د. عدنان بكرية
ما الذي يقف خلف الحراك السياسي في المنطقة العربية والزيارات المكوكية بين دمشق والقاهرة والرياض والقمة الثلاثية التي جمعت رؤساء ثلاث دول ؟!
وهل هناك طبخة تطبخ على نار هادئة وبوادر حلول مطروحة على الطرف السوري من قبل امريكا وأعوانها في المنطقة ؟
لا شك ان السعودية ومصر فقدتا دورهما في الدبلوماسية العالمية والعربية وظهرت قطر كدولة تتربع على عرش الدبلوماسية لما كان لها من دور ريادي إبان الازمات التي مرت بها المنطقة خاصة العدوان على لبنان والعدوان على غزة . الموقف القطري أعطى دول الممانعة وعلى رأسها سوريا وزنا اكبر على الساحة العربية والعالمية وعلى حساب الدور المصري والسعودي وجاءت مبادرة المصالحة (السورية السعودية المصرية) ليس من اجل لملمة شمل الدول العربية التي تترنح في معمان الأزمات الداخلية ، بل لان مصر والسعودية تخشيان من تعاظم الدبلوماسية السورية على حسابهما .. تخشيان من تعاظم الدور الإيراني في المنطقة ! وثبات دول الممانعة كقوة مركزية لا يمكن لأي كان تجاهلها .
مصر تحاول استعادة مكانتها على الساحة العربية من خلال الاتكاء على سوريا ولعب دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل لتحريك مفاوضات السلام المعلقة ومصر تدرك ان فزاعة بوش قد ذهبت ولم يعد هناك تخوف من الادارة الامريكية اذا ما أعادت علاقتها الأخوية بسوريا وهذا هو حال السعودية !
والاهم أن العالم اجمع لا يمكنه استثناء سوريا وإيران من أي ترتيبات قد تحصل في المنطقة ويجب فتح الحوار معهما فاستبقت مصر الأمور لتعقد قمة المصالحة العربية لاسترضاء سوريا وربما إعادتها إلى الخيمة العربية وإضعاف علاقتها بإيران .. وعلينا ان نأخذ بالحسبان بأن سوريا لا تستغني عن علاقتها بايران باي ثمن ! فهي ستطالب العالم باستعادة هضبة الجولان مقابل سلام مع اسرائيل وجاء تصريح الرئيس السوري بشار الاسد : بأن من الممكن التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل ولكن العلاقات الطبيعية لن تكون ممكنة إلا بإنهاء الصراع مع الفلسطينيين الذين دعاهم إلى ضرورة التنسيق مع دمشق في مفاوضاتهم مع إسرائيل لتفادي أي تأجيل إسرائيلي في التوصل لاتفاق سلام. وأضاف الأسد في مقابلة مع صحيفة الخليج الإماراتية "نحن نعتقد بأن إسرائيل إذا وقعت مع سوريا فإنها ستصفي القضية الفلسطينية في يوم من الأيام لذلك فإن من مصلحة المفاوض الفلسطيني أن ينسق مع المسار السوري"..
إننا نحيي الرئيس السوري على هذا الموقف المسئول والذي يعبر عن التزامه بالقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
سوريا وبرغم الحصار الذي تتعرض له أثبتت ان الطريق المضمون للوصول الى بر الأمان هو طريق الصمود والتصدي وليس طريق المهادنة والاستسلام ! وهاهي اليوم تقطف ثمار صمودها وعدم تفريطها بحقها في استعادة أراضيها المحتلة .. فهي رفضت ومنذ انطلاقة العملية السلمية في مدريد.. رفضت كل أنصاف الحلول وأصرت على استعادة حقها بالكامل ودون قيد أو شرط .
ان ما نشهده اليوم من تهافت عربي تجاه سوريا لهو مؤشر واضح على ثقل الدور السوري والذي لولاه لتغير وجه المنطقة ولتحولت الى محمية امريكية .
سوريا تعي المنزلق الذي قد يجرها إليه النظام الرسمي العربي الذي يترنح من شدة الأزمات لكنها تعي أيضا ان أية مصالحة مع الدول العربية لن تكن على حساب علاقتها وتحالفها الاستراتيجي مع ايران وحزب الله وحركة حماس .. وهي أي سوريا قادرة على فرض رؤيتها لثوابت المصالحة .. فالمصالحة العربية لن تتم وفق أجندة سعودية أو مصرية ،بل وفق خيارات سورية خالصة ووفق ما تتطلبه مصلحة سوريا ومحور الممانعة .
سوريا هي الدولة العربية الوحيدة القادرة على تغيير استراتيجية المنطقة فيما لو أبدى الطرف الأمريكي مرونة فيما يخص مفاوضات السلام مع إسرائيل... وهي فقط القادرة على إقناع حماس وحزب الله بالانضمام إلى أي عملية سلمية .. فقد صرح الرئيس بشار الأسد بأنه على استعداد لإقناع حماس وحزب الله بالانضمام إلى العملية السلمية !ومن هنا فإننا لن نستغرب إذا ما رأينا المفاوض الإسرائيلي يجلس مع مفاوضي حزب الله وحماس ! مثلما لم نستغرب جلوس المفاوض الاسرائيلي مع مندوبي منظمة التحرير الفلسطينية في التسعينات والتي كانت تعتبر العدو اللدود لاسرائيل!
الخميس، مارس 19، 2009
الاسد .. السلام ممكن مع اسرائيل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق