الاثنين، نوفمبر 09، 2009

هل تؤدى الازمه الامريكيه الى نظام اقتصادى جديد

د . محمود ابوالوفا
قد يكون من اهم الأثار التي ستتركه خطة إنقاذ النظام المالي التى تبنتها الحكومة الفيدرالية الامريكيه وضع نظم وقواعد جديدة لضبط ذلك النظام ربما تكون نواه لتغييرات جذريه فى النظام الراسمالى العالمى والذى ظل لعقود متربعا على عرش النظم الاقتصاديه باعتباره النموزج الامثل .
وقد ورد على لسان وزير المالية هنري بولسون فى المقابله التى اجريت معه فى احد البرامج التلفزيونيه فى اواخر سبتمبر من عام 2008 قوله: "اننا نفتقر الى سلطات وبنى التنظيم لحماية الشعب الأميركي"
و لذلك فأن المسئولين الأميركيين يسعون لاستحداث نظم جديدة يتمثل بعضا منها فى: طريقة عرض قروض الإسكان وبطاقات الإئتمان وما فى حكمها من تسهيلات مالية على المستهلكين الذين يشكلون "السوق الاولى فى منظومة التمويل العقارى والطريقه التى يمكن للمصارف والمؤسسات المالية ان تستثمر بها أموال المودعين فيما يعرف باسم "السوق الثانوي."
ومن المعلوم ان الأزمة المالية قد تخلف عنها الكثير من الكوارث التي تعد الأسوأ منذ فترة الثلاثينات من القرن الماضي، ومنها انهيار ستة بنوك كبرى وغيرها من مؤسسات مالية عملاقه مثل ليمان برزار و بنك واشنطن ميتشوال و بنك ميريل لينش .
ويفترض ان تعمل النظم الجديدة على ضبط اليات الإقراض والمتمثله فى معدلات الفوائد المحفزه التي تجذب راغبى القروض , حيث يبنى النظام الحالى على ان يبدأ القرض بمعدل فائدة منخفض فى السنتين الأوليين لكنه غالبا ما يرتفع بوتيرة أسرع فى السنوات التاليه بالاضافه الى وجود شرط عدم جواز تسديد قيمة القرض بالكامل في وقت مبكر مما يلزم المقترضون بضرورة تحملهم أعباء معدلات فائدة مرتفعة تفوق معدلات الفائدة السارية خلال سنوات عديدة.
ويتوقع بعض المراقبين ان يصدر الكونجرس قوانين لمكافحة ما يعرف بـ"الإقراض المفترس" كما انه سيلزم مقدموا قروض الرهونات العقارية بالحصول على تراخيص من الحكومة الفيدرالية."
وقد أقر مجلس النواب الأميركي فى سبتمبر 2008 قانونا (يعتبر الأول من نوعه فى سبيل مكافحة ممارسات الإقراض الضار من قبل شركات بطاقات الإئتمان) يقضى بفرض رسوم خفية وغير مبررة تضاف الى الفائدة المستوفاة وهو ما أجبر العديد من الأميركين على تحمل أعباءاضافيه على الديون الاصليه , ويتوقع ان يبت مجلس الشيوخ في تشريع مماثل.
ويتوقع الخبراء ان يعمل المسئولين وهيئات التنظيم التابعه للحكومه الامريكيه فى وضع ما يسمى باشتراطات مقتضيات الاحتياط او مايسمى فى اقتصاديات البنوك بعملية خلق النقود ( يقصد بخلق النقود السياسه التى تحددها البنوك المركزيه والتى تقضى بتحديد ما تحتفظ به المصارف التجارية من وحدات نقديه مقابل ما تمنحه من ائتمان , والذي عادة ما يقضى بان تحتفظ بدولار واحد مقابل كل عشرة دولارات تقرضها او تدين بها لأصحاب الحسابات والمودعين , لكن بنوك الإستثمار يسمح لها بان تحتفظ بدولار واحد مقابل كل 30 دولارا تقوم باقراضها او استثمارها).
ويتوقع الخبراء ان يسعى المسؤولون الى استحداث نظم تحول دون تكرار الأزمة المالية ولكن دون تكبيل الاسواق المالية بأنظمة شديدة التعسير, فى حين يرى اخرون انه من الصعوبه بمكان التوصل الى توازن بين هذين الأمرين، فلا يجب ان تجعل الازمه الحاليه المسئولون العمل على وضع معوقات وقيود من شأنها وقف الإبداع الذي عاد علي الاسواق بفوائد كثيره في الماضي , وكذلك يتوجب وضع ضوابط صارمه تحول دون وقوع ازمه او ازمات مماثله فى المستقبل.
وقد اعلن المسؤولون الأميركيون إن الأزمة التي نشأت عن ضعف سوق الإقراض والرهونات الأميركية ستؤثر على النظام المالي العالمي لأن الاقتصاد الامريكى له علاقة مباشره تربطه بالأسواق المالية للبلدان الاخرى , ولذا فهم يرون أنه لابد ان تكون الإجراءات على مستوى عالمي حتى يمكن القضاء على المشكلة كليا.
فيما اعلنت الدول الاوربيه واليابان ودول اخرى منها مصر انهم بعيدون عن تيار الازمه الامريكيه , ومن ادل الأمثلة على ذلك أن محافظ البنك المركزي الياباني اعلن إنه لا يعتقد بأن استقرار النظام المالي الياباني معرض للخطر من تأثير الازمه الامريكيه, ولكن اعتقد_ ومعى الكثيرين_ ان ما أسفرت عنه احداث شهرى نوفمبر وديسمبر 2008 قد برهنت على عدم صحة ما ذهبوا اليه حيث بدأت تداعيت الازمه الامريكيه تلقى بظلالها الكالحه على اقتصاديات العالم اجمع.
وفى دراسة أجراها البنك المركزي الفيدرالى في أغسطس 2008 قدر فيها خسائر الاستثمار الأجنبي الذي يملك سندات أميركية مدعمة برهونات قد تصل الى ما يقارب 75 بليون دولار.
وفى اعتقادى ان هذه التداعيات على اقتصاديات اغلب دول العالم لابد ان تبعث على صياغة نظام عالمى جديد اما ان يكون تطويرا للنظام الرأسمالى بالباسه ثوبا جديدا او استبداله بنظام اخر يحقق الاستقرار للاقتصاد العالمى ويحول دون وقوع ازمات او كوارث اخرى.

MAW01000@YAHOO.COM

ليست هناك تعليقات: