حسام الدجني
حراك سياسي مكثف تشهده المنطقة هذه الأيام، جولات مكوكية يقوم بها القادة والساسة، مبادرات وخطط للسلام، صفقات سياسية وأخرى أمنية، تشنجات وخلافات سياسية، انقسام سياسي بين شطري الوطن، فماذا يدور في الكواليس هذه الأيام؟ وهل نحن مقبلون على مصالحة فلسطينية؟
قد لفت انتباه الجميع الجولات المكوكية التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل، ورئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، فقد زارا الاثنين معظم الأقطار العربية والإسلامية، وتحديداً الدول المؤثرة في المنطقة مثل مصر والسعودية وسوريا وليبيا وتركيا وغيرها، في مؤشر واضح بأن المنطقة مقبلة على تطورات قد تكون المصالحة الفلسطينية والعربية من أبرزها، وما يؤكد ذلك المدخلات السياسية التي طرأت في المنطقة ومن أبرزها:
1- شعور النظام الإقليمي العربي بتهديد أمريكي وإقليمي جديد قد يمس استقرار اليمن، وعبرت عن ذلك وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.
2- كل الأطراف تشعر بأزمة، ولذلك يرغب كل طرف من تحسين شروط تفاوضه للخروج إلى التوقيع على ورقة المصالحة المصرية.
3- بناء مصر لجدار فولاذي يفصل قطاع غزة عن مصر، وحملة الاحتجاجات والتباينات التي شهدتها المنطقة على خلفية هذا الملف.
4- تزامن زيارة مشعل للرياض مع كلاً من رئيس السلطة السيد محمود عباس والسيد جورج ميتشل.
5- تصريح الدكتور صلاح البردويل قبل يومين بأن مصر وافقت إلى الاستماع لملاحظات حماس على الورقة المصرية.
6- الحراك المصري لدفع عملية السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بمباركة أمريكية.
7- صفقة جلعاد شاليط وما وصلت إليه الأمور في هذا الملف.
عند النظر إلى المدخلات السياسية نجد أن هناك إدراكاً عربياً نشأ حول خطورة المرحلة التي نعايشها، فقد أصبح الأمن القومي العربي منتهكاً من الإدارة الأمريكية ومن أطراف إقليمية، فأزمة اليمن تهدد كل العرب، فعدم استقرار اليمن يهدد المملكة العربية السعودية، ويهدد الملاحة البحرية في مضيق عدن والتي تؤثر على قناة السويس وعلى مصالح المجتمع الدولي برمته، وهذا كله ناتج عن الفراغ السياسي الذي أحدثته الدول العربية الكبرى بعد التشرذم والانقسام الذي شهدته وما زالت تشهده المنطقة، والتدخل الأمريكي السافر في الشؤون العربية الداخلية من خلال المساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة لهذه الدول على حساب عناصر السيادة لهذه الدول، فالاتفاقية الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة للحد من تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، فرضت جداراً فولاذياً على مصر، والسبب غياب التلاحم والتوافق العربي، الولايات المتحدة ومعها إسرائيل وحلفائهما في المنطقة يصنعون الأزمات تلو الأزمات حتى تغرق المنطقة في انقسامات هنا وهناك، وعلى ما يبدو أدرك النظام العربي خطورة هذه الانقسامات، وأدركت معهم حركتا فتح وحماس خطورة المرحلة، فبدأت هذه الجولات لتحفظ كرامة وكبرياء الجميع وتعيد للقضية الفلسطينية رونقها وأهميتها ومحوريتها في المنطقة.
مصر دولة محورية وكبيرة في المنطقة فهي تدرك أكثر من غيرها خطورة المرحلة التي يمر بها النظام الإقليمي العربي، وهي عندما توافق على مناقشة ملاحظات حماس هذا لا ينتقص شيئاً من كبرياء مصر بل على العكس هذا يدلل على الدور والمكانة والسياسة الحكيمة التي تتمتع بها القاهرة، لأن تحقيق هدف الوحدة الفلسطينية هي الهدف الأسمى.
قد تكون الأيام المقبلة تحمل معها نسيم الوحدة بين فتح وحماس، ونسيم تحرير الأسرى من خلال صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، وقد تشهد المرحلة المقبلة عملية احتواء لحركة حماس والاعتراف بها كلاعب رئيس في أي عملية سلام مفترضة قد تشهدها المنطقة، وقد تكون القمة العربية المقبلة في ليبيا تحمل معها بذور الوحدة العربية، وحل النزاع داخل اليمن بما يضمن الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره، وتحمل أيضا بذور التخلص من التبعية الأمريكية والغربية في المنطقة عبر دعم وتعزيز صمود الدول العربية من خلال توزيع عادل للثروات.
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق