محمد الحسن
إن قرار حركة حماس من قيام مهرجانها في ذكرى انطلاقتها على أرض الكتيبة والذي رصدت له عشرات آلاف من الدولارات، في اللحظة التي يعلن فيها عن عدد من الوفيات والإصابات في مستشفيات القطاع نتيجة وباء الخنازير الأخذ في الانتشار؛ لهو تضحية من جديد بالشعب واستهتار بالغ بأرواح المواطنين من جديد.
فقبل أيام منعت حركة حماس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من تنظيم فعالياتها وقيام مهرجانها السنوي في ذكرى انطلاقتها الـ 42 كما سارع عناصر من حماس إلى نصب وإلصاق راياتهم على أعمدة الهاتف والكهرباء ولم تبقي مكاناً للجبهة الشعبية حتى تضع هي الأخرى راياتها أو تحتفل هي الأخرى أسوة بحماس.
وفي ذات السياق سمحت حماس لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قبل أسابيع بأن ينظم مهرجانه الذي جاء إحياءً لذكرى استشهاد د.فتحي الشقاقي أمين عام التنظيم سابقاً، حتى تبين للفصائل الفلسطينية وللهيئات الدولية وللعالم أجمع أنها تدعم الشراكة الفلسطينية وأن هناك حريات سياسية وفصائلية ممنوحة شريطة أخذ الموافقة من قبل السلطة السياسية الحاكمة وذلك لتحسين صورتها بعد القضاء على تنظيم جند الله وقتل زعيم التنظيم وثلاثين آخرين في مسجد بن تيمية بمدينة رفح قبل عدة أشهر. وهكذا بعد جهود مضنية بذلها د.رمضان شلح، وخالد مشعل سمحت حماس أن يقيم الجهاد الإسلامي مهرجانه على أرض الكتيبة، ولكن المفاجأة أن أنتقد شلح موقف حماس في اتصال هاتفي تخلل المهرجان، حيث أنتقد شلح سياسة حماس تجاه شعب غزة، ودعاها إلى تغير سياستها المملة. حماس من ناحيتها اعتبرت التصريح خطير فنشبت خلافات بينهما وقالت لو كانت تعلم بهذا التصريح ما سمحت للجهاد بأن يقيم مهرجانه. ويتبين من ذلك أن حال الفصائل الفلسطينية المقاومة هو نفس مصير حركة فتح التي تُحرمُ هي الأخرى من انعقاد مهرجاناتها السنوية "في ذكرى استشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وفي ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية التي تفجرت في الأول من يناير عام 1965" وسعت لإفشال مؤتمرها الحركي السادس، الذي نجح بإرادة الله وبجهود الرئيس أبو مازن ورجل الحركة المناضلين.
كما نستذكر في هذه اللحظة مقولة السيد هنية عندما منعت حماس الحجاج من السفر إلى الديار الحجازية لتأدية مناسك الحج في العام الماضي، وقال هنية للجماهير المحتشدة في يوم مهرجان حركته إنكم "منعتم من أداء الحج حتى تأتوا إلى الحجيج الأكبر" أي إلى مهرجان حركة حماس.
هكذا هي سياسة حماس استهتار واستخفاف بعقول الناس وأيضاً بالدين، فهنية قال إبان الحرب على قطاع غزة لو أُبيد شعب قطاع غزة عن بكرة أبيه فإن إطلاق الصواريخ سيستمر، وعندما توجه الرئيس محمود عباس بالنصيحة إليهم داعياً إلى تجديد التهدئة برعاية مصرية مع الاحتلال الإسرائيلي والإسراع في إنجاح المصالحة الوطنية الفلسطينية، فإن حماس رفضت هذا الطلب، فكانت الكارثة بالعدوان الإسرائيلي المدمر الذي ذهب ضحيته الآف الشهداء والجرحى وتدمير قطاع غزة، وحينما أوشكت الحرب المدمرة من نهايتها؛ خرج مشعل وقال انتصرنا لأن حماس باقية في حكمها لقطاع غزة.
اليوم من جديد نحن أمام مناورة ثانية أو ثالثة في قطاع غزة، تقودها حماس؛ إذ تريد أن تعقد مهرجانها بأي ثمن كان، وإن كلف ذلك الآف الضحايا الذين قد يصابون بوباء الخنازير نتيجة التزاحم الجماهيري المحظور، خاصة وأن قطاع غزة يعاني من بيئة ديمغرافية مغايرة، منها الكثافة السكانية والنقص الحاد في الأدوية والمعدات والكفاءة والخبرة. لذلك المصلحة الوطنية والإنسانية تتطلب أن يتم تأجيل أو إلغاء مهرجان حماس؛ حفاظاً على أرواح شعبنا وسلامتهم من مخاطر انتشار الفيروس، وكما أسلفنا أن قطاع غزة خط أحمر من عدة نواحي يجب المحافظة عليه أمام الزحف الاستيطاني وطغيان المستوطنين الذين قدموا من شتى أنحاء العالم، فكيف لنا أن نفرط بأرواح بشرية وجنود بشرية ونحن نخوض معركة التحرير والدفاع عن أرض فلسطين. لذلك يجب أن نعلن حالة الطوارئ مبكراً ومنع التجمعات ومكافحة الوباء والوقاية منه وأن نضع مصلحة الجماهير الفلسطينية أولاً، وأن لا نستهتر بأرواح شعبنا فهي أمانة في أعناقنا، لاسيما وأن دول عظمى ينتشر بها الوباء وتقف عاجزة عن مكافحته أو الحد من انتشاره.
الأربعاء، ديسمبر 09، 2009
جريمة جديدة: مهرجان حماس في ظل وباء الخنازير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق