حسام الدجني
يشهد إقليم الشرق الأوسط العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية, حتى أصبحت تلك الأزمات سمة تميز هذا الإقليم, فلن تخلو دولة من دول الإقليم من أزمة تستنزف عناصر القوة التي تميزها عن غيرها من الدول, فهل قدر هذه الدول أن تبقى تدور في فلك تلك الأزمات؟ وما هي هذه الأزمات؟ وما هي الآليات المقترحة لإدارة تلك الأزمات؟
يشكل إقليم الشرق الأوسط مطمعاً استعمارياً كبيراً كونه يضم اكبر مخزون من النفط والذي يشكل أساس الصناعة عند الدول الكبرى, إضافة إلى موقعه الاستراتيجي الهام, ورغبة من تلك الدول في حماية الكيان الإسرائيلي, والذي يشكل بؤرة سرطانية في قلب الأمة العربية والإسلامية في تلك الإقليم.
معظم الأزمات التي يشهدها إقليم الشرق الأوسط هي أزمات مصنوعة من الدول الكبرى, وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية, حيث تعمل مراكز الأبحاث والدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية صباح مساء في تنفيذ مخططات مرسومة ومدروسة للسيطرة على الإقليم, عبر إنهاكه في صراعات داخلية واستنزاف طاقاته للسيطرة عليه وعلى ثرواته.
هناك ثلاث مرتكزات أساسية تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية في سياساتها الخارجية وهي:
1- التهديد العسكري (التلويح بالعصا).
2- المساعدات الاقتصادية (التلويح بالجزرة).
3- العمليات السرية (صناعة الأزمات).
يشكل قيام دولة إسرائيل عام 1948 الأزمة الكبرى في إقليم الشرق الأوسط, حيث يعتبر الصراع العربي الإسرائيلي أحد أهم الأسباب وراء ضعف وهوان وتشرذم الموقف العربي والإسلامي.
أيضا تشكل أزمة الثقة وغياب الارداة السياسية عند الأنظمة الحاكمة في الإقليم وتبعيتها السياسية والاقتصادية للرأسمالية العالمية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية, تجعل من إقليم الشرق الأوسط أرضية خصبة للتدخلات الإقليمية والدولية, عبر ما اصطلحته السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بــ (الفوضى الخلاقة).
ثم تأتي أزمة الملف النووي الإيراني والتي تظهر ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب, فهوى لا يرى المفاعل النووي الإسرائيلي بديمونا, ولكنه يرى مفاعل بوشهر وغيره.
أيضا احتلال العراق تم عبر صناعة أزمة افتعلها السفير الأمريكي في بغداد, عبر الهمس في أذن الرئيس صدام حسين بأن دولة الكويت هي أرض عراقية وان الولايات المتحدة لا تمانع من سيطرة العراق عليها, فسقط صدام حسين في الفخ الأمريكي واحتل الكويت, فوجدت الولايات المتحدة الذريعة الإنسانية التي تتذرع بها دائماً, ولكن هدف الولايات المتحدة ليس الكويت ولا غيرها وإنما هو تقسيم العراق, والسيطرة على ثرواته كون العراق هو آخر منطقة جغرافية ينضب بها النفط.
ثم صنعت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة وحركة طالبان لضرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان, ووجدت من مصطلح الإرهاب الدولي بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر, ذريعة للسيطرة على أفغانستان, وفعلت ذلك.
السفارة الأمريكية في بيروت تعمل كخلية نحل من أجل تأجيج الساحة اللبنانية عبر دعم أطراف على حساب أطراف أخرى, وتقسيم لبنان طائفياً وجغرافيا, حتى يبقى يدور في فلك الأزمات.
مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وهما من محور الاعتدال كما يحلو للولايات المتحدة الأمريكية تسميتهم, تعمل الولايات المتحدة على صناعة أزمات داخل هذه الدول فتارة يلوحون بحقوق الإنسان, وتارة يلوحون بالديمقراطية, وتارة أخرى يحركون موضوع الأقباط, ويهددون بالمساعدة الاقتصادية الخ.
والآن يوافق البنك الدولي على دعم مشروع قناة البحرين والتي تربط خليج العقبة بالبحر الميت ومن ثم يتم ربطها بالبحر المتوسط في مشروع يفوق تكلفته 2 مليار دولار, في خطة تهدف لضرب العلاقات الأردنية المصرية والفلسطينية, كون هذه القناة تشكل تهديداً استراتجيا للملاحة داخل قناة السويس, وتشكل داعماً للاقتصاد الأردني, ولكن المستفيد الأول والأخير هي إسرائيل.
قطاع غزة والذي فرض عليه حصار سياسي واقتصادي منذ ثلاث سنوات هو الآخر يشهد صناعة أزمات, عبر استنزاف طاقة حركة حماس وحكومتها في مشاكل جانبية وسياسية واقتصادية قد تشغل الحركة عن مشروعها الاستراتيجي وهو تحرير فلسطين بالمقاومة.
سوريا هي الأخرى هدف من أهداف السياسة الخارجية الأمريكية, وما اغتيال الشهيد رفيق الحريري هو احد أشكال صناعة الأزمات, لتمرير سياسات دولية ومخططات جديدة للمنطقة.
دول الخليج العربي تشهد هي الأخرى تهديداً أمريكياً, عبر إشاعة أجواء التوتر في المنطقة, وإشاعة خطر الأطماع الإيرانية عبر امتلاكها السلاح النووي, ولكنها في حقيقة الأمر تهدف إلى إقامة القواعد العسكرية, ولكن الهدف الرئيس من ذلك هو السيطرة المطلقة على كل مقدرات المنطقة.
قراصنة الصومال والذين يهددون المصالح العربية ويهددون الملاحة في قناة السويس, هم أيضا يندرجون ضمن صناعة الأزمات, حيث ترغب الولايات المتحدة في السيطرة الكاملة على البحر الأحمر وخليج عدن, تحت ذريعة حماية الملاحة داخل المياه الاقليمية.
علاقات إسرائيل بأثيوبيا ودول حوض النيل وتندرج زيارة ليبرمان إلى أثيوبيا ضمن هذا المخطط, حيث تعمل إسرائيل عبر نفوذها في أثيوبيا السيطرة على مصر من خلال التلويح بإنشاء سدود ومشاريع مائية داخل أثيوبيا, مما يشكل تهديد للأمن القومي المصري والسوداني عبر تقليل كمية المياه التي تصل إلى الدولتين من منابع نهر النيل.
أزمة دارفور في السودان تندرج ضمن صناعة الأزمات لتقسيم السودان والسيطرة على ثرواته.
أزمة الأقليات في الشرق الأوسط والتي تعمل على إثارتها بعض الأدوات الإعلامية في المنطقة والتي تدعم الرؤية الأمريكية, وما خريطة الدم التي كشفتها إحدى المجلات الأمريكية في العام 2005, والتي تدعو إلى تقسيم دول إقليم الشرق الأوسط حسب الأقلية الاثنية.
وهناك العديد من الأزمات التي تنتظر المنطقة والتي نتمنى أن يتم إدارتها لترتد على صانعيها, كونها تندرج ضمن العمليات السرية التي لم يتم الإفصاح عنها.
الآليات المقترحة لإدارة تلك الأزمات؟
1- بناء اتحاد فدرالي عربي, تقوده الجامعة العربية, وتكون قراراته ملزمة للجميع.
2- التوزيع العادل لثروات المنطقة, واستغلال الإمكانات البشرية والمادية في إقليم الشرق الأوسط.
3- بناء اقتصاد حر غير تابع لأي نظام دولي.
4- دعم جميع الشعوب المحتلة في فلسطين والعراق وأفغانستان ومساعدتها على الاستقلال والاستقرار.
5- تبني الخيار الديمقراطي الحر والنزيه في تداول السلطة.
6- توحيد الجهود العربية والإسلامية في إدارة الأزمات الدولية التي تضرب المشروع العربي الموحد.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
يشهد إقليم الشرق الأوسط العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية, حتى أصبحت تلك الأزمات سمة تميز هذا الإقليم, فلن تخلو دولة من دول الإقليم من أزمة تستنزف عناصر القوة التي تميزها عن غيرها من الدول, فهل قدر هذه الدول أن تبقى تدور في فلك تلك الأزمات؟ وما هي هذه الأزمات؟ وما هي الآليات المقترحة لإدارة تلك الأزمات؟
يشكل إقليم الشرق الأوسط مطمعاً استعمارياً كبيراً كونه يضم اكبر مخزون من النفط والذي يشكل أساس الصناعة عند الدول الكبرى, إضافة إلى موقعه الاستراتيجي الهام, ورغبة من تلك الدول في حماية الكيان الإسرائيلي, والذي يشكل بؤرة سرطانية في قلب الأمة العربية والإسلامية في تلك الإقليم.
معظم الأزمات التي يشهدها إقليم الشرق الأوسط هي أزمات مصنوعة من الدول الكبرى, وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية, حيث تعمل مراكز الأبحاث والدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية صباح مساء في تنفيذ مخططات مرسومة ومدروسة للسيطرة على الإقليم, عبر إنهاكه في صراعات داخلية واستنزاف طاقاته للسيطرة عليه وعلى ثرواته.
هناك ثلاث مرتكزات أساسية تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية في سياساتها الخارجية وهي:
1- التهديد العسكري (التلويح بالعصا).
2- المساعدات الاقتصادية (التلويح بالجزرة).
3- العمليات السرية (صناعة الأزمات).
يشكل قيام دولة إسرائيل عام 1948 الأزمة الكبرى في إقليم الشرق الأوسط, حيث يعتبر الصراع العربي الإسرائيلي أحد أهم الأسباب وراء ضعف وهوان وتشرذم الموقف العربي والإسلامي.
أيضا تشكل أزمة الثقة وغياب الارداة السياسية عند الأنظمة الحاكمة في الإقليم وتبعيتها السياسية والاقتصادية للرأسمالية العالمية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية, تجعل من إقليم الشرق الأوسط أرضية خصبة للتدخلات الإقليمية والدولية, عبر ما اصطلحته السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بــ (الفوضى الخلاقة).
ثم تأتي أزمة الملف النووي الإيراني والتي تظهر ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب, فهوى لا يرى المفاعل النووي الإسرائيلي بديمونا, ولكنه يرى مفاعل بوشهر وغيره.
أيضا احتلال العراق تم عبر صناعة أزمة افتعلها السفير الأمريكي في بغداد, عبر الهمس في أذن الرئيس صدام حسين بأن دولة الكويت هي أرض عراقية وان الولايات المتحدة لا تمانع من سيطرة العراق عليها, فسقط صدام حسين في الفخ الأمريكي واحتل الكويت, فوجدت الولايات المتحدة الذريعة الإنسانية التي تتذرع بها دائماً, ولكن هدف الولايات المتحدة ليس الكويت ولا غيرها وإنما هو تقسيم العراق, والسيطرة على ثرواته كون العراق هو آخر منطقة جغرافية ينضب بها النفط.
ثم صنعت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة وحركة طالبان لضرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان, ووجدت من مصطلح الإرهاب الدولي بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر, ذريعة للسيطرة على أفغانستان, وفعلت ذلك.
السفارة الأمريكية في بيروت تعمل كخلية نحل من أجل تأجيج الساحة اللبنانية عبر دعم أطراف على حساب أطراف أخرى, وتقسيم لبنان طائفياً وجغرافيا, حتى يبقى يدور في فلك الأزمات.
مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وهما من محور الاعتدال كما يحلو للولايات المتحدة الأمريكية تسميتهم, تعمل الولايات المتحدة على صناعة أزمات داخل هذه الدول فتارة يلوحون بحقوق الإنسان, وتارة يلوحون بالديمقراطية, وتارة أخرى يحركون موضوع الأقباط, ويهددون بالمساعدة الاقتصادية الخ.
والآن يوافق البنك الدولي على دعم مشروع قناة البحرين والتي تربط خليج العقبة بالبحر الميت ومن ثم يتم ربطها بالبحر المتوسط في مشروع يفوق تكلفته 2 مليار دولار, في خطة تهدف لضرب العلاقات الأردنية المصرية والفلسطينية, كون هذه القناة تشكل تهديداً استراتجيا للملاحة داخل قناة السويس, وتشكل داعماً للاقتصاد الأردني, ولكن المستفيد الأول والأخير هي إسرائيل.
قطاع غزة والذي فرض عليه حصار سياسي واقتصادي منذ ثلاث سنوات هو الآخر يشهد صناعة أزمات, عبر استنزاف طاقة حركة حماس وحكومتها في مشاكل جانبية وسياسية واقتصادية قد تشغل الحركة عن مشروعها الاستراتيجي وهو تحرير فلسطين بالمقاومة.
سوريا هي الأخرى هدف من أهداف السياسة الخارجية الأمريكية, وما اغتيال الشهيد رفيق الحريري هو احد أشكال صناعة الأزمات, لتمرير سياسات دولية ومخططات جديدة للمنطقة.
دول الخليج العربي تشهد هي الأخرى تهديداً أمريكياً, عبر إشاعة أجواء التوتر في المنطقة, وإشاعة خطر الأطماع الإيرانية عبر امتلاكها السلاح النووي, ولكنها في حقيقة الأمر تهدف إلى إقامة القواعد العسكرية, ولكن الهدف الرئيس من ذلك هو السيطرة المطلقة على كل مقدرات المنطقة.
قراصنة الصومال والذين يهددون المصالح العربية ويهددون الملاحة في قناة السويس, هم أيضا يندرجون ضمن صناعة الأزمات, حيث ترغب الولايات المتحدة في السيطرة الكاملة على البحر الأحمر وخليج عدن, تحت ذريعة حماية الملاحة داخل المياه الاقليمية.
علاقات إسرائيل بأثيوبيا ودول حوض النيل وتندرج زيارة ليبرمان إلى أثيوبيا ضمن هذا المخطط, حيث تعمل إسرائيل عبر نفوذها في أثيوبيا السيطرة على مصر من خلال التلويح بإنشاء سدود ومشاريع مائية داخل أثيوبيا, مما يشكل تهديد للأمن القومي المصري والسوداني عبر تقليل كمية المياه التي تصل إلى الدولتين من منابع نهر النيل.
أزمة دارفور في السودان تندرج ضمن صناعة الأزمات لتقسيم السودان والسيطرة على ثرواته.
أزمة الأقليات في الشرق الأوسط والتي تعمل على إثارتها بعض الأدوات الإعلامية في المنطقة والتي تدعم الرؤية الأمريكية, وما خريطة الدم التي كشفتها إحدى المجلات الأمريكية في العام 2005, والتي تدعو إلى تقسيم دول إقليم الشرق الأوسط حسب الأقلية الاثنية.
وهناك العديد من الأزمات التي تنتظر المنطقة والتي نتمنى أن يتم إدارتها لترتد على صانعيها, كونها تندرج ضمن العمليات السرية التي لم يتم الإفصاح عنها.
الآليات المقترحة لإدارة تلك الأزمات؟
1- بناء اتحاد فدرالي عربي, تقوده الجامعة العربية, وتكون قراراته ملزمة للجميع.
2- التوزيع العادل لثروات المنطقة, واستغلال الإمكانات البشرية والمادية في إقليم الشرق الأوسط.
3- بناء اقتصاد حر غير تابع لأي نظام دولي.
4- دعم جميع الشعوب المحتلة في فلسطين والعراق وأفغانستان ومساعدتها على الاستقلال والاستقرار.
5- تبني الخيار الديمقراطي الحر والنزيه في تداول السلطة.
6- توحيد الجهود العربية والإسلامية في إدارة الأزمات الدولية التي تضرب المشروع العربي الموحد.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق