محمد داود
منذ أن زار "كارتر وبلير" قطاع غزة، بدأت قضية إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" تأخذ على محمل الجد، وذلك من أجل إنهاء هذه الصفقة بشكل أو بأخر.
قال "كارتر" بأن الوضع في قطاع غزة مأساوي للغاية ولا يطاق، وقبل ذلك بأيام أعربت الولايات المتحدة ودول أوروبية عن احتجاجها لإسرائيل إزاء الأوضاع المأسوية وطالبتها بإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، لأن ذلك يشكل وضعاً إنسانياً لا يحتمله دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، بل إن هذه الدول طالبت كل من "فتح وحماس" بالمصالحة؛ وأستغرب لماذا لم يتحرك هذا العالم الذي بدأت عليه علامات الحزن والأسى لينتفض.
فمنذ عامين على الأقل والموت والحصار والفقر هي سمة وسائل الإعلام المحلية والدولية، كانت أشدها قبل عدة شهور عندما ارتكبت إسرائيل مجزرة بحق الإنسانية ذهب ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى ودمرت أنحاء من قطاع غزة على نطاق واسع. وقد شاهدها العالم بأسره، فهل صحي ضميرهم الآن..؟
نعتقد أن المسألة ليست عواطف أو إحساس أو مشاعر أو ضمير قد أستيقظ، إنما هي طبخة سياسية قد أوشكت على الانتهاء، منذ أن تولى باراك أوباما الحكم وتصريحاته التي أدخلت العرب والمسلمين في غمار الخيال، حتى أخذ البعض يبحث عن كيفية تمتين العلاقات والتحالف الأمريكي العربي، وتوقع البعض أن يكون ضد إسرائيل، بل هناك من ذهب في تصور خطاب نتنياهو بأنه جاء المكمل لسيناريو الطبخة و"الحل"، مع العلم أن نتنياهو كان يهدف في خطابه لاستمالة العقول والسماح بإقامة دولة فلسطينية، ولكن الهدف هو إكمال حلم "الدولة اليهودية" التي تحدثت عنها ليفني وباركها بوش، ولو فرضاً أن هناك دولة كما قال، فكيف سيكون شكلها، في ظل ممارسات التهويد والطمس والجدار والاستيطان الذي سلب الأرض بالعرض!
نقر بأن هناك صفقة وهناك ثمن قد يدفع مقابل تمرير هذا الاستحقاق الكبير، والذي يأخذ طابع الصفقة الشاملة، قد تكون ضرب المفاعلات النووية الإيرانية جزءاً من هذا الاستحقاق مقابل انسحاب إسرائيلي من بعض المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وإعلان الدولة ولو بشكل رمزي، حتى وإن اقتصرت على قطاع غزة. فنتياهو مسلح باليمين المتطرف وهو رجل أعمال واقتصاد وأعلن منذ ترشحه للانتخابات بأن هناك مهمة تقع على عاتقه وهي التي ساقته للحكم نحو ضرب المفاعلات الإيرانية.
حزب الله تقريباً أنكمش بعد أن فشل في الانتخابات البرلمانية اللبنانية، وسوريا ستدخل غمار التسوية وستكون مخيرة تحت تهديد القوة والحرب، وستختار الطرق الدبلوماسية والتفاوض، وقد أبدت في وقت سابق استعدادها بواسطة تركية وقطعت شوطاً من المفاوضات، وهناك استعداد إسرائيلي بترك الجولان.
حركة حماس وسيطرتها على قطاع غزة، لم تطول فالحوار الفلسطيني الداخلي يجري على قدم وساق برعاية مصرية، وإسرائيل تتابع الأوضاع عن كثب، مقابل وقف التهريب و"تهريب السلاح" ورفع الحصار والسماح بإدخال السلع مثلما كانت في السابق ويشمل الأسمنت والحديد و... بما في ذلك فتح معبر رفح البري مع مصر، "فالذي لم يؤخذ بالقوة، يؤخذ بلغة الدبلوماسية ولغة المقابل"، إذ سيتم إشراك حركة حماس، في العملية السياسية ولكن بأسلوب النفس الطويل وقد تأخذ المسألة وقت، ولكن في نهاية المطاف، سيكون لحماس دور إيجابي في السلطة الفلسطينية وفي داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وفي النظام السياسي الفلسطيني برمته. وهذا الدخول القوي لحماس سيفرز في نهاية المطاف اعترافاً يخدم مصلحة إسرائيل على الأقل، أمام جدلية الأوضاع والضغوط التي ستمارس، بعد تفكيك التحالف الإقليمي. لاسيما وأن وسائل الإعلام قد كشفت عن شبه اتفاق بين الرئيس عباس وأولمرت قد جرى، ولكنه أصطدم بالعراقيل الإسرائيلية، أبرزه الانقسام الفلسطيني والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بالإضافة إلى بعض قضايا الحل النهائي "اللاجئين".
أما بالنسبة لصفقة شاليط فهي اقتربت على الانتهاء والآن هي مرحلة التنفيذ، وقد بدأتها إسرائيل قبل أيام بإعلان نتيناهو للقادة الأمنيين لديه بتسهيل إجراءات المهمة، وصرحت إسرائيل أنها ستطلق سراح الدكتور "عزيز الدويك" وبالفعل نفذت هذا المطلب وقامت بإطلاق سراحه ونائب أخر من التشريعي، والحراك يجري من أجل إتمام الصفقة وفق السيناريو المطلوب، بتسليم شاليط للوسيط المصري، على أن يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين على مراحل ووفق الاتفاق.
الصفقة تحتوي كما أشرنا على بنود وقد ربطت مع تهدئة غير معلنة، سعت أطراف قبل الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر العام المنصرم على إبرامها ولكنها فشلت بعد تقييم الفصائل الفلسطينية لها نتيجة الخروقات الإسرائيلية.
هذا وكلنا تفاؤل من أجل المصالحة وإنهاء الحصار وأعمار ما دمرته الآلة الإسرائيلية.
كاتب وباحث
منذ أن زار "كارتر وبلير" قطاع غزة، بدأت قضية إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" تأخذ على محمل الجد، وذلك من أجل إنهاء هذه الصفقة بشكل أو بأخر.
قال "كارتر" بأن الوضع في قطاع غزة مأساوي للغاية ولا يطاق، وقبل ذلك بأيام أعربت الولايات المتحدة ودول أوروبية عن احتجاجها لإسرائيل إزاء الأوضاع المأسوية وطالبتها بإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، لأن ذلك يشكل وضعاً إنسانياً لا يحتمله دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، بل إن هذه الدول طالبت كل من "فتح وحماس" بالمصالحة؛ وأستغرب لماذا لم يتحرك هذا العالم الذي بدأت عليه علامات الحزن والأسى لينتفض.
فمنذ عامين على الأقل والموت والحصار والفقر هي سمة وسائل الإعلام المحلية والدولية، كانت أشدها قبل عدة شهور عندما ارتكبت إسرائيل مجزرة بحق الإنسانية ذهب ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى ودمرت أنحاء من قطاع غزة على نطاق واسع. وقد شاهدها العالم بأسره، فهل صحي ضميرهم الآن..؟
نعتقد أن المسألة ليست عواطف أو إحساس أو مشاعر أو ضمير قد أستيقظ، إنما هي طبخة سياسية قد أوشكت على الانتهاء، منذ أن تولى باراك أوباما الحكم وتصريحاته التي أدخلت العرب والمسلمين في غمار الخيال، حتى أخذ البعض يبحث عن كيفية تمتين العلاقات والتحالف الأمريكي العربي، وتوقع البعض أن يكون ضد إسرائيل، بل هناك من ذهب في تصور خطاب نتنياهو بأنه جاء المكمل لسيناريو الطبخة و"الحل"، مع العلم أن نتنياهو كان يهدف في خطابه لاستمالة العقول والسماح بإقامة دولة فلسطينية، ولكن الهدف هو إكمال حلم "الدولة اليهودية" التي تحدثت عنها ليفني وباركها بوش، ولو فرضاً أن هناك دولة كما قال، فكيف سيكون شكلها، في ظل ممارسات التهويد والطمس والجدار والاستيطان الذي سلب الأرض بالعرض!
نقر بأن هناك صفقة وهناك ثمن قد يدفع مقابل تمرير هذا الاستحقاق الكبير، والذي يأخذ طابع الصفقة الشاملة، قد تكون ضرب المفاعلات النووية الإيرانية جزءاً من هذا الاستحقاق مقابل انسحاب إسرائيلي من بعض المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وإعلان الدولة ولو بشكل رمزي، حتى وإن اقتصرت على قطاع غزة. فنتياهو مسلح باليمين المتطرف وهو رجل أعمال واقتصاد وأعلن منذ ترشحه للانتخابات بأن هناك مهمة تقع على عاتقه وهي التي ساقته للحكم نحو ضرب المفاعلات الإيرانية.
حزب الله تقريباً أنكمش بعد أن فشل في الانتخابات البرلمانية اللبنانية، وسوريا ستدخل غمار التسوية وستكون مخيرة تحت تهديد القوة والحرب، وستختار الطرق الدبلوماسية والتفاوض، وقد أبدت في وقت سابق استعدادها بواسطة تركية وقطعت شوطاً من المفاوضات، وهناك استعداد إسرائيلي بترك الجولان.
حركة حماس وسيطرتها على قطاع غزة، لم تطول فالحوار الفلسطيني الداخلي يجري على قدم وساق برعاية مصرية، وإسرائيل تتابع الأوضاع عن كثب، مقابل وقف التهريب و"تهريب السلاح" ورفع الحصار والسماح بإدخال السلع مثلما كانت في السابق ويشمل الأسمنت والحديد و... بما في ذلك فتح معبر رفح البري مع مصر، "فالذي لم يؤخذ بالقوة، يؤخذ بلغة الدبلوماسية ولغة المقابل"، إذ سيتم إشراك حركة حماس، في العملية السياسية ولكن بأسلوب النفس الطويل وقد تأخذ المسألة وقت، ولكن في نهاية المطاف، سيكون لحماس دور إيجابي في السلطة الفلسطينية وفي داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وفي النظام السياسي الفلسطيني برمته. وهذا الدخول القوي لحماس سيفرز في نهاية المطاف اعترافاً يخدم مصلحة إسرائيل على الأقل، أمام جدلية الأوضاع والضغوط التي ستمارس، بعد تفكيك التحالف الإقليمي. لاسيما وأن وسائل الإعلام قد كشفت عن شبه اتفاق بين الرئيس عباس وأولمرت قد جرى، ولكنه أصطدم بالعراقيل الإسرائيلية، أبرزه الانقسام الفلسطيني والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بالإضافة إلى بعض قضايا الحل النهائي "اللاجئين".
أما بالنسبة لصفقة شاليط فهي اقتربت على الانتهاء والآن هي مرحلة التنفيذ، وقد بدأتها إسرائيل قبل أيام بإعلان نتيناهو للقادة الأمنيين لديه بتسهيل إجراءات المهمة، وصرحت إسرائيل أنها ستطلق سراح الدكتور "عزيز الدويك" وبالفعل نفذت هذا المطلب وقامت بإطلاق سراحه ونائب أخر من التشريعي، والحراك يجري من أجل إتمام الصفقة وفق السيناريو المطلوب، بتسليم شاليط للوسيط المصري، على أن يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين على مراحل ووفق الاتفاق.
الصفقة تحتوي كما أشرنا على بنود وقد ربطت مع تهدئة غير معلنة، سعت أطراف قبل الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر العام المنصرم على إبرامها ولكنها فشلت بعد تقييم الفصائل الفلسطينية لها نتيجة الخروقات الإسرائيلية.
هذا وكلنا تفاؤل من أجل المصالحة وإنهاء الحصار وأعمار ما دمرته الآلة الإسرائيلية.
كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق