علي مسعاد
- " أنت ...أنت، لم تتغير...وحدها ، شعيرات بيضاء ، تسللت إلى رأسك ..ابتسامتك،هي نفسها ، خفة دمك مازلت هي ..هي ..مذ عرفتك أيام الدراسة ..سمعت ، أنك ، انفصلت عن زوجتك بعد زواج قصير، لم يعمر طويلا ...هل لك أولاد منها ؟ا ..
هل مازلت تحب المسرح ...وتحضر، إلى المهرجانات السينمائية ، كعادتك ..؟ا"
وبحركة لا إرادية ، وضعت يدي على فمها ، وأنا أحدق في عينها ، كأنها المرة الأولى ، التي تسحرني ببريقهما :
- " على رسلك ، يا نادية ، فنحن ، بالكاد التقينا ، بعد 9 سنوات ، من الغياب ..وتتكلمين كالشلال الهادر ...تتكلمين بلا توقف ، كأنك تسابقين الزمن ..فالحياة ، يا نادية ، لن تتوقف ، الآن ..وعقارب الساعة ، لم تتعطل بعد ، فمازال أمامنا ، متسع من الوقت للكلام والبوح ...والذكرى .
نادية ، وإن سافرت إلى باريس ، فهي نفسها ، التي كانت تتحدث إلي ، في سنوات الدراسة ، تريد أن تعرف كل شيء وتقول كل شيء ، في دقائق ، فهي ، دائما ، في عجلة من أمرها ، نادية لا تحب الانتظار كالحياة ، كانت بحق متميزة ...وذات ابتسامة ساحرة ....تقول ما تفكر فيه ..ولا تفكر فيما تقوله ...نادية ، مذ عرفتها ، بالكاد ، تتكلم بالعربية ...كلامها ، في مجمله ، كان بالفرنسية ، مما سبب ،لها العديد من الحرج مع الطلبة ...هم يعتقدون ، أنها حالمة ..لا علاقة لها ، بالواقع ، وهي ترى ، إلا أنها وجدت في الزمن الخطأ ، فطريقة تفكيرها ، وأسلوب حياتها ، سببا لها العديد من المشاكل ..مع الجيران ..والناس ..فوجدت ، نفسها ، وحيدة ، لا تؤنسها ، إلى الروايات ، التي تملأ عليها ، حياتها ..ليل نهار ..و زهور ، أستاذة اللغة الفرنسية ، التي تختلي بها ، عند انتهاء ، كل حصة بالثانوية ، حيت كنا ، ندرس ...وكانت تبثها أحزانها وأسرارها الخاصة ..فزهور ، كانت تقرأ أفكارها وتشاركها الكثير من الأسرار و الهموم و هي التي شجعتها أن ترافقني في تحركاتي بالمعاهد الأجنبية والمركبات الثقافية ...حيث الحياة غير الحياة والناس غير الناس ...كانت ، نادية ، متحررة ...منطلقة ..مقبلة على الحياة بلا عقد.. هي لا تجد حرجا ، في أن تضمك إلى صدرها بحرارة ، وتبكي بعمق وبتقبيلك بعفوية ، إن كانت سعيدة بوجودك ..كانت ، تعيش حياتها كما تريد ..وليس كما يريد الآخرون ..الدين أخطئوا في حقها في أحايين كثيرة ، ووجدت صعوبة في التواصل معهم ، وأحست بالغربة برفقة العديدين ، فهي لا تشبههم في شيء ، فهي صادقة في كل ما تقول ...وتلقائية في تصرفاتها و عفوية في كل تحركاتها ..كانت لنا ، أحلام مشتركة ، أجهضت مع الأيام والسنوات ...لم تكن تمر اللقاءات الثقافية والفنية ، بالمركبات الثقافية والمعاهد الأجنبية ، دون أن يكون لنا حضور ضمن المدعوين ...كانت لحظات لا تشبه كل اللحظات ..مرت ، هكذا ، سراعا ، كأنها لم تكن ....ونادية ، التي احتضنتني للحظات ،لا وجود لها إلا في خيالي ..نادية التي سافرت إلى باريس ..حيث وجدت ذاتها .. وحيث التقت نصفها الآخر ...وحيث أنجبت طفلها الوحيد ..وحيث أصرت أن تكون ، بعيدا عن الفضوليين والمتلصصين و الدين ،لا شغل لهم إلا الآخرون ..وكان لها ، ما أرادت ..
9 سنوات مرت ، كأنها البارحة .
9 سنوات ، وكلمات نادية ، مازالت عالقة بذاكرتي ، كأنها قيلت ،لي ،بالأمس ، كانت ليلة ، لا تشبه كل الليالي :" علي ، لست أنكر ، أنك صديقي الذي يعرف عني كل صغيرة وكبيرة ، صديق حميم جدا ، قريب إلى روحي وأفكاري ، ولكنني لا أستطيع ، أن أحبك ، لا أستطيع ، فمشاعري ليست ملكي ، كما تعرف .. فدعها للظروف ".
وكانت الظروف 9 سنوات من الغياب والرحيل والذكرى .
أوراق من حياتي
" لا أريد أن أموت " / البرنوصي
- " أنت ...أنت، لم تتغير...وحدها ، شعيرات بيضاء ، تسللت إلى رأسك ..ابتسامتك،هي نفسها ، خفة دمك مازلت هي ..هي ..مذ عرفتك أيام الدراسة ..سمعت ، أنك ، انفصلت عن زوجتك بعد زواج قصير، لم يعمر طويلا ...هل لك أولاد منها ؟ا ..
هل مازلت تحب المسرح ...وتحضر، إلى المهرجانات السينمائية ، كعادتك ..؟ا"
وبحركة لا إرادية ، وضعت يدي على فمها ، وأنا أحدق في عينها ، كأنها المرة الأولى ، التي تسحرني ببريقهما :
- " على رسلك ، يا نادية ، فنحن ، بالكاد التقينا ، بعد 9 سنوات ، من الغياب ..وتتكلمين كالشلال الهادر ...تتكلمين بلا توقف ، كأنك تسابقين الزمن ..فالحياة ، يا نادية ، لن تتوقف ، الآن ..وعقارب الساعة ، لم تتعطل بعد ، فمازال أمامنا ، متسع من الوقت للكلام والبوح ...والذكرى .
نادية ، وإن سافرت إلى باريس ، فهي نفسها ، التي كانت تتحدث إلي ، في سنوات الدراسة ، تريد أن تعرف كل شيء وتقول كل شيء ، في دقائق ، فهي ، دائما ، في عجلة من أمرها ، نادية لا تحب الانتظار كالحياة ، كانت بحق متميزة ...وذات ابتسامة ساحرة ....تقول ما تفكر فيه ..ولا تفكر فيما تقوله ...نادية ، مذ عرفتها ، بالكاد ، تتكلم بالعربية ...كلامها ، في مجمله ، كان بالفرنسية ، مما سبب ،لها العديد من الحرج مع الطلبة ...هم يعتقدون ، أنها حالمة ..لا علاقة لها ، بالواقع ، وهي ترى ، إلا أنها وجدت في الزمن الخطأ ، فطريقة تفكيرها ، وأسلوب حياتها ، سببا لها العديد من المشاكل ..مع الجيران ..والناس ..فوجدت ، نفسها ، وحيدة ، لا تؤنسها ، إلى الروايات ، التي تملأ عليها ، حياتها ..ليل نهار ..و زهور ، أستاذة اللغة الفرنسية ، التي تختلي بها ، عند انتهاء ، كل حصة بالثانوية ، حيت كنا ، ندرس ...وكانت تبثها أحزانها وأسرارها الخاصة ..فزهور ، كانت تقرأ أفكارها وتشاركها الكثير من الأسرار و الهموم و هي التي شجعتها أن ترافقني في تحركاتي بالمعاهد الأجنبية والمركبات الثقافية ...حيث الحياة غير الحياة والناس غير الناس ...كانت ، نادية ، متحررة ...منطلقة ..مقبلة على الحياة بلا عقد.. هي لا تجد حرجا ، في أن تضمك إلى صدرها بحرارة ، وتبكي بعمق وبتقبيلك بعفوية ، إن كانت سعيدة بوجودك ..كانت ، تعيش حياتها كما تريد ..وليس كما يريد الآخرون ..الدين أخطئوا في حقها في أحايين كثيرة ، ووجدت صعوبة في التواصل معهم ، وأحست بالغربة برفقة العديدين ، فهي لا تشبههم في شيء ، فهي صادقة في كل ما تقول ...وتلقائية في تصرفاتها و عفوية في كل تحركاتها ..كانت لنا ، أحلام مشتركة ، أجهضت مع الأيام والسنوات ...لم تكن تمر اللقاءات الثقافية والفنية ، بالمركبات الثقافية والمعاهد الأجنبية ، دون أن يكون لنا حضور ضمن المدعوين ...كانت لحظات لا تشبه كل اللحظات ..مرت ، هكذا ، سراعا ، كأنها لم تكن ....ونادية ، التي احتضنتني للحظات ،لا وجود لها إلا في خيالي ..نادية التي سافرت إلى باريس ..حيث وجدت ذاتها .. وحيث التقت نصفها الآخر ...وحيث أنجبت طفلها الوحيد ..وحيث أصرت أن تكون ، بعيدا عن الفضوليين والمتلصصين و الدين ،لا شغل لهم إلا الآخرون ..وكان لها ، ما أرادت ..
9 سنوات مرت ، كأنها البارحة .
9 سنوات ، وكلمات نادية ، مازالت عالقة بذاكرتي ، كأنها قيلت ،لي ،بالأمس ، كانت ليلة ، لا تشبه كل الليالي :" علي ، لست أنكر ، أنك صديقي الذي يعرف عني كل صغيرة وكبيرة ، صديق حميم جدا ، قريب إلى روحي وأفكاري ، ولكنني لا أستطيع ، أن أحبك ، لا أستطيع ، فمشاعري ليست ملكي ، كما تعرف .. فدعها للظروف ".
وكانت الظروف 9 سنوات من الغياب والرحيل والذكرى .
أوراق من حياتي
" لا أريد أن أموت " / البرنوصي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق