يوسف فضل
مقدمة
في الصغر وكل واحد منا لم يولد كبيرا كنا نلعب إحدى لعب الطفولة الشعبية واسمها " أيش لون عروستك ؟" ولا اعرف لماذا سميت هكذا أو تاريخ اللعبة ! إذ يضمر احدنا لغزا في نفسه فيقوم الطفل المتحدي الذي يريد حل اللغز بطرح سؤال :" أيش لون عروستك ؟" فيقوم الضامر للغز بوصفها ومقربا الصورة الذهنية والمعنى للغز في محاولة لمساعدة المتحدي . وغالبا ما لا يصل الطرفان إلى حل اللغز لان الضامر غير قادر على التوضيح والمتلقي غير ماهر في فهم ما بين الكلمات . وهذا حال المواطن العربي فهو الدائم البحث عن حلول الغاز معيشته فلا الحكومة قادرة على طرح الحلول ولا هو قادر على فهم الوضع الذي يعيشه ولا هناك جهات غير حكومية تريد له ا لفهم .
لذاااااااااا (طويلة مثل عالم الطفولة ) ، أسهل شيء في حرفة الكتابة هي كتابة المقال السياسي عن الوضع العربي العام لأنه مثل لغز لعبة الأطفال . وبما أن المقالات السياسية لا تكتب عن الحقائق فيبدو المشهد العام ملبد بالشكوك مع انه يعكس حالة وخارطة سياسية تحتاج لقاريء يتمتع بالمرونة الفكرية والصبر لحل لغز بل الألغاز والنظريات الجيوسياسية.
فماكينة الإعلام العربي تفور بالمحللين السياسيين النابهين والاستراتيجيين المتفيهقين . وفي كل مناسبة (وما أكثر مناسباتنا السياسية العربية السارة ) يعيدوا ويكرروا (كأنهم يقلدوا أم كلثوم في إعادة مقطع الأغنية ليفهم المستمع ) ويقدموا تحليلاتهم كأنهم على قلب رجل واحد على أنهم يقفون في جبهة واحدة ضد إسرائيل وكل النتائج على الأرض هي ما تريده إسرائيل . لان كل وسيلة إعلام عربية تعكس رأي الجهة التي تمولها كما هو واقع الحال مع كل إعلامي عربي يعبر عن ضمير (الذي يدفع ) المؤسسة التي ينتمي إليها .
حتى أن النقابات المحلية تتدخل في السياسة وتنسى المهام الاجتماعية التي أنشئت من أجلها وبهذا تصدر فشلها في عدم المساهمة في النهضة الداخلية للبلد التي توجد فيه . وكل النقابات تعمل في غير اختصاصها لأنها تصدر بيانات ضد إسرائيل ولا للتطبيع مع إسرائيل والمطالبة بانسحاب أمريكيا من العراق وأفغانستان . فنقابة المحامين لم تطلق سراح أي مظلوم أو سجين سياسي بل تمالي السلطة الحاكمة ونقابة المهندسين لم تتبن مشروع بناء قرية للمشردين ونقابة الصيادلة لم تنشيء مختبر لتطوير أو تصنيع الدواء . ونقابة المعلمين لم تعدل منهاج الدراسة للطالب . ونقابة الأطباء لم تخفض رسوم العلاج على المواطن . ونقابة الكتاب يضيع برنامجها السنوي بالإصلاح بين الكتاب ولا تتبنى أو تشجع كتاب جدد . والنقابات المهنية الأخرى التي لم اذكرها ليست بأحسن حالا مما ذكرت فهي تبحث عن تحقيق النجومية والبطولة على حساب مصلحة الوطن . فهي تطلق البيانات ضد الاستعمار وهذا لا يكلفهم شيء ولا يترتب عليه أي مضاعفات . وكل هذا الاختلال والاشتغال بالسياسة لان تعاطي السياسة أسهل من العمل في التخصص . بينما النقابات الألمانية وبعد الحرب العالمية الثانية طلبت من كل منتسب لها أن يعمل فترة ساعة إلى ساعتين يوميا تطوعا لتسريع عملية إعادة بناء ألمانيا . حاليا فان ألمانيا التي حاربت العالم مرتين لا تعاني من عجز مالي أو تضخم اقتصادي بسبب حب مواطنيها لها .
والقاسم المشترك للحوانيت (الدول ) السياسية العربية التي ترفع أعلامها المختلفة قطعة قماش مهترئة وبالية ومستطيلة الشكل وغير مصنعة محليا مثل عملتها الوطنية أنها كلها تنادي وتهتف بالتضامن العربي ووحدة الهدف والمصير مع أننا لا نزال نعيش أحداث فيلم " المصير " للمخرج يوسف شاهين . وقد ذهب أو تبدل الاستعمار وحكوماته الأجنبية ولم تتغير خلافاتنا العربية العربية ولم نجد لها الحل إلا ما ندر والندرة تصل إلى دائرة المستحيل لأن كل حانوت سياسي عربي يورث خلافاته السياسية للأجيال القادمة ويغذيهم بتبريرات المحافظة على المصلحة الوطنية فيموت المواطن العربي شهيدا لمصالح لا تبني مستقبلا ، ويرفض كل حانوت عربي التفاوض مع الحانوت العربي الجار له المشترك معه زورا وبهتانا باللغة والدين والقومية والتاريخ لكن أن يكون الحل مفروض من قوى خارج القوة العربية فأهلا وسهلا ولا سهلا إلا ما سهله الغير لنا . ومع أنني أعاني من قصر نظر في عينيي ، إلا أنني تمكنت من رؤية ورصد الخلافات العربية الداخلية والخلافات الحكومية العربية : فالعراقيين بحاجة لمعرفة حدود وطنهم ومعرفة بعضهم البعض ويحتاجون إلى مليون مؤتمر ليوفق فيما بينها بعد ان يتجاوزا معاني كلمات المذهب والعرق .والفلسطينيين بحاجة للتفاهم فيما بينهم وأخشى أن يشكل كل فصيل فلسطيني دولة خاصة به لتحرير فلسطين وهم لم يحرروا أنفسهم من أنفسهم ولكنهم يحبوا فلسطين وما هم فيه نتيجة حبهم لفلسطين . والقوى السياسية اللبنانية مختلفة ، ليتها مختلفة على قدر حجم لبنان الصغير بل تحتاج إلى ستة عشر عاقلا (عدد الطوائف اللبنانية ) فمن أين يأتي هذا العدد البسيط ليكونوا عقلا واحدا . والسودانيين اكتشفوا أن وطنهم الكبير لا يسعهم للعيش فيه وليس لديهم ارض خصبة لرعي مواشيهم . أما اليمنيين فلا زالت تبعات حرب الوحدة بين مد وجزر القوى السياسية وأتمنى أن تخف حوادث السير ( من المراهقين ) ضد المعارضين وان لا تعود أيام الشنطة الملغومة . والصوماليين قصة مبكية نسيهم العالم وليس لديهم دولة لكنهم أغنياء في امتلاك الأسلحة لإطالة جلسات الحوار بينهم .
أما على صعيد الخلافات الحكومية العربية حتى تاريخه فهذا موجز بسلة المفاجآت :
الجزائر مع المغرب بسبب مشكلة البوليساريو
سوريا مع السعودية خلاف سياسي
سوريا مع لبنان خلاف (وحدوي ) استعماري
سوريا مع العراق أو العراق مع سوريا والسبب حول حزب البعث والقومية العربية .
ارتيريا (عضو مراقب في جامعة الدول العربية ) والسودان خلاف سياسي
قطر مع السعودية خلاف حدودي وسياسي
ليبيا والسعودية خلاف سياسي
ليبيا ولبنان خلاف حول مقتل الإمام موسى الصدر
السعودية مع اليمن خلاف حدودي
مصر مع السودان خلاف حدودي
العراق والكويت خلاف حدودي
السعودية والعراق خلاف حدودي
المغرب مع موريتانيا مشكلة البوليساريو
ال .......... سيأتي الخلاف لاحقا فالعرب عالم مبدع بإثارة الخلافات
ومشكلتي(كأني حانوت سياسي عربي ) مع القاريء ، سأجد سببا لخلافي معه .وهل كل الخلافات لها أسباب . فقط عنز ولو طارت .
المؤتمرات العربية على مستوى القمة ومستوى الحضيض لن تضع الحلول لنا لان إرادة الفعل غير متوفرة . المطلوب من كل دولة أن تعتني بمواطنها هذا المواطن الذي يريد سكن له وفرصة عمل ويفضل أن تكون بالقرب من بيته ومركز صحي ومدرسة لأبنائه في حيه وان يزود بيته بالماء والكهرباء دون انقطاع . يريد هذا المواطن أن يسمح له بقول الرأي الذي يعتقده وليس أن يسمح له فقط بتقديم الشكر لفلان وعلان . لا يهمم المواطن ماذا يفعل المسئول ( لان هذا بينه وبين ربه ) طالما يشعر أن هذا المسئول يعمل جاهدا لتوفير التموينات بأسعار رخيصة . هل هذه الأمور تحتاج إلى فهم سياسي أم هي أراء الناس العاديين المرسلة على البديهة .
editor@grenc.com
nfys001@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق