د. محمد رحال
الاستعدادات والجهود الكبيرة التي بذلتها مصر من اجل ان يفوز وزير الثقافة المصري بمركز هام من المراكز العلمية العالمية هي استعدادات كبيرة ، ومع ان اغلب الجهود كانت شبه فردية من مصر ولم تلق دعما عربيا واسلاميا ، الا ان التصويت له الذي كان واستمر وعبر جولات خمس يمثل فصاما نكدا بين مجموعة الدول الفقيرة ودول العالم الثالث والتي تنتمي اليها غالبية الدول العربية ومنها مصر ، والدول ذات البعد الانمائي والغني والذي يميل للبشرة البيضاء ، وبالرغم من ان دولة مصر والتي نأت بنفسها بعيدا عن المسارات العربية والقومية والاسلامية وذلك بسبب المعاهدات التي كبلت وربطت وطوقت بها عنق الحكومات المصرية وسياسييها وشعبها برباط هذه الاتفاقيات والتي حولت مصر من عاصمة للثقافة العربية والاسلامية ولدول عالم الانحياز وكبرى العواصم الافريقية الى دولة تتسول رضى دولة اسرائيل .
بالرغم من هذا النوع من الجري وراء رضى الدولة الصهيونية فان الديبلوماسية المصرية فشلت في ايصال وزيرها الى ذلك المنصب وهو منصب يستحقه فاروق حسني ، ومن المفروض ان يكون للعرب عامة ولمصر بسبب تاريخها وموقعها خاصة ، وتعليق السياسة المصرية على الفشل بنيل ذلك المنصب واعتباره مؤامرة صهيونية هو اعتراف كامل بفشل هذه السياسة نفسها التي رهنت امتنا كلها بسبب ارتهان رأس هذه الامة المتمثل بمصر ووضعه في حالة اذلال امام اقدام الصهيونية يركلونه كيفما شاء ، وكان من الواجب حقا بعد هذا السقوط السياسي ان تستمر تلك السياسة وعلى نفس المنحنى الغافل وان تنبري مصر وسياسيوها الى الاجتماع والاعلان علنا ان مصر تنسحب من كل المعاهدات المذلة التي ارتهنت بها بعد مؤامرة دنيئة مرت فصولها بشكل مذل للعرب والمسلمين مرورا بالشعب المصري .
الوزير فاروق حسني بمواقفه التاريخية والتي تسجل له ولنا وباحساسه انه المرشح الافضل لهذا المنصب ، وهو محق بذلك ، معتمدا على تأييد عربي واسلامي ولمجموعة دول عدم الانحياز والدول الافريقية ، لم يكتف بكل هذا الدعم وانما كان مضطرا ان يحني رأسه بالمزيد من التصريحات التي تغازل دولة اسرائيل وتسترضيها ، ولكي يؤكد انه علماني و ند للاسلام فانه كان وراء منح كاتب معاد لرب اهل مصر ورسولها والذي هو من اكثر المستهزئين برسالة النور المحمدي وهو الكاتب القمي والذي حظي بنصيب كبير من الكراهية في العالم العربي والاسلامي وبحب خاص من عشاق السب الذين اعتقدوا ان العلمانية هي في احتقار شعوبهم وتاريخهم واصالتهم ،وذلك من خلال منحه جائزة الدولة التقديرية له ، ومع كل هذه التنازلات والاهتمام المفاجيء بمراقد ومرابط ابي حصيرة وغيره ، ومع اعتبار ان دولة اسرائيل دولة جارة وصديقة وشقيقة اكثر من الاشقاء في قطاع غزة ، ومع الاهتمام بسائحيهم وسائحاتهم والذين اعتادوا ان يدخلوا مصر وشرم الشيخ وسيناء من منافذ خاصة يلاقوا فيها كل الرعاية والحنان في الوقت الذي يستقبل فيه ابناء قطاع غزة في سجن خاص لعدة ايام ينام فيها ابناء القطاع نساء واطفالا وشيوخا ومرضى على الارض صيفا وشتاء والتي عجزت مالية الدولة المصرية عن ايجاد حل انساني لهذه الازمة والتي يزيد عمرها عن عمر معاهدة كامب ديفيد ، فمع كل هذا التنازل فان اللوبي الصهيوني العالمي وقف سدا منيعا امام فاروق حسني وقال له لا .. لا.. لن تمروا ..
المقلق في الموضوع هو مراحل الاستفزاز ومعها السياسة القذرة للكيان الصهيوني وللوبي الصهيوني والذي استجر مصر الى المزيد من الاهانة ثم قال لها عبر نتائج التصويت كما قال ابليس لربه .. ان الصهيونية بريئة من فاروق حسني وانهم يخافوا الله رب العالمين.
المحزن فعلا ان البعض فرح لهذه الهزيمة ، ولكن الواقع يؤكد ان خسارتنا لاي موقع عالمي هو خسارة عربية واسلامية كبرى مهما اتفقنا او اختلفنا مع السيد فاروق حسني ، واننا كعرب ومسلمين لانحسن ابدا ان نستفيد من الاتفاق او الاختلاف ، فلو نجح فاروق حسني في ان يحوز على منصب اليونسكو فانه وبالقطع لن يحمل سيفه لينقض على الثقافة العربية ويدمرها وهو وزير ثقافة لدولة عربية مهما ابتعدت او اقتربت منا ، فهي دولة عربية مسلمة نحبها وتحبنا وخسارتها لاي موقع هو خسارة لنا جمعيا ، ولقد كان على الدول العربية والاسلامية والافريقية والغير منحازة والتي تشكل ثلثي العالم ان تختارفاروق حسني وهو احد ابنائها ممثلا عنها ، وكان على الدول الاوروبية ان تتغاضى ولو لمرة واحدة عن عنصريتها فتترك لاحد ابناء الشمس السمر ان يتبوأ مكانا يستحقه ، ولكنها العنصرية ومعها سياسة الانحناء لدول العالم الثالث.
وامام هذه المؤامرة الصهيونية الدنيئة اجدني مضطرا ان اطلب من السيد فاروق حسني شخصيا ان يذهب الى هذا السجن الخاص بالقادمين من اهل غزة ، وان يهدمه ويبني لهم قاعات استقبال خمس نجوم تليق بشعب احب مصر وكرهته الصهيونية التي عادتك وابعدتك ، وبقاعات تليق بسمعة مصر وتاريخها فتسجل بذلك نقاطا هامة تحتسب لك عملا صالحا تسجل لك عند ملك عادل لامكان لديه للصهيونية العالمية.
هناك تعليق واحد:
بطرس بطرس غالي: كان امينا عاما مطيعا للامم المتحدة؛اطرح عليك سؤالا بماذا أفاد الامة العربية والامة الاسلامية؟؟ العمل في المنظمات الدولية لايكون بشطحات الخيال او الانغلاق الفكري بالطائفة او القوم. الادارة في المؤسسات الدولية ليست مشيخات او هيئات اخنيارية يتصرف بها شيخ القبيلة او المختار.الادارات الدولية تقوم على خطط موضوعة كميزانية الدولة ان ابتعد عنها يسمى فسادا اداريا ان لم يسمى اختلاسا. فعدم انتخاب فاروق حسني ليس الا خسارة لفاروق حسني لانه وحده خسر المسمى الوظيفي؛فلا دولته ولا امته خسرت شيئا! لقد حرصنا دائما على تضخيم امور لالشيء الا لأمر في نفس يعقوب. ابو سامي
إرسال تعليق