ابوطالب البوحيّة
ابتدأت الحكاية وقت تشكلت أول وحدة عسكرية عراقية عام 1920 في السادس من كانون الثاني ، العراق كان حينها تحت انتداب بريطانيا العظمى ، فوج موسى الكاظم لم يكن شيعياً يعبر عن مدينة الكاظمية في جانب الكرخ من بغداد التي كانت لا تزال بعض تفاصيلها تشير إلى أنها مدورة ، ولم يكن هذا الفوج سنياً لأنه اختير دون سؤال عن العرق ولم تكن اللجنة المكلفة باختيار أفراده معنية بخلفياتهم الدينية والعرقية والمناطقية ، افتتح باب التطوع ، جَمعٌ من ضباطٍ كانوا ضمن آخر عنقود الجيش العثماني ، وآخرون لا يحملون رتُب من قبل ، مواطنون لا ينتمون إلى درجة واحدة من درجات المجتمع صاحب الأغلبية الفقيرة .
في العام 1931 تشكلت القوة الجوية ، في العام 1937 تشكلت القوة البحرية ، كل ذلك كان بعد ثورة العراق الكبرى عام 1920 ، حين تشكلت أول حكومة عراقية تحت الانتداب ، الحكومة الأولى كان وزير دفاعها الفريق جعفر العسكري ، تشكلت الفرقة الأولى مشاة في الديوانية تبتعها الفرقة الثانية مشاة في كركوك ، أفرادها متطوعون من عامة العراقيين.
في عام 1936 اشترك الجيش العراقي المؤسس حديثاً بانقلاب بقيادة الفريق بكر صدقي قائد الفرقة الثانية وشكلت وزارة جديدة برئاسة حكمت سليمان ، خاض بعدها الجيش العراقي حربا في أيار عام 1941 ضد الجيش البريطاني حينها المتواجد في العراق و كان الجيش العراقي آنذاك يتكون من أربعة فرق من المشاة كاملة التجهيز والقوة يتألف كل قسم منها من ثلاثة ألوية ، الفرقة الأولى والثالثة كانت تتمركز في بغداد أما الفرقة الثانية فكانت في كركوك والفرقة الرابعة كانت متمركزة في مدينة الديوانية على خط السكك الحديدية الرئيسي الممتدة من بغداد إلى البصرة ، كل ذلك أعقب استقلال العراق عن بريطانيا في العام 1931 .
هكذا البداية تبعتها طواحن الحروب والانقلابات من زمن لآخر ومن ارض لمثيل لها على خط عرض مختلف.
في فلسطين وسوريا والأردن مقابر لجنود ومراتب تنتمي عقائدياً لجيش العراق وتؤمن دون شك بالعروبة أرضا وتاريخاً ومصالح مشتركة علاوة على وحدة الدين.
جيش العراق يزج في حرب طويلة الأمد مع إيران وحرب قصيرة جداً مع الكويت ، لم يفهم مغزاها ونتيجتها ، أما الانتصار الذي تحقق في 1988 كان بداية لانهيار انتهى بالاحتلال.
في تلك الحرب (العراقية-الإيرانية) كان لي صديق لا يملك نظراً معافى ، مهمته أميناً لمستودع إحدى وحدات القتال على الجبهة الجنوبية الشرقية ، حين طلب منه تعبئة إحدى ناقلات العتاد كي تدخل ارض النار تبارى أربع أفراد من الجيش كانوا سائقين لأربع ناقلات تنتظر دورها للدخول في الجبهة ، كل واحد منهم يطلب أن يكون أولا وحين وصل مدى التضحية إلى الاختلاف انتفض صاحبي لقيادة الناقلة رغم نظره الضعيف فأحس الجميع إن الذي يجمعهم وحدة المصير ومحبة التراب ، الأربعة كانوا يمثلون اتجاهات الجغرافية الأساسية واحد من الشمال وواحد من الجنوب وآخر من الشرق وآخرهم من الغرب ، غير أن كل تلك الاتجاهات كانت تشير إلى اتجاه واحد ، العراق وحده لا غير.
جاء بول بريمر كي ينهي إمبراطورية التضحية ، أعلن حل جيش العراق بعد 82 عاما من تواجده الحي المؤثر ، بريمر ومن خلفه كان على علم مسبق أن هذا الجيش يمثل إرثا لا تنقطع خيوطه عن الحاضر في التكوين العراقي السياسي والاجتماعي في العصر الحديث ولأن مهمته ليس إزالة نظام معين أو حزب معين أو أشخاص بالأسماء فأنه كان على دراية كاملة انه أمام أسد فقد التوازن لأسباب من داخل العرين أو خارجه فانقض عليه في اضعف حالاته.
الاحتلال وضع أسساً جديدة لتشكيل جيش جديد ، فتح باب التطوع على خلفية الدين والمذهب والمنطقة ، تقدم العراقيون بكل جرأة للانضمام ، احدهم اخبرني انه يحاول إعادة الماضي يريد أن ينقلب على الاحتلال من داخله ، آخر قال أن عائلته بدت تفقد الإحساس برجولته (فالمرّتبات) عالية واقلها انه بالاسم في خدمة الوطن ، شخص غريب لم اعرفه من قبل بدا صامتاً حين تقدم للتطوع ، ملأتني الريبة من حاله ، كل هذه الصور شاهدتها بأم عيني قبل أن أغادر العراق محملاً بأسئلة لم تجد إجابات .
في عيد الجيش التاسع والثمانون القوات المسلحة العراقية الجديدة في اختبار وطني صعب ، إنها أمام إعادة تاريخ إيماني مشمس أو تموضع خلف ساتر لا يحمي من رياح سموم تعوّد عليها الجسد العراقي منذ الخليقة الأولى ، القوات المسلحة العراقية القديمة أمام اختبار صعب هي الأخرى ، جوع فتك بجزء منها جعلها على قارعة الطريق قريباً من الاستجداء ، جزء منها يعيش في صمت مطبق ، آخرون من ضمنهم تحت سقف عمل خاص.
الأهم في نهاية حديثي الذي لا أود أن امحي كلمة منه ، هو أن يبقى العراق للعراقيين وان يكون جيشه أيا كان جديداً أو قديماً في خدمة شعب أنهكته السرقات والمتاجرات والعنجهية والدخول في حروب لا نفع منها خالياً من الغرباء.
للعراق وأهله وعسكره النشامى في كل وقت ... كل عام وانتم بخير .
الأربعاء، يناير 06، 2010
لقواتنا المسلحة... في عيدها
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق