حالة الضعف العربي امام الهجمة الاسرائيلية تحتم عليها التحرر قبل الوحدة القومية داعيا الى دمج عنصر الدين ضمن وحدة التكوين العربية، مبينا ان الاسلام عنصر من عناصر القومية العربية باعتباره التعبير الروحي للمنطقة العربية . اما مدرسة القومية العلمانية ممثلة بساطع الحصري والتي دعت الى التحرر ثم الوحدة القومية، معتبرة ان اللغة والثقافة اعمق بين الامم من فوارق الدين ويجب فصل الدين عن الدولة والابقاء على وحدة التكوين عربية خالصة، منتقدة بذلك المدرسة القومية الاقليمية التي اعتبرت ان تشكل القومية يكون من خلال الجغرافيا والتاريخ والشعب , في حين انها وجدت توافق ما بينها وما بين مدرسة القومية البعثية من حيث التحرر قبل الوحدة لكنها اختلفت معها في دمج العنصر الديني ضمن وحدة التكوين العربية , وفي ظل فشل المدارس السابقة في بلورة القومية العربية ظهرت مدرسة جديدة تسمى المدرسة التكاملية والتي انطلقت بعد حرب 67، حينما ادركت ان المفاهيم القديمة لبلورة القومية لم تعد صالحة لبناء وحدة التكوين العربية، حيث ركزت على ارجاع الاراضي المسلوبة الى المنطقة العربية وما حرب الاستنزاف وحركة التحرير الوطني الفلسطيني الا تجسيدا لهذه المدرسة وفق شعار " تحرير فلسطين هو الطريق الى الوحدة العربية " وان تلك المدرسة قريبة من المدرسة البعثية، و العلمانية من حيث الدعوة الى التحرر وسط اختلاف في عدة امور جوهرية وخاصة عنصر الدين .
من الملاحظ ان عنصر الدين ووفق تجارب الماضي الذي حاول ان يضم الشعوب ضمن دائرة واحدة الا ان الاسيقاظ الفكري القومي وقف امامه حاجزا حينما استيقظ الشعور القومي لدى شعوب السلطنة العثمانية الاخرى رغم رابطة الدين التي وجدت ما بين العرب والاتراك ذلك لان الاسلام ركز على القيم الكلية الشاملة واهمل القومية ، ليتبين ان دمج الديانة ضمن احد عناصر القومية العربية يسوده نوع من الاختلاطات كونه يضفي عليها صفة الطائفية ومثالا على ذلك لبنان والعراق .
ووسط هذا الزحام حول امكانية ادراج الدين ضمن عناصر القومية العربية، ظهرت عدة مدارس اصلاحية تدعو الى الفكر الحر وعدم التقيد بصنمية النصوص وجمودها، ومنها مدرسة علمنة الاسلام ومدرسة المجددون وجماعة العصور , حيث دعت تلك المدارس الى محاربة صنمية النصوص وجمودها في الفكر الاسلامي و تحرير العقل من النظرية التقليدية وعدم الوقوف بما هو مكتوب تاريخيا وفق تحكيم العقل بعدمية الايمان بالغيبيات، داعية الى ممارسة الديمقراطية والحريات ومنددين بانماط الفكر الديني التقليدي، مبينين ان مبادئ الديمقراطية ارقى من مبادئ الاسلام ويجب تغييرها منتقدين بذلك مدرسة الهيام التاريخي( القديمة ) التي تمجد الماضي امثال مصطفى صادق الرفاعي الذي وصف انه ينتمي فكريا الى القرن الخامس عشر، ومن اشهر شخصيات تلك المدارس الاصلاحية طه حسين وعلي عبد الرازق واسماعيل مظهر .
يتبين من ذلك مدى جدلية العامل الديني ممثلا بالاسلام ضمن وحدة التكوين القومية والتي تشكل حالة من الصراع في الفكر العربي حول دمج عنصر الدين ومدى عملية تقبله ضمن تلك الوحدة، وهذا يتضح من خلال ظهور المدرسة التوفيقية بقيادة عبد الرازق السنهوري التي رفعت لواء الدعوة الى اسلوب جديد معتدل، يجمع ما بين الفكر الغربي والفكر الاسلامي كعملية توفيقية من اجل حلحلة جمادة نصوص الشرع الاسلامي، وجعله مقبولا ضمن عناصر القومية العربية، وعدم اثارة الطائفية ما بين ابناء الوحدة التكوينية، وهذا ايضا ما دعا اليه خالد محمد خالد في دعوته الى فردانية العلاقة مع الله والغاء مرجعية الدين وجعلها علاقة مباشرة معه، مقلدا بذلك مارتن لوثر في صراعه مع الكنيسة .
يتضح من ذلك ان المنطقة العربية خاضت وما زالت تخوض مشروعها القومي ضمن حلقة مفرغة لتجميع عناصرها القومية من الناحية النظرية وليس التطبيقية في ظل عدم ادراك كل المدارس القومية والاصلاحية ان القومية لن تتشكل ضمن إطارها الوحدوي بدون إدراك الفروقات الاجتماعية ما بين الشعوب العربية، حيث تبين ذلك قديما ما بين الشام والعراق ( في ظل الخلافة )، مسببا حالة من العدائية بين الشعبين، و ما حدث ايضا ما بين مصر وسوريا ايام الوحدة ، وهنالك عامل اخر هو التغلب على الصحراء العربية التي تفصل بين اجزاء كبيرة داخل الوطن العربي بما يعادل 80 % من المساحة العربية، جاعلة من تلك المنطقة مترامية الاطراف، وهذا ما ادركته الولايات الامريكية في بداية تكونها حينما قامت باتفاقية العقد الاجتماعي و بناء سكة حديد تجوب كل الولايات من اجل ربطها مع بعضها البعض، لكي لا تكون مترامية الأطراف، ففي ظل عدم وجود عقد اجتماعي للمنطقة العربية فكيف بالقومية العربية ان تشكل حلقة وصل ما بين الشعوب والطبقة الحاكمة من اجل انشاء وحدة التكوين القومية، كما فعلت اوروبا في جعل القومية عامل اتصال ما بين الشعب والحكومة، من اجل صهر ذلك العامل ليتحول شيئا فشيئا الى رابطة مدنية تجمع ابناء المجتمع وهذا ما نشاهده اليوم، ليتضح ان هنالك امور داخلية يجب علاجها كالعامل الديني والاقليات والصحراء والفروقات الاجتماعية، وان التخلص من الاستعمار ليس هو الطريق الوحيد للوحدة القومية بين الشعوب العربية.
أن المنطقة العربية التي لم تتفق على عناصر وحدتها القومية بين مختلف المدارس القومية والاصلاحية، فكيف بها ان تنتقل الى الرابطة المدنية بدون المرور بالرابطة القومية في ظل البعد العربي عن تعريف التاريخ للموافقة ما بين الماضي والحاضر والمستقبل

الجمعة، أغسطس 21، 2009

بركاتُك يا شيخ

مأمون شحادة
Wonpalestine@YAHOO.COM

بركاتُك يا سيدي الشيخ فيما نعمل، وفيما يعملون، نراقب الهلال جميعنا والمرصد الفلكي غائب عن ابصارنا واذهاننا، بركاتك يا مسقبل، الى هذه النقطة وصلنا عبر حدود الوطن العربي، مرورا بـ ليبيا والسعودية والبحرين والعراق وكافة الاقطار، فكلهم يبدأون صيامهم كل على حده، والعيد بعد ذلك اصبح اثنان وثلاثة واربعة، الم تسمع ان الصيام اصبح صياما سياسيا وابتعدنا كثيرا عن الخط الايماني سيما ونحن ننظر الى بعضنا البعض " بحسرة " ما بين حدود التجزئة لهذا الوطن العربي،،، ، بركاتك يا مستقبل .....
سيدي الشيخ ، لماذا تهتم بكل قضايا الكون وتهرب من وجه قضيتك؟ لماذا ولماذا، والله لقد قتلتنا الاسئلة وسئمنا من كثرتها، متداولين الاجوبة على قارعة الطريق ونحن نفتخر بما فعله اجدادنا، لا تقل يا شيخ ماذا فعل الاجداد، بل قل اجابة تفسر من خلالها احوالنا ، لماذا الهروب للخلف؟، ، يا ايها الشيخ دائما نقول كنا، يا شيخ نريد ان نكون......
استحلفك بالله..، ما هو العيب والحرام في استخدام المرصد الفلكي لرصد هلال رمضان الكريم، اهي بدعة؟ ام ماذا!!! اين فتواك الحاضرة الغائبة، التي تستخدم ضمير الغائب في الفتوى، معللة في ذلك فحوى اجابة المنصب السياسي،... اليس الحري بك ان تكون على قدر الامانة بفتواك الجوهرية وليس الشكلية،.. ، ان بلالاً قد كان يؤذن بالناس دون مكبرا للصوت، ولم تختلف الحالة بوجود ذلك المكبر، فاستخدمه المؤذن" حاضرا " ومحافظا على الخط الجوهري الايماني، فالجوهر واحد، ولكن الاداة هي التي تغيرت ...
السؤال هنا، الى متى ستبقى العين المجردة هي الوسيلة الوحيدة لاعتماد بداية شهر رمضان؟ وكل عام وانتم بخير، فالعيد قادم، بركاتُك يا سيدي الشيخ فيما نعمل، وفيما يعملون.....