د. فايز أبو شمالة
تمنيت على فضائية الجزيرة أن تلتقط الوجه الآخر من غزة، وألا تستسلم لتقرير مراسلها، الذي حرص على تصوير دموع غزة في ليلية العيد، وكأن لا فرح في غزة، وكأن الناس ما تماوجت يوم العيد بين مدينة رفح ومخيم جباليا في حراك لفت الأنظار، فإذا بمراسل الجزيرة يستأجر من اليهود ما ورثوه من أساليب البكاء، والتحسر، وذرف الدموع بلا سبب حتى صار العالم لا يعرف إلا اليهودي المتذمر، الشاكي، الباكي، العابس، وبالتالي الكاره لكل الناس، وما لذلك من انعكاس، وردة فعل المجتمعات التي عاش فيها اليهود.
ربما تكون فضائية الجزيرة قد حسبت أن هذه طريقة مؤثرة لشد المشاهدين، واستقطاب المتعاطفين مع غزة، وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكن في تقديري أن المبالغة في تصوير ضائقة غزة، وحصارها، هدفٌ تلتقي عليه السلطة الفلسطينية، ووسائل الإعلام العالمية، ويدغدغ الرغبة الإسرائيلية، فإذا كان هدف السلطة الفلسطينية هو إظهار فشل حركة حماس في إدارة قطاع غزة، فإن هدف إسرائيل هو إظهار قدرتها على فرض العقاب القاسي، والرادع على كل من تسول له نفسه شق عصا الطاعة في المنطقة، فكان الحصار الذي وفر مادة جيدة لوسائل الإعلام كي تنشط، وتبالغ في نشاطها الذي وافق هوى حماس المسيطرة على قطاع غزة، فتركت لوسائل الإعلام تصوير الواقع كما يطيب لمراسليها، ما دامت تقبض على الأمن بشكل كامل، وما دامت تعرف حقيقة أمر الناس جيداً، فهي لم تعترض على ما يقدم عبر الفضائيات من مادة إعلامية تستدر التعاطف العربي، والإسلامي، والإنساني.
إن الوجه الآخر لغزة تكشف عنه كميات البضائع المعروضة في كثير من الشوارع، التي صارت سوقاً مفتوحاً، وتم تحويل المواصلات عنها إلى طرق بديلة، والوجه الآخر لغزة تكشف عنه أعداد الناس التي تزاحم على الشراء، وطاقة الشراء الهائلة لكل الأصناف، والمعروضات، وساعات العمل الطويلة التي اشتغل فيها أصحاب المحلات إلى حد أن بعض المحلات التجارية في قطاع غزة أغلقت أبوابها، وطردت المشترين منها فجر يوم العيد! هذا لمن أراد أن يعرف الحقيقة في غزة، والذي كان عليه أن ينظر بعد منتصف الليل في شوارع المدن، وفي الأماكن التي تجمع فيها البائعون والمشترون، ويدقق في حجم، وكمية مخلفات البيع، وأعداد أكياس النايلون، لدرجة أن عمال نظافة البلديات ظلوا يعملون حتى شروق الشمس من يوم العيد، وأقسموا أنهم في حياتهم لم يشهدوا هذه الكمية من مخلفات البيع على طول حياتهم، وعملهم في النظافة.
فما هي دواعي البكاء، وذرف الدموع، والتشكي من وقف الحال، وتعطل البيع، وارتفاع الأسعار، وانعدام طاقة الشراء، غير التحسر على أيام السلطة؟.
إن غزة ليست بالضعيفة، ولا هي بالمسكينة، ورغم محاصرتها من اليهود الإسرائيليين، وحشرها بين زوايا الحرمان، والتشهي، فقد استقبلت في عيد الفطر الشاعر التونسي "أبو القاسم الشابي، الذي طاف في شوارعها، وأسواقها، وتجول في مخيمها، وصلى مع الناس في الجوامع، وقرأ مع طلابها في المدارس، وتعلم منهم أن ينشد:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
تمنيت على فضائية الجزيرة أن تلتقط الوجه الآخر من غزة، وألا تستسلم لتقرير مراسلها، الذي حرص على تصوير دموع غزة في ليلية العيد، وكأن لا فرح في غزة، وكأن الناس ما تماوجت يوم العيد بين مدينة رفح ومخيم جباليا في حراك لفت الأنظار، فإذا بمراسل الجزيرة يستأجر من اليهود ما ورثوه من أساليب البكاء، والتحسر، وذرف الدموع بلا سبب حتى صار العالم لا يعرف إلا اليهودي المتذمر، الشاكي، الباكي، العابس، وبالتالي الكاره لكل الناس، وما لذلك من انعكاس، وردة فعل المجتمعات التي عاش فيها اليهود.
ربما تكون فضائية الجزيرة قد حسبت أن هذه طريقة مؤثرة لشد المشاهدين، واستقطاب المتعاطفين مع غزة، وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكن في تقديري أن المبالغة في تصوير ضائقة غزة، وحصارها، هدفٌ تلتقي عليه السلطة الفلسطينية، ووسائل الإعلام العالمية، ويدغدغ الرغبة الإسرائيلية، فإذا كان هدف السلطة الفلسطينية هو إظهار فشل حركة حماس في إدارة قطاع غزة، فإن هدف إسرائيل هو إظهار قدرتها على فرض العقاب القاسي، والرادع على كل من تسول له نفسه شق عصا الطاعة في المنطقة، فكان الحصار الذي وفر مادة جيدة لوسائل الإعلام كي تنشط، وتبالغ في نشاطها الذي وافق هوى حماس المسيطرة على قطاع غزة، فتركت لوسائل الإعلام تصوير الواقع كما يطيب لمراسليها، ما دامت تقبض على الأمن بشكل كامل، وما دامت تعرف حقيقة أمر الناس جيداً، فهي لم تعترض على ما يقدم عبر الفضائيات من مادة إعلامية تستدر التعاطف العربي، والإسلامي، والإنساني.
إن الوجه الآخر لغزة تكشف عنه كميات البضائع المعروضة في كثير من الشوارع، التي صارت سوقاً مفتوحاً، وتم تحويل المواصلات عنها إلى طرق بديلة، والوجه الآخر لغزة تكشف عنه أعداد الناس التي تزاحم على الشراء، وطاقة الشراء الهائلة لكل الأصناف، والمعروضات، وساعات العمل الطويلة التي اشتغل فيها أصحاب المحلات إلى حد أن بعض المحلات التجارية في قطاع غزة أغلقت أبوابها، وطردت المشترين منها فجر يوم العيد! هذا لمن أراد أن يعرف الحقيقة في غزة، والذي كان عليه أن ينظر بعد منتصف الليل في شوارع المدن، وفي الأماكن التي تجمع فيها البائعون والمشترون، ويدقق في حجم، وكمية مخلفات البيع، وأعداد أكياس النايلون، لدرجة أن عمال نظافة البلديات ظلوا يعملون حتى شروق الشمس من يوم العيد، وأقسموا أنهم في حياتهم لم يشهدوا هذه الكمية من مخلفات البيع على طول حياتهم، وعملهم في النظافة.
فما هي دواعي البكاء، وذرف الدموع، والتشكي من وقف الحال، وتعطل البيع، وارتفاع الأسعار، وانعدام طاقة الشراء، غير التحسر على أيام السلطة؟.
إن غزة ليست بالضعيفة، ولا هي بالمسكينة، ورغم محاصرتها من اليهود الإسرائيليين، وحشرها بين زوايا الحرمان، والتشهي، فقد استقبلت في عيد الفطر الشاعر التونسي "أبو القاسم الشابي، الذي طاف في شوارعها، وأسواقها، وتجول في مخيمها، وصلى مع الناس في الجوامع، وقرأ مع طلابها في المدارس، وتعلم منهم أن ينشد:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليـــل أن ينجلي
ولا بد لليـــل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسـر
fshamala@yahoo.com
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق