الثلاثاء، سبتمبر 08، 2009

قطار الأمل

انطوني ولسن
استراليا

بداية اتقدم بالشكر الى القائمين على قناة «الحياة» القناة التي ايقظت الأمل في قلوب وافئدة وعقول المظلومين والمضطهدين والمغيبين، وتساعدهم في البحث عن الطريق الصحيح الذي يجب ان يسلكوه، لاسترداد حقوقهم المسلوبة، والوقوف في وجه الظلم والاضطهاد دون خوف، وتنير بصيرة المغيبين لمعرفة طريق الحق والحياة.. الذي هو الرب يسوع المسيح الذي قال عن نفسه.. انا هو الطريق والحق والحياة.

قدم الأخ رشيد في برنامجه «سؤال جريء»، الاستاذ مجدي خليل على مدى حلقتين متتاليتين بتاريخ 21/8، 28/8/2009 حسب التوقيت المحلي لمدينة سدني.. وكعادة الاستاذ مجدي خليل كان مستعدا كباحث وكاتب ومهموم بالشأن المصري الذي تحول فيه المجتمع الى مجتمع غير مدني.. مجتمع تحكمه افكار واراء دخيلة على مصر والشعب المصري. مجتمع اصبح كارها لنفسه وللغير وليس من المهم من يكون هذا الغير.. غضب مكبوت.. صوت «مبحوح» لا يخرج واضحا فنسمعه «محشرجا» كاصوات من على فراش الموت..

هذا الشعب المصري الذي واجه على مدار التاريخ أعتى الجبابرة.. قتلوا منه من قتلوا.. ولكنهم لم يقتلوا فيه روح حب مصرواخوة لهم فيالوطن.. لا بسبب اختلافات سياسية او عقائدية دينية او غير دينية.. شعب مصر لم يعرف في تاريخه الطويل العريق معنى كُره الأخ لأخيه. بل كانت المحن هي الجامع لوحدتهم وتماسكهم والوقوف كبناء مرصوص شامخ في مواجهة اي محنة مهما كان حجمها.

اما اليوم فقد تغير المصري الذي عرف عنه الشهامة والحكمة وتميز بالحب الذي شيد به حضارته وعظمته الخالدة خلود الزمن.

في بداية مجيئنا هنا الى سدني/استراليا.. استأجرنا منزلا من رجل يوناني اسمه جورج وزوجته سيا، وما أن عرف اننا من مصر.. مصريون لم يصدق نفسه.. لان مصر ملاذ لكل مضطهد وجائع وهارب من ظلم.. فكيف يهاجر الى استراليا وغير استراليا هذا المصري العظيم.

وضمن ما قمت به من عمل ايضا في بداية حياتي في استراليا محصلا «كمسارى» في مصلحة المواصلات فرع «الباصات» وكان هدفي هو الاحتكاك بالطلبة اثناء ذهابهم الى مدارسهم ومدى مقدرتي على الالتحام بهم كمدرس بعد ان وافقت وزارة التعليم على تعييني مدرسا، وكذلك المدارس الكاثوليكية الخاصة.. وحدث ذات يوم ان راكبه «عجوز» ارادت ان تهبط من سلم «الباص» واردت مساعدتها، فاستأذنتها بان امد يد المساعدة لها.. فرحت بعد ذلك سألتني



عن وطني الذي جئت منه.. فأخبرتها بانني مصري.. نظرت إلي مبتسمة وقالت مبارك شعب مصر.

خرجت عن الموضوع قليلاً ليعرف القارئ رأي الناس في المصري والشعب المصري.

واعود الى الأخ مجدي خليل وابحاثه وكتاباته التي اتابعها منذ سنوات كثيرة عديدة، استشهد بما يكتب في كثير من كتاباتي كمصدر موثوق به.

بل لقد تشرفت بلقاءه هنا في سيدني عندما دعته جريدة «المصري» التي تصدر في استراليا واقامت حفلا كبيرا دعت اليه فاعليات الجالية المصرية والعربية في سدني. والتقيت به في الحفل.. بعد ذلك استأذنت الأخ فكري مكس صاحب الجريدة في دعوة الأستاذ مجدي خليل لقضاء وقت مع عدد من الأقباط في سيدني، وكان لقاء وسهرة متعة للحوارات والمناقشات والموضوعات التي طرحت في تلك الليلة، وقمت بنشرها في كل من جريدة «المصري» وجريدة «المستقبل» اللبنانية ايضا.

مرة أخرى اعتذر للقارئ للحديث بعيدا عن صلب الموضوع الذي وضعت له عنوانا «قطار الأمل» وإن كنت ارى ان في هذا السرد تسليط الأضواء على الشعب المصري والسمعة الطيبة التي يتمتع بها في العالم. وعلى رجل ناشط قبطي اتخذ من الكلمة مصباح ينير به عقول المصريين اولا والعالم ثانيا. لأن المصريين هم اكثر الناس حاجة الى انارة طريق الحياة المظلم الذي يعيشونه منذ الانقلاب العسكري الى اليوم، مع الاحاطة بأن الثلاثين سنة الماضية هي اسوأ سنوات مرت على الشعب المصري وطبيعي على مصر وسمعتها في الخارج.

وهنا أريد ان اقول الى الاستاذ مجدي خليل وكل مهموم مصري قبطي مسيحي او مصري قبطي مسلم.. وأشدد على كلمة مسلم لانني مقتنع ومؤمن بانه مغيب وضائعة حقوقه التي اهمها حرية التعبير والكلام والحياة التي يختارها دون الخضوع والخنوع الى هذا المفكر او ذاك المتطرف باسم الدين. وأصبح المسلم في مصر كالأنسان الآلي المبرمج ليقول ويعمل ويعيش بالرموت كنترول الذي يمسك به كل شيخ ومفتي يحركه كيفما شاء في اي اتجاه شاء، وهو «الشيخ والمفتي» مثل الانسان الآلي المبرمج ليقول ويعمل ويعيش برموت كنترول ممسكا به دعاة الوهابية الكارهين للغير حتى لو كان هذا الغير مسلما سنيا ولكنه غير وهابي. فما بالنا بالمسيحي!!. وقد كانت عند محمد علي باشا رؤية واضحة لخطورة دعوة محمد بن عبد الوهاب ومحاربته وهزيمته وضم «محمد علي» الحجاز الى مصر. ولكن للشيطان اذرع كثيرة، والطريق الى الجحيم مفروش بالورود والوعود والأماني البراقة الكاذبة المخادعة، وهذا ما حدث ويحدث للمصري القبطي المسلم الذي في اشد الحاجة الى من يأخذ بيده ويخرجه من مستنقع الجهل والتعصب والكره، ويعبربه الى حياة العمل والأمل والحب لمصر ولكل مصري.

قطار الأمل يركبه كل من يرى في نفسه المقدرةعلى تحمل مشقات السفر الطويل.. لان كل انسان اعطاه الله وزنة ليستثمرها.. ولا فرق بين من عنده وزنة واحدة ومن عنده عشرات الوزنات طالما استثمر كل واحد ما عنده من وزنات.

قطار الامل يجب ان تحدد وجهته التي سيتجه اليها والمحطات التي سيقف عليها لإلتقاط اصحاب وزنات جدد من كل محطة يقف عليها وتوصيل الأمل العملي الى كل محتاج للمعرفة عن وجهة نظر ركاب هذا القطار.. قطار الأمل.. فيتحول قطار الأمل ايضا الى قطار الأمل والعمل.

كلنا نعرف بديهيا ان القطار يسير على قضيبين لهما اتجاه واحد ومتوازيان..

لذا يجب ان يكون مسار قطار الأمل والعمل في اتجاهين متوازيين متجهين بالقطار الى الجهة المحددة له.

احد الاتجاهين نسميه اتجاه المطالبة والثاني نسميه اتجاه التوعية وكل منهما له اهمية هامة ومتساوية.. فلا مطالبة بدون توعية.. ولا توعية بدون معرفة واضحة للمطالبة.

المطالبة كثيرة ومتعددة.. لكن اهم بنودها إلغاء اي مادة من مواد الدستور يُشتم منها رائحة تفتيت وحدة الشعب المصري ولا تعمل على المساواة بين ابناء مصر لاي سبب حتى لو كان الدين. وطبيعي عدم وجود المادة الثانية او اي مادة قد تحل محلها وتدور حول نفس هدف ومغزى هذه المادة التي نطالب بالغائها. ولا شك ان التعليم في مصر يحتاج الى التغير الجذري في مناهجه وايضا الخطاب الديني الذي يؤثر تأثيرا سلبيا على علاقة ابناء مصر بعضهم لبعض هذه الايام ومنذ سنوات . لان الانسان المصري اذا حصل على حقوقه كاملة، فلن يشعر احد انه أقل من الاخر او افضل منه سواء بسبب الدين او العرق او الجنس او اللون. وأشياء اخرى كثيرة ولكن لا يجب تقسيم المطالب ونضغط على بعضها ونتساهل مع البعض الآخر.. لانه اذا حصل صاحب الحق المسلوب على حقه كاملا.. فلن نجد للحق المسلوب مكانا بيننا. ومع إلغاء المادة الثانية فلن يكون هناك فضل لاعرابي على اعجامي إلا باحترام او عدم احترام الدستور والقانون لان الدولة ستصبح حقا وفعلا دولة ديمقراطية.

وطبيعي هناك من ركاب القطار من يعرف أكثر بما نطالب به.

اما عن التوعية فهي تنقسم الى قسمين.. الاول خاص بابناء مصر.. اي توعية داخلية.. وهي تنقسم ايضا الى قسمين.. الاول يخص ابناء مصر الاقباط الذين يخافون الكلام إما من الآخر او من الآخرة.. الآخر هو المسلم والآخرة هو خوفهم من غضب الله عليهم، لانهم تربوا على انه سيكون لهم ضيق ويضطهدون باسم المسيح ولا يستطيعون المطالبة الا اذا سألوا رجل الدين والذي سينهيهم عن الكلام (وإن كنانرى ونسمع رجال دين يطالبون وبقوة وشجاعة وبادلة دامغة حلا لما يعاني منه الاقباط في مصر).

والقسم الثاني الخاص بابناء مصر.. طبيعي هذا القسم يهتم بغير المسيحيين الاقباط سواء من المسلمين او البهائيين او اليهود ان وجدوا في مصر ولا ننسى ابدا النوبيون.. ولا تصدقوا من قول المطالبة والتوعية للاقباط المسيحيين فقط. لاننا لا نطالب بشيء خاص بنا، بل مطالبنا كلها المساواة بين ابناءمصر في الواجبات والحقوق بحكم قوانين مدنية وإعلاء مبدأ الدين لله والوطن للجميع.

وطبيعي هناك حقوقيون يعرفون اكثر.. ولا تصدقون من يقول ان بهذا الشكل يتم تميع المطالب القبطية المسيحية، لان هناك ملايين المصريين غير المسيحيين غير راضين لا على الدستور الحالي ولا على مواده بما فيها المادة الثانية، وايضاً المطحونين منهم فقد زاد الكيل وطفح. فلا تضيعوا الفرصة لانها لن تعوض.

والتوعية او طرق التوعية له وجوه كثيرة متعددة في عصر التكنولوجيا ولا تحتاج الى بيانات تصدر في الخفاء وتوزع في سرية تامة.. لا.. اشكر الله على اننا الآن يمكننا معرفة اي شيء يحدث في اي بلد في التو ولحظة حدوثها. وهذا يأخذني الى القسم الثاني من التوعية والتي تعني بالتوعية خارج مصر سواء لابناء مصر في الخارج بغض النظر عن الدين او بغير ابناء مصر في الخارج.

وهذه النوعية هي ورقة ضغط وليست استقواء بالخارج.. ولكن توعية العالم كله المتواجد على ارضه مصريون مسيحيون ومسلمون والذين بدون شك سيساعدون على توعية الآخرين عن ما يحدث للمصريين في مصر. وطبيعي استخدام وتطويع التكنولوجيا الحديثة التي تنقل الاراء والاحداث اولا بأول، ومع الترجمات باللغات الاخرى ستصل التوعية بحقيقة الامور لكل ركن من اركان المعمورة، وبكل لغة يتحدث بها الناس في اي بلد من البلاد.

هنالك الكثير من الاراء والافكار.. واتمنى ان تصب كلها في بوتقة مصر اولا واخيرا.. لانه اذا انصلح حال مصر، انصلح معه حال المصريين.. والمصري قد آن الأوان ليعرف عمليا ان الدين لله والوطن للجميع.

وبهذا يخلص الجميع للوطن.. وباخلاصه للوطن يكون مخلصا لتعاليم دينه. تعاليم دينه التى يؤمن بها بنفسه عن طريق عقله الذي يميز ما بين الخير والشر، ولا يكون امعه لا رأي له ولا كيان يحركه رموت كنترول في ايدي اناس هم أنفسهم يحركهم رموت كنترول من يريدون الخراب لمصر واشعال فتنة حقيقية ستأتي على الأخضر واليابس وعلى كل ما تبقى من جمال في مصر حتى لو كان قليلاً.

واحي الأخ رشيد على مشاركته لنا نحن المصريين في مشاكلنا، وأحي مجدي خليل وأتمنى لقطار الأمل ان يمتليء برجال ونساء لا مطامع عندهم سوى خدمة مصر وابناء مصر دون مزايدات على مناصب او مراكز او حب ظهور.

لاني اشم رائحة كريهة تريد التفرقة بين ابناء مصر شبيهة بالتفرقة الحالية بين الفلسطينيين!!..

ليست هناك تعليقات: