عطا مناع
لفت نظري خبر نشرة احد المواقع الالكترونية يفيد أن الشبيبة الفتحاوية في قطاع غزة قاطعت مأدبة إفطار للصحافيين نظمه المكتب الحكومي في غزة بحضور السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال، وجاءت المقاطعة احتجاجا على العنف التي استخدمته غزة ضد الصحافيين الفلسطينيين بهدف(تأديبهم) ليعرفوا أن هناك(حدود) لا يمكن تجاوزها، على اعتبار أن نشر الغسيل الوسخ أو بشكل أدق الممارسات الوسخة(حرام) ويعاقب عليها(القانون) بالضرب بالعصا لان العصا وحسب القول المأثور لمن عصا، والصحفيون أو بعضهم عصاه (يستحقون) الضرب والرجم والجلد وإذا( لم يستقيموا) فهناك القنينة)، اوليس القنينة مصدر رئيس لثقافة القمع السائدة لدى أولي الأمر الذين اقلقوا راحتنا في الحديث عن الديمقراطية والحريات التي هي الطريق الوحيد للوطن المنشود.
كان للعصا مفعول سحري، وخاصة أن عمليات الضرب والشتم قد(توقفت)، ليخضع الصحفي نفسه لرقابة ذاتية تضاف للرقابة الأمنية وموضة التهديدات عبر الهاتف النقال ومنع الصحف من التوزيع وملاحقة كل من تسول نفسه أن ينطق بحقيقة ما يجري في الشارع( ألغزي والضفاوي) لان هذا السلوك يعقب علية القانون ميدانيا، وإذا لم تصدقوا اسألوا المصور الصحفي يسري الجمل وعماد برناط اللذان تعرضا للضرب الشديد في غزة والخليل، وإطلاق الرصاص على الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور ومنع برنامج خطا احمر ألذي يقدمه المفكر الفلسطيني حسن الكاشف عبر تلفزيون فلسطين، ناهيك عن اعتبار بعض الصحف محظور مثل صحيفة فلسطين ومنع البعض الآخر من التوزيع ، والسطو على مكاتب صحيفة دنيا الوطن وصحيفة الاستقلال(وسرقة) أجهزة الحاسوب، مما يوكد أن الجهات المناهضة لحرية الإعلام تستخدم طرق ملتوية في ملاحقة المنابر الحرة التي تفضح ممارسات المليشيات وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني الذي يهيش أسوء ايامة.
وفي ظل هذا القمع الغير مسبوق للصحافيين الفلسطينيين، يعيش الجسم الصحفي الذي يتضامن معه العالم في يومه انقساما حادا في المواقف وترجمتها على الأرض، والانخراط في الظواهر الانقسامية لندخل دوامة التفريق بين الصحافي الحمساوي والفتحاوي ، لتصبح هذه المهنة أسيرة للتوجهات السياسية والمصالح الفئوية المقيدة بالشعارات الانقسامية التي طالت المؤسسات والأجسام النقابية بدون استثناء،مما يتطلب ممارسة ديمقراطية تحمي نقابة الصحافيين من الانقسام التي بدأت تظهر معالمه على شكل المطالبة بالانتخابات والتخلص من احتكار مجموعة للقرارات والمواقف والبيانات الانتقائية التي لا تعبر عن المجموع الصحفي.
إن حالة الترهل والانقسام في الجسم الصحفي الفلسطيني الذي يسير على طريق الخصخصة والتبعية ستقود لمزيد من الانفلات في أوساط المليشيات والأجهزة الامنينة على اختلافها ، بسبب إدراكها للتناقضات التي يعيشها البيت الداخلي للصحفيين الذي يتعاملون بانتقائية في فعالياتهم الاحتجاجية التي تفتقر إلى التنظيم والجماعية والتواصل والحسابات المهنية والسياسية، التي تحول دون الدفاع عن حقوق الصحفيين ومواجهة الأطراف التي تكمم حرية الصحافة والإعلام في فلسطين، ليصار إلى تعرض الصحفيين الفلسطينيين إلى القمع المركب وليطحنوا بين مطرقة الاحتلال وسنديان عصا المليشيات والأجهزة التي اتضح أن لديها أرضية ناضجة لممارسة أبشع أنواع العنف.
وفي اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، وفي ظل عمليات الملاحقة والضرب والاهانة للصحافيين في شطري الوطن، ليصار إلى الاكتفاء بإصدار البيانات الاستنكارية من رام اللة وغزة والمنظمات الحقوقية العالمية التي طالبت باحترام حرية العمل الصحفي في أكثر من مناسبة، إلا إن الأوضاع بقيت كما هي رغم حالة الهدوء الخطير الذي تشهده فلسطين المحتلة تجاه حريةالتعبير عن الرأي، مما يفرض على القوى التي تتشدق بالحرية والديمقراطية اعادة حساباتها ورص صفوفها في مواجهة النهج الدكتاتوري الذي لا يهدد الصحفيين فقط، بل كافة شرائح المجتمع الفلسطيني .
وقد يكون يوم التضامن مع الصحفي الفلسطيني مناسبة للتفكير مليا بالوضع الذي آلت إلية الصحافة الفلسطينية بشكل خاص وحقوق الإنسان بشكل عام، لنعترف أن الممارسة الديمقراطية تحتاج إلى تضحيات ومواجهة للقوى المتنفذة التي تمتلك وسائل وأدوات القمع، وبدون المواجهة وفضح الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفي والمواطن على حد سواء سننحدر إلى القاع، لان كل المقدمات تشير إلى تردي الحريات في فلسطين التي تحولت إلى مجرد حزمة من العصي في أيدي المقنعين الذين يجوبون الشوارع تحت شعار الحفاظ على امن البلد المنتهك ممن يعتقدون أنهم أسيادة
عطا مناع- صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق