حسام الدجني
عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعا هاماً، ناقش خلاله قضايا بالغة الحساسية من أبرزها تمديد ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وذلك لسد الفراغ الدستوري بعد الرابع والعشرين من يناير/2010.
حيث ترفض حركة المقاومة الإسلامية حماس هذه القرارات، وترى حماس أن أي قرار لا ينسجم مع الدستور الفلسطيني هو قرار غير ملزم للشعب الفلسطيني.
هنا نطرح عدة تساؤلات: من هو المجلس المركزي؟ وما علاقته بالسلطة الفلسطينية؟ وما مدى شرعيته؟ وما هي علاقة حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية؟ ما علاقة م.ت.ف بالسلطة الفلسطينية؟ وهل يحق له حل المجلس التشريعي أم لا؟
المجلس المركزي:
هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، وهو مسئول أمامه ويشكل من بين أعضاءه، ويتكون من أعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وعدد من الأعضاء يساوي على الأقل ضعفي عدد أعضاء اللجنة التنفيذية، ويبلغ عدد أعضائه 130 عضواً يمثلون فصائل حركات المقاومة والاتحادات الشعبية والكفاءات الفلسطينية المستقلة، يجتمع المجلس المركزي مرة كل شهرين على الأقل بدعوة من رئيسه، ويترأس جلسات المجلس ويديرها رئيس المجلس الوطني السيد سليم الزعنون، ويقدم تقريراً عن أعماله إلى المجلس الوطني عند انعقاده، ويعقد المجلس الوطني جلسات طارئة بناء على طلب من أعضاء اللجنة التنفيذية، وتتخذ قرارات المجلس بأكثرية أصوات الحاضرين.
علاقة المجلس المركزي بالسلطة الفلسطينية:
تربط المجلس المركزي علاقة قانونية بالسلطة الفلسطينية، فهو من أصدر قرار إنشاء السلطة الفلسطينية وهو من يمتلك قرار حلها، ولكن بشرط صيرورة شرعيتها وتمثيلها لكل مكونات وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، حيث أصدر المجلس المركزي في دورته المنعقدة من 10-12/10/1993 في تونس القرار التالي:
أولاً: تكلف اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية من عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية وعدد من الداخل والخارج.
ثانياً: يكون السيد ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيساً لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية.
شرعية المجلس المركزي:
المجلس المركزي يستمد شرعيته من شرعية المجلس الوطني الفلسطيني، حيث يعتبر المجلس الوطني الفلسطيني الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها، وتنص المادة 1 من قرار إنشاء المجلس المركزي:" ينشأ مجلس مركزي، يشكل من بين أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني وتكون مدته التي تنقضي بين كل دورتين عاديتين من دورات المجلس ويرأسه رئيس المجلس الوطني". مع العلم أن المدة بين الدورتين العاديتين هي ثلاث أعوام، وهنا نطرح تساؤلاً: كم دورة اجتمع المجلس الوطني منذ تأسيسه وحتى الآن؟ فحسب نص المادة 7-أ من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية "المجلس الوطني الفلسطيني هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها".
وحسب اللائحة الداخلية التي تنظم عمل المجلس الوطني الفلسطيني، فقد حددت في الباب الثاني –الفصل الأول (انعقاد الجلسات)- المادة 18: ينعقد المجلس دورياً بدعوة من رئيسه مرة كل سنة أو في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلب من اللجنة التنفيذية، أو من ربع عدد أعضاء المجلس، فإذا لم يدع رئيس المجلس إلى مثل هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع منعقداً حكماً بالمكان والزمان المحددين في طلب أعضائه أو طلب اللجنة التنفيذية.
عقد المجلس الوطني دورته الـ 21عام 1996م في قطاع غزة، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وتم إلغاء بعض مواد الميثاق الوطني الفلسطيني، وحتى اليوم لم ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني بشكل قانوني، لأنه حسب الفصل الأول من الباب الثاني مادة 19: لا يجوز انعقاد المجلس إلا باكتمال النصاب القانوني من ثلثي أعضائه على الأقل.
وهنا ينبغي القول أنه لا يوجد فلسطيني يعلم عدد أعضاء المجلس الوطني، فهناك أعضاء توفاهم الله، وآخرون بلغوا من العمر عتيا، وهناك من اعتزل الحياة السياسية، إضافة إلى المتغيرات السياسية داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، وبروز تيارات فلسطينية لها وزنها السياسي والجماهيري خارج أطر منظمة التحرير الفلسطينية كحركة حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية وغيرها.
المجلس المركزي حاله كحال بقية مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، فبعد أن أصدر قراره بإنشاء السلطة الفلسطينية، غاب وغابت معه منظمة التحرير الفلسطينية عن القرار الوطني الفلسطيني، حيث حددت اللائحة الداخلية للمجلس المركزي في الفصل الثالث المادة الثامنة: "ينعقد المجلس دورياً بدعوة من رئيسه، مرة كل ثلاثة أشهر، أو في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلب من اللجنة التنفيذية أو من ربع عدد أعضاء المجلس وتوجه الدعوة للاجتماع قبل موعد الانعقاد بوقت معقول ويرفق بالدعوة مشروع جدول الأعمال".
علاقة حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية:
حسم العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس يشكل أساساً لبناء نظام سياسي فلسطيني قوي، والتوصل إلى استراتيجية ورؤية لآليات تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني من خلال توحيد الجهود والطاقات بين القوى الوطنية في الداخل والخارج، حيث يشوب الغموض في العلاقة بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، فحماس التي انطلقت في 14/12/1987م، أفردت في ميثاقها في المادة السابعة والعشرون:" منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية، ففيها الأب أو الأخ أو القريب أو الصديق، وهل يجفو المسلم أباه أو أخاه أو قريبه أو صديقه. فوطننا واحد ومصابنا واحد ومصيرنا واحد وعدونا مشترك".
أما م.ت.ف فترى في حركة حماس مشروع بديل لها في المنطقة، له امتدادات أيدلوجية، كون الحركة الإسلامية خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين.
لذا تنتاب علاقات منظمة التحرير الفلسطينية بحماس أزمة ثقة وخلاف سياسي وأيدلوجي، يحتاج إلى جهود جبارة للتوصل إلى قواسم مشتركة، قد يكون إعلان القاهرة (2005) ووثيقة الوفاق الوطني واتفاق مكة أرضية جيدة لذلك.
علاقة م.ت.ف بالسلطة الفلسطينية:
العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية هي علاقة مبتورة، حيث لم ينظم النظام الأساسي للمنظمة طبيعة العلاقات بين الطرفين، سوى قرار إنشاء السلطة الفلسطينية في تونس عام 1993، حتى سادت السلطة ومؤسساتها على حساب منظمة التحرير الفلسطينية، والآن يدفع النظام السياسي الفلسطيني ثمن هذه العلاقة وهذا الترهل لمؤسسات المنظمة.
هل يحق للمجلس المركزي حل المجلس التشريعي؟
بتاريخ 13/8/2005 قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس إضافة مادة إلى القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) حيث تقول المادة 47 مكرر: تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري".
وبهذه المادة حسم الرئيس محمود عباس جدلاً سياسياً حول شرعية المجلس التشريعي الأول، والتي استمرت ولايته أكثر من 10 سنوات.
نكرر ما قلناه سابقاً أنه في حال تم تجديد شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل مؤسساتها، وإعادة الحياة الديمقراطية إليها عبر توافق وطني، ودخول كل القوى الوطنية والإسلامية إلى مؤسسات المنظمة، وإعادة تنظيم العلاقة بين م.ت.ف والسلطة الفلسطينية عبر تعديل في النظام الأساسي للمنظمة، يستطيع المجلس المركزي حل السلطة برمتها، والمجلس التشريعي هو أحد مكونات النظام السياسي الفلسطيني في الداخل.
Hossam555@hotmail.com
الخميس، ديسمبر 17، 2009
المجلس المركزي وتمديد ولاية الرئيس عباس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق