كفاح محمود كريم
للإعلام دور بالغ التأثير على اتجاهات الرأي العام ومزاج الأهالي سيكولوجيا كما له نفس الإيقاع على صناعة العُرف الاجتماعي والقبول العام للظواهر أو الممارسات التي تتحول تدريجيا تحت الفعل المركز والمكرر للإعلام إلى شبه حقائق مسلم بها وإن كانت أحيانا كثيرة سلبية في معانيها وقاتمة في ظلالها لاحقا، حيث تأتي معظم تلك التغطية الإعلامية لنوع من الممارسات أو الأفعال أو الأفكار لتهيئة أرضية وأجواء مناسبة لاتخاذ أو إصدار قرار ما من قبل أي سلطة أو محكمة أو إدارة لتمرير فعل معين أو ممارسة بحد ذاتها أو غرس مفاهيم أو آراء معينة، كما يحصل في معظم أجهزة الإعلام الموجهة في النظم الشمولية، ويبدو ذلك واضح أيضا في القضايا الشائكة والخلافات حتى على مستوى الأفراد أو المجموعات حينما تهيئ الأطراف المتنازعة أرضية إعلامية اجتماعية لكسب المؤيدين لمواقفهم من خلال شن حملات دعائية لا تخلو من المبالغة والدعائية والتشهير بين الأطراف ذات العلاقة.
وعلى مستوى الحركات السياسية والدول فأن الإعلام يلعب دورا نوعيا في تعقيد النزاعات وتأخير حلها أو العكس في تسهيلها وتسريع حسمها من خلال مجموعات إعلامية على مختلف الأصعدة وأشكال الإعلام المسموع والمرئي والمقروء في حملات موجهة لمساحات واسعة من الأهالي.
وقد كانت الصورة واضحة جدا لتأثير الإعلام ووسائله على تطور كثير من النزاعات الدولية سلبا وإيجابا وربما النزاع العراقي الإيراني كان يخضع في كثير من صفحاته لتأثير تلك الوسائل الإعلامية التي صورت لسنوات طويلة التنافس والخلاف الإيراني العراقي على إنه عداء فارسي عربي ( عرقي ) أو كما كانت تسميه وما زالت بعض وسائل الإعلام بالعداء الصفوي تارة والمجوسي تارة أخرى ( ديني ) وفي الجانب الإيراني أيضا لم تكن وسائل الإعلام هناك اقل شأنا من مثيلاتها في الجانب العراقي، حيث عمدت هي الأخرى لاتهام الطرف الآخر بالكفر والزندقة.
وفي النزاع الكويتي العراقي شهدنا نمطا آخرا من الإعلام التهييجي واستجداء مشاعر وتأييد عامة الأهالي من خلال الخطاب الإعلامي للنظام السابق في تصوير الغنى الكويتي بأموال قارون الذي نسف الله الأرض من تحته ( احتلال الكويت ) وان ما حل بالعراق من ويلات وظنك العيش والديون الكبيرة إنما جاءت نتيجة الحرب العراقية الإيرانية التي أشاع الإعلام في حينها انه من الأسباب الرئيسية لتلك الحرب هي الدفاع عن دول الخليج ومن ضمنها دولة الكويت ( التي كان لها يوم من أيام الحرب وقصف المدن بالصواريخ ) والمتهمة الآن بسرقة النفط العراقي والمطالبة بالديون(!).
لقد عانت كثير من الأطراف من سلوك الإعلام أو تأثيراته على شكل النزاع ونهايته ولعل أهم ما واجه الشعوب من تعقيدات هو قيام الإعلام الحكومي الأحادي والمرتبط برأس النظام السياسي حزبا كان أو شخصا بالانفراد في إعطاء وجها واحدا للحقيقة أو الادعاء بامتلاكها مطلقة كما يصورها الرئيس والحزب القائد مع تهميش أو إلغاء الرأي الآخر ومعاداته، مما أدى دوما إلى بعد المسافة بين الطرفين المتنازعين وانفراد احدهما بالسلطة ومن ثم إلغاء الآخر أو استمرار الصراع والحرب كما في القضية العراقية التي تمثل واحدة من أهم القضايا التي لعب فيها الإعلام الموجه داخليا وخارجيا عبر أكثر من أربعة عقود إلى تعقيد كل النزاعات وتحويلها إلى حروب وصراعات حادة كادت أن تدمر البلاد وما جاورها من بلدان بما فيها النزاعات الداخلية سواء مع الآخر المختلف أو مع قضايا مصيرية مثل القضية الكردية والحروب التي أنتجتها تلك الماكنة الإعلامية المحرضة على العنف والإرهاب.
وخلال عقود طويلة من امتلاك واستخدام الأنظمة الحاكمة لوسائل الإعلام بكل أشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة دفعت الشعوب فاتورة ذلك الإعلام الشمولي والتحريضي المزيد من الضحايا وضياع فرص التقدم، وأنتجت نمطا من الإعلام والإعلاميين الذين يمارسون نفس السلوك حتى بعد انتهاء وسقوط النظام الدكتاتوري، حيث فعلت كثير من وسائل الإعلام وفي مقدمتها الفضائيات فعلتها في عدم الاستقرار السياسي ومن ثم إدامة دوامة العنف بين الكيانات السياسية أو استغلال المنظمات الإرهابية لتلك الفجوات الداخلية لاختراق الساحة ومنع أي تقدم باتجاه استقرار الأوضاع والأعمار، إضافة إلى دورها في تعقيد المشاكل الداخلية التي أنتجها النظام السابق وبالذات المناطق التي شهدت تغييرا ديموغرافيا في مكوناتها وخرائطها الجغرافية والإدارية على خلفية عنصرية أو مذهبية كما حصل في كركوك والموصل وديالى وصلاح الدين والرمادي والنجف وكربلاء، واستخدمت أسلوبا دعائيا تهييجيا وغرائزيا ومعلومات مسطحة وحقائق تم توظيفها وتأويلها بشكل غريب كما تم تصوير عودة النازحين من هذه المدن إلى أماكنهم الأصلية بعد سقوط النظام على أنها عملية تغيير ديموغرافي للمنطقة وذلك لتمرير خطاب إعلامي مشوه للحقائق ومثير للتفرقة مثل التأكيد على عراقية كركوك وعروبة الموصل ووحدة أراضي الرمادي وكأن الرسالة الإعلامية المرادة هنا أن كيانا لا علاقة له بالدولة العراقية يعمل على استلاب هذه المدن أو يستقطعها متناسيا الحقائق الدستورية والجغرافية والتاريخية التي تربط كل هذه المدن مع بعضها في كيان واحد هو الدولة العراقية مهما كثرت الأقاليم والمحافظات.
للإعلام دور بالغ التأثير على اتجاهات الرأي العام ومزاج الأهالي سيكولوجيا كما له نفس الإيقاع على صناعة العُرف الاجتماعي والقبول العام للظواهر أو الممارسات التي تتحول تدريجيا تحت الفعل المركز والمكرر للإعلام إلى شبه حقائق مسلم بها وإن كانت أحيانا كثيرة سلبية في معانيها وقاتمة في ظلالها لاحقا، حيث تأتي معظم تلك التغطية الإعلامية لنوع من الممارسات أو الأفعال أو الأفكار لتهيئة أرضية وأجواء مناسبة لاتخاذ أو إصدار قرار ما من قبل أي سلطة أو محكمة أو إدارة لتمرير فعل معين أو ممارسة بحد ذاتها أو غرس مفاهيم أو آراء معينة، كما يحصل في معظم أجهزة الإعلام الموجهة في النظم الشمولية، ويبدو ذلك واضح أيضا في القضايا الشائكة والخلافات حتى على مستوى الأفراد أو المجموعات حينما تهيئ الأطراف المتنازعة أرضية إعلامية اجتماعية لكسب المؤيدين لمواقفهم من خلال شن حملات دعائية لا تخلو من المبالغة والدعائية والتشهير بين الأطراف ذات العلاقة.
وعلى مستوى الحركات السياسية والدول فأن الإعلام يلعب دورا نوعيا في تعقيد النزاعات وتأخير حلها أو العكس في تسهيلها وتسريع حسمها من خلال مجموعات إعلامية على مختلف الأصعدة وأشكال الإعلام المسموع والمرئي والمقروء في حملات موجهة لمساحات واسعة من الأهالي.
وقد كانت الصورة واضحة جدا لتأثير الإعلام ووسائله على تطور كثير من النزاعات الدولية سلبا وإيجابا وربما النزاع العراقي الإيراني كان يخضع في كثير من صفحاته لتأثير تلك الوسائل الإعلامية التي صورت لسنوات طويلة التنافس والخلاف الإيراني العراقي على إنه عداء فارسي عربي ( عرقي ) أو كما كانت تسميه وما زالت بعض وسائل الإعلام بالعداء الصفوي تارة والمجوسي تارة أخرى ( ديني ) وفي الجانب الإيراني أيضا لم تكن وسائل الإعلام هناك اقل شأنا من مثيلاتها في الجانب العراقي، حيث عمدت هي الأخرى لاتهام الطرف الآخر بالكفر والزندقة.
وفي النزاع الكويتي العراقي شهدنا نمطا آخرا من الإعلام التهييجي واستجداء مشاعر وتأييد عامة الأهالي من خلال الخطاب الإعلامي للنظام السابق في تصوير الغنى الكويتي بأموال قارون الذي نسف الله الأرض من تحته ( احتلال الكويت ) وان ما حل بالعراق من ويلات وظنك العيش والديون الكبيرة إنما جاءت نتيجة الحرب العراقية الإيرانية التي أشاع الإعلام في حينها انه من الأسباب الرئيسية لتلك الحرب هي الدفاع عن دول الخليج ومن ضمنها دولة الكويت ( التي كان لها يوم من أيام الحرب وقصف المدن بالصواريخ ) والمتهمة الآن بسرقة النفط العراقي والمطالبة بالديون(!).
لقد عانت كثير من الأطراف من سلوك الإعلام أو تأثيراته على شكل النزاع ونهايته ولعل أهم ما واجه الشعوب من تعقيدات هو قيام الإعلام الحكومي الأحادي والمرتبط برأس النظام السياسي حزبا كان أو شخصا بالانفراد في إعطاء وجها واحدا للحقيقة أو الادعاء بامتلاكها مطلقة كما يصورها الرئيس والحزب القائد مع تهميش أو إلغاء الرأي الآخر ومعاداته، مما أدى دوما إلى بعد المسافة بين الطرفين المتنازعين وانفراد احدهما بالسلطة ومن ثم إلغاء الآخر أو استمرار الصراع والحرب كما في القضية العراقية التي تمثل واحدة من أهم القضايا التي لعب فيها الإعلام الموجه داخليا وخارجيا عبر أكثر من أربعة عقود إلى تعقيد كل النزاعات وتحويلها إلى حروب وصراعات حادة كادت أن تدمر البلاد وما جاورها من بلدان بما فيها النزاعات الداخلية سواء مع الآخر المختلف أو مع قضايا مصيرية مثل القضية الكردية والحروب التي أنتجتها تلك الماكنة الإعلامية المحرضة على العنف والإرهاب.
وخلال عقود طويلة من امتلاك واستخدام الأنظمة الحاكمة لوسائل الإعلام بكل أشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة دفعت الشعوب فاتورة ذلك الإعلام الشمولي والتحريضي المزيد من الضحايا وضياع فرص التقدم، وأنتجت نمطا من الإعلام والإعلاميين الذين يمارسون نفس السلوك حتى بعد انتهاء وسقوط النظام الدكتاتوري، حيث فعلت كثير من وسائل الإعلام وفي مقدمتها الفضائيات فعلتها في عدم الاستقرار السياسي ومن ثم إدامة دوامة العنف بين الكيانات السياسية أو استغلال المنظمات الإرهابية لتلك الفجوات الداخلية لاختراق الساحة ومنع أي تقدم باتجاه استقرار الأوضاع والأعمار، إضافة إلى دورها في تعقيد المشاكل الداخلية التي أنتجها النظام السابق وبالذات المناطق التي شهدت تغييرا ديموغرافيا في مكوناتها وخرائطها الجغرافية والإدارية على خلفية عنصرية أو مذهبية كما حصل في كركوك والموصل وديالى وصلاح الدين والرمادي والنجف وكربلاء، واستخدمت أسلوبا دعائيا تهييجيا وغرائزيا ومعلومات مسطحة وحقائق تم توظيفها وتأويلها بشكل غريب كما تم تصوير عودة النازحين من هذه المدن إلى أماكنهم الأصلية بعد سقوط النظام على أنها عملية تغيير ديموغرافي للمنطقة وذلك لتمرير خطاب إعلامي مشوه للحقائق ومثير للتفرقة مثل التأكيد على عراقية كركوك وعروبة الموصل ووحدة أراضي الرمادي وكأن الرسالة الإعلامية المرادة هنا أن كيانا لا علاقة له بالدولة العراقية يعمل على استلاب هذه المدن أو يستقطعها متناسيا الحقائق الدستورية والجغرافية والتاريخية التي تربط كل هذه المدن مع بعضها في كيان واحد هو الدولة العراقية مهما كثرت الأقاليم والمحافظات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق