الياس بجاني
الأمين العام للمؤسسات اللبنانية الكندية
إن اللقاء الذي عُقِدَ بعد طول انقطاع بين العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل هو بالتأكيد خطوة حوارية ايجابية وانفتاحية مرحب بها من كل الموارنة واللبنانيين الأحرار مقيمين ومغتربين، ووسيلة تواصل ناجعة مطلوبة دائماً من الرعاة والقيادات والمسؤولين كافة لبحث مجمل قضايا الوطن واحتياجات إنسانه بالطرق الحضارية والسلمية بعيداً عن لغة الشارع الهمجية وخطاب الوعيد والتهديد العنتري وسلاح المفردات العكاظية المقززة للمشاعر والمثيرة للغرائز.
إلا أنها خطوة حتماً لن تكون عصا سحرية ولا يمكن في أي حال أن تؤدي بين ليلة وضحاها إلى اتفاق وتفاهم في مساحات معينة وتسوية خلافات كثيرة أساسية وعميقة جدا تتعلق بأطر النظام اللبناني والثوابت الوطنية والقرارات الدولية ودور لبنان في محيطه والأحلاف والأهم الثقافة المارونية-المسيحية المتجذرة في التاريخ. إلا أنه وفي أسوأ الظروف ومهما بدت سوداوية يمكن لهكذا لقاءات إن اتسمت بالشفافية والصراحة وحرية التحرك ونبذ "الأنا" أن تُنظم سقوف وأطر الخلافات وتحصر التعاطي معها بالوسائل الحضارية والديموقراطية الحرة وتحت سقف القوانين واعتماداً على مبدأ احترام الآخر.
من هنا وحتى لا "نكبّر حجر" التوقعات ونمنّي النفس بنتائج سحرية هي بالتأكيد بعيدة المنال أقله في الوقت الراهن، وحتى لا يصاب المواطن السيادي بالإحباط، لا بد من لفت رعاتنا ومواطنينا وقياداتنا المارونية وعلى كافة المستويات إلى الأمور والحقائق التالية:
للقيادات والسياسيين نقول:
*إياكم "والأنا" القاتلة "فلو دامت لغيركم لما وصلت إليكم".
*أن ثقة الناس أمانة ومسؤولية وكل من يخونها ويتاجر بها خدمة لأهوائه والغرائز يرتكب معصية الكفر.
*تذكروا باستمرار ما جاء في (أرميا 23-1) "ويل للرعاة الذين يبددون ويشتتون غنم رعيتي".
*أعملوا بجهد وتجرد وإيمان حتى لا ينطبق عليكم ما جاء في سفر حزقيال: "إنكم تأكلون اللبن وتلبسون الصوف وتذبحون السمين. والغنم لا ترعونها، والمكسورة لم تجبروها، والشاردة لم تردوها، والمفقودة لم تطلبوها. وإنما تسلطتم عليها بقسوة وقهر، فأصبحت مشتتةً من غير راعٍ وصارت مأكلاً لكل وحوش البرية".
*من حقكم الاختلاف على الوسائل التي ترون، طبقاً لمعطياتكم والقدرات، أنها تحقق السلم والطمأنينة لوطن الأرز، وتؤمن الحريات والديموقراطية في ربوعه، وتصون كرامة اللبناني، وتحافظ على الوجود المسيحي الفاعل والحضاري فيه. إلا أنه مُحرَّم عليكم الخروج عن الثوابت الوطنية والأخلاقية والتعدي على مرجعية بكركي والشرود عن مبادئ ثقافة الموارنة التاريخية من صمود وتفاني وتجرد وعطاء.
*لا يغيب عن بالكم ولو للحظة أن ذاكرة أبناء ملتكم ومواطنيكم هي فاعلة وثاقبة وأنكم ستحاسبون على ممارساتكم وأقوالكم وتحالفاتكم والانحرافات.
إلى المواطن نقول:
* إن عبادة الأشخاص، أكانوا قادة أو رعاة أو سياسيين، والسير وراءهم دون اعتراض، هو عمل انتحاري يلغي ذاتك ويدوس على كرامتك ويجردك من نعمتي البصر والبصيرة التي وهبهما الله لك. وليكن صوتك صارخاً ومدوياً في الشهادة للحق وفي مواجهة كل ما تراه مؤذياً ومدمراً لأسس وثوابت وقيم وتاريخ وحضارة وطن الأرز. تذكر في هذا الصدد ما جاء في انجيل لوقا 19-39: "فقال له الفريسيين مِن الجمع، يا معلم انتهر تلاميذك. فأجاب أقول لكم: لو سكَت هؤلاء لهتفت الحجارة".
*حاسبوا بعدل وشجاعة وصوت عالٍ القيادات والأحزاب التي منحتموها ثقتكم وأصواتكم ولا تتركوا لها حرية التصرف بغير ما هو لمصلحة الوطن السيد الحر والمستقل.
*لا تقفوا وراء أو مع قادة وسياسيين ضلوا طريق مرجعية بكركي التي أعطيت مجد لبنان وسلكوا مسالك الشر وانغمسوا موهومين وحتى الثمالة في أحلاف وتحالفات وارتباطات شاذة مع أصوليين وميليشياويين يقتطعون من أرض وطن الأرز المقدس مربعات أمنية ويقيمون عليها دويلات على حساب دولتكم الشرعية خدمة لمخططات أسيادهم من طغاة وحكام دول محور الشر.
* في اختياركم للقيادات التي تمنحوها ثقتكم تذكروا ما جاء في إنجيل القديس يوحنا 10-11: " أنا الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه في سبيل الخراف. وأما الأجير، وهو ليس براعٍ وليست الخراف له فإذا رأى الذئب مقبلاً، ترك الخراف وهرب فيخطف الذئب الخراف ويبددها وذلك لأنه أجير لا يبالي بالخراف".
إن أيُّ تلاقي في هذا الوقت العصيب بين القيادات اللبنانية عموماً، والمسيحية تحديداً وعلى أيّ مستوى كان، برعاية بكركي وببركة الفاتيكان من شأنه إشاعة جو من التفاؤل والارتياح، وربما إحداث ثغرة في جدار النفق المظلم والأفق الذي يبدو لقليلي الإيمان وفاقدي الرجاء مسدوداً.
نحن كلبنانيين سياديين ناشطين في بلاد الاغتراب لا يمكننا إلا أن نشجعه ونرحب به ونؤيده، ولكن على أن يكون في أطار خدمة سيادة وحرية واستقلال وطن الـ 7000 آلاف سنة حضارة وعطاء، ومدماكاً قوياً في حصن حماية آمن وسلامة وحرية وكرامة الإنسان اللبناني وأن يبقى ضمن الثوابت الوطنية وفي أطر الثقافة والمفاهيم والقيم المارونية التاريخية التي كان لها الفضل الأكبر في خلق الوطن اللبناني المميز والمحافظة عليه.
تورنتو – كندا في 24 تشرين الأول
عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com
الأمين العام للمؤسسات اللبنانية الكندية
إن اللقاء الذي عُقِدَ بعد طول انقطاع بين العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل هو بالتأكيد خطوة حوارية ايجابية وانفتاحية مرحب بها من كل الموارنة واللبنانيين الأحرار مقيمين ومغتربين، ووسيلة تواصل ناجعة مطلوبة دائماً من الرعاة والقيادات والمسؤولين كافة لبحث مجمل قضايا الوطن واحتياجات إنسانه بالطرق الحضارية والسلمية بعيداً عن لغة الشارع الهمجية وخطاب الوعيد والتهديد العنتري وسلاح المفردات العكاظية المقززة للمشاعر والمثيرة للغرائز.
إلا أنها خطوة حتماً لن تكون عصا سحرية ولا يمكن في أي حال أن تؤدي بين ليلة وضحاها إلى اتفاق وتفاهم في مساحات معينة وتسوية خلافات كثيرة أساسية وعميقة جدا تتعلق بأطر النظام اللبناني والثوابت الوطنية والقرارات الدولية ودور لبنان في محيطه والأحلاف والأهم الثقافة المارونية-المسيحية المتجذرة في التاريخ. إلا أنه وفي أسوأ الظروف ومهما بدت سوداوية يمكن لهكذا لقاءات إن اتسمت بالشفافية والصراحة وحرية التحرك ونبذ "الأنا" أن تُنظم سقوف وأطر الخلافات وتحصر التعاطي معها بالوسائل الحضارية والديموقراطية الحرة وتحت سقف القوانين واعتماداً على مبدأ احترام الآخر.
من هنا وحتى لا "نكبّر حجر" التوقعات ونمنّي النفس بنتائج سحرية هي بالتأكيد بعيدة المنال أقله في الوقت الراهن، وحتى لا يصاب المواطن السيادي بالإحباط، لا بد من لفت رعاتنا ومواطنينا وقياداتنا المارونية وعلى كافة المستويات إلى الأمور والحقائق التالية:
للقيادات والسياسيين نقول:
*إياكم "والأنا" القاتلة "فلو دامت لغيركم لما وصلت إليكم".
*أن ثقة الناس أمانة ومسؤولية وكل من يخونها ويتاجر بها خدمة لأهوائه والغرائز يرتكب معصية الكفر.
*تذكروا باستمرار ما جاء في (أرميا 23-1) "ويل للرعاة الذين يبددون ويشتتون غنم رعيتي".
*أعملوا بجهد وتجرد وإيمان حتى لا ينطبق عليكم ما جاء في سفر حزقيال: "إنكم تأكلون اللبن وتلبسون الصوف وتذبحون السمين. والغنم لا ترعونها، والمكسورة لم تجبروها، والشاردة لم تردوها، والمفقودة لم تطلبوها. وإنما تسلطتم عليها بقسوة وقهر، فأصبحت مشتتةً من غير راعٍ وصارت مأكلاً لكل وحوش البرية".
*من حقكم الاختلاف على الوسائل التي ترون، طبقاً لمعطياتكم والقدرات، أنها تحقق السلم والطمأنينة لوطن الأرز، وتؤمن الحريات والديموقراطية في ربوعه، وتصون كرامة اللبناني، وتحافظ على الوجود المسيحي الفاعل والحضاري فيه. إلا أنه مُحرَّم عليكم الخروج عن الثوابت الوطنية والأخلاقية والتعدي على مرجعية بكركي والشرود عن مبادئ ثقافة الموارنة التاريخية من صمود وتفاني وتجرد وعطاء.
*لا يغيب عن بالكم ولو للحظة أن ذاكرة أبناء ملتكم ومواطنيكم هي فاعلة وثاقبة وأنكم ستحاسبون على ممارساتكم وأقوالكم وتحالفاتكم والانحرافات.
إلى المواطن نقول:
* إن عبادة الأشخاص، أكانوا قادة أو رعاة أو سياسيين، والسير وراءهم دون اعتراض، هو عمل انتحاري يلغي ذاتك ويدوس على كرامتك ويجردك من نعمتي البصر والبصيرة التي وهبهما الله لك. وليكن صوتك صارخاً ومدوياً في الشهادة للحق وفي مواجهة كل ما تراه مؤذياً ومدمراً لأسس وثوابت وقيم وتاريخ وحضارة وطن الأرز. تذكر في هذا الصدد ما جاء في انجيل لوقا 19-39: "فقال له الفريسيين مِن الجمع، يا معلم انتهر تلاميذك. فأجاب أقول لكم: لو سكَت هؤلاء لهتفت الحجارة".
*حاسبوا بعدل وشجاعة وصوت عالٍ القيادات والأحزاب التي منحتموها ثقتكم وأصواتكم ولا تتركوا لها حرية التصرف بغير ما هو لمصلحة الوطن السيد الحر والمستقل.
*لا تقفوا وراء أو مع قادة وسياسيين ضلوا طريق مرجعية بكركي التي أعطيت مجد لبنان وسلكوا مسالك الشر وانغمسوا موهومين وحتى الثمالة في أحلاف وتحالفات وارتباطات شاذة مع أصوليين وميليشياويين يقتطعون من أرض وطن الأرز المقدس مربعات أمنية ويقيمون عليها دويلات على حساب دولتكم الشرعية خدمة لمخططات أسيادهم من طغاة وحكام دول محور الشر.
* في اختياركم للقيادات التي تمنحوها ثقتكم تذكروا ما جاء في إنجيل القديس يوحنا 10-11: " أنا الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه في سبيل الخراف. وأما الأجير، وهو ليس براعٍ وليست الخراف له فإذا رأى الذئب مقبلاً، ترك الخراف وهرب فيخطف الذئب الخراف ويبددها وذلك لأنه أجير لا يبالي بالخراف".
إن أيُّ تلاقي في هذا الوقت العصيب بين القيادات اللبنانية عموماً، والمسيحية تحديداً وعلى أيّ مستوى كان، برعاية بكركي وببركة الفاتيكان من شأنه إشاعة جو من التفاؤل والارتياح، وربما إحداث ثغرة في جدار النفق المظلم والأفق الذي يبدو لقليلي الإيمان وفاقدي الرجاء مسدوداً.
نحن كلبنانيين سياديين ناشطين في بلاد الاغتراب لا يمكننا إلا أن نشجعه ونرحب به ونؤيده، ولكن على أن يكون في أطار خدمة سيادة وحرية واستقلال وطن الـ 7000 آلاف سنة حضارة وعطاء، ومدماكاً قوياً في حصن حماية آمن وسلامة وحرية وكرامة الإنسان اللبناني وأن يبقى ضمن الثوابت الوطنية وفي أطر الثقافة والمفاهيم والقيم المارونية التاريخية التي كان لها الفضل الأكبر في خلق الوطن اللبناني المميز والمحافظة عليه.
تورنتو – كندا في 24 تشرين الأول
عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق