محمد داود
لا نشكك أبداً في وطنية السيد "مير حسين الموسوي"، المنافس القوي للسيد "أحمد نجاد"، فهو بالطبع رجل وطني وقدم الكثير بالنسبة للشعب الإيراني، مثل نجاد أو خاتمي وغيره من القادة الإيرانيين، ولو لم يكن ذلك لما تأهل إلى قيادة حزبه أو الترشح على تولي رئاسة الحكم. فجميعهم من رحم هذه الثورة، وكلهم من مدرسة الإمام الخميني، ولا فرق بينهم، وما يدور من اختلاف تتعلق بقضية وحادثة سرعان ما تنطوي إذا رفع الغرب يده عنها بكل تأكيد.
ولكن هزيمة "مير الموسوي" في هذه الانتخابات ترك تداعيات خطيرة يحاول الغرب أن يستغلها من أجل إضعاف الجبهة الداخلية لإيران، تمهيداً للسيطرة الخارجية، وقد حاول الغرب جاهداً الدخول لهذا البلد عدة مرات سابقة، من أجل السيطرة على برنامجها النووي الناشئ، وجميع الطرق جرت سياسياً ودبلوماسياً، وقد حاول البرادعي مسؤول وكالة الطاقة الذرية أن يطوي الملف سلمياَ، كما حاولت الولايات المتحدة إبان عهد الرئيس بوش، أن تتم صفقة إقليمية شاملة، يكون البرنامج النووي الإيراني، ومحور الممانعة جزءاً من هذا الاتفاق، مقابل أن يكون لإيران دور إقليمي بارز، وذهبت الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات اقتصادية ورصد ملايين الدولارات وإنفاقها على معارضين النظام وعلى بعض المندسين في داخل إيران لتحريك الوضع الداخلي و"إثارة الفوضى" في البلاد.
إن المشكلة ليس في وجود نجاد أو موسوي لأن خامنئي صاحب أعلى سلطة في إيران وهو وحده الذي يتخذ القرار بشأن مثل تلك السياسات الأساسية،"ولاية الفقيه"، إذ أنها لن تتغير حتى إذا فاز معتدل، فالمشكلة ليست في البرنامج النووي بقدر ما لإيران من دور إقليمي في المنطقة، والدليل أن الولايات المتحدة عرضت على السعودية ومصر ودول عربية أخرى بناء مفاعلات نووية وتقديم التكنولوجيا النووية، لأن ذلك يخفف من الاستهلاك على النفط، شريطة امتلاك التكنولوجية والإشراف عليها.
فأمريكا عشية انتخاب الرئيس أوباما قررت سلوك نهج دبلوماسي مع إيران من أجل التخلي أو السيطرة عن برنامجها، كما قدم اوباما في برنامجه بوادر طيبة نحو المسلمين ودول منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، منها الشروع في حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإغلاق معتقل إغوانتنمو، وإصلاحات اقتصادية، كما أعرب في خطابه في القاهرة قبل أيام، عن توجه أمريكي إيجابي تجاه المسلمين، واحتج اليهود على ذلك، وهذا يبين أن الخطط لم تستنفذ بعد تجاه إيران.
فسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل هو خلق الاضطرابات الداخلية تمهيداً للسيطرة الخارجية، فجميع الدول العربية والإسلامية والنظم أصبحت اليوم مهددة من الداخل، ويمكن اللعب على عدة أوتار حساسة بداخلها من خلال "الأحزاب والطوائف والأقليات، والمذاهب والحدود و.....، وعدد بلا حرج كم من دولة عربية تعاني من هذه الإشكالية.
أما على صعيد حكم الأحزاب الإسلامية، فيبدو أن هناك تراجع ملحوظ لحكمهم في المنطقة، وقد مثل خسارة حزب الله في الانتخابات اللبنانية قبل أسبوعين على الأقل وتجربة حماس بكل تأكيد لها الأثر على الانتخابات الإيرانية، وهو ما دفع بالشك عن إمكانية تزوير نتائج الانتخابات.
يذكر أن إيران تعرف عبر التاريخ بأنها بلد الانقلابات، رغم استقرار النظام خلال الثلاث عقود الأخيرة، لذلك يسعى الغرب لأن يستثمر هذه الإشكالية "الصراع على السلطة" بهدف إضعاف السيطرة على البلاد وإسقاط نظام نجاد المتشدد، وإحلال نظام أخر أكثر اعتدالاً وانفتاحاً عنه، ويمكن إقامة علاقات ثنائية، وهي سياسة الولايات المتحدة المجربة في المنطقة، ولكن الغريب أن تنظيمات إيرانية أخذت تستغل هذه الظروف لشن عمليات تفجيرية مثل منظمة "مجاهدي خلق" التي توقف نشاطها منذ زمن، إذ بدأت بشن عمليات تفجيرية ودموية، مما يفاقم الأزمة الداخلية التي يمرّ بها نظام الجمهورية الإسلامية، وهو ما يزيد من احتمال توجه الوضع الداخلي في إيران لمزيد من التوتر والفوضى الأمنية، قد تكون على شاكلة المسرح العراقي اليومي.
كاتب وباحث
لا نشكك أبداً في وطنية السيد "مير حسين الموسوي"، المنافس القوي للسيد "أحمد نجاد"، فهو بالطبع رجل وطني وقدم الكثير بالنسبة للشعب الإيراني، مثل نجاد أو خاتمي وغيره من القادة الإيرانيين، ولو لم يكن ذلك لما تأهل إلى قيادة حزبه أو الترشح على تولي رئاسة الحكم. فجميعهم من رحم هذه الثورة، وكلهم من مدرسة الإمام الخميني، ولا فرق بينهم، وما يدور من اختلاف تتعلق بقضية وحادثة سرعان ما تنطوي إذا رفع الغرب يده عنها بكل تأكيد.
ولكن هزيمة "مير الموسوي" في هذه الانتخابات ترك تداعيات خطيرة يحاول الغرب أن يستغلها من أجل إضعاف الجبهة الداخلية لإيران، تمهيداً للسيطرة الخارجية، وقد حاول الغرب جاهداً الدخول لهذا البلد عدة مرات سابقة، من أجل السيطرة على برنامجها النووي الناشئ، وجميع الطرق جرت سياسياً ودبلوماسياً، وقد حاول البرادعي مسؤول وكالة الطاقة الذرية أن يطوي الملف سلمياَ، كما حاولت الولايات المتحدة إبان عهد الرئيس بوش، أن تتم صفقة إقليمية شاملة، يكون البرنامج النووي الإيراني، ومحور الممانعة جزءاً من هذا الاتفاق، مقابل أن يكون لإيران دور إقليمي بارز، وذهبت الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات اقتصادية ورصد ملايين الدولارات وإنفاقها على معارضين النظام وعلى بعض المندسين في داخل إيران لتحريك الوضع الداخلي و"إثارة الفوضى" في البلاد.
إن المشكلة ليس في وجود نجاد أو موسوي لأن خامنئي صاحب أعلى سلطة في إيران وهو وحده الذي يتخذ القرار بشأن مثل تلك السياسات الأساسية،"ولاية الفقيه"، إذ أنها لن تتغير حتى إذا فاز معتدل، فالمشكلة ليست في البرنامج النووي بقدر ما لإيران من دور إقليمي في المنطقة، والدليل أن الولايات المتحدة عرضت على السعودية ومصر ودول عربية أخرى بناء مفاعلات نووية وتقديم التكنولوجيا النووية، لأن ذلك يخفف من الاستهلاك على النفط، شريطة امتلاك التكنولوجية والإشراف عليها.
فأمريكا عشية انتخاب الرئيس أوباما قررت سلوك نهج دبلوماسي مع إيران من أجل التخلي أو السيطرة عن برنامجها، كما قدم اوباما في برنامجه بوادر طيبة نحو المسلمين ودول منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، منها الشروع في حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإغلاق معتقل إغوانتنمو، وإصلاحات اقتصادية، كما أعرب في خطابه في القاهرة قبل أيام، عن توجه أمريكي إيجابي تجاه المسلمين، واحتج اليهود على ذلك، وهذا يبين أن الخطط لم تستنفذ بعد تجاه إيران.
فسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل هو خلق الاضطرابات الداخلية تمهيداً للسيطرة الخارجية، فجميع الدول العربية والإسلامية والنظم أصبحت اليوم مهددة من الداخل، ويمكن اللعب على عدة أوتار حساسة بداخلها من خلال "الأحزاب والطوائف والأقليات، والمذاهب والحدود و.....، وعدد بلا حرج كم من دولة عربية تعاني من هذه الإشكالية.
أما على صعيد حكم الأحزاب الإسلامية، فيبدو أن هناك تراجع ملحوظ لحكمهم في المنطقة، وقد مثل خسارة حزب الله في الانتخابات اللبنانية قبل أسبوعين على الأقل وتجربة حماس بكل تأكيد لها الأثر على الانتخابات الإيرانية، وهو ما دفع بالشك عن إمكانية تزوير نتائج الانتخابات.
يذكر أن إيران تعرف عبر التاريخ بأنها بلد الانقلابات، رغم استقرار النظام خلال الثلاث عقود الأخيرة، لذلك يسعى الغرب لأن يستثمر هذه الإشكالية "الصراع على السلطة" بهدف إضعاف السيطرة على البلاد وإسقاط نظام نجاد المتشدد، وإحلال نظام أخر أكثر اعتدالاً وانفتاحاً عنه، ويمكن إقامة علاقات ثنائية، وهي سياسة الولايات المتحدة المجربة في المنطقة، ولكن الغريب أن تنظيمات إيرانية أخذت تستغل هذه الظروف لشن عمليات تفجيرية مثل منظمة "مجاهدي خلق" التي توقف نشاطها منذ زمن، إذ بدأت بشن عمليات تفجيرية ودموية، مما يفاقم الأزمة الداخلية التي يمرّ بها نظام الجمهورية الإسلامية، وهو ما يزيد من احتمال توجه الوضع الداخلي في إيران لمزيد من التوتر والفوضى الأمنية، قد تكون على شاكلة المسرح العراقي اليومي.
كاتب وباحث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق