أسعد أبو خليل
الأخبار اللبنانيّة
كنت أرغب في أن يصدر ردّي على طريقة ردّ الوزير فتفت: أي عن مكتبي الإعلامي، لكن لا مكتب إعلامياً لديّ. يعيب عليّ الوزير أنني لم ألتقه يوماً، وهذا صحيح. إن لقاء وزير الرياضة البدنية في لبنان شرف لا أدّعيه. لكنّي لم أفهم ما عناه هنا. هل هي دعوة غير مباشرة منه لي لشرب كوب من... الشاي معه؟ ثم هل يتوجب اللقاء لممارسة حق النقد؟ ومن قال إنه وجب على الناقد التعرف بالمنقود قبل نقده؟ أما قوله إنني لم أطّلع على مواقفه من قبل ولا على آرائه، فهذا غير صحيح. وإطلالات الوزير التلفزيونية أكثر من إطلالات نور الشريف في المسلسلات الرمضانية، فكيف يمكن أن تخفى على المرء إطلالاته. وسأستشهد في هذا الرد ببعض أقواله للتدليل على معرفتي بمواقفه ــــــ السابقة واللاحقة.من أين نبدأ يا أيها الوزير فتفت؟ من موقفك اليوم من المقاومة؟ أوتذكر أنك أنت القائل إن «المقاومة هي الطريق الوحيد لاسترداد الحقوق المسلوبة والمغتصبة»؟ (المستقبل، 27 كانون الثاني، 2004، ص. 4)، فما عدا مما بدا حتى تلهج اليوم بحمد «النضال الحضاري»؟ ألم تكن أنت نفسك تصرّ على معرفة مصير يحيى سكاف (المستقبل، 7 شباط، 2004، ص. 3)؟ أية صدقية هي تلك الصدقية يا حضرة الوزير الموقّر عندما تتغيّر المواقف بتغيّر هوية الراعي الخارجي للبلد. ما استجدّ؟ هل تحرّر يحيى سكاف من الأسر ونحن لم نعلم؟ هل تحررت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر بفضل دبلوماسية السنيورة (ودموعه)؟أوتريدني أن أُنعش ذاكرتك بما كنت تقوله عن الحرب الأميركية في العراق؟ أوتذكر إشادتك بـ«عمليات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأميركية ــــــ البريطانية»؟ (الشرق الأوسط، 7 يونيو/حزيران، 2003). هل قلت هذا الكلام في زيارتك الأخيرة لواشنطن؟ أم تغيرت يا حضرة الوزير بعد مغادرة الجيش السوري لبنان؟ هل قلتَ هذا الكلام خلال لقائك مارتن إنديك في مركز صابان؟ أوتذكر استنكارك للموقف الأميركي من القضاء اللبناني عام 2003 عندما كنت آنذاك «تستهجن» التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية اللبنانية (المستقبل، 4 تشرين الأول، 2003)، أم ستزعم اليوم أن التدخل الأميركي في الشأن اللبناني قد اضمحل، مثلما توقع ماركس «اضمحلال» الدولة في المرحلة الشيوعية؟ أنسيت يا حضرة الوزير أنك أنتَ ـــــ ما غيرك ـــــ القائل إن «بدعة الديموقراطية الأميركية الآتية على متن الدبابات والصواريخ لن تتمكن من كسر إرادة الشعوب التي ستنتصر في نهاية المطاف»؟ (المستقبل، 5 نيسان، 2003، ص. 16)، ألم تعتبر آنذاك الموقف السوري معبّراً «بشكل واضح وصريح عن رأي معظم الشعوب العربية ومشاعرها»؟ وتحدثني عن المبدئية؟أما بالنسبة إلى مواقفك من النظام السوري، أما تماديت في اختلاق البطولات؟ ألا توقّفت عن إهانة ذاكرتنا واحتقار ذكائنا يا حضرة وزير الرياضة البدنية والشباب؟ ألم تقل أنت إن «التعاون مع سوريا خيار استراتيجي»؟ (الشرق الأوسط، 13 مايو/أيار، 2001) ألم تدعُ أنت (أنتَ يا أحمد فتفت لا فايز شكر) الى أن «نكون حلفاء أقوياء للشقيقة سوريا» بوجه «الهجمة الأميركية»؟ (المستقبل، 28 آب، 2004، ص. 4). كان هذا في عام 2004، يا حضرة الوزير. هل ستزعم أنك يومها كنت جاهلاً بطبيعة النظام وبممارسات الاستخبارات السورية في لبنان؟ أم واحد من الذين يزعمون في 14 آذار أن غشاوة ثقيلة منعت عنكم الرؤية لسنوات؟ أتريدني أن أُنعش ذاكرتك أكثر يا حضرة الوزير؟ هل نسيت حضورك عام 2003 احتفال قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في تل عباس لمناسبة «الذكرى الثالثة لغياب الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد»؟ (الشرق الأوسط، 9 يونيو/حزيران، 2003)، أنسيت إشادتك بـ«الاستقرار الذي تتمتع به سوريا» عام 2004؟ (المستقبل، 29 نيسان، 2004، ص 3). ثم ماذا كنت تقول عن النظام السوري آنذاك، وتحدثني عن الصدقية اليوم يا حضرة الوزير؟ وتحدثني اليوم عن تصدّيك للوصاية السورية عام 2000؟ أوتظنني كنتُ طفلاً أحبو؟ عليّ أنا يا وزير فتفت؟ ألم تحضر أنتَ بنفسك مؤتمر «التضامن مع سوريا والتنديد بتصريحات عون في الكونغرس الأميركي»؟ أتذكر اللافتة في صدر القاعة التي طالبت السلطات اللبنانية بمحاكمته بجرم الخيانة العظمى؟ ألم يدعُ بيان المجتمعين، وأنت منهم، الى تجريده من جنسيته اللبنانية لجرأته على مهاجمة النظام في سوريا؟ (الشرق الأوسط، 26 أيلول، 2003)، (وأنا للأمانة كنت معارضاً لحركة ميشال عون لأنها تحالفت آنذاك مع قوى صهيونية في أميركا كما تتحالفون أنتم اليوم في 14 آذار مع القوى نفسها)، ثم ألا توقفتَ عن ادعاء البطولات في عدم التصويت من أجل التمديد؟ ألم تصرّح وتشدد آنذاك على أن معارضتك للتمديد لا تعني القبول «بالضغوط التي تمارسها بعض الدول الأجنبية» على سوريا؟ (المستقبل، 1 أيلول، 2004، ص. 3)، ألم تقل آنذاك إن رؤيتك للسلام هي رؤية حافظ الأسد عينها؟ أنسيتَ أم تناسيتَ يا حضرة الوزير؟ أوتذكر أنك أنتَ القائل إن خلافك وخلاف رفيق الحريري مع لحود لم يكونا يوماً «حول العلاقة مع سوريا أو المقاومة»؟ (المستقبل، 26 حزيران، 2004، ص. 4)، ألم تصدق القول آنذاك عندما قلتَ إن خلافكم مع لحود انحصر بـ«المشاكل الاقتصادية والإدارية»؟ ثم تأتي اليوم لتختلق بطولات وهمية حول السيادة وحول الاستقلال! يتحداني الوزير أن أعطيه مثالاً واحداً عن مواقف طائفية له. سأعطيه أكثر من مثال. سأبدأ من مقابلته الشهيرة مع مراسلة الـ«لوس أنجلوس تايمز» ميغن ستاك (وهي تمت بحضور مراسل جريدة «الغلوب إند مايل» الكندية). وأنا أذكر اسم ستاك لأقول للوزير إنني عالم بما لم تصرح هي به حول موضوع تلك المقابلة. لقد تكلم الوزير بطائفية صارخة في تلك المقابلة (ولست في موقع للتحدث باسم الصحافية ستاك هنا)، ثم نفى كلامه بالعربية في وسائل الإعلام اللبنانية. سأكتفي بالقول هنا بأنني عالم بما قال الوزير عن نفيه العربي للمراسلة المذكورة، ولنذكّر القراء بأن صحيفة الـ«لوس أنجلوس تايمز» لم تتلقَّ حتى الساعة تصحيحاً أو تكذيباً لمقابلته تلك. قد تكمن المشكلة في البريد يا حضرة الوزير. تسألنا عن أمثلة في الطائفية يا حضرة الوزير وأنت عضو في تيار المستقبل الذي نافس أبا مصعب الزرقاوي في تحريضه الطائفي المذهبي البغيض! ألم تكن أنت جزءاً من لائحة تيار المستقبل في انتخابات الشمال ـــــ تلك الانتخابات التي قبّحت مسار الانتخابات اللبنانية في التاريخ اللبناني المعاصر بحدّتها الطائفية والمذهبية ـــــ وتطالبني بأمثلة؟تبدو مندهشاً، أو تتصنّع الاندهاش لتقول إنني لا أعرف معنى «التطاول على الشهادة والشهداء»؟ عمن تتحدث هنا يا حضرة الوزير؟ ماذا تعني بالتطاول، ومن هم الشهداء الذين تتّهمني بالتطاول عليهم؟ إلا إذا كنت تعني رفيق الحريري؟ ألم تكتفِ بدورك البكّائي هنا؟ ألم تتوقف عن هطل الدموع؟ ألم تنته فترة الحداد؟ وإلامَ تدوم فترة الارتزاق من الاغتيال يا حضرة الوزير؟ ألم تكتفِ بسنتين أو أكثر من التملّق لعائلة الحريري؟ أما اكتفيت يا سيد فتفت؟ وهل ذرفت دمعة واحدة على من قُتل على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يدافع عن أرض وطنه؟ هل نسيت هؤلاء؟ هل ذرفت دمعاً على الأبرياء من المدنيين الذين قتلوا بنار جيش الاحتلال؟ أجل، أنا لست ممن يخشون انتقاد رفيق الحريري ولست ممن يتصنّع دموعاً في المآقي؟ وأنا لن أتوقف عن انتقاد رفيق الحريري لتركه لنا إرثا سياسياً واقتصادياً مدمراً.أما عن ثكنة مرجعيون فأنا أتعجب من أنك لا تجد حرجاً في الحديث ـــــ مجرد الحديث ـــــ عن الموضوع. ثم ألا تستهين بعقولنا عندما تستعين في الدفاع عن نفسك بتقرير (أو «تحقيق») صادر عن وزارتك أنتَ؟ أوتمزح يا حضرة الوزير؟ أتريدنا أن نثق بتحقيق في مسلك وزارة الداخلية صادر عن وزارة الداخلية؟ حقاً، ان لكل مرحلة في لبنان عضّومها ومسالكها العضّومية. وما هو مآل الفساد أو الشفافية في لبنان إذا كانت الوزارة تحاسب نفسها بنفسها؟ أهذه هي الدولة المدنية التي تتحدثون عنها صباح مساء؟ وهل ستعدلون القانون بحيث نعيش في مرحلة في المستقبل نجد فيها أن المتهم يحاسب نفسه بنفسه، ثم يحاكم نفسه بنفسه؟ أوتمزح يا حضرة وزير الرياضة البدنية؟الصدقية، دعني أزيدك علماً يا سيد فتفت، لا تُشترى. «هي أشياءُ لا تُشترى» كما قال أمل دنقل في قصيدة «لا تصالح». ولو تسدي لي خدمة يا سيد فتفت، لذكّرت رفاقك في تيار الحريري بأن هناك أشياء وبشراً لا يُشترون. ذكّرهم بذلك وهم يتسوقون البشر في المواسم الانتخابية.* أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا
كنت أرغب في أن يصدر ردّي على طريقة ردّ الوزير فتفت: أي عن مكتبي الإعلامي، لكن لا مكتب إعلامياً لديّ. يعيب عليّ الوزير أنني لم ألتقه يوماً، وهذا صحيح. إن لقاء وزير الرياضة البدنية في لبنان شرف لا أدّعيه. لكنّي لم أفهم ما عناه هنا. هل هي دعوة غير مباشرة منه لي لشرب كوب من... الشاي معه؟ ثم هل يتوجب اللقاء لممارسة حق النقد؟ ومن قال إنه وجب على الناقد التعرف بالمنقود قبل نقده؟ أما قوله إنني لم أطّلع على مواقفه من قبل ولا على آرائه، فهذا غير صحيح. وإطلالات الوزير التلفزيونية أكثر من إطلالات نور الشريف في المسلسلات الرمضانية، فكيف يمكن أن تخفى على المرء إطلالاته. وسأستشهد في هذا الرد ببعض أقواله للتدليل على معرفتي بمواقفه ــــــ السابقة واللاحقة.من أين نبدأ يا أيها الوزير فتفت؟ من موقفك اليوم من المقاومة؟ أوتذكر أنك أنت القائل إن «المقاومة هي الطريق الوحيد لاسترداد الحقوق المسلوبة والمغتصبة»؟ (المستقبل، 27 كانون الثاني، 2004، ص. 4)، فما عدا مما بدا حتى تلهج اليوم بحمد «النضال الحضاري»؟ ألم تكن أنت نفسك تصرّ على معرفة مصير يحيى سكاف (المستقبل، 7 شباط، 2004، ص. 3)؟ أية صدقية هي تلك الصدقية يا حضرة الوزير الموقّر عندما تتغيّر المواقف بتغيّر هوية الراعي الخارجي للبلد. ما استجدّ؟ هل تحرّر يحيى سكاف من الأسر ونحن لم نعلم؟ هل تحررت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر بفضل دبلوماسية السنيورة (ودموعه)؟أوتريدني أن أُنعش ذاكرتك بما كنت تقوله عن الحرب الأميركية في العراق؟ أوتذكر إشادتك بـ«عمليات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأميركية ــــــ البريطانية»؟ (الشرق الأوسط، 7 يونيو/حزيران، 2003). هل قلت هذا الكلام في زيارتك الأخيرة لواشنطن؟ أم تغيرت يا حضرة الوزير بعد مغادرة الجيش السوري لبنان؟ هل قلتَ هذا الكلام خلال لقائك مارتن إنديك في مركز صابان؟ أوتذكر استنكارك للموقف الأميركي من القضاء اللبناني عام 2003 عندما كنت آنذاك «تستهجن» التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية اللبنانية (المستقبل، 4 تشرين الأول، 2003)، أم ستزعم اليوم أن التدخل الأميركي في الشأن اللبناني قد اضمحل، مثلما توقع ماركس «اضمحلال» الدولة في المرحلة الشيوعية؟ أنسيت يا حضرة الوزير أنك أنتَ ـــــ ما غيرك ـــــ القائل إن «بدعة الديموقراطية الأميركية الآتية على متن الدبابات والصواريخ لن تتمكن من كسر إرادة الشعوب التي ستنتصر في نهاية المطاف»؟ (المستقبل، 5 نيسان، 2003، ص. 16)، ألم تعتبر آنذاك الموقف السوري معبّراً «بشكل واضح وصريح عن رأي معظم الشعوب العربية ومشاعرها»؟ وتحدثني عن المبدئية؟أما بالنسبة إلى مواقفك من النظام السوري، أما تماديت في اختلاق البطولات؟ ألا توقّفت عن إهانة ذاكرتنا واحتقار ذكائنا يا حضرة وزير الرياضة البدنية والشباب؟ ألم تقل أنت إن «التعاون مع سوريا خيار استراتيجي»؟ (الشرق الأوسط، 13 مايو/أيار، 2001) ألم تدعُ أنت (أنتَ يا أحمد فتفت لا فايز شكر) الى أن «نكون حلفاء أقوياء للشقيقة سوريا» بوجه «الهجمة الأميركية»؟ (المستقبل، 28 آب، 2004، ص. 4). كان هذا في عام 2004، يا حضرة الوزير. هل ستزعم أنك يومها كنت جاهلاً بطبيعة النظام وبممارسات الاستخبارات السورية في لبنان؟ أم واحد من الذين يزعمون في 14 آذار أن غشاوة ثقيلة منعت عنكم الرؤية لسنوات؟ أتريدني أن أُنعش ذاكرتك أكثر يا حضرة الوزير؟ هل نسيت حضورك عام 2003 احتفال قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في تل عباس لمناسبة «الذكرى الثالثة لغياب الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد»؟ (الشرق الأوسط، 9 يونيو/حزيران، 2003)، أنسيت إشادتك بـ«الاستقرار الذي تتمتع به سوريا» عام 2004؟ (المستقبل، 29 نيسان، 2004، ص 3). ثم ماذا كنت تقول عن النظام السوري آنذاك، وتحدثني عن الصدقية اليوم يا حضرة الوزير؟ وتحدثني اليوم عن تصدّيك للوصاية السورية عام 2000؟ أوتظنني كنتُ طفلاً أحبو؟ عليّ أنا يا وزير فتفت؟ ألم تحضر أنتَ بنفسك مؤتمر «التضامن مع سوريا والتنديد بتصريحات عون في الكونغرس الأميركي»؟ أتذكر اللافتة في صدر القاعة التي طالبت السلطات اللبنانية بمحاكمته بجرم الخيانة العظمى؟ ألم يدعُ بيان المجتمعين، وأنت منهم، الى تجريده من جنسيته اللبنانية لجرأته على مهاجمة النظام في سوريا؟ (الشرق الأوسط، 26 أيلول، 2003)، (وأنا للأمانة كنت معارضاً لحركة ميشال عون لأنها تحالفت آنذاك مع قوى صهيونية في أميركا كما تتحالفون أنتم اليوم في 14 آذار مع القوى نفسها)، ثم ألا توقفتَ عن ادعاء البطولات في عدم التصويت من أجل التمديد؟ ألم تصرّح وتشدد آنذاك على أن معارضتك للتمديد لا تعني القبول «بالضغوط التي تمارسها بعض الدول الأجنبية» على سوريا؟ (المستقبل، 1 أيلول، 2004، ص. 3)، ألم تقل آنذاك إن رؤيتك للسلام هي رؤية حافظ الأسد عينها؟ أنسيتَ أم تناسيتَ يا حضرة الوزير؟ أوتذكر أنك أنتَ القائل إن خلافك وخلاف رفيق الحريري مع لحود لم يكونا يوماً «حول العلاقة مع سوريا أو المقاومة»؟ (المستقبل، 26 حزيران، 2004، ص. 4)، ألم تصدق القول آنذاك عندما قلتَ إن خلافكم مع لحود انحصر بـ«المشاكل الاقتصادية والإدارية»؟ ثم تأتي اليوم لتختلق بطولات وهمية حول السيادة وحول الاستقلال! يتحداني الوزير أن أعطيه مثالاً واحداً عن مواقف طائفية له. سأعطيه أكثر من مثال. سأبدأ من مقابلته الشهيرة مع مراسلة الـ«لوس أنجلوس تايمز» ميغن ستاك (وهي تمت بحضور مراسل جريدة «الغلوب إند مايل» الكندية). وأنا أذكر اسم ستاك لأقول للوزير إنني عالم بما لم تصرح هي به حول موضوع تلك المقابلة. لقد تكلم الوزير بطائفية صارخة في تلك المقابلة (ولست في موقع للتحدث باسم الصحافية ستاك هنا)، ثم نفى كلامه بالعربية في وسائل الإعلام اللبنانية. سأكتفي بالقول هنا بأنني عالم بما قال الوزير عن نفيه العربي للمراسلة المذكورة، ولنذكّر القراء بأن صحيفة الـ«لوس أنجلوس تايمز» لم تتلقَّ حتى الساعة تصحيحاً أو تكذيباً لمقابلته تلك. قد تكمن المشكلة في البريد يا حضرة الوزير. تسألنا عن أمثلة في الطائفية يا حضرة الوزير وأنت عضو في تيار المستقبل الذي نافس أبا مصعب الزرقاوي في تحريضه الطائفي المذهبي البغيض! ألم تكن أنت جزءاً من لائحة تيار المستقبل في انتخابات الشمال ـــــ تلك الانتخابات التي قبّحت مسار الانتخابات اللبنانية في التاريخ اللبناني المعاصر بحدّتها الطائفية والمذهبية ـــــ وتطالبني بأمثلة؟تبدو مندهشاً، أو تتصنّع الاندهاش لتقول إنني لا أعرف معنى «التطاول على الشهادة والشهداء»؟ عمن تتحدث هنا يا حضرة الوزير؟ ماذا تعني بالتطاول، ومن هم الشهداء الذين تتّهمني بالتطاول عليهم؟ إلا إذا كنت تعني رفيق الحريري؟ ألم تكتفِ بدورك البكّائي هنا؟ ألم تتوقف عن هطل الدموع؟ ألم تنته فترة الحداد؟ وإلامَ تدوم فترة الارتزاق من الاغتيال يا حضرة الوزير؟ ألم تكتفِ بسنتين أو أكثر من التملّق لعائلة الحريري؟ أما اكتفيت يا سيد فتفت؟ وهل ذرفت دمعة واحدة على من قُتل على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يدافع عن أرض وطنه؟ هل نسيت هؤلاء؟ هل ذرفت دمعاً على الأبرياء من المدنيين الذين قتلوا بنار جيش الاحتلال؟ أجل، أنا لست ممن يخشون انتقاد رفيق الحريري ولست ممن يتصنّع دموعاً في المآقي؟ وأنا لن أتوقف عن انتقاد رفيق الحريري لتركه لنا إرثا سياسياً واقتصادياً مدمراً.أما عن ثكنة مرجعيون فأنا أتعجب من أنك لا تجد حرجاً في الحديث ـــــ مجرد الحديث ـــــ عن الموضوع. ثم ألا تستهين بعقولنا عندما تستعين في الدفاع عن نفسك بتقرير (أو «تحقيق») صادر عن وزارتك أنتَ؟ أوتمزح يا حضرة الوزير؟ أتريدنا أن نثق بتحقيق في مسلك وزارة الداخلية صادر عن وزارة الداخلية؟ حقاً، ان لكل مرحلة في لبنان عضّومها ومسالكها العضّومية. وما هو مآل الفساد أو الشفافية في لبنان إذا كانت الوزارة تحاسب نفسها بنفسها؟ أهذه هي الدولة المدنية التي تتحدثون عنها صباح مساء؟ وهل ستعدلون القانون بحيث نعيش في مرحلة في المستقبل نجد فيها أن المتهم يحاسب نفسه بنفسه، ثم يحاكم نفسه بنفسه؟ أوتمزح يا حضرة وزير الرياضة البدنية؟الصدقية، دعني أزيدك علماً يا سيد فتفت، لا تُشترى. «هي أشياءُ لا تُشترى» كما قال أمل دنقل في قصيدة «لا تصالح». ولو تسدي لي خدمة يا سيد فتفت، لذكّرت رفاقك في تيار الحريري بأن هناك أشياء وبشراً لا يُشترون. ذكّرهم بذلك وهم يتسوقون البشر في المواسم الانتخابية.* أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق