د. أفنان القاسم
نحو مؤتمر بال فلسطيني (14)
ردود فعل الكتاب العرب على كافة أهوائهم ومشاربهم غالبا ما تكون سطحية وانفعالية تأخذ ما تريد الماكينة الإعلامية المهيمنة إعطاءه دون أن تتساءل عما ترمي إليه وتبحث عما تخفيه فتخدم دون أن تشاء أهدافها وتوجهاتها، وهذا هو حال ما جرى غداة تصريحات كلينتون الأخيرة بخصوص المستعمرات الإسرائيلية. لقد أريد من هذه التصريحات أن تبدو وكأنها تؤذن لتبدل في السياسة الأميركية إسرائيليا، أمس ضد المستعمرات واليوم مع المستعمرات، بينما السياسة الأميركية إسرائيليا بخصوص المستعمرات أو غيرها لم تتبدل، إنها بالأحرى تتقلب من تصريح مع وقف الاستيطان إلى تصريح مع عدم وقف الاستيطان، وهي وإن اختلفت مراميها في عمقها بقيت واحدة، وفي فشلها بقيت سادرة، لأنها لا في الحالة الأولى ولا في الحالة الثانية نجحت في دعم زلميها نتنياهو وعباس شعبيا، فمن قوة الأول والثاني يمكنها أن تفرض حلا تصفويا. والتصريحات الأخيرة هدفها هو التالي أن تقوي من شعبية نتنياهو "المتعنت" "المتزمت" "المتمترس" إلى آخره حين يشترط عدم ربط التفاوض بوقف الإستيطان، وأن تعيد لعباس شعبيته عباس "المتمترس" "المتزمت" "المتعنت" إلى آخره هو أيضا حين يشترط ربط التفاوض بوقف الاستيطان، وبالطبع كل هذا رهان على ظهر أمريكا العظمى ليس فقط أمريكا الاقتصاد والعسكرة ولكن أيضا أمريكا الكره واللعنات، فهي بمقدورها أن تجير كل غضب الشعوب عليها لصالح حلفائها الصغار منهم والكبار دون أن يؤثر ذلك فيها. ولكن ما لا تفهمه الإدارة الأميركية أن الاستغباء الماضي قد ولى زمنه وأن الظرف الحالي لا يخدمها على الإطلاق، نتنياهو الضعيف سياسيا لن يمكنه مواجهة 64 بالمائة من الإسرائيليين الذين يؤيدون مشروع الدولتين، وعباس المهترئ سياسيا ومن كله لن يمكنه أن يغدو وطنيا بين ليلة وضحاها وقد عفنت حاشيته وبنيته السياسية التي هي في أساسها بنية أوسلو وتشريع الاحتلال لن يصلح أبدا أمرها.
كيسنجر في أيامه كان يتبع الطريقة ذاتها مع السادات مدعيا أن القادة الإسرائيليين هم من قوة الشكيمة والبأس بحيث يجب القبول بما يقترحون في الوقت الذي كانت فيه غولدا مائير وموشيه دايان وأبا ايبان يرتعدون فرقا من رفض السادات لمقترحاتهم، ونجح كيسنجر بما لن تنجح به كلينتون.
على أميركا أن تفهم أن الفروسية على طريقة الكاوبوي في السياسة المشرقية قد انتهى عهدها وأن الطريق إلى طاولة المفاوضات أسهل ما يكون إذا ما أخذت بعين الاعتبار حقوق كافة الأطراف دون تحايل ولا تلاعب أو تكتيك اعتمادا منها على خطة مشرفة للجميع ورزنامة للتوصل إلى حل عندئذ سيكون وقف الاستيطان أو عدمه واحدا طالما أن حل هذه المسألة سيتم في كل الأحوال وفي مدى زمني لن يطول إلى الأبد.
www.parisjerusalem.net
ردود فعل الكتاب العرب على كافة أهوائهم ومشاربهم غالبا ما تكون سطحية وانفعالية تأخذ ما تريد الماكينة الإعلامية المهيمنة إعطاءه دون أن تتساءل عما ترمي إليه وتبحث عما تخفيه فتخدم دون أن تشاء أهدافها وتوجهاتها، وهذا هو حال ما جرى غداة تصريحات كلينتون الأخيرة بخصوص المستعمرات الإسرائيلية. لقد أريد من هذه التصريحات أن تبدو وكأنها تؤذن لتبدل في السياسة الأميركية إسرائيليا، أمس ضد المستعمرات واليوم مع المستعمرات، بينما السياسة الأميركية إسرائيليا بخصوص المستعمرات أو غيرها لم تتبدل، إنها بالأحرى تتقلب من تصريح مع وقف الاستيطان إلى تصريح مع عدم وقف الاستيطان، وهي وإن اختلفت مراميها في عمقها بقيت واحدة، وفي فشلها بقيت سادرة، لأنها لا في الحالة الأولى ولا في الحالة الثانية نجحت في دعم زلميها نتنياهو وعباس شعبيا، فمن قوة الأول والثاني يمكنها أن تفرض حلا تصفويا. والتصريحات الأخيرة هدفها هو التالي أن تقوي من شعبية نتنياهو "المتعنت" "المتزمت" "المتمترس" إلى آخره حين يشترط عدم ربط التفاوض بوقف الإستيطان، وأن تعيد لعباس شعبيته عباس "المتمترس" "المتزمت" "المتعنت" إلى آخره هو أيضا حين يشترط ربط التفاوض بوقف الاستيطان، وبالطبع كل هذا رهان على ظهر أمريكا العظمى ليس فقط أمريكا الاقتصاد والعسكرة ولكن أيضا أمريكا الكره واللعنات، فهي بمقدورها أن تجير كل غضب الشعوب عليها لصالح حلفائها الصغار منهم والكبار دون أن يؤثر ذلك فيها. ولكن ما لا تفهمه الإدارة الأميركية أن الاستغباء الماضي قد ولى زمنه وأن الظرف الحالي لا يخدمها على الإطلاق، نتنياهو الضعيف سياسيا لن يمكنه مواجهة 64 بالمائة من الإسرائيليين الذين يؤيدون مشروع الدولتين، وعباس المهترئ سياسيا ومن كله لن يمكنه أن يغدو وطنيا بين ليلة وضحاها وقد عفنت حاشيته وبنيته السياسية التي هي في أساسها بنية أوسلو وتشريع الاحتلال لن يصلح أبدا أمرها.
كيسنجر في أيامه كان يتبع الطريقة ذاتها مع السادات مدعيا أن القادة الإسرائيليين هم من قوة الشكيمة والبأس بحيث يجب القبول بما يقترحون في الوقت الذي كانت فيه غولدا مائير وموشيه دايان وأبا ايبان يرتعدون فرقا من رفض السادات لمقترحاتهم، ونجح كيسنجر بما لن تنجح به كلينتون.
على أميركا أن تفهم أن الفروسية على طريقة الكاوبوي في السياسة المشرقية قد انتهى عهدها وأن الطريق إلى طاولة المفاوضات أسهل ما يكون إذا ما أخذت بعين الاعتبار حقوق كافة الأطراف دون تحايل ولا تلاعب أو تكتيك اعتمادا منها على خطة مشرفة للجميع ورزنامة للتوصل إلى حل عندئذ سيكون وقف الاستيطان أو عدمه واحدا طالما أن حل هذه المسألة سيتم في كل الأحوال وفي مدى زمني لن يطول إلى الأبد.
www.parisjerusalem.net
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق