د. فايز أبو شمالة
أيُّ فلسطيني توهم للحظة أن تمنع السيد عباس عن لقاء "نتانياهو" هو موقف استراتيجي، ويعبر عن تبدل في السياسة الفلسطينية، فقد وقع في ضلال مبين، وتاه عن الخط المستقيم الذي اعتمد المفاوضات طريقاً وحيدةً لمواجهة الاحتلال، وكي لا يفاجأ أيُّ عربي من لقاء السيد عباس مع الإسرائيليين، أو من استئنافه للمفاوضات بعد أيام أو أسابيع، عليه أن يدرك أن تمنع عباس عن لقاء "نتانياهو" هو تمنع الدلال، وجس نبض الحال، والتريث قليلاً حتى انجلاء المشهد مع ساكن البيت الأبيض.
ولمن خانته الذاكرة، فقد ظل السيد عباس يجتمع، ويلتقي، ويقبل الإسرائيليين حتى بعد أن استل "أهود أولمرت" سكينه من قلب غزة، وتركها غارقة في دمائها، تخيلوا: حتى ذبح غزة لم يمنع السيد عباس ووزرائه، وقادة أجهزته الأمنية من لقاء "أولمرت" الذي مسح سكينه المغمس بدماء غزة في ربطة عنق عباس، وتخيلوا: أن اللقاءات مع الإسرائيليين تواصلت رغم تواصل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي فوق أراضي الضفة الغربية، والقدس! فما الذي استجد ليوقف السيد عباس اللقاءات، ويشترط وقف الاستيطان لتجدد المفاوضات؟
لقد راهن الفلسطينيون على فوز "تسفي لفني" في انتخابات حزب "كاديما" الداخلية، وأعرب أبو علاء قريع عن فرحته لفشل "شاءول موفاز" في منافستها على رئاسة الحزب، وراهن الفلسطينيون على فوز حزب "كاديما" في الانتخابات الإسرائيلية العامة، ووضعوا بيضهم السياسي كله في سلة المفاوضات، بعد أن توصلوا إلى تفاهمات معينة مع حكومة "أهود أولمرت"، فإذا بالانتخابات الإسرائيلية تفرز ما لا تشتهي السلطة الفلسطينية.
لقد وافق السيد عباس على اللقاء مع "نتانياهو" لأنه لا يمتلك مقومات رفض اللقاء، بعد أن قص أجنحة المقاومة، ووضع مقاليد القرار الفلسطيني في يد الرئيس الأمريكي، الذي أرسل مبعوثه "ميتشل" يفاوض الإسرائيليين على تجميد مؤقت للاستيطان نيابة عن الفلسطينيين، وعندما فشل ردد جملته المشهورة "تجميد الاستيطان ليس هدفاً بحد ذاته" وإنما الهدف هو استئناف المفاوضات. ولم يبق أمام السيد عباس إلا أن يرضخ، وهو يطعن أصدقاءه الإسرائيليين في حزب "كاديما" أولئك الذين نسق معهم، وتمنى فوزهم، ليجيء لقائه مع "نتانياهو" معززاً لمكانة اليمين الإسرائيلي، وهو يقدم لهم مبررات الثقة بمواقفهم المتطرفة، ليخرج نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي "سلفان شالوم" ببيان النصر، وهو يردد: "لا لتجميد الاستيطان". وكتجسيد عملي لهذا التصريح أعلن مجلس مستوطنة "بيتار عليت" عن تنفيذ بنية تحتية لحي استيطاني جديد في القدس.
إنه مسلسل الانهيار الذي بدأ مع اتفاقية أوسلو، ولن يتوقف عند لقاء، بل سيتواصل قريباً مع تجدد المفاوضات حتى تحقق الدولة العبرية أسمى أمانيها.
fshamala@yahoo.com
أيُّ فلسطيني توهم للحظة أن تمنع السيد عباس عن لقاء "نتانياهو" هو موقف استراتيجي، ويعبر عن تبدل في السياسة الفلسطينية، فقد وقع في ضلال مبين، وتاه عن الخط المستقيم الذي اعتمد المفاوضات طريقاً وحيدةً لمواجهة الاحتلال، وكي لا يفاجأ أيُّ عربي من لقاء السيد عباس مع الإسرائيليين، أو من استئنافه للمفاوضات بعد أيام أو أسابيع، عليه أن يدرك أن تمنع عباس عن لقاء "نتانياهو" هو تمنع الدلال، وجس نبض الحال، والتريث قليلاً حتى انجلاء المشهد مع ساكن البيت الأبيض.
ولمن خانته الذاكرة، فقد ظل السيد عباس يجتمع، ويلتقي، ويقبل الإسرائيليين حتى بعد أن استل "أهود أولمرت" سكينه من قلب غزة، وتركها غارقة في دمائها، تخيلوا: حتى ذبح غزة لم يمنع السيد عباس ووزرائه، وقادة أجهزته الأمنية من لقاء "أولمرت" الذي مسح سكينه المغمس بدماء غزة في ربطة عنق عباس، وتخيلوا: أن اللقاءات مع الإسرائيليين تواصلت رغم تواصل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي فوق أراضي الضفة الغربية، والقدس! فما الذي استجد ليوقف السيد عباس اللقاءات، ويشترط وقف الاستيطان لتجدد المفاوضات؟
لقد راهن الفلسطينيون على فوز "تسفي لفني" في انتخابات حزب "كاديما" الداخلية، وأعرب أبو علاء قريع عن فرحته لفشل "شاءول موفاز" في منافستها على رئاسة الحزب، وراهن الفلسطينيون على فوز حزب "كاديما" في الانتخابات الإسرائيلية العامة، ووضعوا بيضهم السياسي كله في سلة المفاوضات، بعد أن توصلوا إلى تفاهمات معينة مع حكومة "أهود أولمرت"، فإذا بالانتخابات الإسرائيلية تفرز ما لا تشتهي السلطة الفلسطينية.
لقد وافق السيد عباس على اللقاء مع "نتانياهو" لأنه لا يمتلك مقومات رفض اللقاء، بعد أن قص أجنحة المقاومة، ووضع مقاليد القرار الفلسطيني في يد الرئيس الأمريكي، الذي أرسل مبعوثه "ميتشل" يفاوض الإسرائيليين على تجميد مؤقت للاستيطان نيابة عن الفلسطينيين، وعندما فشل ردد جملته المشهورة "تجميد الاستيطان ليس هدفاً بحد ذاته" وإنما الهدف هو استئناف المفاوضات. ولم يبق أمام السيد عباس إلا أن يرضخ، وهو يطعن أصدقاءه الإسرائيليين في حزب "كاديما" أولئك الذين نسق معهم، وتمنى فوزهم، ليجيء لقائه مع "نتانياهو" معززاً لمكانة اليمين الإسرائيلي، وهو يقدم لهم مبررات الثقة بمواقفهم المتطرفة، ليخرج نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي "سلفان شالوم" ببيان النصر، وهو يردد: "لا لتجميد الاستيطان". وكتجسيد عملي لهذا التصريح أعلن مجلس مستوطنة "بيتار عليت" عن تنفيذ بنية تحتية لحي استيطاني جديد في القدس.
إنه مسلسل الانهيار الذي بدأ مع اتفاقية أوسلو، ولن يتوقف عند لقاء، بل سيتواصل قريباً مع تجدد المفاوضات حتى تحقق الدولة العبرية أسمى أمانيها.
fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق