د. محمود ابو الوفا
بين محاورات السياسيين والاقتصاديين والمناوئين
يمثل منتدى دافوس ملتقى العالم السياسي والعالم الاقتصادي ، لقد دعا منتدى 2009 رجال الأعمال والحكومات ومنظمات المجتمع المدني إلى الدخول في ما وصفه "نوعا جديدا من القيادة الابتكارية والتعاونية لمواجهة تحديات العولمة" , ولاول مره فى تاريخ المنتدى يتنحى المصرفيون والماليون عن مقعد القيادة حيث تولاها السياسيون في دافوس هذا العام ، وقد شغل بالهم جميعا "اعادة تشكيل النظام المالي العالمى " , لقد اعتبر العالم ان الماليين هم المسؤولين عن الأزمة واننا نعرف جميعا انهم ايضا كانوا أول ضحاياها , فعلى سبيل المثال تغيب منهم عن دافوس هذا العام ما يزيد عن اثنين وعشرين من اكبر الماليين فى العالم بسب تسريحهم من اعمالهم وذلك بسبب الازمة التي اجهزت على كثير من المؤسسات البنكية و الماليه العملاقه ، ولقد ذهب الى دافوس رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء و برلمانيون وإعلاميون وأكاديميون بالإضافة إلى ممثلين لشركات دولية عابرة للقارات وممثلي المنظمات غير الحكومية فى محاوله منهم لتناول القضايا الدولية والإقليمية الأساسية المطروحة على جدول الأعمال هذا العام، وان كان دافوس اجتماعا للنخب من رجال الحكم , الا انه يعتبر اجتماعا للاغنياء خاصة حيث أنه يشترط على الشركات التى ترغب فى عضويته ألا يقل دخلها السنوى عن مليار دولار , بالاضافه الى دفع اشتراك سنوي قدره 12500 دولار كرسم عضوية ، كما تبلغ رسوم الاشتراك في المؤتمر السنوي 6250 دولار، اما بالنسبه للشركات التى تريد الاشتراك في وضع الموضوعات التى ستطرح بالمؤتمر فيفرض عليها دفع 250000 دولار، اما رسوم الشراكه الدائمه بالمنتدى فتبلغ 78000 دولار ، ولقد حدد رئيس المنتدى كلاوس شواب أهداف "دافوس 2009" في خمسة أهداف طموحة ، مشيرا الى ان سنة 2009 "حاسمة" للعالم حيث تتطلب إعادة النظر في القيم والممارسات لرجال الأعمال جنبا الى جنب مع الأنظمة الاقتصادية التي اثبتت الازمه العالميه انها تحتاج الى تطوير , واننى اعتقد ان اهم هذه الاهداف التى طرحها كلاوس شواب هو الهدف الخاص بالبحث في "قاعدة القيم الاخلاقية" للاعمال والمنظمات مع العمل على تحديد "اجراءات ملموسة" تضمن هذه القيم، وفى ظل اعتبار ان منتدى دافوس هو منتدى الاقتصاد العالمى فقد سيطرت هواجس الازمه الماليه العالميه على الاجواء واستغل هذه الفرصه اصحاب المعسكرات المناوئه للرأسماليه فانهالوا يكيلون التهم ويسردون الادله على فشل النموزج الرأسمالى الامريكى ويستنكرون استعلاء الدولار على ما سواه من العملات , وقد بدا ذلك واضحا فى الهجوم الشرس الذى شنه كلا من رئيس الوزراء الروسى ورئيس وزراء الصين على النظام الرأسمالى , حيث ركز الروسى بوتين فى كلمته على انتقاد الاقتصاد الامريكى وتذكير الامريكان بتأكيدهم للجميع فى المنتدى السابق بقوة اقتصادهم وعدم معاناتهم لاى ازمات فى حين ان الاقتصاد الامريكى كان يعانى من خسائر فادحه , كما طالب رئيس الوزراء الصيني الى اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يتغلب على المصاعب الحالية على ان يكون نظام عادل ومتوازن وصلب ومستقر يبدأ بإصلاح المؤسسات المالية العالمية الكبرى بما يضمن حضوراً أقوى للدول النامية فيها, وعلى الجانب الاخر حاول رجال الاعمال تحسين صورة الرأسماليه , كما فعل بيل جيتس حيث اعلن عن منح بقيمة 306 ملايين دولار لتنمية الزراعة في الدول الفقيرة بأسيا وافريقيا عن طريق صندوق جيتس , كما قال جيتس "اذا كنا جادين في انهاء الجوع والفقر المدقع في انحاء العالم يجب ان نكون جادين بشان تغيير الوسائل الزراعية بالنسبة للمزارعين الصغار ومعظمهم من النساء" , ومن الجدير بالذكر ان هذه المنح ستُخصص لتمويل مشاريع تهدف الى تحسين نوعية التربة وانتاج الحليب والري وتطوير البذور في عدد من الدول الافريقية والاسيوية, كما انه اقترح على المشاركين في المنتدى نموذجا جديدا من الرأسمالية يخدم الفقراء المغيبين , لكن السؤال الذى نطرحه فى هذا الشأن الى اين تذهب وعود دافوس ؟ وردا على هذا السؤال توضِّـح إلّـين هيرتس "المتخصِّـصة في عِـلم الأنتروبولوجيا والعميدة الحالية لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة نوشاتيل" حيث قالت : "هناك إعلانات مبادئ مُـدهِـشة تخرُج من دافوس كل عام وتكون متبوعة بتأثيرات أقرب ما تكون إلى الصِّـفر , ومن المهمّ أن نلاحظ في هذا السياق، أن القادة الاقتصاديين والسياسيين، على حدّا سواء، يسمحون لأنفسهم بالإدلاء بتصريحات قويّـة (مُـرعِـدة) , إن دافوس أشبه ما يكون بـ "مساحة آمنة"، يُـمكن الإعلان فيها عن مبادئ كُـبرى، دون الشعور بوجود ضرورة لتقديم كشفِ حسابٍ إثر ذلك " , ومن ناحيه اخرى وصف جان زيجلر مفوض الأمم المتحدة الخاص لبرنامج الحق في الغذاء والخبير الدولي بالمؤسسات الصناعية والمالية الكبرى في العالم، الشركات الكبرى بـ"الإمبراطوريات المتعددة الجنسيات" وحملها مسؤولية انتشار الفقر والجوع في العالم , وقال أن تلك المؤسسات هي التي بيدها مفتاح كسر دائرة الفقر والديون التي تعاني منها الدول النامية، وقال إن "شعوب تلك الدول هي ضحية دوامة شيطانية" , بين تطلعات السياسيين وتوقعات الاقتصاديين واعتراضات المناؤين يظل منتدى دافوس كل عام علامه فارقه بين طموحات الاغنياء واحلام الفقراء .
يمثل منتدى دافوس ملتقى العالم السياسي والعالم الاقتصادي ، لقد دعا منتدى 2009 رجال الأعمال والحكومات ومنظمات المجتمع المدني إلى الدخول في ما وصفه "نوعا جديدا من القيادة الابتكارية والتعاونية لمواجهة تحديات العولمة" , ولاول مره فى تاريخ المنتدى يتنحى المصرفيون والماليون عن مقعد القيادة حيث تولاها السياسيون في دافوس هذا العام ، وقد شغل بالهم جميعا "اعادة تشكيل النظام المالي العالمى " , لقد اعتبر العالم ان الماليين هم المسؤولين عن الأزمة واننا نعرف جميعا انهم ايضا كانوا أول ضحاياها , فعلى سبيل المثال تغيب منهم عن دافوس هذا العام ما يزيد عن اثنين وعشرين من اكبر الماليين فى العالم بسب تسريحهم من اعمالهم وذلك بسبب الازمة التي اجهزت على كثير من المؤسسات البنكية و الماليه العملاقه ، ولقد ذهب الى دافوس رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء و برلمانيون وإعلاميون وأكاديميون بالإضافة إلى ممثلين لشركات دولية عابرة للقارات وممثلي المنظمات غير الحكومية فى محاوله منهم لتناول القضايا الدولية والإقليمية الأساسية المطروحة على جدول الأعمال هذا العام، وان كان دافوس اجتماعا للنخب من رجال الحكم , الا انه يعتبر اجتماعا للاغنياء خاصة حيث أنه يشترط على الشركات التى ترغب فى عضويته ألا يقل دخلها السنوى عن مليار دولار , بالاضافه الى دفع اشتراك سنوي قدره 12500 دولار كرسم عضوية ، كما تبلغ رسوم الاشتراك في المؤتمر السنوي 6250 دولار، اما بالنسبه للشركات التى تريد الاشتراك في وضع الموضوعات التى ستطرح بالمؤتمر فيفرض عليها دفع 250000 دولار، اما رسوم الشراكه الدائمه بالمنتدى فتبلغ 78000 دولار ، ولقد حدد رئيس المنتدى كلاوس شواب أهداف "دافوس 2009" في خمسة أهداف طموحة ، مشيرا الى ان سنة 2009 "حاسمة" للعالم حيث تتطلب إعادة النظر في القيم والممارسات لرجال الأعمال جنبا الى جنب مع الأنظمة الاقتصادية التي اثبتت الازمه العالميه انها تحتاج الى تطوير , واننى اعتقد ان اهم هذه الاهداف التى طرحها كلاوس شواب هو الهدف الخاص بالبحث في "قاعدة القيم الاخلاقية" للاعمال والمنظمات مع العمل على تحديد "اجراءات ملموسة" تضمن هذه القيم، وفى ظل اعتبار ان منتدى دافوس هو منتدى الاقتصاد العالمى فقد سيطرت هواجس الازمه الماليه العالميه على الاجواء واستغل هذه الفرصه اصحاب المعسكرات المناوئه للرأسماليه فانهالوا يكيلون التهم ويسردون الادله على فشل النموزج الرأسمالى الامريكى ويستنكرون استعلاء الدولار على ما سواه من العملات , وقد بدا ذلك واضحا فى الهجوم الشرس الذى شنه كلا من رئيس الوزراء الروسى ورئيس وزراء الصين على النظام الرأسمالى , حيث ركز الروسى بوتين فى كلمته على انتقاد الاقتصاد الامريكى وتذكير الامريكان بتأكيدهم للجميع فى المنتدى السابق بقوة اقتصادهم وعدم معاناتهم لاى ازمات فى حين ان الاقتصاد الامريكى كان يعانى من خسائر فادحه , كما طالب رئيس الوزراء الصيني الى اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يتغلب على المصاعب الحالية على ان يكون نظام عادل ومتوازن وصلب ومستقر يبدأ بإصلاح المؤسسات المالية العالمية الكبرى بما يضمن حضوراً أقوى للدول النامية فيها, وعلى الجانب الاخر حاول رجال الاعمال تحسين صورة الرأسماليه , كما فعل بيل جيتس حيث اعلن عن منح بقيمة 306 ملايين دولار لتنمية الزراعة في الدول الفقيرة بأسيا وافريقيا عن طريق صندوق جيتس , كما قال جيتس "اذا كنا جادين في انهاء الجوع والفقر المدقع في انحاء العالم يجب ان نكون جادين بشان تغيير الوسائل الزراعية بالنسبة للمزارعين الصغار ومعظمهم من النساء" , ومن الجدير بالذكر ان هذه المنح ستُخصص لتمويل مشاريع تهدف الى تحسين نوعية التربة وانتاج الحليب والري وتطوير البذور في عدد من الدول الافريقية والاسيوية, كما انه اقترح على المشاركين في المنتدى نموذجا جديدا من الرأسمالية يخدم الفقراء المغيبين , لكن السؤال الذى نطرحه فى هذا الشأن الى اين تذهب وعود دافوس ؟ وردا على هذا السؤال توضِّـح إلّـين هيرتس "المتخصِّـصة في عِـلم الأنتروبولوجيا والعميدة الحالية لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة نوشاتيل" حيث قالت : "هناك إعلانات مبادئ مُـدهِـشة تخرُج من دافوس كل عام وتكون متبوعة بتأثيرات أقرب ما تكون إلى الصِّـفر , ومن المهمّ أن نلاحظ في هذا السياق، أن القادة الاقتصاديين والسياسيين، على حدّا سواء، يسمحون لأنفسهم بالإدلاء بتصريحات قويّـة (مُـرعِـدة) , إن دافوس أشبه ما يكون بـ "مساحة آمنة"، يُـمكن الإعلان فيها عن مبادئ كُـبرى، دون الشعور بوجود ضرورة لتقديم كشفِ حسابٍ إثر ذلك " , ومن ناحيه اخرى وصف جان زيجلر مفوض الأمم المتحدة الخاص لبرنامج الحق في الغذاء والخبير الدولي بالمؤسسات الصناعية والمالية الكبرى في العالم، الشركات الكبرى بـ"الإمبراطوريات المتعددة الجنسيات" وحملها مسؤولية انتشار الفقر والجوع في العالم , وقال أن تلك المؤسسات هي التي بيدها مفتاح كسر دائرة الفقر والديون التي تعاني منها الدول النامية، وقال إن "شعوب تلك الدول هي ضحية دوامة شيطانية" , بين تطلعات السياسيين وتوقعات الاقتصاديين واعتراضات المناؤين يظل منتدى دافوس كل عام علامه فارقه بين طموحات الاغنياء واحلام الفقراء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق