د. فايز أبو شمالة
اشتهرت في فلسطين عدة مواقع إلكترونية، وبغض النظر عن أهداف أصحابها، فإن هذه المواقع كسرت الاحتكار الرسمي للإعلام، ونجحت من منطلق حياديتها في إطلاق فسحة من حرية الرأي لجميع الاتجاهات السياسية دون أن تسمي نفسها على طرف بعينه، وما زالت تحافظ على تميزها، فلا هي تحجب رأياً معارضاً، ولا تعادي شخصاً، ولا تتحزب لموقف، وصارت لها مكانة محترمة لأنها تحترم الرأي الآخر، وتصر على أن تظل لجميع الفلسطينيين، ورفضت أن تضع في رقبتها طوق التبعية، والانزياح الفكري والسياسي.
هنالك مواقع فلسطينية أخرى بدأت حيادية، وكسبت قلب المتصفح، ولكنها وقعت في الطريق، واستسلمت لإغراءات المال والوظيفة، فمالت مع طرف دون الآخر، والمصيبة؛ أنها ما زالت تدعي الحيادية، وتكتب في رأس موقعها بأنها مستقلة، علماً أن المتصفح بات يعرف ما له وما عليه، وما هي الحرية، وما هي التبعية للجهات الممولة، وصار الفلسطيني يعرف مضمون بعض المقالات لمجرد نشرها في هذا الموقع أو ذاك، وصار يحكم على كاتب الرأي من خلال الموقع الذي ينشر له رأيه. وصار الفلسطيني لا يصدق أن موقعاً فلسطينياً إلكترونياً مستقلاً وغير منتمٍ وصاحبه يقدم برنامجاً تلفزيونياً، يقبض عليه مالاً وفيراً من جهة ما، وصار لا يصدق أن موقعاً فلسطينياً مستقلاً وصاحبه يعمل موظفاً مرموقاً في مؤسسة دولية، وصار لا يصدق أن موقعاً فلسطينياً مستقلاً وصاحبه يرتبط إيديولوجياً، وينتمي حزبياً.
إن التعصب ومعاداة حرية الرأي لا تقف عند حد حجب بعض الآراء التي لا ترضي صاحب الموقع، وإنما تجاوزت بعض المواقع ذلك لتصير بوقاً إعلامياً إسرائيلياً بوعي من أصحابها، أو دون وعي منهم، وليراجع كل صاحب موقع ما ينشره ليتثبت مما أقول. وعلى سبيل المثال: هنالك بعض المواقع الفلسطينية ما زالت تنشر على صفحاتها الفقرة التالية: "الجندي الإسرائيلي المحتجز" إن استخدام لفظة "محتجز" وصفاً للجندي الإسرائيلي الذي وقع أسيراً في معركة عسكرية، كفيلة بأن تضع علاقة استفهام على الموقع وصاحبه!.
وما زالت بعض المواقع الفلسطينية تستخدم جملة: "المجلس التشريعي الفلسطيني الذي هيمنت عليه حركة حماس" وهنا نسأل: هل أعماكم التحزب عن عدم رؤية الانتخابات الديمقراطية التي أفرزت المجلس التشريعي، أم تمت السيطرة على التشريعي عسكرياً؟
سنظل نحترم تلك المواقع الفلسطينية، والعربية التي ما زالت تصرُّ على عروبة الأرض الفلسطينية، وتصرُّ على كراهية الدولة العبرية، ومن دار في فلكها إعلامياً.
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق