الياس بجاني
ويل لدولة ظالمة في أحكامها وحكامها دمى تحركها قوى غريبة بالريموت كونترول
نشرت وكالة لأنباء الوطنية التابعة للدولة اللبنانية بتاريخ 29 كانون الأول/09 الخبر التالي تحت عنوان: عودة لبنانيين فارين إلى فلسطين المحتلة والجيش تسلمهما من الصليب الاحمر الدولي في الناقورة: "عاد من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة المتعاملان مع جيش انطوان لحد سابقا نديم ابو رافع (50 عاما)، وهو من منطقة حاصبيا، وخليل ابو حمد (90 عاما)، من منطقة مرجعيون، وذلك عبر الصليب الاحمر الدولي من منطقة رأس الناقورة، حيث تسلمهما الجيش اللبناني الذي استبقاهما لاجراء المقتضى القانوني". وأشار مندوبنا "ان ابو رافع وابو حمد كانا قد دخلا الأراضي الفلسطينية المحتلة إبان اندحار جيش الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب في العام 2000".)
يقول المثل اللبناني الشعبي شنيعتان لا يشعر بهما أحد وهما موت الفقير وخيانة الغني. على خلفية هذه العقلية المبنية على مركبات التقية والذمية يُعامِل حُكام لبنان أهلنا الموجودين في إسرائيل منذ العام 2000 . علماً أن القاصي والداني يعرف تمام المعرفة أن أهلنا هؤلاء قد لجأوا إلى هناك مجبرين لا خوفاً فقط من تهديدات السيد نصرالله الوقحة والإرهابية والإجرامية لهم قبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في أيار سنة 2000 حيث هددهم بالدخول إلى مخادعهم "لبقر بطونهم في الأسرة"، وإنما أيضاً خوفاً على لبنان من دفع المزيد من الدماء بدون سبب.
العماد ميشال عون الحليف الأول اليوم لحزب الله الإرهابي والحامي الشرس لسلاحه الميليشياوي، والناقض لكل موقومات ما هو دولة ومؤسسات وثوابت لبنانية وقوانين وقرارات دولية، كتب في 27/05/2000 مقالة تحت عنوان: "متى التحرير؟" تناول فيها مأساة أهل الجنوب عقب الانسحاب الإسرائيلي. هذا بعض ما جاء فيها: "بماذا تفتخر الدولة ومجتمعها المنافق بعد الانسحاب، وقد لجأ آلاف اللبنانيين الأبراء إلى إسرائيل؟ لماذا خافت النساء وهربت الأمهات مع أطفالهن إلى المخيمات الإسرائيلية؟ أليس الذي حدث هو نتيجة خطابات "بقر البطون في الأسرة" على مرأى ومسمع من دولة، تركض لاهثة وراء هذا الخطاب، لأنها عاجزة عن القيام بواجباتها، فتتبناه بصمتها، متخلية عن جميع مسؤولياتها الأمنية والقضائية؟ وبأي صفة يُطمئن "رئيس الجمهورية" شعبه كي يعود إلى أرضه، وهو فاقد السيادة عليها، ويتميز بغيابه الدائم عن ممارسة مسؤولياته".
ويضيف عون: "أين القضاء؟ أين قوى الأمن، أين الجيش؟ فإن لم تكن هذه المؤسسات قد أعِدَّت لمثل هذه الظروف فلأي سبب قد وجدت إذاً؟ هل أصبحت كل هذه المؤسسات وسيلة لفرض سيادة الدولة والفكر الواحد على الجامعات لتحجيم الفكر الحر فقط؟."
وعن هرطقة محاكمة أهل المنطقة الحدودية الذين لجأوا إلى إسرائيل يكمل عون في المقالة ذاتها قائلاً: "على هذه الدولة "الكرتونية" قبل أن تتّهم أياً كان من الجنوبيين، أن تُعلن عن المبادرات التي أطلقتها خلال خمسة وعشرين عاماً لإنقاذهم ورفضوها، وبعد ذلك تستطيع أن تبدأ بمحاكمتهم. ولكن أن تأتي اليوم لتحاسب بروح ثأرية من استطاع البقاء في أرضه بعد هذا الزمن الطويل، فهذا ما يجب التوقف عنده قبل الإقدام عليه."
يشار هنا إلى عون لحس منذ سنة 2006 كل كلامه ونقض كل عهوده ووعوده وانتقل كلياً إلى قلب المحور السوري الإيراني. كلام عون في مقالته هذه هو أكبر إدانة لكل ما يقوم به اليوم من ممارسات تمنع قيام الدولة وتعيد الاحتلال السوري وتشرعن سلاح حزب الله وتزور الحقائق، والسؤال: أين هو عون اليوم من كلامه هذا، وهل بقي له أية مصداقية ولو بمقدر حبة خردل؟
أما رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي وعد في خطاب قسمه بالعمل على استعادة أهلنا الموجودين في إسرائيل لأن "حضن الوطن يتسع للجميع"، فقد تبين بعد مرور ما يقارب السنتين على توليه سدة الرئاسة أن ما قاله كان مجرد كلام مفرغ من معانيه. فالرئيس هذا ومعه العماد عون وكل نوابه مضافاً إليهم كل نواب 14 آذار و8 آذار مسيحيين وغير مسيحيين قد نقضوا الوعد الرئاسي في بيان الوزارة الحالية حيث جاء في بندها رقم 17: " ستولي الحكومة اهتمامها بتسهيل عودة اللبنانيين الموجودين في إسرائيل بما يتوافق مع القوانين المرعية الإجراء."
فعندما نعلم كما هم يعلمون أن القوانين المرعية الإجراء هذه هي "غضومية" الهوى والنوى وتعتَبِر أهلنا الجنوبيين متعاملين وخونة ينكشف خداعهم جميعاً ويظهر للعيان نفاقهم وعدم احترامهم لأنفسهم ولمواطنيهم وللحقيقة والعدل وتسقط حتى ورقة التوت.
نسأل بأي حق أو شريعة، وطبقاً لأي قانون من قوانين الدولة اللبنانية تنعت الوكالة الوطنية للإعلام التابعة مباشرة لوزارة الإعلام العائدين من إسرائيل طوعاً بالمتعاملين مع ما سمته جيش أنطوان لحد؟ وهل فعلا كانا فارين أم أنهما غادرا مع الآلاف من أهلنا الأشراف إلى إسرائيل بسبب تهديدات السيد حسن نصرالله؟
عيب هذا الكلام المشين والمهين بحق من كتبه ومن أجاز نشره وبحق كل من سكت عليه من السياسيين والمسؤلين. فهذه الاتهامات الباطلة والظالمة لو صدرت في أي دولة تحترم الإنسان والقوانين لكان بمقدور المواطنين اللذين عادا من إسرائيل أن يقاضيا الدولة بملايين الدولارات. كما اننا نستهجن "نوم" وزير الاعلام السيد طارق متري الذي يتحفنا كل يوم بأرائه النيرة على ما تمرره أصابع حزب الله وسوريا في وكالة الإعلام الرسمية من سمموم دون ان يكلف نفسه عناء قراءة اخبار نشرتها قبل صدورها.
أي عاقل يصدق أن هذا الشيخ الجليل أبن التسعين الذي بالتأكيد قتله الحنين إلى تراب لبنان المقدس وأراد أن يُدفن فيه وليس بأي تراب آخر هو عميل وخائن وفار؟ وهل في سنة الألفين عندما لجاُ إلى إسرائيل بعمر الـ 81 سنة كان عميلاً ومتعاملاً أيضاً؟ خافوا الله واتقوه وتذكروا أن يوم الحساب آت لا محالة.
عيب والله عيب هذا التصرف الهمجي الذي ترتكبه الدولة بحق مواطنيها الأشراف فهو لا يليق أبداً بحضارة لبنان وبتاريخه وبعطاءات وعبقرية أهله. إنها دولة مغربة عن ذاتها ومنسلخة عن كل القيم والمبادئ والشرائع. إنها دولة لا تحترم مواطنيها وتتهمهم باطلاً وزوراً بالعمالة فبؤس هكذا دولة، وبؤس هكذا مسؤولين لا يعرفون من المسؤولية سوى التبعية والإرتهان والظلم.
لهؤلاء المسؤولين "الكرتونيين" ولقيادة حزب الله التي تعيق عودة أهلنا الأبطال عن طريق الإرهاب والتخويف وفبركة الملفات والإتهامات الباطلة، ولكل القيادات والأحزاب الراضخة صاغرة لإملاءات حزب ولاية الفقيه نقول، اسمعوا ما يقوله الكتاب المقدس (ملاخي/الفصل2 /1-9)، لعل تستفيق ضمائركم المخدرة وتتقون الله في اعمالكم وأقوالكم:
"والآن إليكم من الرب هذه الوصية أيها الكهنة إن كنتم لا تسمعون ولا تبالون أن تعطوا مجدا لاسمي. أنا الرب القدير، أرسل عليكم اللعنة وأجعل بركتكم لعنة، بل إني لعنتها لأنكم لم تبالوا بوصيتي. ها أنا أمنع عنكم الزرع وأرمي وجوهكم بالزبل، زبل ذبائح أعيادكم، وأبعدكم عني، فتعلمون أني أرسلت إليكم بهذه الوصية ليثبت عهدي مع لاوي أبيكم. كان عهدي معه للحياة والسلام، فأعطيتهما له ليخافني، فخافني وهاب اسمي. شريعة الحق كانت في فمه ولا جور في شفتيه. سار معي بالسلام والاستقامة ورد كثيرا من الناس عن الإثم. شفتا الكاهن تحفظان المعرفة، ومن فمه تُطلب الشريعة لأنه رسول الرب القدير وقال الرب القدير: أما أنتم فحدتم الآن عن الطريق، وجعلتم كثيرا من الناس يرتابون في الشريعة، ونقضتم عهد لاوي أبيكم. أيها الكهنة فأنا أيضا أجعلكم منبوذين سافلين عند جميع الشعب، بقدر ما لم تحفظوا طرقي، وحابيتم هذا وذاك في أحكامكم".
في حال أراد أهل الحكم والسياسة في لبنان فعلاً محاكمة أهلنا الموجودين في إسرائيل بتهمة التعامل، فليتفقوا على معيار قانوني واحد للعمالة معترف به دولياً ومن بعدها يطبقوه بِعدلٍ على الجميع دون استثناء. عندها سيظهر من هو العميل حقيقةً ومن هو الشريف، ومما لا شك فيه أن الذين لجأوا إلى إسرائيل سيتبين أنهم أشرف من الشرف نفسه، أما المتعاملون فمعروفون للجميع وهم يتباهون بعمالتهم وسلاحهم ودويلتهم ليلاً نهاراً فيما هم عملياً يتحكمون بأرزاق وأعناق الناس ويهيمنون بقوة الإرهاب على مفاصل الدولة اللبنانية بالكامل.
في النهاية الويل وثم الويل لدولة ظالمة في أحكامها، وحكامها دمى وأقزام تحركهم قوى غريبة بالريموت كونترول.
الأربعاء، ديسمبر 30، 2009
ويل لدولة تتهم مواطنيها باطلاً بالعمالة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق