راسم عبيدات
.......في الآونة الأخيرة تتصاعد مخاطر توجيه إسرائيل لضربة عسكرية لإيران،من أجل منعها من امتلاك السلاح النووي،فلا يكاد أسبوع يمر إلا ونسمع تصريح لمسؤول إسرائيلي أو أكثر،حول المخاطر التي يشكلها امتلاك نظام طهران "الديكتاتوري" لأسلحة الدمار الشامل،وفي هذا السياق استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" منبر الأمم المتحدة ليشن هجوماً شرساً على طهران وليقول" أن التحدي الأكبر الذي يواجه العالم هو التحالف بين الأصولية الدينية وامتلاك السلاح النووي"،وبعد كشف إيران عن منشأة سرية أخرى لتخصيب اليورانيوم،دعا العالم إلى اتخاذ عقوبات رادعة بحق إيران،وطالب بعمل دولي يتجاوز العقوبات الاقتصادية،مما يؤشر إلى أن إسرائيل لا تعتمد على الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية الغربية في محاولة منع إيران من امتلاك أسلحة الدمار الشامل،وعلى الرغم من أن وكالة الطاقة الذرية لم تثبت للحظة تخصيب إيران لليورانيوم المخصص للأغراض العسكرية،إلا أن إسرائيل لا تريد أن تظهر في المنطقة أية قوى إقليمية أخرى تنافس الدور الإسرائيلي أو تشكل بديلا له في المنطقة،أو ترى فيه تهديداً لوجودها،وهي تريد أن تبقى صاحبة الوكالة الحصرية لملكية هذا السلاح في المنطقة،وبما يمكنها من الاستمرار في فرض هيمنتها وشروطها على شعوب المنطقة، ويبقي لها اليد الطولى في ضرب وقمع وتدمير أو حتى المشاركة في احتلال أي بلد يتمرد على الإرادتين الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة،وخاصة أنه بعد حربي تموز/ 2006 وكانون أول /2008 العدوانيتين على لبنان وقطاع غزة،ثبت أن قوة الردع الإسرائيلية قد تراجعت كثيراً،وأن مجموعات من المقاتلين،لا تتجاوز في أعدادها بضعة ألاف قد مرغت بهيبة وقدرة هذا الجيش،والذي كان يوصف بالجيش الذي لا يقهر الوحل،وبالتالي هي ليست بالمطلق على استعداد لتقبل وجود قوة إقليمية في المنطقة معادية لها ومالكة للسلاح النووي،وخصوصاً أن تلك الدولة لها تحالفاتها مع قوة أخرى( حزب الله وحماس)،وهما قوى في مواقع متقدمة على حدود دولة إسرائيل المحتلة،واللتان قد تكونان على الأرجح جزء من أي حرب إقليمية تنشب في المنطقة،أو تبادر لها إسرائيل.
وواضح أيضاً أن إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية،يضعون العديد من السيناريوهات والبدائل للتعامل والتعاطي مع الملف النووي الإيراني،حيث أن أمريكا وأوروبا الغربية ،حتى اللحظة الراهنة يميلون لمعالجة هذا الملف من خلال قدر أعلى وأكثر تشدداً من العقوبات الاقتصادية وعبر هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة،ناهيك عن اعتماد أسلوب الضغط الدبلوماسي مع الدول المجاورة لإيران مثل روسيا والصين،لحملها على وقف تعاونها مع إيران في هذا الجانب،وتأييد فرض العقوبات عليها.
وبالمقابل تقوم أمريكا وإسرائيل وأوروبا الغربية،بشن حملة إعلامية ودبلوماسية قوية موجهة إلى العالمين العربي والإسلامي،حول مخاطر امتلاك إيران لهذا السلاح وتهديدها لأمن الأقطار العربية "القومي" وبالتحديد الخليجية منها،باللعب على وتر المذهبية،وكذلك بعض الأقطار العربية مثل السعودية ومصر،قد ترى في بروز إيران كقوة إقليمية تهديداً لدورها كقوى عربية كبرى وقوى إقليمية.
وأمريكا وإسرائيل حتى تضمنان أوسع اصطفاف عربي- اسلامي حول مواقفهما أو المساهمة والمشاركة في أي عمل عسكري،قد تقومان به ضد إيران،فلا بد من تبريد لحلقة الصراع في منطقة أو ساحة أخرى،والتبريد هنا أو إلقاء الجزرة،ليس بقصد سكوت أو مساهمة ومشاركة الدول العربية في هذا العمل العسكري،بل لا بد من شراء سكوت أو قبول الجماهير العربية،حتى لا تشوش على الأنظمة العربية،أو تقف ضدها في مواقفها المؤيدة والمساهمة في ضرب إيران عسكرياً،وهذا يتطلب القيام بنوع من المقايضة أو على الأقل،حالة شبيهة بالحالة التي سادت قبيل احتلال العراق وتدميره،أي وعد بحل القضية الفلسطينية أو العمل على إقامة دويلة فلسطينية،بضمان مشاركة عربية في ضرب إيران وتدميرها عسكرياً أو الأقل تقديم تسهيلات لوجستية ومادية للعدوان،كما حصل في احتلال العراق.
وعلى هذا الصعيد نحن نلحظ دبلوماسية أمريكية نشطة في هذا الجانب،حيث تسعى الإدارة الأمريكية الحالية إلى إدارة الصراع بطريقة تضمن التفاف واصطفاف العرب وخصوصاً معسكر الاعتدال العربي،حول سياساتها ومواقفها من خلال ما يسمى بوعد "أوباما" الرباعي لإقامة دولة فلسطينية،وهي تحاول إطلاق مساعيها من خلال إقناع إسرائيل بتجميد جزئي للاستيطان مقابل خطوات تطبيعية واسعة مع العالم العربي،وفي حال أي فشل للضغوط الاقتصادية والدبلوماسية في احتواء إيران ومنعها من الاستمرار في برنامجها النووي،فإنه من الوارد جداً أن تلزم أمريكا وأوروبا الغربية اسرائيل،بالتجميد المؤقت للإستيطان والموافقة على إقامة دويلة فلسطينية،لضمان أوسع حشد عربي لضرب وتدمير منشآت إيران النووية.
وهذا الخيار والذي سيدفع تكلفته ونتائجه العرب بالدرجة الأولى،من حيث أنه ستنشأ حالة واسعة من عدم الاستقرار في المنطقة،ناهيك ما سيلحق العالم العربي من دمار وأزمات اقتصادية عميقة،وأيضاً تعمق الخلافات والصراعات المذهبية والطائفية والقبلية عربياً وإسلامياً،ومثل هذه الحرب لن تكون سوى ربح صافي لإسرائيل،والتي عدا عن أنها ستكون العصا الغليظة في المنطقة والحاكم الفعلي للعواصم العربية من محيطها إلى خليجها،فهي ستستثمر هذه الحرب في فرض كامل شروطها على الشعب الفلسطيني،ويصبح خيار"نتنياهو" السلام الاقتصادي تحت الاحتلال،هو الخيار الوحيد وبمباركة عربية،وخصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التداعيات التي ستنشأ عن هذه الحرب على حلفاء إيران من قوى ودول الممانعة العربية وفي المقدمة منها سوريا والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية في حالة هزيمة ايران.
إن المنطقة حبلى بالتطورات،وهي مفتوحة على كل الخيارات فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني،وهناك ضغوط واسعة ومكثفة تمارسها إسرائيل على أمريكا وأوروبا الغربية،من أجل معالجة هذا الملف من خلال الخيار العسكري،والتحشيد والتجييش لهذا الخيار عربياً،قد يكون على شكل لعبة مقايضة إقامة دويلة فلسطينية،مقابل المشاركة أو المساهمة في ضرب إيران عسكرياً ،وهذا بحد ذاته خيار فيه الكثير من المخاطر عربياً وإسلامياً،فإيران مهما كانت درجة الخلاف معها،فأطماعها ومصالحها الإقليمية أقل بكثير من أطماع إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية،وبين ايران والعرب الكثير الكثير من التقاطعات والمصالح والوشائج،والتي يمكن حلها بالمفاوضات والتفاهمات والمصالح المشتركة،أما إسرائيل والقائم وجودها على نفي الأخر واحتلال أرضه،فتستمر في ممارسة دورها الإحتلالي في التمدد والتوسع على طول الوطن العربي وعرضه،وسيبقى الوطن العربي مزرعة وبقرة حلوب وسوق استهلاك ومكب نفايات لأمريكا وأوروبا الغربية،مع استهداف لجغرافيته بالتقسيم والتجزئة والتذرير.
القدس- فلسطين
Quds.45@gmail.com
0524533879
.......في الآونة الأخيرة تتصاعد مخاطر توجيه إسرائيل لضربة عسكرية لإيران،من أجل منعها من امتلاك السلاح النووي،فلا يكاد أسبوع يمر إلا ونسمع تصريح لمسؤول إسرائيلي أو أكثر،حول المخاطر التي يشكلها امتلاك نظام طهران "الديكتاتوري" لأسلحة الدمار الشامل،وفي هذا السياق استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" منبر الأمم المتحدة ليشن هجوماً شرساً على طهران وليقول" أن التحدي الأكبر الذي يواجه العالم هو التحالف بين الأصولية الدينية وامتلاك السلاح النووي"،وبعد كشف إيران عن منشأة سرية أخرى لتخصيب اليورانيوم،دعا العالم إلى اتخاذ عقوبات رادعة بحق إيران،وطالب بعمل دولي يتجاوز العقوبات الاقتصادية،مما يؤشر إلى أن إسرائيل لا تعتمد على الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية الغربية في محاولة منع إيران من امتلاك أسلحة الدمار الشامل،وعلى الرغم من أن وكالة الطاقة الذرية لم تثبت للحظة تخصيب إيران لليورانيوم المخصص للأغراض العسكرية،إلا أن إسرائيل لا تريد أن تظهر في المنطقة أية قوى إقليمية أخرى تنافس الدور الإسرائيلي أو تشكل بديلا له في المنطقة،أو ترى فيه تهديداً لوجودها،وهي تريد أن تبقى صاحبة الوكالة الحصرية لملكية هذا السلاح في المنطقة،وبما يمكنها من الاستمرار في فرض هيمنتها وشروطها على شعوب المنطقة، ويبقي لها اليد الطولى في ضرب وقمع وتدمير أو حتى المشاركة في احتلال أي بلد يتمرد على الإرادتين الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة،وخاصة أنه بعد حربي تموز/ 2006 وكانون أول /2008 العدوانيتين على لبنان وقطاع غزة،ثبت أن قوة الردع الإسرائيلية قد تراجعت كثيراً،وأن مجموعات من المقاتلين،لا تتجاوز في أعدادها بضعة ألاف قد مرغت بهيبة وقدرة هذا الجيش،والذي كان يوصف بالجيش الذي لا يقهر الوحل،وبالتالي هي ليست بالمطلق على استعداد لتقبل وجود قوة إقليمية في المنطقة معادية لها ومالكة للسلاح النووي،وخصوصاً أن تلك الدولة لها تحالفاتها مع قوة أخرى( حزب الله وحماس)،وهما قوى في مواقع متقدمة على حدود دولة إسرائيل المحتلة،واللتان قد تكونان على الأرجح جزء من أي حرب إقليمية تنشب في المنطقة،أو تبادر لها إسرائيل.
وواضح أيضاً أن إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية،يضعون العديد من السيناريوهات والبدائل للتعامل والتعاطي مع الملف النووي الإيراني،حيث أن أمريكا وأوروبا الغربية ،حتى اللحظة الراهنة يميلون لمعالجة هذا الملف من خلال قدر أعلى وأكثر تشدداً من العقوبات الاقتصادية وعبر هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة،ناهيك عن اعتماد أسلوب الضغط الدبلوماسي مع الدول المجاورة لإيران مثل روسيا والصين،لحملها على وقف تعاونها مع إيران في هذا الجانب،وتأييد فرض العقوبات عليها.
وبالمقابل تقوم أمريكا وإسرائيل وأوروبا الغربية،بشن حملة إعلامية ودبلوماسية قوية موجهة إلى العالمين العربي والإسلامي،حول مخاطر امتلاك إيران لهذا السلاح وتهديدها لأمن الأقطار العربية "القومي" وبالتحديد الخليجية منها،باللعب على وتر المذهبية،وكذلك بعض الأقطار العربية مثل السعودية ومصر،قد ترى في بروز إيران كقوة إقليمية تهديداً لدورها كقوى عربية كبرى وقوى إقليمية.
وأمريكا وإسرائيل حتى تضمنان أوسع اصطفاف عربي- اسلامي حول مواقفهما أو المساهمة والمشاركة في أي عمل عسكري،قد تقومان به ضد إيران،فلا بد من تبريد لحلقة الصراع في منطقة أو ساحة أخرى،والتبريد هنا أو إلقاء الجزرة،ليس بقصد سكوت أو مساهمة ومشاركة الدول العربية في هذا العمل العسكري،بل لا بد من شراء سكوت أو قبول الجماهير العربية،حتى لا تشوش على الأنظمة العربية،أو تقف ضدها في مواقفها المؤيدة والمساهمة في ضرب إيران عسكرياً،وهذا يتطلب القيام بنوع من المقايضة أو على الأقل،حالة شبيهة بالحالة التي سادت قبيل احتلال العراق وتدميره،أي وعد بحل القضية الفلسطينية أو العمل على إقامة دويلة فلسطينية،بضمان مشاركة عربية في ضرب إيران وتدميرها عسكرياً أو الأقل تقديم تسهيلات لوجستية ومادية للعدوان،كما حصل في احتلال العراق.
وعلى هذا الصعيد نحن نلحظ دبلوماسية أمريكية نشطة في هذا الجانب،حيث تسعى الإدارة الأمريكية الحالية إلى إدارة الصراع بطريقة تضمن التفاف واصطفاف العرب وخصوصاً معسكر الاعتدال العربي،حول سياساتها ومواقفها من خلال ما يسمى بوعد "أوباما" الرباعي لإقامة دولة فلسطينية،وهي تحاول إطلاق مساعيها من خلال إقناع إسرائيل بتجميد جزئي للاستيطان مقابل خطوات تطبيعية واسعة مع العالم العربي،وفي حال أي فشل للضغوط الاقتصادية والدبلوماسية في احتواء إيران ومنعها من الاستمرار في برنامجها النووي،فإنه من الوارد جداً أن تلزم أمريكا وأوروبا الغربية اسرائيل،بالتجميد المؤقت للإستيطان والموافقة على إقامة دويلة فلسطينية،لضمان أوسع حشد عربي لضرب وتدمير منشآت إيران النووية.
وهذا الخيار والذي سيدفع تكلفته ونتائجه العرب بالدرجة الأولى،من حيث أنه ستنشأ حالة واسعة من عدم الاستقرار في المنطقة،ناهيك ما سيلحق العالم العربي من دمار وأزمات اقتصادية عميقة،وأيضاً تعمق الخلافات والصراعات المذهبية والطائفية والقبلية عربياً وإسلامياً،ومثل هذه الحرب لن تكون سوى ربح صافي لإسرائيل،والتي عدا عن أنها ستكون العصا الغليظة في المنطقة والحاكم الفعلي للعواصم العربية من محيطها إلى خليجها،فهي ستستثمر هذه الحرب في فرض كامل شروطها على الشعب الفلسطيني،ويصبح خيار"نتنياهو" السلام الاقتصادي تحت الاحتلال،هو الخيار الوحيد وبمباركة عربية،وخصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التداعيات التي ستنشأ عن هذه الحرب على حلفاء إيران من قوى ودول الممانعة العربية وفي المقدمة منها سوريا والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية في حالة هزيمة ايران.
إن المنطقة حبلى بالتطورات،وهي مفتوحة على كل الخيارات فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني،وهناك ضغوط واسعة ومكثفة تمارسها إسرائيل على أمريكا وأوروبا الغربية،من أجل معالجة هذا الملف من خلال الخيار العسكري،والتحشيد والتجييش لهذا الخيار عربياً،قد يكون على شكل لعبة مقايضة إقامة دويلة فلسطينية،مقابل المشاركة أو المساهمة في ضرب إيران عسكرياً ،وهذا بحد ذاته خيار فيه الكثير من المخاطر عربياً وإسلامياً،فإيران مهما كانت درجة الخلاف معها،فأطماعها ومصالحها الإقليمية أقل بكثير من أطماع إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية،وبين ايران والعرب الكثير الكثير من التقاطعات والمصالح والوشائج،والتي يمكن حلها بالمفاوضات والتفاهمات والمصالح المشتركة،أما إسرائيل والقائم وجودها على نفي الأخر واحتلال أرضه،فتستمر في ممارسة دورها الإحتلالي في التمدد والتوسع على طول الوطن العربي وعرضه،وسيبقى الوطن العربي مزرعة وبقرة حلوب وسوق استهلاك ومكب نفايات لأمريكا وأوروبا الغربية،مع استهداف لجغرافيته بالتقسيم والتجزئة والتذرير.
القدس- فلسطين
Quds.45@gmail.com
0524533879
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق