الأربعاء، يناير 06، 2010

المتجردة والسياسي

د. فايز أبو شمالة
يقال: أن قصيدة المتجردة كانت السبب في غضب ملك الحيرة "النعمان بن المنذر" على الشاعر "النابغة الذبياني"، والقصة بدأت عندما طلب "النعمان" من الشاعر "النابغة" أن يقول شعراً في زوجته المتجردة، فكتب قصيدته المشهورة، والتي مطلعها:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
لينتقل الشاعر من الغزل الرقيق بالمتجردة إلى التغزل الحسي، وتفصيل مفاتن جسدها، بل ويذهب في الشعر إلى ما لا يمكن ذكره في هذا المقال، ليستغل أحد الحضور المشهد التصويري قائلاً: والله لا يصف ذلك إلا مجرّبٌ. وهنا تنبه "النعمان" للغمز على زوجته، وقدح الشرر في عينيه، فما كان من النابغة إلا التسلل من المجلس، والهرب.
استدعيت قصيدة المتجردة من التاريخ وأن أستمع عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي لحديث رئيس جهاز الموساد السابق "إفرايم هليفي"، رئيس وحدة البحث الاستراتيجي في الجامعة العبرية، الذي شن هجوماً عنيفاً على السلطة الفلسطينية ورئيسها وأجهزتها الأمنية، ووصفهم بالعبء الذي يجب التخلص منه. وقال: أن السلطة تطلق النار من مسدس فارغ، والسلطة عديمة الإمكانيات، وهي بحاجة للمساعدات الإسرائيلية والأمريكية، ولولا هذه المساعدات لانهارت السلطة فوراً، وعلى السلطة أن تتذكر ذلك، وأن تتواضع في تهديداتها لإسرائيل، وأضاف "هاليفي" لقد آن الأوان للتخلص من رئيس السلطة الذي يشكل هو ووزراؤه، وأجهزته الأمنية عبئاً على إسرائيل، يجب أن نتخلص منهم كما تخلصنا سابقاً من روابط القرى.
قد يستغرب البعض هذا التناقض بين تصريحات رئيس الموساد، وتصريحات وزير التجارة "بن أليعزر" الذي قال للإذاعة العبرية قبل زمن: "إن السلطة الفلسطينية ذخر استراتيجي، وانهيارها بمثابة كارثة على إسرائيل". وقد يحسب البعض أن هدف رئيس الموساد السابق من الهجوم على السلطة ورمزوها هو رفع شأنها، وتعزيز مكانتها داخل المجتمع الفلسطيني، وقد يقول آخر: أن الهدف من هذا التشهير هو الضغط على السلطة لجرها إلى التفاوض العبثي، وقد يقول آخر: أن رئيس الموساد السابق يعزف على وتر الانقسام الفلسطيني، ولكنني سأقول ما قاله العربي في قصيدة المتجردة: والله لا يقول هذا الكلام عن السلطة إلا مجربٌ، وعارفٌ بالأخبار، وعالم بخفايا الأمور والأسرار.
fshamala@yahoo.com


ليست هناك تعليقات: