محمد داود
"سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير".
مع هذا اليوم من آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، حيث يحيي فيه أبناء شعبنا الفلسطيني والأمة الإسلامية والشعوب الحرة بمناسبة "يوم القدس العالمي" الذي يصادف الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام، .. هذه المناسبة التي انطلقت قبل 28 عاما تقريبا، وذلك تلبية لدعوة أعلنها الإمام الراحل الخميني قائد الثورة الإسلامية الإيرانية في7 / آب / أغسطس / لعام 1979 م ، وهذا اليوم جاء دعوة ونداء للمسلمين، على القيام بخطوة عملية نحو القدس.
هذه المدينة التي أسسها الكنعانيون في أوائل الألف الثالث قبل الميلاد وقبل قدوم سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى فلسطين بأكثر من ألف عام وقبل ظهور سيدنا موسى عليه السلام وديانته بأكثر من ألف وثمانمائة عام، ....حيث يقارب عمر المدينة خمسة الألف عام فإنها لم تخضع لبني إسرائيل عبر تاريخها الطويل سوى أقل من ثلاثة قرون مرت على نحو متقطع خلال الفترة الممتدة من 980ق م إلى 589 ق م . قضية القدس بالغة التعقيد في الصراع العربي الإسرائيلي، ويشكل الصراع حول السيطرة عليها ذروة الصراع الحضاري الأيديولوجي والديني والسياسي و التاريخي، بين الطرفين .
ومن هذا المنطلق فهي تمثل أهمية استثنائية في عقيدة الفريقين وتمثل أهمية خاصة في المنظور الاستراتيجي والتكتيك السياسي لدى الطرفين، وفلسطينياً تعتبر أقدم المدن التاريخية وبها أهم المقدسات الدينية وعلى ترابها درج الأنبياء جميعاً، حيث لم يكن وجود لليهود بشكل دائم، والذين كسرت شوكتهم على يد الفاتح الأشوري سينا حريب ويعرف بالسبي البابلي الصغير، ثم جاء الملك الكلداني نبوخذ نصر فقضى على بقاياهم وتعرف بالسبي البابلي الكبير.
.. ولهذا الأمر كان يوم القدس له دور كبير وفعال في مسالة الصراع مع هذا الكيان المحتل المغتصب، الذي يقوم بتنفيذ مخطط تصفيه عرقيه واسع النطاق ضد شعبنا الفلسطيني عامه والقاطنين في بلده القدس الشرقية التي احتلت عام 67م خاصة وإسكان عشرات ألآلف من اليهود مكانهم من اجل تهويد المدينة المقدسة التي تقف شامخةً لترسم أجمل لوحات البطولة و أعذب ألحان الصمود والتحدي ... هي مدينة السلام برغم أصوات آليات الهدم والرصاص والمدافع التي تملأ سماءها كل ليلة، بفعل التصعيد الإسرائيلي المقصود من اعتداءات ومنع وملاحقة واستيلاء على الممتلكات الفلسطينية والإسلامية منها، سيما منع المصلين الفلسطينيين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، ومنع السكان المقدسيين من ترميم منازلهم وإثقال كواهلهم بالضرائب ومقابل ذلك تقوم إسرائيل بجلب المهاجرين إليها وزيادة إعداد المؤسسات الدينية اليهودية في البلدة وتقديم الدعم و التسهيلات لليهود للبناء وتوفير الخدمات في المدينة حتى يصبحوا اغلبيه في البلدة القديمة، تمهيداً لتهويدها وطمس معالمها الأثرية والتاريخية الحضارية، وإفراغها من الوجود الفلسطيني بشكل تام، حيث كثفت إسرائيل مخططاتها في غمره انشغال شعبنا الفلسطيني بالاجتياحات الإسرائيلية من جهةً، وزعزعة استقراره من فتنة واقتتاله داخلي من ناحية أخرى ،.. لكن مهما اختلفنا في أيدلوجياتنا فإن القدس ومسجدها الأقصى وفلسطين، تجمعنا على قلب رجل واحد، تجمعنا بكل أطيافنا كما جمعت مختلف الأديان والطوائف، تجمعنا بعبق التاريخ الذي يفوح من شوارعها العتيقة ومن أبوابها وأسوارها الشامخة شموخ الجبال الأشم.
فرحم الله الزعيم ياسر عرفات "أبا عمار" الذي سقط شهيدا ومازالت عبارته الشهيرة تتردد في آذاننا : "على القدس رايحين شهداء بالملايين" ... "سيحمل طفل من أطفالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين على أسوار المسجد الأقصى"، ستبقى هذه العبارة حتى يأتي الله بنصره، "وما النصر إلا من عند الله"، ولكن هذا النصر مرهون بوحدتنا وتعاضدنا يدا واحدة ونبذ الخلافات الحزبية والشخصية، والتصدي لعدونا حتى تتحرر القدس ويتحرر مسجدها الأقصى من دنس اليهود.، فحقاً كان العجب و ألروعة من تلك الصور المشرفة حين شاهد كل العالم جماهير الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه السياسية والاجتماعية وهم يسقطون شهداء دفاعا عن الحرم القدسي الشريف ودفاعا عن شرفه بأيديهم الغضة وصدورهم العارية ، العامرة بالإيمان بالله واليقين بأن النصر صبر ساعة، لأنه يوم للمستضعفين في العالم، ويوماً لرفض الذل والمعاناة من أجل نيل الاستقلال.
فأفيقوا يا أخوة الدرب والمقاومة والهدف يا : " حماس، فتح، الجهاد، الشعبية، كل الشعب الفلسطيني والشعوب والحكام العرب، والمسلمين... فالقدس تناديكم، بأن تعيدوا كرامتها ومجدها.
وأخيراً فيا أخوننا في حركتي حماس وفتح ، .. إليكم هذا النداء من شيخً عجوز مقدسي أخذ ركناً في المسجد الأقصى وتضرع إلى الله، بعد أن تخطى حواجز المنع والإرهاب ليدعوكم في هذا الشهر الكريم باسم /
القدس والمسجد الأقصى المبارك وكل فلسطين الجريحة شعبنا المناضل المقاوم والصابر... باسم دمـاء الشـهداء الزكية على أرض فلسطين الأبية... وصبر الأسرى وثباتهم وجهادهم في سجون القهر والتعذيب...من دموع الثكالى واليتامى والأرامل التي تخط تاريخ المأساة... باسم جيوش الجرحى والمصابين والمعاقين، ... من ركام البيوت التي هدمت، وهدمت على ساكنيها وتلك الحقول التي جُرفت ودمرت وقصفت.
إليكم جميعاً الوحدة الوحدة الوحدة فهي مفتاح نصرنا
باحث وكاتب فلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق