حسام الدجني
عند الحديث عن الأمن القومي لأي دولة لابد من التطرق إلى عناصر القوة والضعف للدولة, من خلال تحليل جيوبوليتيكي لجغرافية الدولة المراد دراستها.
جمهورية مصر العربية دولة تقع في أقصى الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، ويقع جزء من أراضيها وهي شبه جزيرة سيناء في قارة آسيا.
تبلغ مساحة جمهورية مصر العربية 1001450 كم2, بينما يبلغ عدد سكانها 74 مليون نسمة.
تطل مصر على جبهتين بحريتين هما البحر المتوسط, والبحر الأحمر, وتسيطر على خليج السويس وتطل على نهر النيل وعلى خليج العقبة.
تبلغ مساحة الحدود البحرية لجمهورية مصر العربية 2450كم, بنما تبلغ مساحة الحدود البرية 2689 كم.
تجاور جمهورية مصر العربية أربع بلدان وهي (إسرائيل-الأراضي الفلسطينية-ليبيا- السودان), ويرى علماء الجغرافيا السياسية أن أهمية موقع الجوار للدولة لا يتحدد بعدد دول الجوار لها فقط, بل إلى معرفة حجم سكان الدولة إلى مجموع سكان الدول المجاورة لها, وبما أن عدد سكان جمهورية مصر العربية يبلغ 74 مليون نسمة ومجموع عدد سكان الدول المجاورة يبلغ 56.9 مليون نسمة بنسبة 1 :1.3, لصالح مصر، إذاً المؤشر الديمغرافي يعطي مصر عنصر قوة .
الأمن القومي المصري:
مصر دولة كبيرة ومحورية في المنطقة، وتشكل أمل الأمة العربية والإسلامية، فهي تمتلك جيش قوي ومنظم، مدحه رسولنا الكريم قبل أن يمتدحه عبيده، هذا التمييز دفع من العديد من الأطراف الإقليمية والدولية على منافسة دور مصر الريادي في العديد من الملفات في المنطقة، وتعدى ذلك إلى العمل على تهديد الأمن القومي المصري، ولعل أبرز تهديد يواجه الأمن القومي المصري متمثل في دولة إسرائيل والتي تربطها اتفاقية سلام مع جمهورية مصر العربية (كامب ديفيد عام 1979م)، وعلى الرغم من العلاقات المتينة بين النظام المصري الحاكم وبين الحكومة الإسرائيلية, والتي أبرم خلالها الطرفان العديد من الاتفاقات التجارية أبرزها تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، تعمل الحكومة الإسرائيلية وبالتعاون مع الإدارة الأمريكية على تنمية استثماراتهما في مشاريع في أثيوبيا، حيث تعد أثيوبيا من دول منابع نهر النيل، حيث تستثمر إسرائيل علاقاتها الإستراتيجية مع أثيوبيا فزاعة للأمن القومي المصري، وتهديد للأمن المائي في مصر والسودان.
إضافة إلى ذلك تشكل الترسانة النووية الإسرائيلية أيضاً تهديداً للأمن القومي العربي برمته، ومصر قلب العالم العربي فهي أيضاً تدخل ضمن تهديد إسرائيل، كون أطماع إسرائيل كما تظهر على علم دولتهم هي من النيل إلى الفرات.
أيضا ما ينجم عن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وتهويدها للقدس يجعل من المنطقة منطقة لا استقرار وهذا له تأثيراً مباشراً على الأمن القومي المصري كون مصر لها ارتباطات تاريخية وثقافية مع الشعب الفلسطيني ومع قضيته العادلة.
الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس وانهيار المفاوضات والحصار المفروض على غزة البوابة الشمالية لمصر، يمثل تهديد للأمن القومي المصري، لأن الحصار والفقر والجوع يعزز الإرهاب، وأول من يكوى من نار الإرهاب هي مصر، لذلك على القوى الوطنية والإسلامية العمل على إنجاح الدور المصري في تحقيق المصالحة الوطنية وعلى الجانب المصري فتح معبر رفح وإبعاده عن التجاذبات السياسية، فمن غير المعقول أن تتنصل إسرائيل من التزاماتها مع منظمة التحرير ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتلغي ضمنياً كافة الاتفاقيات الموقعة وعلى رأسها أوسلو ونحن العرب متمسكين باتفاقية المعابر لعام 2005، فنتمنى على مصر العروبة العمل على فتح المعبر بشكل دائم، لأننا جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، وأملنا كبير في مصر العروبة.
تشكل أزمة دارفور وتدويل القضية من أجل تقسيم السودان الشقيق ونهب ثرواته تهديداً للأمن القومي المصري، فاستقرار السودان من استقرار مصر والعكس صحيح.
الصومال وما يدور بها من اضطرابات وتدخلات إقليمية ودولية وعمليات قرصنة تؤثر على الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، وتأثيرات ذلك على الاقتصاد المصري وعلى أمنه القومي.
الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات ديون دبي وأثرها على الاقتصاد المصري، وحجم البطالة والفقر داخل المجتمع المصري.
توتر العلاقات المصرية الإيرانية وتخوف مصر من خطر تصدير الثورة الإسلامية إليها، أدخل مصر في صراع مع العديد من الأطراف ذات العلاقة مع إيران، ومن هؤلاء حزب الله اللبناني وغيره ، وهذا يؤثر على مجالات أخرى كالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الخيارات المتاحة أمام النظام الحاكم في مصر:
1- تمحور مصر وانكفائها على ذاتها وحسابها على طرف في مواجهة طرف آخر قد يقوض من محورية دورها ولعل هذا يقع على كاهل الدبلوماسية المصرية التي من المفترض أن تكون نشطة في كل الملفات، مصر دولة كبيرة بشعبها وبنظامها السياسي وبمؤسساتها العريقة وبقضائها المستقل، الخارجية المصرية تحتاج إلى إعادة النظر في العديد من الملفات، وأن تكون نزيهة وعادلة عند تدخلاتها فمن الخطيئة السياسية أن تحسب مصر نفسها على محور معين سواء كان معتدلاً أم ممانعاً, فمصر أم الدنيا، هي الوسيطة بين الأشقاء الفلسطينيين وبين السودانيين وبين اليمنيين والصوماليين، يجب أن تتمتع مصر بعلاقات حميمة مع الجميع.
2- التخلص من التبعية للرأسمالية العالمية والاعتماد على الاقتصاد الحر وعلى القرار السيادي المصري الخالص يجعل من مصر دولة كبيرة وتعود لها محوريتها وأهميتها في حماية المصالح العربية والإسلامية، وعلى الأحزاب المصرية العمل على توحيد الجهود والتكاتف مع النظام المصري الحاكم لبناء إستراتيجية جديدة تدافع عن مصر وعن الأمة العربية والإسلامية وتحافظ على المصالح الإستراتيجية والأمن القومي العربي.
3- وقف نزيف هجرة العقول المصرية الى خارج مصر والعمل على وضع سياسات جديدة تستفيد من هؤلاء العقول لتطوير قدرات مص في شتى المجالات.
4- تذويب قضايا الأقليات في مصر عبر تبني استراتيجيات إعلامية تلزم الأقباط والمسلمين بها.
5- بناء علاقات متوازنة مع الدول العربية والإسلامية، ومن بين هذه الدول سوريا وإيران.
6- بناء علاقات مع حركات المقاومة في العالم العربي والاسلامي سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان أو أفغانستان، لأن عدم احتضان مصر للمقاومة يضعف دورها في صنع السلام.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق