راسم عبيدات
...... بعد ايام قلائل يهل علينا الشهر الفضيل شهر رمضان ، شهر الخير والبركة والمحبة والصلح والتسامح، شهر التوبات والغفران والعبادات، الشهر الذي يفترض أن يشعر فيه غنينا مع فقيرنا، الشهر الذي نعزز فية علاقاتنا الإجتماعية ووحدتنا الداخلية والوطنية، الشهر الذي نتقرب فيه إلى الله عز وجل، بعمل الخير والدعاء بتغير الحال وطلب الغفران عما إقترفناه من ذنوب ومعاصي، ولكن هذا الشهر يأتي وأوضاع شعبنا لا تسر عدو ولا صديق، حيث حالة الإنقسام والتفكك تتعزز وتتعمق بين أبناء شعبنا ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل وعلى الصعيد المجتمعي، حيث العشائرية والقبلية والجهوية والطائفية تتنامى،كما تتنامى الطحالب على العملة التالفة، حتى أن الأمور وصلت حد الإقتتال والإحتراب الداخلي، والفصل الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة، وحقوق شعبنا ومنجزاته ومكتسباتة، بفعل ذلك في مهب الريح ، والكل يدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة والدفاع عن مصالح الوطن والمواطن، وفي الواقع نقتتل على وهم سلطة ليس لها أي شكل من أشكال السيادة، ومع مجيء الشهر الفضيل، حيث يشكو كثير من الناس سوء الوضع وقلة الحال وخصوصا، ان شهر رمضان تزامن مجيئة مع إفتتاح المدارس ، مما يلقي بأعباء إضافية من النواحي الإقتصادية على الناس، وستجد في هذا الشهر الفضيل الكثير من المفارقات والممارسات والطقوس والأعمال، والتي لاتمت بصلة إلى الشهر الفضيل، فعلى سبيل المثال لا الحصر ستجد العديد من رجال الأعمال وممن يحبون الشهرة والجاه " والفشخرة " ، يجدون في هذا الشهر فرصة للجاه الإجتماعي والإستثمار الإقتصادي، حيث توجه الدعوة لآقامة إفطارات جماعية، ليس للناس من ذوي الحاجة او العائلات المستورة ، بل إلى شخصيات ورموز إجتماعية وإقتصادية وسياسية ودينية، وقد يكون جزء منهم لا يصوم رمضان، أللهم أن الدعوة تأتي في إطار " الفشخرة وتسليك المصالح " وحب الذات والظهور والنفاق والدجل الإجتماعي والتملق وغيرها من أمراض مجتمعات العالم الثالث، والبعض يا إخوان أصبح لا يكتفي بالدعوة لهذه الإفطارات المسماة ، زوراً وبهتاناً إفطارات الخير والمحبة من خلال بطاقات تطبع لهذه الغاية، بل من خلال إعلانات في الصحف ووسائل الإعلام ، وفي جانب آخر ترى التجار والذين، أصاب فيهم القرآن الكريم حين قال " التاجر الأمين يحشر مع الصديقيين والأنبياء " دلالة على قلة عددهم ، فما أن يأتي الشهر الفضيل حتى يقوم بإستغلال حاجة الناس ويقوم برفع الأسعار، وعرض كل ما عنده وما في مخازنه من بضائع قديمة وفاسدة ومنتهية الصلاحيات، وفي المقابل تراه يقوم الليل ويصوم رمضان، والمسؤولية هنا ليست مسؤولية التاجر وحده ، بل المواطن العادي، حيث وأنت تشاهد الناس تزحف على الأسواق، وتأكل الأخضر واليابس، وتشتري كل ما يقع تحت أيديها من سلع وبضائع، تقول لربما نحن في أيام المجاعة الكبرى" سفربلك" أو ربما أن هناك حرب عالمية ستندلع ، أو أن الناس ستبعث من القبور ، وفي مجال آخر، حيث الشهر الفضيل ، يحث ويدعوإلى التزاور والتراحم، فأنت ترى في هذه العزائم والولائم المقامة لهذه الغايات ، عشرات الأصناف من الطعام وأنواع من الفواكه والمشروبات والحلويات قسم منها معروف لك وآخر غير معروف، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان عدد المدعوين عشرة أفراد، فإن الأكل المعمول والمطبوخ، يكفي لإطعالم مائة في حده الأدنى، وبالتالي قسم كبير من الأكل لا يستفاد منه، ويذهب إلى حاويات القمامة، تحت يافطة وشعار " أن لا يقول الناس فلان أو علان بخيل، أو عزيمة ووليمة أبو فلان أحسن وأفضل من عزيمته ووليمته، وصدقونا الطعام الذي يذهب لحاويات القمامة في شهر رمضان، يكفي لإنقاذ شعب الصومال من المجاعة، ولكن لا مصلحة لأحد في إنقاذ شعب الصومال وغيره من المجاعة، حيث لا جاه إجتماعي ولا إستثمار إقتصادي " ولا برستيج " ولا غيره، والأمور أصبحت تقام على نحو آخر، حيث أصبحت العديد بما يسمى بالمجالس العائلية والعشائرية ، توجه الدعوة لأبنائها لحضور إفطار جماعي في إحدى القاعات أو المطاعم، وكذلك تمارس هذا الدور العديد من مؤسسات " الأنجزة " في إطار إظهار دورها وخدماتها وحضورها في المجتمع، وطبعاً تقيم إفطاراتها في فنادق خمسة نجوم ومطاعم راقية، لما يسمى بصفوة المجتمع " المتخمين أكلاً وشرباً " والذين على رأي المظفر النواب " تكرشوا حتى عادوا بلا رقاب" ، وربما تدعوهم بعد الإفطار إلى ورشة عمل ، والتي أصبح الوطن متخماً بها ، وطبعاً هذه الورش والمؤتمرات لا تقوم لسواد عيوننا وخدمة لأبناء شعبنا، بل وفق رغبة الممول وأولوياته، وبما يرفع رصيد القائمين عليها مالاً وجاهاً.
وبالعودة إلى ما يحدث من ممارسات وتقليعات في الشهر الفضيل ، فأنت تتسائل لماذا تسكت المرجعيات الدينية والوطنية والإجتماعية على مثل هذه الممارسات والأعمال، والتي لا تمت للشهر الفضيل بصلة، ولماذا لا تصدر فتاوي وتوجيهات تحرم مثل هذه المظاهر والممارسات، وتستعيض عن ذلك بالدعوة إلى إقامة صناديق للتكافل الإجتماعي، أم هذه المراجع منشغلة بالفتاوي حول المرأة والجنس وإصدار فتاوي التخوين والتكفير والردة وغيرها، والمطلوب هنا أن تأخذ جهة ما على عاتقها تعليق الجرس، وليس أن تتقدم الشخوص التي تدعي لنفسها الصفوة وعلية القوم صفوف الإفطارات، وتمتدح إقامتها وما بها من إسراف وتبذير، وبما يؤشر إلى عمق الأزمة التي نعيشها،وهي فقدان المباديء والفكر والمعايروالمقاييس، والتملق والخوف من المبادرة وتحمل المسؤولية وغيرها .
ومن هنا مع قدوم الشهر الفضيل ، فإنني أرى أنه على شعبنا وقياداتنا، أن يجلسوا مع انفسهم في خلوة خاصة، خلوة محاسبة للذات والنفس، وأن يضعوا المصالح العليا للوطن فوق أية مصالح وإعتبارات فئوية، وأن يعوا ويدركوا أنه لا بديل عن العودة لطاولة المفاوضات والحوار، وأن أية حلول أو ركون لوعود خارجية، لن تساعد في رأب الصدع ولملمة الصفوف، بل أنها ستعمق من حالة الشرخ والإنقسام في الساحة الفلسطينية، وستذهب كل التضحيات التي قدمها شعبنا الفلسطيني على مذبح الحرية هباءاً منثورا، فهل يكون شهر التوبة والغفران، شهراً للمراجعة والتقييم والمحاسبة والعودة إلى منطق العقل والحوار، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة، أم نستمر في حالة التوهان والضياع، وبما يبدد الحقوق والمشروع الوطني وينهي قضيتنا الوطنية ويحولها إلى قضية إنسانية.
...... بعد ايام قلائل يهل علينا الشهر الفضيل شهر رمضان ، شهر الخير والبركة والمحبة والصلح والتسامح، شهر التوبات والغفران والعبادات، الشهر الذي يفترض أن يشعر فيه غنينا مع فقيرنا، الشهر الذي نعزز فية علاقاتنا الإجتماعية ووحدتنا الداخلية والوطنية، الشهر الذي نتقرب فيه إلى الله عز وجل، بعمل الخير والدعاء بتغير الحال وطلب الغفران عما إقترفناه من ذنوب ومعاصي، ولكن هذا الشهر يأتي وأوضاع شعبنا لا تسر عدو ولا صديق، حيث حالة الإنقسام والتفكك تتعزز وتتعمق بين أبناء شعبنا ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل وعلى الصعيد المجتمعي، حيث العشائرية والقبلية والجهوية والطائفية تتنامى،كما تتنامى الطحالب على العملة التالفة، حتى أن الأمور وصلت حد الإقتتال والإحتراب الداخلي، والفصل الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة، وحقوق شعبنا ومنجزاته ومكتسباتة، بفعل ذلك في مهب الريح ، والكل يدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة والدفاع عن مصالح الوطن والمواطن، وفي الواقع نقتتل على وهم سلطة ليس لها أي شكل من أشكال السيادة، ومع مجيء الشهر الفضيل، حيث يشكو كثير من الناس سوء الوضع وقلة الحال وخصوصا، ان شهر رمضان تزامن مجيئة مع إفتتاح المدارس ، مما يلقي بأعباء إضافية من النواحي الإقتصادية على الناس، وستجد في هذا الشهر الفضيل الكثير من المفارقات والممارسات والطقوس والأعمال، والتي لاتمت بصلة إلى الشهر الفضيل، فعلى سبيل المثال لا الحصر ستجد العديد من رجال الأعمال وممن يحبون الشهرة والجاه " والفشخرة " ، يجدون في هذا الشهر فرصة للجاه الإجتماعي والإستثمار الإقتصادي، حيث توجه الدعوة لآقامة إفطارات جماعية، ليس للناس من ذوي الحاجة او العائلات المستورة ، بل إلى شخصيات ورموز إجتماعية وإقتصادية وسياسية ودينية، وقد يكون جزء منهم لا يصوم رمضان، أللهم أن الدعوة تأتي في إطار " الفشخرة وتسليك المصالح " وحب الذات والظهور والنفاق والدجل الإجتماعي والتملق وغيرها من أمراض مجتمعات العالم الثالث، والبعض يا إخوان أصبح لا يكتفي بالدعوة لهذه الإفطارات المسماة ، زوراً وبهتاناً إفطارات الخير والمحبة من خلال بطاقات تطبع لهذه الغاية، بل من خلال إعلانات في الصحف ووسائل الإعلام ، وفي جانب آخر ترى التجار والذين، أصاب فيهم القرآن الكريم حين قال " التاجر الأمين يحشر مع الصديقيين والأنبياء " دلالة على قلة عددهم ، فما أن يأتي الشهر الفضيل حتى يقوم بإستغلال حاجة الناس ويقوم برفع الأسعار، وعرض كل ما عنده وما في مخازنه من بضائع قديمة وفاسدة ومنتهية الصلاحيات، وفي المقابل تراه يقوم الليل ويصوم رمضان، والمسؤولية هنا ليست مسؤولية التاجر وحده ، بل المواطن العادي، حيث وأنت تشاهد الناس تزحف على الأسواق، وتأكل الأخضر واليابس، وتشتري كل ما يقع تحت أيديها من سلع وبضائع، تقول لربما نحن في أيام المجاعة الكبرى" سفربلك" أو ربما أن هناك حرب عالمية ستندلع ، أو أن الناس ستبعث من القبور ، وفي مجال آخر، حيث الشهر الفضيل ، يحث ويدعوإلى التزاور والتراحم، فأنت ترى في هذه العزائم والولائم المقامة لهذه الغايات ، عشرات الأصناف من الطعام وأنواع من الفواكه والمشروبات والحلويات قسم منها معروف لك وآخر غير معروف، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان عدد المدعوين عشرة أفراد، فإن الأكل المعمول والمطبوخ، يكفي لإطعالم مائة في حده الأدنى، وبالتالي قسم كبير من الأكل لا يستفاد منه، ويذهب إلى حاويات القمامة، تحت يافطة وشعار " أن لا يقول الناس فلان أو علان بخيل، أو عزيمة ووليمة أبو فلان أحسن وأفضل من عزيمته ووليمته، وصدقونا الطعام الذي يذهب لحاويات القمامة في شهر رمضان، يكفي لإنقاذ شعب الصومال من المجاعة، ولكن لا مصلحة لأحد في إنقاذ شعب الصومال وغيره من المجاعة، حيث لا جاه إجتماعي ولا إستثمار إقتصادي " ولا برستيج " ولا غيره، والأمور أصبحت تقام على نحو آخر، حيث أصبحت العديد بما يسمى بالمجالس العائلية والعشائرية ، توجه الدعوة لأبنائها لحضور إفطار جماعي في إحدى القاعات أو المطاعم، وكذلك تمارس هذا الدور العديد من مؤسسات " الأنجزة " في إطار إظهار دورها وخدماتها وحضورها في المجتمع، وطبعاً تقيم إفطاراتها في فنادق خمسة نجوم ومطاعم راقية، لما يسمى بصفوة المجتمع " المتخمين أكلاً وشرباً " والذين على رأي المظفر النواب " تكرشوا حتى عادوا بلا رقاب" ، وربما تدعوهم بعد الإفطار إلى ورشة عمل ، والتي أصبح الوطن متخماً بها ، وطبعاً هذه الورش والمؤتمرات لا تقوم لسواد عيوننا وخدمة لأبناء شعبنا، بل وفق رغبة الممول وأولوياته، وبما يرفع رصيد القائمين عليها مالاً وجاهاً.
وبالعودة إلى ما يحدث من ممارسات وتقليعات في الشهر الفضيل ، فأنت تتسائل لماذا تسكت المرجعيات الدينية والوطنية والإجتماعية على مثل هذه الممارسات والأعمال، والتي لا تمت للشهر الفضيل بصلة، ولماذا لا تصدر فتاوي وتوجيهات تحرم مثل هذه المظاهر والممارسات، وتستعيض عن ذلك بالدعوة إلى إقامة صناديق للتكافل الإجتماعي، أم هذه المراجع منشغلة بالفتاوي حول المرأة والجنس وإصدار فتاوي التخوين والتكفير والردة وغيرها، والمطلوب هنا أن تأخذ جهة ما على عاتقها تعليق الجرس، وليس أن تتقدم الشخوص التي تدعي لنفسها الصفوة وعلية القوم صفوف الإفطارات، وتمتدح إقامتها وما بها من إسراف وتبذير، وبما يؤشر إلى عمق الأزمة التي نعيشها،وهي فقدان المباديء والفكر والمعايروالمقاييس، والتملق والخوف من المبادرة وتحمل المسؤولية وغيرها .
ومن هنا مع قدوم الشهر الفضيل ، فإنني أرى أنه على شعبنا وقياداتنا، أن يجلسوا مع انفسهم في خلوة خاصة، خلوة محاسبة للذات والنفس، وأن يضعوا المصالح العليا للوطن فوق أية مصالح وإعتبارات فئوية، وأن يعوا ويدركوا أنه لا بديل عن العودة لطاولة المفاوضات والحوار، وأن أية حلول أو ركون لوعود خارجية، لن تساعد في رأب الصدع ولملمة الصفوف، بل أنها ستعمق من حالة الشرخ والإنقسام في الساحة الفلسطينية، وستذهب كل التضحيات التي قدمها شعبنا الفلسطيني على مذبح الحرية هباءاً منثورا، فهل يكون شهر التوبة والغفران، شهراً للمراجعة والتقييم والمحاسبة والعودة إلى منطق العقل والحوار، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة، أم نستمر في حالة التوهان والضياع، وبما يبدد الحقوق والمشروع الوطني وينهي قضيتنا الوطنية ويحولها إلى قضية إنسانية.
القدس – فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق