الثلاثاء، أكتوبر 06، 2009

سعدات والبرغوثي مرة أخرى

راسم عبيدات

......في إطار صفقة التبادل بالجندي الإسرائيلي المأسور "شاليط" المتبلورة،والتي تتجه نحو الدخول في مراحل حاسمة ونهائية،ذكرت مصادر مصرية وإسرائيلية منها عمر سليمان مدير المخابرات المصرية المكلف بهذا الملف وصحيفة "هارتس" الإسرائيلية،أن الأمين العام للجبهة الشعبية القائد احمد سعدات ومروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لن يكونا ضمن صفقة التبادل،وهناك ضغط وطلب فلسطيني بان لا يكون الإفراج عنهما ضمن صفقة "شاليط" والحجج والذرائع والمبررات المطروحة،هي الخوف من أن إطلاق سراحهما ضمن هذه الصفقة، سيعزز من قوة و نفوذ وشعبية وجماهيرية حركة حماس،وإن صحت هذه المعلومات فإن خطيئة بل جريمة أخرى ترتكب بحق هذين القائدين ،تضاف إلى جريمة السلطة بطلبها تأجيل التصويت على تقرير "غولدستون" والذي يدين قادة وجنود الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وقتل متعمد للمدنيين في حربهم العدوانية على قطاع غزة كانون أول/ 2008،والطرف الفلسطيني الساعي لعدم تضمين سعدات والبرغوثي ضمن صفقة التبادل تلك،يعرف ويعي ويدرك تماماً،أن سعدات والبرغوثي أشرف لهما ألف مرة ولتاريخهما ورصيدهما النضالي والجماهيري والشعبي ولمواقعهما الحزبية والتنظيمية والوطنية أن يتم إطلاق سراحهما عبر بوابة هذه الصفقة والخيار،هذا الخيار الذي كان له الفضل في إطلاق سراح الكثير من المناضلين،والذين كانت إسرائيل لولا هذا الخيار والنهج،تطمح لقبرهم أحياء في سجونها ومعتقلاتها وزنازينها،وليس عبر بوابة استجداء إسرائيل وتقديم التنازلات السياسية لها،وهذا الطرف الفلسطيني الساعي لعدم تضمينهما في الصفقة،يعلم أيضاً أنه أعجز من أن يمتلك القدرة على تأمين إطلاق سراحهما،فالسلطة التي كانت عاجزة عن توفير الحماية للقائد احمد سعدات وهو في سجونها،حيث اقتحمت إسرائيل سجن أريحا واختطفت سعدات ورفاقه واللواء الشوبكي إلى سجونها،دون أن تفعل تلك السلطة شيئاً جديا من أجل إطلاق سراحهم،رغم وجود اتفاقية ترعاها أمريكا وبريطانيا تحدد شروط إعتقالهم،وتشارك في الإشراف عليها،وهم الآن يقضون أحكاماً عالية في السجون الإسرائيلية أقلها عشرين عاماً،والرفيق سعدات معزولاً منذ ستة شهور في زنازين وأقسام عزل خاصة آخرها قسم العزل في سجن "ريمون" الصحراوي،حيث حدد موعد الثاني والعشرين من الشهر الحالي كموعد لمحاكمته والنظر في طلب محاميته "ليئا تسيمل" وقف وإنهاء عزله،وكذلك القائد مروان البرغوثي والذي تصر القيادة الإسرائيلية الحالية،على أن هذا القائد لن يخرج من المعتقل ضمن أية صفقات إفراج أحادية الجانب أو ما يسمى ببوادر حسن النية،والكثير من الأوساط الإسرائيلية الحاكمة،ترى في هذا القائد بأنه "إرهابي وقاتل" واستمرار لنهج القيادة العرفاتية المتمسكة بالثوابت والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

وسعدات والبرغوثي ليس رقمين عابرين في سفر النضال الوطني الفلسطيني،بل هما رقمين صعبين ومؤثرين وفاعلين جداً في سفر هذا النضال،ولهما بصماتهما العميقة وحضورهما الجماهيري والشعبي والوطني،وبالتالي فإن أي محاولة لاستبعادهما من الصفقة لأسباب سياسية وبأيدي فلسطينية،ألا وهي حرمان حماس من استثمار الإفراج عنهما سياسياً وجماهيرياً،فهذه خطيئة كبرى،فالمفروض الإصرار على أن يكونا على رأس هذه الصفقة،وليس العمل من أجل أن لا تشملهما،وأنا أتفهم لو كان مثل هذا الطلب أو الإصرار عليه إسرائيلياً أو أمريكياً،أما أن يسعى البعض فلسطينياً من أجل لا تشملهما الصفقة،فهذا وقاحة غير مسبوقة وإهانة لكل نضالات شعبنا وحركته الوطنية والأسيرة،فجميعنا نعرف أن بوابة المفاوضات لم تنجح في تحرير أي أسير فلسطيني خارج إطار التصنيفات والتقسيمات والشروط والإملاءات الإسرائيلية،وإن أثمرت خلال سبعة عشر عاماً على إطلاق سراح أسيرين خارج تلك المعايير والتصنيفات الإسرائيلية،وبما يعني أن هذا الخيار يحكم بالموت على أسرنا في السجون الإسرائيلية،فكفى لهذه الآلية العبثية والعقيمة في التعاطي مع هذا الملف،ولا بد من وضع أليات جدية وفاعلة تضمن لأسرانا التحرر من قيود وأغلال الأسر بحرية وكرامة،وإذا ما نفذت صفقة التبادل وثبت بالملموس والأدلة القاطعة تورط أي طرف فلسطيني في شطب أسماء هذين القائدين من تلك الصفقة،فيجب العمل على محاكمته وتجريمه وتخوينه،تماماً كما هو الحال في تقرير"غولدستون" والمتورطين في تأجيل طرحه للتصويت على مجلس حقوق الإنسان،فهذا ليس متاجرة وبيع ومجاني لدماء الشعب الفلسطيني،بل إدانة وتجريم لمشروعية النضال الوطني الفلسطيني،وصك براءة وغفران لكل من إرتكب جرائم حرب وقتل متعمد بحق أبناء شعبنا الفلسطيني من جنود وقادة الاحتلال السياسيين والعسكريين منهم.

ومن هنا فإنني أناشد وأطالب الأخوة والمجاهدين الآسري الجندي الإسرائيلي"شاليط" من حماس والفصائل الأخرى،ضرورة شمول تلك الصفقة لهذين القائدين،لما لهما من دور في صنع القرار الوطني الفلسطيني،وتشكليهما لروافع جدية في تصليب الموقف الفلسطيني تجاه التمسك بثوابته وحقوقه المشروعة،ناهيك عن الثقة العالية التي يحظيان بها في صفوف وقواعد تنظيميهما،وبالتالي ما يشكله خروجهما من حالة نهوض وتطور في أوضاع الحركة الفلسطينية عموماً وتنظيميهما خصوصاً،كما أن خروجهما عبر بوابة هذا الخيار والنهج،يعد انتصاراً لخيار المقاومة والنضال،وخصوصاً أن القيادات الإسرائيلية المتعاقبة ،تتعاطى وتتعامل مع شعبنا وقضاياه،وفي هذا الملف بالتحديد بعنجهية وابتزاز وغطرسة.

ومن يراهن على أن نهج المفاوضات العبثية والعقيمة،قد ينجح في تحرير أسرى شعبنا،فعليه أن يكف عن هذه الأوهام،فهناك أسير فلسطيني في حالة صحية صعبة،ومضى على وجوده في السجن أكثر من ثلاثين عاماً،ألا وهو المناضل أكرم منصور"،وتقدم نادي الأسير الفلسطيني بأكثر من التماس من أجل إطلاق سراحه،ولم تستجب الحكومة الإسرائيلية ومصلحة سجونها لهذا الطلب،بل وأكثر من ذلك الأسير المقدسي حسن أبو هدوان،بعد عشرين عام من الأسر أصيب بمرض السرطان،وأستشهد وهو مكبل اليدين والقدمين في مستشفى سجن الرملة الى سريره،ودون أن يرف لسجانيه جفن.

ولذلك فأي رهان أو وهم على أن يتم تحرير سعدات أو مروان من خلال مفاوضات عبثية،ليس له مكان إلا في عقول الحالمين أو المراهنين على هذا الخيار والنهج،وليكفوا أيديهم عن قضيتي سعدات ومروان،وليشدد آسري "شاليط" على أن يكون سعدات والبرغوثي في مقدمة الأسرى المطلوب إطلاق سراحهم مقابل "شاليط" فخروجهما من سجون الاحتلال الإسرائيلي ليس مكسب ونصر لنهج وخيار والمقاومة فقط،بل ولكل أبناء شعبنا الفلسطيني.

ليست هناك تعليقات: