‏إظهار الرسائل ذات التسميات صباح الشرقي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صباح الشرقي. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، سبتمبر 11، 2009

الواجب يحتم التفاني

صباح الشرقي

ترعرعت زهرة في كنف عائلة فقيرة، حيث انقطعت عن الدراسة وهي في السنة الثالثة ابتدائي، تلك الفتاة بقامتها الطويلة المائلة إلى النحافة ووجهها الأبيض وعيناها العسليتين الضيقتين وشعرها الطويل ملت من إعداد الطعام لإخوتها وأمها العجوز العاجزة والاعتناء بكل فرد من عائلتها الصغيرة.

لم تستطع زهرة أن تحيى الحياة التي رسمتها في مخيلتها والتي تروق لها وتتمناها بشغف إذ أصبحت تشعر بالكآبة والحزن يعتريانها جراء ظروف أقوى من القوة، و عوز اكبر من الظلم حالتين كفيلتين بتدمير آمالها مثلما طحنت أحلام شريحة كبرى من أناس أمثالها والتهمت طموحهم رغم قتالهم ومقاومتهم من أجل الصمود أمام وجه هذه الطامة الكبرى.

بعد استراحة هدوء و تفكير وجدت عزائها الوحيد في أسرتها المتماسكة ، وفي أفرادها جمعاء الذين يجودون بأكثر ما يقدرون عليه وعن طيب خاطر رغم البؤس و الألم الذي يكلف التضحية في النفوس ولو أنه ليس منالا يسيرا .

ذات مساء أحست بطعنة تصيب فؤادها فصرخت في هياج وانفعال وتمنت لو أنها أكملت دراستها كأمثالها من الفتيات خصوصا حين وصل إلى مسمعها التحاق أختها الصغرى بوظيفة ولمست فرحة العائلة وسرورها ، توجع قلبها وشابتها مرارة الخيبة وتنهدت في ضيق وقنوط وتعجبت للقدر ولحظها الذي أبى أن يمنحها الفرحة بل زود حصتها وخلق لها المتاعب الذي علمها الدهر من الصبر ألوانا .

وبعد خلوة قصيرة، عادت زهرة إلى مكانها وسط إخوتها وأمها محاولة رسم ابتسامة على شفتيها الجافتين اثر الحالة التي أصابتها والألم الذي الم بها وبلغ ذروته ، فخاطبت أختها سعاد المدللة بصوت متحشرج قائلة أنها ترى الواجب غالبا ما يحتم التفاني وقد جاء دورها لتقدم شيئا لهذا فهي مطالبة بالإخلاص و العطاء في وظيفتها حتى لا تفلت منها الفرصة وقد تكون إلى الأبد،

تقدمت بخطى ثابتة صوب سعاد وعانقتها بإشفاق وحب وحنان، أجل يا صغيرتي من الآن سوف تقاسمينا نفس التضحية رغم الظروف ، لهذا لا تنسي انه ليس ثمة حاجة إلى تنبيهك لكن أحب أن يكون كلامي تذكير لأننا سنظل في أمس الحاجة لرعايتك وعطفك.

الخميس، مارس 26، 2009

شريط الحياة

صباح الشرقي

مقدمة المؤلف

لقد انتقيت هذه السلسلة من المقالات بعد تفكير عميق استنبطتها من انفعالاتي وأحاسيسي و تجاربي كذلك من خلال محاكاتي لتجارب بنات حواء سواء أكانت عن قرب أو بعد، فتوفر ت لذي الكثير من المعلومات في هذا الحقل الشاسع ولهذا فكرت أن أعرضها على المتلقي بعد أن سكبت عليها جهدا وبحثا مضنيا لأتمكن من نقل صورته الرمزية المعينة التي بدورها تحتوي على العديد من المواقف و المشاكل سيما أنني أعتبرها عملية مرنة تسهل الولوج لتحليل قلب الإنسان الخاضع لضغط الحداثة الذي انقلبت فيه كل الموازين ومعاييرها حتى أصبحت الحياة تفيض بالمآسي والآلام كما هو الليل راصد لشعاع الشمس والموت يحصي على الفرد أنفاسه، ومن خلال اهتمامي واقتناعي بطرح آراء معينة وجدت نفسي مجرد امرأة تنقل عن قناعة عدة نماذج من نظرتها الفردية للحياة ، قد تكون سعت ولازالت تسعى وراء سعادة إنسانية تمتاز بوهج ينير ومعنى تحيي.

الفصل الأول

هل هو حب من النظرة الأولى أم مجرد رغبة من أول نظرة؟

نجد من يقول أن الحب يقع من أول نظرة، وآراء أخرى تختلف وفئة ثالثة محايدة تقول لا وجود للحب إلا بعقد زواج ولو أن رؤيتي للأمر ليست لا مع هذا أو ذاك ، لماذا ؟ لأنني شاهدت بل عايشت بنفسي صورا متناقضة كل التناقض يكفي أن أوريد واقعة واحدة فيها كل الدلالة والمغزى دون إغلاق باب البحث والحوار والاجتهاد لأن أي مجتمع يفقد معايير أخلاقه ومعتقداته يحاول صد الباب المزعج بأقفال من حديد ولأن المعايير هي دوما قابلة للتجديد من اجل تحقيق أهداف تتماشى مع الواقع و لأن واقع الحداثة أصبح لا يسمح لأي حي أن يرجع إلى الوراء كورقة فوق تيار جارف دون أن ينظم لنفسه جسورا وسدودا تحميه من الخطر ، لهذا خضت هذا البحث المتواضع لأنني لمسته أمرا مطلوبا لحد ذاته بل شعورا يختلف لدى الإنسان ليقف في وجه الظلم والقمع باعتبار مشكلات الحب مجرد مشكلات إنسانية قد يتعرض لها أي كان من بني البشر وهي قابلة للحل وليس قدرا محتوما.

سوف أتطرق لسرد الواقعة بتفاصيلها وأعرج لاحقا على تحليلها من اجل الوصول إلى خلاصة قد تحقق أهدافا تبدو لا مفر منها لإصلاح وتحسين النظرة بل الوضع الاجتماعي للحرية الفردية المتزنة في حدود نظامها والحق والواجب .


في إحدى الليالي المقمرة، انتفضت تلك المرأة عن سريرها كأن جسدها أصابته لدغة عقرب ، فتوجهت مباشرة على شرفة غرفة نومها، وهي تتمتع بكامل سعة صدرها وبصيرة عقلها لتلقي نظرة على مختلف الأماكن والشوارع المحيطة بسكنها، لحظة زمجرت من حلكة المكان وبرودته كشبل جريح حتى تصاعد الدم إلى وجنتيها ، ولا زال نظرها يحوم في كل بقعة من الشارع العريض الذي يقابلها وكأنها تبحث عن شيء ضائع منها وسط السواد وعتمة المكان إلا من أعمدة إنارة ضئيلة متناثرة هنا أو هناك، وبعد تنهيدة عميقة تمتمت مخاطبة روحها ، مبروك عليك يا رقية الحرير وهي تتحسس ثوبها الذي ينساب فوق جسدها الذي يفيض بالانتماء للأرض و الإنسان.

في تلك اللحظة تملكها شعور غريب حتى تضاعفت دقات قلبها مما جعلت كيانها متأهبا منتظرا حدثا ما، ساورها شريط حلم نائم بداخلها وبدأت تتمنى لو يتحقق وانطلق بحثها عن طيف رسمته في ذاكرتها وجعلته أساسا يتمخض عنه تحقيق أهدافها ورغباتها المسجلة في مختلف وجهات نظرها المدونة على لائحة معتقداتها التي تتوجب أن تكون على رأس الأولوية الكفيلة بتحقيق توازنها الأساسي، ولأنها تعتبر نفسها من الفئة التي لها رؤى خاصة تواجه غالبا سيناريوهات بديلة قد لا تمنح روابط مشتركة تتقاسم الشعور بالألم والاحتقار التي قد تتعرض لها من قبل أفكار متحجرة أو من غزاة متطفلين محتملين.وهي تحاول أن ترتب عدة أفكار متناحرة في ذهنها شد نظرها ذاك المصباح المتآكل وقد أضاء شعاعه نصف محيا شخص ما ... .

تسمرت في مكانها دون أدنى حركة، إلا أن الطيف حام ببصره في كل الجهات كأنه سمع صوتا خافتا يناديه باسمه رغم أن الشارع كان خاليا حتى من القطط ، فاغتنمت الفرصة وألقت عليه نظرة متفحصة، فوجدته رجلا ناضجا، حارا والحياء ينبعث من أسارير وجهه، بل كل شيء فيه ينطق بالوقار والجدية أما معطف السهرة الذي كان يلقيه بإهمال مقصود على كتفيه يوحي عن سعره المرتفع ، إلا أن وحدة المكان وسكونه يسرت أول نظرة خفية للملائمة الذاتية التي تغطي مساحة الذاتيين فشعرا الاثنان بشيء رهيب هزاهما عنيفا بل تقاسماه من قبل حتى أن يتعرفا على بعض .

شعور غريب جدد أملها في تحقيق حلمها الدفين خصوصا حين داعبتها بقوة تلك اللحظة المسؤولة وهي تمعن التصفح بجدية فائقة في قامته المتوسطة ولحيته المصففة بلمسة فنان وعينيه العسليتين ووجهه الناصح البياض فاعتبرته شأنا هاما اخترق طيفه مسافات طويلة من كينونتها بعبقرية جد مميزة وخاصة، وفي تلك اللحظة كان قد اقترب كثيرا من مكانها فألقت عليه التحية دون تردد وكأنها تعرفه مند زمن رغم انه كان يساورها تخوف من أن لا يبدي نحوها أي اهتمام .

شاءت الأقدار و اكتملت الأحلام وتحققت، حتى أثارت سكون المكان والأرواح إذ لا الأوصاف ولا اللباس ولا الجمال ولا الغنى يكون سببا في ارتباطيهما وما هو مؤكد شيء آخر استولى على مهجتيهما واعتقل مجامح قلبيهما فانشقت روحها ولاقت من روحه استجابة جمعتهما برباط متين شكل نبضا وضمانة ميزت مخزونيهما العاطفي في أوجهه الواضحة والصريحة و التي تتجلى في ثمرات من الثمار الطيبة التي لا يمكن تذويبها أمام العقبات والتحديات.

الخلاصة

سوف أدلو بدلوي في شق بسيط من سر وسحر انجذاب الأرواح ،إذ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ((( الأرواح جنودا مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف)))

وهذا الحديث المبارك سهل علينا عناء البحث والتقصي في المحبة التي يلقيها الله بين قلوب بني البشر ، وان عدنا لتسمية الإنسان نجدها مشتقه من كلمة الإنس يعني آنس الشيء لهذا وصف الإنسان بمستودع سر الله العظيم فهو الجسد والروح معا، والروح هي الطاقة وتلك الطاقة تحتوي على قوة الجدب الإرادية
ولاإرادية لأن الروح هي الأساس وهي الطاقة المستوطنة في الجسد وهي سر الله وبالتالي هي القوة
الجد بيه ، فهي قوة الجدب الإنسانية و الكون، بحيث تتجسد في طاقات مختلفة تتجاذب مع بعضها فتجعل التحكم في بعض الأمور بالاستعانة على الكواكب و أمور أخرى للتأثير على تلك الطاقات ولم يصل العلم الحديث رغم تقدم أبحاثه للوصول إلى حقيقة شاملة توضح التعامل مع تلك الطاقات والتحكم فيها .

وإذا عرضنا رأي الشق العلمي حول موضوع الانجذاب ، فنجد الإنسان مكون من عدة ذرات مترابطة
ومتشابكة تحمل داخلها كهربة مزدوجة الشحنة ((( سالبة و موجبة ))) فجزئيات الذرة ينتج عنه مغناطيس
متنوع الشحنات يكون له أثر واضح على الإنسان والنبات والمعادن من خلال موجات كهربية يكون مصدرها العقل الذي يستغل مفعول تلك الشحنات بين خلايا المخ في التفكير والذاكرة والربط بين الأحاسيس التي تصل إليه عبر الحواس فيصدر تعليماته للأعضاء لقبولها أو رفضها ، فلكل فرد من البشرية طاقة تحيط بجسده على شكل إطار أبيض اللون يحمل اسم أورا ، الذي اجمع العلماء على أنه إطار المضيء له تأثير على نفسية وصحة وانفعالات الفرد بحيث لا يمكن تجاهل نتائجه.

و يمكن كذلك أن يكون الانجذاب مجرد عاطفة إنسانية تحصل تباعا لتغيير نسبة الهورمونات الحيوية في جسم الإنسان، لكن لكل قاعدة استثناء لأن القلوب بين يدي بارئها يقلبها كيفما شاء ووقتما شاء، لهذا سيظل
الحب مجرد كلمة غامضة المعاني ، فالقلب إذا أحب بصدق لا يكل ولا يمل لا ينسى ولا يتخلى و لا يكترث إلى المظهر أو الشكل وإنما هو إحساس صادق ونبيل ووجدان وشهامة وعاطفة تجعل القلوب تترنح ، تشكوا ، تغار وتنتفض، وإذا اقتبسنا القليل من مسلسل باب الحارة الشهير نجد أن الحب قد يقع أحيانا قبل النظر إلى طيف الحبيب، فبطل المسلسل معتز سهر الليالي باكيا (( خيرية )) حبه الضائع إذ انه لم يعرفها ولم ترها عينيه في زمن أباح كل شيء إلا رؤية وجه الحبيبة بل جعل من هذا أفظع المحرمات وأقساها.

إن الحب الحقيقي حسب ما ورد عن خبراء الاختصاص وعلم النفس لا يرتكز على النظرة الأولى كما هو متداول عند أغلبية الآراء، وإنما ينصهر عن الاقتناع الشامل والكامل بشخصية الشريك الذي يحدد معالمه الواضحة في ذهنه، فالتعريف بانجذاب الحب صعب على أي فرد سواء كان عادي أو عالما أو شاعرا أو مفكرا أو حتى فيلسوفا إلا أنهم أجمعوا على أن الحب الحقيقي يحرر ألذات من ضغوط متعددة قيدت النفس البشرية، وهذا ما أكده إزيك فروم في كتابه الشهير ((( فن الحب ))) الذي ابرز بوضوح على أن الإنسان يستطيع الإحراز بالحب الصادق ذات المعاني السامية إن هو وصل لتحقيق ذاته وثقته بنفسه ، ووصف الباحثون المتمكنون في الاختصاص على أن الحب الذي يقع قبل النظر بالمبدع الفنان ذات الدرجة السامية من الإحساس إذ أنه مثل جهاز رصد الزلازل والبراكين لأنه يتسم بدرجة جد حساسة ودقيقة تلتقط الذبذبات والارتعاش في قشرة الأرض حتى ولو كانت واحد على عشرة في سلم ر يجتر وبهذا سيظل الحب متوهجا إلى ما شاء الله.

أختم مقالتي ببعض الأبيات من كتاب طوق الحمامة للإمام ابن حزم وهو عالم جليل

ويا من لامني في حـــــــــب من لم يره طرفي
لقد أفرطت في وصــفــــــك لي في الحب بالضعف
فقل هل تعرف الجنـــــــــة يوما بسوى الوصف؟

إلى اللقاء في الجزء الثاني

الأحد، فبراير 22، 2009

تائهون بين إنجازات علمية مفرحة وفتاوى مرعبة

صباح الشرقي

اضطرتني الظروف لاصطحاب قريبتي المريضة لتلقيها أولى حصص العلاج الكيميائي للقضاء على الورم الخبيث الذي أصاب مبيضها، وهي تعلم انه لا خيار آخر أمامها إذا تمسكت بالحياة بل تعلم أكثر أنها لن تنعم بأمومة عادية مستقبلا. لمست ألما جارفا في عينيها وحسرة كبيرة على ذريتها التي لم تحضنها بعد من خلال حشرجة صوتها الضعيف فدفعتني موجة قهر غمرتني لأخترق باب البحث عن الابتكارات الجديدة والمتطورة في عالم الطب من أجل معرفة الكثير ومحاولة التخفيف ولو بخيط أمل من معاناة قريبتي.

خلال حصة العلاج توجهت عند دكتور مختص وعرضت عليه وضع المريضة سيما حتى زوجها مصاب بسرطان البروسطات هو كذلك سيخضع لنفس العلاج لاحقا، فرد علي بكل برودة ليتوجها إلى بنك الحيوانات المنوية لتجميد حيواناتهما والاحتفاظ بذريتهما لوقت الضرورة واستأذن.

عدت إلى مكاني وفي راسي يدور ألف سؤال كيف سيحصل هذا وأنا لا أعرف عن هذا الحقل الشاسع إلا القليل، وبعد عناء طويل وجهد كبير وصلت للبنك المذكور وجمعت عدة معلومات ففكرت في طرحها للاستفادة .


تستخدم بنوك النطف لتخزين السائل المنوي في ثلاجات خاصة تصل درجتها المئوية اقل من 196 تحت الصفر للرجوع إليها وقت الحاجة. وان علم تجميد الخلايا بصفة عامة ليس جديدا بل كان موجودا منذ أزيد من عقدين خلت إلا أن ابتكارات وإنجازات حديثة تفوقت على الدموع و المعاناة والألم بل حررت الإنسان من هم ثقيل و قيود محكمة إذ أصبح من الضروري الوقوف بإجلال أمام حقيقة تقدم الطب في شقه الإنساني وإنجازاته الايجابية.

فدينامكية الطب الحديث لا يعترف بالحدود ولا بالعقبات خصوصا بأبحاثه التي تتقدم بخطى قوية و ثابتة لتحرير البشر من أغلال معاناته بالرغم من المعارضة المسعورة بشقها الديني والاجتماعي من اللجوء لمثل هذا العلاج لأن مثل هذه النظريات والاجتهادات العلمية لها خطورة لا يقرها الإسلام حسب رأيهم.

رغم أن بنك الحيوانات المنوية يساعد في حفظ النطف سيما إذا تأكد الفرد بخطر ما يتربص بنسله كأمراض السرطان الفتاكة التي اتسعت رقعتها وتفاقمت ، أو أمام عقم جزئي أو نقص في عدد الحيوانات المنوية أو استئصال الحيوانات المنوية من الخصية الخ ، هذا بالنسبة للرجل أما المرأة قد يساعدها هذا البنك حين تلتحق بركب سن اليأس الذي يحدث تغيرات فسيولوجية تؤثر عليها من كل الجوانب وقد يصبح حظها في الإنجاب شبه منعدم أو عند خضوعها لعلاج إشعاعي أو كيميائي أو عند استئصال مبيضها أو التصاق في الحوض أوفي بعض حالات الأندومتريوزيس أو عند انسداد قناتي فالوب الخ .

إن هذه لأبناك الطريفة تتواجد في جل دولنا العربية والإسلامية إضافة إلى الدول الغربية وقد ظهرت أول طفلة لأطفال الأنابيب في المملكة المتحدة سنة 1979 كذلك تمت أول عملية طفل أنبوب في المغرب سنة 1989 أي أزيد من عقدين وبما أن هذا الإنجاز العلمي حقق الكثير فقد أصبح متداولا بشكل واسع في جل بلداننا العربية والإسلامية رغم الاختلاف في تحريمه وإباحته حيث جاء في الفتوى رقم : 106613 تحت عنوان إباحة اللجوء إلى أطفال الأنابيب بتاريخ6/4/2008 بما أن الإنجاب مقصد من مقاصد ديننا الحنيف، وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج بالمرأة الولود قد ذكر أهل العلم إباحتها في حدود معينة، وبناء على ما ذكر، نقول إنه من المباح إذا لم يتمكن الزوجان من الإنجاب العادي، أما فتوى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان رقم 11283 تحت عنوان أطفال الأنابيب فقد وصف العملية بالعبث بل أكد على أن يُترك الأمر لله عز وجل وعلى الإنسان أن يتزوج ويفعل السبب إن جاءته ذرية فالحمد لله و إن أخفق فالأمر بيد الله أو يلتجأ الرجل للزواج من امرأة ثانية وثالثة ورابعة حتى يحصل على الذرية وإذا أخفق حتى مع تعدد الزيجات فليرض بقضاء الله وقدره ولا يلجأ إلى الأنابيب وعبث البشر.

فقضية أطفال الأنابيب أثارت ولا زالت تثير جدلا كبيرا وشغلت أذهان الكثير بل جعلت الإنسان يتوه بين فتاوى تبيح الإنجاب بهذه الطريقة العلمية على أساس أنها طريقة علاجية فعالة فقط يتوجب مراعاة واحترام شروطها وهناك فتاوى تحرم على أساس الخوف من اختلاط الأنساب والتشكك في أمانة ونزاهة الطاقم الطبي الذي يسهر على العلاج فبأي فتوى نأخذ؟؟؟

أليس هذا الإنجاز العلمي الخارق قضى نهائيا على سنوات اليأس والعذاب خصوصا عند المرأة التي لا يمكن لها الزواج بأكثر من واحد حتى تبحث عن ذريتها كما جاء في فتوى التحريم التي حللت للرجل البحث عن ذريته عند أكثر من زوجة ولو أن غريزة الأبوة والأمومة متطابقة ومتساوية عند الطرفين بل تسمو فوق كل الأشياء؟؟؟

ألم يحول هذا الإنجاز العلمي حلم العديد من العائلات إلى حقيقة تلمس؟؟؟

ألم يمنح هذا الإنجاز العلمي الخارق الأمل لشريحة واسعة وجعلها تسعى وتتشبث بخيط أمل قد يمنحها السعادة التي تتوحد فيها قلوب بني البشر جمعاء؟؟؟

ما هو ذنب فتاة يانعة لم تبلغ سن الرشد بعد أن ابتلاها الله بمرض خبيث قد يحرمها أمومتها ؟؟؟

ما هو ذنب قريبتي التي لم تفرح بذريتها وهاهي تخضع لأولى حصص العلاج الكيميائي المدمر؟؟ ؟

الخميس، أكتوبر 30، 2008

هل يمكن إصلاح صورة أمريكا المكسورة؟

صباح الشرقي

تذكير للعالم، خلال عام 1952 وعد برنامج الجمهوريين " بجعل الحرية منارة أمل يخترق نورها الأماكن المظلمة "
و لازالت أمريكا تعتقد أن ليست لها النية في التدخل في شؤون الآخرين بقدر ما هي غيورة بشراسة على حريات الفرد وكرامته ، خصوصا كرامة الإنسان التي تعتبرها مصلحة حيوية فوق كل اعتبار، ينبغي عليها صونها ويتوجب عليها حمايتها، لكنها تجاهلت سياسة ساستها الذين لا زالوا حتى الوقت الحاضر يحلمون بسطوة الإمبراطوريات الغابرة التي
تجر إلى الإخفاقات الفظيعة و الكوارث المؤلمة ، بل لا زالوا متشبثين بقناعتهم القوية في موضوع استخدام القوة كشرط رئيسي من اجل السيطرة على العالم وإخضاع قطيعه البشري للاستغلال والاستبداد والإذلال والعبودية.

أمريكا راعية الحريات نشرت الرعب بشتى ألوانه، قننت قوانين كسرت كل قواعد المنظور الإنساني حتى أصبح ساستها وسياستهم رمزا للذعر والإرهاب والترهيب المتسلط، أصبحت قوة استعمارية بدون منازع وبقوة قانون الغاب حتى جرت العالم الحديث إلى مستنقع بؤس وخزي أسوأ من العصور المظلمة و بالتالي دمرت حتى ابسط ضروريات الحياة وبهذا تكون قد وجهت طعنة غادرة لتطهير العالم من رواده.

أمريكا الغيورة على الحريات أظهرت عن مستور نيتها وحددت الخطوط العريضة لسياستها ، وفند هذه الحقيقة المرة معظم المؤرخين العالمين والأمريكيين بحيث اجتمعوا على أن سياسة أمريكا في القرن الواحد والعشرين والسياسة البوشية على وجه الخصوص بالسيئة والخطيرة بل المثيرة للرهبة، فمهزلة سياستها الفجة المتأرجحة بين التناقضات وقفت بالمرصاد أمام الخيوط الحريرية المبنية على أوهام القوة المثالية التي تسعى وراء الانفراد بحكم العالم بالقوة والنفوذ وليس بسعة الصدر والحوار والبحث عن الحلول، بقمع الإخاء والوئام وليس باحترام الحقوق والحريات بنسف الأمن والسلام وليس بالإخلاص والارتباط ، فبددت الأحلام والأوهام حتى تلاشت فانهارت معها الثقة والآمال التي تعلقت بها كوكبة الجماهير وأصبحت أمريكا العظمى مجرد ديكتاتور العالم ولم يعد بوسعه حتى السيطرة على نفسه .

أمريكا العظمى أصبحت بقوة قادر قضية القرن الواحد والعشرين وبامتياز، تألقت فيه على مختلف الأصعدة ، سيما نزعتها للعنف والعدوان ،للترهيب والحروب، للاستغلال واستعراض قدراتها الاستخباراتيه والعسكرية، ما إن حلت ضيفا ثقيلا على بلد حتى فرقت مكوناته ونشرت الرعب بين ثناياه ودمرت ربوعه، وابتدعت الفتن و التناحر والانقسام وأججت العنصرية والتفرقة حتى انه لم يسلم من شرها شبر على وجه البسيطة.

باسترجاع الأحداث القريبة جدا، نرى أمريكا راعية الحريات والأمن والسلام اعتمدت في العديد من الحالات على المراوغة والمآمرات الدنيئة وعلى ضربات المدافع وقاذفات القنابل وعلى استخدام الأسلحة الأكثر فتكا بالأرض والبشر كما حصل في فيتنام وهيروشيما في فلسطين والعراق في أفغانستان وكوسوفو في أوزبكستان و إيران في السودان والصومال الخ، تلك هي القوة الأمريكية الغاضبة المغرورة الفخورة بعظمتها التي تجر الحريات في أذيالها، افتعلت تحرير العراق من ديكتاتور وتجاهلت دكتاتوريتها المتوحشة التي انتهكت كل قواعد حقوق بني البشر، والتي جعلت من الشرق الأوسط ارض اختبار لسياستها المظلمة ولأسلحتها البيولوجية والكيماوية المرهبة بل أباحت لنفسها كل محرمات الأرض ضاربة عرض الحائط بكل المعايير الاجتماعية والإنسانية والقانونية.

قوضت أركان العالم من كل الجهات وزجت بالجماهير في مستنقع النفايات من خلال المس بحرياتهم وحقوقهم وإيذاء أمنهم والعبث بالسلم والسلام العالمي وما يترتب عن هذا الجرم من خسائر بشرية ومادية فادحة جعلت الشعوب تعاني في مناطق عديدة ومختلفة من العالم وكل هذا من أجل تهيئ التربة الصالحة لتفريخ الصراع بشتى ألوانه الزاهية التي ينعكس صداها سلبا على النفس البشرية ووضع الإنسان ومصيره ومستقبله وبهذا تكون القوة العظمى الأمريكية تعي وتدرك جيدا مسار مصالحها وأمنها على نحو منعزل عن أمن واستقرار بقية مناطق البسيطة و بهذا تكون أطروحة أمن أمريكا لا ينفصل عن أمن واستقرار العالم غير صحيحة ومن ثم فهي فعلا تقود العالم بل تسيره بإرادتها الخاصة والمنفردة والعجيبة .

إن واقع الأحداث والأوضاع الدولية الراهنة صفع بعنف السياسة الأمريكية وعرى عن دسائس صانعيها فانقلبت الصورة وأصبح راعيها حراميها وفق منطق الممارسات التي تستند عليها سياسة الاستفزاز و الهيمنة على القيادات والمجموعات الدولية في شتى أنحاء المعمور و قمع أية محاولة استقلالية لأي قطر في العالم و سعيها المفرط إلى تكريس زعامة العالم وسيطرتها عليه وإحساسها بعدم قدرة أي احد أيا كان رفض ما تمليه وتفرضه أو حتى الاعتراض عليه والحقيقة الواضحة للعيان تفيض بعدة وقائع تزكي الاعتقادات والأحاسيس الأمريكية المدعومة بتفوق سياسي وعسكري واقتصادي تجعلها تتربع اليوم على كرسي زعامة العالم بدون منازع لكن وللأسف الشديد لا زالت تطمع ي لمزيد.

زمان ارتكبت ألمانيا جرائم بشعة ضد المدنيين وقد يكون إجرام النظام النازي القذر ارحم بكثير من عنصرية أمريكا المتعصبة وأفضل من مقياس دمارها للكرة الأرضية ترابا وبشرا والشيء الذي احترفه صناع قرارها بدقة فائقة كان سببا كافيا لتصاعد العداء ضدها، عداء لا يرجع إلى صراع حضاري و لا صراع مع الأصولية الإسلامية ولا عداء للحضارة الغربية ولا إرهاب إسلامي عربي متشدد بقدر ما يعود إلى اختلال في الموازين وعدم وجود عدالة حقيقية وديمقراطية نزيهة في عالم حر يصون ديموقراطية الإنسان قبل كل شيء.

رغم كل ما سبق ذكره لا زلنا نجد على معظم المواقع العربية على وجه الخصوص إعلانات عن يانصيب أو القرعة للهجرة إلى أمريكا، ذاك البلد الذي تتجه له الأنظار من أجل الحرية والمتعة والعدل والمال والمساواة.
• لم تعد أمريكا تجذب الجماهير
• لم تعد أمريكا الدولة المفضلة عالميا ليعيش فيها كافة البشر بحرية وأمن وسلام.
• لم تعد أمريكا الأرض المفضلة التي تسمح للمستضعفين والمنبوذين من دولهم التعبير فيها عما يخالج صدورهم.
• لم تعد أمريكا مكانا آمنا لأحد حتى للأمر كيين أنفسهم.

وحول ضوء ما سبق ذكره لم تعد توجد أي مسلمات بل كل شيء يجب على أمريكا أن تعيد النظر فيه لأن ردود الفعل العالمية بما فيها الشعب الأمريكي اتخذ شكل التمرد العلني الذي له تأثير قوي على مسار سياستها المغلوطة ومكانتها العالمية ومدى مصداقيتها وقد حذر من هذه النتيجة السلبية عدد كبير الخبراء وأصحاب الرأي العالميين ، قد تكون لا تعي بطبيعة موقفها الممجد للحروب المعتمد على قوة السلاح وصفته الاستعمارية وهيمنته الزاخرة بالثغرات والعثرات ومواطن الخلل الذي يحفر انطباعات شديدة الإيلام لدى الأغلبية والذي يسفر عن ازدياد فجوة الوعود الكاذبة والتطبيق المتآكل.

إن العالم الذي تحلم به أمريكا لن يتأسس بالحروب ولا بالترهيب ولا بالترغيب ولا بالاستغلال ولا بالاستفزاز و لا بالاستبداد بل يمكن أن يتحقق بتوفير الأمن الحقيقي والسلام الشامل وتوفير الغداء والماء والرعاية الصحية والتمدرس والتنمية والنمو الاقتصادي وصيانة حقوق الفرد وعدم التبجح بإظهار المخالب والأنياب الفتاكة والتخلي عن الصور المصطنعة وتناقضها الذي يؤكد اهتزاز مصداقيتها وأمنها وتفوقها المطلق ومراعاة تصاعد عواقب عدم تسوية الصراع العربي الإسرائيلي والبحث عن كيفية إقامة نظام عالمي تسوده قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان النزيه والعادل، واستقرار أمن العالم وحل مشاكله المختلفة بطرق عادلة وديمقراطية حقيقية لأن الأمن القومي الأمريكي الشامل لن يتوفر إلا بإجراءات عسكرية متوازنة القوى عالميا تدعمها إجراءات أخرى نابعة من رؤى جادة لسياسات الولايات المتحدة تجاه القضايا العالمية والعربية على وجه الخصوص، بل يجب عليها أن توظف ورقة تقدمها العلمي والتكنولوجي والصناعي من أجل تحسين الوضع العالمي والتخفيف من معاناة الشعوب الذين هم بين مطرقة عدو عنيد وحاكم متسلط غير قادر على تحمل أعباء المسؤولية على عاتقه.

من حق أمريكا على الرأي العام تذكيرها بضرورة مراجعة سياستها العالمية التي تفرخ مثل هذا الاحتقان والتمرد فالسلاح السلمي التنموي قد يحقق لها حلمها باحتواء العالم وربح رهان معركة القرن 21 وحماية جزيرتها من المصائب والتهديدات التي توعد بسقوط إمبراطوريتها العظمي إذ لا يوجد فرق بين تمرد شعبي ضد حكم وحاكم محلي مستبد وتمر شعبي عالمي ضد استبداد أمريكي، لأن العالم حر... حر ...حر ملك للجميع فيه نحيا ولا غنى عنه ونأمل ونتمنى أن يظل مركبا موحدا متساويا مهما تشابكت سلسلة الأحداث التي لا نختلف في جوهرها ولا في نتائجها أمام معارك الاستبداد الذي تشكل بركان متمردا ينمو فينمو حتى تتناثر حممه التي يستحيل على الاستبداد مقاومتها أو الوقوف أمام وجهها مهما عظم .

الأربعاء، أكتوبر 08، 2008

أزمة خانقة يجب استئصال شأفتها

صباح الشرقي
ها نحن اليوم نقف على مشارف أعتاب الألفية الثالثة ونقف كذلك عند مجمل الأحداث والوقائع التي واجهت
عالمنا الإسلامي فوجهت مصيره للأسوأ بسبب مفعولها الذي لا زال يؤذي العباد بصفة مباشرة أو غيرها ، فالمسلمون يقفون حاليا في مأزق تاريخي وإنساني وسياسي واقتصادي وأخلاقي لا يحسدون عليه، سيما أمام مهرجان التغيير والحداثة والتطوير الذي غالبا ما يجبرهم على تحمل الأضرار بصمت وبدون أدنى مقاومة.

الشواهد عديدة ولنتناول منها كمثال حي " أزمة الغلاء " التي عصفت بحياة المواطنين عموما وذوي الدخل
المحدود في المنظومة الاستهلاكية خصوصا لأنهم هم الأكثر تضررا، فاختلال الموازين التجارية والإنسانية
منح للقوة المدمرة صلابتها في تحويل هيكلة الاقتصاد العالمي ومن ثم في شحن أذهان العباد لأن بعدها البشري وعبئها الواقعي جعل المواطنين غير قادرين على مواجهة حرب تدمير البطون ومواكبة صيرورة الحياة خصوصا
أمام عجز أولياء أمورهم من احتواء الأزمة الجارفة لحق الفرد على وطنه أو التصدي لها من خلال خلق منظومة
واضحة و محددة من التشريعات ذات الأهداف الأصلية التي تحمي الفرد من الجوع وتقيه من الانحراف وتؤمن له ولنسله حياة كريمة بل تخدم مصالحه والأهداف الإنسانية في وقت عصيب.

لقد بلغت الحضارة الإسلامية أوجها في الماضي وامتدت خارج حدودها واخترقت الصعاب بفضل ذكاء رجالها
وصدى أفكارهم العامة الفعالة الناجعة التي جعلت تاريخ المسلمين مليء بالبطولة والانتصار والمواقف
الحازمة نقيض ما نلمسه اليوم من تخاذل وانبطاح وتبعية وفساد حتى أضحت الجماهير في حيرة على ماضيها المجيد وحسرة على حاضرها المرير الفاقد للأمن والاستقرار الخالي من الغايات الإنسانية التي تضعف الأمل في تحقيق وضع أفضل مما هم عليه في الوقت الراهن.

أصبح كاهل الأمة مثقل بالأعباء ورقعة الفقر اتسعت والاحتجاجات تضاعفت والانفعالات تعددت والجريمة انتشرت
ومهرجان الفساد شاع وطفا بريقه، سيما أن الطبقة الفقيرة هي التي تؤدي دائما الثمن وأي ثمن؟ تعرضها الدائم لشتى المخاطر خصوصا أمام انعدام الأمن الغذائي ولأنها هي فقط التي تنفق دخلها بالتمام على بطونهم.لهذا وأمام هذا الوضع الشاذ أصبح أصحاب القرار مطالبين بعدم التكهن بمستقبل غير محسوب لمواطنيهم ولابد من أخد الحذر والتمييز الفعال وعدم الخلط في سياسات تجهل الأسباب الجذرية للأزمة وتؤدي إلى أهداف غير متوازنة بل غير موفقة تغير حتما مجرى المصالح العامة والإنسانية والتي لا تحقق أي قيمة حقيقية للفرد داخل مجتمعه بقدر ما تساعد على استفحال توجيه السهام المغموسة في السموم الفتاكة مباشرة إلي صدور المعوزين

إن المنطق الحصيف يدعو اليوم أكثر من ما مضى جل الساسة الطاغية للعمل والبحث عن تدابير فعالة تؤمن العباد من خطر داهم يأتي على الأخضر واليابس، أن توفر جسورا للعبور عبرها إلى بر الأمان فسلامة البشرية مستهدفة والفخاخ منصوبة والرياح المعادية عاتية، والموالاة مع الأعداء واضحة، وسوء النية مبيتة تزج إلى الاقتتال داخل أمة واحدة تدفع حتى الزعماء للتناحر فيما بينهم من أجل حفنة من المطامع أو سلطة ضيقة، علينا جميعا الاستفادة من المشهد السياسي الراهن خصوصا ذلك التمزق الحاصل بين ثنايا الأمة الإسلامية من اجل استئصال الإسلام والقضاء على المسلمين.
هل حقيقة الغايات الإنسانية النبيلة في طرف الحداثة وجدلية التغيير أصبحت تفرض على الجماهير التطلع للأعداء ؟ وتأمل من الخصوم أن يصلحوا ما فسد حالمة ببريق تفاؤل مفقود؟ وهذا رغم اقتناعهم بأن هؤلاء حتى وان مدوا أيديهم ستكون أيادي مكر ومذلة وغدر بل سيتحينون الفرض للانقضاض عليهم والفتك بهم والتخلص من ضجيجهم للأبد.

إن الواقع يرفض وضع الأمة الإسلامية المتأرجح، فأولوية الشروط التي تفرضها طبيعة تجويع البطون وتفريخ الجيوب في مرحلتها التاريخية الحاسمة سيما أن الحضارة الإنسانية واحدة اليوم وإنسانيتها هو ما يجب أن نثابر من اجله حفاظا على سلامة وجودها من خلال تدبير حكيم ، فعال، مكثف وصحيح وهذا مرهون بوضع خطط تحدد المتطلبات بمنطق المسؤولية وبدعم قوي لكل الشرائح المتضررة حفاظا على صيرورتها وسلامتها ووجودها لكي يتمكن الجميع من مواكبة الإيقاع الذي فرضه التحول الاقتصادي الكبير الذي يشهده العالم.

الاثنين، يناير 07، 2008

تداعيات الاقتصاد العالمي أحد الأسباب الموضوعية لموجة الغلاء

صباح الشرقي
المغرب
بامكانكم مشاهدة صورة الكاتبة عبر الشريط المعروض في اعلى الصفحة

شهد العالم عموما والدول العربية خصوصا موجة غلاء طالت الأسعار الأساسية والتي لم يسبق لها نظير، إذ لم تصبح الظاهرة مجرد تقديرات متواطأ عليها ضمنيا وذلك من حيث التطور السريع الذي شهدته معظم المواد الاستهلاكية و المواد الغذائية كالخضر والفواكه والزيت والحليب والخبز والمحروقات والخدمات الحيوية مثل النقل والاتصالات والماء والكهرباء بينما النقيض في هذه الموازنة هو انخفاض سعر المواطن العربي حتى الحضيض إذ أصبحت الظاهرة واقع ملموس ومفروض لم يستثني أي قطر عربي.

فالانتهاك والاستهانة بالقدرة الشرائية للمواطن تعني التجويع المنظم وليس هناك أخطر وأسوأ من التجويع، لهذا أصبح من الضروري تسليط الضوء عليه وإثارة الجوانب المسكوت عنها والبحث عن وسائل العلاج المستعجلة لهذا الملف الإنساني الحساس من حيث أبعاده وخطورته والأولوية التي يتوجب التركيز عليها.

على سبيل المثال عرف المغرب مؤخرا عدة احتجاجات شعبية سلمية ضد موجة الغلاء رغم أنها أحيانا تخرج عن طابعها السلمي وتتحول إلى مواجهات بين المعتصمين وقوة حفظ الأمن أسوة بباقي الدول العربية إذ ترجع للأذهان ذكرى أحداث 24/02/1981 التي سقط فيها عدد من الشهداء ولقبوا (( بشهداء الكوميرة)) يعني شهداء الخبر،مما جعل الجميع يسأل كيف يمكن للمواطن العربي الحديث العيش بدخل اشتراكي ومصروف رأسمالي؟؟؟؟

لنتناول الأسباب الكامنة وراء الغلاء في المغرب

أجمع أصحاب الاختصاص في الميدان على أن موجة الغلاء وراءها ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية في السوق الدولية إذ كان سعر البرميل خلال سنة 2004 لا يتجاوز 30 دولار بينما قفز سعره إلى ما يناهز 95 دولار للبرميل الواحد يوم الثلاثاء 30/10/2007 ومع ارتفاع سعر النفط تتأثر باقي الأسعار التابعة ومن تم تخرج عن السيطرة كما هو الوضع الحالي لكن تبقى الدول المنتجة والمستهلكة تتناحر في دوائر مغلقة وكلاهما يتبادلا الاتهامات محاولين التنصل من مسؤولية ارتفاع سعر النفط .

في المغرب تضاربت الآراء حول أسباب موجة الغلاء هناك فرق يعزي ذلك للاختلال الواسع في تزويد السوق المغربية بالمواد الاستهلاكية الأساسية وتوفير مخزون كاف للاحتياجات قبل ارتفاع ثمنها في الأسواق الدولية ، وفريق آخر يرى أن ارتفاع نسبة الضريبة على القيمة المضافة شكلت تأثيرا مباشرا على أثمان السلع ، وآخر يرى أن الخصخصة هي التي قادت لاحتكار السوق كذلك مع ارتفاع بعض الرسوم المعمول بها في أسواق الجملة والتي بدورها تساهم وتأثر على ثمن المواد الاستهلاكية الأساسية مثل الحليب والخبز والقهوة والشاي والخضر والفواكه... الخ. ونخبة أخرى تعزي كثرة الطلب ونقص العرض العالمي وراء الظاهرة وأخرى ترى أن اضطراب المناخ كالأعاصير والجفاف الذي ضرب المغرب وبعض البلدان الكبرى المنتجة من بين الأسباب ،و آراء أخرى تعزي الظاهرة لسبب الجهل بثقافة حماية المستهلك المغربي والعربي عموما وعدم حضورها في الوقت المناسب وبشكل أساسي في ضبط وتنظيم ومراقبة الأسعار من خلال المراقبة المستديمة والفعالة للمستوردين الكبار والتجار الذين يفرضون أسعارهم على المواطن المغلوب على أمره.


جاء في تقرير مكتب الصرف المغربي الصادر في شهر أكتوبر / تشرين الأول 2007 أن واردات المغرب الغذائية تضاعفت مما كانت عليه في السابق حيث ارتفعت قيمتها إلى 15.12 مليار درهم الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة عجز الميزانية، و لنأخذ كمثال واردات القمح بما فيها الذرة والشعير التي قفزت من 3.61 مليار درهم سنة 2006 إلى 7.90 مليار درهم خلال 8 اشهر الأولى من نفس السنة الجارية وتفند نتائج هذا التقرير أطروحة ارتفاع المواد الأولية الأساسية في الأسواق الدولية التي تأثر بدورها على أثمان المواد الاستهلاكية المحلية خصوصا والمغرب يستهلك ما يناهز35 مليون قنطار من القمح سنويا مما يجعله مضطرا لاقتناء 4 ملايين قنطار لتسديد النقص خلال الأشهر المتبقية من السنة الجارية .

وتعتبر الدول العربية الأكثر استيراد لمادة القمح في العالم، نفس الشيء حضت به مادة الحليب إذ قفز سعرها من 1200 ارو إلى 4200 ارو للطن الواحد ويعود هذا الغلاء إلى ارتفاع الطلب عليه من قبل بعض الدول الكبرى كالصين والهند مقابل ضعف العرض نفس المصير بالنسبة للزيت والسكر... الخ.
إذ عزى وزير الشؤون الاقتصادية العامة بالمغرب السيد الطالبي العلمي أن مشكل ارتفاع الأسعار بنيوي وحسب رأيه من بين أهم الأسباب التي ساهمت في الظاهرة هو ارتفاع أسعار النفط حيث انعكس هذا التحول سلبا ولم يتحمله صندوق المقاصة المغربي من اجل دعم وتحريك نظام المقايسة القاضي بمسايرة ركب ارتفاع أسعار المحروقات الذي سجله السوق الدولي والذي اثر على تكاليف الإنتاج وحين تم التخلي عن هذا الصندوق الحساس تضررت القدرة الشرائية للمواطن المغربي في ظل جمود الأجور ، وأكد على عدة تدابير اتخذت من قبل الحكومة من اجل التعامل مع الوضعية الراهنة مفادها تزويد السوق المغربية بالمواد الأساسية ثم التخطيط والعمل على معالجة الأسعار.

وحسب آخر تقرير للبنك المركزي المغربي الذي أصدر بيانات حول نسبة التضخم في المغرب والتي فاقت كل التوقعات إذ ناهزت 3 % مقابل 0.8 و 1.5% خلال السنة المنصرمة والسبب يعود إلى ارتفاع الأثمان الذي يسددها سنويا.

لكن الزيادة التي طالت الضريبة على القيمة المضافة الخاصة بالسلع الاستهلاكية والخدمات الحيوية لها تأثير كبير على الأسعار من خلال ضغطها على تثقيل سعر البيع ، وقد قامت الحكومة خلال سنة 2006 ببعض الإصلاح الضريبي الذي جاء به قانون المالية لنفس السنة حيث ثم رفع نسبة القيمة المضافة على المواد الاستهلاكية مثل الزيوت باختلاف أنواعها والسكر والقهوة والزبادي ... الخ في نفس الوقت رفعت نسبة العمليات البنكية من 7 إلى 10% و حذفت الإعفاءات عن القروض التي كان يستفيد منها الفلاحين إذ أصبحت تطبق نسبة 10% أسوة بباقي العمليات التي تعرفها لأبناك إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق العالمية وهذه التغييرات كلها آثرت على الأسعار وانعكست بالتالي على القدرة الشرائية للمواطن.

لكن ما يثير المخاوف حقا ا هو احتكار السوق المغربية في ظل الظروف الحالية الجد الصعبة من قبل قطاعات ومؤسسات تمت خصخصتها فمثلا نجد ثلاث شركات للاتصالات تنفرد بالسوق المغربي والمواطن لم يلمس أي تنافس يخدم مصالحه بقدر ما أصبح متأكدا من اقتسام الحصص لأن سعر المكالمة في المغرب لا زال هو الأعلى في العالم ولم يعرف أي انخفاض أو تعديل نفس المصير عرفه قطاع الماء والكهرباء طالته بدوره الزيادة في الأسعار عوض التخفيض منها رغم أن الحد الأدنى للأجر اليومي ارتفع إلى 48 % لكن ارتفعت كذلك تكلفة المعيشة التي ناهزت 57 %.

فموجة الغلاء خيمت بظلالها على كافة السلع والخدمات الحيوية وبالتالي أفرغت حمولتها الثقيلة على القدرة الشرائية للمواطن الأمر الذي انعكس على صمته ومحاولة تكييفه مع التغيير فانطلقت الاحتجاجات المتكررة على الكثير من الأصعدة وعلى مختلف البلدان العربية لكن لا زال الغموض يشوب التكهن بالمستقبل وما سيأتي بع الغد بالتحديد مع الارتفاع المستمر في سعر للذهب الأسود العالمي.

يعتمد الاقتصاد المغربي كغيره من البلدان على النفط ولا يتوفر إلا على نسبة ضعيفة من الطاقات البديلة والتي يستغلها بشكل أضعف ، ليس كبعض الدول التي التجأت لها لتأمين ولو جزء متوسط من احتياجات سوقها الداخلي كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح... الخ هذا ما جعله مرتبطا بقوة مع تقلبات الأسواق الدولية العالمية، وبالمناسبة نلقي نظرة على السلع المنتجة في المغرب وسعرها حسب ما جاء في تقرير المندوبية السامية للتخطيط بخصوص الناتج الداخلي الخام لسنة 2005 والذي من خلاله يمكن معرفة تركيبية السلع المنتجة داخليا.





الدرهم يساوي تقريبا 8,80 دولار

مليون درهم
345637,40


مجموع الضرائب على القيمة المضافة
1
"
77556,00


الإدارة العمومية
2
"
75789,00


الصناعة
3
"
64695,00


الفلاحة والصيد البحري والمواشي
4
"
55039,10


التجارة
5
"
45056,70


خدمات متنوعة مسوقة
6
"
34427,30


ضرائب رسوم وحقوق
7
"
34601,30


النقل والاتصالات
8
"
24716,00


خدمات بنكية
9
"
24216,40


البناء والأشغال العمومية
10
"
24187,00


مؤسسات مالية
11
"
19535,90


الكهرباء والماء
12
"
9441,50


الإيواء والمطاعم
13
"
9219,40


تكرير البترول
14
"
8197,00


المعادن
15
"
73,30


البترول والمحروقات
16
"
457620,70


الناتج الداخلي الخام
17


فالمغرب يعتمد على الأسواق الخارجية لسد نقص حاجياته الداخلية إذ بلغت تكلفة إنتاج القطاع الاقتصادي لسنة 2005 ما يناهز 40637345 درهم وقيمة الصادرات بلغت 50884104 درهم
فإذا قمنا بطرح المبلغ الأول من المبلغ الثاني سوف نحصل على 10246759 درهم و الذي يمثل نسبة النقص المسجل في السوق الداخلية ، مع الإشارة أن الإتحاد الأوربي احتل المرتبة الأولى في الاستثمارات الخارجية المباشرة للمغرب ما بين سنة 2001-2004 بنسبة 84,3 % ، أما أمريكا فلم تمثل سوى 10,9% من إجمالي نسبة الاستثمارات رغم حضورها السياسي القوي في المغرب . و قد وصلت القروض الأجنبية للمغرب (خلال نفس فترة هذه الاستثمارات ) إلى 79,30 مليار درهم .
( المصدر: التقرير المالي و الاقتصادي 2006 ) .
مع أن واردات المغرب للمواد الأساسية خلال سنة 2005 بلغت 148175 مليون درهم أي بنسبة
72 , 75 % ، لكن مع تزايد عدد السكان الذي ناهز 30 مليون نسمة تقريبا (حسب الإحصاء الرسمي لسنة 2004) إذ من بين هذا العدد توجد 10 ملايين من الساكنة النشيطة فقط أي ما تبقى وهي نسبة 68 % هم خارج دورة الإنتاج وبالتالي يتعذر بل من المستحيل عليهم مسايرة ركب التغيير من اجل الحصول على وسائل العيش الكريم. هذا بالإضافة إلى عنصر الضريبة على الدخل الجد مرتفعة إذ تطبق وتطرح نسبة 40 % على الدخل مابين( 5000 و10000) درهم شهريا ( ونسبة 42 % على الدخل الذي يتجاوز 10000 ) درهم شهريا كذلك تطبق ما يسمى (بالضريبة على الشركات) أي على الأرباح السنوية للأشخاص المعنويين الذين يزاولون أي نشاط تجاري أو صناعي بنسب تختلف ما بين 35 % و39,6 % وتطبق كذلك ما يسمى بالضريبة على القيمة المضافة)) التي تفرض بنسب مختلفة على السلع و الخدمات انطلاقا من ((7% . 10% . 14% . 20% ))

((تعريف بالضريبة على القيمة المضافة ))

هي ضريبة غير مباشرة رأت النور لأول مرة سنة 1954 في فرنسا بفضل الأستاذ موريس لوريه الذي وضع قواعدها الرئيسية سنة 1953 إذ تستمد معظم الضرائب تسميتها من الوعاء الضريبي الذي تفرض عليه فضريبة الدخل مثلا هي الضريبة المفروضة على المداخل كالأرباح و الرواتب ، أما الضريبة على القيمة المضافة و كما يدل اسمها تعني القيمة المضافة عن كل عملية تجارية، وقد استقر رأي بعض الاقتصاديين مثل جان ميل ، اعتبار التكاليف أساسا لتحديد القيمة لذلك تعرف القيمة المضافة في كل المراحل الاقتصادية بأنها الفرق بين قيمة السلع المنتجة و قيمة المواد التي أدخلت في إنتاجها و من ناحية الضريبة ، فالقيمة المضافة تمثل الفرق بين ثمن بيع السلعة أو الخدمة و ثمن شراء المواد الأولية و الخدمات الداخلية في إنتاجها ثم تسويقها وتطبق الضريبة على القيمة المضافة في أزيد من 127 بلد وفقا للقانون الجاري به العمل في تلك الدول))
هنا تتضح حمولة الوزن الثقيل الذي يفرض على المواطن عموما إذ كيف يعقل أن يؤدي نسبة 20 % كضريبة على القيمة المضافة أثناء تبضعه اليومي و تقتطع نسبة 40 أو 42 % من دخله كضريبة على الدخل ؟؟ و كيف له أن يواجه أعباء الضريبة لوحدها التي تساهم بشكل كبير في قضم قدرته الشرائية ؟؟؟؟
انتهاك صارخ بحقوق غالبية المواطنين في جل الدول العربية والنامية والتي تكون سببا في التوترات الغير مرتقبة والاضطراب والهزات العنيفة، التي تؤدي إلى انتشار الجرائم والأمراض النفسية والانتحار والفساد والقبول بالرشوة وتضاعف عدد أطفال الشوارع والمتسولين والمتشردين والبغاء ....الخ

المغرب لا يتوفر على منتجات محلية أساسية يتم تصديرها للمستهلك الخارجي مثل النفط لهذا لا يزال اقتصاده تقليدي شبيه بالدول النامية فلازالت أمامه تحديات جسام مثل التقليص من النفقات عموما و الحكومية خصوصا وتشجيع القطاع الخاص من اجل خلق صناعة موجه نحو التصدير لتساهم في تحقيق معدل نمو اقتصادي متواصل خصوصا وان العملة المغربية أصبحت قابلة للاستبدال مع باقي العملات الأجنبية في مجالات الاستثمار والمعاملات والحسابات كذلك يجب الاهتمام على تحسين مكوناته الأساسية مثل الزراعة والصناعة والسياحة وصادرات الفوسفات... الخ ، ونعود من جديد لقانون الضريبة المطبق في المغرب التي يعتبر ضمن الوسائل الرئيسية التي تحقق أهداف الدول باعتبارها إحدى المصادر الرئيسية للتمويل والوسيلة الفعالة التي تسهل الطرق للتدخل في جميع أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية ونظرا لأهمية هذا الملف الحساس يجب إصلاحه وتحديث هياكله بما يتلاءم مع مصالح المواطنين ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي الجديد.

حسب التقرير الاقتصادي والمالي المغربي لسنة 2007 الصادر عن وزارة المالية ، جاءت ميزانية سنة 2005 كما يلي

الدرهم = تقريبا 8,80 دولار
مليون درهم
المصاريف

المداخيل

62020,00
الموظفون
43241,00

الضرائب المباشرة
36131,00
الباقي تسديده للموظفين
38439,00

الضرائب الغير مباشرة

الديون العامة
12409,00

حقوق الجمارك
2389,00
الديون الخاردية
10373,00

مداخيل غير جبائية خارج الخوصوصة
14930,00
الديون الداخلية
6369,00

حقوق التسجيل والتنبر
11269,00
المقاصة
6899,00

مداخيل الخوصصة
ناقص 4926,00
الصناديق الخاصة
3911,00

مداخيل حسابات خاصة للخزينة
20084,00
مصاريف الاستتمار



141897,00
مجموع المصاريف
121641,00

مجموع المداخيل

النتيجة جاءت بعجز في صندوق الخزينة العامة بمبلغ 20256.00 مليون درهم ، أي ما يعادل نسبة 4.43 % من الناتج الداخلي الخام والسبب في ذلك حسب نفس الوزارة راجع لخفض النفقات العمومية نتيجة الظروف الغير ملائمة أهمها دعم المنتجات النفطية بسبب ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية، إضافة إلى نفقات الموظفين من اجل المغادرة الطوعيه والتحويلات للصندوق المغربي للتقاعد ودعم الشركات العمومية التي توجد في وضعية حرجة ومحاربة الجفاف، وقد وصلت ديون المغرب الخارجية آخر سنة 2005 إلى 871115,00 درهم وأي تأخير في الأداء تكون له عواقب غير حميدة رغم انخفاض نسبة الفائدة على المستوى العالمي.

كل ما سبق توضيحه يؤكد أن الحكومة المغربية لا زالت تعمل جادة من أجل إعادة التوازن لميزانية الدولة من خلال عدة تدابير مختلفة اتخذت وعلى أكثر من جبهة لن أتطرق لها بالتفصيل خلال هذا النص أهمها المبادلات التجارية الخارجية التي تستنزف خيرات البلاد وتساهم في ارتفاع وثيرة الفقر وهذا ما أكده التقرير الاقتصادي والمالي لسنة 2006 الصادر عن وزارة المالية المغربية والذي اقر على أن الحكومة أنجزت دراسة استراتيجية خرجت بخلاصة على أن مفتاح التنمية في المغرب هو خلق صناعة قابلة للتصدير بنسبة تعادل 70% وعلى هذا الأساس أعادت صياغة بعض القوانين التي تساير ركب هذه الدراسة الهادفة فأحدثت مدونة الشغل ، ومدونة التجارة، ومدونة الضرائب ، والميثاق الوطني للتربية والتعليم وجددت هيكلة جل مؤسسات الدولة لتهيئ الحقل المرن المناسب لتحقيق وإنجاز وإنجاح الدراسة المعتمدة ورؤيتها الاستراتيجية.
توضيح / إن مناقشة الملف المغربي بتفصيل واسع مجرد نموذج وليس وضع خاص ومنفرد عن باقي الدول ، لان ما حصل فيه ممكن أن يسري على باقي دول العالم سواء العربية أو الغربية أو النامية والمعاناة واحدة

لنتناول انعكاسات ظاهرة الغلاء بالوطن العربي.

ليس مهما إحضار الشواهد والحقائق التي تؤكد أن كافة الأقطار العربية والدول النامية تعاني من موجة الغلاء لأن الأحداث الأخيرة التي عرفتها جميع الساحات واضحة المعالم كذلك الأسباب الكامنة وراءها، لأن كافة البضائع و الخدمات الحيوية عرفت الزيادة إن لم أقل عدة زيادة متعاقبة ومن هنا فرض سؤال ملح نفسه وهو : هل ما يحدث ظاهرة تجويع المواطنين عمدا من اجل تركيعهم وإخضاعهم للأنظمة وقراراتهم المتناقضة ؟
رغم أنني لست مع هذا الطرح لأن أصحاب القرار كيف ما كانت جنسياتهم أو سياساتهم أو منهج تفكيرهم لن يقفوا وراء تجويع شعوبهم بشكل متعمد، لأن لهم القناعة الكاملة أن أخطر شيء يمكن أن يعبأ ضدهم الرأي العام هو التجويع ألقصدي ‘ إذا لن ولن يغامروا بالدخول في عش الدبابير.وحسب كل المعطيات فظاهرة ارتفاع معدل الأسعار وارتفاع مستوى التضخم عرفه العالم سواء الغربي أو العربي وهذه بعض النسب التي سجلت خلال السنة الجارية في مختلف الدول .

تعريف مقتضب لمصطلح (( التضخم ))

يختلف مفهوم التضخم حسب المدارس الاقتصادية المختلفة، فالمدرسة الكلاسيكية تشير إلى أن الأسعار تتحدد بالتفاعل الحر بين العرض والطلب للسلع والخدمات، إذ جاءت معادلة (فيشر) واستقرت على أن المستوى العام للأسعار يساوي كمية النقود المتداولة . أما النظرية الكلاسيكية التي حدثها(كمبردج) تقول أن حركة الأسعار التي تعني معدل التضخم يتناسب طردا مع كمية النقود، ويتناسب عكسياً مع حجم الإنتاج ومعدل الطلب على النقود .و المدرسة الكنزية ترى التضخم في زيادة الكتلة النقدية عن العرض الكلي المتاح للسلع والخدمات ، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي فالتضخم يرتبط ارتباطاً مباشرا مع التغيرات في كمية النقود، و أسعار الفائدة، وعلى مستوى التشغيل في الجهاز الإنتاجي لكل بلد ، وبالنسبة للمدرسة الماركسية ، فهي تشدد على تحديد حركة أسعار السلع والخدمات .

ابرز سمات ظاهرة التضخم هي النتائج السلبية الناتجة عن عدة عوامل اقتصادية مختلفة، قد تتناقض في ما بينها والتضخم ظاهرة مركبة ومتعددة الأبعاد تكون وليدة اختلاف أسعار السلع والخدمات وأسعار الإنتاج سواء على مستوى التكاليف أو نسب الأرباح أو الأجور بالإضافة إلى انخفاض العملة مقابل أسعار السلع والخدمات أي ما يسمى بالقدرة الشرائية.

نسب التضخم في بعض دول العالم

· الولايات المتحدة الأمريكية ....ارتفع معدل التضخم السنوي في أمريكا خلال شهر أكتوبر 2007 إلى 3.5% مقابل 2.8% خلال شهر سبتمبر من نفس السنة
( المصدر أخبار الخليج ما واقتصاد عدد 10829 تاريخ 16/11/2007 )
· منطقة اليورو....عرفت كذلك منطقة اليورو والتي تضم فنلندا والبرتغال، أسبانيا واليونان، بلجيكا وايرلندا، فرنسا وإيطاليا، لكسمبورغ وهولندا، سلوفينيا وألمانيا نسبة التضخم بلغت في مارس/آذار من نفس السنة الجارية نسبة 1.9 % عوض 1.8 % سجلت في شهر فبراير وبهذا تتوافق الأرقام مع تقديرات الاقتصاديين الذين رجحوا أن لا تتجاوز نسبة التضخم عند الإنتاج 0.1% و3 % كنسبة سنوية، نقلا عن أسوشيتد برس عن بيان لمكتب الإحصاءات في المجموعات الأوروبية "يورو ستات" الصادر يوم الجمعة 30/3/2007، .
( المصدر CNN عدد 1817 مؤرخ ب30/3/2007 اقتصاد )
· الصين ....ارتفعت نسبة التضخم في الصين إلى 6.5 % خلال 2007 هذا ما أعلنه مكتب الإحصاء الوطني الصيني حيث أشار إلى أن أسعار المستهلكين في الصين ارتفعت بنسبة 6.5% خلال شهر أكتوبر إذ يعد أعلى مستوى تحقق منذ عشر سنوات وسجل أيضا نفس الرقم خلال شهر أغسطس الماضي، مقارنة بـ 6.2% شهر سبتمبر. كذلك أشارت شبكة بلومبيرج الإخبارية عبر موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت إلى أن هذا الارتفاع في معدل التضخم جاء أعلى من توقعات المحللين بنفس الشبكة الذي توقعوا وصوله إلى 6.3%.
( المصدر شبكة الصين ،مال واقتصاد 13/11/2007 )
· جزر الرأس الأخضر( الأرخبيل ) قالت وزيرة المالية والخدمات العامة في الرأس الأخضر كرستنا دوارتي في برايا يوم 5/10/2007 أن الحكومة تتوقع نسبة تضخم تتراوح بين 4 و5 % خلال سنة 2007 . وأكدت كرستنا في تعليق لها لدى افتتاح اجتماع مع وفد من صندوق النقد الدولي يخطط لمناقشة الوضع الاقتصادي والمالي في الأرخبيل أن نسبة التضخم 4 و5 % لن تعرض اقتصاد الرأس الأخضر للخطر" ) ( المصدر. برايا - بانا بريس6 /10/2007 )
· مصر.... أعلن وزير التنمية الاقتصادية الدكتور عثمان محمد عثمان يوم 7/7/2007 عن تراجع معدل التضخم في مصر يونيو الماضي إلى نسبة 5ر8 % بعد أن كان قد بلغ أقصى ارتفاع له بمعدل 8ر12 % في مارس الماضي. وأشار كذلك إلى أن متوسط معدل التضخم السنوي خلال عام 2006 - 2007 انخفض إلى 10.9 % بعد أن كان نحو 12.9 % خلال 2003 - 2004 في أعقاب تحرير سعر الصرف للجنيه المصري
( المصدر القاهرة 7-7 كونا الشؤون الاقتصادية 07/07/2007 )
· الكويت .... أظهرت بيانات حكومية أن التضخم في الكويت انخفض قليلا حيث نزل إلى نسبة 4.81 % في أغسطس أب عوض 4.98 % في يوليو تموز من نفس السنة الجارية. وهو أعلى مستوى له خلال 12 شهرا ، وأظهرت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 117.7 نقطة في نهاية أغسطس مقارنة مع 112.3 نقطة قبل عام. وانخفض المؤشر 0.25% عن مستواه في يوليو عندما سجل 118 نقطة ( المصدر رويتر الأخبار الاقتصادية 12/11/2007 )
· سوريا ... حسب بيانات حكومية تابعة للجهاز المركزي للإحصاء السوري توقع أن تصل نسبة التضخم إلى 8% خلال سنة 2007 ( المصدر صحيفة سورية الحرة اقتصاد 4/7/2007 )
· العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان ظروفهم جد خاصة ولو أن العراق سجل ما بين أكتوبر 2006 وأكتوبر 2007 نسبة تضخم ناهزت 20.4% وهذا حسب الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي.
· الجزائر ... أعلن وزير المالية الجزائري كريم جودي يوم 1/10/2007 أن نسبة التضخم في بلاده وصلت إلى 2.8 % خلال النصف الأول من السنة الجارية متوقعا أن ترتفع إلى 3 % قبل نهاية العام الجاري ( المصدر كونا الشؤون الاقتصادية عدد 011637 بتاريخ 1/10/2007 )
· تونس ... أفاد البنك المركزي التونسي في تقرير نشر يوم الجمعة 28/9/2007 إن نسبة التضخم في تونس بلغت 2.6 خلال 8 أشهر الأولى مقابل 4.7 مقابل 4.7 من الفترة ذاتها للعام المنصرم ( المصدر تونس ا ف ب 28/9/07 )
· قطر .... أكدت الحكومة القطرية على أن نسبة التضخم السنوية في قطر انخفضت إلى 12.8% نهاية يونيو حزيران الماضي مقابل 15 % نهاية شهر مارس آذار المنصرم ( المصدر رويتر 1/8/2007 اقتصاد )
السعودية .... أظهرت بيانات مصلحة الإحصاء العامة السعودية أن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 4.4 % شهر أغسطس الماضي بدل 3.83 % شهر يوليو من نفس السنة ( المرجع جوهرة المعلومات الشرق الأوسط مؤشرات اقتصادية 14/10/2007 )
إيران ... أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الاقتصادية بالبنك المركزي زيادة مطردة للتضخم في إيران وعزى البنك المركزي الإيراني ذلك لزيادة أسعار المستهلكين التي ارتفعت بنسبة 17.9 % في ألاثني عشر شهرا حتى 22 سبتمبر أيلول 2007.
( المصدر رويتر الأخبار الاقتصادية 3/11/2007 ).
· زمبابوي ... ذكر المكتب المركزي للإحصاء في زمبابوي أن نسبة التضخم في بلاده والتي تعتبر الأعلى في العالم ارتفعت ب 1389.3 نقطة مئوية خلال الشهر المنصرم لتصل إلى 7982.1 وعزى نفس المكتب هذا التضخم الكبير راجع للزيادة في أسعار السلع الغذائية والغير غذائية وأفاد كذلك أن نسبة التضخم الشهري قفزت من 11.8 % والتي سجلت شهر غشت 2007 إلى 38.7 % سجلت شهر شتنبر من نفس السنة الجارية. ( المصدر صحيفة إفريقيا ماناجي 19/10/2007 )

فالتضخم له آثار اقتصادية سلبية على مستويات معشية المواطن، وازدياد معدل التضخم يؤدي إلى خفض القيمة الشرائية للنقد والذي يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على رؤوس الأموال لتمويل المشروعات وزيادة الطلب على رؤوس الأموال يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الكتلة النقدية المتداولة، مما يؤدي حتما إلى ارتفاع معدلات التضخم ثم إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية و المتضرر الأول من هذا الارتفاع هم أصحاب الدخل المحدود، والتضخم المسجل في البلدان العربية راجع إلى ارتفاع حجم الطلب النقدي الذي تقابله محدودية الإنتاج المحلي والتضخم في الكلفة والمصاريف مما يعكس ارتفاع الأسعار، فظاهرة التضخم تعبير صارخ وواضح المعالم عن مجموعة من بؤر الخلل وعدم التوازن في الاقتصاد.

شواهد عديدة تثبت تورط العالم في آفة التضخم إذ لا يجوز أن نحكم على التضخم انه مجرد ارتفاع الأسعار فحسب ، بل هو جزء من صميم الأزمة العالمية الراهنة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي يعرفها كل بلد على حدا ، ونمو التضخم عرفه أقوى اقتصاد عالمي سواء الأمريكي أو الغربي لأن تقلبات سعر النفط هو المؤثر المباشر في نمو التضخم ومن تم المس بالقدرة الشرائية للمواطن لكن الفرق يكمن في البلدان الرأسمالية وما نجده في البلدان العربية والنامية، فالمواطن في البلد الرأسمالي يختار بمحص إرادته أصحاب القرار الذي يجعلهم على سدة الحكم من اجل رعاية مصالحه وخدمة وطنه بعكس المواطن العربي الذي هو في أمس الحاجة للحكم الرشيد النزيه فأمره مغلوب عليه وولاة الأمور يخلطون السياسة بالمال والمصالح الفردية تجعلهم يتجاوزون الصلاحيات المنوطة بهم من خلال الضغط ومنح الأنشطة الاقتصادية الحساسة على طبق من فضة لأقربائهم من اجل تكديس المزيد من الأرباح والثروات واستنزاف خيرات البلاد والعباد واحتكار السوق ورفع نسبة الفقر والفقراء. وأي فساد اخطر من احتكار السوق وتدمير الاقتصاد الداخلي في إطار بيئة قانونية هشة وتوزيع غير عادل أو متكافئ فالعديد من الأبحاث تؤكد أن ما بين 10 و 20 شخص يسيطرون على معظم الاقتصاد الوطني في البلدان العربية و في هذا السياق نأخذ تقرير صندوق النقد العربي الذي تابع التطورات الاقتصادية وخرج بخلاصة على أن معدل النمو الاقتصادي في الدول العربية خصوصا الشرق الأوسطية من أعلى معدلات النمو العالمية إذا استحسن تدبيره طبعا.
فسياسة الباب المفتوح التي تتبناها الدول العربية من خلال تشجيع الاستثمار الخارجي ومنافسة الشركات المتعددة الجنسيات والمصالح داخل نفس البلد وما تفرضه من سلبيات وخيمة هذا بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تبادل متنوعة مما يزيد من أزمة التضخم المستورد سيما حين ترتفع أسعار الواردات مقابل نزول سعر العملات الدولية المتعامل بها سواء اليورو أو الدولار الأمريكي كل هذه المؤشرات تساهم في تفاقم الأزمة وتساعد على انخفاض نسبة النمو ولنأخذ كمثال بعض الأرقام الخاصة بواردات بعض دول الخليج خصوصا الإمارات والسعودية التي تعتبران من اكبر المستوردين حيث ارتفعت ورادات السعودية المسجلة سنة 2003 من 60 مليار دولار إلى 142.9 مليار دولار سنة 2007 كذلك بالنسبة للإمارات قفزت وارداتها من 58 مليار دولار سجلت سنة 2003 إلى 149.1 مليار دولار سنة 2007 كذلك ارتفعت واردات دول الخليج عموما من 154.5 مليار دولار سنة 2003 إلى 376 مليار دولار سنة 2007 بزيادة قدرها 143 % كلها مواد استهلاكية وخدمات .
فجل الدول العربية والنامية تسعى وراء جلب الاستثمار الخارجي وتهمل الاستثمار الداخلي من أجل تحقيق المزيد من النمو فتشجع رؤوس الأموال الأجنبية وتمنح لهم الامتياز وتقدم لهم أفضل الصفقات الاقتصادية والعمومية المربحة وبالتالي تنظف تلك الحكومات يديها من قسط كبير من خيرات البلاد الداخلية وترتاح من المسؤولية وعبأ الجبهة الاقتصادية والاجتماعية ومن تم تتجه للاستجمام وتكتفي بوظيفة أساسية ألا وهي خدمة وحفظ أمن ليبرالية المستثمرين المتوحشة واستغلال اليد العاملة التي تضمن لولاتهم أرباحا خيالية خصوصا أن الاقتصاد الذي يعتمد على التصدير يتمركز قرب الموانئ الكبرى ويحدث بدوره حقولا متعددة مثل بالبنايات الفخمة الخاصة بالأبناك والمكاتب والمساكن والمحلات التجارية الخ مما يزيد في ارتفاع وثيرة تهميش باقي المدن والبوادي التي توجد بعيدة عن البحر أو النائية و التي يخنقها اقتصادها المعتمد الهش والتقليدي والذي يولد بدوره ظاهرة الفقر والعوز و الذي يؤدي بدوره إلى ضعف الاستهلاك العام وتراجع الطلب وارتفاع التضخم.

من جهة أخرى نجد كذلك نمو الطلب على الموارد العالمية والذي أصبح يفوق بكثير نسبة العرض، خاصة إذا استسغنا الصين والهند كمثال، فالصين عرفت ولمدة 10 سنوات متتالية نموا اقتصاديا و ديموغرافيا جد مرتفع إذ تضم لوحدها حوالي سدس سكان العالم وإذا أضفنا لها الهند سوف يمثلان معا ثلث سكان العالم وبالتالي تزايد طلبيهما من اجل تلبية احتياجاتهما الاقتصادية كاف ليخلق ضغطا ثقيلا على الأسواق العالمية ، انطلاقا من النفط حتى المواد الغذائية الأكثر استهلاكا، لكن قد تطبق هذه النظرية على بعض المواد الخام وما لا يمكن لعاقل تبريره أو قبوله هو رفع أثمان الخضر والفواكه والمنتجات المحلية المختلفة، بل يتوجب على الحكومات دعم الفلاحين والمنتجين الصغار والعمل على محاربة الغش سواء من طرف التجار أو المسؤولين عن الإدارة الاقتصادية ومحاربة احتكار السوق ومحاربة كل الفساد يؤدي إلى الانهيار الاقتصادي وينتهك حق المواطنين في العيش الكريم ومن تم يتفجر السخط في وجه واقع الحرمان ،فتنطلق الاحتجاجات وتخرج الأصوات عن صمتها وقد تتحول إلى زوابع اجتماعية خطيرة لا تحمد عقباها.

كل المعطيات تؤكد على أن الاقتصاد العربي يوجد في وضع لا يحسد عليه ، فمعدلات النمو جد ضئيلة ومعدلات التضخم في ارتفاع من شهر لآخر ومن سنة لأخرى وهذا راجع لضعف التدابير السياسية والاقتصادية السليمة التي تكفل سد الثغرات وتوفير العناصر الغائبة من اجل خلق التوازن على الساحة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع والفساد والاستبداد والطغيان والحقوق المهضومة والتدهور المستمر التي تعاني منه جل الشعوب العربية والنامية والذي يتعارض مع سياسة الإصلاح التي يتشدق بها أصحاب القرار الذين عجزوا عن تحقيق ابسط التدابير التي لها جاذبية لتنشيط الرأس مال المحلي والذي طال انتظاره، وإعادة النظر في كل المكونات التي تسبب الزيادة في الكلفة كالرسوم والضرائب والرسوم الجمركية وأجور النقل والتخزين في المرافئ أو المحلي وغير ذلك من الخطوات التي من شأنها تخفيض قيمة الكلفة التي تقسم ظهر المستهلك ، فالجماهير العربية ليست بحاجة للصدقة بقدر ما هي بحاجة لحقها في العمل والأجر العادل الذي يضمن لها العيش بكرامة وسياسة اقتصادية ونمو يلبي لها احتياجاتها.
للأسف الشديد الحكومات العربية انحرفت في طريق الخطر والمواطن العربي أدرك جيدا وجليا انعدام الهياكل الديمقراطية التي توفر الفرص الذهبية فقط للاتساع الليبرالية المتوحشة من اجل تحقيق مآربها الفتاكة على حساب قوته ولقمة غذائه اليومية وبذلك تكونت لديه هواجس خوف وقلق على مستقبله وتأمين حتى حاضره وبكل تأكيد سوف يفقد صوابه خصوصا حين يكتوي في جيبه ويفقد القدرة على تحمل مواكبة التطورات ذات الصبغة المفزعة التي تساهم في تفشي الأمراض الاجتماعية بجميع ألوانها وكل العيوب التي سبق ذكرها تهدد الرخاء الاقتصادي والأمن والسلام وبالتالي تدفع إلى انهيار الحكومات ولما لا حتى الأنظمة .
هذا بالإضافة أننا نجد العديد من القوانين والتشريعات تصدر لضمان توفير السلع في الأسواق في حين أن حماية المستهلك ينظر إليها بنظرة ضيقة و لم يطرأ عليها أي تجديد في ظل كل تلك التشريعات والنصوص والقوانين التي عرضت أو لا زالت تقاوم الغبار في الرفوف ، فحماية المستهلك أصبحت من الأوليات والعمل على كشف أهميتها وبيان طبيعتها القانونية وخصائصها وأركانها وبسطها من كل الجوانب سواء الدولية أوالإقليمية أوالمحلية ، المدنية منها أوالجزائية أوالتجارية أوالإدارية أو الاقتصادية التي فرضت نفسها بقوة اثر الأحداث الراهنة لأن الحماية العامة ودور المؤسسات التابعة لها شابها الجمود لأن العديد من النتائج الملموسة تؤكد غيابها التام، حتى القوانين و التشريعات الصادرة بخصوص حماية المستهلك محتشمة ولاتصون حقوقها ولا حقوق من لهم صلة بها مثل التجار والصناع والمحترفين، معنويين كانوا أو طبيعيين ، من القطاع العام أو الخاص إذ لا توجد أي مراقبة فعالة سواء على صعيد الأسعار أو المنتجات المحلية أو المستوردة ولازالت الفضائح تطل علينا بفداحتها لما أحدثته بعض السلع والأغذية والأدوية والأدوات التي يجلبها العالم العربي من الخارج كذلك الفساد الذي يمارسه بعض المسؤولين الحكوميين والذي يحول مسار الموارد التي يمكن استخدامها لصالح المواطنين من خلال تسويق منتجات مؤذية ومنتهية الصلاحية ضاربين عرض الحائط بواجب حماية المستهلك واحترام قواعد العدالة وتوفير الحماية القانونية التي تكفل محاربة الغش التجاري ومحاربة الاحتكار ووضع مواصفات قياسية للإنتاج والاستيراد والتصدير، فضلا عن خلق ودعم أجهزة الرقابة النزيهة التي تضمن ملاحقة كل من خالف القانون كيف ما كان مركزه أو وظيفته وعدم السماح بترويج الإعلانات المظللة ورفع أثمان السلع دون رقيب أو عقاب، إذا رجعنا لديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء فنجدها أوصت بل أكدت على
حق المستهلك فحرمت التدليس والاحتكار والغش والمنافسة الغير المشروعة إذ قال رسول الله (ص) عن الاحتكار (( لا يحتكر إلاّ خاطىء )) وقوله المأثور (( من غشنا ليس منا ))، وقوله كذلك: (لا يَسمُ المسلم على سَوْمِ أخيه) وقال الله تعالى (((( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2)
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) )))) سورة المطففين وهذه الآيات الكريمة تظهر لنا جليا أن الشريعة الإسلامية فرضت القوانين السامية الخاضعة والخاصة بجميع أنواع المعاملات التجاري مع حفظ وضمان حقوق المستهلك والتي سبقت كل القوانين الحديثة لكن من الواضح أن العقول أصابها التلف ولم تعد قادرة على التمييز وأهملت كل القانونين حتى أصبح حالنا يدمي القلوب.

فالتحدي القوي الذي يواجه العالم العربي عموما والقادة وحكوماتهم خصوصا هو نسيان الماضي وتكثيف الجهود لبناء مجتمعات مدنية معافاة وسليمة والتخلي عن الفلسفة الماركسية آنذاك قد تتحقق الدفعة الكبيرة للاقتصاد المتعثر الذي يحتاج إلى صدمات ورجات عديدة لإنعاشه من جديد. فتوفير فرص العمل والتجارة وتشجيع الاستثمار الداخلي وخلق ودعم التجارة والمنشآت المحلية والقطاع الخاص الأساسي في تحقيق الرخاء الاقتصادي والذي له قدر كبير من الأهمية في تثبيت الاستقرار بشتى أنواعه ، لهذا يجب تصحيح الحواجز بل رفعها في وجه الاستثمار السليم والصحيح الذي هو المفتاح الذهبي للنمو الاقتصادي والعمالة عموما.
فتكوين الاختصاصين في المجال أصبح ضروريا، حتى يتسنى لهم تكوين معرفة إدارية واسعة بالتعاون والشراكة مع المهارات العربية الأخرى لإصلاح ورفع وتجديد الاقتصاد العربي من خلال العمل بطريقة متواصلة ومشتركة ومستقيمة ومتكاملة قادرة على مواكبة قاطرة التحولات الاقتصادية والأسواق الكبرى والسياسة العالمية المتقلبة والتكنولوجية السريعة وتحديد الهدف الدقيق من اجل تشكيل الأرضية الخصبة لتوسيع مجال المعرفية للتخطيط الاقتصادي الفعال ضمن رؤى مركبة ومترابطة مع الأحداث المتعاقبة و ليكون مركز السيطرة، يستطيع استيعاب الواقع العربي بكل خفاياها وبكافة الكيانات التي يتألف منها.

فبناء المجتمعات لا يمكن لأي قوة أن تعترض عليه، لهذا فالدعوة مفتوحة لتجديد وتوسيع الدور الاقتصادي العربي، فالمسؤوليات والجهود والأهداف مشتركة من اجل العمل الدءوب لإيجاد الحلول الحاسمة التي لا تقتصر على الدعاية المغلوطة والرخيصة والتي لا تخدم الأطراف المتضررة ولا الصالح العام، فالنضال الحقيقي يستلزم معمارا جديدا يوفر وسائل النمو والشمول والنهج الموحد لبناء المجتمعات من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المتعددة الأطراف والصلاحيات في ظل حكومات قابلة للتجديد والتبديل ،البعيدة عن الفساد الشامل الداعمة للاستقرار، الباحثة عن الرجة القوية للنهوض بالاقتصاد العربي المتعثر في عالم مليء بالمتناقضات والمخاطر والتحديات.

قد أستطيع القول أن جل الحكومات العربية تفتقر للرؤى الواضحة التي تحدد لها الهدف المطلوب، ففي المجتمعات الديمقراطية تؤدي الاحتجاجات إلى استقالة المسؤولين الذين يتواجدون على هرم القمة السياسية وأحيانا تؤدي إلى إسقاط الحكومات، أما في الوطن العربي فالخروج عن دائرة الصمت يؤدي إلى الهلاك الحتمي من خلال سقوط العديد من ضحايا لقمة العيش والاعتقالات بالجملة فتنقلب الآية ويصبح المظلوم ظالما والمتضرر مذنبا والبريء متهما. فإذا حدد الهدف العربي في استقراره الاقتصادي والاجتماعي كفيل بأن يضمن شروط التنمية المستدامة الذي تعتبر العلاج الفعال الذي يخمد نار الفتن والمنازعات والأداة التي تكفل وتحمي حقوق المواطنين وتشعر المحرومين بأن لديهم حوافز العمل يعتمدون عليها من اجل استمرارهم في البحث عن حياة كريمة ، العنصر والمقياس الذي يستلهمه المواطن عموما و العربي خصوصا.
فإلى متى ستظل الجماهير العربية تستلزم الصبر ، تأكل بالصبر وتنام بالصبر وتستيقظ بالصبر وتمرض بالصبر وتتزوج بالصبر وتنجب بالصبر وتعلم النسل بالصبر وتدفع اجر السكن بالصبر،وتؤدي قسط تجهيز المنزل بالصبر وتؤدي واجب الماء والكهرباء والهاتف بالصبر .... ربما حتى حين تغادر هذه الدنيا الفانية تغادرها بالصبر لكن يا ترى من سيؤدي اجر القبر بالإنابة عنها بالصبر؟ وهل يقبل منه ذلك إن وجد؟؟؟؟

قال لينين " السياسة هي تكثيف الاقتصاد " لكن الاقتصاد العالمي عرف عدة عوامل وأحداث وهزات أظهرت بوضوح أن الاقتصاد الأمريكي لم يعد محرك الاقتصاد العالمي كالسابق بل بدأ ينهار بالتدريج ويفقد مركزه القيادي بل تخلت عن قوتها الاقتصادية الكبرى عالميا لعدة أسباب أهمها :
في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون حققت الولايات المتحدة فترة ازدهار ورخاء اقتصادي وذلك بين( 1992 و 2000 ) ومع حلول الرئيس الحالي جورج بوش تدهورت الأوضاع سواء اقتصاديا أو سياسيا نتيجة سياسته الغير مدروسة انطلاقا من هجمات 11 سبتمبر2001 وعجزه في حرب العراق مما أدى إلى اتساع وثيرة هذا التدهور الاقتصادي العالمي فالسوق الأمريكي عرف بدوره التضخم ولو أن ظاهرة التضخم أصبحت واقعا بالنسبة لكل بلدان العالم إلا أننا لم نلمس مثل هذا الركود الاقتصادي في السابق ولم يتوقع مثل هذه النتائج حتى أصحاب الاختصاص والمتتبعين والاقتصاديين. وبهذا فقدت أمريكا عدة حقول اقتصادية مختلفة جعلتها تتأخر أمام الصين حيث تجاوزت صادرتها سنة 2006 صادرات أمريكا وألمانيا اللتان كانتا تحتلان المرتبة الأولى والثانية وقد استطاعت الصين ان تتجاوز أمريكا في عدة مجالات كصناعة السيارات، هذا بالإضافة إلى العملة الأمريكية التي باتت تفقد مكانتها في التمويل العالمي أمام عملة اليورو و عدم شفافية أسواق رؤوس الأموال الأمريكية وعدم استقرار هيكلها المالي كذلك عدك الاكتراث بحماية المناخ والبيئة الذي يسهل توفير الموارد الطبيعية ويحقق المزيد من الفوائد التنموية الاقتصادية والذاتية والإصلاحية والاستثمارية المستديمة والتي لا يمكن الاستغناء عنها.
فسياسة الولايات المتحدة مبنية على التصفية البشرية والحروب والنزاعات ومحاصرة ثم تفكيك الأنظمة المعارضة وقمع احتجاجات الشعوب وإسكاتهم سواء باستخدام قوتها العسكرية المتفوقة أو تكبيل جماح الدول بإستراتجيتها السياسية والاقتصادية سواء عن طرق فرض عقوبات اقتصادية أو عن طرق قوة الضغط المبنية على الحيل والمآمرات والمخططات المحكمة حتى الانهيار ثم الاستسلام أو التبعية الشاملة مما يولد عدة عوائق تقف سدا منبعا أمام صيرورة السلم والاقتصاد العالمي المعافى فمنذ 11/9/2001 وأمريكا تستعرض عضلات قوتها وفرض سياستها الجائرة والمستبدة خصوصا ضد الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية بدءا من أفغانستان والعراق وإيران وسوريا والسودان والصومال والصراع الهندي الباكستاني ، والفلسطيني الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي وأزمتها الخانقة مع الصين وروسيا وبعض الدول الآسيوية والقائمة جد طويلة بل أصبحت أمريكا تغزو العالم على هواها وحسب مصالحها سواء مدنيا أو عسكريا أو اقتصاديا ساهرة دائما على إدارة الصراعات لمصلحتها فقط مما جعل العداء لها ينتشر بسرعة متوازيا بسرعة انتشارها بل كبر حتى حطم أرقاما لم تعرف من قبل وهذا ما أجج الساحة العالمية حتى أصبحت تغلي كالبركان وتصاعد العداء والانتقام لم يسبق لهما مثيل في المواجهة خصوا مع العرب والمسلمين بل طال حتى العقيدة الإسلامية وبهذا أصبح الصراع عقائدي قبل أن يكون سياسي ثم اقتصادي فأبعاد السياسة الأمريكية الراهنة أصبحت مجرد لعبة تنظيف وتصفية حسابات خصوصا مع الهزائم المتعددة التي تكبدتها في العقد الأخير سواء في شقها المالي أو البشري أو السياسي أو الاقتصادي مما جعل من أصوات المعارضة العالمية تطفوا وتدوي وتندد بالسياسة الأمريكية الأكثر طغيانا وظلما والأخطر على السلم والسلام والأمن العالمي مما سهل الطريق أمام روسيا والصين وأصبحتا حليفين استراتجيين مهمين للدول المتضررة والتزمتا بعلاقتهما في أنحاء العالم بسبب رفض السياسة الأمريكية مما ساعد روسيا في تحسين أوضاع بلدها واقتصادها بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز إذ أصبحت تتحكم في 40 % من الاستهلاك الأوروبي للغاز كذلك تمركزت مع لأوائل في ما يخص بيع الأسلحة وهذا ما جعل رصيدها النقدي يرتفع إلى أكثر من 300 مليار دولار وسددت كل ديونها الخاصة بفترة التسعينات.
أما بالنسبة للصين فتحركها الايجابي جعلها تتقلد الريادة إذ أصبحت الدولة الوحيدة التي تمشي بخطى ثابتة نحو التطور ما يفند هذا هو النمو الطلب الآسيوي بنسبة فاقت نصف النمو العالمي لسنة 2001 وهذا ما توقعه غولدمان ساشر حين قال أن الناتج الصيني حسب معدل سوق الأسهم سيتجاوز نظيره الأمريكي مع حلول 2027 فباقي الأسواق الآسيوية تعتمد على الصين مثلا العديد من الشركات والمؤسسات الكورية واليا بانية والتايوانية بل كل الدول الآسيوية المتداخلة فيما بينها ترسل العديد من المعدات للصين من اجل تجميعها ثم إعادتها لتصديرها من جديد مما يساهم في إنعاش الاقتصاد الصيني ومن ثم يسهل عملية نموها العملاقة الغير مسبوقة في تاريخ الاقتصاد العالمي فالصين استفادت ولا زالت تجني من ثمار تعثر الاقتصادي الأمريكي بحيث ثم قبول عضويتها في المنظمة العالمية للتجارة باعتبارها إحدى أهم الدول التي تجيد صياغة قوانين التجارة العالمية رافعة رصيد فائضها المالي إلى مبلغ يتجاوز مليار دولار.

أما القوة الأوروبية المتمثلة في 27 دولة فهي تعتبر ضمن القوى الحديثة والمتصاعدة، تسعى وراء بناء نظام متعدد الأقطاب بالتوافق و بالتنسيق مع أمريكا من خلال الجهود المبذولة لكسر دوامة العنف بغرض إحياء السلام و دعم الرخاء والتقدم في المنطقة والعالم من خلال الحوار السياسي، المتعلق بالسياسة الأمنية ، والإصلاحات الاقتصادية والمالية، والتعاون في الوقاية و إدارة الأزمات، من خلال اتخاذ القرارات المتعددة بخصوص التعاون بشكل مشترك وعلى أسس وحصص متساوية من خلال خطط استراتيجية جديد . لكن مع الحفاظ على استقرار علاقاتها مع الولايات الأمريكية الحليف الاستراتيجي الذي يمثل المركزية للعلاقات التي تجمعه بالاتحاد الأوروبي بالرغم من الخلافات الواضحة بشأن العديد من القضايا التي ظلت قائمة بين الطرفين ولو كانت نتائجها ترجع بالضرر البالغ على الاقتصاد العالمي.

هل يا ترى بروز القوة الأوروبية والصينية والروسية يخدم المصالح العربية والإسلامية أم مجرد حلم لن يتحقق أبدا ؟؟؟
فالصين لا زالت تعتمد على الأسواق الأمريكية ولازالت المصالح مشتركة بين هما والتي تمنح اقتصادها الدعم من اجل الاستمرارية في النمو والتحديث والنهوض بقوتها العسكرية التي تتمثل في عشر القوة الأمريكية، إذا فالصين ليست مستعدة بعد للخوض في مغامرة استقرار علاقتها بالولايات المتحدة.

أما روسيا فهي كذلك لا ترغب في أن تراهن على المصالح المشتركة مع نظيرتها أمريكا سيما وان اقتصادها لا زال حديثا ولم يصل بعد لركب قوة اقتصاد الدول العظمى رغم أن قوتها العسكرية تنافس قوة مثيلتها الأمريكية لأنها كذلك ليست مستعدة للدخول من جديد في حرب باردة مع أمريكا خصوصا وان معركة المنافسة أصبحت على أشدها من اجل قيادة العالم حتى لو ضحت بكل العلاقات والمصالح العربية والإسلامية أمام إستراتجيتها المقبلة.

نفس الشيء بالنسبة للإتحاد الأوروبي إذ من الغباء أن يفكر احدهم بالتضحية برزمة المصالح المشتركة من اجل بلدان أخرى حتى لو كانوا من الحلفاء على حساب أمريكا موجهين بذلك صفعة كبيرة لكل الحالمين وبالتالي لا داعي للدول العربية والإسلامية بالخصوص التشبث بوهم تعتبره حليف استراتيجي يدافع بشراسة على المواقف المعارضة للسياسة الأمريكية حتى لو كانت ظالمة .

فالاقتصاد العالمي يزداد سوءا وقد حذر منها الرئيس الفرنسي ساركوزي حين قال " أحذر أن تقع الأسواق المالية فريسة لقانون الغاب الشرس " وهذا ما أثبته التاريخ فعند اشتداد الأزمات يستفيد الاقتصاد الأمريكي والصيني والروسي والأوروبي الخ من مردود آلية الحروب والنزاعات المسلحة سواء عن طريق بيع الأسلحة أو الاعمار...الخ، فكل السياسات العالمية المنتهجة ارتجالية اذ يسعى كل بلد على حدا للبحث عن آليات تتفق مع مصالح وأوضاع نفس البلد دون مراعاة لأي للقوانين الاقتصادية العالمية لأنه أصلا لا توجد سياسات اقتصادية موحدة وثابتة وبهذا يجوز القول أن الاقتصاد العالمي طاله التغيير كذلك وأصبحت له أرضية جديدة وحديثة تتطلب توفير الحماية الجادة والواقعية والتي تتماشى مع مصالح كل الدول خصوصا تلك التي هي في طور النمو من اجل تحقيق توازن دولي شامل باعتباره الدعم المباشر سواء على المستوى المعنوي أو السياسي أو المالي أو الوجيستيكي وهذا التوازن لن يتحقق إلا بالمعالجة الفعالة لجل المخاطر المحدقة ومواجهة تحديات التحديث التي تحقق ترسيخ الحريات الاقتصادية الواسعة والسليمة وتساهم في الاستقرار الهيكلي وتحد من مخاطر النظام المالي العالمي من خلال التكامل الاقتصادي، وتوسيع نطاق الفرص التجارية في أسواق العالم وتحقيق تسوية عادلة وشاملة، تدعم الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي تؤدي إلى تحسين وتغيير أحوال المعيشة في جل الدول وتكون هدفا مشتركا يتمثل في تحقيق الرخاء والأمن والنشاط في المناطق المتضررة تحت مظلة واحدة ووفق شروط موحدة .

الثلاثاء، نوفمبر 13، 2007

أنت الشمس التي لن تغيب

صباح الشرقي
المغرب

سطعت أشعة شمس الزعيم التاريخي الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات في ذكرى رحيله الثالثة، القائد المناضل المثابر الذي قاد شعبه بشجاعة وحكمة وارتقى به نحو تحقيق الاستقرار والقيم الصحيحة في ظل العدل والمساواة والاحترام ، متمسكا بالثوابت القومية والدينية، هو رجل مواقف، والسياسي المحنك المحافظ على وحدة البلاد والعباد والذي قاد الكفاح الزاخر وكرس حياته لخدمة القضية الرئيسية وهي قيام دولة فلسطين مستقلة عاصمتها القدس، تلك هي الحقيقة التي آمن بها وأخلص لها.
كرس حبيب الجماهير رئيس الشعب الفلسطيني مسيرته الدنيوية لمقاومة الاحتلال الصهيوني والفتن التي تفرق الإخوة الأشقاء، التزم بقضايا وطنه وشعبه وشكل نضالا قويا على مدى ستة عقود بل ظل صامدا في وجه الإمبريالية الأمريكية والصهيونية الشرسة دون أن تضعف أو تهتز عزيمته التي استقرت على الهدف الذي نصبه أمام عينيه " دولة فلسطين الروح التي يستمد منها الأمل والتصميم والحلم والهاجس والمسعى والقبلة الموحدة للشعب الفلسطيني بجميع أطيافه وشرائحه ودياناته.

هو من قال كلماته الشهيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974
" إنني جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي ... الحرب تندلع من فلسطين ، والسلم يبدأ من فلسطين " وهو من خاطب جماهيره من مقر الرئاسة في رام الله ردا على قرار الإبعاد الذي أصدرته في حقه حكومة الصهاينة.
" يا إخوتي يا أحبتي، إن هذا الشعب ، شعب الجبارين، شعب الشهيد فارس عودة، شعب الجبارين لا ينحني، لا ينحني إلا لله " .
دعم قوي تركه الشهيد أبو عمار في يد شعبه وأمته ، ومفاتيح رهيبة لكنز ثمين يتجسد في الحفاظ على الثوابت ووحدة الصف، لأنها الطريق التي توصل لنيل مل ينبغي أن ينال، ولأنه كان يدرك جيدا أنه مهما بلغ به الألم والضغوط التعجيزيه فلن تصل به لإهمال واجباته ، بل كان يلمع العبث والمآمرات فينهض ويمسك بزمام الأمور بيديه الكريمتين القويتين ويقر النظام في نصابه ويعيد التوازن لحاله الطبيعي وهذه الحنكة تتجلى في عدة شهادات وأوسمة واعترافات حصل عليها عن جدارة واستحقاق أهمها /


· سنة 1979 حصل على وسام جوليت كوري الذهبي- مجلس السلم العالمي
· سنة 1981 حصل على دكتوراه فخرية من الجامعة الإسلامية في حيدر أباد الهند
· سنة 1981 حصل على دكتوراه فخرية من جامعة جوبا في السودان
· سنة 1993 اختير رئيسا للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار
· سنة 1994 حصل على جائزة فليكس هونيت بوانيه للسلام
· سنة 1994 حصل على جائزة الأمير استورياس في أسبانيا
· سنة 1994 حصل على جائزة نوبل للسلام
· سنة 1999 حصل على دكتوراه فخرية من كلية ماسترخت للأعمال والإدارة في هولندا
· واختير كذلك نائب رئيس حركة عدم الانحياز ونائب الرئيس الدائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي

تميزت ولازالت العلاقات المغربية الفلسطينية بعدة خصائص متينة وصفات قوية ، فالمغرب اعترف سنة 1988 بدولة فلسطين كما اعترف سنة 1994 بالسلطة الفلسطينية وهو من الدول المؤيدة والمؤكدة على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، إذ اعتمد مكتب منظمة التحرير كسفارة رسمية لدولة فلسطين في المغرب وبعدما قامت السلطة الوطنية افتتح مكتب الاتصال لديها بفلسطين . وقام بدعمها ومساندتها في مختلف مراحلها سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي وذلك من خلال إيمانه الخالص بالجهود المبذولة والانتماء العربي والإسلامي والواجب لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني الشقيق ليحقق تطلعاته وبناء دولته المستقلة ، ولنستعرض بعض المعاهدات والاتفاقيات الثنائية/
· بتاريخ 8/1/1997 وقعت السلطة الوطنية الفلسطينية والمملكة المغربية اتفاقية تعاون في المجال الاجتماعي .
· بروتوكول التعاون في المجال الزراعي بين وزارة الزراعة الفلسطينية ووزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري المغربية ( في طور التوقيع )
· بتاريخ 11/2/1999 تم التوقيع على بروتوكول تعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الفلسطينية ووزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي المغربية .
· بتاريخ 21/1/2000 ثم التوقيع على مشروع التعاون الصحي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة المملكة المغربية، ( برتوكول قابل للتجديد كل 5 سنوات ).
· اتفاق التعاون السياحي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة المملكة المغربية.
· اتفاق تعاون في ميدان الاتصال بين المغرب وفلسطين.
· اتفاق تعاون بين الإذاعة والتلفزيون المغربي وهيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني.
· اتفاق تعاون اقتصادي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة المملكة المغربية.
· اتفاق تعاون مشترك في مجال الأشغال العامة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة المغربية
· اتفاق تعاون في مجال التعليم العالي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة المغربية.
· اتفاق تعاون ثقافي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة المملكة المغربية. ويقدم المغرب أكثر من 100 منحة دراسات جامعية ( الدرجة الأولى) للطلبة الفلسطينيين الذين يكملون دراستهم في الجامعات المغربية وعلى صعيد كافة التخصصات.
· سنة 1982 أبرمت اتفاقية توأمة العاصمة العلمية مدينة فاس و القدس.

لكن الأحداث الدامية الذي شهدها حفل تأبين الرئيس الراحل ياسر عرفات في غزة ضربت بنيران فتنتها وأججت الوضع حتى جعلته أكثر فوران، وحصدت المزيد من الدماء الطاهرة إذ ليس هناك أكثر من هذه البشاعة الماثلة في الأذهان والتي خيبت ظن الراحل واستبددت أحلام الكثيرين ، ففلسطين اليوم في أمس الحاجة إلى كل المفكرين العقلاء ، وذوي النية المخلصة والجماهير المؤمنة حقا، لأن الإيمان الصحيح والعادل بالرسالة والوصية هو الذي تبذل من اجله الجهود وتسجل له التنازلات وتتوحد من اجله الصفوف كي يحض بالفرص التي لا يجب أن تبدد ، فلا تضيعوا والوقت وتهدروا تلك الفرص يا شعب الجبارين، ولن تخسروا أكثر مما ضاع وقد تستطيع الأبصار أن تبصر من جديد وتسعد بمستقبل زاهر وجميل في ظل دولة فلسطين المستقلة بشعبها الواحد الموحد الذي يصب عرقه في مجرى نبعه الذي لا ينضب.

اللهم ياسر وكافة الشهداء الأبرار في ذمتك، اغفـر لهم وارحمهم واعف عنهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم و نقهم من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدلهم دارا خيرا من ديارهم و أهلا خيرا من أهلهم وقهم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت الغني عن عذابهم، إن كانوا مُحسنين فزد في حسناتهم، وإن كانوا مسيئين فتجاوز عنهم وتغمدهم بواسع رحمتك وأسكنهم فسيح جناتك مع الصديقين والنبيين والصالحين وأنت الغفور الرحيم.

اللــهم آمين
12/11/2007

الجمعة، نوفمبر 02، 2007

الفقر أكثر قسوة في يوم الفقر العالمي



صباح الشرقي
جموح و طمع القطب الواحد الساعي للسيطرة على العالم هو الأم التي أفرخت الفقر أكثر مشاكل العالم إلحاحا وككل سنة صادف يوم 17 أكتوبر / تشرين الأول يوم الفقر الذي أقرته الأمم المتحدة ، لكنه لم يكن كالسنوات السابقة إذ فاجأ العالم بفداحة خطورته واستشراء وبائه فأعداد الفقراء في تزايد وتكاثر حتى أصبح العديد يتساءل كيف حدث هذا والكل جامد كالخشبة التي تنتظر السوس بل وجها لوجه أمام معضلة تهدد العالم، أمم ابتلت بالفقر والجوع والعوز والحرمان حتى الهلاك، هنا برزت من جديد مقولة رئيس جنوب إفريقيا " مبيكي" التي ألقاها في خطابه بمناسبة مؤتمر الأرض الذي أقيم بالعاصمة جوهانسبورغ ( أصبح العالم جزيرة أغنياء تحيط به بحار الفقراء ) وصف دقيق للحالة المزرية وتذكير لكل الغافلين واللامبالين إذ لا يوجد ما هو أسوأ من الفقر الذي اجتاح ثلثي دول العالم بسبب الحروب وما تخلفه وراءها من دمار لا يقبله أي مبدأ عقل سليم حتى أصبحت الحرب وآفة الفقر عاشقين مرتبطين لا ينفصلان والأحداث الراهنة خير شاهد على ذلك.

حققت البشرية خلال القرن الماضي نهضة في شتى الميادين والمجالات أهمها ارتفاع الناتج الإجمالي العالمي من ثلاث آلاف بليون دولار سجل سنة 1960 إلى أزيد من أربعون بليون وثمان مئة وخمسون ألف دولار سنة 2006 وما تحقق من أرباح هائلة في هذه القفزة كذلك إحراز دول العالم الغنية على ما يعادل ثلاثون تريليون دولار من الاقتصاد العالمي ، الولايات المتحدة تملك لوحدها 12 مليون تريليون دولار من تلك النسبة ومع هذا رقعت الفقر في العالم تضاعفت والهوة بين الفقراء والأغنياء اتسعت إذ نجد شخص من بين خمس أشخاص يعيشون تحت خط الفقر وتقدر ساكنة كوكب الأرض بستة مليار نسمة منهم 4.3 مليار من سكان الدول النامية منها ثلاثة مليار تعيش بدولارين أمريكيين في اليوم ومن بين هذا الرقم يعيش 1.2 مليار نسمة على أقل من دولار أمريكي واحد في اليوم وهذا ما أقرته التقارير المختلفة والمتعددة لمنظمة الأمم المتحدة التي تعدها كل سنة في هذا السياق.

آخر تقرير للتنمية البشرية لسنة 2006 ركز على أخطار تفاقم الفوارق في الوصول إلى المياه الصالحة للشرب في العالم وفي توفير شبكات الصرف الصحي وهذه الخلاصة التي تركز على أن المياه اضعف حق من حقوق الإنسان لخير دليل على خطورة الأوضاع التي تنمي آفة الفقر و تعبير صارخ و اعتراف مباشر يبرز تزايد أزمة الظاهرة الخطيرة التي يواجهها العالم، والتي قد تسبب عدة صرا عات كذلك تطرق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نفس التقرير إلى الفوارق القائمة بين الأفراد في العالم وذلك تحت عنوان "ما هو أبعد من الندرة: القوة والفقر وأزمة المياه العالمية".

أما عنصر التمييز الثاني في حق الفقراء في مجال المياه فيتمثل في أن من يكتب له منهم الاستفادة من خدمات هذين القطاعين بشكل محدود، فإنه يدفع ثمنا أعلى بكثير مما تدفعه الطبقات الغنية. فعلى سبيل المثال يدفع سكان الأحياء الفقيرة في جاكرتا بإندونيسيا ومانيلا بالفيليبين ونيروبي بكينيا مقابل كل وحدة مياه سعرا يفوق ما بين 5 و 10 مرات ما يدفعه أصحاب الدخل المرتفع في نفس المدن.

وفي الوقت الذي يؤدي فيه سكان نيويورك أو لندن ما بين ( 0,8 و 1,8 دولار) للمتر المكعب ونجد سكان مناطق فقيرة في غانا أو كولومبيا يدفعون (ما بين 3 و 6 دولار ) للمتر المكعب كذلك هناك ظاهرة إدارة الموارد المائية المشتركة التي قد تشكل عاملا خطيرا للتوتر مثلما هو الحال بالنسبة لسكان الأراضي الفلسطينية الذين يرى التقرير "أنهم يواجهون ندرة حادة في المياه من ناحية محدودية قدرتهم في الحصول على المياه السطحية ومن جهة أخرى لعدم التكافؤ بين إسرائيل وفلسطين في إدارة مستودعات المياه الجوفية أسفل الضفة الغربية ويورد التقرير أن استهلاك الفرد الإسرائيلي في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية يبلغ ستة أضعاف ما هو متاح للفلسطينيين الذين يشتركون في العديد من مصادر المياه ذاتها.

كذلك أضاف نفس التقرير بأن من بين 177 دولة في العالم تقع البلدان العربية ذات الثقل السكاني في آخر الرتب من حيث التنمية البشرية إذ تحتل اليمن الرتبة 150، السودان 141، المغرب 123، مصر 111، الجزائر 102، إضافة إلى 21 مليون امرأة من أصل 37 مليون شخص، تحت خط الفقر في الولايات المتحدة، حسب أرقام مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة للعام 2006. كذلك إذا كان متوسط المسافة إلى القمر يساوي 394.400 كيلومتر، فإن نساء جنوب إفريقيا يمشين ما يقارب 16 رحلة إلى القمر ذهاباً وإياباً في كل يوم لتزويد عائلاتهن بالماء، حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2006. ( المصدر.الأمم المتحدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تقرير التنمية البشرية للعام 2006 ).

أشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن دراسة أجريت على مقاييس الفقر في الدول النامية تضمنت عدم القدرة على تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والسكن والملابس والمياه والصحة والتعليم وانه يسكن في أفقر 1000 قرية نحو 10 ملايين و300 ألف نسمة منهم 51.8% من الفقراء . ( المصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ).

تجاوزت ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي ل48 أفقر دولة وهذه الأرقام تكشف الظلم الذي ليس له أي مبادئ أو قوانين أو معايير أمام الربح وتعظيم الثروات ولو على حساب جمهور عريض لا حول ولا قوة له، لكن الخطر الحقيقي هو تجاهل وإهمال النتائج السلبية وما يترتب عنها من أضرار بدأت تفوح رائحتها النتنة وتنذر بافدح الأخطار على مستقبل البشرية عموما والدول العربية والنامية خصوصا، إذ من الصعب الحديث أو المطالبة بالحقوق الطبيعية في ظل غياب الديموقراطية والعدالة النزيهة التي تضمن الحقل المناسب لخلق وتفعيل الحلول وتطبيقها على ارض الواقع، فالفقر المقذع والجهل والتخلف والأمية طال أزيد من مائة مليون مواطن عربي هذا ما أكده تقرير التنمية البشرية لعام 2006 حيث جاء فيه ( أن المستويات المرتفعة لفقر الدخل تسهم في انعدام الحريات الحقيقية في العالم ).

كل ما سبق ذكره يوضح لنا صورة نخبة الدول الغنية والتي تتحمل الجزء الأكبر مما آلت إليه أوضاع البشرية وتتحمل كذلك مسؤولية التلاعب في تحويل مجاري الوضع الاقتصادي العالمي إلى عملية نهب ثروات دول العالم بطريقة مباشره وغيرها وتكديسها في رفوف خزائنهم لتتضاعف ويزدادوا غنى و يزداد عدد الفقراء، كذلك يشاركهم في هذا التلاعب الفظيع النخبة الحاكمة في الدول النامية والعربية التي لا تفكر إلا في تهريب ثروات بلدانهم وتكديسها وتجميدها في البنوك الغربية عوضا عن استثمارها وإنعاش المشاريع التنموية داخل بلدانهم من اجل الارتقاء بجماهيرهم إلى مستويات أفضل مما هم عليه، وكذلك اقتناء المعدات العسكرية الباهظة الثمن من أجل بناء قوة عسكرية كبيرة وقد تكون بلدانهم في غنى عنها ولها أوليات أخرى ( لقد هدر العالم العربي أكثر من 60 بليون دولار عام 99 في صفقات شراء السلاح ).

أسباب الفقر في العالم العربي والبلدان النامية
· الحروب المتعاقبة والنزاعات المسلحة الطائفية التي خلفت دمارا كبيرا ولازالت تنهج نفس الطريق
· الحروب بالوكالة القاعدة السارية حاليا في بعض الدول
· الحصار والعقوبات الاقتصادية والغزو الذي أفرخ الضغوط من اجل إضعاف وإفقار الخصم خير مثال ما يصل في العراق ولبنان وأفغانستان ودول القرن الإفريقي وتيمور الشرقية .... الخ نأخذ على سبيل المثال دولة أذربجان التي أصبحت نسبة 32% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر مقارنة ب 4 % خلال سنة 1988
· عدم المساواة والحرمان الاجتماعي ، الجشع والتسلط والحكم الاستبدادي المستعبد.
· إهمال الموارد الطبيعية رغم وفرتها و الاستثمارات العامة في المجالات الحيوية
· التفاوت الكبير في الدخل
· ارتفاع نسبة النفقات العسكرية
· الثقافة المؤسسية العربية الجامدة، وسوء التنظيم وانعدام الإدارة النزيهة
· النمو الديموغرافي العربي الذي يسبب الانفجار السكاني بحيث يحتل أعلى نسبة في العالم حتى بالقياس مع الدول النامية.
· الركود والتراجع الإجمالي وضعف القوة الإنتاجية.
· للعولمة كذلك دور في انتشار الفقر من خلال تدميرها اقتصاد الدول النامية ورفع سقف ثروات الدول الأغنى في العالم وهذا ما نوه إليه علماء الاقتصاد العالمي إذ جاء على لسان (جورج سروس احد أقطاب الاقتصاد الغربي ... أن العولمة أدت إلى انتقال رؤوس الأموال من الأطراف " هنا يقصد الدول النامية " إلى المركز " يقصد الدول الغربية ) وتبنى جون ستحليتر خبير الاقتصاد السابق في البنك الدولي نفس الرؤيا والفكرة.
· للاحتباس الحراري له دور مباشر في الفقر وما تسببه الغازات السامة التي تصدرها مصانع أكبر الدول المصنعة من أضرار في طبقة الأزون والذي يساهم في الكوارث الطبيعية التي تحصد الأخضر واليابس في طريقها مثل الأعاصير والزلازل والفيضانات والتصحر وكل هذا يؤذي كوكب الأرض ويدمر الأرض ويفقر من عليها، والغريب أن أغنى الدول في العالم لا زالت تتعنت وترفض التوقيع على أي اتفاقية تحد من مخاطر الاحتباس الحراري كأن القانون خلق لفئة دون أخرى.
· العجز عن توفير الحد الأدنى من الخدمات في الدول الأشد احتياجا لها .

بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي نشأ وضع آخر فريد ألا وهو ولادة القطب الواحد المهيمن بقيادة أمريكا التي تحتل رأس الهرم على قائمة الدول الغنية في العالم ، ففرضت سيطرتها وبسطت نفوذها على المعمورة بدون منازع وسار على نهجها الاتحاد الأوروبي وروسيا والدول المانحة الأخرى خصوصا اليابان و سعى هذا الترابط بين القوى المتفوقة إلى تخفيض ميزانية مساعداته وصفقات استثماره بشكل حاد كما حصل سنة 1998 حين قررت الولايات المتحدة حظر قيام أي استثمارات أمريكية وأجنبية في ميانمار وتبعها الاتحاد الأوروبي ومنظمة العمل الدولية بفرض عقوبات على الشركات المتعددة الجنسية التي تجرأت وقامت ببعض الاستثمارات الصغيرة في المنطقة وهذا الأسلوب القمعي الساعي وراء استدامة عدم الاستقرار واستنزاف الموارد أدى إلى رفع رقعة الفقر والفقراء ، ولا زال يسعى هذا التكتل وراء مآمراته الجامحة التي لا تعد ولا تنتهي والساعية إلى الهيمنة على كوكب الأرض دون الانتباه إلى الوضع المرشح للانفجار في أي لحظة انطلاقا من بعض الدول التي تأبى الرضوخ لأطماع القطب الواحد المهيمن كإيران وسوريا وبعض الدول الأخرى وكل المؤشرات تكشف عن نهج مبرمج يؤدي إلى إفقار الشعوب عمدا فينمو معه العنف والجريمة والإرهاب .

بعض الحلول للتصدي لانتشار الفقر في العالم العربي والدول النامية

· إنعاش الاقتصاد وخلق المزيد من الفرص الاقتصادية والموارد ومواردها وتوزيعها توزيعا متكافئا.
· علاج التفويت الصاخب في سوء التنظيم وإحداث إدارة نزيهة تسعى إلى العمل المستديم الذي يضمن على المدى الطويل ازدهار الأوضاع وتمكين المواطنين من أسباب الحياة المستدامة وسط بيئة تتسم بالأمن والعدل وسيادة القانون الأمران الضروريان اللذان يهيئان ويضمنان مواصلة النضال من اجل التنمية الصحيحة.
· اختيار حكومات نزيهة ومتمكنة قادرة على خلق وظائف وأشغال متعددة من خلال توفير جهاز بيروقراطي باستطاعته تطوير القطاع الخاص الذي يعد لبنة المجتمع.
· الحد من الانفجار السكاني الذي يهدر الموارد والطاقات معا
· تقليص النفقات العسكرية والتسلح والحد من اللامساواة الطبقية
· الالتزام بالقرارات السياسية للمؤسسات المالية للدول المانحة التي لا يجب أن تقتصر خدماتها على تقديم الغداء والأدوية والخيام بل يجب أن تخلق برامج فعالة ترمي للحد من هذه المعضلة بصفة متواصلة ومستديمة.
· يجب مضاعفة الاستثمار الأجنبي الجاد والمباشر في الدول النامية والمحتاجه والذي يؤدي إلى نهضة توفر منافع للفقراء والمعوزين وبهذا يؤمن القطب المهيمن وأتباعه جزيرتهم المتخمة بالثروات وأمنهم وسلامهم .
· مساعدة الدول المناضلة التي تسعى لتعزيز برامجها التنموية في ظل الظروف التي تفرضها العولمة والخصخصة ودعمها من أجل الاستفادة وكسب المهارات القابلة للتطبيق الفوري في العديد من المجالات كالاستثمار الداخلي والخارجي والاستفادة من الأسواق والمشاريع الصاعدة التي تستند على سيادة القانون النزيه.
· اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع على المساواة ودفع ودعم القطاع الخاص والعام لتوسيع وخلق الفرص الاقتصادية التي تتضمن آفاق تنموية واسعة.
· اختيار حكم رشيد يتسم بالشفافية والنزاهة الذي يخلق ويسعى وراء برامج تكاملية تتسم وتستقر على أسس تنظيمية تعاونية بين جميع القطاعات والمنظمات الحكومية والغير حكومية وإنشاء مؤسسات ديموقراطية تقوم على أفضل وجه، تخلق رؤى جديدة تكون أسسها التشارك والتضامن الواسع الأبعاد والسعي للإصلاح الجذري الكامل المتكامل الذي يضمن العديد من المهام التي ترتقي بالشعوب والمواطنين الأكثر حاجة للمساعدة للأفضل من خلال حياة واقعية وعمل دءوب.
· التخلي عن الشكوك الباطنية التي تضمرها المؤسسات والأفراد في دوافع كل من هما بل يتوجب تظافر جهود الجميع من اجل رأب الصدع بما يتفق مع روح الوضع والعصر والعولمة والحداثة التي قد تكون قوة لتنشيط الاقتصاد والتنمية إذا استحسن استعمالها وأديرت بطرق سليمة فقد يمكن معها خلق فرص تنموية عديدة يتوجب عدم تبديدها.
· محاربة وعدم تجاهل العبث الكامن وراء الفساد الذي يمكن بقليل من الحنكة والصرامة والجد دحره من مكانه العريض ليتركه للعمل بأمل في غد أفضل.
· عدم تجاهل القطاع الخاص الذي يعتبر قاطرة النمو في العصر الحديث من خلال المكافئات وتيسير الخدمات وتشجيع المنتجين المحليين.
· يجب إعادة النظر في التفاوت الكبير في سوء التنظيم والإدارة في الظروف الصعبة وغير المستقرة لأن التشنج والإهمال سبب في النزاعات الداخلية وهي الأقسى والأظلم التي تؤدي حتما إلى تردي الأوضاع المزرية أصلا، لأن التنظيم المناسب هو الذي يفرض على المرء ذاته ويفرض تطبيق المعاهدات والاتفاقيات والقوانين من اجل التغلب على المحن والتجاوزات وتوفير ثقافة جديدة تسمح بمواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

في العقد الماضي سجلت الحروب أزيد من خمسة ملايين قتيل ومثلهم مشردين وفقراء بالجملة ودمرت العديد من الموارد والمؤسسات وانهار اقتصاد تلك الدول وقد تختفي الحروب بذخيرتها الحية يوما ما وتحل محلها الخسائر الجسيمة التي تتجلى في بليرات الدولارات التي هدرت بدون سبب معقول يذكر، فإذا التزمت الدول المانحة ، خصوصا أمريكا واليابان بوعديهما في رفع المعونات التنموية التي تقدم للدول الفقيرة سوف تحض التنمية الاقتصادية بنمو ينعش الاستثمار بمشاركة القطاع الخاص من خلال خلق مؤسسات تهتم بالأسواق العالمية والمنشآت الخاصة والتأكيد على الملكية المحلية آنذاك قد تتوفر الشروط والأرضية المناسبة التي في ظلها تتحقق التنمية الاقتصادية المرنة بمعناها الشامل وتتقلص نسبة الفقر وعدد الفقراء بصفة عامة وتنبعث حياة جديدة بالنسبة لشريحة كبيرة من ساكني كوكب الأرض، لأن محاربة الفقر ليس بإنقاذ الأرواح بل بخلق حياة متكافئة و مستديمة .

أما إذا لم تحرك الدول الغنية ساكنا وظل الوضع على ما هو عليه فل تتحمل أخطاء آليات تخطيطها ولتواجه الأعباء والمسؤوليات الناتجة عن تدفق الكم الهائل من المهاجرين على بلدانهم سعيا في لقمة عيش ولو كانت مريرة ، واتساع رقعة الإرهاب التي تبعث من أي فرد عانى الظلم والحرمان والاستبداد والاستعباد، كذلك اتساع رقعة الأنشطة الإجرامية المتنوعة لأنه لا يعقل أن يموت آلاف الأطفال ومثلهم يتضرعون جوعا وعطشا وعوزا بينما تنفق تسع دول متقدمة أكثر مما تقدمه منظمة الأم المتحدة من معونات للدول الفقيرة مجتمعة خلال سنة غداءا للقطط والكلاب ولمدة ستة أيام فقط مهزلة أليست كذلك ؟؟؟؟ إضافة إلى أن دخل أغنى 500 شخص في العالم حاليا يتجاوز دخل 416 مليون فقير (حسب تقرير التنمية البشرية لعام 2006) في حين لم تسعى حتى اللحظة 22 دولة غنية من توفير 0.7 %من إجمال دخلها القومي أي ما يعادل 50 سآنس من كل 100 دولار للمساهمة في المساعدة على تخليص الفقراء من آفة الفقر.

كل المعطيات تشير أن آفة الفقر انتصرت على الأمم ، وإذا لم يتم تكسير حلقاته المتشابكة فلن ينجو أحد من آثاره المدمرة ولسوف تنجذب أكثر الدول الغنية المتعنتة سواء الغربية أو العربية إلى مستنقع عميق، فالأوضاع الحالية مثال صارخ على الحاجة الماسة إلى نهج متكامل يضمن الأمن والعدل والمساواة والسلام، إذ أصبح من المستعجل ومن الضروري حل ومعالجة الفقر الذي يهدد العالم برمته، فهاهي الأصوات المختلفة تدق أجراس الإنذار أمام هذه الفضيحة اللاخلاقيه، فالكل مسؤول ومدعو للمشاركة والعمل الجاد لبناء مجتمعات تتوفر فيها المساواة والحقوق والعدل من اجل تقوية أواصر الترابط والتعايش والتوافق بدلا من التمزق وإفقار الشعوب عمدا وقهرا .

الاثنين، سبتمبر 10، 2007

المخدرات وتأثيرها على الشباب والمجتمعات

صباح الشرقي
المغرب

كم هو رائع وجميل وأنت تراقب نسلك الناشئ في بداية عمره وهو يخطوا ويتطلع للمستقبل بنشاط وحيوية تعطي طباع القدوة الحسنة في سلوكها وكم تشعر بالسعادة والرضا وأنت تراه ينبذ الرذيلة ويتمسك بالفضيلة لكن ما يجري حاليا من منكر وظلم وآفات تتغلغل في وسطه التعيس و تنغص عليهم سبل الحياة والاستمرارية لجد خطير والأخطر منه هو اعتماد السكوت عنه وإهماله والتهوين من شأنه، وهل يوجد أي شيء اخطر من السكوت والتهوين ؟؟؟ عوض النهوض بكل الطاقات والوسائل لأنقاد نسلنا عماد الحياة والمستقبل وإخراجه من الحالة التي هو عليها وإرجاعه لحظيرة مجتمع سليم والذي بدوره في أمس الحاجة إليه كعضو عامل وفعال.

إن عصر الحداثة وحضارة العولمة سخر ويسر الكثير من سبل الحياة، وسمح بالمزيد من الإمكانيات، إلا أنه في نفس الوقت فرض على الإنسان العديد من المشاكل والمنغصات حتى ضاقت الصدور من مسايرة ومعايشة الواقع الأليم الذي أصبح مثقلا بالمرارة والتطلع بأمل للمستقبل، فنجد الكثير منهم يرتمون في عالم الضياع والدمار بسبب التجائهم إلى المواد المخدرة بشتى أنواعها والتي بدورها تجلبهم بسحرها المغناطيسي وتجعلهم يسبحون في عالم اللاشعور والأحلام ولما لا حتى الأوهام.

أينما تولي وجهك تجد مآسي شباب اختلطت عليهم الأمور فامتزجت المعرفة بالحيرة والقدرة بالتعصب رغم عقولهم الممتلئة بالذكاء وقلوبهم التي تفيض بالطيبة والإيمان والإصرار على عيش الحاضر والمستقبل لكن في لمح البصر يغيرون عزمهم وتصميمهم سواء طوعا أو غصبا أو جهلا وقد يكون قدرهم هو الذي جرفهم إلى أسهل طرق النسيان أو الانتحار البطيء لأن ليس هنا أي مقام قائم لتبرير أي مغامرة أو سلوك فالمخطأ يتوجب ردعه في كل الأحوال.

لم تخلو المجتمعات في الماضي والحاضر من تعاطي المخدرات إلا أن تلك المواد المخدرة المستعملة لم تكن تتعدى التبغ والمشروبات الكحولية والحشيش والأفيون وبعض مشتقاته. إلا أن العصر الحالي وما يعرفه من هيمنة التقدم والأحداث المتعاقبة والذي جعل العالم خصوصا العربي يعاني ويمر من قبضة إلى أخرى أسوء منها حتى بلغ به الحال إلى ما هو عليه الآن، أمم مجروحة الكبرياء، مهضومة الحقوق وشباب ضائع افرزه عصر الهزائم المتتالية حتى خنقه الإحباط وانهك رؤاه وحرمه من الحلم بمستقبل زاهر، فضاعت منه قواه وأمله في الحاضر والمستقبل ومن تم انهار عنده رمز الحياة فالتجأ إلى بعض العادات المستهجنة والقبيحة مثل تعاطي المخدر ومن تم الإدمان عليه إذ كانت أعمار المدمنين في السابق تتعدى العشرون سنة فإذا بها تدنت بكثير في الوقت الراهن لتصل إلى أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، كذلك كان الإدمان يقتصر على الذكور بينما الآن شمل حتى الإناث.

وبسبب هذه العوامل اتسعت رقعت الأذى وخرجت عن العادات القديمة كالإدمان على التبغ والتعاطي للكحوليات بأنواعها المختلفة بل أضيف إلى قائمة المخدرات العديد من الأصناف مثل
المهدءات اللاتي تعتبر مخدر ومنوم ومهدئ للأعصاب ، و المنبهات المنشطة ومحرضة الأعصاب، والمهلوسات المخدر المخل بالأعصاب وتنقسم إلى ثلاث أصناف
المخدرات التخليقيه التي تتظم:
1-:الأقراص المهدئة والمنومة والمنشطة والمهلوسة والمواد الهيدرو كربيونية التي تستنشق
2- المخدرات الطبيعية مثل الحشيش والقات والأفيون والكوكا
3-المخدرات المصنعة مثل المورفين والكوكايين،الكراك،الديوكامفين والسيدول.

إذ نجد أقدم أنواع المخدرات وأكثرها انتشارا في العالم بين مختلف الأفراد والطبقات والأجناس هو
- الحشيش والماريجوانا الذي يستعمل عن طريق التدخين.
- الأفيون ومشتقاته المورفين والهيروين والكوكايين يتناول بالحقن أو الاستنشاق.
- أقراص الهلوسة تأخذ عن طريق الفم.
- مخدر الأسيتون والجازولين يتناول عن طريق الاستنشاق

أعراض الإدمان

الرعشة في اليدين أو الجسم بأكمله، فقدان الإحساس في منطقة القدمين واليدين نتيجة التهاب أعصاب الطرفين، التهاب العصب البصري، الشعور بضيق الصدر، الشعور بالقلق والكآبة والتوتر، خلط المدركات، الهلاوس السمعية إذ تسمع بعض الأصوات لا وجود لها أصلا، ضعف الذاكرة حتى على مستوى الأحداث القريبة، تضخم الكبد، التهاب المعدة، التهاب الحنجرة والشعاب الهوائية، نوبات صرعية بسبب تهييج أنسجة المخ الخ.

مضاعفات الإدمان

عدم القدرة على العمل، الفشل في الدراسة والحياة عامه، إهمال الأسرة وواجباتها، التدهور الخلقي والاجتماعي، الكسل وإهمال الواجبات عموما، قد يبيع المدمن نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه من اجل المخدرات التي أصبح يعبدها وتتحكم فيه.

أضرار المخدرات على الصحة

تتلف المخ والكبد، تأثر على الجهاز التنفسي من خلال الشعب الرئوية وانتفاخ الرئتين والسرطان الشعبي، سوء الهضم مما ينتج عنه الإسهال أو الإمساك والقرحة وقد يصاب الجسم بأنواع من أمراض السرطان، تأثيرها على النشاط الجنسي حيث تنقص من إفراز الغدد الجنسية، المضاعفات الصحية للجنين بسبب أمه التي تتعاطى المخدرات سواء كانت إعاقة بدنية أو عقلية، تأثير المخدرات على صحة الأم كإصابتها بفقر الدم ومرض القلب والسكري، والإجهاض، التهاب في المخ مما يؤدي إلى تآكل الخلايا العصبية التي تكوّن المخ، تأثيرها على ضربات القلب مما يتسبب في خفض ضغط الدم، وتأثيرها على كريات الدم البيضاء التي هي مناعة البدن، المخدر هو منبع الأمراض النفسية كذلك، مثل نوبات البكاء والضحك الهستيري والابتسامات العريضة بدون سبب، تلازمها بعض حالات الغيبوبة الضبابية والدوران، وطنين الأذنين وجفاف الحلق والالتهاب والسعال واحمرار العينين إضافة إلى الحوادث الخطيرة و المميتة الذي يتعرض إليها المدمنون كحوادث المرور، والحوادث الأخرى كالحروق، السقوط و الكسور وما يتبعها، كذلك يلجأ المدمن إلى التشويه الذاتي تحت مفعول وتأثير المخدرات و يقدم على تمزيق و تشويه جسمه بصفة عميقة أحيانا مسببا لنفسه جروحا خطيرة بسبب استعماله لبعض الأدوات الحادة مثل الشفرات و الزجاج...، كذلك يلتجأ للسجائر والشموع وولعات السجائر لحرق وكي جسمه غالبا ما نجد التشوهات أو آثارها علي مستوي الأطراف العليا كالذراعين والصدر و البطن بصفة خاصة هذا لا يعني أنها تنعدم على مستوى الأطراف السفلي و غيرها من مناطق الجسم، رغم هذا حين يخلد المدمن للنوم لا يتذكر أي شيء لأن المخدرات تحدث فجوة هائلة في الذاكرة.

أسباب التعاطي والإدمان

حب الاستطلاع والاكتشاف لفئة من الشباب دون المبالاة بالعواقب، الاعتقاد الخاطئ بأنها تساعد على النسيان وتزيل القلق والتوتر، مرافقة أصدقاء السوء، الأوضاع الاجتماعية والإنسانية والسياسية المزرية في البلدان العربية والإسلامية، الحروب والصراعات المسلحة والاستبداد والضغوط القمعية، البطالة وما توقعه على الفرد من أعباء الأكثر حدة وقوة من آثارها، الظروف الصعبة والحرمان تجعل الإنسان يلتجأ للمخدرات كي يبتعد عن واقعه المرير حتى لو كان في الخيال أو مؤقتا حسب ظنه فيدمن عليها وقد يقع في نفس الفخ حتى هؤلاء الذين يعيشون حياة الرغد والرفاهية لم يسلموا من هذه الآفة بسبب تهورهم وطيشهم، الإهمال الأسري لجوانب تربية ورعاية النسل ومتابعته مما يسهل ويساهم في الانحراف، التفكك الأسري له علاقة مباشرة مع الإدمان، كذلك نجد من بين أسباب الإدمان الغير مباشرة التشبه بالمثال الذي غالبا يكون في صورة الأب أو الأم أو الأخ الأكبر بسبب تعاطيهم للمخدر، حين تنعدم سلطة الأبوين أو تهتز بسبب قلة الحوار والقسوة والتسلط، كذلك المستقبل الغامض الغير متوفر للشباب يجعلهم يسعون ويحللون كل شيء لأنه حسب اعتقادهم أصبحت لا توجد أي ثوابت يمكن الاعتماد عليها مما يجعل الخوف والملل والقلق يطغى عليهم ويمنعهم من تأكيد ذاتهم وتحقيق رؤاهم فيختبئون في اللاشعور الذي تهيؤها لهم المخدر، ظاهرة المتغيرات والتغيير الحاصل حاليا وسط المجتمعات وما يفرضه من التزام ومستلزمات من اجل التكيف والتأقلم مع وعلى الأوضاع الجديدة المتجددة والأحداث المتعاقبة والمتناقضة المفاهيم والمعايير التي لم تعد تسمح لأحد بالأمن والاستقرار والانضباط النفسي مما يجعلها تتصدر هرم الأسباب والعوامل التي تدفع للإدمان وما لها من ضغوط قوية تعمل عملها في التحكم في القدرات الإنسانية، كذلك العديد من الشباب يعتقد انه محروم من كل شيء لهذا يبحث عن ثغرة توصله بسهولة إلى التنفس في عالم الخيال التي تمنحه إياها تلك المخدرات والذي عجز عن تحقيقه في عالم الواقع ، نجد كذلك فئة من الشباب يزج بهم للموت من خلال بعض المهام التي تحمل مسؤوليات ثقيلة مثل الحروب والصراع المسلح مثلما هو الحال في العراق وأفغانستان وفلسطين وجل الأقطار العربية، نتيجة الإحباط الذي يصاب به الفرد فيسهل له الطريق للولوج إلى عالم المخدرات بدون منازع لأن هذه الفئة من الناس (الجندي والمجاهد الخ ) يلتجئون أصلا إلى تناول المهدءات والمنومات والمنشطات للتخفيف من وطأة المعاناة لكن سرعان ما يقعون فريسة الإدمان عليها ويصعب عليهم التخلص من آثارها لأن تناول نوع معين من تلك المهدءات باستمرار يؤدي حتما إلى احتمال أنواع الأخرى من نفس المهدءات وا لمخدرات ذات مفعول قوي مما يعمق ويقوي الإدمان

الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي لها علاقة بالمخدرات

الجرائم المتعددة كالسرقة والدعارة والقمار والقتل والفساد والعنف، حوادث السير، حوادث الانتحار، تكاثر العصابات المنظمة الخاصة بغسل الأموال وتسللها إلى مراكز النفوذ والتي تسبب خسائر فادحة في اقتصاد البلدان ذلك النزيف الذي يرهق كاهل المجتمعات ويدمر الأفراد والجماعات، وتؤدي المخدرات كذلك إلى نبذ الأخلاق والارتماء في أحضان الرذيلة مثل الزنا والخيانة الزوجية والاغتصاب التي تقع غالبا تحت تأثيرها كذلك تظل العديد من المشاكل المستترة تبعات أضرار المخدرات تلوح في الأفق كذلك فيصبح المدمن عالة على نفسه وأسرته ومجتمعه، ومن جهة أخرى الحمولة الثقيل يتحملها اقتصاد الدول من خلال إنفاق مبالغ مالية هائلة من اجل مكافحة المخدرات وتبعاتها من رواتب الموظفين والمسؤولين في الأجهزة الأمنية وإنشاء المحاكم والمستشفيات والسجون ونفقات المصالح الاجتماعية من أجور وتجهيز ومعدات ومصاريف إعادة تأهيل المدمنين طيلة مدة العلاج الخ إذ تعتبر كل هذه النفقات تبذيرا لأموال طائلة كان يمكن استغلالها في رفع إنتاج المجتمع وتعزيزموارده البشرية من اجل تقدمه ورقيه.

إن تزايد الطلب على هذه المواد القاتلة جعل جل الدول التي تنتج هذه المواد تضاعف منتوجها وتقويه من أجل كسب المزيد من الأموال التي تدرها هذه التجارة كذلك المنافسة الشديدة جعلت أثمانها تنخفض وتتوافر بكثرة في الأسواق وتنتشر في أوساط العمال والطلاب والتلاميذ والعاطلين على حد سواء إضافة إلى التقدم التكنولوجي الحديث الذي سهل ترويجها وتطوير عمليات تهريبها من طرف عصابات مافيا هذه التجارة.

إذ وصل عدد مدمني المخدرات في العالم ما يفوق 185 مليون(( تمثل هذه النسبة 3 % من عدد سكان العالم)) أي بزيادة قدرها 5 ملايين عن تقرير الأمم المتحدة ( المصدر مركز أنباء الأمم المتحدة وثائق بتاريخ 3/7/2007 ) نصف مليون من هذا العدد تتواجد في المناطق العربية، أفغانستان وحدها تنتج 92 % من الأفيون المتداول في العالم بطريقة غير شرعية والإدمان عليه محليا في تزايد، أكثر من 40 مليون يتناولون القات معظمهم في اليمن، الصومال إثيوبيا وكينيا، اليمن أترث زراعة القات على معظم محاصيلها الفلاحة خاصة اللبن الذي اشتهرت به.

حسب تقارير الأمم المتحدة أن إنتاج القارة الأمريكية للكوكايين خاصة كولومبيا يغطي طلبات العالم بأسره، ويزرع الحشيش بكثرة في باكستان و ميانمار وأفغانستان وبكميات اقل في مصر وتركيا والمغرب. كما ذكر التقرير أن إجمالي المتداول من المخدرات غير الشرعية في السوق العالمية لم يتغير كثيرا في العام 2005- 2006
يعتبر الإدمان على المخدرات خصوصا عن طريق الحقن السبب الرئيسي في انتشار فيروس إتش آي في في العديد من دول مثل إيران وليبيا وباكستان وأسبانيا وأوكرانيا وأوروغواي طبقا لما ذكرته الأبحاث العالمية.
كذلك ذكر التقرير الصادر في 25 تشرين الثاني/نوفمبر2005 عن اللجنة المشتركة لمكافحة الإيدز التابعة للأمم المتحدة الذي أظهر أن 40.3 مليون شخص مصابون بفيروس إتش آي بي المسبب للإيدز في العالم. وفي الهند وإندونيسيا وفيتنام أدى الإدمان على المخدرات عن طريق الحقن إلى زيادة انتشار المرض و في الصين تسبب تعاطي المخدرات بنفس الطريقة في نسبة 43.9 % من حالات الإصابة بالفيروس القاتل
وأن 85 % ممن يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن في إندونيسيا وإيران يحملون الفيروس المسبب في الإيدز.

الوقاية من المخدرات وأضرارها على النسل والمجتمع
تبقى الوقاية هي انجح علاج لحماية النسل من مشاكل الإدمان ومضاعفاته من اجل الجيل الحالي والأجيال المقبلة فالأسرة لها الدور الكبير في هذا المجال، بدءا من ممارسة سلطة أولياء الأمور المعتدلة لوضع بعض الموانع والمراقبة والتوعية والتأكيد على القيم والأخلاق الحميدة التي وحدها تحصن حياة الفرد، كذلك تتوجب التوعية من خلال وسائل الإعلام والفضائيات والندوات والبرامج والأفلام بتعاون مع العديد من المنظمات الحكومية والغير حكومية وإعداد حملات تستهدف الوقاية من الإدمان ومن تم الإصابة بفيروس إتش آي في وتكون مركزة على الشباب كذلك السهر على برامج التوعية و ا لوقاية في المدارس والتجمعات المحلية والأندية تستهدف صغار السن المقيمين في القرى النائية و المناطق الفقيرة، الذين يعتبرون أكثر عرضة لخطر الإدمان والإصابة بالأمراض الأخرى، كذلك يجب خلق سياسة واعية الأبعاد المتعددة لمحاربة هذه الآفة يجب إخضاع الصيدليات من اجل التدقيق في وصفات الدواء في جل البلدان لأننا قد نجد المراقبة الصارمة في بلد وإهمالها في بلد آخر.
ومن أهم الحلول هو توظيف أقصى حد من الموارد لتطوير البنية الاقتصادية للدول العربية والمنتجة لهذه المادة لأنه هو الخلاص والردع لمزارعي المخدرات، ولابد من توفير الدعم النفسي المجاني من خلال أطباء مختصين إضافة إلى خلق استراتيجيات شاملة للوقاية تتضمن عدة مساعدات مثل توفير عقار الميثادون المجاني لمدمني المخدرات و المضادات الفيروسية والتطبيب بصفة عامة، للتذكير إن مضاعفات المخدرات سواء الجسدية أو النفسية يؤدي عند الامتناع عن تناولها إلي اضطراب في النوم وحالات هيجان رهيبة أو ارتعاش جسدي في الحالات المعتدلة و صرع مع فقدان الوعي في الحالات الشديدة. أما في الحالات الخطيرة المعقدة، يصاب الشخص بحالة صرع عسيرة مع احتمال تطور قاتل لهذا تتوجب المتابعة المستمرة والفعالة لكل المرضى خصوا ذوي النية الحسنة للابتعاد عن هذه الآفة المدمرة

إن الأرقام تضاعف المخاوف والشباب تتزايد أعدادهم في مراكز اختيارهم الشافي وهو الإدمان على المخدرات لهذا يجب اتخاذ تدابير مواجهة الأزمة بحكمة، فتفكيك اقتصاد المخدرات يتطلب عزما وتصميما محكما رغم انه لن يتحقق على وجه السرعة لكن بالعمل على توفير بدائل سليمة تعوض عن زراعة المخدرات سوف تخفض الكميات المعروضة والمتوفرة في الأسواق من تم يتضاعف ثمنها وبهذا لن تصبح في متناول يد الجميع، كذلك يجب النظر إلى مشاكل الشباب بروح متفهمة وواعية ومتعاطفة ومساندة تيسر له بعض الحلول وتمهد أمامه الطريق للعبور إلى الضفة الأخرى التي تمكنه من الإفصاح عن ذاته ومعاناته في أسلوب ملائم يمنحه الفرصة كي يضع مستقبله نصب عينيه بأمل وتفاؤل.
فانتشار عدم المساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمن الإنساني كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم الوضع لأن هذه الظاهرة ستظل لها أبعاد تربوية واجتماعية وثقافية ونفسية ومجتمعية، فانهيار المجتمع وضياعه ينطلق من ضياع لبنته الأساسية التي تتجلى في النسل جيل المستقبل، الذي يجب النظر إليه بثقة وإكبار والتوقع منه الخير في الحاضر والمستقبل إذا وفرنا له القليل من الأمن والاستقرار والتسهيلات والإمكانيات

في النهاية اخترت أن تكون خاتمة هذا الموضوع هذه الآية الكريمة وما تحمله من معاني كبيرة .

قال تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ، لأن الله سبحانه وتعالى عهد إلى الإنسان أن يحافظ على كلياته الخمس وحرم كل ما يؤدي إلى هلاك النفس وحرم القتل بين البشر ومما لا شك فيه أن المخدرات أيضا تؤذي و تؤدي إلى القتل والموت المحقق ولو كان بطيئا