الثلاثاء، يناير 05، 2010

المهندس عدلي أبادير يوسف: لا وداع للــخـالـــديـــن

أنطوني ولسن


يوم الخميس 31 / 12 / 2009 ودًع مسيحيو مصر داخل مصر وخارجها علما بارزا في سماء الحرية المهندس عدلي أبادير يوسف نيح الرب يسوع المسيح روحه في فردوس النعيم مع القديسين أباؤنا ابراهيم واسحق ويعقوب .

عزيز على الأنسان أن يفكر في الموت .. أو كما نقول نحن المؤمنين الأنتقال ، لأن الرب يسوع نفسه عندما مرً بهذه التجربة طلب من أبيه في السماء أن يعبر عنه هذه الكأس .. كأس الموت .

ومع أن صعوبة الموت الذي هو انتقال عند المؤمنين والتي عبرً عنها رب المجد في بستان الزيتون عندما كان يصلي ، نجد النصرة عليه في القيامة ، اين شوكتك يا موت وأين غلبتك يا هاوية .

نعرف جميعا أن الحقيقة الوحيدة في حياة كل كائن حي هي الموت .. لكن قلائل هم الذين يختارون موتهم لحياة خالدة . وطبيعي من يختارون الموت هنا لا أعني الذين يقدمون على الأنتحار باختيار الوسيلة الأنتحارية التي تؤدي الى ازهاق الروح .. وهنا يوجد فارق بين الموت أي ترك الروح للجسد .. وبين الأنتحار بأزهاق الروح عن طريق الأنتحار .

أما القلائل الذين يختارون موتهم لحياة خالدة ، هم أولئك الذين يعملون طوال حياتهم على ترك أثر أو أثار لصالح الأنسان وحرية الأنسان ومن أجل الحياة الحرة الكريمة للبشر . هؤلاء هم الذين بالفعل يختارون موتهم لحياة خالدة . لأنهم أعطوا دون أنتظار ثمن العطاء ، أسعدوا دون أنتظار كلمة شكر ، ضحوا دون المعايرة بتضحياتهم من أجل الناس عامة والمضطهدين والمسلوبة حقوقهم والفقراء والمحتاجين خاصة. فوضعوا أرواحهم فوق كفوف أيديهم غير خائفين من موت الجسد مفضلين عليه حياة الروح الأبدية . وبهذا الأختيار يكونون قد حصلوا على الأمتياز الكبير ، الذي لا يحصل عليه الموتى الآخرون . امتياز الذكرى الطيبة الخالدة خلود الأرض حتى المنتهى . ويؤكد لنا هذا تاريخ الأنسان منذ وجد آدم والى آخر آدم في الوجود .

الخلود لله وحده .. أما الأنسان للزوال والأندثار ، وهذا الأنسان الزائل وهب الله بعضا من نسله صفة الخلود . لن نختلف على تعريف كلمة خلود . لكن نتفق على أن خلود الذات الألهية خلود أزلى لا يحده مكان أو زمان أو فعل أو عمل . لأنه الله الخالق للمكان والزمان والأنسان ، وكل أفعاله وأعماله خالدة . أما الأنسان فخلوده محدود بالمكان والزمان والفعل والعمل .

المهندس عدلي أبادير يوسف ولد على أرض أباءه وأجداده .. مصر.. نسأ وترعرع على أرضها . هاجر مثله مثل الملايين من الأقباط المسيحيين الذين أستشعروا الأضطهادات التى تنتظرهم ، فغادروا الأرض . لكنهم لم يتركوا الوطن فحملوه بين ضلوعهم ، في قلوبهم ، في وجدانهم وفي عقولهم ، وعملوا على أعلاء اسمه أينما حط رحالهم على أرض الغربة في جميع أنحاء العالم وأصبخوا السفراء الحقيقيون لوطنهم مصر الذي حملوه معهم . ويشهد على ذلك سمعتهم العطرة وتبؤهم أعلى المراكز لكفاءاتهم العلمية والعملية والأدبية بعد ان حرموا منها في بلدهم مصر بسبب الأضطهادات الدينية التي تمارس ضد كل الأقباط المسيحيين الذين ما زالوا يعيشون على أرض الوطن مصر .

أنتقل الى الأمجاد السماوية المهندس عدلي أبادير يوسف على أرض وطنه الثاني سويسرا بعد أن جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعي وينتظره أكليل البر.

أما عن الفعل والعمل . فهنا وهنا فقط الفارق بين أنسان وآخر في المسيحية نقول عند موت الأنسان أعماله تتبعه وأعمالك يا أيها الراحل تتبعك في السماء ، وتشهد على مدى ايمانك المسيحي الذي طبقته عملا وفعلا بما قمت به من أجل أم الدنيا مصر . مصر المحبة التي حولها التطرف الديني الى مصر أخري بعد عنها الحب وحل محله الكره والتميزالعنصري الديني ، وعدم قبول الآخر وأضطهاده بشتى أنواع الأضطهادات المعنوي منها ، والمادي ، فعملت يا عدلي أبادير يوسف على الوقوف والتصدي لهؤلاء الغوغائيون المتطرفون طيور الظلام .

في الأغتراب كثيرون التهوا في جمع المال والأثراء والعيش الرغيد . لكنك على الرغم من الأثراء المالي الذي حققته ، سخرته من أجل أقدس قضية بشرية على الأطلاق .. قضية استرداد الحق المسلوب لشعب هو أصل البلاد وسليل العظماء ، فأذلوه وخطفوا بناته القصر وأغتصبوا أرضه وعرضه وحرقوا كنائسه وسجنوا كهنته .

لم تسكت وبدأت العمل ولم تكتفي بالقول وأصدار الشعارات ، بل عقدت المؤتمرات في كبريات مدن العالم وأخبرت العالم كله بجميع لغاته بالصوت والصورة لما يحدث لأبناء مصر من المسيحيين. بل وقفت شامخا عام 2005 وأعلنت ترشيح نفسك للرئاسة في مصر لتكون أول مسيحي يكسر حاجز الأحتكار لهذا المنصب ، ويزيح من صدور أخوة وأخوات لك في الوطن مصر خوف المشاركة في الطلب بحقوقهم المشروعة .

لم يقهرق المرض وعملت من أجل المحتاجين في مصر فأرسلت لهم المساعدات اللآزمة . أسست صرحا أعلاميا وأعطيته أسم " الأقباط متحدون " ، معنيا بذلك المعني اللغوي الحقيقي لمعنى الأقباط متحدون .. أي .. المصريون متحدون .

هناك الكثير والكثير جدا الذي سمعت عنه وغيره مما لم أسمع عنه .

وعلى هذا الخلود الذي أشرت اليه بالنسبة لفقيد الأنسانية المهندس عدلي أبادير يوسف ، مبنى على ما تركه الأنسان المصري عامة والمسيحي خاصة من الأعتزاز بمصريته والوقوف في وجه الفتنة الطائفية ، وتغير مظهر مصرالحضاري الذي أسأوا اليه بأسم الدين ، وضرورة تغير المادة الثانية من الدستور وتفعيل القانون ليكون الفيصل بين التاس دون تفرقة لا بسبب دين أو عرق أو جنس أو لون وفصل الدين عن الدولة . ومن أهم مطالبه .. اعادة الحق المسلوب للمسيحي . وهو حق المواطنة الكامل الذي يساوي بين أبناء مصر في الواجبات والحقوق . وهذا ما كرس له حياته حبيبنا المتنيح المهندس عدلي أبادير يويسف .

لذا أجد نفسي لا يمكننى أن أقول وداعا عدلي أبادير يوسف .. لأنه لا وداع للخـــــالــــــديـــــــن .

ليست هناك تعليقات: