غادة م. صليبا
عقدتنا السياسية التي كانت مليئة بالصغائر من حقد ولوم، ومشحونة بالثأر بين نفوس اللبنانيين عامة وجيل الشباب الثائر على داخله خاصة، مرّت بسلام يلّفها الحذر والقلق وبعض من الأمل المتبقي بين قراءة الفناجين ونبوءات العرافات. لبنان الذي ما زال منذ أن كتب عنه الراحل الكبير جبران خليل جبران مطمعاً دولياً تتقاذفه الأيادي الحاسدة والحاقدة رغبة منها في الحد من استقراره وازدهاره. أما المؤلم حقاً فهو أن أبنائه لا يطمعون إلا بالحريّة ولذلك تتّوسع الأفكار وتعلو أصوات العدالة من أعماق شعب متعطش للعيش بكرامة لا تهان. شبابه لا يتكلمون إلا عنه وهمومه، وكيفية تحقيق أحلامهم الحرة على أرضه.
ما مضى من مهاترات يجعلنا نتساءل: ترى هل سيلقي هذا العام الجديد على وطننا تحية الاستقرار والأمن والأمان؟ أم أنه سيتجدد خلاله مسلسل الاتهامات والتخوين، لتعصف بالبلاد تلك الرياح المزوّدة بأرواح الطوائف المتعصّبة والمذاهب المتصارعة في دائرة الحلبة المحدودة الأبعاد والإطار، والتي يختلف عليها الجميع في تفسير مضامنها. فهل ستواكبنا من جديد هذا العام تداعيات وقضايا الإنتخابات والوعود والعهود، وفشل الحوارات الوطنية والمفاوضات التي ترهق الأوتار في دماء عروقنا ونصبح كالمرض العصريّ المزمّن؟
إن حلم كل لبناني هو أن يخلّع كل قناع يخفي وجه الحقيقة، وبأن يتكئ الإنسان المفكر على قيم تقبُل الرأي الآخر، ويكون قادراً على التجديد والإنفتاح على التغيير الذي يساعدنا بنسج مبدأ المواطنة بعيداً عن دوامة التحديّات الإقليمية الكبرى، والإنكسارات الإقثصادية التي تحاصرنا من كل صوب.
بالرغم من المجهول، يفتخر هذا البلد برؤية شبابه الواعد المتطلع لمستقبل أفضل للبلاد التي تطمح لتطوير الحركة الشبابية على كافة الأصعدة والمجالات التي بدورها تساعد على نشر الوعي والنهوض الثقافي والإقتصادي لخدمة المجتمع الذي يتوق لفرص عمل جيدة ويأمل بالحد من السعي للهجرة، ويطالب دولتنا بالالتفات للعناصر الكفوءة وإعطائها الفرص المناسبة والمرضية لإثبات ذاتها وذلك بتوفير ابسط الحقوق المدنية والإنسانية والتركيز على جهد الإنسان ومهاراته، لا الواسطة والمحسوبية والتوريث السياسي والعائلي في الوظائف.
كلنا أمل بأن عام 2010 سيحمل للبنان ولنا الجديد من التطلعات لأيام زاهرة عابقة برائحة حب الولاء لتراب الأرض، وبعودة المغترب ليزرع ويحصد حلماً قد تحقق، وللفقير إستجابة دعائه لكسوة وكسرة خبز، وللأحرار سواعد ممدودة تحمل الخير لهذا الوطن الغالي. الكل يطمح للبنان أن يبقى ديمقراطياً روحياً وفكرياً، يعاند الشعارات الفارغة ويحفظ بذاكرته الضمير الحيّ دون قيود صدئة من تاريخ وأوجاع الماضي المتراكم.
أحلام الغد لن تغفو وتبقى مستمرة، وعزيمة العمل هي جذور بناء الغد، وعظمة لبنان هي الرمز لخلوده. كل عام وأنتم لبنانيون متفائلون بغد أفضل، تحملون أحلاماً وردية وواقعية بعيدة كل البعد عن الزيف والوهم، ويكبر فيكم أمل إعادة مجد لبنان وتتجدد أسطورة طائر الفينيق وتستمر جيلاً بعد جيلٍ، ومنكم ينبع السلام..
الاثنين، يناير 11، 2010
لبنانيون ولكن متفائلون
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق