حسام الدجني
لعل إسرائيل أرادت من وراء اغتيال الشهيد القائد العسكري محمود عبد الرؤوف المبحوح في إمارة دبي، تحقيق ثلاث أهداف وهي:
1- الهدف الأول مرتبط بإسرائيل نفسها.
2- الهدف الثاني مرتبط بحركة حماس
3- الهدف الثالث مرتبط بدولة الإمارات المتحدة.
الهدف الأول مرتبط بإسرائيل نفسها:
1- تريد إسرائيل من وراء عملية اغتيال الشهيد محمود المبحوح إعادة الثقة لجهاز الموساد الإسرائيلي وإعادة قوة الردع التي كان يتمتع بها هذا الجهاز، كونه أخفق في السنوات الأخيرة في العديد من العمليات دفعت تل أبيب ثمناً باهظاً مقابل إخفاقه، ومن أبرز ما فشل به الموساد مؤخراً ما يلي:
** فشل الموساد في كشف العمليتين اللتين نفذتا بتاريخ 28/11/2002 ضد إسرائيليين في مومباسا في كينيا.
** فشل الموساد في كشف عملية مومباي بالهند عام 2008 والتي راح ضحيتها إسرائيليين.
**فشل الموساد من حماية عملاءه في العديد من الأقطار بالعالم، وتم ضرب خلايا له في إيران والولايات المتحدة ولبنان وغيرها.
** فشل الموساد في عدم معرفة مكان جلعاد شاليط الجندي المختطف عند حماس.
** فشل الموساد الذريع في حرب تموز مع حزب الله، حيث لم يستطيع معرفة قدرات حزب الله، أو تصفية أي من قياداته.
** فشل الموساد في العديد من العمليات المعلنة وغير المعلنة وآخرها المحاولة الفاشلة لاغتيال عضو المكتب السياسي لحركة حماس أسامة حمدان في لبنان.
2- أيضاً يريد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تسجيل انجازاً أمنياً معقداً مقابل الفشل الذي صاحب الموساد أثناء توليه الحكم عام 1997، والذي شهد المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بالأردن، ودفعت إسرائيل حينها ثمناً باهظاً ترجم بالإفراج عن الشيخ أحمد ياسين زعيم حركة حماس.
3- رفع الروح المعنوية للشارع الإسرائيلي، ولعائلات الجنود الذي نال شرف قتلهم الشهيد محمود المبحوح في الانتفاضة الأولى.
4- يريد رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن يقول لليمين المتطرف أن مصير الأسرى الفلسطينيين الذي تصفهم إسرائيل بالأيدي الملطخة بالدماء عند توقيعه على صفقة التبادل مع حماس، هو نفس مصير محمود المبحوح، وفي المكان والزمان المناسب.
الهدف الثاني مرتبط بحركة حماس:
تريد إسرائيل من وراء اغتيال الشهيد محمود المبحوح أن تضغط على حركة حماس لتخفيض سقف شروطها في ملف صفقة التبادل، وملف التهدئة، وإيصال رسالة إلى قيادة الخارج أن الموساد يستطيع أن يصل إلى معاقلكم متى شاء.
كذلك ترغب إسرائيل في استفزاز حركة حماس، وجرها إلى الثأر لدماء المبحوح في خارج الأرض المحتلة، وبذلك تقطع الطريق أمام الرأي العام الدولي بشقيه الشعبي والحكومي الذي يقترب يوما بعد يوم من فتح علاقات مع حركة حماس، كونه ترسخت لديه الصورة بأن حماس تقاتل الاحتلال ولا تعبث بأمن الدول.
الهدف الثالث مرتبط بدولة الإمارات العربية المتحدة
اختيار مسرح الجريمة دبي لن يكون عبثياً، تريد إسرائيل من وراء ذلك أن توصل رسالة إلى الإمارات العربية المتحدة والتي استضافت مؤخراً مؤتمراً دولياً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إرينا" في أبو ظبي شارك فيه وزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لاندو، أن على الإمارات العربية لكي تنعم بالاستقرار والأمن عليها أن تسلك طريق السلام مع إسرائيل وإقامة علاقات طبيعيه معها.
وأيضاً هناك رسالة إلى إيران الدولة المجاورة للإمارات، مفادها أن إسرائيل موجود بكل قوتها في منطقة الخليج، وتستطيع أن تضرب في أي لحظة.
هذا هو ديدن الاحتلال، فإسرائيل دولة وظيفية في المنطقة، يوحدها العنف، والإجرام سمة تميز قادتها ومؤسساتها، وهي تكن العداء للعرب وللمسلمين، وتهدد الأمن القومي العربي، ولعل تصريحات ليبرمان عندما هدد بضرب السد العالي في مصر خير دليل.
علينا أن نوحد الجهود لضرب معاقل الموساد والقيام بعمليات استباقية، والمحافظة على المعركة في أرض العدو وداخل فضائه الإقليمي, لأنه يرغب في نقل ساحة المعركة إلى الخارج، وكذلك على قيادتنا اليقظة والانتباه، لأن قطرة دم تسيل من قائد فلسطيني هي غالية على الأمتين العربية والإسلامية.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الثلاثاء، فبراير 02، 2010
اغتيال الشهيد محمود المبحوح وعلاقة الموساد بالعملية
الاثنين، فبراير 01، 2010
النظام السياسي الفلسطيني وأزمة الشرعيات
حسام الدجني
يعتبر القانون الأساسي المعدل في عام 2005 (الدستور الفلسطيني) هو الناظم لعمل السلطة الفلسطينية، وله قوة أكبر من القانون أو القرار أو اللائحة ، ومواد القانون الأساسي واضحة، وهي تستطيع أن تحسم الخلاف الدستوري، ولكنها وللأسف لا تستطيع حسم الخلاف السياسي، لأن ذلك يحتاج إلى توافق وطني ومصالحة وطنية بين قطبي النظام السياسي الفلسطيني فتح وحماس، وفي حالتنا الفلسطينية حيث جرت الانتخابات الرئاسية في 9/1/2005 وذلك لظرف طارئ وهو وفاة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في 11/11/2004، وتولي رئيس المجلس التشريعي حينها السيد روحي فتوح رئاسة السلطة حيث يعطيه القانون الأساسي (مادة 37) مدة 60 يوماً يعد فيها لانتخابات رئاسية على الرغم من أن المادة (97) من قانون الانتخابات تعطي رئيس المجلس التشريعي 90 يوما لانتخاب رئيس جديد. وهنا اختلاف واضح بالنص بين قانون الانتخابات والقانون الأساسي، ولكن القانون الأساسي هو أقوى من قانون الانتخابات.
المادة (47 مكرر) تقول "تنتهي ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري". وتم إضافة هذه المادة بهذا الشكل في عهد الرئيس محمود عباس بتاريخ 13/8/2005.
حيث تستند حركة حماس على هذه المادة من القانون الأساسي (الدستور) وعليها يصبح المجلس التشريعي الحالي هو مسير للأعمال.
أما المادة (34) تنص على "ينتخب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية انتخاباً عاماً ومباشراً من الشعب الفلسطيني وفقاً لأحكام قانون الانتخابات الفلسطيني". وعند الذهاب إلى قانون الانتخابات الفلسطيني رقم (9) لعام 2005، مادة(2) المتعلقة بانتخاب الرئيس وأعضاء المجلس تنص على:
"مع مراعاة أحكام المادة الانتقالية (111) من هذا القانون، وفيما عدا أول انتخابات تشريعية تجري بعد إقرار هذا القانون فقط :
1-يتم انتخاب الرئيس ، وأعضاء المجلس في آن واحد في انتخابات عامة حرة ومباشرة بطريق الاقتراع السري.
2-مدة ولاية الرئيس أربع سنوات، ولا يجوز انتخابه لأكثر من دورتين متتاليتين.
3-يتألف المجلس من (132) عضوا.
4-تكون مدة ولاية المجلس أربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية.
تستند حركة فتح على المادة السابقة من قانون الانتخابات لتبرير تمديد شرعية الرئيس محمود عباس من 9/1/2009 وحتى 9/1/2010.
حسب ما سبق من مواد القانون الأساسي تنتهي ولاية الرئيس محمود عباس في 8/1/2009، أما في حال الاستناد الى قانون الانتخابات يتبين أن:
ولاية الرئيس تنتهي مع ولاية المجلس التشريعي، وهنا يوجد خلل في قانون الانتخابات من خلال التساؤل التالي:
ماذا لو أصبح منصب الرئيس شاغراً قبل نهاية ولايته الدستورية؟ هل تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة؟ أم انتخابات رئاسية؟ ولو كانت الإجابة انتخابات رئاسية، هل ذلك يناقض المادة (2) من قانون الانتخابات، والتي تنص على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في آن واحد .
إن عقد انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنه في حالتنا الفلسطينية أمر جيد، كون الحالة الفلسطينية لها خصوصية من كل الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، على أن لا يكون ذلك محكوم بقانون.
1- أعتقد أن النظام السياسي الفلسطيني والذي هيمنت عليه حركة فتح، لم يعد اليوم قادراً على التكيف مع التحولات السياسية الجديدة ، لذا ينبغي على جولات الحوار الفلسطيني القادمة أن تأخذ بالحسبان المتغيرات الجديدة، فاليوم حماس وفتح وفصائل أخرى هم في النظام السياسي الفلسطيني، وهم في السلطة الفلسطينية وحتى نستدرك أي إشكاليات مستقبلية يجب أن تلتئم لجان مكونة من خبراء في الدستور لإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني من جديد، وإعادة النظر في مواد قانون الانتخابات وخاصة مادة (2) والتي تنص على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في آن واحد، والمادة (97) والتي تعطي رئيس المجلس التشريعي 90 يوما لانتخاب رئيس جديد، وتعديلها بما يتوافق مع القانون الأساسي المعدل لعام 2005.
يوجد حلقة مفقودة في محاضر الحوار الوطني الفلسطيني، وهي بناء نظام سياسي فلسطيني يستطيع التعامل مع الحالة الفلسطينية والتي مازال الاحتلال يتربص بها، ويعمل على تقويض نظامها السياسي، ولعل تجربة حماس في المجلس التشريعي تدق ناقوس الخطر على مستقبل هذا النظام، حيث استطاعت (إسرائيل) خلال 24 ساعة من اعتقال عشرات النواب، وشل عمل المجلس التشريعي، إضافة إلى الانقسام بين اكبر كتلتين في المجلس التشريعي وهما فتح وحماس.
يجب علينا أن نعمل جاهدين من أجل عودة الحياة الديمقراطية للنظام السياسي الفلسطيني بالتوافق بين القوى والفصائل والمجتمع المدني، لأن الهم الأكبر يتمثل بالاحتلال والعدوان الصهيوني الذي لا يميز بين فتح وحماس وغيرهما.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الأحد، يناير 31، 2010
مبروك لمصر
حسام الدجني
شكرا لك يا مصر، لقد أدخلتي الفرحة في قلوب العرب والمسلمين، أما أبناء قطاع غزة فنكهة انتصارك بطعم آخر، لقد خرجت غزة بكل ألوانها السياسية والعمرية لتحتفل وتهتف تحيا مصر، لقد سمعت مدينة الإسماعيلية التي تبعد آلاف الأميال عن قطاع غزة هتاف الجماهير المتعطشة للنصر وحتى إن كان رياضياً فالرياضة غذاء الروح، تحيا مصر.
إنها بطولة أمم أفريقيا، نعم تستحق مصر البطولة ويكل جدارة وبدون مجاملات، لقد دخلت الذاكرة العربية أسماء جديدة كاللاعب الرائع جدو، وزيدان ومتعب وغيرهم.
مبرو لمصر، مبروك لمبارك، فالاسم لا ينقصه تبريكات لأنه مبارك، مبروك للشعب المصري العظيم، ومبروك للدماء المصرية في قطاع غزة، شهداء الجيش المصري التي تعانق شهداء فلسطين.
غزة اليوم تفرح مع أبناء شعبها المصري فهم أشقاء بالدم واللون واللغة والدين، لعن الله الحدود التي تقطع شرايين الأمة العربية، كم يتمنى أهل قطاع غزة أن تزال هذه الحدود ويحتفل الفلسطيني بجوار شقيقه المصري فرحا وحبا لمنتخب مصر.
مبروك لمصر، ومبروك للجزائر فكلنا عرب وكلنا مسلمون، نتمنى أن يتكرر فرحتنا بمصر مع منتخبنا الشقيق الجزائر في كأس العالم، فكلنا جزائريون في جنوب إفريقيا، ومصريون في انغولا، وفلسطينيون في مقارعة الاحتلال.
مبروك لمصر، مبروك للأمة العربية والإسلامية، مبروك للإعلام، مبروك لكل فلسطيني رفع علم مصر خفاقاً في عنان قطاع غزة، ليرسل رسالة الى كل المتشككين والمتربصين في ضرب علاقات قطاع غزة مع مصر، فمصر شقيقة كبرى، وحنونة على أبنائها ونحن أبنائك يا مصر.
مبروك لمصر، مبروك لمصر، مبروك لمصر......
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الخميس، يناير 21، 2010
مشتل النخيل في غزة الأكبر على مستوى الشرق الأوسط
حسام الدجني
لعل عملية اغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي على يد مقاومين من الجبهة الشعبية، أو عملية الوهم المتبدد والتي أسرت ثلاث فصائل وهي حماس وألوية الناصر وجيش الإسلام الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، أو عملية وادي الحرامية أو غيرها من العمليات النوعية تشكل قفزة نوعية في تطور الكفاح المسلح وضرب الاحتلال الإسرائيلي في القلب.
ولكننا اليوم أمام عمل بطولي مقاوم من نوع خاص، وهو يشكل خطراً استراتيجياً على أمن دولة إسرائيل، ألا وهو افتتاح أكبر مشتل للنخيل على مستوى الشرق الأوسط، بدعم وتميل من جمعية الرحمة العالمية بدولة الكويت الشقيق، حيث أعلنت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة عن زراعة 50 ألف نخلة، ووضع خطة إستراتيجية لزراعة خمس ملايين شجرة مثمرة، وقبل ذلك تحدت غزة الحصار عبر زراعة الأسماك، بعد أن فرضت إسرائيل حصاراً بحرياً يوازي الحصار البري والجوي ومنعت الصيادين من نزول البحر، حيث كانت إسرائيل ترفض هكذا مشاريع، لأن إسرائيل ترغب بأن تبقى غزة تابعة لها، حيث من خلال الاقتصاد تستطيع تطويعها في كل المجالات سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
يستطيع هذا المشروع أن ينتج بعد سنوات قليلة 15 ألف طن من التمور، وقد نشهد بعد أقل من ثلاث سنوات اكتفاءً ذاتياً من الفواكه حيث قامت وزارة الزراعة بزراعة آلاف الأشجار من الفواكه، والتي تتوقع الوزارة أن تحقق أكتفاءً جزئياً في العديد من أصناف الفواكه التي يستوردها القطاع من إسرائيل.
قطاع غزة المحاصر والذي تبلغ مساحته 360 كيلو متر مربع، وأكثر من مليون وثلاثمائة ألف نسمة، ويعيش معظم سكانه تحت خط الفقر، يستطيع اليوم من توفير آلاف فرص العمل، وكذلك تحقيق ناتج محلي يحررنا من التبعية الاقتصادية للغرب.
مزيداً من تحقيق التنمية المستدامة، ومزيداً من هكذا مشاريع، وعلى وسائل الإعلام تسليط الضوء على انجازات قطاع غزة، لنجعل من فلسطين واحة خضراء، وعلى المانحين دعم هكذا مشاريع ولنجعل فلسطين تعتمد على نفسها في توفير موازناتها، وأتمنى على كل مؤسسات المجتمع المدني والفصائل والمساجد أن يكفوا عن سياسة الكابونات، وان يضعوا أموالهم في مشاريع استثمارية، لأننا يجب أن نقاوم الحصار من خلال التنمية، وتعزيز صمود المواطن من خلال استغلال الكادر البشري الفلسطيني وتعزيز كرامته والاستفادة من خبراته التي بنت دول.
Hossam555@hotmail.com
الثلاثاء، يناير 19، 2010
إستراتيجية فتح الجديدة
حسام الدجني
أعلنت حركة فتح على لسان ناطقها الإعلامي الدكتور جمال نزال أن الحركة قررت تشكيل لجنة ستعمل بشكل عاجل على وضع إستراتيجية لعودة غزة للشرعية من خلال دراسة آليات مختلفة للوصول إلى هذا الهدف حسب قوله.
وأضاف نزال إلى أن الاستراتيجيه الجديدة هي لكيفية استعادة غزة إلى الشرعية عن طريق الحوار بشكل أساسي، ولكن على أن لا يبقى الحوار هو الطريقة الوحيدة".
واستكمل السيد نزال حديثه أن قرارين قد اتخذا بهذا الخصوص أحدهما يعنى بتوفير أسباب الصمود ووسائل الدعم لأبناء قطاع غزة، والآخر بوضع رؤية إستراتيجية لتجريد سلطة "الانقلاب" من كافة أشكال "الفيتو" على المصالحة وعودة الشرعية إلى قطاع غزة، حسب قوله.
في قراءة سياسية لتصريحات نزال وإستراتيجية حركة فتح الجديدة، فإنها تحمل سيناريوهات مختلفة:
السيناريو الأول:
الضغط على حركة حماس للتوقيع على ورقة المصالحة المصرية وهنا تكون عودة فتح إلى غزة عبر الحوار والتوافق الوطني، وهو أمر مرحب فيه فلسطينياً.
السيناريو الثاني:
انسجام رؤية حركة فتح مع بعض الرؤى الإقليمية والدولية في المنطقة والتي مفادها استئصال حركة حماس عبر تشديد الحصار وضرب حماس من الداخل عبر صناعة الأزمات وإثارة القلاقل والفوضى في قطاع غزة، بهدف استنزاف حماس وحكومتها.
السيناريو الثالث:
إعادة تفعيل تنظيم فتح في قطاع غزة وإعادة تشكيلاته العسكرية والتعبوية والثقافية والاجتماعية والنقابية بما يتلاءم مع مقررات المؤتمر السادس.
السيناريو الرابع:
رفع الروح المعنوية والنفسية عند أعضاء التنظيم، من خلال اهتمام المجلس الثوري واللجنة المركزية في شؤون قطاع غزة.
قد لا يخرج تصريح الدكتور نزال عن السيناريوهات السابقة، ولكن مكمن الخطورة يتمثل في أي من السيناريوهات قد تلجأ حركة فتح في المرحلة المقبلة وما هي تداعيات هكذا خطوة على تنظيم فتح في قطاع غزة وعلى المشروع الوطني برمته.
إن أقصر الطرق لاستعادة قطاع غزة بالنسبة لفتح، أو استعادة الضفة بالنسبة لحماس هي في المصالحة الوطنية والشراكة السياسية، وعبر الحوار الوطني، لان مزيداً من الاقتتال تعني مزيداً من تدمير المشروع الوطني، لذا نتمنى ككتاب ومثقفين على حركة فتح أن يكون الحوار ولا بديل عن الحوار هو مسارها السياسي في المرحلة المقبلة لان غير ذلك قد يدفع فاتورته أهالي غزة وأبناء فتح في القطاع، وقد تمتد تداعياته لتصل إلى الضفة الفلسطينية، وما لذلك من تأثيرات على القضية وعلى النظام السياسي الفلسطيني.
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الخميس، يناير 14، 2010
خيارات المصالحة الفلسطينية
حسام الدجني
المصالحة الفلسطينية خيار استراتيجي لا بديل عنه، إجماع وطني فلسطيني وعربي وإسلامي. لا أحد يختلف على ذلك، ولكن لماذا لم تنجز المصالحة الوطنية حتى هذه اللحظة طالما هي خيار استراتيجي.
ربما يقول البعض على حماس التوقيع على الورقة المصرية، وربما آخر يقول على مصر الأخذ بملاحظات حماس، وثالث يقول أين دور رئيس السلطة الفلسطينية وحركة فتح لانجاز المصالحة والعودة خطوة إلى الخلف.
أعتقد أن خيار أن تقوم مصر بإعادة فتح الورقة المصرية هو أمر يحتاج إلى جهد فلسطيني وعربي يساعد القاهرة على اتخاذ هكذا قرار، فالدبلوماسية المصرية ترغب في تحقيق ثلاث أهداف وينبغي علينا كفلسطينيين وعرب العمل على تحقيقها وعدم ترك الأمور تتدحرج إلى ما لا يحمد عقباه، فالقضية الفلسطينية في خطر، أما الأهداف المصرية هي:
1- المحافظة على نجاح الجهد المصري في ملف المصالحة الفلسطينية.
2- تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
3- المحافظة على كبرياء مصر كدولة محورية وكبيرة في المنطقة.
وأعتقد أن تحقيق هذه الأهداف ليس بالأمر الصعب إذا توفرت الإرادة السياسية لدى الأطراف المعنية، ويتم ذلك من خلال:
1- عقد لقاءات بين قيادات فتح وحماس وباقي القوى والنخب السياسية ودراسة ملاحظات حماس والتوافق على قواسم مشتركة ومن ثم الذهاب موحدين إلى القاهرة حينها لن يكون هناك مبرراً لمصر أو غيرها، لان هدف مصر هو إعادة الوحدة الوطنية، والهدف بذلك يتحقق.
2- إذا تعذر ذلك قد يكون دور فعال للعاهل السعودي أو الجامعة العربية لجمع الطرفين السيد خالد مشعل والسيد محمود عباس في أي عاصمة عربية سراً أو جهراً للتوافق على نقاط الاختلاف بينهما.
أعتقد انه بالإمكان الوصول إلى قواسم مشتركة بين حماس وفتح، ويتطلب ذلك من كلا الطرفين العودة إلى الوراء ولو خطوة واحدة من أجل الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية والتي قدم من أجلها آلاف الشهداء، فالوحدة هي صمام الأمان، وينبغي على المثقفين دعم الوحدة بالكلمة وبالسلوك، وعلى الإعلام تعزيز الوحدة عبر الابتعاد عن كل ما يعزز الانقسام، وعلى المجتمع الدولي والإقليمي أن يدرك أن السفينة الفلسطينية لن تقلع بجناح واحد، وأن حماس وفتح هم جناحي السفينة، يجب أن نغلق بوابة التدخلات الإقليمية والدولية وأن نعزز ثقافة أن العدو الوحيد هو إسرائيل ولا أحد غير اسرائيل.
Hossam555@hotmail.com
الأربعاء، يناير 13، 2010
الحرب على الإرهاب أم الحرب على الإسلام
حسام الدجني
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي نفذها تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية، خرج الرئيس المنصرف جورج بوش، ليعلن إستراتيجية إدارته لمحاربة الإرهاب الدولي، حتى أصبحت مكافحة الإرهاب على سلم أولويات دول العالم، وغزت قوات الحلفاء العراق وأفغانستان وباكستان، وضربت السودان والصومال تحت ذرائع محاربة الإرهاب، واستخدمت الإدارة الأمريكية كل أدواتها في المنطقة من أجل تحقيق هذا الهدف، وبعد أن سيطرت الولايات المتحدة على العراق وأفغانستان، اصطنعت الفوضى الخلاقة في فلسطين والتي نعاني اليوم من تداعياتها، وأيضاً تلعب اليوم في الساحة الإيرانية عبر إنهاك إيران من الداخل وضربها عسكرياً من الخارج، واليوم تستعد للدخول إلى اليمن من أجل نفس الهدف، والسؤال المطروح هل الإدارة الأمريكية وحلفائها تحارب الإسلام والأنظمة الإسلامية أم تحارب الإرهاب؟
إذا كانت تحارب الإرهاب فالعرب والمسلمون معها ولكن ما هو تعريف الإدارة الأمريكية للإرهاب؟ وأين تقع إسرائيل من ذلك؟ وما موقف الإدارة الأمريكية من الإرهاب المسيحي أو الشيوعي أو العلماني؟
بالتأكيد الحرب على الإرهاب هي تجميل للمصطلح، وإضفاء شرعية له، لان الحرب على الإسلام قد تلقى معارضة من بعض دول الحلفاء، أو من بعض الأنظمة العربية والإسلامية الحليفة للولايات المتحدة، وقد تحرج هذه الأنظمة في محاربتها للحركات الإسلامية، وما يؤكد ذلك تصريح الرئيس المنصرف جورج بوش عندما أعلنها حرباً صليبية.
وأدلل على ما أقول في النموذج الفلسطيني فيما يلي:
1- إدراج حماس والجهاد الإسلامي ضمن قوائم الحركات الإرهابية وذلك لممارستهم المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، ولم يدرج أي فصيل فلسطيني علماني أو يساري ضمن هذه القوائم (وهذا ما لا نتمناه لان المقاومة حق مشروع لشعب محتل) على الرغم من الجميع يمارس العمل المسلح ضد إسرائيل.
2- سلوك حماس المقاوم في قطاع غزة يميل نحو التهدئة مع إسرائيل، ولكن الحصار الدولي ما زال مستمراً، وهذا يؤكد أن الحصار يستهدف فكر وعقيدة ولا يستهدف ممارسة أو سلوك.
3- التركيز على وجود تنظيم القاعدة في قطاع غزة، لتبرير ضرب الحركات الإسلامية المعتدلة كحماس والجهاد الإسلامي، واستمرار الحصار
اللاإنساني على قطاع غزة.
4- ضرب نموذج حكم حماس بعد فوزها بالانتخابات حتى لا تنتقل العدوى إلى دول أخرى مجاورة، والمقصود بالعدوى هي نظام الحكم الإسلامي.
أعتقد أن الحرب على الإرهاب والتي يشارك فيها القاصي والداني هي حرب على الإسلام، وأن الإدارة الأمريكية تصطنع مبررات للتدخل والسيطرة على مقدرات الشعوب العربية والإسلامية، ومن اجل حماية إسرائيل، لان الإسلام يحرم القبول والاعتراف في إسرائيل، وهنا مكمن الخطورة عند الغرب، فإسرائيل هي الكيان الذي يحافظ على مصالح الدول الكبرى.
Hossam555@hotmail.com
الثلاثاء، يناير 12، 2010
الى فصائل المقاومة في قطاع غزة..أوقفوا اطلاق الصواريخ
حسام الدجني
قد يظن البعض أن هذا النداء يندرج ضمن المزاودة او التساوق مع نداء وزير الجيش الاسرائيلي السيد ايهود باراك، ولكن يجب أن نقرأ طبيعة المرحلة التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية جيداً، ففلسطين تمر في مرحلة خطرة وحساسة للغاية، والمستهدف الوحيد منها تصفية القضية وافراغها من مضمونها السياسي، ولن يقتصر التهديد على قطاع غزة بل يصل الى عرين المقاطعة في رام الله ليستهدف بذلك الرئيس محمود عباس، ومصر ليست بعيدة عن المخططات الاسرائيلية في المنطقة فهي الاخرى على رأس قائمة المطلوبين لاسرائيل، فتسلسل الاحداث يؤكد صحة ما نقول، فالحكومة الاسرائيلية الحالية هي من أشد الحكومات تطرفاً، وهي تلعب على تأزيم المنطقة عبر تكريس الانقسام بين حركتي فتح وحماس من جهة وعبر صناعة أزمات بين مصر وحماس وحزب الله من جهة أخرى، فاسرائيل لا حليف أو صديق لها، وهي دولة عنصرية، وشرط نتانياهو بقبول يهودية الدولة مقابل استئناف مفاوضات السلام تؤكد عنصرية دولة الكيان.
جميعنا مدركين ان اسرائيل هي من تستدرج فصائل المقاومة على الرد، فهي من يفرض الحصار على غزة، وهي من تقتلع الاشجار وتجرف الاراضي، وتقتل البشر والحجر، ولكن يجب أن ندرك ونتوافق على شكل وكيفية ومكان وزمان الرد، فهل اطلاق الصواريخ والقذائف قد يوصل الرسالة، فالسلاح الغير مسيس قاطع للطريق، وانا اقول هنا الصاروخ الذي لا يخدم الهدف هو صاروخ قاطع للطريق، فعلى فصائلنا والتي نقف لها اجلالاً واكبارا لجهودها في تحرير الارض ومقارعة الاحتلال، لكن ما اقصده هو متى نهادن ومتى نقاوم..
الماكينة الإعلامية الصهيونية المنتشرة في شتى أنحاء المعمورة تقود حملة على قطاع غزة تهدف من خلالها تهيئة الرأي العام الدولي لقبول حرب وعدوان إسرائيلي جديد، وهذا يطرح مجموعة من التساؤلات:
1- هل قطاع غزة جاهز لحرب جديدة من النواحي اللوجستية والعسكرية والنفسية والسياسية والاقتصادية؟
2- هل البيئة الإقليمية والدولية تساعدنا في أي حرب مفترضة؟
3- هل فصائل المقاومة أعادت بناء قوتها التي استنزفت في حرب غزة؟
أعتقد جميع الإجابات لا، ففي قطاع غزة عشرات الأسر تقضي يومها في خيام على أنقاض منازلها المدمرة، وقد يحتمل المواطن الغزاوي برد الشتاء القارس ولكنه لا يحتمل عدوان جديد، وكذلك يجب أن لا تدخل المقاومة في المزاودة على بعضها البعض، لأن المرحلة الحالية تتطلب من المقاومة الفلسطينية الإعداد والعمل في صمت، لان الحرب الأخيرة أعطت معادلة جديدة للصراع، لذا ينبغي على فصائلنا المقاومة أن تعمل ضمن تكتيكات جديدة تتناسب مع حجم وقوة العدوان الذي مارسته إسرائيل ضد قطاع غزة العام الماضي.
أما فيما يتعلق بالبيئة الإقليمية والدولية فالمرحلة التي نعايشها اليوم والتي نشهد فيها انقسامات وأزمات كبيرة تجتاح المنطقة العربية، ولعل أزمة حماس ومصر مؤخراً بسبب الجدار الفولاذي وأحداث رفح المؤسفة قد تلقي تداعياتها على المقاومة الفلسطينية في أي عدوان إسرائيلي محتمل، لذا يجب على فصائل المقاومة اليوم أن تفوت الفرصة على إسرائيل عبر الالتزام بالتهدئة، واستغلال المرحلة الحالية في الإعداد والاعمار وإعادة الوحدة الوطنية والنضال الشعبي السلمي، فيجب أن تمارس غزة النضال الشعبي حتى نحرج إسرائيل وحلفائها، لان الجميع يصور غزة على أنها مسرح للعنف، ولكن غزة عكس ذلك، فهي من تحافظ على الحقوق وعلى الثوابت، وتستخدم كافة أساليب النضال بما فيها المسلح من أجل تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية.
بدأت محاولات بعض الغزيين للجوء إلى النضال السلمي وأعلنوا أن كل يوم اثنين هو موعد للتجمع، وانضم إليهم متضامنين أجانب، نتمنى على أبناء الشعب الفلسطيني والعالم الحر الانضمام إلى هكذا أنشطة، من خلال ذلك ستستفيد المقاومة من مرحلة الهدوء وستحرج إسرائيل وسننقل صورة أن غزة لديها خيارات عدة، والنضال الشعبي السلمي احد هذه الخيارات.
Hossam555@hotmail.com
الأربعاء، يناير 06، 2010
الحراك السياسي لعباس وحماس فماذا يدور في الأفق؟
حسام الدجني
حراك سياسي مكثف تشهده المنطقة هذه الأيام، جولات مكوكية يقوم بها القادة والساسة، مبادرات وخطط للسلام، صفقات سياسية وأخرى أمنية، تشنجات وخلافات سياسية، انقسام سياسي بين شطري الوطن، فماذا يدور في الكواليس هذه الأيام؟ وهل نحن مقبلون على مصالحة فلسطينية؟
قد لفت انتباه الجميع الجولات المكوكية التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل، ورئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، فقد زارا الاثنين معظم الأقطار العربية والإسلامية، وتحديداً الدول المؤثرة في المنطقة مثل مصر والسعودية وسوريا وليبيا وتركيا وغيرها، في مؤشر واضح بأن المنطقة مقبلة على تطورات قد تكون المصالحة الفلسطينية والعربية من أبرزها، وما يؤكد ذلك المدخلات السياسية التي طرأت في المنطقة ومن أبرزها:
1- شعور النظام الإقليمي العربي بتهديد أمريكي وإقليمي جديد قد يمس استقرار اليمن، وعبرت عن ذلك وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.
2- كل الأطراف تشعر بأزمة، ولذلك يرغب كل طرف من تحسين شروط تفاوضه للخروج إلى التوقيع على ورقة المصالحة المصرية.
3- بناء مصر لجدار فولاذي يفصل قطاع غزة عن مصر، وحملة الاحتجاجات والتباينات التي شهدتها المنطقة على خلفية هذا الملف.
4- تزامن زيارة مشعل للرياض مع كلاً من رئيس السلطة السيد محمود عباس والسيد جورج ميتشل.
5- تصريح الدكتور صلاح البردويل قبل يومين بأن مصر وافقت إلى الاستماع لملاحظات حماس على الورقة المصرية.
6- الحراك المصري لدفع عملية السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بمباركة أمريكية.
7- صفقة جلعاد شاليط وما وصلت إليه الأمور في هذا الملف.
عند النظر إلى المدخلات السياسية نجد أن هناك إدراكاً عربياً نشأ حول خطورة المرحلة التي نعايشها، فقد أصبح الأمن القومي العربي منتهكاً من الإدارة الأمريكية ومن أطراف إقليمية، فأزمة اليمن تهدد كل العرب، فعدم استقرار اليمن يهدد المملكة العربية السعودية، ويهدد الملاحة البحرية في مضيق عدن والتي تؤثر على قناة السويس وعلى مصالح المجتمع الدولي برمته، وهذا كله ناتج عن الفراغ السياسي الذي أحدثته الدول العربية الكبرى بعد التشرذم والانقسام الذي شهدته وما زالت تشهده المنطقة، والتدخل الأمريكي السافر في الشؤون العربية الداخلية من خلال المساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة لهذه الدول على حساب عناصر السيادة لهذه الدول، فالاتفاقية الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة للحد من تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، فرضت جداراً فولاذياً على مصر، والسبب غياب التلاحم والتوافق العربي، الولايات المتحدة ومعها إسرائيل وحلفائهما في المنطقة يصنعون الأزمات تلو الأزمات حتى تغرق المنطقة في انقسامات هنا وهناك، وعلى ما يبدو أدرك النظام العربي خطورة هذه الانقسامات، وأدركت معهم حركتا فتح وحماس خطورة المرحلة، فبدأت هذه الجولات لتحفظ كرامة وكبرياء الجميع وتعيد للقضية الفلسطينية رونقها وأهميتها ومحوريتها في المنطقة.
مصر دولة محورية وكبيرة في المنطقة فهي تدرك أكثر من غيرها خطورة المرحلة التي يمر بها النظام الإقليمي العربي، وهي عندما توافق على مناقشة ملاحظات حماس هذا لا ينتقص شيئاً من كبرياء مصر بل على العكس هذا يدلل على الدور والمكانة والسياسة الحكيمة التي تتمتع بها القاهرة، لأن تحقيق هدف الوحدة الفلسطينية هي الهدف الأسمى.
قد تكون الأيام المقبلة تحمل معها نسيم الوحدة بين فتح وحماس، ونسيم تحرير الأسرى من خلال صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، وقد تشهد المرحلة المقبلة عملية احتواء لحركة حماس والاعتراف بها كلاعب رئيس في أي عملية سلام مفترضة قد تشهدها المنطقة، وقد تكون القمة العربية المقبلة في ليبيا تحمل معها بذور الوحدة العربية، وحل النزاع داخل اليمن بما يضمن الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، وتحمل أيضا بذور التخلص من التبعية الأمريكية والغربية في المنطقة عبر دعم وتعزيز صمود الدول العربية من خلال توزيع عادل للثروات.
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
الثلاثاء، ديسمبر 29، 2009
في ذكرى انطلاقتها الخامسة والاربعين :فتح الى أين
حسام الدجني
من بيوت حي الزيتون بمدينة غزة انطلقت الفكرة، ومن عيلبون الحبيبة انطلقت الرصاصة في الاول من يناير عام 1965، هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، والتي انطلقت لهدف التحرير، وقدمت الغالي والنفيس لتحقيق الهدف، فهي حركة الشهداء والاسرى والجرحى، هي أم الجماهير، هي من أعاد معاني النصر بعد هزيمة حزيران 1967، هي حركة فتح، حركة الرئيس الشهيد ياسر عرفات وخليل الوزير ابو جهاد وأبو إياد وغيرهم المئات بل الآلاف.
نستذكر في ذكرى انطلاقة فتح عملية عيلبون والكرامة وغيرها، ولكن حركة فتح هي مجموعة من البشر ولا قدسية لغير القرآن والسنة النبوية وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسيرة خمس واربعون عاماً أصابت فيها فتح وأخفقت، فأين أصابت وأين أخفقت....
نبذة تاريخية
عندما قام القائد الكردي صلاح الدين الايوبي بالتفكير في تحرير بيت المقدس، التف العرب والمسلمون حوله، وقاتلوا كتفاً بكتف الى جانبه، وبعد وفاته أصبح اهتمام الدولة الايوبية بالحكم والسلطة والمال والجاه، فانفضوا الناس من حولها، وسقطت الدولة الأيوبية.
في الاول من يناير من العام 1965، قامت حركة فتح بنسف نفق عيلبون في اول عملية عسكرية لها في الارض المحتلة ليلة الجمعة أول كانون الثاني عام 1965. وبهذا كانت الشرارة الاولي لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.
ويصادف هذا العام أن يكون الاول من يناير يوم جمعة لنتذكر بطل تدمير نفق عيلبون الشهيد أحمد موسى إبراهيم الدلكي أول شهيد لحركة فتح.
بعد عملية عيلبون وانطلاق الثورة الفلسطينية التفت الجماهير الفلسطينية والعربية حول حركة فتح، لتصبح الحركة الاكبر، والسواد الاعظم من الشعب الفلسطيني، في اشارة واضحة ان الشعوب تبغض الاحتلال وترغب في مقاومته.
إنجازات فتح:
اعتذر من قرائي الكرام بأن خمس واربعون عاماً لا نستطيع ان نجمل كل الانجازات او الاخفاقات ولكننا نجتهد لعلنا نغطي الانجازات الاكثر أهمية.
1- من أهم انجازات فتح أنها نالت شرف الطلقة الأولى "الثورة الفلسطينية" بعد نكبة عام 1948.
2- حافظت على الهوية والكينونة الفلسطينية، في وقت سعت بعض الدول الى تذويب هذه الهوية.
3- دعمت صمود اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.
4- حافظت على النظام السياسي الفلسطيني عبر تعزيز المؤسسات السياسية الفلسطينية وبناء أركان الدولة الفلسطينية.
5- خففت من هول هزيمة حزيران، وحاربت التطبيع مع دولة الكيان.
6- صمودها الاسطوري في بيروت بعد حصار كبير وقاسي.
7- فضح الاحتلال الاسرائيلي في المحافل الدولية.
8- قيادة فتح للقيادة الوطنية الموحدة في الانتفاضة الاولى عام 1987، وقيامها بجانب الفصائل الاخرى بتلقين العدو دروساً قد لا ينساها من العمل المقاوم.
9- تشكيل خلايا كتائب شهداء الاقصى والقيام بعمليات نوعية ضد الاحتلال في انتفاضة الاقصى.
10- في عهد فتح قامت اول انتخابات ديمقراطية نزيهة شهد لها القاصي والداني.
إخفاقات فتح:
1- هيمنت حركة فتح على منظمة التحرير الفلسطينية، واستحوزت على القرار السياسي الفلسطيني وعلى المؤسساتية السياسية الفلسطينية.
2- شخصانية النظام السياسي الفلسطيني، وغياب الديمقراطية عن مؤسسات المنظمة، وتداعيات ذلك على القرار السياسي الفلسطيني.
3- تدخل المنظمة والتي تهيمن عليها فتح في شئون داخلية للدول العربية.
4- تدخل زعيم فتح الرئيس ياسر عرفات في ازمة الخليج وموقفه الداعم للرئيس صدام حسين في احتلال الكويت، والذي دفعت ثمنه المنظمة (بالاضافة الى اسباب اخرى) عبر توقيع اتفاق اوسلو.
5- توقيع اتفاق اوسلو وانشاء السلطة الفلسطينية على الرغم من بعض الايجابيات الموجودة بالاتفاق، الى ان انتقال فتح من مربع المقاومة الى مربع السياسة في ظل استمرار الاحتلال والظروف الاقليمية والدولية المحيطة يشكل اخفاقاً للمنظمة ومن خلفها فتح كونها تهيمن على مؤسسات المنظمة.
6- ذوبان فتح داخل مؤسسات السلطة والتي شابها الفساد والترهل والمحسوبية، القى بظلاله على مؤسسات الحركة فغابت وذابت داخل بوتقة السلطة الفلسطينية.
7- برنامج فتح الانتخابي في انتخابات الرئاسة، والذي غيب عسكرة الانتفاضة في ظل وجود احتلال قمعي غاصب.
8- قبول فتح بتدخلات اقليمية ودولية في نتائج الانتخابات التشريعية 2006 مما دفع بتفاقم الامور بين الاخوين الشقيقين فتح وحماس.
9- تجاوز فتح للدستور الفلسطيني وعدم احترام القوانين الفلسطينية، وتسخير طاقات منظمة التحرير الفلسطينية لقضايا خلافية داخلية، وغياب مؤسسات م.ت.ف عن القضايا الجوهرية.
10- حسم حركة فتح لمواقفها السياسية بما يتناسب ويتواءم مع محور الاعتدال، مما يدخلها في صراعات عربية عربية حركة فتح في غنى عنها كونها حر كة تحرر وطني.
11- أخفقت حركة فتح في مؤتمرها السادس عبر بعض الشبوهات التي رافقت نتائج الانتخابات الداخلية.
حركة فتح تحتاج الى مراجعة شاملة، تصوب الاخفاقات وتكرس الانجازات، وتعيد اللحمة الى الوطن، وتنهي الانقسام عبر توافق وطني فلسطيني، وتعود الى برنامجها التي انطلقت من أجله، فالاحتلال ما زال مستمراً، ورئيس السلطة الفلسطينية الامين العام لفتح محمود عباس اعلن فشل المفاوضات، فأين تسير فتح الان؟؟ هل تعود الى برنامجها وميثاقها الاول فتعود جماهيرية فتح، ام تبقى متمسكة بخيارات فاشلة من اجل المحافظة على إنجازات شخصية وعلى رواتب موظفين.
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@hotmail.com
الاثنين، ديسمبر 28، 2009
رسالة إلى المجتمع الغربي...من أين يأتي (الإرهاب) وكيفية التعامل معه
حسام الدجني
رسالتي موجهه إلى أجهزة الاستخبارات في دول العالم، والى صانعي القرار، والى مجلس الأمن الدولي، وكل من يهمه الأمر.
إلى كل من يتهم المقاومة بالإرهاب على الرغم من أن القانون الدولي أجاز مقاومة المحتل. ووفق القانون الدولي من حق البلدان التي تعرض للعدوان أو التهديد أن تقوم بتوفير جميع مستلزمات مقاومة العدوان وصده بمختلف الأشكال وبكل ما هو متاح ومتوفر لأبناء الوطن، ولكن ماذا نعمل مع عالم ظالم...
من أين يأتي (الإرهاب)؟
سؤال تبحث عن إجاباته منظومة دولية استخباراتية عظمى، تحاول تفكيك الشفرات، ولكنها تفشل، عقدت مئات ورش العمل، واستضافت الخبراء من كل الدول، وأنفقت المليارات ولكن (الإرهاب) والعنف مازال مستمراً، بل يزداد قوة وشراسة، لماذا؟
تشكل السياسات الدولية في الشرق الأوسط أحد أهم الأسباب وراء ازدياد وتنامي قوة (الجماعات الإرهابية) ومن ذلك:
1- ازدواجية المعايير التي يتعامل معها الغرب في إدارة الملفات في الشرق الأوسط هي من أهم منابع (الإرهاب والعنف) كما يحلو للغرب تسميته، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
* تعامل الغرب مع الديمقراطية، حيث يرى الغرب أن الديمقراطية يجب أن تكون على حسب المزاج العام الدولي وإلا... فالغرب قاطع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفرض عليها حصاراً سياسياً واقتصادياً لم يشهد له التاريخ المعاصر من قبل، إثر فوزها بالانتخابات التشريعية عام (2006)، بينما اعترف بحكومة يمينية صهيونية عنصرية لا تعترف بالاتفاقيات ولا بعملية السلام.
* الانحياز الكامل لإسرائيل، والتعامل بمكيالين مع قرارات الشرعية الدولية، فما يتعلق بإسرائيل هي غير ملزمة به، أما ما يتعلق بأي قطر عربي أو إسلامي، فحتمية التدخل العسكري للحلفاء أمر حتمي.
* التعامل مع الملف النووي الإيراني، وتجاهل الملف النووي الإسرائيلي.
2- شمولية النظام الإقليمي العربي، وغياب الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
3- تفشي الفقر والبطالة وتقسيم المجتمعات إلى طبقة ارستقراطية وطبقة مهمشة بل معدمة.
4- غياب التوزيع العادل للثروات في الشرق الأوسط.
5- الأطماع الاستعمارية للغرب في المنطقة، وسيطرتها على مقدرات الأمة.
6- التدخل الغربي السافر في الملفات والقضايا الداخلية للدول العربية والإسلامية.
7- إعطاء صبغة أيدلوجية على العلاقة بين الغرب والمسلمين، مثال على ذلك تصريح الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عندما أطلق تسمية الحروب الصليبية في حربه على الإسلام والمسلمين.
8- دكتاتورية الحريات الدينية في الغرب، حيث ينتهك شخص رسولنا الكريم محمد، وتمنع المآذن، ويعتقل العلماء، وتغلق المؤسسات بتهمة تمويل (الإرهاب)، بينما اللوبي الصهيوني يدعم إسرائيل التي تقتل وتفتك صباح مساء بالفلسطينيين وباللبنانيين.
9- تعزيز الدولة القطرية الضعيفة في العالم العربي والإسلامي، ومحاربة أي بذور وحدة بين الأقطار العربية والإسلامية، فهم اليوم يبتدعون الجدار الفولاذي بين مصر وغزة، وإذا نجح في خنق غزة، سيطبقونه في أفغانستان وإيران والسودان وكل الدول العربية.
10- تعزيز سياسة المحاور في الشرق الأوسط، والعمل على نقل الصراع السياسي بين المحورين إلى صراع عسكري، المستفيد الوحيد منه إسرائيل وحلفائها.
11- انتهاك كرامة المواطن العربي والإسلامي، من خلال انعدام السيادة الوطنية في البلدان العربية والإسلامية، فمعظم الدول يوجد بها قواعد وثكنات عسكرية للغرب.
12- عمليات التجسس العلني على الدول العربية والإسلامية بذريعة الإرهاب، وما القمر الاصطناعي الجديد التي أطلقته فرنسا (هيليوس-2ب) لمراقبة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خير دليل على ذلك.
13- انتهاك أعراض المسلمين في العراق على يد الشركات الأمنية الأمريكية بلاك ووتر وغيرها، فالمرأة العراقية ينتهك شرفها وتستغيث وتقول يا زعماء العرب، ولا أحد يستجيب.
ما سبق ليست هي إلا بعض من الأسباب التي تدفع من أبناء الأمة العربية والإسلامية من اللجوء إلى الاستشهاد في سبيل الله من أجل الدفاع عن كرامة الأمة وشرفها.
إستراتيجية مقترحة لمحاربة الإرهاب الدولي:
1- الانسحاب من أفغانستان والعراق وباكستان، وترك شعوب المنطقة لاختيار ممثليهم عبر انتخابات نزيهة.
2- حل الصراع العربي الصهيوني وفق قرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية، وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري من كل المناطق المحتلة.
3- تفكيك الملف النووي في كل دول العالم وعلى رأس ذلك إسرائيل.
4- العمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية في الأقطار العربية والإسلامية.
5- التوزيع العادل لثروات المنطقة.
6- إعادة النظر في السياسة الخارجية الأمريكية والتي تعتمد على منطق العصا والجزرة، والتدخل في الشئون الداخلية (الفوضى الخلاقة).
7- إغلاق معتقل غوانتانمو، والعفو عن المعتقلين الإسلاميين، والسماح بالحريات الدينية في الغرب.
8- بناء علاقات بين الدول على أساس الاحترام والمصالح دون الإساءة والتدخل في شئون الآخر.
9- تفكيك القواعد العسكرية الأمريكية من الشرق الأوسط، والعمل على تأمين مصالح الدول الغربية من خلال الدول العربية والإسلامية.
في حال قامت الولايات المتحدة والمجتمع الغربي بالعمل على إنهاء الملفات الساخنة من خلال ما سبق، لن تجد أي مواطن من الممكن أن يلجأ إلى التطرف، بل سيعمل الجميع من أجل الاهتمام في تطوير قدرات بلدانهم، ولكن هذا بعيد كل البعد عن السياسة وقد يقول البعض أن هذه أحلام يقظة، وأنا أقول إن الواقع الصحي هو ذلك وأن البديل عن ذلك هو مزيد من التطرف ومزيد من العنف ومزيد من المقاومة.
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الخميس، ديسمبر 17، 2009
المجلس المركزي وتمديد ولاية الرئيس عباس
حسام الدجني
عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعا هاماً، ناقش خلاله قضايا بالغة الحساسية من أبرزها تمديد ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وذلك لسد الفراغ الدستوري بعد الرابع والعشرين من يناير/2010.
حيث ترفض حركة المقاومة الإسلامية حماس هذه القرارات، وترى حماس أن أي قرار لا ينسجم مع الدستور الفلسطيني هو قرار غير ملزم للشعب الفلسطيني.
هنا نطرح عدة تساؤلات: من هو المجلس المركزي؟ وما علاقته بالسلطة الفلسطينية؟ وما مدى شرعيته؟ وما هي علاقة حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية؟ ما علاقة م.ت.ف بالسلطة الفلسطينية؟ وهل يحق له حل المجلس التشريعي أم لا؟
المجلس المركزي:
هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، وهو مسئول أمامه ويشكل من بين أعضاءه، ويتكون من أعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وعدد من الأعضاء يساوي على الأقل ضعفي عدد أعضاء اللجنة التنفيذية، ويبلغ عدد أعضائه 130 عضواً يمثلون فصائل حركات المقاومة والاتحادات الشعبية والكفاءات الفلسطينية المستقلة، يجتمع المجلس المركزي مرة كل شهرين على الأقل بدعوة من رئيسه، ويترأس جلسات المجلس ويديرها رئيس المجلس الوطني السيد سليم الزعنون، ويقدم تقريراً عن أعماله إلى المجلس الوطني عند انعقاده، ويعقد المجلس الوطني جلسات طارئة بناء على طلب من أعضاء اللجنة التنفيذية، وتتخذ قرارات المجلس بأكثرية أصوات الحاضرين.
علاقة المجلس المركزي بالسلطة الفلسطينية:
تربط المجلس المركزي علاقة قانونية بالسلطة الفلسطينية، فهو من أصدر قرار إنشاء السلطة الفلسطينية وهو من يمتلك قرار حلها، ولكن بشرط صيرورة شرعيتها وتمثيلها لكل مكونات وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، حيث أصدر المجلس المركزي في دورته المنعقدة من 10-12/10/1993 في تونس القرار التالي:
أولاً: تكلف اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية من عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية وعدد من الداخل والخارج.
ثانياً: يكون السيد ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيساً لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية.
شرعية المجلس المركزي:
المجلس المركزي يستمد شرعيته من شرعية المجلس الوطني الفلسطيني، حيث يعتبر المجلس الوطني الفلسطيني الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها، وتنص المادة 1 من قرار إنشاء المجلس المركزي:" ينشأ مجلس مركزي، يشكل من بين أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني وتكون مدته التي تنقضي بين كل دورتين عاديتين من دورات المجلس ويرأسه رئيس المجلس الوطني". مع العلم أن المدة بين الدورتين العاديتين هي ثلاث أعوام، وهنا نطرح تساؤلاً: كم دورة اجتمع المجلس الوطني منذ تأسيسه وحتى الآن؟ فحسب نص المادة 7-أ من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية "المجلس الوطني الفلسطيني هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها".
وحسب اللائحة الداخلية التي تنظم عمل المجلس الوطني الفلسطيني، فقد حددت في الباب الثاني –الفصل الأول (انعقاد الجلسات)- المادة 18: ينعقد المجلس دورياً بدعوة من رئيسه مرة كل سنة أو في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلب من اللجنة التنفيذية، أو من ربع عدد أعضاء المجلس، فإذا لم يدع رئيس المجلس إلى مثل هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع منعقداً حكماً بالمكان والزمان المحددين في طلب أعضائه أو طلب اللجنة التنفيذية.
عقد المجلس الوطني دورته الـ 21عام 1996م في قطاع غزة، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وتم إلغاء بعض مواد الميثاق الوطني الفلسطيني، وحتى اليوم لم ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني بشكل قانوني، لأنه حسب الفصل الأول من الباب الثاني مادة 19: لا يجوز انعقاد المجلس إلا باكتمال النصاب القانوني من ثلثي أعضائه على الأقل.
وهنا ينبغي القول أنه لا يوجد فلسطيني يعلم عدد أعضاء المجلس الوطني، فهناك أعضاء توفاهم الله، وآخرون بلغوا من العمر عتيا، وهناك من اعتزل الحياة السياسية، إضافة إلى المتغيرات السياسية داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، وبروز تيارات فلسطينية لها وزنها السياسي والجماهيري خارج أطر منظمة التحرير الفلسطينية كحركة حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية وغيرها.
المجلس المركزي حاله كحال بقية مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، فبعد أن أصدر قراره بإنشاء السلطة الفلسطينية، غاب وغابت معه منظمة التحرير الفلسطينية عن القرار الوطني الفلسطيني، حيث حددت اللائحة الداخلية للمجلس المركزي في الفصل الثالث المادة الثامنة: "ينعقد المجلس دورياً بدعوة من رئيسه، مرة كل ثلاثة أشهر، أو في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلب من اللجنة التنفيذية أو من ربع عدد أعضاء المجلس وتوجه الدعوة للاجتماع قبل موعد الانعقاد بوقت معقول ويرفق بالدعوة مشروع جدول الأعمال".
علاقة حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية:
حسم العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس يشكل أساساً لبناء نظام سياسي فلسطيني قوي، والتوصل إلى استراتيجية ورؤية لآليات تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني من خلال توحيد الجهود والطاقات بين القوى الوطنية في الداخل والخارج، حيث يشوب الغموض في العلاقة بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، فحماس التي انطلقت في 14/12/1987م، أفردت في ميثاقها في المادة السابعة والعشرون:" منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية، ففيها الأب أو الأخ أو القريب أو الصديق، وهل يجفو المسلم أباه أو أخاه أو قريبه أو صديقه. فوطننا واحد ومصابنا واحد ومصيرنا واحد وعدونا مشترك".
أما م.ت.ف فترى في حركة حماس مشروع بديل لها في المنطقة، له امتدادات أيدلوجية، كون الحركة الإسلامية خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين.
لذا تنتاب علاقات منظمة التحرير الفلسطينية بحماس أزمة ثقة وخلاف سياسي وأيدلوجي، يحتاج إلى جهود جبارة للتوصل إلى قواسم مشتركة، قد يكون إعلان القاهرة (2005) ووثيقة الوفاق الوطني واتفاق مكة أرضية جيدة لذلك.
علاقة م.ت.ف بالسلطة الفلسطينية:
العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية هي علاقة مبتورة، حيث لم ينظم النظام الأساسي للمنظمة طبيعة العلاقات بين الطرفين، سوى قرار إنشاء السلطة الفلسطينية في تونس عام 1993، حتى سادت السلطة ومؤسساتها على حساب منظمة التحرير الفلسطينية، والآن يدفع النظام السياسي الفلسطيني ثمن هذه العلاقة وهذا الترهل لمؤسسات المنظمة.
هل يحق للمجلس المركزي حل المجلس التشريعي؟
بتاريخ 13/8/2005 قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس إضافة مادة إلى القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) حيث تقول المادة 47 مكرر: تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري".
وبهذه المادة حسم الرئيس محمود عباس جدلاً سياسياً حول شرعية المجلس التشريعي الأول، والتي استمرت ولايته أكثر من 10 سنوات.
نكرر ما قلناه سابقاً أنه في حال تم تجديد شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل مؤسساتها، وإعادة الحياة الديمقراطية إليها عبر توافق وطني، ودخول كل القوى الوطنية والإسلامية إلى مؤسسات المنظمة، وإعادة تنظيم العلاقة بين م.ت.ف والسلطة الفلسطينية عبر تعديل في النظام الأساسي للمنظمة، يستطيع المجلس المركزي حل السلطة برمتها، والمجلس التشريعي هو أحد مكونات النظام السياسي الفلسطيني في الداخل.
Hossam555@hotmail.com
السبت، ديسمبر 12، 2009
الجدار الفولاذي والمصالحة الفلسطينية
حسام الدجني
طالعتنا صحيفة هآرتس العبرية قبل يومين بخبر مفاده ان السلطات المصرية تستعد لبناء جدار فولاذي بعمق 30 متراً تحت الأرض للحد من عمليات التهريب المستمرة بين قطاع غزة المحاصر وجمهورية مصر العربية.
عند التدقيق فيما ينشره الاعلام الغربي عموماً، والاعلام الاسرائيلي على وجه الخصوص، نرى انسجاماً واضحاً وملموساً في كلا الاعلامين في تحقيق هدف واحد وهو ضرب العلاقات العربية والاسلامية بعضها ببعض، عبر اشاعة أخبار تضليلية لا أساس لها من الصحة، ترغب من خلال نشرها صناعة ارباك وأزمات جديدة، لتفاقم الأزمات الموجودة أصلاً في منظومة العلاقات الدولية وخصوصاً بين أقطار الدول العربية والاسلامية.
عند العودة الى موضوع الجدار الفولاذي والتي تتمنى اسرائيل أن يتم تشييده، وتضغط على الولايات المتحدة بشكل دائم من أجل تمويل المشروع سواء كان فولاذياً أو عبر بناء قناة مائية على محور فيلادلفي، أو غير ذلك يطرح تساؤلاً لماذا لم تقم اسرائيل ببناء الجدار الفولاذي او القناة المائية وهي كانت مسيطرة على محور فيلادلفي لأكثر من ثلاثين عاماً والتهريب كان مستمرا حينها؟
الجواب واضح وهو أن اسرائيل تريد اقحام النظام الرسمي العربي في صراعات جانبية وانقسامات جديدة، ويرغب في حرف البوصلة عند فصائل المقاومة الفلسطينية عبر صناعة أزمة بين مصر وبين قطاع غزة، تستفيد منها اسرائيل عبر استنزاف طاقات وقدرات الطرفين.
وتهدف اسرائيل من وراء تسريب هذا الخبر توتير أجواء المصالحة الفلسطينية والتي ترعاها الشقيقة مصر، من خلال ترهيب الأطراف المعنية وخصوصاً حركة المقاومة الاسلامية "حماس" والتي لديها بعض التحفظات على ورقة المصالحة الفلسطينية، بأن مصر تستيطيع انهاء ظاهرة الأنفاق خلال مدة قصيرة، فالأنفاق هي المتنفس الحصري والوحيد لسكان قطاع غزة بعد فرض اسرائيل حصاراً اقتصادياً شاملاً على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات.
ولكن هل من الممكن أن تقوم مصر بهكذا خطوة؟
في يناير من العام 2008 وعندما دخل الغزيون الحدود المصرية، كانت ردة فعل الرئيس المصري محمد حسني مبارك لقوات الامن المصرية: "اتركوهم يدخلوا ليأكلوا وليشتروا الاغذية ثم يعودوا (الى غزة) طالما انهم لا يحملون اسلحة".
هذا الموقف الشجاع للرئيس المصري لم يكن عفوي، فالرئيس المصري استند على طبيعة العلاقات المصرية الفلسطينية وخصوصاً مع قطاع غزة، فمصر ترى في قطاع غزة عمقاً استراتيجياً لأمنها القومي، وليس في مصلحة مصر (بغض النظر من يحكم قطاع غزة) أن تكون غزة منطقة صراع، فاستقرار القطاع من استقرار محافظة شمال سيناء، إضافة الى العلاقات التاريخية التي تربط غزة بمصر، والتي روى الجيش المصري ثرى قطاعنا الحبيب في العديد من المعارك والحروب مع الاحتلال الاسرائيلي، اضف الى ذلك النظرة الانسانية الى واقع الأمور في قطاع غزة، وخصوصاً بعد الحرب الاخيرة، كذلك البعد الاقتصادي والتي يستفيد منه النظام المصري، لأن غزة اكبر سوق استهلاكية في الشرق الاوسط.
لا يوجد عاقل في الدنيا قد يمتلك قرار بناء جدار فولاذي بين غزة ومصر الا العدو الصهيوني فمصر دولة لها كبريائها ولا تسمح لاسرائيل او الولايات المتحدة باللعب في الساحة المصرية، طالما بقي الحصار ستبقى شرايين الحياة المصرية تضخ في قطاع غزة.
ينبغي على الجميع عدم التساوق مع الاعلام الغربي او الاسرائيلي، وينبغي على الحكومة المصرية النفي القاطع والعاجل لأي اراجيف او اكاذيب يبثها الاعلام الاسرائيلي فوراً، مع ضرورة العمل مع كل الاطراف على رفع الحصار عن غزة.
كاتب وباحث فلسطيني
ossam555@hotmail.com
الاثنين، ديسمبر 07، 2009
الأمن القومي المصري والخيارات المتاحة
حسام الدجني
عند الحديث عن الأمن القومي لأي دولة لابد من التطرق إلى عناصر القوة والضعف للدولة, من خلال تحليل جيوبوليتيكي لجغرافية الدولة المراد دراستها.
جمهورية مصر العربية دولة تقع في أقصى الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، ويقع جزء من أراضيها وهي شبه جزيرة سيناء في قارة آسيا.
تبلغ مساحة جمهورية مصر العربية 1001450 كم2, بينما يبلغ عدد سكانها 74 مليون نسمة.
تطل مصر على جبهتين بحريتين هما البحر المتوسط, والبحر الأحمر, وتسيطر على خليج السويس وتطل على نهر النيل وعلى خليج العقبة.
تبلغ مساحة الحدود البحرية لجمهورية مصر العربية 2450كم, بنما تبلغ مساحة الحدود البرية 2689 كم.
تجاور جمهورية مصر العربية أربع بلدان وهي (إسرائيل-الأراضي الفلسطينية-ليبيا- السودان), ويرى علماء الجغرافيا السياسية أن أهمية موقع الجوار للدولة لا يتحدد بعدد دول الجوار لها فقط, بل إلى معرفة حجم سكان الدولة إلى مجموع سكان الدول المجاورة لها, وبما أن عدد سكان جمهورية مصر العربية يبلغ 74 مليون نسمة ومجموع عدد سكان الدول المجاورة يبلغ 56.9 مليون نسمة بنسبة 1 :1.3, لصالح مصر، إذاً المؤشر الديمغرافي يعطي مصر عنصر قوة .
الأمن القومي المصري:
مصر دولة كبيرة ومحورية في المنطقة، وتشكل أمل الأمة العربية والإسلامية، فهي تمتلك جيش قوي ومنظم، مدحه رسولنا الكريم قبل أن يمتدحه عبيده، هذا التمييز دفع من العديد من الأطراف الإقليمية والدولية على منافسة دور مصر الريادي في العديد من الملفات في المنطقة، وتعدى ذلك إلى العمل على تهديد الأمن القومي المصري، ولعل أبرز تهديد يواجه الأمن القومي المصري متمثل في دولة إسرائيل والتي تربطها اتفاقية سلام مع جمهورية مصر العربية (كامب ديفيد عام 1979م)، وعلى الرغم من العلاقات المتينة بين النظام المصري الحاكم وبين الحكومة الإسرائيلية, والتي أبرم خلالها الطرفان العديد من الاتفاقات التجارية أبرزها تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، تعمل الحكومة الإسرائيلية وبالتعاون مع الإدارة الأمريكية على تنمية استثماراتهما في مشاريع في أثيوبيا، حيث تعد أثيوبيا من دول منابع نهر النيل، حيث تستثمر إسرائيل علاقاتها الإستراتيجية مع أثيوبيا فزاعة للأمن القومي المصري، وتهديد للأمن المائي في مصر والسودان.
إضافة إلى ذلك تشكل الترسانة النووية الإسرائيلية أيضاً تهديداً للأمن القومي العربي برمته، ومصر قلب العالم العربي فهي أيضاً تدخل ضمن تهديد إسرائيل، كون أطماع إسرائيل كما تظهر على علم دولتهم هي من النيل إلى الفرات.
أيضا ما ينجم عن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وتهويدها للقدس يجعل من المنطقة منطقة لا استقرار وهذا له تأثيراً مباشراً على الأمن القومي المصري كون مصر لها ارتباطات تاريخية وثقافية مع الشعب الفلسطيني ومع قضيته العادلة.
الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس وانهيار المفاوضات والحصار المفروض على غزة البوابة الشمالية لمصر، يمثل تهديد للأمن القومي المصري، لأن الحصار والفقر والجوع يعزز الإرهاب، وأول من يكوى من نار الإرهاب هي مصر، لذلك على القوى الوطنية والإسلامية العمل على إنجاح الدور المصري في تحقيق المصالحة الوطنية وعلى الجانب المصري فتح معبر رفح وإبعاده عن التجاذبات السياسية، فمن غير المعقول أن تتنصل إسرائيل من التزاماتها مع منظمة التحرير ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتلغي ضمنياً كافة الاتفاقيات الموقعة وعلى رأسها أوسلو ونحن العرب متمسكين باتفاقية المعابر لعام 2005، فنتمنى على مصر العروبة العمل على فتح المعبر بشكل دائم، لأننا جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، وأملنا كبير في مصر العروبة.
تشكل أزمة دارفور وتدويل القضية من أجل تقسيم السودان الشقيق ونهب ثرواته تهديداً للأمن القومي المصري، فاستقرار السودان من استقرار مصر والعكس صحيح.
الصومال وما يدور بها من اضطرابات وتدخلات إقليمية ودولية وعمليات قرصنة تؤثر على الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، وتأثيرات ذلك على الاقتصاد المصري وعلى أمنه القومي.
الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات ديون دبي وأثرها على الاقتصاد المصري، وحجم البطالة والفقر داخل المجتمع المصري.
توتر العلاقات المصرية الإيرانية وتخوف مصر من خطر تصدير الثورة الإسلامية إليها، أدخل مصر في صراع مع العديد من الأطراف ذات العلاقة مع إيران، ومن هؤلاء حزب الله اللبناني وغيره ، وهذا يؤثر على مجالات أخرى كالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الخيارات المتاحة أمام النظام الحاكم في مصر:
1- تمحور مصر وانكفائها على ذاتها وحسابها على طرف في مواجهة طرف آخر قد يقوض من محورية دورها ولعل هذا يقع على كاهل الدبلوماسية المصرية التي من المفترض أن تكون نشطة في كل الملفات، مصر دولة كبيرة بشعبها وبنظامها السياسي وبمؤسساتها العريقة وبقضائها المستقل، الخارجية المصرية تحتاج إلى إعادة النظر في العديد من الملفات، وأن تكون نزيهة وعادلة عند تدخلاتها فمن الخطيئة السياسية أن تحسب مصر نفسها على محور معين سواء كان معتدلاً أم ممانعاً, فمصر أم الدنيا، هي الوسيطة بين الأشقاء الفلسطينيين وبين السودانيين وبين اليمنيين والصوماليين، يجب أن تتمتع مصر بعلاقات حميمة مع الجميع.
2- التخلص من التبعية للرأسمالية العالمية والاعتماد على الاقتصاد الحر وعلى القرار السيادي المصري الخالص يجعل من مصر دولة كبيرة وتعود لها محوريتها وأهميتها في حماية المصالح العربية والإسلامية، وعلى الأحزاب المصرية العمل على توحيد الجهود والتكاتف مع النظام المصري الحاكم لبناء إستراتيجية جديدة تدافع عن مصر وعن الأمة العربية والإسلامية وتحافظ على المصالح الإستراتيجية والأمن القومي العربي.
3- وقف نزيف هجرة العقول المصرية الى خارج مصر والعمل على وضع سياسات جديدة تستفيد من هؤلاء العقول لتطوير قدرات مص في شتى المجالات.
4- تذويب قضايا الأقليات في مصر عبر تبني استراتيجيات إعلامية تلزم الأقباط والمسلمين بها.
5- بناء علاقات متوازنة مع الدول العربية والإسلامية، ومن بين هذه الدول سوريا وإيران.
6- بناء علاقات مع حركات المقاومة في العالم العربي والاسلامي سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان أو أفغانستان، لأن عدم احتضان مصر للمقاومة يضعف دورها في صنع السلام.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الاثنين، نوفمبر 09، 2009
الحرب الإسرائيلية القادمة متى وأين
حسام الدجني
وصلني مساء اليوم الأحد رسالة مفادها أن "الجبهة الداخلية الإسرائيلية تخلي بعض المستشفيات بشكل مفاجئ"، مصدر الرسالة موثوق، ولكن أسباب الإخلاء غير معروفة، فهل المؤشرات العامة في دولة الاحتلال تؤكد سيناريوهات الحرب؟ وهل هناك موعد محدد؟ ومع من هذه الحرب؟.
مؤشرات تؤكد أن إسرائيل قادمة على حرب منها:
1- طبيعة وثقافة المجتمع الصهيوني، حيث أصبحت ثقافة القتل والاحتلال سمة تميز هذا المجتمع وتدعم بقائه ووحدته كونه يتكون من قوميات وثقافات مختلفة.
2- 'جونيبر كوبرا' اسم المناورة الإسرائيلية الأمريكية المشتركة والتي تهدف إلى تعزيز قدرات إسرائيل الدفاعية خوفاً من صواريخ إيرانية أو أي تهديد خارجي محتمل.
3- أنجيلا ميركل تصرح أمام الكونغرس الأمريكي: أمن إسرائيل لم يكن أبدا بالنسبة لها مسألة قابلة للتفاوض، وقالت من يهدد إسرائيل يهددنا نحن أيضا، في رسالة إلى إيران وحلفائها في المنطقة، ودعم للكيان الصهيوني.
4- رئيس الاستخبارات الإسرائيلية ,عاموس يدلين, يزعم أن حركة حماس قامت قبل عدة أيام بتجربة ناجحة على صاروخ إيراني يصل مداه إلى 60 كلم ويستطيع أن يصل إلى تل أبيب، ويندرج هذا التصريح ضمن استراتيجية تنتهجها قوات الاحتلال من أجل خلق مبررات أمام المجتمع الدولي، وأمام حلفاء إسرائيل بضرورة ضرب حماس.
5- تكثيف نشاط قوات الكوماندوز الإسرائيلية في عرض البحر وعملية القرصنة التي أسفرت عن السيطرة على سفينة تزعم إسرائيل أنها إيرانية ومحملة بالأسلحة، هي أيضا تندرج ضمن الاستعدادات الأخيرة للحرب.
6- طبيعة الائتلاف الحاكم في إسرائيل يوحي بأن هذه الحكومة هي حكومة متطرفة وبعيدة كل البعد عن عملية السلام والتي أعلن وفاتها الرئيس محمود عباس قبل ثلاث أيام.
7- موقف إسرائيل من سيناريو الصفقة الشاملة مع إيران قد يدفع إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران.
8- فشل عملية السلام يطرح البديل الآخر في التعاطي مع المعطيات الجديدة في المنطقة (المقاومة).
9- تمرير تقرير غولدستون في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد يدفع إسرائيل إلى صناعة أزمات جديدة في المنطقة لحرف الأنظار عن تداعيات التقرير.
10- رغبة إسرائيل في الثأر من حزب الله بعد انتصار تموز عام 2006 وتقرير لجنة فينوغراد، وإعادة الثقة لجنوده وصناعاته العسكرية، فبعد تفجير المركاباه 4 الأكثر تحصينا، أدخل الآن مدرعات أكثر تحصيناً ومزودة بتقنيات تكنولوجية حديثة.
وهناك العديد من المؤشرات على صعيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتهيئة الرأي العام الإسرائيلي بذلك، وعلى صعيد المتغيرات الإقليمية والدولية.
أما بخصوص موعد هذه الحرب فلا أحد يستطيع التكهن بموعد ساعة الصفر لأن مثل هكذا أمور تتم في الغرف المغلقة، ولكن نستطيع ضمن المؤشرات السابقة ان نتوقع أن هناك حرباً تلوح في الأفق، وستكون حرباً فاصلة، حيث المناخ العام في الوقت الراهن يدعم قيام الحرب، فالولايات المتحدة منهمكة في ملفات أفغانستان والعراق والأزمة الاقتصادية وغير ذلك من الملفات، والشرق الأوسط أصبحت منطقة ملتهبة، فاليمن والسعودية منشغلون في معالجة أزمة الحوثيين، والعلاقات الملتبسة بين المذهبين السنة والشيعة، احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاثة وتداعيات ذلك على أمن المنطقة برمتها, السودان وأزمة دارفور، فلسطين والانقسام بين الضفة المحتلة وقطاع غزة، ولبنان وتشكيل حكومته، وعلاقات دول الخليج العربي الملتبسة مع إيران، وملف أفغانستان والعراق وأزمة الأقليات، ومياه نهر النيل، والفقر ، والتفكك والتشرذم والضعف العربي، وغياب الديمقراطية، والتبعية السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة والنظام الرأسمالي.
قادة إسرائيل على قناعة تامة أن الحرب قادمة لا محالة، ولكن من أين ستبدأ؟ الهدف الرئيس ضرب مشروع المقاومة... والحفاظ على توازن القوة في منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل هي أقوى دولة من حيث القوة العسكرية والاقتصادية في الشرق الأوسط، المشروع النووي الإيراني هو الهدف الأكبر، ولكن سيناريوهات ضرب إيران قد يفتح جبهات أخرى وهذا متوقع، فحزب الله الحليف الاستراتيجي لإيران، والابن المدلل لها لن يقف ساكناً في حال توجيه ضربة لإيران، وقد تمثل صواريخ حزب الله خطورة على امن إسرائيل أكثر من الصواريخ الإيرانية نفسها، لأن الجغرافيا تكون لاعباً في هكذا أمور.
حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها فصائل المقاومة هم حلفاء سياسيون لطهران تتقاطع رؤيتهم معها في ضرب المشروع الصهيوني في المنطقة، ويتلقون دعماً إيرانيا سخياً لتحقيق ذلك، وذلك بعد أن عجز النظام الرسمي العربي من ملئ هذا الفراغ في المنطقة، ولكن حماس قد لا تغامر في الدخول في حرب قد تكون هي من أكبر الخاسرين فيها، كون طبيعة المنطقة الجغرافية التي تسيطر عليها حماس (قطاع غزة)، والحصار المفروض على القطاع منذ ثلاث سنوات وأكثر.
ولكن هنا ينبغي العمل مع جميع الأطراف في المنطقة على الإسراع في إبرام مشروع المصالحة الذي ترعاه مصر، وتوحيد الجهود العربية والإسلامية من خلال رؤية واستراتيجية موحدة للمرحلة المقبلة لان الحالة الفلسطينية بشكلها الحالي تمر في مأزق ومنعطف خطير، قد يفتح شهية إسرائيل على توجيه ضربة لقطاع غزة ولمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة.
مما سبق من الممكن التوقع ان إسرائيل قد تبدأ الحرب على جنوب لبنان من خلال توجيه ضربة عسكرية لحزب الله، وقد تشير المعطيات في الساحة اللبنانية ان حزب الله يستعد لـ هكذا سيناريو، ويأتي التوافق اللبناني على تشكيل حكومة وحدة وطنية ضمن هذا الاستعداد لان الحزب يحتاج إلى شرعية سياسية وهو يقاتل إسرائيل، لان ذلك سيخدمه في إدارة صراعه مع دولة الاحتلال.
وأعتقد ان غزة قد تكون بعيدة عن حرب إسرائيلية مقبلة في هذه المرحلة ولكن أيضاً هناك تخوفاً لدى فصائل المقاومة من تفكك وضرب محور الممانعة والتي هي جزء رئيس ضمن هذا المحور، وتخشى أن تأكل كما أكل الثور الأبيض، فضرب إيران وحزب الله هو ضرب لسوريا وحماس والجهاد، ولكن الاستراتيجية العربية الموحدة هي التي من المفترض أن تجيب على هكذا سيناريوهات وان تكون جاهزة وتعرف ماذا تريد؟ وماذا ممكن أن تفعل في حال اشتعلت الحرب والتي لا أحد يتمناها.
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
السبت، أكتوبر 31، 2009
مهرجان الشقاقي الملاحظات والدلالات
رحم الله شهيدنا ومعلمنا وقائدنا ومفكرنا الشهيد فتحي الشقاقي وكل شهداء الثورة الفلسطينية في ذكرى استشهاده، والتي كان لها شكل مختلف عن سابقاتها من المناسبات، حيث خرجت غزة هاشم عن بكرة أبيها لتبايع الله ثم تبايع منهج المقاومة لأنه هو السبيل للتحرير واسترداد الحقوق المسلوبة من احتلال لا يفهم إلا لغة واحدة هي لغة الحراب.
مهرجان الشقاقي يأتي هذا العام والانقسام أصبح قاب قوسين أو أدنى، حيث إرهاصات زوال الانقسام بين شطري الوطن الواحد تلوح في الأفق، ليس لحساب المصالحة والوحدة بل ليتجسد الانفصال بين قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية المحتلة، وذلك على خلفية المرسوم الرئاسي للسيد محمود عباس وتداعياته على النظام السياسي الفلسطيني.
مهرجان الشقاقي يأتي في وقت حرج تمر به القضية الفلسطينية، فهناك منهجان في الساحة الفلسطينية، المنهج الأول يحكم الضفة الغربية وتمثله حركة فتح، ويرى هذا المنهج أن المفاوضات خيار استراتيجي للحصول على الحقوق والثوابت، ترافقها المقاومة السلمية، ويرفض هذا المنهج خيار عسكرة الانتفاضة، ويخضع إلى ابتزاز سياسي، وينسق أمنياً مع الاحتلال الصهيوني لضرب خلايا المقاومة العاملة في الضفة الغربية من حماس والجهاد الإسلامي وغيرها.
أما المنهج الثاني ويحكم قطاع غزة ويمثله حركة حماس ويرى أن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي لاسترداد الحقوق والحفاظ على الثوابت، ولكنه يعاني من مأزق المزاوجة بين المقاومة والعمل السياسي بعد دخوله المعترك السياسي.
جسد مهرجان الشقاقي ثقافة المقاومة التي يحياها قطاع غزة وتزداد شعبيتها يوماً بعد يوم، ولكن دون مجاملة قد يحمل مهرجان الشقاقي مجموعة من الملاحظات التي يتمنى كل غيور على منهج المقاومة أن يعمل على تحقيقها وهي:
نحن نعيش في مرحلة حرجة تحتاج إلى تكاتف كل الجهود لحماية ودعم منهج المقاومة والتحرير في مواجهة منهج الاستسلام والتفريط، لذا أطرح بعض التساؤلات المشروعة:
• أين باقي فصائل المقاومة من هذا الاحتفال؟
• لماذا لم نتعامل على أن المشاركة في هكذا احتفالات على أنها استفتاء لمشروع المقاومة الذي سلكه الشقاقي والياسين وأبو مصطفى وعرفات وغيرهم؟
• المجتمع الدولي وإسرائيل ومعهم بعض دول الإقليم يسهرون الليالي لضرب مشروع المقاومة في الشرق الأوسط، فماذا نحن فاعلين في مواجهة هذا الخطر؟
• "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" مثل نأخذ منه عبرة واحدة انه إذا لم تتحد جهود فصائل المقاومة ومن يناصرهم، فسيذوب المشروع وستذوب المقاومة.
لا يكفي حديث القادة والنخب عن المقاومة والتحرير وعن العمليات الاستشهادية وعن ضرب الصواريخ، وعلى الأرض تربية وتعبئة حزبية مقيتة، كفى .. نحن الآن نعيش مرحلة حرجة من مراحل النضال الفلسطيني، فيجب على فصائل المقاومة العمل على توحيد الجهود وتعزيز ثقافة المحبة والتسامح والعطاء، ونشر قيم الإسلام العظيم، وتركيز الجهود في إنضاج مشروع التحرير، والعمل على تعرية كل المندسين والطارئين على قضيتنا العادلة، وتوجيه البوصلة نحو إسرائيل، لأنها هي العدو الرئيسي لفتح ولحماس وهي من اغتالت الدكتور فتحي الشقاقي...
نتمنى ان تكون ذكرى استشهاد الفارس فتحي الشقاقي، ذكرى وحدة تعيد فتح وحماس والجهاد والشعبية والكل الوطني الفلسطيني لمربع مقاومة المحتل، فعدونا كما أسلفنا لا يعرف إلا لغة الحراب.
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الجمعة، أكتوبر 23، 2009
التداعيات السياسية للمرسوم الرئاسي وخيارات حماس
أصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً رئاسيا يحدد يوم الرابع والعشرون من يناير المقبل موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة, في ظروف معقدة تمر بها القضية الفلسطينية ضمن نتاج طبيعي للانقسام الجغرافي والسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
المشكلة هنا ليست في المرسوم الرئاسي فهو مرسوم دستوري، ولكن المشكلة تكمن في ما تمر به الحالة السياسية الفلسطينية في الوقت الراهن من انقسام أجهض المؤسساتية السياسية الفلسطينية، حيث شكل الصراع على الشرعيات سمة من سمات النظام السياسي الفلسطيني حتى وصلنا الى حالة اللاشرعية، ووضعنا القانون جانباً، وأصبحنا نبحث عن شرعيات سياسية سواء كانت من الجامعة العربية أو من إسرائيل أو من طهران أو من المجتمع الدولي.
فلو نظرنا إلى مكونات النظام السياسي الفلسطيني لوجدنا أن معظم مكونات هذا النظام أصيب جراء الانقسام، فمؤسسات المجتمع المدني تم السيطرة عليها، والفصائل الفلسطينية أصبحت فصائل تابعة للمنهجين السائدين في الحالة الفلسطينية، وكذلك المؤسسات السياسية معطلة فالمجلس التشريعي عطل، والحكومة في قطاع غزة مقالة وحكومة سلام فياض غير شرعية لأنها لم تنال ثقة المجلس التشريعي حسب القانون الأساسي، والرئيس جدد له عبر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي أيضا تحتاج إلى تجديد شرعيتها الدستورية عبر عملية إصلاح وتفعيل لمؤسساتها.
إذا نحن على مفترق طرق ومنعطف خطير وحاد يمر به النظام السياسي الفلسطيني، لذا ينبغي على الشقيقة مصر وعلى كل الغيورين على القضية الفلسطينية ممارسة الضغط على الطرفين للعودة إلى طاولة الحوار والوصول إلى قواسم مشتركة، لأن البدائل صعبة وكل طرف يملك خيارات مؤلمة.
في حال أصر الرئيس محمود عباس على عقد الانتخابات في موعدها الدستوري فهو يستطيع عقدها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، أما في قطاع غزة فلن يستطيع كون حماس مسيطره على القطاع، وفي حال أفرزت الانتخابات قيادة جديدة فقد يطرح ذلك تساؤلاً كيف ستتعامل هذه القيادة مع قطاع غزة؟ هل ستعترف به أم تعتبره اقليماً متمرداً؟
الأيام المقبلة حبلى بالتطورات السياسية، وقد يتصاعد السجال الإعلامي بين الطرفين، ولكن سيكون للموقف الرسمي المصري من خطوة الرئيس عباس التطور الأبرز، حيث سيكون بمثابة تحديد مصير الورقة المصرية.
بعد المرسوم تصاعدت ردود الأفعال من حركة حماس تحديدأ ومعها بعض فصائل المقاومة، ومعظم المتحدثون قالوا ان حماس تملك خيارات في حال أقدم الرئيس على تنفيذ مرسومه الرئاسي، ولكن دون التطرق إلى أي من هذه الخيارات مما دفعني إلى التفكير ومحاولة الاجتهاد في خيارات حماس المتاحة وهي:
1- قد تلجأ حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها فصائل المقاومة إلى تشكيل المرجعية الفلسطينية البديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
2- قد تتخذ المرجعية الجديدة قررات تعتبر أن من يحكم الضفة الغربية هم موالين للاحتلال.
3- التأكيد على شرعية رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك كرئيس للسلطة الفلسطينية بعد انتهاء ولاية الرئيس عباس.
4- قد يعلن الدكتور عزيز دويك في مرسوم رئاسي انتخابات تشريعية ورئاسية وبالتأكيد ستجري في قطاع غزة ويقاطعها فصائل منظمة التحرير.
5- مقاطعة الانتخابات في الضفة الغربية والقدس، ومنعها في قطاع غزة.
6- قد تلوح حماس في الضغط على الأطراف الإقليمية في بعض الملفات مثل شاليط والتهدئة وعملية التسوية.
7- التوقيع على ورقة المصالحة المصرية.
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
السبت، أكتوبر 17، 2009
مصر وحماس... علاقات تكتيكية أم إستراتيجية؟
جميع المراقبين للشأن الفلسطيني، وخصوصاً ملف المصالحة الفلسطينية، تفاجئوا من الموقف المصري المرن مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بخصوص انسجام القاهرة مع مطلب حماس بتأجيل المصالحة الوطنية، على عكس ما كانت عليه العلاقة في السابق، كون حركة حماس هي حركة خرجت من رحم الإخوان المسلمين، والتي يعتبرها النظام المصري بأنها جماعة محظورة، حيث تشكل جماعة الإخوان المسلمين في مصر أكبر الأحزاب المعارضة للنظام المصري.
حاولت حركة المقاومة الإسلامية حماس مراراً وتكراراً أن ترسل تطمينات للنظام المصري بأن حماس لن تتدخل بالشأن الداخلي لأي دولة عربية أو إسلامية، ودأبت الحركة الإسلامية من خلال زيارة وفودها إلى القاهرة من عدم لقاء أي من قادة جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة، وحافظت على خطاب إعلامي هادئ تجاه النظام المصري الحاكم، ولكن هل هذا يكفي لبناء علاقات إستراتيجية بين مصر وحماس؟ وهل أزمة الثقة بين الطرفين قد ذابت في بضع شهور؟ أم هناك تحالفات جديدة قد بدأت رياحها تهب على المنطقة، وحماس جزء من هذه التحالفات؟ وهل للجغرافيا السياسية دور في ذلك؟.
حركة حماس هي جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، وعلاقاتها مع جمهورية مصر العربية لن تخرج عن إطار العلاقات التاريخية التي تربط مصر الشقيقة بفلسطين، حيث تشكل مصر الرئة التي تتنفس منها غزة المحاصرة، كذلك الموروث التاريخي والحضاري الذي يربط بين فلسطين ومصر، فغزة هاشم رويت من دماء الجيش المصري المغوار.
فقد تلعب الجغرافيا السياسية دوراً هاماً في تعزيز العلاقات بين مصر وحماس كون الأخيرة هي من تسيطر على مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وكون مصر أيضا ترتبط بحدود مشتركة مع قطاع غزة، حيث يشكل استقرار الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في قطاع غزة مصلحة إستراتيجية لجمهورية مصر العربية.
هناك أيضاً مصالح مشتركة بين النظام المصري وحركة حماس، كون مصر هي الوسيط في أكثر من ملف بين حماس وإسرائيل، وبين حماس والسلطة الفلسطينية، حيث مصر وسيطا إضافة إلى الوسيط الألماني في ملف تبادل الأسرى (الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط) ، وهي وسيط في إبرام تهدئة بين حماس وإسرائيل، وكذلك هي الراعي الحصري للمصالحة الوطنية الفلسطينية بين فتح وحماس.
إعادة تشكيل التحالفات من جديد هي أحد سمات العمل السياسي المحترف، وكون مصر هي دولة كبيرة ومؤثرة في الإقليم، فقد يكون هناك تغيراً في الدبلوماسية المصرية تجاه حركة حماس، انطلاقاً من رؤية مصرية بأن عزل حماس سياسياً واقتصادياً، سيدفع بحركة حماس إلى إيران، وما يشكل ذلك من هاجس للنظام المصري الحاكم.
ويأتي التحرك السعودي السوري في هذا الإطار، فقد تشهد الخريطة السياسية في الأسابيع المقبلة إعادة تشكيل وتشكل للمحاور.
ونحن كفلسطينيين لا نريد أن نفرط في التفاؤل الذي يتمناه كل فلسطيني وعربي من أن تذوب الخلافات العربية العربية، وأن تعود العلاقات إلى سابق عهدها، وصولاً إلى موقف عربي موحد، وإستراتيجية عربية موحدة، تنطلق بالقضايا العربية ذات الاهتمام المشترك إلى حلول جذرية، وعلى رأس هذه القضايا حل الصراع العربي الإسرائيلي من خلال إنهاء الاحتلال، وهنا لابد من التطرق إلى الجهود العربية والإسلامية الموحدة ودورها في تمرير تقرير القاضي ريتشارد غولدستون في مجلس حقوق الإنسان يوم أمس، لذا قد تتأرجح العلاقات المصرية الحمساوية ما بين التكتيكية والإستراتيجية، وهي اقرب إلى التكتيك، وما يفسر قبول الموقف المصري مطلب حماس تأجيل التوقيع على اتفاق المصالحة يعود إلى سيناريوهين اثنين هما:
1- مصلحة الأطراف المعنية من أن تنجز صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل قبل التوقيع على المصالحة الفلسطينية.
2- رغبة مصرية صادقة في انجاز المصالحة الفلسطينية، وأن لا تكون المصالحة هي مصالحة على ورق ولكنها ترغب في ان تكون مصالحة إستراتيجية يتم من خلالها بناء نظام سياسي فلسطيني قوي.
حســام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الثلاثاء، أكتوبر 13، 2009
المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟
تساؤل يؤرق العقل الباطني للجميع، ابتداءً من النخب السياسية وليس انتهاءً بأصغر طفل فلسطيني، حيث يطرح جميع أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة العاملين في مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني، هذا التساؤل صباح مساء، وقد ترتفع بورصة هذا التساؤل بعد كل خطاب للزعيمين السيد محمود عباس زعيم حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح", والسيد خالد مشعل زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس". ولو تابعنا معدلات ارتفاع وانخفاض البورصة للعقل الباطني الفلسطيني خلال الأسبوع الماضي، لوجدنا تداعيات تقرير غولدستون على جماهير حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في أسوأ حالاتها.
المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ تساؤل واقعي في ظل انقسام بغيض، فالمستقبل مجهول, والكل الفلسطيني مأزوم، وحلبة الصراع على أشدها بين الحركتين فتح وحماس, فخطاب عباس ضد حماس لا يرتقي لأن يدخل في قلوب الناس، ولا يقنع زهرة فلسطينية ذاقت ويلات حرب ضروس شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وأيضا خطاب مشعل يحمل بين كلماته مسافات كبيرة بين هذه الكلمات، وحروف كلمة مصالحة، أو حتى كلمة وفاق.
المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ لو قلنا المستقبل لفتح لماذا؟ حركة فتح لها تاريخ وماضي، والتي لا يتجرأ أي فلسطيني في التشكيك في تاريخ الثورة الفلسطينية والتي كان لفتح شرف انطلاقتها، فهي حركة الشهداء, وحركة الجرحى والأسرى, وهي العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية, والتي وقعت اتفاق أوسلو عام 1993م, وأنشأت السلطة الفلسطينية, وسيطرت على القرار السياسي والمالي للسلطة, وانفتح العالم عليها, كذلك تميزت بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل, وبعد فوز حماس وسيطرتها على قطاع غزة, أصبحت فتح الحركة المدللة عند الغرب كونها تشكل أحد الأعمدة الرئيسة المشكٌلة للسلطة الفلسطينية ومنهجها المبني على التسوية السياسية دون عسكرة الانتفاضة (برنامج مرشح فتح لانتخابات الرئاسة 2005، السيد محمود عباس), فهي من تتحكم في قوت أكثر من مئة ألف موظف حكومي, وتتحكم في حركة المشاريع الاستثمارية التي يشرف عليها القطاع الخاص الفلسطيني.
ولو قلنا المستقبل لحماس, فحركة حماس هي حركة مؤسساتية قوية موحدة, حركة تحرر وطني منهجها الإسلام، تعتبر امتداد لحركة الإخوان المسلمين العالمية، مما يعطيها زخما قويا، ودعماً لوجستياً كبيراً, كذلك تمتلك قوة تأثير قوية على العكس من أي حركة وطنية فلسطينية، فهي تستطيع تحريك الشارع العربي والإسلامي، وقد تنجح في تحريك الشارع الدولي من خلال كاريزمية قيادييها، وامتدادها الأيدلوجي, فحماس تمتلك سلاح العقيدة وهو أقوى الأسلحة الفتاكة في العصر القديم والحديث، على العكس من الحركات العلمانية واليسارية, فحماس تستمد قوتها من وعد الله في القرآن والسنة, وهذا يعطيها ثقة وقوة وعزيمة قد يصعب كسرها.
المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ قد يقول قائل نحن واقعيون، والسياسة هي فن الممكن, والسياسة مصالح, والأنظمة السياسية في العالم علمانية التوجه، فلا مكان للدين في السياسة، فجميعنا متدينون.
وقد يقول آخر: أن الصراع مع اليهود هو صراع عقائدي وصراع ديني، وهم ينطلقون في صراعهم معنا من منطلق ديني, ونحن كذلك وقد وعدنا الله بالنصر المؤزر.
المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ ومن وجهة نظري وفي قراءة استشرافية للمستقبل, ومن دراسة التاريخ والجغرافيا, أجتهد فأقول: أن أي حركة تحرر وطني انطلقت على هدف التحرير وحادت بعد ذلك عن هذا الهدف كان مصيرها الذوبان, وأن أي حركة قد ترهن قرارها السياسي والمالي في يد أعدائها قد لا يكون لها مستقبل سياسي, أيضاً إن أي حركة سياسية قد تغلظ في تعاملها مع أبناء شعبها لا مستقبل سياسي لها, وأي حركة تتعامل بكبرياء وغرور قد لا يكون لها مستقبل سياسي, وأي حركة لا تمتلك مطبخ سياسي (مؤسسة) سيكون قرارها مبني على مصالح وأهواء قد ينتقل من خلاله من الخطأ إلى الخطيئة, ومن يرتكب خطيئة سياسية لا مستقبل سياسي له وهناك الكثير الكثير.
عند إسقاط ما سبق على الحركة الوطنية الفلسطينية ستجد أن جميع القوى الوطنية والإسلامية تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة فمن خلال ما سبق لا مستقبل لأحد لا لفتح ولا لحماس ولا لغيرهم, ولهذا ينبغي على الجميع الاطمئنان والعمل بروح وطنية عالية, فنظامنا السياسي طالما وهو تحت الاحتلال هو نظام مأزوم ولن يستمر طويلاً, لذا ينبغي على الجميع توحيد الجهود والوقف الفوري عن كل المهاترات الإعلامية, وتوقيع اتفاق المصالحة الوطنية, عبر تبني برامج وطنية يلتقي عندها الجميع, فالانتخابات لوحدها هي ليست الحل السحري، لأننا تحت الاحتلال وطالما بقي الاحتلال بقيت الأزمة السياسية, فعلى الجميع الانتباه إلى ذلك وتحديداً الوسيط المصري, فالبرنامج الوطني الموحد للمرحلة المقبلة هو بمثابة العلاج الشافي للمشكلة الفلسطينية.
حسـام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
الجمعة، أكتوبر 02، 2009
جلعاد شاليط وصفقة الشريط
دقيقة واحدة طل فيها الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط على جميع وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية في إشارة تظهر ازدواجية المعايير التي يتعامل فيها الغرب مع قضية الأسرى, حيث يمكث في سجون الاحتلال أكثر من أحد عشر الفاً من أسرى الحرية مغيبين في غياهب السجون الصهيونية لا يسأل عنهم سوى ذويهم ومن يحمل همهم من أبناء شعبهم.
جلعاد نعومي شاليط الجندي الإسرائيلي المأسور عند فصائل المقاومة لم تأسره هذه الفصائل وهو في بيته بل أسرته وهو يركب دبابة صهيونية توجه حمم لهيبها صباح مساء على قطاع غزة المحاصر في عملية بطولية شاركت فيها ثلاث فصائل مقاومة هي كتائب القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام وعرفت بعملية "الوهم المتبدد".
أدارت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مفاوضات ماروثونية مع الجانب الإسرائيلي بوساطة مصرية ألمانية حتى وصلت إلى انطلاق مراحل الصفقة لتكون صفقة الشريط أولى مراحل الصفقة والتي بموجبها سيفرج الاحتلال عن عشرون أسيرة فلسطينية مقابل الاطمئنان على صحة شاليط من خلال شريط فيديو يظهر جلعاد شاليط حياً.
تحمل صفقة الشريط دلالات سياسية وأمنية تصب في مجملها في صالح مشروع المقاومة وحركة حماس على النحو التالي:
1- استفادت حركة حماس بعد هذه الصفقة من الظهور على الساحة الإعلامية والإقليمية والدولية بمظهر القوي, فالعالم في السياسة لا يحترم إلا الأقوياء, وهذا قد يزيد من الانفتاح الغربي على حركة المقاومة الإسلامية حماس في الأسابيع القليلة القادمة وتحديداً في حال أنجزت الصفقة الكبرى.
2- تحمل صفقة الشريط على الصعيد السياسي رسائل إلى المجتمع الفلسطيني والعربي مفاده أن الخيار الوحيد لتحقيق المطالب الوطنية هو خيار المقاومة, فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
3- تكسر صفقة الشريط ضمن صفقة شاليط نظرية التعنت الإسرائيلي, وتعطي المفاوض الفلسطيني مستقبلاً عزيمة وقوة على التمسك بالحقوق والثوابت.
4- تأتي صفقة الشريط في نفس اليوم الذي يجتمع فيه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ليناقش تقرير غولدستون والذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة, وما تسرب عن قيام السلطة الفلسطينية بطلب من باكستان العمل على سحب التقرير من جدول أعمال المجلس, بناء على ضغوط إسرائيلية وأمريكية, وهذا يظهر مدى التمايز بين المشروعين في الساحة الفلسطينية حيث المشروع الأول (مشروع المقاومة) وما أنجزه من صفقة مشرفة, والمشروع الثاني وهو (مشروع التسوية) وما قد يلحق به جراء هذه الفضيحة السياسية الكبرى.
5- تعطي الأمل لأسرى الحرية بأن شمس الحرية لن تطول بجهود المقاومين وفصائل المقاومة.
الدلالات الأمنية:
1- أظهرت صفقة الشريط قوة حماس وتطورها على الصعيد الأمني والعسكري,
حيث لن يظهر الشريط أي شيئ قد يفيد جهاز المخابرات الإسرائيلي من الوصول إلى جلعاد شاليط, حيث استخدمت صحيفة فلسطين لتقول للاحتلال إن شاليط في غزة( صحيفة فلسطين هي صحيفة توزع فقط في قطاع غزة) وكذلك تاريخ الصحيفة يعبر عن غموض في تاريخ التصوير ولكنه حتماً بعد الحرب الإسرائيلية, واستخدمت كرسي شائع الاستخدام في مقاهي وشوارع ومستشفيات القطاع, كذلك خلفية الجندي لم تحمل أي إشارات قد تشير إلى مكانه, ووجه شاليط والذي يشع نوراً يظهر حماس وإنسانيتها الإسلامية في تعاملها مع الأسرى, فقد ظهر شاليط في حالة جيدة جدا, بل يبدوا أن وزنه زاد عشرات الكيلو جرامات نتيجة التغذية الجيدة التي يتناولها جلعاد في مكان احتجازه.
2- تشكل صفقة الشريط ضربة لجهاز الاستخبارات الصهيوني وضربة معلم لجهاز الأمن التابع لحركة حماس, مما قد يثير الشارع الصهيوني على حكومته, ويدعم ما وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لناخبيه بأن نهاية العام الجاري سيشهد إطلاق سراح جلعاد شاليط,وهو ما دفع نتانياهو بالسماح لوسائل الإعلام الإسرائيلية بنشر الشريط ليشكل قوة شعبية داعمة له في ظل معارضة اليمين المتطرف في حكومته, لذا قد نشهد قريبا ترجمة حقيقية لما نقول, من خلال رضوخ تل أبيب لشروط حماس في صفقة تبادل كبرى تدخل الفرح والسرور كل بيت عربي وفلسطيني.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com