لاحظ س. حداد
اشتُهر في التاريخ أن مفكري وفلاسفة وسياسي بيزنطية انهمكوا في جدلهم العقيم حول مواضيع لا تمت إلى الواقع بأية صلة، فيما الأعداء يكملون سيرهم الهجومي للإستيلاء على وطنهم.. وهكذا انتهى وطنهم إلى أيدي الأعداء الذين وجدوه لقمةً سائغة لا حول له ولا قوة عنده.
أكثر ما يثير استغراب اللبنانيين في العالم هو هذه العنجهيّة الممجوجة التي يتحلى بها جميع القادة السياسيين في لبنان، وكذلك الجدل البيزنطي الذي يدورون في فلكه. فالعالم كله من حولهم مُهْـتمُّ في إقصاء وطنهم خارج لعبة الأمم وإبعاده عن مخبئات الأيام القادمة، عاصفةً لن تبقي أو تذرّ مما هم يتجادلون حوله.. وهم لا زالوا في غيِّـهم وغوغائيّـتهم سادرون.
إن ما يلفتنا اليوم، أكثر من أي وقتٍ، أن سياسيينا في لبنان لم يعد في مستطالهم الوصول إلى همزة الوصل [-ء-] الضرورية للإتفاق فيما بينهم بعد أن أزاحوا عن كلا طرفيها [-ء-] كل صلات الاتصال.. وكأنما الوطن بات تلك الهمزة التي باتت تستهوي التشرّد والانفصام إبتعاداً عنهم وعن عنجهيتهم الشاذة عن كافة القوانين والقيَم والاخلاق.
فعلى الرغم من استنفاذ جميع وسائل التصعيد المشفوع بالتهديد والوعيد، لا زال زعماء المعارضة يستعملون كافةَ أنواع الديكتاتورية السياسية المحمية والمدعومة بسلاحٍ أصبحَ، بحسب جميع الأعراف الدولية، مسخاً متوحشاً وأداةَ تدميرٍ وتخريب في أيدي أصحاب العقائد المستوردة التي لا يمكن للديمقراطية اللبنانية أن تتحمل أوزارها.
الدستور، رئاسة الجمهورية والفوضى!
الدستور اللبناني،
منذ أن تلاعبت سوريافي نصوصه ورفضت تنفيذ ما نصت عليه اتفاقية الوفاق اللبناني التي أدمجت فيه، أصبح الدستور اللبناني مدعاة لعبٍ في معانيه وتلاعب في تفسير نصوصه ولم يعُد للدستوريين وذوي الرأي مقام، فالكلُ بات في الدستور عليم ومَنْ عداه رأيَه عقيم.. كأنما هذه وذاك وُضِعَ خصّيصاً ملهاةً لهم!
سياسيو المعارضة اللبنانيين وفلاسفتها ومتفذلكوها لم يتركوا سانحة لم يستغلوها في اتهام الحكومة بانتهاك الدستور وفي ذات الوقت ينقضون عليه بمعاول الهدم والخلخلة حتى بات اللبنانيون يشككون في معاني نصوصه ويترحمون على مئات ألاف الشهداء الذين ذهبوا ضحايا تثبيتها.. فأركان المعارضة يبتزون نوّابهم كما نوّاب الأكثرية الناخبة بالتهديد والوعيد والتهويل بالفوضى التامة.. نوابهم بالتسلط على آرائهم ومنعهم من المشاركة بالانتخاب، ونوّاب الأكثرية بتسليط سيف القتل والاغتيال فوق هاماتهم.. ولحريتهم يحتجزون!
المعارضة، وعلى رأسها الجنرال عون، يتعاملون مع موضوع رئاسة الجمهورية وكأنما هي هدف شخصي لتحقيق مآربهم الخاصة دون الالتفات إلى إمكانية تحقيقها بحسب النظام اللبناني القائم والدستور المعمول به حالياً.. فهو ما انفكَّ يرفض حتى مجرّد "التفاهم" حول الثوابت الوطنية التي أطلقتها بكركي كما حول المسلمات الوطنية، التي سُفِكَ من أجل تثبيتها الكثير من الدماء، ويصرُّ بشكلٍ قاطع على ورقة تفاهمه مع حزب الله باعتبارها دستوراً إلهياً لا تراجعَ عنه!
وحزب الله، لا زالَ يتشبث أكثر ويجهد في تأكيد أحقيته في استلام الدولة ككل أو الاستيلاء على وتغيير نظامها لمصلحته العقيدية، معتمداً على موقع جنراله الكبير وحججه وإدعاءاته في تمثيل أكثرية مسيحية توفر له غطاء مطالبه في العددية.. أقلية مسيحية في مقابل أقلية شيعية.. وليذهب الباقون إلى الجحيم!
وهكذا يتـبيّن للقاصي والداني سبب التلاحم القوي بين هذا الحزب والجنرال الكبير.. فهو يريد الاستيلاء على الدولة وكذلك الجنرال وإن اختلفت بينهما، في العمق، الغايات.. فالأول غايته عقيدية والثانية وطنية بامتياز وكلاهما يغشُّ الآخر.. والمصيبة أن كليهما يعلم ما في باطنية الآخر.. المهم أن حزب الله ينفيها ظاهرياً وينفذها باطنياً فيما الجنرال يستنكرها باطنياً وينفذها ظاهرياً..
وهنا، نحن لا نلوم حزب الله على ما هو قائم على تنفيذه، إذا تمكن من ذلك، ويترتب على الجميع محاربته وردعه، وبأية وسيلة ممكنة؛ لكن لومنا والتثريب يقع على جنرالنا الكبير، صاحب النظريات الوطنية التي أجمعنا عليها، كونه يسمح، إلى الآن لشريكه في ورقة التفاهم، وعن طريقه هو بالذات، إلى جـرِّ البلاد إلى الخراب التام تنفيذاً لأحلامه في إقامة دولته فيما جميع اللبنانيون في العالم يناشدونه التخلي عن مواقفه الداعمة لهذا الحزب وأحلامه.. وهو في تصلّبه ماضٍ بل في ينهمك في ضرب كافة مبادرات الوفاق والتوافق التي يقدمها له الجميع.. ليس هذا وحسب ينقض على مبادرةِ كبير مَن هو يدعي تمثيلهم ويسلّط ألسنة غوغائييه عليها ويصرُّ إصراراً غريباً على إعلان ذاته ملكيّاً أكثر من الملك ذاته.
رئاسة الجمهورية،
نرى إلى التهافت الكبير لزيارة لبنان من مسئولي الدول إلى لبنان وإعلان زعماء عديدين في العالم اهتمامهم بانتخاب رئيس للجمهورية يعود في الدرجة الأولى إلى الخشية الدولية مشتركة من تفجير الوضع الأمني فيه وامتداده إلى باقي المنطقة الشرق أوسطية وربما العالم، لذلك نجدهم يتراكضون إليه في سعي محموم لمنع هذا التفجير بالدعوة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية الدستورية.. وفي الدرجة الثانية يخلصوا إلى استقرارٍ محلي يردع أولئك المتنفذين والمستغلين، من دول الجوار الأقرب والأبعد، من تنفيذ مخططات استراتيجيتهم، غير المبالية، والتي قد تضحّي بكامل الشعب اللبناني في سبيل تحقيقه.
أما قادة معارضتنا، فلا رغبة لديهم في رحمة وطنهم وشعبه وإبعاده عن شرب كأس هذا المخاض المنذر بالشر المستطير، ولا زالوا يسترخون على كراسي زعاماتهم الموهومة ومرتاحون إلى تقدم جميع دول الأرض إلى حاضراتهم وتقديم التمنيّات لهم بالنهوض لإنقاذ الوطن قبل فوات الأوان.. لكن يبدو أن بعض أركان معارضتنا يريدون إركاع هذه الدول كلياً قبل الاستجابة إلى تمنياتها.
إن المبادرات التي أطلقتها الجامعة الدول العربية مجتمعة ودول عربية أخرى منفردة، كما عدد من المبادرات المستترة والعلنية لعدد من دول العالم، وكذلك مبادرة الصرح البطريركي لم تفلح إلى الآن في إقناع هذه المعارضة بانتهاج سبيل الخير العام وبخاصة أحد أهم أركانها اللبنانيين، الجنرال الكبير، كي يتخلى عن عنجهيته الجوفاء والتحول إلى إنقاذ الوطن، لا بل نراه يستميت ويستقتل في استعراض قوة حلفائه الظاهرين [ حزب الله ] والمستترين [ سوريا وايران ] من أجل إثبات سطوته وأحقية قيادته للوطن في ادعاء أجوف لم يعد يُجد بعد انكشاف كافة صفحات ورقة تفاهمه مع حزب الله.. ومؤخراً، رأيناه يرفع من سقف تحديه لكل المفاهيم السياسية الوطنية فيزيد انحرافها حدةً بمباشرة إنشاء ميليشيا خاصة به يقوم بتدريبها خبراء حزب الله ..
تجربة الجنرال الكبير ليست عصماء بل هي، إن نجحت، سوف تعيد في نظره سطوةً كانت له له يوم أن تسلط على القرار اللبناني بعد تسلُّمه رئاسة وزارة مؤقتة واستفرد باستغلال جيش الوطن في تحقيق مأربه الشخصي الذي أوحت به مقابلته اللجنة العربية السابقة الذكر في الرباط، فكان أن استعدى جميع نوّاب الأمة ومعهم سوريا.. وها هو اليوم يستعدي جميع نوّاب الأمة مجدداً بمن فيهم النوّاب الذي ارتبطوا وما عاد في إمكانهم الإنفكاك عنه من أجل تحقيق ذات الهدف ولو على حسب مصلحة الوطن وشعبه الذي ما فتئ ينادي، ويا للعجب، بإنقاذه!
الفوضى!
الفوضى التي يبشر بها حزب الله ومن قبله النظام السوري، يجب أن تدفع الجنرال عون إلى التفكير ألف مرة قبل الإستمرار في سبيله الذي بات حلماً إلى سدة الرئاسة.
إن موقع الرئاسة يحتاج إلى تعاون الجميع لإنجاحها، لا سيما القيادات الروحية والسياسية، ولا ينفعها دعم أية دولة أخرى، عربية كانت أم أعجمية أو إسلامية، محلية أو عالمية. وإذا ما تعارض هذا الموقع المميّز مع أيٍّ من القوى السياسية المحلية، لن تنفعه أو تفعّله أية قوى خارجية مما ذكرنا.. من هنا فإن أهم واجبات رئيس الجمهورية اللبنانية تكون في استقطاب جميع القوى المحلية في بوتقة الوطن قبل أن يتمكن من استقطاب جميع دول الأرض. فالوحدة التي يمثل في البلاد دستورياً وحدها التي تجعل موقعه أسمى وأعلى وأرفع.
لذلك فإن أيِّ شخص يُرشِّح نفسه لهذا الموقع المميّز لن يتمكن من تفعيل موقعه إذا ما كان يستعدي أي فريق من افرقاء القوى المحلية فكيف بذاك الذي يوجّه إلآ أكثرية السياسيين المحليين شتى التهم الأمر الذي سيحيل موقعه إلى ساحة فراغ إلاّ من شخصه وخاصته، كما هي الحال اليوم.. من هنا فإن جنرالنا الكبير لن يتمكن من الوصول إلى تبوّء كرسي الرئاسة ما لم يتخلى عن التهويل بالفوضى التي لا تنتج إلاّ عن الثورات الشعبية.. فهل ترانا واجدين الجنرال جاداً في ما يُعلنه من خطوات تصعيدية، مباشرة أو بالواسطة.. هذا ما زلنا نربأ بالجنرال أن ينقاد إليه وهو العليم بالنتائج!
إن دفع الأمور باتجاه العنف الأمني لا تعني أن الشعب اللبناني على استعداد للانجراف إليها.. بل نؤكد أن هذا الشعب الذي عانى ما عانى من الحروب السابقة، ومهما كانت محبته لهذا الجنرال، لن يقبل مثل هذا الانجراف بل والعكس تماماً بات متوقعاً وهو، إن لم يكن التخلي عن الجنرال فقد يكون الانقضاض عليه والانفضاض من حوله نهائياً.
إن الفوضى التي يبشر بها حزب الله وحلفائه الموالين لسوريا وغيرها، لن تجد طريقاً إلى التنفيذ إذ أن من يريد القتال يجب أن يجد من يقاتله والشعب اللبناني، ليس لأية فئة منه أية رغبة في قتاله. والأجدى بهؤلاء المبشرون أن يكفوا عن مهاتراتهم واستفزاز الناس وحشد مناصريهم وتدريبهم استعداداً لن تجد مكاناً لهؤلاء الأنصار سوى السجن في حين قادتهم يتحصنون بحصانةٍ ما سوف تلغى لاحقاً.
إننا، من منطلق خشيتنا على مستقبل الجنرال الكبير، الذي أحببنا يوماً، السياسي، نناشده العودة إلى الصف الوطني الحقيقي والتخلي عن حلم رئاسة الجكهورية الذي يتشبث به قبل أن يقصم هذا الحلم ظهر تحالفه السياسي الذي يناقض كل موقف وطني سابق اتخذه إذ أن جميع حلفائه لا يزيدنه وزناً بل هم باتوا، كما نراهم يومياً، يثقلون عبء تحالفه غير المعلن معهم تنفيراً للناس منهم وتراجعاً عن احترامه ولن تنفع تنظيرات جهابذة الفذلكة التي يتبرع بها من وضع ثقته بهم..
المطلوب من الجنرال الكبير، وهو العسكري المجرّب، وقبل الانهيار الكبير الذي يستعد له بل يقود الوطن إليه، أن يقوم بالانقلاب الحقيقي باتجاه الوطن ورفع نير حزب الله عن منكبيه والانفلات باتجاه استكمال استقلال الوطن بالتعاون والتكامل مع أولئك الاستقلاليين.. ونحن على ثقة تامة أن اللبنانيين، جميع اللبنانيين، سوف يمحضوه شرف ثقفتهم به مجدداً.. فهل يفعل وينقذ لبنان!
أيها الجنال، إن الوطن ينتظر أوبتك إليه فهل تعود قبل أن يتخلى عنك لبـنان؟
صانك الله لبـنان
التيار السيادي اللبناني / نيوزيلندا
اشتُهر في التاريخ أن مفكري وفلاسفة وسياسي بيزنطية انهمكوا في جدلهم العقيم حول مواضيع لا تمت إلى الواقع بأية صلة، فيما الأعداء يكملون سيرهم الهجومي للإستيلاء على وطنهم.. وهكذا انتهى وطنهم إلى أيدي الأعداء الذين وجدوه لقمةً سائغة لا حول له ولا قوة عنده.
أكثر ما يثير استغراب اللبنانيين في العالم هو هذه العنجهيّة الممجوجة التي يتحلى بها جميع القادة السياسيين في لبنان، وكذلك الجدل البيزنطي الذي يدورون في فلكه. فالعالم كله من حولهم مُهْـتمُّ في إقصاء وطنهم خارج لعبة الأمم وإبعاده عن مخبئات الأيام القادمة، عاصفةً لن تبقي أو تذرّ مما هم يتجادلون حوله.. وهم لا زالوا في غيِّـهم وغوغائيّـتهم سادرون.
إن ما يلفتنا اليوم، أكثر من أي وقتٍ، أن سياسيينا في لبنان لم يعد في مستطالهم الوصول إلى همزة الوصل [-ء-] الضرورية للإتفاق فيما بينهم بعد أن أزاحوا عن كلا طرفيها [-ء-] كل صلات الاتصال.. وكأنما الوطن بات تلك الهمزة التي باتت تستهوي التشرّد والانفصام إبتعاداً عنهم وعن عنجهيتهم الشاذة عن كافة القوانين والقيَم والاخلاق.
فعلى الرغم من استنفاذ جميع وسائل التصعيد المشفوع بالتهديد والوعيد، لا زال زعماء المعارضة يستعملون كافةَ أنواع الديكتاتورية السياسية المحمية والمدعومة بسلاحٍ أصبحَ، بحسب جميع الأعراف الدولية، مسخاً متوحشاً وأداةَ تدميرٍ وتخريب في أيدي أصحاب العقائد المستوردة التي لا يمكن للديمقراطية اللبنانية أن تتحمل أوزارها.
الدستور، رئاسة الجمهورية والفوضى!
الدستور اللبناني،
منذ أن تلاعبت سوريافي نصوصه ورفضت تنفيذ ما نصت عليه اتفاقية الوفاق اللبناني التي أدمجت فيه، أصبح الدستور اللبناني مدعاة لعبٍ في معانيه وتلاعب في تفسير نصوصه ولم يعُد للدستوريين وذوي الرأي مقام، فالكلُ بات في الدستور عليم ومَنْ عداه رأيَه عقيم.. كأنما هذه وذاك وُضِعَ خصّيصاً ملهاةً لهم!
سياسيو المعارضة اللبنانيين وفلاسفتها ومتفذلكوها لم يتركوا سانحة لم يستغلوها في اتهام الحكومة بانتهاك الدستور وفي ذات الوقت ينقضون عليه بمعاول الهدم والخلخلة حتى بات اللبنانيون يشككون في معاني نصوصه ويترحمون على مئات ألاف الشهداء الذين ذهبوا ضحايا تثبيتها.. فأركان المعارضة يبتزون نوّابهم كما نوّاب الأكثرية الناخبة بالتهديد والوعيد والتهويل بالفوضى التامة.. نوابهم بالتسلط على آرائهم ومنعهم من المشاركة بالانتخاب، ونوّاب الأكثرية بتسليط سيف القتل والاغتيال فوق هاماتهم.. ولحريتهم يحتجزون!
المعارضة، وعلى رأسها الجنرال عون، يتعاملون مع موضوع رئاسة الجمهورية وكأنما هي هدف شخصي لتحقيق مآربهم الخاصة دون الالتفات إلى إمكانية تحقيقها بحسب النظام اللبناني القائم والدستور المعمول به حالياً.. فهو ما انفكَّ يرفض حتى مجرّد "التفاهم" حول الثوابت الوطنية التي أطلقتها بكركي كما حول المسلمات الوطنية، التي سُفِكَ من أجل تثبيتها الكثير من الدماء، ويصرُّ بشكلٍ قاطع على ورقة تفاهمه مع حزب الله باعتبارها دستوراً إلهياً لا تراجعَ عنه!
وحزب الله، لا زالَ يتشبث أكثر ويجهد في تأكيد أحقيته في استلام الدولة ككل أو الاستيلاء على وتغيير نظامها لمصلحته العقيدية، معتمداً على موقع جنراله الكبير وحججه وإدعاءاته في تمثيل أكثرية مسيحية توفر له غطاء مطالبه في العددية.. أقلية مسيحية في مقابل أقلية شيعية.. وليذهب الباقون إلى الجحيم!
وهكذا يتـبيّن للقاصي والداني سبب التلاحم القوي بين هذا الحزب والجنرال الكبير.. فهو يريد الاستيلاء على الدولة وكذلك الجنرال وإن اختلفت بينهما، في العمق، الغايات.. فالأول غايته عقيدية والثانية وطنية بامتياز وكلاهما يغشُّ الآخر.. والمصيبة أن كليهما يعلم ما في باطنية الآخر.. المهم أن حزب الله ينفيها ظاهرياً وينفذها باطنياً فيما الجنرال يستنكرها باطنياً وينفذها ظاهرياً..
وهنا، نحن لا نلوم حزب الله على ما هو قائم على تنفيذه، إذا تمكن من ذلك، ويترتب على الجميع محاربته وردعه، وبأية وسيلة ممكنة؛ لكن لومنا والتثريب يقع على جنرالنا الكبير، صاحب النظريات الوطنية التي أجمعنا عليها، كونه يسمح، إلى الآن لشريكه في ورقة التفاهم، وعن طريقه هو بالذات، إلى جـرِّ البلاد إلى الخراب التام تنفيذاً لأحلامه في إقامة دولته فيما جميع اللبنانيون في العالم يناشدونه التخلي عن مواقفه الداعمة لهذا الحزب وأحلامه.. وهو في تصلّبه ماضٍ بل في ينهمك في ضرب كافة مبادرات الوفاق والتوافق التي يقدمها له الجميع.. ليس هذا وحسب ينقض على مبادرةِ كبير مَن هو يدعي تمثيلهم ويسلّط ألسنة غوغائييه عليها ويصرُّ إصراراً غريباً على إعلان ذاته ملكيّاً أكثر من الملك ذاته.
رئاسة الجمهورية،
نرى إلى التهافت الكبير لزيارة لبنان من مسئولي الدول إلى لبنان وإعلان زعماء عديدين في العالم اهتمامهم بانتخاب رئيس للجمهورية يعود في الدرجة الأولى إلى الخشية الدولية مشتركة من تفجير الوضع الأمني فيه وامتداده إلى باقي المنطقة الشرق أوسطية وربما العالم، لذلك نجدهم يتراكضون إليه في سعي محموم لمنع هذا التفجير بالدعوة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية الدستورية.. وفي الدرجة الثانية يخلصوا إلى استقرارٍ محلي يردع أولئك المتنفذين والمستغلين، من دول الجوار الأقرب والأبعد، من تنفيذ مخططات استراتيجيتهم، غير المبالية، والتي قد تضحّي بكامل الشعب اللبناني في سبيل تحقيقه.
أما قادة معارضتنا، فلا رغبة لديهم في رحمة وطنهم وشعبه وإبعاده عن شرب كأس هذا المخاض المنذر بالشر المستطير، ولا زالوا يسترخون على كراسي زعاماتهم الموهومة ومرتاحون إلى تقدم جميع دول الأرض إلى حاضراتهم وتقديم التمنيّات لهم بالنهوض لإنقاذ الوطن قبل فوات الأوان.. لكن يبدو أن بعض أركان معارضتنا يريدون إركاع هذه الدول كلياً قبل الاستجابة إلى تمنياتها.
إن المبادرات التي أطلقتها الجامعة الدول العربية مجتمعة ودول عربية أخرى منفردة، كما عدد من المبادرات المستترة والعلنية لعدد من دول العالم، وكذلك مبادرة الصرح البطريركي لم تفلح إلى الآن في إقناع هذه المعارضة بانتهاج سبيل الخير العام وبخاصة أحد أهم أركانها اللبنانيين، الجنرال الكبير، كي يتخلى عن عنجهيته الجوفاء والتحول إلى إنقاذ الوطن، لا بل نراه يستميت ويستقتل في استعراض قوة حلفائه الظاهرين [ حزب الله ] والمستترين [ سوريا وايران ] من أجل إثبات سطوته وأحقية قيادته للوطن في ادعاء أجوف لم يعد يُجد بعد انكشاف كافة صفحات ورقة تفاهمه مع حزب الله.. ومؤخراً، رأيناه يرفع من سقف تحديه لكل المفاهيم السياسية الوطنية فيزيد انحرافها حدةً بمباشرة إنشاء ميليشيا خاصة به يقوم بتدريبها خبراء حزب الله ..
تجربة الجنرال الكبير ليست عصماء بل هي، إن نجحت، سوف تعيد في نظره سطوةً كانت له له يوم أن تسلط على القرار اللبناني بعد تسلُّمه رئاسة وزارة مؤقتة واستفرد باستغلال جيش الوطن في تحقيق مأربه الشخصي الذي أوحت به مقابلته اللجنة العربية السابقة الذكر في الرباط، فكان أن استعدى جميع نوّاب الأمة ومعهم سوريا.. وها هو اليوم يستعدي جميع نوّاب الأمة مجدداً بمن فيهم النوّاب الذي ارتبطوا وما عاد في إمكانهم الإنفكاك عنه من أجل تحقيق ذات الهدف ولو على حسب مصلحة الوطن وشعبه الذي ما فتئ ينادي، ويا للعجب، بإنقاذه!
الفوضى!
الفوضى التي يبشر بها حزب الله ومن قبله النظام السوري، يجب أن تدفع الجنرال عون إلى التفكير ألف مرة قبل الإستمرار في سبيله الذي بات حلماً إلى سدة الرئاسة.
إن موقع الرئاسة يحتاج إلى تعاون الجميع لإنجاحها، لا سيما القيادات الروحية والسياسية، ولا ينفعها دعم أية دولة أخرى، عربية كانت أم أعجمية أو إسلامية، محلية أو عالمية. وإذا ما تعارض هذا الموقع المميّز مع أيٍّ من القوى السياسية المحلية، لن تنفعه أو تفعّله أية قوى خارجية مما ذكرنا.. من هنا فإن أهم واجبات رئيس الجمهورية اللبنانية تكون في استقطاب جميع القوى المحلية في بوتقة الوطن قبل أن يتمكن من استقطاب جميع دول الأرض. فالوحدة التي يمثل في البلاد دستورياً وحدها التي تجعل موقعه أسمى وأعلى وأرفع.
لذلك فإن أيِّ شخص يُرشِّح نفسه لهذا الموقع المميّز لن يتمكن من تفعيل موقعه إذا ما كان يستعدي أي فريق من افرقاء القوى المحلية فكيف بذاك الذي يوجّه إلآ أكثرية السياسيين المحليين شتى التهم الأمر الذي سيحيل موقعه إلى ساحة فراغ إلاّ من شخصه وخاصته، كما هي الحال اليوم.. من هنا فإن جنرالنا الكبير لن يتمكن من الوصول إلى تبوّء كرسي الرئاسة ما لم يتخلى عن التهويل بالفوضى التي لا تنتج إلاّ عن الثورات الشعبية.. فهل ترانا واجدين الجنرال جاداً في ما يُعلنه من خطوات تصعيدية، مباشرة أو بالواسطة.. هذا ما زلنا نربأ بالجنرال أن ينقاد إليه وهو العليم بالنتائج!
إن دفع الأمور باتجاه العنف الأمني لا تعني أن الشعب اللبناني على استعداد للانجراف إليها.. بل نؤكد أن هذا الشعب الذي عانى ما عانى من الحروب السابقة، ومهما كانت محبته لهذا الجنرال، لن يقبل مثل هذا الانجراف بل والعكس تماماً بات متوقعاً وهو، إن لم يكن التخلي عن الجنرال فقد يكون الانقضاض عليه والانفضاض من حوله نهائياً.
إن الفوضى التي يبشر بها حزب الله وحلفائه الموالين لسوريا وغيرها، لن تجد طريقاً إلى التنفيذ إذ أن من يريد القتال يجب أن يجد من يقاتله والشعب اللبناني، ليس لأية فئة منه أية رغبة في قتاله. والأجدى بهؤلاء المبشرون أن يكفوا عن مهاتراتهم واستفزاز الناس وحشد مناصريهم وتدريبهم استعداداً لن تجد مكاناً لهؤلاء الأنصار سوى السجن في حين قادتهم يتحصنون بحصانةٍ ما سوف تلغى لاحقاً.
إننا، من منطلق خشيتنا على مستقبل الجنرال الكبير، الذي أحببنا يوماً، السياسي، نناشده العودة إلى الصف الوطني الحقيقي والتخلي عن حلم رئاسة الجكهورية الذي يتشبث به قبل أن يقصم هذا الحلم ظهر تحالفه السياسي الذي يناقض كل موقف وطني سابق اتخذه إذ أن جميع حلفائه لا يزيدنه وزناً بل هم باتوا، كما نراهم يومياً، يثقلون عبء تحالفه غير المعلن معهم تنفيراً للناس منهم وتراجعاً عن احترامه ولن تنفع تنظيرات جهابذة الفذلكة التي يتبرع بها من وضع ثقته بهم..
المطلوب من الجنرال الكبير، وهو العسكري المجرّب، وقبل الانهيار الكبير الذي يستعد له بل يقود الوطن إليه، أن يقوم بالانقلاب الحقيقي باتجاه الوطن ورفع نير حزب الله عن منكبيه والانفلات باتجاه استكمال استقلال الوطن بالتعاون والتكامل مع أولئك الاستقلاليين.. ونحن على ثقة تامة أن اللبنانيين، جميع اللبنانيين، سوف يمحضوه شرف ثقفتهم به مجدداً.. فهل يفعل وينقذ لبنان!
أيها الجنال، إن الوطن ينتظر أوبتك إليه فهل تعود قبل أن يتخلى عنك لبـنان؟
صانك الله لبـنان
التيار السيادي اللبناني / نيوزيلندا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق