د. أفنان القاسم
نحو مؤتمر بال فلسطيني 3
أولا وقبل كل شيء أريد أن يفهم القارئ وهو يفهم حتما ويعرف أن مئات آلاف المقالات التي دبجها المثقفون الفلسطينيون والعرب ومثقفو العالم بخصوص الحل الفلسطيني ذهبت أدراج الرياح، فلا الحاكم الفلسطيني أخذها بعين الاعتبار ولا الحاكم العربي ولا الحاكم الإسرائيلي ولا الحاكم الأميركي خاصة الذي يأتمر كل أولئك بأمره، وعندما نعلم أن ما يطبخ اليوم في البيت الأبيض يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، جاءت مبادرتي الرامية إلى تجسيم القول في الفعل، وإرغام كل الأطراف وأولهم الطرف الأميركي على الإصغاء لما يقوله المفكر الفلسطيني، والعمل بما يريده، فعقلنة السياسة ليست وليدة اليوم، ومحافل روما تشهد بذلك، يكفي أن يفرض العقل وجهة نظره، ولا يتم هذا عن طريق رسالة في الفلسفة أو مقالة في الاقتصاد، وإنما بالتوصل إلى برنامج عمل يكتبه كل المثقفين مهما كانت مشاربهم وأهواؤهم، والنزول به إلى ميادين السياسة والإعلام وإعجاز الفعل لا إعجاز الكلام. وهذا أول رد على الذين يتساءلون إذا ما كان المؤتمر مؤتمر العَلمانيين فقط، إنه مؤتمر الشعب الفلسطيني بكافة اتجاهاته، وكافة توجهاته، وهو مؤتمر كل المفكرين والأكاديميين والمثقفين. وهناك من يقول إن للمؤتمر حق الانعقاد وليس له حق التمثيل وهناك منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. والجواب على هذا بسيط: كل فلسطيني له حق تمثيل فلسطين، فما عساها تكون منظمة التحرير دون الفلسطينيين، والمؤتمر من أجل تأسيس دولة فلسطين وليس من أجل إطلاق الرصاصة الأولى، حسب هذا المفهوم منظمة التحرير قد ترهلت كمؤسسيها، وهي في وضعها الحالي عائق أمام قيام الدولة الفلسطينية، وإذا ما سلمنا بكل الحجج التمثيلية، المؤتمر لا يتعارض معها لأنه يرمي إلى تتويج المسار التحرري بالدولة، وهو كدينامية سيكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ممثلا ذا غاية محددة ومسئولية ملزمة لكافة الأطراف (أنقر على العنوان لقراءة باقي المقال).
يُحَيّي آخرون المؤتمر ويقترحون أن يكون لتوجيه النصح للساسة في غزة ورام الله والتقريب ما بينهما، بمعنى ممارسة ما يجري على الساحة اليوم من وساطات مصرية وسورية وعشائرية، والإبقاء على السياستين الحاليتين، بينما المؤتمر هو النفي الكلي والجذري لمثل هذه الممارسات وتلك السياسات، هذا لا يعني أنه النفي لحماس كتنظيم أو لفتح، هذا لا يعني أنه يطالب بحل الواحدة والأخرى، مثقفو فتح وحماس سيدعون مثل غيرهم لنقاش ورقة عمل، فلأدعها كذلك، خطتي للسلام التي صدرت في كتاب بالفرنسية منذ خمس سنوات، خطة ترمي إلى إقامة الدولة وعدم التفريط بأي حق لنا بعد أن تقترح لكل مسألة حلا، فمن منا يرفض الحل العادل، ومن منا لا يقبل بمبدأ المؤتمر المؤدي إلى وضع حد لعذابات شعبنا.
هناك من يقول إن المثقفين الفلسطينيين غير متفقين فيما بينهم فكيف تريدهم أن يتفقوا بسحر بال على برنامج لإقامة حفلة فما بالك دولة؟ وليس فقط المثقفون الفلسطينيون مختلفين فيما بينهم ولكن أيضا الفلسطينيين فيما بينهم، كل فلسطيني غير متفق مع كل فلسطيني، فرويد لو كان فلسطينيا لعجز عن علاجنا، هذا جزء من محنتنا، ولكني كما قلت بخصوص المسيسين أقول بخصوص المثقفين، فلا أحد على وجه الأرض يرفض منطق المؤتمر القائم على التوصل إلى تأسيس الدولة الفلسطينية وحل الفاجعة الفلسطينية، فإذا سار العقل حسب منطق يرضى عنه هذا العقل يمكن أن يكون للاختلاف الدور الخلاق الذي نبحث عنه.
وهناك من يثني على اختيار مكان المؤتمر ويحذر من انعقاده في بلد عربي بينما آخرون يفضلون انعقاده في بلد عربي ولا يرى هؤلاء البعد الرمزي لانعقاد المؤتمر في مدينة بال السويسرية حيث عقد هرتزل أول مؤتمر تأسيسي لإسرائيل، كما أن مجرد انعقاد المؤتمر في بال سيكون هزة أرضية تحت قدمي الحاكم الإسرائيلي، فكل تاريخ الصهيونية أقيم على أرض هذه المدينة المفتوحة اليوم للفلسطينيين.
لأوضح ما هو هام: المؤتمر سيقام بناء على ورقة عمل والتي هي كما ذكرت خطتي للسلام، في يومه الأول ستضم جلسة الافتتاح المثقفين الفلسطينيين والعرب والمثقفين في إسرائيل والعالم. وفي وقت لاحق سيجتمع المثقفون الفلسطينيون وحدهم لتتفرع عنهم لجان سياسية واقتصادية واجتماعية ولجنة بخصوص القدس وأخرى بخصوص المستوطنات وثالثة بخصوص المياه إلى آخره، هذه اللجان ستكون هي المخولة فيما بعد وقد وسعت الخطة ومتنتها بالتفاوض، أضف إلى ذلك أن المؤتمر سيقر في إنشاء ثلاثة أحزاب جديدة، دينمو العمل على الساحة الفلسطينية، يسار ويمين ووسط، إذ بدون هذه الأحزاب لن تتجسد مطامح المؤتمر على الأرض، وبدخول هذه الأحزاب منظمة التحرير الفلسطينية كشريكة لا كشكلة على صدر عباس مثلما كانت الشعبية والديمقراطية شكلة على صدر عرفات، وكعنصر فعال بنسبة مئوية متساوية وباقي التنظيمات، هنا يمكننا الحديث عن إخلاء دكتاتورية فتح المكان لديمقراطية حقة تهيئ لانتخابات تأسيسية بعد تأسيس الدولة.
في اليوم الثاني للمؤتمر سيكون لقاء المثقفين الفلسطينيين بالمثقفين العرب ليلعبوا الدور المشرف المنتظر منهم في بلدانهم ويفرضوا على الحاكم لأول مرة في تاريخهم وجهة نظرهم ووجهة نظرنا بخصوص التأسيس لدولة فلسطينية ديمقراطية والتهيئة للاتحاد المشرقي كما جاء في خطتي للسلام، وستكون هناك لجان مشتركة.
في اليوم الثالث للمؤتمر صبيحته ستكون للقاء بالمثقفين الإسرائيليين فالسلام معهم والاتحاد بيننا وبينهم وعشيته ستكون للقاء بالمثقفين في العالم وخاصة في أمريكا لتنتح عن هذا اللقاء لجان لها الغرض نفسه الضغط على حكوماتهم والتطمين لشعوبهم.
وفي المساء سيشمل المؤتمر كل المدعوين لحفل الختام والعمل ابتداء من يومه التالي.
ramus105@yahoo.fr
أولا وقبل كل شيء أريد أن يفهم القارئ وهو يفهم حتما ويعرف أن مئات آلاف المقالات التي دبجها المثقفون الفلسطينيون والعرب ومثقفو العالم بخصوص الحل الفلسطيني ذهبت أدراج الرياح، فلا الحاكم الفلسطيني أخذها بعين الاعتبار ولا الحاكم العربي ولا الحاكم الإسرائيلي ولا الحاكم الأميركي خاصة الذي يأتمر كل أولئك بأمره، وعندما نعلم أن ما يطبخ اليوم في البيت الأبيض يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، جاءت مبادرتي الرامية إلى تجسيم القول في الفعل، وإرغام كل الأطراف وأولهم الطرف الأميركي على الإصغاء لما يقوله المفكر الفلسطيني، والعمل بما يريده، فعقلنة السياسة ليست وليدة اليوم، ومحافل روما تشهد بذلك، يكفي أن يفرض العقل وجهة نظره، ولا يتم هذا عن طريق رسالة في الفلسفة أو مقالة في الاقتصاد، وإنما بالتوصل إلى برنامج عمل يكتبه كل المثقفين مهما كانت مشاربهم وأهواؤهم، والنزول به إلى ميادين السياسة والإعلام وإعجاز الفعل لا إعجاز الكلام. وهذا أول رد على الذين يتساءلون إذا ما كان المؤتمر مؤتمر العَلمانيين فقط، إنه مؤتمر الشعب الفلسطيني بكافة اتجاهاته، وكافة توجهاته، وهو مؤتمر كل المفكرين والأكاديميين والمثقفين. وهناك من يقول إن للمؤتمر حق الانعقاد وليس له حق التمثيل وهناك منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. والجواب على هذا بسيط: كل فلسطيني له حق تمثيل فلسطين، فما عساها تكون منظمة التحرير دون الفلسطينيين، والمؤتمر من أجل تأسيس دولة فلسطين وليس من أجل إطلاق الرصاصة الأولى، حسب هذا المفهوم منظمة التحرير قد ترهلت كمؤسسيها، وهي في وضعها الحالي عائق أمام قيام الدولة الفلسطينية، وإذا ما سلمنا بكل الحجج التمثيلية، المؤتمر لا يتعارض معها لأنه يرمي إلى تتويج المسار التحرري بالدولة، وهو كدينامية سيكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ممثلا ذا غاية محددة ومسئولية ملزمة لكافة الأطراف (أنقر على العنوان لقراءة باقي المقال).
يُحَيّي آخرون المؤتمر ويقترحون أن يكون لتوجيه النصح للساسة في غزة ورام الله والتقريب ما بينهما، بمعنى ممارسة ما يجري على الساحة اليوم من وساطات مصرية وسورية وعشائرية، والإبقاء على السياستين الحاليتين، بينما المؤتمر هو النفي الكلي والجذري لمثل هذه الممارسات وتلك السياسات، هذا لا يعني أنه النفي لحماس كتنظيم أو لفتح، هذا لا يعني أنه يطالب بحل الواحدة والأخرى، مثقفو فتح وحماس سيدعون مثل غيرهم لنقاش ورقة عمل، فلأدعها كذلك، خطتي للسلام التي صدرت في كتاب بالفرنسية منذ خمس سنوات، خطة ترمي إلى إقامة الدولة وعدم التفريط بأي حق لنا بعد أن تقترح لكل مسألة حلا، فمن منا يرفض الحل العادل، ومن منا لا يقبل بمبدأ المؤتمر المؤدي إلى وضع حد لعذابات شعبنا.
هناك من يقول إن المثقفين الفلسطينيين غير متفقين فيما بينهم فكيف تريدهم أن يتفقوا بسحر بال على برنامج لإقامة حفلة فما بالك دولة؟ وليس فقط المثقفون الفلسطينيون مختلفين فيما بينهم ولكن أيضا الفلسطينيين فيما بينهم، كل فلسطيني غير متفق مع كل فلسطيني، فرويد لو كان فلسطينيا لعجز عن علاجنا، هذا جزء من محنتنا، ولكني كما قلت بخصوص المسيسين أقول بخصوص المثقفين، فلا أحد على وجه الأرض يرفض منطق المؤتمر القائم على التوصل إلى تأسيس الدولة الفلسطينية وحل الفاجعة الفلسطينية، فإذا سار العقل حسب منطق يرضى عنه هذا العقل يمكن أن يكون للاختلاف الدور الخلاق الذي نبحث عنه.
وهناك من يثني على اختيار مكان المؤتمر ويحذر من انعقاده في بلد عربي بينما آخرون يفضلون انعقاده في بلد عربي ولا يرى هؤلاء البعد الرمزي لانعقاد المؤتمر في مدينة بال السويسرية حيث عقد هرتزل أول مؤتمر تأسيسي لإسرائيل، كما أن مجرد انعقاد المؤتمر في بال سيكون هزة أرضية تحت قدمي الحاكم الإسرائيلي، فكل تاريخ الصهيونية أقيم على أرض هذه المدينة المفتوحة اليوم للفلسطينيين.
لأوضح ما هو هام: المؤتمر سيقام بناء على ورقة عمل والتي هي كما ذكرت خطتي للسلام، في يومه الأول ستضم جلسة الافتتاح المثقفين الفلسطينيين والعرب والمثقفين في إسرائيل والعالم. وفي وقت لاحق سيجتمع المثقفون الفلسطينيون وحدهم لتتفرع عنهم لجان سياسية واقتصادية واجتماعية ولجنة بخصوص القدس وأخرى بخصوص المستوطنات وثالثة بخصوص المياه إلى آخره، هذه اللجان ستكون هي المخولة فيما بعد وقد وسعت الخطة ومتنتها بالتفاوض، أضف إلى ذلك أن المؤتمر سيقر في إنشاء ثلاثة أحزاب جديدة، دينمو العمل على الساحة الفلسطينية، يسار ويمين ووسط، إذ بدون هذه الأحزاب لن تتجسد مطامح المؤتمر على الأرض، وبدخول هذه الأحزاب منظمة التحرير الفلسطينية كشريكة لا كشكلة على صدر عباس مثلما كانت الشعبية والديمقراطية شكلة على صدر عرفات، وكعنصر فعال بنسبة مئوية متساوية وباقي التنظيمات، هنا يمكننا الحديث عن إخلاء دكتاتورية فتح المكان لديمقراطية حقة تهيئ لانتخابات تأسيسية بعد تأسيس الدولة.
في اليوم الثاني للمؤتمر سيكون لقاء المثقفين الفلسطينيين بالمثقفين العرب ليلعبوا الدور المشرف المنتظر منهم في بلدانهم ويفرضوا على الحاكم لأول مرة في تاريخهم وجهة نظرهم ووجهة نظرنا بخصوص التأسيس لدولة فلسطينية ديمقراطية والتهيئة للاتحاد المشرقي كما جاء في خطتي للسلام، وستكون هناك لجان مشتركة.
في اليوم الثالث للمؤتمر صبيحته ستكون للقاء بالمثقفين الإسرائيليين فالسلام معهم والاتحاد بيننا وبينهم وعشيته ستكون للقاء بالمثقفين في العالم وخاصة في أمريكا لتنتح عن هذا اللقاء لجان لها الغرض نفسه الضغط على حكوماتهم والتطمين لشعوبهم.
وفي المساء سيشمل المؤتمر كل المدعوين لحفل الختام والعمل ابتداء من يومه التالي.
ramus105@yahoo.fr
الدكتور افنان القاسم – كاتب ومفكر فلسطيني وصاحب موقع:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق