حسام الدجني
قد يظن البعض أن هذا النداء يندرج ضمن المزاودة او التساوق مع نداء وزير الجيش الاسرائيلي السيد ايهود باراك، ولكن يجب أن نقرأ طبيعة المرحلة التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية جيداً، ففلسطين تمر في مرحلة خطرة وحساسة للغاية، والمستهدف الوحيد منها تصفية القضية وافراغها من مضمونها السياسي، ولن يقتصر التهديد على قطاع غزة بل يصل الى عرين المقاطعة في رام الله ليستهدف بذلك الرئيس محمود عباس، ومصر ليست بعيدة عن المخططات الاسرائيلية في المنطقة فهي الاخرى على رأس قائمة المطلوبين لاسرائيل، فتسلسل الاحداث يؤكد صحة ما نقول، فالحكومة الاسرائيلية الحالية هي من أشد الحكومات تطرفاً، وهي تلعب على تأزيم المنطقة عبر تكريس الانقسام بين حركتي فتح وحماس من جهة وعبر صناعة أزمات بين مصر وحماس وحزب الله من جهة أخرى، فاسرائيل لا حليف أو صديق لها، وهي دولة عنصرية، وشرط نتانياهو بقبول يهودية الدولة مقابل استئناف مفاوضات السلام تؤكد عنصرية دولة الكيان.
جميعنا مدركين ان اسرائيل هي من تستدرج فصائل المقاومة على الرد، فهي من يفرض الحصار على غزة، وهي من تقتلع الاشجار وتجرف الاراضي، وتقتل البشر والحجر، ولكن يجب أن ندرك ونتوافق على شكل وكيفية ومكان وزمان الرد، فهل اطلاق الصواريخ والقذائف قد يوصل الرسالة، فالسلاح الغير مسيس قاطع للطريق، وانا اقول هنا الصاروخ الذي لا يخدم الهدف هو صاروخ قاطع للطريق، فعلى فصائلنا والتي نقف لها اجلالاً واكبارا لجهودها في تحرير الارض ومقارعة الاحتلال، لكن ما اقصده هو متى نهادن ومتى نقاوم..
الماكينة الإعلامية الصهيونية المنتشرة في شتى أنحاء المعمورة تقود حملة على قطاع غزة تهدف من خلالها تهيئة الرأي العام الدولي لقبول حرب وعدوان إسرائيلي جديد، وهذا يطرح مجموعة من التساؤلات:
1- هل قطاع غزة جاهز لحرب جديدة من النواحي اللوجستية والعسكرية والنفسية والسياسية والاقتصادية؟
2- هل البيئة الإقليمية والدولية تساعدنا في أي حرب مفترضة؟
3- هل فصائل المقاومة أعادت بناء قوتها التي استنزفت في حرب غزة؟
أعتقد جميع الإجابات لا، ففي قطاع غزة عشرات الأسر تقضي يومها في خيام على أنقاض منازلها المدمرة، وقد يحتمل المواطن الغزاوي برد الشتاء القارس ولكنه لا يحتمل عدوان جديد، وكذلك يجب أن لا تدخل المقاومة في المزاودة على بعضها البعض، لأن المرحلة الحالية تتطلب من المقاومة الفلسطينية الإعداد والعمل في صمت، لان الحرب الأخيرة أعطت معادلة جديدة للصراع، لذا ينبغي على فصائلنا المقاومة أن تعمل ضمن تكتيكات جديدة تتناسب مع حجم وقوة العدوان الذي مارسته إسرائيل ضد قطاع غزة العام الماضي.
أما فيما يتعلق بالبيئة الإقليمية والدولية فالمرحلة التي نعايشها اليوم والتي نشهد فيها انقسامات وأزمات كبيرة تجتاح المنطقة العربية، ولعل أزمة حماس ومصر مؤخراً بسبب الجدار الفولاذي وأحداث رفح المؤسفة قد تلقي تداعياتها على المقاومة الفلسطينية في أي عدوان إسرائيلي محتمل، لذا يجب على فصائل المقاومة اليوم أن تفوت الفرصة على إسرائيل عبر الالتزام بالتهدئة، واستغلال المرحلة الحالية في الإعداد والاعمار وإعادة الوحدة الوطنية والنضال الشعبي السلمي، فيجب أن تمارس غزة النضال الشعبي حتى نحرج إسرائيل وحلفائها، لان الجميع يصور غزة على أنها مسرح للعنف، ولكن غزة عكس ذلك، فهي من تحافظ على الحقوق وعلى الثوابت، وتستخدم كافة أساليب النضال بما فيها المسلح من أجل تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية.
بدأت محاولات بعض الغزيين للجوء إلى النضال السلمي وأعلنوا أن كل يوم اثنين هو موعد للتجمع، وانضم إليهم متضامنين أجانب، نتمنى على أبناء الشعب الفلسطيني والعالم الحر الانضمام إلى هكذا أنشطة، من خلال ذلك ستستفيد المقاومة من مرحلة الهدوء وستحرج إسرائيل وسننقل صورة أن غزة لديها خيارات عدة، والنضال الشعبي السلمي احد هذه الخيارات.
Hossam555@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق