وجيهة الحويدر
في بداية الثمانينات مع رفع راية الجهاد وتجهيز المعسكرات المدعومة بالتكتيك والمعدات والتدريب الغربي ومساندة المال الخليجي، وفتح تلك المعسكرات في دول مثل الاردن والسودان وباكستان، اثناءها بعض مشايخ السعودية المتشددين بدأوا بنشر ثقافة التوحش، والزهد في الحياة، وبغض الآخر، وتجميع الاموال لتجييش الشباب الاسلامي والزج بهم في اراضي افغانستان والشيشان بإسم نصرة الاسلام، واخراج الكفار من ديار المسلمين.
في السعودية وعلى الساحة الاجتماعية في تلك الفترة ازدادت محاصرة الناس وتجريدهم من ذواتهم وخصوصيتهم وحرياتهم الفردية، حتى المظهر الخارجي والطقوس الدينية صارت قسرا واجبارا، وعلى اثر تلك التحركات التوحشية ، برز على الضفة الاخرى ردة فعل للتوحش مساو له في العنف ومختلف معه في الاتجاه، فقست قلوب الناس وانتشر التوحش المقنن في البيوت وظهرت تبعاته على الضعفاء منهم، وتفشى القهر ذو الماركة السعودية بين الطرقات وفي المحلات وفي جميع مؤسسات المجتمع.
لعقدين كاملين والعنف الديني والقهر السياسي في البلد يتفاقمان بوتيرة غير مسبوقة، والحال الاجتماعي يزداد سوءا وتدهورا، حيث ان الانظمة التعسفية كانت تلتف بشدة حول اعناق الناس والكبت بجميع اصنافه يتزايد عام بعد عام.
نُشرت الشرطة الدينية والأمنية في جميع الاماكن العامة لمراقبة الناس، وحُوربت جميع المظاهر الثقافية والصور الترفيهية، حتى التي تخص الاطفال مثل حفلات اعياد الميلاد والتخرج، فكل شيء لم يكن يروق للسلطة كان يُصنف على انه حرام او بدعة او مفسدة.
اضُطهدت النساء بأحكام وتشريعات لا صلة لها بالدين لكنها اُلبست بعباءته. هُضمت حقوقهن وغُيبن في ساحات المحاكم وأروقة المباني الحكومية، واُقصين في معظم الفعاليات والمرافق العامة، فتحولن الى كتل سوداء مجهولات الهوية. على الجانب الآخر حُرمن من معظم الفرص والوظائف، وتوقفت بعثات الفتيات السعوديات للخارج، ومُنع توظيف النساء في الاماكن المختلطة عدا القطاع الصحي. ايضا فُصلت العيادات النسائية واقسامهن بجدران عازلة، وطُبقت على الموظفات قوانين صارمة لضبط الفصل العنصري بينهن والرجال والزامهن بالزي الرسمي العباءة والنقاب الاسود الكالح.
وسائل الاعلام والمدراس والجامعات نالت نصيب الاسد من تلك الموجة المتوحشة فتحولت الى ساحات دينية من كثرة المواد الدينية والنشاطات والمحاضرات التوعوية التي تحرض على نبذ الغير وكرههم، وتعزز نزعة الزهد في الحياة، وتنشر ثقافة عذاب القبر وجهنم، وتحث على الشهادة ونيل الجنة. الاعلاميين والكوادر التعليمية كثير منهم ركبوا الموجة فاصبحوا دعاة ومبشرين بالصحوية الجهادية.
ايضا فُرضت قوانين وانظمة شديدة على الطالبات والطلاب في الزي وفي اجراءات الخروج والدخول في المدرسة او الجامعة. حُذفت جميع المواد الدراسية التي تثير الفكر النقدي وتثري الجانب الابداعي لدى المتعلم، واُستبدلت بمواد تعتمد في مجملها على الحفظ والسرد البليد. حُرم السعوديين من الالتحاق بالمدارس الاجنبية الموجودة في البلد، كي لا يتشكلوا بفكر السلطة الدينية ليس لها يد فيه، وبالمقابل مُنع تدريس غير السعوديين في المدراس والجامعات الحكومية لحجب المتنورين منهم عن السعوديين وابعاد تأثيرهم عنهم.
المساجد صارت منابر لنشر ثقافة العنف والاقصاء، فقُمعت جميع المطالبات الحقوقية السلمية بوحشية وبعنف غير مبرر، مثل محاولة النساء لقيادة السيارات في الرياض في بداية التسعينات، وقبلها الحركات الاصلاحية في الثمانينات.
انذاك الكتاب ربما كان اكثر وابسط جنحة سُجن عليها الانسان السعودي وربما جُلد ايضا في بعض الحالات، فكلما عبرت كلمة ثقافة تحسس رجال الحسبة عصيانهم، وتلمس حراس الامن اسلحتهم ، وتحركت في داخلهم نزعة الهجوم والايذاء. كان الاطلاع على فكر وتجارب واديان الشعوب الاخرى وتصفح كتبهم ودراسة ثقافتهم وايدلوجياتهم امر مُحارب ومنبوذ لدى السلطتين الدينية والسياسية.
في تلك الحقبة الاقليات الدينية او معتنقي الافكار التقدمية طالتهم ايضا ايدي الجهاديين المتصلبة، حيث عاملوهم بشتى اساليب التهميش والاضطهاد والاقصاء. مُنعوا من العمل في القطاع العسكري ومن الالتحاق بالسلك الدبلوماسي، وحُرموا من تقلد مناصب عليا في القطاعات الاخرى مثل الشركات المصنعة للنفط ومنتجاته، وفي البنوك والمؤسسات الحكومية. طُبقت لوائح مشددة على الاقليات الدينية فحدوا من ممارستهم لمعتقداتهم وطقوسهم. ايضا الاجانب العاملين في المملكة بعد أن تلقوا جرعات من التحذير والوعيد قبل قدموهم، وضُعت عليهم انظمة صارمة لكي يُحد من تحركاتهم و يُقلل من نشاطاتهم واختلاطهم بالسعوديين.
الدين صار بالقسر او متلبس برداء النفاق مما اثر على اللغة بين الناس وغيّرها بشكل عجيب، حتى صار الكل يظهر بأنه اكثر تدينا والتزاما من الآخر، وكأنهم في مارثوان ديني عالمي ستوزع فيه جوائز على الأشد تمسكاً بدينه، فحتى الاطفال الذين ولدوا في تلك الفترة، لقبوا بأسماء دينية مندثرة، لم يسمع بها من قبل.
بعد كل تلك التغيرات القسرية التي طرأت على المجتمع السعودي، لم يدرك الناس ولا حتى السلطة إلى أي مدى وصل التوحش المضاد وتوغل بين فئة من الشباب السعودي سوى بعد كارثة 11 سبتمبر في عام 2001، حيث نفذ العملية 19 عربيا، 15 منهم سعوديين، وبعدها نهض تنظيم القاعدة الدموي وانتشر مقاتليه في كل مكان، والذي يرأسه سعودي ويلتف تحت رايته كثير من السعوديين الجهاديين.
لم ينتهي الحال عند ذلك التنظيم، بل صُعق العالم مرة أخرى، خاصة العالم الغربي بظاهرة التوحش السعودي اكثر حين ثبت ان معظم نزلاء معتقل جوانتانامو من السعوديين ولم ينافسهم في العدد سوى اليمنيين، ايضا غالبية الانتحاريين الاجانب في العراق بين 2003 الى 2006 كانوا من السعوديين، وكثير من المقاتلين المغتربين في بلدان مثل أفغانستان وباكستان والصومال وقبلهم الشيشان كانوا من السعوديين، وحتى في فتح الاسلام في لبنان كان بين صفوفهم محاربين سعوديين.
بالطبع بضاعتنا رُدت إلينا في النهاية، فلا احد ينسى عمليات القتل والتفجيرات التي حصلت في مدن مختلفة في المملكة بين عامي 2003 و 2004، ومازالت اجهزة الامن تبحث عنهم في كل بقعة في الارض، وقوائم المطلوبين الجهاديين مازالت حتى يومنا هذا تتصدر صفحات الجرائد السعودية.
وآخر ما توصلت اليه اجهزة الامن قبل شهر تقريباً خلية سعودية تابعة لتنظيم القاعدة ومكونة من 44 شخصا من حملة الشهادات العليا، حيث كانت تخطط لشن هجمات ارهابية في مناطق مختلفة من البلد وفي منشآت نفطية، فتلك كانت المرة الأولى التي يعلن فيها جهاز الامن السعودي عن خلية من الجهاديين بينهم رجال على درجة عالية من التعليم والثقافة وفي تخصصات علمية مهمة. كانوا كلهم سعوديين فيما عدا شخص واحد قيل انه من بلد عربي.
بعدها فُجع الناس بحادثة محاولة الاغتيال الأخيرة التي حصلت في قصر الأمير محمد بن نايف يوم الخميس 27 أغسطس 2009، والتي ايقضت السعوديين البسطاء والعالم بأسره من جديد على كابوس يبدو ان ليله طويل جدا وتبعاته وخيمة ومخيفة.
الجدير بالذكر هنا أن الطوائف والفئات المقصية منها الاقليات الدينية والتنوريين كانت ولا زالت بريئة من تلك الجرائم والهجمات الارهابية، لأنها لم تتجرع التوحش بالطريقة التي حصل عليها الجهاديين وأتباعهم، ولأنها لا تحمل معتقداتهم لا تؤمن بفكرهم. لكن لا يعني هذا انهم اقل اغترابا من تلك الفئة عن ذواتهم. فهم في نهاية المطاف عايشوا نفس الظروف، وظهرت عليهم اعراض اخرى من التوحش لكن تبعاته تؤثر اكثر في محيطهم الخاص بهم، وهذا موضوع يحتاج الى بحث آخر لفهمه.
الآن تظل تساؤلات مهمة تطرق الاذهان. يا ترى لماذا يحمل تلك الفئة من السعوديون كل هذا التوحش خاصة بين الشباب منهم؟ ولماذا هذه النزعة الشريرة لإزهاق أرواح الآخرين وتبريره بنصرة الإسلام ونيل الشهادة؟ وهل ثمة حلول لإطفاء فتيل تلك النزعة بين الشباب السعوديين وانهائها بدون رجعة؟؟
حقيقة الأسباب كثيرة لتلك الظاهرة المروعة للتوحش المضاد والتي مازالت تلوك مشاعر الامان لدى الافراد والمجتمعات في شتى انحاء الدنيا، وسوف نتناول تلك الاسباب وطرق معالجتها في الجزء القادم من هذه المحاولة لفهم التوحش السعودي...فللحديث بقية...
في بداية الثمانينات مع رفع راية الجهاد وتجهيز المعسكرات المدعومة بالتكتيك والمعدات والتدريب الغربي ومساندة المال الخليجي، وفتح تلك المعسكرات في دول مثل الاردن والسودان وباكستان، اثناءها بعض مشايخ السعودية المتشددين بدأوا بنشر ثقافة التوحش، والزهد في الحياة، وبغض الآخر، وتجميع الاموال لتجييش الشباب الاسلامي والزج بهم في اراضي افغانستان والشيشان بإسم نصرة الاسلام، واخراج الكفار من ديار المسلمين.
في السعودية وعلى الساحة الاجتماعية في تلك الفترة ازدادت محاصرة الناس وتجريدهم من ذواتهم وخصوصيتهم وحرياتهم الفردية، حتى المظهر الخارجي والطقوس الدينية صارت قسرا واجبارا، وعلى اثر تلك التحركات التوحشية ، برز على الضفة الاخرى ردة فعل للتوحش مساو له في العنف ومختلف معه في الاتجاه، فقست قلوب الناس وانتشر التوحش المقنن في البيوت وظهرت تبعاته على الضعفاء منهم، وتفشى القهر ذو الماركة السعودية بين الطرقات وفي المحلات وفي جميع مؤسسات المجتمع.
لعقدين كاملين والعنف الديني والقهر السياسي في البلد يتفاقمان بوتيرة غير مسبوقة، والحال الاجتماعي يزداد سوءا وتدهورا، حيث ان الانظمة التعسفية كانت تلتف بشدة حول اعناق الناس والكبت بجميع اصنافه يتزايد عام بعد عام.
نُشرت الشرطة الدينية والأمنية في جميع الاماكن العامة لمراقبة الناس، وحُوربت جميع المظاهر الثقافية والصور الترفيهية، حتى التي تخص الاطفال مثل حفلات اعياد الميلاد والتخرج، فكل شيء لم يكن يروق للسلطة كان يُصنف على انه حرام او بدعة او مفسدة.
اضُطهدت النساء بأحكام وتشريعات لا صلة لها بالدين لكنها اُلبست بعباءته. هُضمت حقوقهن وغُيبن في ساحات المحاكم وأروقة المباني الحكومية، واُقصين في معظم الفعاليات والمرافق العامة، فتحولن الى كتل سوداء مجهولات الهوية. على الجانب الآخر حُرمن من معظم الفرص والوظائف، وتوقفت بعثات الفتيات السعوديات للخارج، ومُنع توظيف النساء في الاماكن المختلطة عدا القطاع الصحي. ايضا فُصلت العيادات النسائية واقسامهن بجدران عازلة، وطُبقت على الموظفات قوانين صارمة لضبط الفصل العنصري بينهن والرجال والزامهن بالزي الرسمي العباءة والنقاب الاسود الكالح.
وسائل الاعلام والمدراس والجامعات نالت نصيب الاسد من تلك الموجة المتوحشة فتحولت الى ساحات دينية من كثرة المواد الدينية والنشاطات والمحاضرات التوعوية التي تحرض على نبذ الغير وكرههم، وتعزز نزعة الزهد في الحياة، وتنشر ثقافة عذاب القبر وجهنم، وتحث على الشهادة ونيل الجنة. الاعلاميين والكوادر التعليمية كثير منهم ركبوا الموجة فاصبحوا دعاة ومبشرين بالصحوية الجهادية.
ايضا فُرضت قوانين وانظمة شديدة على الطالبات والطلاب في الزي وفي اجراءات الخروج والدخول في المدرسة او الجامعة. حُذفت جميع المواد الدراسية التي تثير الفكر النقدي وتثري الجانب الابداعي لدى المتعلم، واُستبدلت بمواد تعتمد في مجملها على الحفظ والسرد البليد. حُرم السعوديين من الالتحاق بالمدارس الاجنبية الموجودة في البلد، كي لا يتشكلوا بفكر السلطة الدينية ليس لها يد فيه، وبالمقابل مُنع تدريس غير السعوديين في المدراس والجامعات الحكومية لحجب المتنورين منهم عن السعوديين وابعاد تأثيرهم عنهم.
المساجد صارت منابر لنشر ثقافة العنف والاقصاء، فقُمعت جميع المطالبات الحقوقية السلمية بوحشية وبعنف غير مبرر، مثل محاولة النساء لقيادة السيارات في الرياض في بداية التسعينات، وقبلها الحركات الاصلاحية في الثمانينات.
انذاك الكتاب ربما كان اكثر وابسط جنحة سُجن عليها الانسان السعودي وربما جُلد ايضا في بعض الحالات، فكلما عبرت كلمة ثقافة تحسس رجال الحسبة عصيانهم، وتلمس حراس الامن اسلحتهم ، وتحركت في داخلهم نزعة الهجوم والايذاء. كان الاطلاع على فكر وتجارب واديان الشعوب الاخرى وتصفح كتبهم ودراسة ثقافتهم وايدلوجياتهم امر مُحارب ومنبوذ لدى السلطتين الدينية والسياسية.
في تلك الحقبة الاقليات الدينية او معتنقي الافكار التقدمية طالتهم ايضا ايدي الجهاديين المتصلبة، حيث عاملوهم بشتى اساليب التهميش والاضطهاد والاقصاء. مُنعوا من العمل في القطاع العسكري ومن الالتحاق بالسلك الدبلوماسي، وحُرموا من تقلد مناصب عليا في القطاعات الاخرى مثل الشركات المصنعة للنفط ومنتجاته، وفي البنوك والمؤسسات الحكومية. طُبقت لوائح مشددة على الاقليات الدينية فحدوا من ممارستهم لمعتقداتهم وطقوسهم. ايضا الاجانب العاملين في المملكة بعد أن تلقوا جرعات من التحذير والوعيد قبل قدموهم، وضُعت عليهم انظمة صارمة لكي يُحد من تحركاتهم و يُقلل من نشاطاتهم واختلاطهم بالسعوديين.
الدين صار بالقسر او متلبس برداء النفاق مما اثر على اللغة بين الناس وغيّرها بشكل عجيب، حتى صار الكل يظهر بأنه اكثر تدينا والتزاما من الآخر، وكأنهم في مارثوان ديني عالمي ستوزع فيه جوائز على الأشد تمسكاً بدينه، فحتى الاطفال الذين ولدوا في تلك الفترة، لقبوا بأسماء دينية مندثرة، لم يسمع بها من قبل.
بعد كل تلك التغيرات القسرية التي طرأت على المجتمع السعودي، لم يدرك الناس ولا حتى السلطة إلى أي مدى وصل التوحش المضاد وتوغل بين فئة من الشباب السعودي سوى بعد كارثة 11 سبتمبر في عام 2001، حيث نفذ العملية 19 عربيا، 15 منهم سعوديين، وبعدها نهض تنظيم القاعدة الدموي وانتشر مقاتليه في كل مكان، والذي يرأسه سعودي ويلتف تحت رايته كثير من السعوديين الجهاديين.
لم ينتهي الحال عند ذلك التنظيم، بل صُعق العالم مرة أخرى، خاصة العالم الغربي بظاهرة التوحش السعودي اكثر حين ثبت ان معظم نزلاء معتقل جوانتانامو من السعوديين ولم ينافسهم في العدد سوى اليمنيين، ايضا غالبية الانتحاريين الاجانب في العراق بين 2003 الى 2006 كانوا من السعوديين، وكثير من المقاتلين المغتربين في بلدان مثل أفغانستان وباكستان والصومال وقبلهم الشيشان كانوا من السعوديين، وحتى في فتح الاسلام في لبنان كان بين صفوفهم محاربين سعوديين.
بالطبع بضاعتنا رُدت إلينا في النهاية، فلا احد ينسى عمليات القتل والتفجيرات التي حصلت في مدن مختلفة في المملكة بين عامي 2003 و 2004، ومازالت اجهزة الامن تبحث عنهم في كل بقعة في الارض، وقوائم المطلوبين الجهاديين مازالت حتى يومنا هذا تتصدر صفحات الجرائد السعودية.
وآخر ما توصلت اليه اجهزة الامن قبل شهر تقريباً خلية سعودية تابعة لتنظيم القاعدة ومكونة من 44 شخصا من حملة الشهادات العليا، حيث كانت تخطط لشن هجمات ارهابية في مناطق مختلفة من البلد وفي منشآت نفطية، فتلك كانت المرة الأولى التي يعلن فيها جهاز الامن السعودي عن خلية من الجهاديين بينهم رجال على درجة عالية من التعليم والثقافة وفي تخصصات علمية مهمة. كانوا كلهم سعوديين فيما عدا شخص واحد قيل انه من بلد عربي.
بعدها فُجع الناس بحادثة محاولة الاغتيال الأخيرة التي حصلت في قصر الأمير محمد بن نايف يوم الخميس 27 أغسطس 2009، والتي ايقضت السعوديين البسطاء والعالم بأسره من جديد على كابوس يبدو ان ليله طويل جدا وتبعاته وخيمة ومخيفة.
الجدير بالذكر هنا أن الطوائف والفئات المقصية منها الاقليات الدينية والتنوريين كانت ولا زالت بريئة من تلك الجرائم والهجمات الارهابية، لأنها لم تتجرع التوحش بالطريقة التي حصل عليها الجهاديين وأتباعهم، ولأنها لا تحمل معتقداتهم لا تؤمن بفكرهم. لكن لا يعني هذا انهم اقل اغترابا من تلك الفئة عن ذواتهم. فهم في نهاية المطاف عايشوا نفس الظروف، وظهرت عليهم اعراض اخرى من التوحش لكن تبعاته تؤثر اكثر في محيطهم الخاص بهم، وهذا موضوع يحتاج الى بحث آخر لفهمه.
الآن تظل تساؤلات مهمة تطرق الاذهان. يا ترى لماذا يحمل تلك الفئة من السعوديون كل هذا التوحش خاصة بين الشباب منهم؟ ولماذا هذه النزعة الشريرة لإزهاق أرواح الآخرين وتبريره بنصرة الإسلام ونيل الشهادة؟ وهل ثمة حلول لإطفاء فتيل تلك النزعة بين الشباب السعوديين وانهائها بدون رجعة؟؟
حقيقة الأسباب كثيرة لتلك الظاهرة المروعة للتوحش المضاد والتي مازالت تلوك مشاعر الامان لدى الافراد والمجتمعات في شتى انحاء الدنيا، وسوف نتناول تلك الاسباب وطرق معالجتها في الجزء القادم من هذه المحاولة لفهم التوحش السعودي...فللحديث بقية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق