الجمعة، أكتوبر 02، 2009

جلعاد شاليط وصفقة الشريط

حسام الدجني

دقيقة واحدة طل فيها الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط على جميع وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية في إشارة تظهر ازدواجية المعايير التي يتعامل فيها الغرب مع قضية الأسرى, حيث يمكث في سجون الاحتلال أكثر من أحد عشر الفاً من أسرى الحرية مغيبين في غياهب السجون الصهيونية لا يسأل عنهم سوى ذويهم ومن يحمل همهم من أبناء شعبهم.

جلعاد نعومي شاليط الجندي الإسرائيلي المأسور عند فصائل المقاومة لم تأسره هذه الفصائل وهو في بيته بل أسرته وهو يركب دبابة صهيونية توجه حمم لهيبها صباح مساء على قطاع غزة المحاصر في عملية بطولية شاركت فيها ثلاث فصائل مقاومة هي كتائب القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام وعرفت بعملية "الوهم المتبدد".

أدارت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مفاوضات ماروثونية مع الجانب الإسرائيلي بوساطة مصرية ألمانية حتى وصلت إلى انطلاق مراحل الصفقة لتكون صفقة الشريط أولى مراحل الصفقة والتي بموجبها سيفرج الاحتلال عن عشرون أسيرة فلسطينية مقابل الاطمئنان على صحة شاليط من خلال شريط فيديو يظهر جلعاد شاليط حياً.

تحمل صفقة الشريط دلالات سياسية وأمنية تصب في مجملها في صالح مشروع المقاومة وحركة حماس على النحو التالي:
1- استفادت حركة حماس بعد هذه الصفقة من الظهور على الساحة الإعلامية والإقليمية والدولية بمظهر القوي, فالعالم في السياسة لا يحترم إلا الأقوياء, وهذا قد يزيد من الانفتاح الغربي على حركة المقاومة الإسلامية حماس في الأسابيع القليلة القادمة وتحديداً في حال أنجزت الصفقة الكبرى.
2- تحمل صفقة الشريط على الصعيد السياسي رسائل إلى المجتمع الفلسطيني والعربي مفاده أن الخيار الوحيد لتحقيق المطالب الوطنية هو خيار المقاومة, فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
3- تكسر صفقة الشريط ضمن صفقة شاليط نظرية التعنت الإسرائيلي, وتعطي المفاوض الفلسطيني مستقبلاً عزيمة وقوة على التمسك بالحقوق والثوابت.
4- تأتي صفقة الشريط في نفس اليوم الذي يجتمع فيه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ليناقش تقرير غولدستون والذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة, وما تسرب عن قيام السلطة الفلسطينية بطلب من باكستان العمل على سحب التقرير من جدول أعمال المجلس, بناء على ضغوط إسرائيلية وأمريكية, وهذا يظهر مدى التمايز بين المشروعين في الساحة الفلسطينية حيث المشروع الأول (مشروع المقاومة) وما أنجزه من صفقة مشرفة, والمشروع الثاني وهو (مشروع التسوية) وما قد يلحق به جراء هذه الفضيحة السياسية الكبرى.
5- تعطي الأمل لأسرى الحرية بأن شمس الحرية لن تطول بجهود المقاومين وفصائل المقاومة.

الدلالات الأمنية:
1- أظهرت صفقة الشريط قوة حماس وتطورها على الصعيد الأمني والعسكري,
حيث لن يظهر الشريط أي شيئ قد يفيد جهاز المخابرات الإسرائيلي من الوصول إلى جلعاد شاليط, حيث استخدمت صحيفة فلسطين لتقول للاحتلال إن شاليط في غزة( صحيفة فلسطين هي صحيفة توزع فقط في قطاع غزة) وكذلك تاريخ الصحيفة يعبر عن غموض في تاريخ التصوير ولكنه حتماً بعد الحرب الإسرائيلية, واستخدمت كرسي شائع الاستخدام في مقاهي وشوارع ومستشفيات القطاع, كذلك خلفية الجندي لم تحمل أي إشارات قد تشير إلى مكانه, ووجه شاليط والذي يشع نوراً يظهر حماس وإنسانيتها الإسلامية في تعاملها مع الأسرى, فقد ظهر شاليط في حالة جيدة جدا, بل يبدوا أن وزنه زاد عشرات الكيلو جرامات نتيجة التغذية الجيدة التي يتناولها جلعاد في مكان احتجازه.
2- تشكل صفقة الشريط ضربة لجهاز الاستخبارات الصهيوني وضربة معلم لجهاز الأمن التابع لحركة حماس, مما قد يثير الشارع الصهيوني على حكومته, ويدعم ما وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لناخبيه بأن نهاية العام الجاري سيشهد إطلاق سراح جلعاد شاليط,وهو ما دفع نتانياهو بالسماح لوسائل الإعلام الإسرائيلية بنشر الشريط ليشكل قوة شعبية داعمة له في ظل معارضة اليمين المتطرف في حكومته, لذا قد نشهد قريبا ترجمة حقيقية لما نقول, من خلال رضوخ تل أبيب لشروط حماس في صفقة تبادل كبرى تدخل الفرح والسرور كل بيت عربي وفلسطيني.

حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: