راسم عبيدات
.........فلسطينياً الانقسام على حاله،وجولات الحوار الوطني الفلسطيني،حالها كحال المفاوضات الفلسطينية،أضحت مارثونية وعبثية،وكل الأمور تشير إلى أن الأوضاع تتجه نحو تكريس وتعميق الانقسام بين جناحي الوطن،والورقة المصرية المقدمة للفصائل الفلسطينية من غير المحتمل أن تضع حد لحالة الانقسام تلك،حيث أبدت الفصائل الفلسطينية بمختلف أطيافها السياسية،تحفظات وملاحظات جوهرية عليها،وذهبت إلى أبعد من ذلك بالقول أن الورقة المصرية بصيغتها المطروحة تكرس الانقسام والانفصال بين جناحي الوطن ولا تعمل على إنهاءهما .
أما غزة فيتواصل حصارها وبرامج ومشاريع إعادة الأعمار معطلة ومع اقتراب حلول فصل الشتاء،المؤكد أن أوضاع الناس ستزداد سوءاً،مع ارتفاع في نسبة البطالة والفقر،والكثير من المؤسسات الإنسانية والإغاثية،تعمل على تعميم سياسة"الشحدة" والنفعية في أوساط شعبنا،وهي تريد تحويل قضيتنا من قضية شعب له حقوق وحق في الحرية والاستقلال إلى مجرد قضية إنسانية وتحسين شروط وظروف حياته تحت الاحتلال.
أما في القدس فواضح أن الاحتلال مصمم على إخراجها من دائرة الصراع وحسم مسألة السيادة والسيطرة عليها،وهذا ليس فقط بفعل سياساته وإجراءاته من تهويد وأسرلة لها،بل وهذه المرة بموافقة عربية وفلسطينية،حيث تجري عملية مقايضة التجميد المؤقت أو تبطئ العمل في جزء من مستوطنات الضفة الغربية،وطبعاً دون شمول ذلك للقدس والتجمعات الاستيطانية الكبرى،بعملية تطبيع واسعة مع العرب لقاء ذلك،وبما يشمل فتح الدول العربية لحدودها وأجوائها وموانئها ومطاراتها وأسواقها أمام حركة المسافرين والبضائع والمنتوجات الإسرائيلية واستخدام تلك الأجواء والمطارات لتحليق وعبور الطائرات الإسرائيلية وبما يشمل الهبوط والإقلاع وحق المرور المدني والعسكري....الخ.
ومن ثم عودة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية على هذا الأساس،حيث يبذل المندوب الأمريكي للجنة الرباعية"جورج ميتشل" جهود حثيثة لحمل إسرائيل للموافقة على التجميد المؤقت للاستيطان ،من أجل ترتيب لقاء قمة ثلاثي أمريكي- إسرائيلي- فلسطيني على هامش اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة،وبما يعني الدخول في لعبة المتاهات من جديد،والقفز عن جذر المشكلة ألا وهو إنهاء الاحتلال،وفي هذا السياق للتذكير والعلم فإن عائلتي حنون وغاوي اللتان استولى المستوطنون قبل شهر ونصف تقريباً على بيتيهما ما زالتا تفترشان الأرض وعلى رصيف الشارع المقابل لبيتيهما،وما زالت حركة التضامن معهما من الوفود الأجنبية أعلى وأكثر شمولية واتساعا من المقدسيين أنفسهم،رغم أنه لو كان هناك نية وإرادة وقوى وطنية وإسلامية منظمة وفاعلة،لاستغلت القدوم المكثف والواسع لجماهير شعبنا الفلسطيني من مختلف أنحاء الوطن،لإحياء ليلة القدر في تنظيم تظاهرة تضامنية واسعة معهما من خلال الاعتصام ولو ساعة واحدة معهما قبالة منزليهما المستولى عليهما.
أما في الداخل الفلسطيني(مناطق 48 )،فهناك هجمة شرسة وواسعة تشارك فيها كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي ضد شعبنا هناك،حيث تتسابق تلك الأحزاب لطرح مشاريع قرارات ومن ثم إصدار واعتماد تلك القرارات رسمياً من قبل "الكنيست" البرلمان الإسرائيلي،وجميع تلك القرارات تستهدف شعبنا الفلسطيني في وجوده وهويته وثقافته وتاريخه وتراثه وقوميته وذاكرته،فمن القرارات التي تكمم الأفواه وتحد من حرية الرأي والتعبير ومروراً بمنع أحياء ذكرى النكبة وإخراجها كمصطلح من منهاج التعليم في المدارس العربية،إلى خصخصة أراضي اللاجئين وبيعها،وانتهاءً بربط المواطنة بالولاء للدولة ورموزها،والهجوم على قادة وعناصر الأحزاب العربية القومية والوطنية وفرض موضوع تدريس إلزامي في المدارس العربية عن الهوية والتراث اليهودي والصهيوني من الصف الرابع الابتدائي وحتى الصف التاسع وغيرها الكثير من القرارات والممارسات العنصرية.
أما على الصعيد المجتمعي العام،فواضح أن النسيج المجتمعي الفلسطيني،وكل ما يتصل به من قيم التعاضد والتكافل والتسامح،قد أصابها شرخ وتهتك واسعين،حيث نشهد على طول مساحات الوطن وعرضه،انهيار قيمي وأخلاقي شاملين وتنامي الجهوية والقبلية والعشائرية ومفردات الطائفية،ناهيك عن أن الخلافات والمشاكل الاجتماعية من"طوش" وخلافات على الميراث والأراضي والممتلكات وغير ذلك من المشاكل التافهة والبسيطة،وفي ظل غياب القانون والمساءلة والمحاسبة،تتحول الى "طوش" وفزعات عامة تنهي في الكثير منها إلى إزهاق أرواح أناس أبرياء،ناهيك عن ثقافة الثأر المتأصلة في المجتمع،وما تخلفه من قتلى على هذه الخلفية.
أما على الصعيد العربي،فاللوحة إن لم تكن كمثيلتها الفلسطينية،فهي أكثر قتامه وأشد سوداوية،حيث تتواصل في أكثر من دولة،عمليات تحويل الدولة إلى إقطاعيات وممالك خاصة،ويترافق ذلك مع توريث و"تطويب" لتلك الإقطاعيات والممالك على أسماء أبناء وعائلات القادة والزعماء،ولا فرق بين رئيس أو ملك أو أمير،فالكل يورث ويطوب مع اختلاف التسميات.
وسياسة الفوضى الخلاقة تعصف بالوطن العربي،ومخاطر التقسيم والتجزئة والتذرير تتهدد العديد من أقطاره،المستقلة والمحتلة منها،فالعراق في عهد الديمقراطية المزعومة،تفككت الدولة المركزية،وعلى الأرض هناك أكثر من ثلاث دويلات،ناهيك عن سيادة وسيطرة المليشيات والمافيات الطائفية والقبلية على كل مفاصل الحياة،وانهيار كامل منظومة القيم والأخلاق،وانعدام الأمن والأمان والقتل على الهوية،والنهب والفساد والرشوات تعشعش في كل مؤسسات وأجهزة الدولة من القمة وحتى القاع.
أما في الصومال فأمراء الحرب يتحكمون في كل مناحي الحياة،والدولة لم يتبقى منها سوى الاسم،فكل مجموعة من العصابات والمافيات تفرض سلطتها وسيطرتها على قطعة من الأرض وتقيم حكومتها ومحاكمها الخاصة،وقيمة الحيوان هناك أعلى بكثير من قيمة الإنسان،ووضع البلد أقرب إلى المشاعية البدائية والقطعان البشرية،والفقر والبطالة والجوع والفساد في أعلى أرقامها،ناهيك عن الأمراض الفتاكة والغياب شبه الكلي للخدمات الطبية.
أما السودان فمخاطر تقسيمه الجغرافي أصبحت واقعاً،حيث تجري وبتدخلات أمريكية وأوروبية غربية محاولات لسلخ إقليم درافور عن الحكومة المركزية تحت حجج وذرائع ارتكاب الحكومة السودانية ورئيسها لجرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي بحق سكان الإقليم.
واليمن وحدته في مهب الريح وخطر وشبح الحرب الأهلية يخيم على البلد،والجماعات المتطرفة والسلفية والتكفيرية،تدخل البلد في أتون حرب داخلية تضيف خطراً للمخاطر القائمة.
والبلدان العربية الأخرى الحال فيها ليس بأحسن حال من البلدان المذكورة،حيث الحصار والجوع والفقر ومخاطر التقسيم والانفصال والتذرير والمذهبية والطائفية .
وتبقى هذه نشرة مختصرة للحالتين الفلسطينية والعربية،والمرشحة للمزيد من التدهور والانهيار في ظل غياب الوحدة والموقف الموحد وتفشي وطغيان القطرية ومصالحها على المصالح القومية والجمعية،وكل عيد وأنتم بألف خير.
.........فلسطينياً الانقسام على حاله،وجولات الحوار الوطني الفلسطيني،حالها كحال المفاوضات الفلسطينية،أضحت مارثونية وعبثية،وكل الأمور تشير إلى أن الأوضاع تتجه نحو تكريس وتعميق الانقسام بين جناحي الوطن،والورقة المصرية المقدمة للفصائل الفلسطينية من غير المحتمل أن تضع حد لحالة الانقسام تلك،حيث أبدت الفصائل الفلسطينية بمختلف أطيافها السياسية،تحفظات وملاحظات جوهرية عليها،وذهبت إلى أبعد من ذلك بالقول أن الورقة المصرية بصيغتها المطروحة تكرس الانقسام والانفصال بين جناحي الوطن ولا تعمل على إنهاءهما .
أما غزة فيتواصل حصارها وبرامج ومشاريع إعادة الأعمار معطلة ومع اقتراب حلول فصل الشتاء،المؤكد أن أوضاع الناس ستزداد سوءاً،مع ارتفاع في نسبة البطالة والفقر،والكثير من المؤسسات الإنسانية والإغاثية،تعمل على تعميم سياسة"الشحدة" والنفعية في أوساط شعبنا،وهي تريد تحويل قضيتنا من قضية شعب له حقوق وحق في الحرية والاستقلال إلى مجرد قضية إنسانية وتحسين شروط وظروف حياته تحت الاحتلال.
أما في القدس فواضح أن الاحتلال مصمم على إخراجها من دائرة الصراع وحسم مسألة السيادة والسيطرة عليها،وهذا ليس فقط بفعل سياساته وإجراءاته من تهويد وأسرلة لها،بل وهذه المرة بموافقة عربية وفلسطينية،حيث تجري عملية مقايضة التجميد المؤقت أو تبطئ العمل في جزء من مستوطنات الضفة الغربية،وطبعاً دون شمول ذلك للقدس والتجمعات الاستيطانية الكبرى،بعملية تطبيع واسعة مع العرب لقاء ذلك،وبما يشمل فتح الدول العربية لحدودها وأجوائها وموانئها ومطاراتها وأسواقها أمام حركة المسافرين والبضائع والمنتوجات الإسرائيلية واستخدام تلك الأجواء والمطارات لتحليق وعبور الطائرات الإسرائيلية وبما يشمل الهبوط والإقلاع وحق المرور المدني والعسكري....الخ.
ومن ثم عودة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية على هذا الأساس،حيث يبذل المندوب الأمريكي للجنة الرباعية"جورج ميتشل" جهود حثيثة لحمل إسرائيل للموافقة على التجميد المؤقت للاستيطان ،من أجل ترتيب لقاء قمة ثلاثي أمريكي- إسرائيلي- فلسطيني على هامش اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة،وبما يعني الدخول في لعبة المتاهات من جديد،والقفز عن جذر المشكلة ألا وهو إنهاء الاحتلال،وفي هذا السياق للتذكير والعلم فإن عائلتي حنون وغاوي اللتان استولى المستوطنون قبل شهر ونصف تقريباً على بيتيهما ما زالتا تفترشان الأرض وعلى رصيف الشارع المقابل لبيتيهما،وما زالت حركة التضامن معهما من الوفود الأجنبية أعلى وأكثر شمولية واتساعا من المقدسيين أنفسهم،رغم أنه لو كان هناك نية وإرادة وقوى وطنية وإسلامية منظمة وفاعلة،لاستغلت القدوم المكثف والواسع لجماهير شعبنا الفلسطيني من مختلف أنحاء الوطن،لإحياء ليلة القدر في تنظيم تظاهرة تضامنية واسعة معهما من خلال الاعتصام ولو ساعة واحدة معهما قبالة منزليهما المستولى عليهما.
أما في الداخل الفلسطيني(مناطق 48 )،فهناك هجمة شرسة وواسعة تشارك فيها كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي ضد شعبنا هناك،حيث تتسابق تلك الأحزاب لطرح مشاريع قرارات ومن ثم إصدار واعتماد تلك القرارات رسمياً من قبل "الكنيست" البرلمان الإسرائيلي،وجميع تلك القرارات تستهدف شعبنا الفلسطيني في وجوده وهويته وثقافته وتاريخه وتراثه وقوميته وذاكرته،فمن القرارات التي تكمم الأفواه وتحد من حرية الرأي والتعبير ومروراً بمنع أحياء ذكرى النكبة وإخراجها كمصطلح من منهاج التعليم في المدارس العربية،إلى خصخصة أراضي اللاجئين وبيعها،وانتهاءً بربط المواطنة بالولاء للدولة ورموزها،والهجوم على قادة وعناصر الأحزاب العربية القومية والوطنية وفرض موضوع تدريس إلزامي في المدارس العربية عن الهوية والتراث اليهودي والصهيوني من الصف الرابع الابتدائي وحتى الصف التاسع وغيرها الكثير من القرارات والممارسات العنصرية.
أما على الصعيد المجتمعي العام،فواضح أن النسيج المجتمعي الفلسطيني،وكل ما يتصل به من قيم التعاضد والتكافل والتسامح،قد أصابها شرخ وتهتك واسعين،حيث نشهد على طول مساحات الوطن وعرضه،انهيار قيمي وأخلاقي شاملين وتنامي الجهوية والقبلية والعشائرية ومفردات الطائفية،ناهيك عن أن الخلافات والمشاكل الاجتماعية من"طوش" وخلافات على الميراث والأراضي والممتلكات وغير ذلك من المشاكل التافهة والبسيطة،وفي ظل غياب القانون والمساءلة والمحاسبة،تتحول الى "طوش" وفزعات عامة تنهي في الكثير منها إلى إزهاق أرواح أناس أبرياء،ناهيك عن ثقافة الثأر المتأصلة في المجتمع،وما تخلفه من قتلى على هذه الخلفية.
أما على الصعيد العربي،فاللوحة إن لم تكن كمثيلتها الفلسطينية،فهي أكثر قتامه وأشد سوداوية،حيث تتواصل في أكثر من دولة،عمليات تحويل الدولة إلى إقطاعيات وممالك خاصة،ويترافق ذلك مع توريث و"تطويب" لتلك الإقطاعيات والممالك على أسماء أبناء وعائلات القادة والزعماء،ولا فرق بين رئيس أو ملك أو أمير،فالكل يورث ويطوب مع اختلاف التسميات.
وسياسة الفوضى الخلاقة تعصف بالوطن العربي،ومخاطر التقسيم والتجزئة والتذرير تتهدد العديد من أقطاره،المستقلة والمحتلة منها،فالعراق في عهد الديمقراطية المزعومة،تفككت الدولة المركزية،وعلى الأرض هناك أكثر من ثلاث دويلات،ناهيك عن سيادة وسيطرة المليشيات والمافيات الطائفية والقبلية على كل مفاصل الحياة،وانهيار كامل منظومة القيم والأخلاق،وانعدام الأمن والأمان والقتل على الهوية،والنهب والفساد والرشوات تعشعش في كل مؤسسات وأجهزة الدولة من القمة وحتى القاع.
أما في الصومال فأمراء الحرب يتحكمون في كل مناحي الحياة،والدولة لم يتبقى منها سوى الاسم،فكل مجموعة من العصابات والمافيات تفرض سلطتها وسيطرتها على قطعة من الأرض وتقيم حكومتها ومحاكمها الخاصة،وقيمة الحيوان هناك أعلى بكثير من قيمة الإنسان،ووضع البلد أقرب إلى المشاعية البدائية والقطعان البشرية،والفقر والبطالة والجوع والفساد في أعلى أرقامها،ناهيك عن الأمراض الفتاكة والغياب شبه الكلي للخدمات الطبية.
أما السودان فمخاطر تقسيمه الجغرافي أصبحت واقعاً،حيث تجري وبتدخلات أمريكية وأوروبية غربية محاولات لسلخ إقليم درافور عن الحكومة المركزية تحت حجج وذرائع ارتكاب الحكومة السودانية ورئيسها لجرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي بحق سكان الإقليم.
واليمن وحدته في مهب الريح وخطر وشبح الحرب الأهلية يخيم على البلد،والجماعات المتطرفة والسلفية والتكفيرية،تدخل البلد في أتون حرب داخلية تضيف خطراً للمخاطر القائمة.
والبلدان العربية الأخرى الحال فيها ليس بأحسن حال من البلدان المذكورة،حيث الحصار والجوع والفقر ومخاطر التقسيم والانفصال والتذرير والمذهبية والطائفية .
وتبقى هذه نشرة مختصرة للحالتين الفلسطينية والعربية،والمرشحة للمزيد من التدهور والانهيار في ظل غياب الوحدة والموقف الموحد وتفشي وطغيان القطرية ومصالحها على المصالح القومية والجمعية،وكل عيد وأنتم بألف خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق