عمر موسى
رغم ما يعانيه الشعب الفلسطيني من هجمات شرسة موغلة في الإجرام والحقد والكراهية اللامتناهية من عدو متغطرس يسبح على بحر من الأسلحة الفتاكة الحديثة والمبتكرة، فإن أشد هجمات الحقد والكراهية بعد هجمات بني صهيون هي تلك التي تأتيه من عقر داره، ومن أقرب المقربين إليه، حتى من أبناءه. ورغم كل التضحيات التي قدمها وما زال يقدمها الشعب الفلسطيني، فإن أغلى التضحيات قدمها نتيجة تواطؤ أو خيانة بعض أبنائه، أو في أحسن الأحوال نقول، عدم اكتراث، أو تهاون بأهمية الحرص واليقظة التي يجب أن يتحلى بها المناضل في أي مكان من العالم.
قد نجلد أنفسنا حين نقول ما قلناه أعلاه، لكن أن نجلد أنفسنا ونستيقض من سباتنا الذي لا يرحم، أفضل بكثير من أن نبقى على ما نحن عليه من استهانة واستغباء لعقول ملايين البشر الذين يثمنون عالياً تضحيات هذا الشعب على مدار حوالي قرن من الزمان. نجلد أنفسنا وحتى في هذا لا نجلد سوى المجلودين فعلاً، لا بل المذبوحين نتيجة تآمر بعض أبناء شعب فلسطين ممن هم في مركز القرار حينا، أو من المتسلِّقين على أكتاف من هم في مركز القرار الفلسطيني أحياناً أخرى. وقد لا نبالغ كثيراً إن قلنا إن أهم العناصر القيادية الفاعلة في ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة قتلها العدو نتيجة تهاون أو تعاون مع هذا العدو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وقد يذكر الكثير من مناضلينا الفلسطينيين والعرب وأصدقاء العرب حول العالم كيف سقط العشرات من المناضلين والقياديين الفلسطينيين إن في لبنان أو في فلسطين أو في أوروبا أو في أي مكان آخر. أو هل يعقل أن الإسرائيلي يعلم أسرار الكون بحدسه أو بعلمه الخارق أو بالصدفة؟ كلا وألف كلا، إنما يصل إلى هدفه بتعاون أصحاب النفوس المريضة الضعيفة المؤسسة على التآمر والخيانة والغدر والحقد والمصلحة المنفعية الفردية الأنانية، وبعيدة كل البعد عن أي حس وطني.
لن أستمر في جلد ذاتي الفلسطينية من دون التطرق إلى نتائج هذا الجلد. فهل المقصود من هذا أن نفتح خزائن التراشق الكتابي أو اللفظي أو كما يقول البعض: (نشر الغسيل على حبال الآخرين)؟ إن كان القصد هكذا، فلا أعتقد أن هناك نتيجة مرجوّة منه سوى الإمعان في التآمر على ما تبقى من روح وطنية عند شعبنا المناضل الأبي. إن الهدف أسمى من ذلك بكثير، حتى وإن كان هناك من لا يفهم أبداً معنىً للقيمة الوطنية والأهمية المطلقة للوحدة بين أبناء الشعب الواحد في مواجهة أخطر المخاطر التي يتعرض لها هذا الشعب في كيانه، واقعه ومصيره. علماً أن هناك أبواقا كثيرة لا تهدف من زعيقها إلاّ الخراب والتخريب في بنيان الشعب، أو ما تبقى من هذا البنيان.
لقد طلع علينا إثنان من أهم قادة شعب فلسطين ليعلنوا مواقفهم. محمود عباس (أبو مازن)، رجل السلام الذي لا يطيق الحرب حسب أقواله ومن فمه تخرج هذه الكلمات، وخالد مشعل الذي يعمل على تحرير فلسطين بالحرب، حسب قوله كذلك. لقد كان ظهورهما في وقت حرج من تاريخ شعبنا الفلسطيني، رغم أن عددا آخر من قيادات شعبنا أدلت بدلوها كذلك خلال هذه الفترة العصيبة، منهم من قيادات الصف الأول والثاني والثالث ووو ... إلى آخر الجوقات التي تطرب على قرع طبول الخلاف الفلسطيني الفلسطيني. فمنهم من دافع عن جريمة بشعة بحق شعب فلسطين ومنهم من هاجم المسؤولين عن هذه الجريمة. والجريمة هنا هي قرار سحب مناقشة تقرير غولدستون الشهير. وخلال عمليات الإدلاء بتصاريحهم النارية، استخدم العديد من هؤلاء أساليب نقاش يندى لها جبين حتى غير المبالين بما يجري في هذه الدنيا الغريبة العجيبة. فمنهم من يهاجم القيادة الفلسطينية بأبشع ما يمكن من ألفاظ وأوصاف خيانية. أما من الطرف الآخر، فترى من يجرّح ويتّهم ويخوّن قيادة حماس ويتهمها بقول شيء والإتيان بعكسه. ألم نسمع من يعيب عليها وقف إطلاق النار في غزة ومنع الآخرين من إطلاق النار على إسرائيل منذ وقف الحرب على غزة؟ فهل يطلب هؤلاء من حماس وقياداتها أن تنتحر وتغتال معها الشعب الفلسطيني بأكمله كي يرضى عليها هذا الشخص أو ذاك ممن يعيبون عليها قراراً سياسياً حكيما؟
وإن كان هذا الشخص يعيب عليها هكذا موقف، فأين هي مواقفه في الضفة الغربية؟ أين شعب الضفة الذي لا يستطيع أن يعبّر عن رفضه لما يعاني منه شعب غزة من حصار وقتل وتدمير؟ أين شعب الضفة الغربية الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه من الحملات المستمرة من الاعتقالات والتقييد والتفتيش والتقتيل؟ بل أين هؤلاء الذين يطالبون غيرهم بما لا يطيقونه هم؟ أين دفاعهم ولو اللفظي عن شعبنا في الضفة الغربية وفي غزة؟ بل أين رفضهم لعمليات الملاحقة المستمرة للمناضلين؟ والأهم: أين دفاعه عن القدس الشريف والمسجد الأقصى؟ دعني أتجرّأ وأسأل: "لماذا تتفاوضون مع العدو الذي لا يسمح لكم حتى بالانتقال من مكان إلى آخر رغم بطاقات "الفي آي بي" التي تحملونها على صدوركم المنتفخة خواءً؟ أظن أن هناك ألف سؤال وسؤال ولا يوجد لأي منها جواباً شافياً واحداً، مهما كانت براعتكم في التملص من الواقع واستغباءكم لعقولنا.
ليس المقصود هنا الدفاع عن فئة دون الأخرى، إنما الهدف الأول والدائم هو الدفاع عن شعب فلسطين. كل فلسطين. فلسطين 48 قبل فلسطين 67 وقبل فلسطين غزة وأريحا أولا، وقبل فلسطين المقطّعة أوصالها بجدار العزل أو بالمستوطنات التي تقام يومياً وعلى مرأى ومسمع كل تلك التي تسمي نفسها قيادات مسالمة وتنبذ العنف والحرب. إنكم تعطوننا من طرف اللسان حلاوة، وحتى هذه الحلاوة أصبحت مشبعة بدماء الضحايا الأبرياء من شعبنا الفلسطيني الذي دار في فلككم على مدار عقود من التيه والضياع. لن أنكأ المزيد من الجراح القاتلة التي عانينا منها وذلك بفضل قيادتكم الحكيمة التي أدت إلى سقوط مئات آلاف الضحايا من الشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي ساندت فلسطين وقضيتها. لقد ظننا للحظة أن هذه القيادة قد تكون حافظت على بعضٍ من شرف القيادة والاتزان والوطنية، فتستقيل وتتنازل عن عرش القيادة الذي التصقت به والتصق بها، ولا يمكن أن يكون هناك فكاك بينهم. ألم تفشل هذه القايدات وعلى مدار سنوات طويلة في تحقيق أي هدف نضالي من أهداف شعب فلسطين؟ ألا تتشدق هذه القيادات وأبواقها بالديمقراطية (المخادعة الكاذبة) ويقولون بالاحتكام للشعب في صناديق الاقتراع؟
فإذا احتكمتم لصناديق الاقتراع، فمن يضمن نزاهة هذه الانتخابات إن جرت؟ أهي الوظائف التي تتحكمون بها؟ أم الأموال التي تراهنون عليها؟ أم المناصب التي تغدقون بها؟ أم العدو الذي هو الجلاد الدائم والقاتل الحاضر في كل مكان وزمان الذي يساندكم ويدعمكم؟ لقد رفضتم نتائج أكبر عملية ديمقراطية وبشهادة العالم أجمع، العدو قبل الصديق. وما زلنا نذكر كيف خرجت أبواق عديدة ترفض القبول بنتائج تلك الانتخابات وترفض المشاركة في الحكم. لا بل عمل البعض على ممارسة الرفض عن طريق الحرمان، والعزل، والتضييق، والتحريض، والتقتيل، والتآمر، والفوضى، والاغتيالات، ونشر كافة أنواع الموبقات بين أبناء الشعب الفلسطيني.
أما على الطرف الآخر، فقد عمل الآخرون على احتكار القرار وإحكام القبضة على الوضع وبأي طريقة يختارونها. فهم لم يسمحو لأحد بأن يكون حكما مقبولا. وحين آتتهم الفرصة نكلوا بالأخرين تنكيلاً يندى له الجبين. فمهما كانت الأسباب والمسببات، لا يحق لكم في الطرف الآخر أن تتصرفوا بهذا الشكل وبهذه الطريقة. فهناك وسائل عديدة أخرى، حضارية ووطنية ومقبولة عكس ما تم فعله والذي وصل حد العمل الإجرامي بحق مناضلين.
كلا الطرفين على طرفي نقيض من الآخر. لكن فاتهم أنهم ليسوا الوحيدين على الساحة الفلسطينية. لكن طبق عليهم المثل القائل: "الفاجر يأكل مال التاجر". فالطرفين فَجَرا على شعبنا بواسطة السلاح والعشيرة والمحسوبين والمحازبين، ونسوا أن الشعب، كل الشعب يتضرر من خلافاتهم التي لا تنتهي. فمتى يصحُ أحد الطرفين على واقع شعبنا الأليم، ويضع مصلحته في مقدمة أولوياته ويعمل على تأمينها؟ متى يصحو أحد الطرفين ويتذكر أن الله فوق الجميع وأن عدله يجب أن يسود، وليس أموال سلطة أو حزب.
كفانا صراعاً حزبياً أو منفعةً فردية أو حزبية تتحكم بمصير شعبٍ صاحبُ أقدس قضية في العالم العربي. كفاكم جميعا على ساحة النضال الفلسطيني. كفاكم تفرقة وتناحراً وتمزقا وفرقة وغدراً واقتتالا. كفاكم ما أنتم فيه وعليه، وعودوا إلى وعيكم وقضينكم. وإلاّ فلا تلومون العدو مهما أجرم في حقكم، فيبقى إجرامه أهون من إجرامكم في حق شعبكم. ذاك عدوٌ نقاوم إجرامه بكل قوة. أما ما تقومون به ضد بعضكم، فلا يستطيع أحد فهمه أو قبوله مهما كانت الأسباب أو المسببات. فهلاّ أوقفتم حمام الدم الفلسطيني يا قادة شعب فلسطين؟
رغم ما يعانيه الشعب الفلسطيني من هجمات شرسة موغلة في الإجرام والحقد والكراهية اللامتناهية من عدو متغطرس يسبح على بحر من الأسلحة الفتاكة الحديثة والمبتكرة، فإن أشد هجمات الحقد والكراهية بعد هجمات بني صهيون هي تلك التي تأتيه من عقر داره، ومن أقرب المقربين إليه، حتى من أبناءه. ورغم كل التضحيات التي قدمها وما زال يقدمها الشعب الفلسطيني، فإن أغلى التضحيات قدمها نتيجة تواطؤ أو خيانة بعض أبنائه، أو في أحسن الأحوال نقول، عدم اكتراث، أو تهاون بأهمية الحرص واليقظة التي يجب أن يتحلى بها المناضل في أي مكان من العالم.
قد نجلد أنفسنا حين نقول ما قلناه أعلاه، لكن أن نجلد أنفسنا ونستيقض من سباتنا الذي لا يرحم، أفضل بكثير من أن نبقى على ما نحن عليه من استهانة واستغباء لعقول ملايين البشر الذين يثمنون عالياً تضحيات هذا الشعب على مدار حوالي قرن من الزمان. نجلد أنفسنا وحتى في هذا لا نجلد سوى المجلودين فعلاً، لا بل المذبوحين نتيجة تآمر بعض أبناء شعب فلسطين ممن هم في مركز القرار حينا، أو من المتسلِّقين على أكتاف من هم في مركز القرار الفلسطيني أحياناً أخرى. وقد لا نبالغ كثيراً إن قلنا إن أهم العناصر القيادية الفاعلة في ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة قتلها العدو نتيجة تهاون أو تعاون مع هذا العدو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وقد يذكر الكثير من مناضلينا الفلسطينيين والعرب وأصدقاء العرب حول العالم كيف سقط العشرات من المناضلين والقياديين الفلسطينيين إن في لبنان أو في فلسطين أو في أوروبا أو في أي مكان آخر. أو هل يعقل أن الإسرائيلي يعلم أسرار الكون بحدسه أو بعلمه الخارق أو بالصدفة؟ كلا وألف كلا، إنما يصل إلى هدفه بتعاون أصحاب النفوس المريضة الضعيفة المؤسسة على التآمر والخيانة والغدر والحقد والمصلحة المنفعية الفردية الأنانية، وبعيدة كل البعد عن أي حس وطني.
لن أستمر في جلد ذاتي الفلسطينية من دون التطرق إلى نتائج هذا الجلد. فهل المقصود من هذا أن نفتح خزائن التراشق الكتابي أو اللفظي أو كما يقول البعض: (نشر الغسيل على حبال الآخرين)؟ إن كان القصد هكذا، فلا أعتقد أن هناك نتيجة مرجوّة منه سوى الإمعان في التآمر على ما تبقى من روح وطنية عند شعبنا المناضل الأبي. إن الهدف أسمى من ذلك بكثير، حتى وإن كان هناك من لا يفهم أبداً معنىً للقيمة الوطنية والأهمية المطلقة للوحدة بين أبناء الشعب الواحد في مواجهة أخطر المخاطر التي يتعرض لها هذا الشعب في كيانه، واقعه ومصيره. علماً أن هناك أبواقا كثيرة لا تهدف من زعيقها إلاّ الخراب والتخريب في بنيان الشعب، أو ما تبقى من هذا البنيان.
لقد طلع علينا إثنان من أهم قادة شعب فلسطين ليعلنوا مواقفهم. محمود عباس (أبو مازن)، رجل السلام الذي لا يطيق الحرب حسب أقواله ومن فمه تخرج هذه الكلمات، وخالد مشعل الذي يعمل على تحرير فلسطين بالحرب، حسب قوله كذلك. لقد كان ظهورهما في وقت حرج من تاريخ شعبنا الفلسطيني، رغم أن عددا آخر من قيادات شعبنا أدلت بدلوها كذلك خلال هذه الفترة العصيبة، منهم من قيادات الصف الأول والثاني والثالث ووو ... إلى آخر الجوقات التي تطرب على قرع طبول الخلاف الفلسطيني الفلسطيني. فمنهم من دافع عن جريمة بشعة بحق شعب فلسطين ومنهم من هاجم المسؤولين عن هذه الجريمة. والجريمة هنا هي قرار سحب مناقشة تقرير غولدستون الشهير. وخلال عمليات الإدلاء بتصاريحهم النارية، استخدم العديد من هؤلاء أساليب نقاش يندى لها جبين حتى غير المبالين بما يجري في هذه الدنيا الغريبة العجيبة. فمنهم من يهاجم القيادة الفلسطينية بأبشع ما يمكن من ألفاظ وأوصاف خيانية. أما من الطرف الآخر، فترى من يجرّح ويتّهم ويخوّن قيادة حماس ويتهمها بقول شيء والإتيان بعكسه. ألم نسمع من يعيب عليها وقف إطلاق النار في غزة ومنع الآخرين من إطلاق النار على إسرائيل منذ وقف الحرب على غزة؟ فهل يطلب هؤلاء من حماس وقياداتها أن تنتحر وتغتال معها الشعب الفلسطيني بأكمله كي يرضى عليها هذا الشخص أو ذاك ممن يعيبون عليها قراراً سياسياً حكيما؟
وإن كان هذا الشخص يعيب عليها هكذا موقف، فأين هي مواقفه في الضفة الغربية؟ أين شعب الضفة الذي لا يستطيع أن يعبّر عن رفضه لما يعاني منه شعب غزة من حصار وقتل وتدمير؟ أين شعب الضفة الغربية الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه من الحملات المستمرة من الاعتقالات والتقييد والتفتيش والتقتيل؟ بل أين هؤلاء الذين يطالبون غيرهم بما لا يطيقونه هم؟ أين دفاعهم ولو اللفظي عن شعبنا في الضفة الغربية وفي غزة؟ بل أين رفضهم لعمليات الملاحقة المستمرة للمناضلين؟ والأهم: أين دفاعه عن القدس الشريف والمسجد الأقصى؟ دعني أتجرّأ وأسأل: "لماذا تتفاوضون مع العدو الذي لا يسمح لكم حتى بالانتقال من مكان إلى آخر رغم بطاقات "الفي آي بي" التي تحملونها على صدوركم المنتفخة خواءً؟ أظن أن هناك ألف سؤال وسؤال ولا يوجد لأي منها جواباً شافياً واحداً، مهما كانت براعتكم في التملص من الواقع واستغباءكم لعقولنا.
ليس المقصود هنا الدفاع عن فئة دون الأخرى، إنما الهدف الأول والدائم هو الدفاع عن شعب فلسطين. كل فلسطين. فلسطين 48 قبل فلسطين 67 وقبل فلسطين غزة وأريحا أولا، وقبل فلسطين المقطّعة أوصالها بجدار العزل أو بالمستوطنات التي تقام يومياً وعلى مرأى ومسمع كل تلك التي تسمي نفسها قيادات مسالمة وتنبذ العنف والحرب. إنكم تعطوننا من طرف اللسان حلاوة، وحتى هذه الحلاوة أصبحت مشبعة بدماء الضحايا الأبرياء من شعبنا الفلسطيني الذي دار في فلككم على مدار عقود من التيه والضياع. لن أنكأ المزيد من الجراح القاتلة التي عانينا منها وذلك بفضل قيادتكم الحكيمة التي أدت إلى سقوط مئات آلاف الضحايا من الشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي ساندت فلسطين وقضيتها. لقد ظننا للحظة أن هذه القيادة قد تكون حافظت على بعضٍ من شرف القيادة والاتزان والوطنية، فتستقيل وتتنازل عن عرش القيادة الذي التصقت به والتصق بها، ولا يمكن أن يكون هناك فكاك بينهم. ألم تفشل هذه القايدات وعلى مدار سنوات طويلة في تحقيق أي هدف نضالي من أهداف شعب فلسطين؟ ألا تتشدق هذه القيادات وأبواقها بالديمقراطية (المخادعة الكاذبة) ويقولون بالاحتكام للشعب في صناديق الاقتراع؟
فإذا احتكمتم لصناديق الاقتراع، فمن يضمن نزاهة هذه الانتخابات إن جرت؟ أهي الوظائف التي تتحكمون بها؟ أم الأموال التي تراهنون عليها؟ أم المناصب التي تغدقون بها؟ أم العدو الذي هو الجلاد الدائم والقاتل الحاضر في كل مكان وزمان الذي يساندكم ويدعمكم؟ لقد رفضتم نتائج أكبر عملية ديمقراطية وبشهادة العالم أجمع، العدو قبل الصديق. وما زلنا نذكر كيف خرجت أبواق عديدة ترفض القبول بنتائج تلك الانتخابات وترفض المشاركة في الحكم. لا بل عمل البعض على ممارسة الرفض عن طريق الحرمان، والعزل، والتضييق، والتحريض، والتقتيل، والتآمر، والفوضى، والاغتيالات، ونشر كافة أنواع الموبقات بين أبناء الشعب الفلسطيني.
أما على الطرف الآخر، فقد عمل الآخرون على احتكار القرار وإحكام القبضة على الوضع وبأي طريقة يختارونها. فهم لم يسمحو لأحد بأن يكون حكما مقبولا. وحين آتتهم الفرصة نكلوا بالأخرين تنكيلاً يندى له الجبين. فمهما كانت الأسباب والمسببات، لا يحق لكم في الطرف الآخر أن تتصرفوا بهذا الشكل وبهذه الطريقة. فهناك وسائل عديدة أخرى، حضارية ووطنية ومقبولة عكس ما تم فعله والذي وصل حد العمل الإجرامي بحق مناضلين.
كلا الطرفين على طرفي نقيض من الآخر. لكن فاتهم أنهم ليسوا الوحيدين على الساحة الفلسطينية. لكن طبق عليهم المثل القائل: "الفاجر يأكل مال التاجر". فالطرفين فَجَرا على شعبنا بواسطة السلاح والعشيرة والمحسوبين والمحازبين، ونسوا أن الشعب، كل الشعب يتضرر من خلافاتهم التي لا تنتهي. فمتى يصحُ أحد الطرفين على واقع شعبنا الأليم، ويضع مصلحته في مقدمة أولوياته ويعمل على تأمينها؟ متى يصحو أحد الطرفين ويتذكر أن الله فوق الجميع وأن عدله يجب أن يسود، وليس أموال سلطة أو حزب.
كفانا صراعاً حزبياً أو منفعةً فردية أو حزبية تتحكم بمصير شعبٍ صاحبُ أقدس قضية في العالم العربي. كفاكم جميعا على ساحة النضال الفلسطيني. كفاكم تفرقة وتناحراً وتمزقا وفرقة وغدراً واقتتالا. كفاكم ما أنتم فيه وعليه، وعودوا إلى وعيكم وقضينكم. وإلاّ فلا تلومون العدو مهما أجرم في حقكم، فيبقى إجرامه أهون من إجرامكم في حق شعبكم. ذاك عدوٌ نقاوم إجرامه بكل قوة. أما ما تقومون به ضد بعضكم، فلا يستطيع أحد فهمه أو قبوله مهما كانت الأسباب أو المسببات. فهلاّ أوقفتم حمام الدم الفلسطيني يا قادة شعب فلسطين؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق