سامي الأخرس
منذ أسبوع وأنا أفكر بكتابة شئ عن ذكرى ياسر عرفات القائد الفلسطيني التاريخي الذي مثل صوت فسطين.الذي أُتفق معه وأختلف معه أيضاً، حيث كان يمتلك كريزما خاصة فرضت نفسها على الثورة الفلسطينية وإرتبطت شرطياً بالكوفية التي إرتداها عبر مسيرة النضال الفلسطيني الحبلى بالإنجازات والإخفاقات، والحبلى بكل التناقضات في معترك السياسة الفلسطينية، التي إحتكمت للحوار في بعض مفاصلها السياسية، وللصدام في مراحل آخرى، إنتهت الى غياب كل رموز الفعل الوطني عن الساحة، لتغيب معها معاني ومسميات الوحدة الوطنية، ويفرض علينا خطاب الإنقسام الذي نعيشه، ونعيش فصوله، وهو بوجهة نظري حالة طبيعية لنوعية الخامة القيادية التي تهيمن على القرار الحزبي – الفصائلي المشكل للنظام السياسي الفلسطيني بكل أنواعه وأطيافه.
إنتابتني الحيرة وانا أفكر ماذا أكتب عن هذه المناسبة الخامسة لإستشهاد زعيم بحجم ياسر عرفات، وعن أي إتجاه أكتب، هل أعتمد الروتينية في الكتابة، ونأبن مناقب ومآثر الشهيد، أم ننبش قبره- رحمه الله- ونمزق صورة التي حملتها فرنسا والقاهرة لتصل بها الى رام الله، وتوارى الثرى هناك بمشهد حزين، ومؤلم، أم نكتب عن غيابه وأثره على واقعيتنا السياسية، ووسط هذا الإرباك والحيرة، كانت تجمعني جلسة شخصية في قسم دراسات الشرق الأوسط: الدراسات العليا مع بعض الأساتذة والطلبة متعددي الأطياف والألوان السياسية، ولم نتطرق للحديث حول هذا الأمر، وما أن هممت بالإستئذان حتى اصطحبني صديق يدرس ماجستير في نفس القسم الى كافيتريا الجامعة، ونحن نجلس ونتداول الحديث وهو شاب صغير في مقتبل العمر يمسك بفنجان قهوته، ويتحدث عن أحوال مخيمات لبنان، وفجأة وبشئ من الحزن يقول لي:" نتحدث عن مأساة لبنان، وننسى مأساتنا، فأنا نفسي أحمل صورة ياسر عرفات، وأحتفل بذكراه في غزة، ولكنني أخشى الإعتقال والتعذيب"، هالتني تلك الكلمة، وعجزت عن الرد عليه، وعلى تساؤلاته. فنظرت من حولي، فنحن نجلس بإحدى المؤسسات التعليمية المحسوبة على حركة فتح، وذكرى إستشهاد ياسر عرفات قد شارفت لا يفصلنا عنها يوم أو يومين، ولم ألاحظ أي مظاهر لإحياء هذه الذكرى، أو ما يبعث على أن هناك شئ سيحدث، وإنما حركة طلابية عادية.
ليس هنا بيت القصيد، الأهم الصورة التعبيرية التي نقلها زميلي الشاب الصغير، عما في داخله من أمنية مشوبه بالخوف والرعب، رغم أن من يحكم غزة هم من أبناء جلدتنا، وأهلنا وشركائنا في النضال والمصير.فهل وصل الرعب لهذه الدرجة؟! وماهذا الذي يحدث في غزة وفي رام الله؟ فهنا أبناء فتح يمنون النفس بحمل صورة ياسر عرفات في ذكرى إستشهاده، وبكل تأكيد فهناك أبناء حماس يمنون النفس بحمل صور أحمد ياسين بذكرى إستشهاده أيضاً في رام الله، فلماذا هذا الجور والظلم على حقوق أبناء الشعب الواحد؟
بالأمس القريب إحتفل الجهاد الإسلامي بذكرى إستشهاد فتحي الشقاقي، ومن قبله إحتفلت الجبهة الشعبية بوفاة جورج حبش، وكان المشهد الفلسطيني مؤثراً وهذه القوى الفلسطينية توصل الليل بالنهار لحشد الحشودات في ساحة الكتيبة، لتقول للعالم الخارجي أنا موجود على الأرض، وتبرهن لإخوان الداخل إنها موجودة على الأرض، وهو ما يؤكد على أن المعركة أصبحت داخلية بعيدة عن المرامي الوطنية الهادفة لتحقيق المطالب الوطنية، أمام عنجهية المحتل وتصلفه، فهل أصبحتم بما أنتم فيه فرحون؟!
هذا هو المشهد الحقيقي بعد غياب "يسر عرفات" وغياب قادة الفعل الوطني"أحمد ياسين"،"جورج حبش"،" فتحي الشقاقي"، وقافلة من القادة والشهداء، ممن حملوا الوطن هماً وحباً، لم تأسرهم أمريكا وإسرائيل ولم تملي عليهم القوى الإقليمية العربية سياساتها في خضم معاركها السياسية. ولم نسمع في عهدهم شاباً فلسطينياً يتمنى حمل صورة زعيم وطني، ويرتعد خوفاً من أبناء جلدته. فلا زلت أذكر إننا كنا نحتفل ونحتفي بمناسباتنا الوطنية رغم كل ماتفعله قوات الإحتلال، ورغم كل ممارساتها، لم نرتعد خوفاً منها، ولم نخش تعذيبها وجرائمها، فما الذي تغير لنرتعد خوفاً من إخواننا؟!
اليوم هي الذكرى الخامسة لإستشهاد ياسر عرفات ولن تستطيع غزة الإحتفال بها، ولن تقوى على فعل ذلك، لأن هذه المناسبة محظورة حسب الشكل الظاهري، كما تم حظر العديد من المظاهر وهذا هو نتاج ردات الفعل الممارسة من قبل الطرفين، ولكن هل يستحق هذا الشعب حكم من هذا النوع؟ وهل فعلاً ندفع ثمن خياراتنا الديمقراطية؟
تأتي ذكرى إستشهاد ياسر عرفات الخامسة والإنقسام مستمر، والمصالحة مرفوضة، والرئيس محمود عباس يفكر بترك ساحة الفعل السياسية، والمشهد سيريالي غير واضح المعالم، والقضية تخرج من نفق مظلم لتدخل آخر أكثر ظلمة، والقبضة الحديدية، تشكم الإرادات وتقهر الحريات، وطرفي الوطن ينتظران ماذا ستأتي به الأيام.
ذهب الصيف الحار، وأتى خريف عاصف، وها نحن ننتظر الشتاء عسى أن تسقط حبات المطر حاملة لنا بشائر الخير في الإنتصار على عنجهية الإنقسام، ويرفع هذا الفتحاوي صورة ياسر عرفات، ويعانق الحمساوي صورة الياسين، ونكتب نحن عن وطن يجمعنا لخوض مسيرة الانتصار... ولكن هل سيوافق عرابوا المصالح الإقليمية والدولية في الساحة الفلسطينية على ذلك؟!!!
رحم الله ياسر عرفات..
منذ أسبوع وأنا أفكر بكتابة شئ عن ذكرى ياسر عرفات القائد الفلسطيني التاريخي الذي مثل صوت فسطين.الذي أُتفق معه وأختلف معه أيضاً، حيث كان يمتلك كريزما خاصة فرضت نفسها على الثورة الفلسطينية وإرتبطت شرطياً بالكوفية التي إرتداها عبر مسيرة النضال الفلسطيني الحبلى بالإنجازات والإخفاقات، والحبلى بكل التناقضات في معترك السياسة الفلسطينية، التي إحتكمت للحوار في بعض مفاصلها السياسية، وللصدام في مراحل آخرى، إنتهت الى غياب كل رموز الفعل الوطني عن الساحة، لتغيب معها معاني ومسميات الوحدة الوطنية، ويفرض علينا خطاب الإنقسام الذي نعيشه، ونعيش فصوله، وهو بوجهة نظري حالة طبيعية لنوعية الخامة القيادية التي تهيمن على القرار الحزبي – الفصائلي المشكل للنظام السياسي الفلسطيني بكل أنواعه وأطيافه.
إنتابتني الحيرة وانا أفكر ماذا أكتب عن هذه المناسبة الخامسة لإستشهاد زعيم بحجم ياسر عرفات، وعن أي إتجاه أكتب، هل أعتمد الروتينية في الكتابة، ونأبن مناقب ومآثر الشهيد، أم ننبش قبره- رحمه الله- ونمزق صورة التي حملتها فرنسا والقاهرة لتصل بها الى رام الله، وتوارى الثرى هناك بمشهد حزين، ومؤلم، أم نكتب عن غيابه وأثره على واقعيتنا السياسية، ووسط هذا الإرباك والحيرة، كانت تجمعني جلسة شخصية في قسم دراسات الشرق الأوسط: الدراسات العليا مع بعض الأساتذة والطلبة متعددي الأطياف والألوان السياسية، ولم نتطرق للحديث حول هذا الأمر، وما أن هممت بالإستئذان حتى اصطحبني صديق يدرس ماجستير في نفس القسم الى كافيتريا الجامعة، ونحن نجلس ونتداول الحديث وهو شاب صغير في مقتبل العمر يمسك بفنجان قهوته، ويتحدث عن أحوال مخيمات لبنان، وفجأة وبشئ من الحزن يقول لي:" نتحدث عن مأساة لبنان، وننسى مأساتنا، فأنا نفسي أحمل صورة ياسر عرفات، وأحتفل بذكراه في غزة، ولكنني أخشى الإعتقال والتعذيب"، هالتني تلك الكلمة، وعجزت عن الرد عليه، وعلى تساؤلاته. فنظرت من حولي، فنحن نجلس بإحدى المؤسسات التعليمية المحسوبة على حركة فتح، وذكرى إستشهاد ياسر عرفات قد شارفت لا يفصلنا عنها يوم أو يومين، ولم ألاحظ أي مظاهر لإحياء هذه الذكرى، أو ما يبعث على أن هناك شئ سيحدث، وإنما حركة طلابية عادية.
ليس هنا بيت القصيد، الأهم الصورة التعبيرية التي نقلها زميلي الشاب الصغير، عما في داخله من أمنية مشوبه بالخوف والرعب، رغم أن من يحكم غزة هم من أبناء جلدتنا، وأهلنا وشركائنا في النضال والمصير.فهل وصل الرعب لهذه الدرجة؟! وماهذا الذي يحدث في غزة وفي رام الله؟ فهنا أبناء فتح يمنون النفس بحمل صورة ياسر عرفات في ذكرى إستشهاده، وبكل تأكيد فهناك أبناء حماس يمنون النفس بحمل صور أحمد ياسين بذكرى إستشهاده أيضاً في رام الله، فلماذا هذا الجور والظلم على حقوق أبناء الشعب الواحد؟
بالأمس القريب إحتفل الجهاد الإسلامي بذكرى إستشهاد فتحي الشقاقي، ومن قبله إحتفلت الجبهة الشعبية بوفاة جورج حبش، وكان المشهد الفلسطيني مؤثراً وهذه القوى الفلسطينية توصل الليل بالنهار لحشد الحشودات في ساحة الكتيبة، لتقول للعالم الخارجي أنا موجود على الأرض، وتبرهن لإخوان الداخل إنها موجودة على الأرض، وهو ما يؤكد على أن المعركة أصبحت داخلية بعيدة عن المرامي الوطنية الهادفة لتحقيق المطالب الوطنية، أمام عنجهية المحتل وتصلفه، فهل أصبحتم بما أنتم فيه فرحون؟!
هذا هو المشهد الحقيقي بعد غياب "يسر عرفات" وغياب قادة الفعل الوطني"أحمد ياسين"،"جورج حبش"،" فتحي الشقاقي"، وقافلة من القادة والشهداء، ممن حملوا الوطن هماً وحباً، لم تأسرهم أمريكا وإسرائيل ولم تملي عليهم القوى الإقليمية العربية سياساتها في خضم معاركها السياسية. ولم نسمع في عهدهم شاباً فلسطينياً يتمنى حمل صورة زعيم وطني، ويرتعد خوفاً من أبناء جلدته. فلا زلت أذكر إننا كنا نحتفل ونحتفي بمناسباتنا الوطنية رغم كل ماتفعله قوات الإحتلال، ورغم كل ممارساتها، لم نرتعد خوفاً منها، ولم نخش تعذيبها وجرائمها، فما الذي تغير لنرتعد خوفاً من إخواننا؟!
اليوم هي الذكرى الخامسة لإستشهاد ياسر عرفات ولن تستطيع غزة الإحتفال بها، ولن تقوى على فعل ذلك، لأن هذه المناسبة محظورة حسب الشكل الظاهري، كما تم حظر العديد من المظاهر وهذا هو نتاج ردات الفعل الممارسة من قبل الطرفين، ولكن هل يستحق هذا الشعب حكم من هذا النوع؟ وهل فعلاً ندفع ثمن خياراتنا الديمقراطية؟
تأتي ذكرى إستشهاد ياسر عرفات الخامسة والإنقسام مستمر، والمصالحة مرفوضة، والرئيس محمود عباس يفكر بترك ساحة الفعل السياسية، والمشهد سيريالي غير واضح المعالم، والقضية تخرج من نفق مظلم لتدخل آخر أكثر ظلمة، والقبضة الحديدية، تشكم الإرادات وتقهر الحريات، وطرفي الوطن ينتظران ماذا ستأتي به الأيام.
ذهب الصيف الحار، وأتى خريف عاصف، وها نحن ننتظر الشتاء عسى أن تسقط حبات المطر حاملة لنا بشائر الخير في الإنتصار على عنجهية الإنقسام، ويرفع هذا الفتحاوي صورة ياسر عرفات، ويعانق الحمساوي صورة الياسين، ونكتب نحن عن وطن يجمعنا لخوض مسيرة الانتصار... ولكن هل سيوافق عرابوا المصالح الإقليمية والدولية في الساحة الفلسطينية على ذلك؟!!!
رحم الله ياسر عرفات..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق