أحمد الصراف
لا يجوز، لا ذوقا ولا منطقا، اللجوء لجهة استشارية أو فقهية دينية بالذات، ومن ثم اختيار ما يناسب السائل من أجوبتها ورفض أخرى لعدم اتفاقها مع المصلحة الشخصية.
عندما فتح "البنك البريطاني في إيران والشرق الأوسط"، هكذا كان اسمه قبل أن يتغير إلى البنك البريطاني للشرق الأوسط، أبوابة في الكويت قبل أكثر من 75 عاما، كان الكثيرون، وبموجب فتاوى دينية رصينة، يحبذون إيداع الفائض من أموالهم لديه في حسابات توفير. وكانت الفائدة على هذه الحسابات معروفة ومتفق عليها منذ اليوم الأول، ولم يقف أحد ويفتي بحرمتها، بل العكس كان هو السائد، فآراء رجال الدين كانت تحث المواطنين، أو فئة كبيرة منهم على الأقل، على إيداع أموالهم في ذلك البنك وأخذ فوائد عليها، لأن في ذلك "استنزاف" لقدرات البنك المالية، والمملوك لجهات غير مسلمة!!
لم يتغير الأمر كثيرا بعد فتح أول مصرف كويتي أبوابه في العام 1952، حيث فضل عدد من المواطنين حفظ الفائض من أموالهم في حسابات ادخار لدى البريطاني، والتعامل، تجاريا بالذات، وبقروض وتسهيلات مع الوطني.
استمر الحال لبضع سنوات قبل أن يستقر الأمر على صحة وسلامة التعامل بطريقة "طبيعية" مع المصرفين، ومع ما تم تأسيسه منها بعد ذلك. ثم مرت سنوات قبل أن تأتي جهات كان من صالحها الترويج لقاعدة حرمة التعامل مع البنوك التجارية العادية وحرمه الاتفاق على أخذ فوائد على الودائع وحرمة دفع فوائد على القروض والحسابات الجارية المدينة، وأن من الأفضل أن تكون معاملات الناس مع البنك مبنية على نظام المرابحة، بيعا وشراء!!
فإن أراد تاجر تمويلا لشراء بضاعة من الخارج مثلا، أو امتلاك سيارة بنظام الأقساط، فإن البنك، الذي سمي، تجاوزا بالإسلامي، يرفض تحديد نسبة فائدة على هذه العمليات، ويفضل بدلا من ذلك فكرة قيامه بشراء البضاعة من المصنع أو البائع، نيابة عن التاجر العميل، ومن ثم بيعها لهم، بعد إضافة نسبة من الربح على العملية، وسمي ذلك ب"المرابحة"!! مع العلم أن الربح الذي يضيفه المصرف "الإسلامي" لا يختلف في نسبته عن نسبة الفائدة التي يستوفيها البنك العادي (!!!).
بعد فترة أخذ عملاء المصرف المسمى بالإسلامي بالتذمر من صعوبة حصولهم على تعويضات مناسبة في حال قيامهم بسداد ما بذمتهم من ديون قبل تاريخ استحقاقها بفترة، وذلك لأن المصرف الإسلامي مول العميل بموجب عقد شراء وبيع، ولم يقم بإقراضه مبلغا محددا، وبالتالي ليس في هذا النوع من التعامل رد لجزء من الربح!! ولكن، وخوفا من مغبة فقد عملائهم، قامت هذه المصارف أو الجهات التي تتمسح بالإسلام وتتغطي به، وبمكيافيلية واضحة، بإدخال نظام "التوريق"!! وهو نظام يسمح لها بإعادة جزء من الأرباح، أو الفائدة، للمدين أو المشتري إن قام هو بسداد ما عليه قبل الاستحقاق!!
من الواضح أن الفتاوى المعلبة جاهزة عند الطلب، وعند وجود فرصة للاستفادة منها ماديا. فأين كان نظام المرابحة في الفترة من ثلاثينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته؟ وأين كان نظام التوريق من سبعينيات القرن الماضي وحتى بداية القرن الحالي؟
نعود لما ورد في المقدمة ونتساءل عن سبب إصرار البعض على الاستشهاد بفتاوى الأزهر ومفتي مصر عندما تتناسب وتتطابق هذه الفتاوى ومصالحهم، وفي جانب آخر يرفضوا قبول فتاوى أخرى من نفس المصادر متى ما تعارضت مع مصالحهم المالية، أو الشخصية؟ فشيخ الأزهر أعلن أكثر من مرة، كما أعلن من بعده مفتي مصر، بأن التعامل مع البنوك التقليدية بمعدل فائدة محدد مسبقا حلال وغير محرم، بل وهو الأساس!! فهل سيفيق البعض من هذا الوهم الذي يصر على العيش فيه؟ لا طبعا!! فشعب يؤمن في غالبيته بأن بإمكانه التخلص من الحسد وشر العين عن طريق الاتصال بمدع من خلال "موبايل فنلندي" لا يمكن أن يفيق من سباته، أو يعرف مصلحته!!.
لا يجوز، لا ذوقا ولا منطقا، اللجوء لجهة استشارية أو فقهية دينية بالذات، ومن ثم اختيار ما يناسب السائل من أجوبتها ورفض أخرى لعدم اتفاقها مع المصلحة الشخصية.
عندما فتح "البنك البريطاني في إيران والشرق الأوسط"، هكذا كان اسمه قبل أن يتغير إلى البنك البريطاني للشرق الأوسط، أبوابة في الكويت قبل أكثر من 75 عاما، كان الكثيرون، وبموجب فتاوى دينية رصينة، يحبذون إيداع الفائض من أموالهم لديه في حسابات توفير. وكانت الفائدة على هذه الحسابات معروفة ومتفق عليها منذ اليوم الأول، ولم يقف أحد ويفتي بحرمتها، بل العكس كان هو السائد، فآراء رجال الدين كانت تحث المواطنين، أو فئة كبيرة منهم على الأقل، على إيداع أموالهم في ذلك البنك وأخذ فوائد عليها، لأن في ذلك "استنزاف" لقدرات البنك المالية، والمملوك لجهات غير مسلمة!!
لم يتغير الأمر كثيرا بعد فتح أول مصرف كويتي أبوابه في العام 1952، حيث فضل عدد من المواطنين حفظ الفائض من أموالهم في حسابات ادخار لدى البريطاني، والتعامل، تجاريا بالذات، وبقروض وتسهيلات مع الوطني.
استمر الحال لبضع سنوات قبل أن يستقر الأمر على صحة وسلامة التعامل بطريقة "طبيعية" مع المصرفين، ومع ما تم تأسيسه منها بعد ذلك. ثم مرت سنوات قبل أن تأتي جهات كان من صالحها الترويج لقاعدة حرمة التعامل مع البنوك التجارية العادية وحرمه الاتفاق على أخذ فوائد على الودائع وحرمة دفع فوائد على القروض والحسابات الجارية المدينة، وأن من الأفضل أن تكون معاملات الناس مع البنك مبنية على نظام المرابحة، بيعا وشراء!!
فإن أراد تاجر تمويلا لشراء بضاعة من الخارج مثلا، أو امتلاك سيارة بنظام الأقساط، فإن البنك، الذي سمي، تجاوزا بالإسلامي، يرفض تحديد نسبة فائدة على هذه العمليات، ويفضل بدلا من ذلك فكرة قيامه بشراء البضاعة من المصنع أو البائع، نيابة عن التاجر العميل، ومن ثم بيعها لهم، بعد إضافة نسبة من الربح على العملية، وسمي ذلك ب"المرابحة"!! مع العلم أن الربح الذي يضيفه المصرف "الإسلامي" لا يختلف في نسبته عن نسبة الفائدة التي يستوفيها البنك العادي (!!!).
بعد فترة أخذ عملاء المصرف المسمى بالإسلامي بالتذمر من صعوبة حصولهم على تعويضات مناسبة في حال قيامهم بسداد ما بذمتهم من ديون قبل تاريخ استحقاقها بفترة، وذلك لأن المصرف الإسلامي مول العميل بموجب عقد شراء وبيع، ولم يقم بإقراضه مبلغا محددا، وبالتالي ليس في هذا النوع من التعامل رد لجزء من الربح!! ولكن، وخوفا من مغبة فقد عملائهم، قامت هذه المصارف أو الجهات التي تتمسح بالإسلام وتتغطي به، وبمكيافيلية واضحة، بإدخال نظام "التوريق"!! وهو نظام يسمح لها بإعادة جزء من الأرباح، أو الفائدة، للمدين أو المشتري إن قام هو بسداد ما عليه قبل الاستحقاق!!
من الواضح أن الفتاوى المعلبة جاهزة عند الطلب، وعند وجود فرصة للاستفادة منها ماديا. فأين كان نظام المرابحة في الفترة من ثلاثينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته؟ وأين كان نظام التوريق من سبعينيات القرن الماضي وحتى بداية القرن الحالي؟
نعود لما ورد في المقدمة ونتساءل عن سبب إصرار البعض على الاستشهاد بفتاوى الأزهر ومفتي مصر عندما تتناسب وتتطابق هذه الفتاوى ومصالحهم، وفي جانب آخر يرفضوا قبول فتاوى أخرى من نفس المصادر متى ما تعارضت مع مصالحهم المالية، أو الشخصية؟ فشيخ الأزهر أعلن أكثر من مرة، كما أعلن من بعده مفتي مصر، بأن التعامل مع البنوك التقليدية بمعدل فائدة محدد مسبقا حلال وغير محرم، بل وهو الأساس!! فهل سيفيق البعض من هذا الوهم الذي يصر على العيش فيه؟ لا طبعا!! فشعب يؤمن في غالبيته بأن بإمكانه التخلص من الحسد وشر العين عن طريق الاتصال بمدع من خلال "موبايل فنلندي" لا يمكن أن يفيق من سباته، أو يعرف مصلحته!!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق