د. أديب المقدسي
تابعت من القدس الأسيرة المحاصرة، التي جئتها من الولايات المتحدة لزيارة خاصة .. إحياء أهلنا الفلسطينيين في اسرائيل ـ لذكرى هبة اكتوبر 2000، وتابعت خصوصا المهرجان المركزي في قرية عرابة البطوف الجليلية الشامخة ، باشتراك حشود واسعة من الشعب ، احياء لذكراء الشهداء ، وتصميما على النضال للبقاء في ارض الوطن ، للتجذر والتطور وضمان الحياة الإنسانية الوطنية الكريمة .
لدي كثير ما أقوله ، انتقادا أخويا ، لكل الخطاب السياسي المسيطر على الشارع العربي عند اخوتنا واهلنا في داخل السجن الاسرائيلي.
ولكني هنا اريد ان اناقش نقطة واحدة أغضبتني غضبا شديدا .
كان يجب ان نرحب بحرارة بعريضة وقع عليها أكثر من 300 شخصية يهودية ، ليبرالية وانسانية،قرات خبرا عنها في نسخة جريدة "هآرتس" باللغة الانكليزية ، بينهم ادباء واساتذة جامعات وطلاب جامعات يؤيدون فيها نضال الأقلية الفلسطينية في اسرائيل .
هل هناك عاقل يعارض ان يتضامن معه الآخرون من شعب الأكثرية ؟ هل هناك عاقل يعمل كل شيء لتعميق القطيعة بين العرب واليهود ؟ هل هناك أقلية قومية مظلومة في العالم لا تعمل لكسب التأييد الواسع قدر الامكان ، بين شعب الأكثرية ، لحقها كأقلية قومية ؟ هل قاتلت اية أقلية مظلومة او أي شعب تحت الاحتلال او تحت التمييز العنصري ، للخلاص والتحرر بدون ان يسعوا استراتيجيا لكسب تأييد الشعب الآخر ؟
واضح ان الحكومة هي المجرمة، ولكننا اذا عرفنا كيف نخاطب المجتمع اليهودي ، اذاغ عرفنا كيف نقرب الدمقراطيين والانسانيين وانصار حقوق الانسان فاننا نضعف السلطة الظالمة ونقوي انفسنا ومعسكرنا.
لم يتحرر اي شعب من الظلم القومي والتمييز العنصري الا عندما شق مجتمع الأكثرية وكسب تأييد القطاع الدمقراطي والليبرالي والانساني في شعب الأكثرية ، وأضعف ، وبالتالي عزل العنصرية.
لقد شعرت بالذهول والصدمة الى حد البكاء ، عندما قام غوغائيون ( أغبياء او استفزازيون ) بمقاطعة الدكتور ايلان بابه اليهودي الانسان ( الذي أعرفه شخصيا )والذي يدعم ويؤيد مطالب الجماهير العربية الفلسطينية ، والتحرر الكامل للشعب الفلسطيني .
ان الصراخ الهستيري في وجه ايلان بابه :" خيبر خيبر يا يهود جيش محمد بدو يعود " هو كمن يطلق النار على نفسه . هل الهدف الاستراتيجي الذي وضعته الأوساط الأصولية الظلامية هو ان لا يبقى يهودي واحد مؤيدا لقضايانا العادلة؟
ان القوى الوطنية والدمقراطية والعصرية في شعبنا في الداخل يجب ان تدرك ادراكا تاما وصافيا ان سيطرة الأصولية الظلامية على شعبنا في الداخل تضر بشعبنا هناك وتضر بمجمل النضال القومي الفلسطيني.
من السخف وعدم المسؤولية ان نتمسك بالنشاط "الوحدوي" للشعب كله ثم نعطي للقوى الأصولية الظلامية المتطرفة والمتخلفة أن "تقود المسيرة" وتهيمن على المنصة وعلى الشعارات ، بينما من يقولون بأنهم "يساريون" و " وطنيون" و " علمانيون " يضعون رؤوسهم في الرمل !!
انا اعرف الحزب الشيوعي وفيما بعد الجبهة ، خلال أكثر من عشرين سنة ، حين كنت عضوا في الحزب الشيوعي الفلسطيني . وقد كان توفيق الطوبي ، واميل حبيبي واميل توما وسليم القاسم وعلي عاشور وعودة الأشهب وعثمان ابو راس وابو العفو اغبارية يرفعون الشعارات الوطنية والدمقراطية ويقودون المسيرة عندما كان " الاسلاميون " أعوانا لنظام الحكم العسكري ، والقوائم العربية العميلة لحزب "الماباي" ( حزب بن غوريون ) الحاكم في حينه .
ان حماية النهج الوطني الانساني الرافض للتعصب الديني الأعمى ، هي اساس لا بد منه لدحر السياسة العنصرية.
من السخف التصور انه كلما كان الشعار متطرفا وظلاميا كان هذا دليل الوطنية. هل نريد ان يسير مجتمعنا الفلسطيني في طريق حماس وطالبان وايران؟ هل نركض ركضا نحو التخلف والتشرذم والتعصب والكراهية للآخر لمجرد انه يهودي او اوروبي ؟ هل نحن نبلور هستيريا عنصرية اصولية متعصبة؟ هل هذه هي الطريق الى الخلاص ام الطريق الى الانتحار؟
انا كفلسطيني مقدسي في جذوري ، ومقيم في الولايات المتحدة منذ عقدين ونصف العقد تقريبا ، أقول للأهل الفلسطينيين الصامدين داخل اسرائيل، لا تعطوا الراية ولا احتكار الشعار الوطني للأصولية الظلامية التي ظاهرها التدين ، بينما جوهرها هو العنصرية والتخلف والجهل والارتطام .
نحن نرى حالة كل الشعوب التي سيطرت عليها الأصولية الظلامية ، من افغانستان الى ايران الى الصومال . الأصولية ليست تدينا ولا ورعا ولا عودة الى الدين ، انها حالة قطيعة مع الحضارة والتطور والمنطق والمصالح الوطنية .
وتحية لشعبنا في الجليل والمثلث والنقب وعكا وحيفا ويافا . كنتم خلال عشرات السنين نموذجا لنا في النضال الباسل والحكمة وبناء الجبهة الوطنية بقيادة عصرية وعقلانية .
لا تدعو الظلاميين يسيطرون بالارهاب الديني – السياسي على شعبنا ويدحرجونا الى كارثة جديدة !
dramaqdisi@gmail.com
تابعت من القدس الأسيرة المحاصرة، التي جئتها من الولايات المتحدة لزيارة خاصة .. إحياء أهلنا الفلسطينيين في اسرائيل ـ لذكرى هبة اكتوبر 2000، وتابعت خصوصا المهرجان المركزي في قرية عرابة البطوف الجليلية الشامخة ، باشتراك حشود واسعة من الشعب ، احياء لذكراء الشهداء ، وتصميما على النضال للبقاء في ارض الوطن ، للتجذر والتطور وضمان الحياة الإنسانية الوطنية الكريمة .
لدي كثير ما أقوله ، انتقادا أخويا ، لكل الخطاب السياسي المسيطر على الشارع العربي عند اخوتنا واهلنا في داخل السجن الاسرائيلي.
ولكني هنا اريد ان اناقش نقطة واحدة أغضبتني غضبا شديدا .
كان يجب ان نرحب بحرارة بعريضة وقع عليها أكثر من 300 شخصية يهودية ، ليبرالية وانسانية،قرات خبرا عنها في نسخة جريدة "هآرتس" باللغة الانكليزية ، بينهم ادباء واساتذة جامعات وطلاب جامعات يؤيدون فيها نضال الأقلية الفلسطينية في اسرائيل .
هل هناك عاقل يعارض ان يتضامن معه الآخرون من شعب الأكثرية ؟ هل هناك عاقل يعمل كل شيء لتعميق القطيعة بين العرب واليهود ؟ هل هناك أقلية قومية مظلومة في العالم لا تعمل لكسب التأييد الواسع قدر الامكان ، بين شعب الأكثرية ، لحقها كأقلية قومية ؟ هل قاتلت اية أقلية مظلومة او أي شعب تحت الاحتلال او تحت التمييز العنصري ، للخلاص والتحرر بدون ان يسعوا استراتيجيا لكسب تأييد الشعب الآخر ؟
واضح ان الحكومة هي المجرمة، ولكننا اذا عرفنا كيف نخاطب المجتمع اليهودي ، اذاغ عرفنا كيف نقرب الدمقراطيين والانسانيين وانصار حقوق الانسان فاننا نضعف السلطة الظالمة ونقوي انفسنا ومعسكرنا.
لم يتحرر اي شعب من الظلم القومي والتمييز العنصري الا عندما شق مجتمع الأكثرية وكسب تأييد القطاع الدمقراطي والليبرالي والانساني في شعب الأكثرية ، وأضعف ، وبالتالي عزل العنصرية.
لقد شعرت بالذهول والصدمة الى حد البكاء ، عندما قام غوغائيون ( أغبياء او استفزازيون ) بمقاطعة الدكتور ايلان بابه اليهودي الانسان ( الذي أعرفه شخصيا )والذي يدعم ويؤيد مطالب الجماهير العربية الفلسطينية ، والتحرر الكامل للشعب الفلسطيني .
ان الصراخ الهستيري في وجه ايلان بابه :" خيبر خيبر يا يهود جيش محمد بدو يعود " هو كمن يطلق النار على نفسه . هل الهدف الاستراتيجي الذي وضعته الأوساط الأصولية الظلامية هو ان لا يبقى يهودي واحد مؤيدا لقضايانا العادلة؟
ان القوى الوطنية والدمقراطية والعصرية في شعبنا في الداخل يجب ان تدرك ادراكا تاما وصافيا ان سيطرة الأصولية الظلامية على شعبنا في الداخل تضر بشعبنا هناك وتضر بمجمل النضال القومي الفلسطيني.
من السخف وعدم المسؤولية ان نتمسك بالنشاط "الوحدوي" للشعب كله ثم نعطي للقوى الأصولية الظلامية المتطرفة والمتخلفة أن "تقود المسيرة" وتهيمن على المنصة وعلى الشعارات ، بينما من يقولون بأنهم "يساريون" و " وطنيون" و " علمانيون " يضعون رؤوسهم في الرمل !!
انا اعرف الحزب الشيوعي وفيما بعد الجبهة ، خلال أكثر من عشرين سنة ، حين كنت عضوا في الحزب الشيوعي الفلسطيني . وقد كان توفيق الطوبي ، واميل حبيبي واميل توما وسليم القاسم وعلي عاشور وعودة الأشهب وعثمان ابو راس وابو العفو اغبارية يرفعون الشعارات الوطنية والدمقراطية ويقودون المسيرة عندما كان " الاسلاميون " أعوانا لنظام الحكم العسكري ، والقوائم العربية العميلة لحزب "الماباي" ( حزب بن غوريون ) الحاكم في حينه .
ان حماية النهج الوطني الانساني الرافض للتعصب الديني الأعمى ، هي اساس لا بد منه لدحر السياسة العنصرية.
من السخف التصور انه كلما كان الشعار متطرفا وظلاميا كان هذا دليل الوطنية. هل نريد ان يسير مجتمعنا الفلسطيني في طريق حماس وطالبان وايران؟ هل نركض ركضا نحو التخلف والتشرذم والتعصب والكراهية للآخر لمجرد انه يهودي او اوروبي ؟ هل نحن نبلور هستيريا عنصرية اصولية متعصبة؟ هل هذه هي الطريق الى الخلاص ام الطريق الى الانتحار؟
انا كفلسطيني مقدسي في جذوري ، ومقيم في الولايات المتحدة منذ عقدين ونصف العقد تقريبا ، أقول للأهل الفلسطينيين الصامدين داخل اسرائيل، لا تعطوا الراية ولا احتكار الشعار الوطني للأصولية الظلامية التي ظاهرها التدين ، بينما جوهرها هو العنصرية والتخلف والجهل والارتطام .
نحن نرى حالة كل الشعوب التي سيطرت عليها الأصولية الظلامية ، من افغانستان الى ايران الى الصومال . الأصولية ليست تدينا ولا ورعا ولا عودة الى الدين ، انها حالة قطيعة مع الحضارة والتطور والمنطق والمصالح الوطنية .
وتحية لشعبنا في الجليل والمثلث والنقب وعكا وحيفا ويافا . كنتم خلال عشرات السنين نموذجا لنا في النضال الباسل والحكمة وبناء الجبهة الوطنية بقيادة عصرية وعقلانية .
لا تدعو الظلاميين يسيطرون بالارهاب الديني – السياسي على شعبنا ويدحرجونا الى كارثة جديدة !
dramaqdisi@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق