د. فايز أبو شمالة
ما زالت بعض وسائل الإعلام الفلسطينية تردد خلف الإعلام الإسرائيلي جملة: "الأيدي الفلسطينية الملطخة بالدم الإسرائيلي" للدلالة على الأسرى العرب والفلسطينيين الذين قاتلوا المحتل الغاصب، وانتصروا بفعلهم المقاوم على هزيمة غيرهم، وتجرؤوا على ضعف المرحلة، وقتلوا بأيديهم جنوداً إسرائيليين، فصارت أيديهم من وجهة نظر الإسرائيليين ملطخة بالدم، بينما هي من وجهة نظر كل العرب؛ أيدي مطهمة بالدم الإسرائيلي.
رغم الخبث الإسرائيلي الواضح في استخدام المصطلح، فإن وسائل الإعلام العربية المسموعة والمقروءة ما زالت تنجرُّ وراء الإعلام الصهيوني، وتتعامل مع الترجمة الحرفية للجملة العبرية "يديم جئولوت بدم" ومعناها: أيدي ملطخة بالدم، وهو مصطلح يهودي يشير إلى تجريم فعل المقاومة، وقد جاءت خارطة الطريق لتنسجم مع هذا التوصيف اليهودي العنصري، إذ ورد في خارطة الطريق ما نصه: "منع العنف الفلسطيني ضد الإسرائيليين". لنستنتج من ذلك؛ أن من يرى مقاومة المحتلين عنفاً، سيرى أيدي المقاومين ملطخة بالدماء.
لن أتهم من يقوم بالترجمة والنقل عن الإعلام الإسرائيلي بالمسئولية في تعميم المصطلح، وإن لم يكن بريئاً، وإنما الذي يتحمل المسئولية هي مرحلة الضعف العربي العام، التي راحت تفرض على العرب تقبل كل شيء يأتي من إسرائيل على أنه غير قابل للنقاش، أو المراجعة، وهذا هو منطق الضعفاء. لذا سأفترض أن الإعلام الفلسطيني سيحارب التبعية والضعف، ويتنبه إلى خبث الإسرائيليين، وسأفترض رغبة الفلسطينيين بتجاوز حالة الانقسام، والتوحد خلف مصطلح واحد، يردون فيه على عدوهم الذي يهدف إلى تشويه مقاومتهم، وسأقترح على وسائل الإعلام استخدام مصطلح: "الأيدي الفلسطينية المطهمة بالدم الإسرائيلي" للدلالة على أيدي أولئك الفلسطينيين الذي حاربوا المحتلين، وأوقعوا فيهم القتل، وأسالوا دماء الجنود الإسرائيليين في ميادين القتال. ولاسيما أن الأيام القادمة ستشهد استخداماً مكثفاً لهذا المصطلح الذي سيكون عنوان وسائل الإعلام.
بعض وسائل الإعلام تحرص على الحيادية، فتقول: "الأسرى الذين تلطخت أيديهم بالدم" وتضيف جملة: حسب التعبير الإسرائيلي، وكأن وسيلة الإعلام بريئة من هذه التسمية، وهذا ليس صحيحاً، ولو كانت الحيادية هي النقل الحرفي، لتوجب على وسائل الإعلام الحيادية أن تقول: "الكيان الصهيوني" وتضيف جملة: وفق تعبير فصائل المقاومة. أو تقول: "العدو الإسرائيلي" كما يسميه العرب الفلسطينيون الذين يتحرقون في النار الإسرائيلية!.
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق