نبيل عودة
ذكر بن كسبيت المعلق السياسي لصحيفة(معريف) إن لقاء في واشنطن جرى بين مبعوث الرئيس اوباما إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل وبين زعيم يهودي بارز، لم يذكر إذا كان أمريكيا أو إسرائيليا، وربما يلمح بن كسبيت إلى وزير الدفاع ايهود براك، الذي التقى ميتشيل أيضا. في الخلاصة إن "الزعيم اليهودي البارز"(وعلى الأغلب هذه صيغة لشخصية إسرائيلية رسمية)استفسر عن المواجهة المتدحرجة بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، فأجابه ميتشيل:"سياستنا بسيطة، الإسرائيليون كذبوا علينا كل السنين، وهذا انتهى"!!
من استمع إلى الرئيس اوباما في خطابه من القاهرة، في حديثه الواضح، وغير المتلعثم، وغير المتردد في صياغاته، يدرك تماماً أن روحاً جديدة تهب في واشنطن.
الرعب الأساسي لبيبي نتنياهو، أن إسرائيل (بمفهوم حكومتها) ستكون الطرف الضعيف في المواجهة غير المسبوقة مع إدارة اوباما.. بكلمات أخرى، الأب ملَّ من دلال ابنه وتصرفاته!! ومع ذلك ، خطاب نتنياهو عدة إلى لعبة سياسية إسرائيلية قديمة ، بطلها بن غويرون ووزير خارجيته في وقتها موشيه شاريت .. وذلك في فترة الرئيس الأمريكي ترومان .. إذ بعد قيام إسرائيل طرحت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، وكانت ملحة وجديدة . ترومان ضغط لإعادتهم إلى المناطق المخصصة للدولة الفلسطينية حسب قرار التقسيم ، التي كانت تسمى بعد إقامة دولة إسرائيل ب "المناطق المدارة " .. أي لم تضم رسميا إلى إسرائيل في 1948 . وواضح أن المسالة مؤقتة والضم زاحف.. وقتها اقترح بن غوريون على وزير خارجيته أن يبلغ الرئيس الأمريكي باستعداد إسرائيل على إعادة 100 ألف لاجئ فلسطيني مقابل شرط تعجيزي بأن تعترف الدول العربية بإسرائيل ، والمتوقع مراضاة الرئيس الأمريكي ، وإظهار العرب كرافضين .. بل وأوعز شاريت لأعضاء حزبه في الكنيست أن يهاجموا الحكومة على " كرمها " وقبولها عودة 100 ألف لاجئ إلى مناطق تحت إدارة إسرائيل وليسوا ضمن الدولة رسميا بعد .. وهذا ما حدث .. تعرضت حكومة بن غوريون لهجوم المعارضة وأعضاء حزبهم في الكنيست ، وظهروا أمام ترومان "مساكين" مقيدين برفض الكنيست الشامل ،وبنفس الوقت يجابهون برفض عربي ...
ويبدو أن نني اهو يريد تكرير اللعبة مع الرئيس اوباما ....
حقاً، إسرائيل هي الابن المدلل لكل الإدارات الأمريكية في العقود الست الأخيرات. ولكنه من المفروض إن يبلغ الابن سن البلوغ ويعامل كمسؤول عن تصرفاته.
وكما أفلست أهم شركة سيارات في العالم..شركة جنرال موتورز، كذلك أفلس الدلال الأمريكي وتبهدل ولم تكسب أمريكا إلا العداء والكراهية والرفض...
ما خصصت حكومات إسرائيل نفسها من اجله، في إطار السياسة الاستعمارية الأمريكية، من خدمات إستراتيجية، في مجالات لا يمكن تحديدها وفهم أبعادها، إلا بفهم حقيقة إن إسرائيل قوة نووية يجري التغاضي عن إنتاجها للأسلحة النووية، لأنه يتماثل مع حساب جنرالات البنتاغون، والتطلعات الاستعمارية للإدارة الأمريكية السابقة كلها منذ وجود إسرائيل.
صحيح أن اوباما انتخب رئيساً لإدارة دولة امبريالية في جذورها.. ولكنه انتخب كرد فعل مضاد للسياسات الامبريالية الغبية والمقامرة، بعد أن أفلست وباتت تشكل حملا ثقيلاً على الدولة الأمريكية، خاصة في فترة بوش. صحيح أن الدولة تحكمها مؤسسات، ولكن المؤسسات في الحالة الأمريكية تستبدل مع الرئيس.أكثر من عشرة آلاف موظف مركزي يستبدلون. أي أن دخول رئيسا جديد.. هو تغيير للإدارة، أو من يتحكم بسياسات الإدارة. وما أثبته اوباما منذ ساعته الأولى، انه عاقل وليس ناقل. والرئيس كارتر قال في تصريح لصحيفة "هآرتس " أن اوباما يتمتع بدعم واسع جدا في أمريكا .. أي بكلمات أخرى، لا تبنوا سياستكم على أوهام وألاعيب !!
من نصيب نتنياهو السيئ أن اوباما لم يظهر في فترة حكم شارون مثلاً، ولكن الحقيقة أن شارون انسحب من قطاع غزة، كما يبدو مقابل صفقة مع إدارة بوش، تطلق يده (سراً؟) بالضفة الغربية. نتنياهو جرب "الشطارة" الإسرائيلية، بان ما يبنى في المستوطنات هو للزيادة الطبيعية فقط (يتجاهل نتنياهو انه حدثت بالأساس زيادة غير طبيعية بعدد المستوطنين منذ توقيع اتفاق "واي بلانتيشن" في فترته ، إذ ازداد عدد المستوطنين من 100 الف مستوطن إلى 300 ألف مستوطن ) وجاء الرد الأمريكي أن المستوطنات غير شرعية... وان الأراضي مخصصة للدولة الفلسطينية التي ستقوم إلى جانب إسرائيل. مجموعة نتنياهو توقعت أن الإدارة الأمريكية كالعادة، تقول شيئاً وتمنحهم الحجج والتغطية ليتصرفوا على راحتهم. لم يتوقعوا آن تصبح شطارتهم حُطاماً. وغرورهم بذكائهم أوهمهم بقوة تأثيرهم على كل إدارة بغض النظر عمى يقف على رأسها. هل نسينا إنهم اقنعوا جورج بوش بشطب ياسر عرفات تماماً من حساباته؟!
إذن أين تقف مجموعة نتنياهو؟! ربما حتى الآن الأرض ثابتة تحت سيقانهم، الكل يعرف أن كل شيء مؤقت. اوباما في خطابه حضنهم، أو الأصح حضن حق الشعب اليهودي بدولة مستقلة، ولكنها حضانة صعبة، وأصعب ما فيها الفكاك منها.
الرغبة في الحضن الأمريكي أشبه بالشر الذي لا بد منه، شر لا خيار غيره، لأن أي خيار آخر هو كارثة.
ما أتمناه أن نجد عقلاً عربياً يترجم رؤية اوباما الإستراتيجية الشاملة، إلى فن الممكن في السياسة. الافتراض أن تتصرف المنظمات الفلسطينية كلها، بما فيها حماس، التي خاطبها باحترام واضح، وفقاً لرأب الصدع في الموقف الفلسطيني، ولو على حساب إنهاء التمرد، الذي مهما اجتهدوا لتفسيره وتبريره يبقى تأثيره سلبياً على مجمل واقع السياسة الفلسطينية في اخطر مرحلة، وأكثرها أملا بإقرار اتجاه سياسي أمريكي ودولي واضح يقود إلى دولة مستقلة.
حماس ليست أهم من الدولة. وفتح ليست أهم من الدولة.
اتركوا الآن خلافاتكم، أعطوا للقلق الإسرائيلي أن يتفجر. الأمريكيون، حسب أقوال اوباما يتجهون نحو دولة فلسطينية بحدود 1967. قد لا يكون الحل أمريكيا، ولكنه سيكون حلاً تشارك فيه مجمل دول العالم.
ربما حلا أشبه بالاقتراح الذي لا يمكن رفضه حسب تعابير عصابات المافيا. لأن الواضح ، حتى حسب المعلقين الإسرائيليين ذوي الاطلاع الجيد ، أن الكلمة الأخيرة ستكون لصاحب البيت في واشنطن !!
اجل إسرائيل ومع نتنياهو آو بدونه، مع ليبرمان آو بدونه، ستقبل صاغرة اقتراحاً أمريكيا - دوليا لا يمكن رفضه قطعاً!!
nabiloudeh@gmail.com
ذكر بن كسبيت المعلق السياسي لصحيفة(معريف) إن لقاء في واشنطن جرى بين مبعوث الرئيس اوباما إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل وبين زعيم يهودي بارز، لم يذكر إذا كان أمريكيا أو إسرائيليا، وربما يلمح بن كسبيت إلى وزير الدفاع ايهود براك، الذي التقى ميتشيل أيضا. في الخلاصة إن "الزعيم اليهودي البارز"(وعلى الأغلب هذه صيغة لشخصية إسرائيلية رسمية)استفسر عن المواجهة المتدحرجة بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، فأجابه ميتشيل:"سياستنا بسيطة، الإسرائيليون كذبوا علينا كل السنين، وهذا انتهى"!!
من استمع إلى الرئيس اوباما في خطابه من القاهرة، في حديثه الواضح، وغير المتلعثم، وغير المتردد في صياغاته، يدرك تماماً أن روحاً جديدة تهب في واشنطن.
الرعب الأساسي لبيبي نتنياهو، أن إسرائيل (بمفهوم حكومتها) ستكون الطرف الضعيف في المواجهة غير المسبوقة مع إدارة اوباما.. بكلمات أخرى، الأب ملَّ من دلال ابنه وتصرفاته!! ومع ذلك ، خطاب نتنياهو عدة إلى لعبة سياسية إسرائيلية قديمة ، بطلها بن غويرون ووزير خارجيته في وقتها موشيه شاريت .. وذلك في فترة الرئيس الأمريكي ترومان .. إذ بعد قيام إسرائيل طرحت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، وكانت ملحة وجديدة . ترومان ضغط لإعادتهم إلى المناطق المخصصة للدولة الفلسطينية حسب قرار التقسيم ، التي كانت تسمى بعد إقامة دولة إسرائيل ب "المناطق المدارة " .. أي لم تضم رسميا إلى إسرائيل في 1948 . وواضح أن المسالة مؤقتة والضم زاحف.. وقتها اقترح بن غوريون على وزير خارجيته أن يبلغ الرئيس الأمريكي باستعداد إسرائيل على إعادة 100 ألف لاجئ فلسطيني مقابل شرط تعجيزي بأن تعترف الدول العربية بإسرائيل ، والمتوقع مراضاة الرئيس الأمريكي ، وإظهار العرب كرافضين .. بل وأوعز شاريت لأعضاء حزبه في الكنيست أن يهاجموا الحكومة على " كرمها " وقبولها عودة 100 ألف لاجئ إلى مناطق تحت إدارة إسرائيل وليسوا ضمن الدولة رسميا بعد .. وهذا ما حدث .. تعرضت حكومة بن غوريون لهجوم المعارضة وأعضاء حزبهم في الكنيست ، وظهروا أمام ترومان "مساكين" مقيدين برفض الكنيست الشامل ،وبنفس الوقت يجابهون برفض عربي ...
ويبدو أن نني اهو يريد تكرير اللعبة مع الرئيس اوباما ....
حقاً، إسرائيل هي الابن المدلل لكل الإدارات الأمريكية في العقود الست الأخيرات. ولكنه من المفروض إن يبلغ الابن سن البلوغ ويعامل كمسؤول عن تصرفاته.
وكما أفلست أهم شركة سيارات في العالم..شركة جنرال موتورز، كذلك أفلس الدلال الأمريكي وتبهدل ولم تكسب أمريكا إلا العداء والكراهية والرفض...
ما خصصت حكومات إسرائيل نفسها من اجله، في إطار السياسة الاستعمارية الأمريكية، من خدمات إستراتيجية، في مجالات لا يمكن تحديدها وفهم أبعادها، إلا بفهم حقيقة إن إسرائيل قوة نووية يجري التغاضي عن إنتاجها للأسلحة النووية، لأنه يتماثل مع حساب جنرالات البنتاغون، والتطلعات الاستعمارية للإدارة الأمريكية السابقة كلها منذ وجود إسرائيل.
صحيح أن اوباما انتخب رئيساً لإدارة دولة امبريالية في جذورها.. ولكنه انتخب كرد فعل مضاد للسياسات الامبريالية الغبية والمقامرة، بعد أن أفلست وباتت تشكل حملا ثقيلاً على الدولة الأمريكية، خاصة في فترة بوش. صحيح أن الدولة تحكمها مؤسسات، ولكن المؤسسات في الحالة الأمريكية تستبدل مع الرئيس.أكثر من عشرة آلاف موظف مركزي يستبدلون. أي أن دخول رئيسا جديد.. هو تغيير للإدارة، أو من يتحكم بسياسات الإدارة. وما أثبته اوباما منذ ساعته الأولى، انه عاقل وليس ناقل. والرئيس كارتر قال في تصريح لصحيفة "هآرتس " أن اوباما يتمتع بدعم واسع جدا في أمريكا .. أي بكلمات أخرى، لا تبنوا سياستكم على أوهام وألاعيب !!
من نصيب نتنياهو السيئ أن اوباما لم يظهر في فترة حكم شارون مثلاً، ولكن الحقيقة أن شارون انسحب من قطاع غزة، كما يبدو مقابل صفقة مع إدارة بوش، تطلق يده (سراً؟) بالضفة الغربية. نتنياهو جرب "الشطارة" الإسرائيلية، بان ما يبنى في المستوطنات هو للزيادة الطبيعية فقط (يتجاهل نتنياهو انه حدثت بالأساس زيادة غير طبيعية بعدد المستوطنين منذ توقيع اتفاق "واي بلانتيشن" في فترته ، إذ ازداد عدد المستوطنين من 100 الف مستوطن إلى 300 ألف مستوطن ) وجاء الرد الأمريكي أن المستوطنات غير شرعية... وان الأراضي مخصصة للدولة الفلسطينية التي ستقوم إلى جانب إسرائيل. مجموعة نتنياهو توقعت أن الإدارة الأمريكية كالعادة، تقول شيئاً وتمنحهم الحجج والتغطية ليتصرفوا على راحتهم. لم يتوقعوا آن تصبح شطارتهم حُطاماً. وغرورهم بذكائهم أوهمهم بقوة تأثيرهم على كل إدارة بغض النظر عمى يقف على رأسها. هل نسينا إنهم اقنعوا جورج بوش بشطب ياسر عرفات تماماً من حساباته؟!
إذن أين تقف مجموعة نتنياهو؟! ربما حتى الآن الأرض ثابتة تحت سيقانهم، الكل يعرف أن كل شيء مؤقت. اوباما في خطابه حضنهم، أو الأصح حضن حق الشعب اليهودي بدولة مستقلة، ولكنها حضانة صعبة، وأصعب ما فيها الفكاك منها.
الرغبة في الحضن الأمريكي أشبه بالشر الذي لا بد منه، شر لا خيار غيره، لأن أي خيار آخر هو كارثة.
ما أتمناه أن نجد عقلاً عربياً يترجم رؤية اوباما الإستراتيجية الشاملة، إلى فن الممكن في السياسة. الافتراض أن تتصرف المنظمات الفلسطينية كلها، بما فيها حماس، التي خاطبها باحترام واضح، وفقاً لرأب الصدع في الموقف الفلسطيني، ولو على حساب إنهاء التمرد، الذي مهما اجتهدوا لتفسيره وتبريره يبقى تأثيره سلبياً على مجمل واقع السياسة الفلسطينية في اخطر مرحلة، وأكثرها أملا بإقرار اتجاه سياسي أمريكي ودولي واضح يقود إلى دولة مستقلة.
حماس ليست أهم من الدولة. وفتح ليست أهم من الدولة.
اتركوا الآن خلافاتكم، أعطوا للقلق الإسرائيلي أن يتفجر. الأمريكيون، حسب أقوال اوباما يتجهون نحو دولة فلسطينية بحدود 1967. قد لا يكون الحل أمريكيا، ولكنه سيكون حلاً تشارك فيه مجمل دول العالم.
ربما حلا أشبه بالاقتراح الذي لا يمكن رفضه حسب تعابير عصابات المافيا. لأن الواضح ، حتى حسب المعلقين الإسرائيليين ذوي الاطلاع الجيد ، أن الكلمة الأخيرة ستكون لصاحب البيت في واشنطن !!
اجل إسرائيل ومع نتنياهو آو بدونه، مع ليبرمان آو بدونه، ستقبل صاغرة اقتراحاً أمريكيا - دوليا لا يمكن رفضه قطعاً!!
nabiloudeh@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق