مؤمن محمد نديم كويفاتيه
مشكلة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي والحركة الإسلامية بشكل عام أنهم على الدوام يتعاملون على أساس المبادئ وليس المصالح ، مُعتمدين في ذلك على الأسس الشرعية ، فلم يُبالوا بشيء عندما تحالفوا مع السيد عبد الحليم خدام على الرغم من الكثير من الانتقادات التي وُجهت لهم وما تزال ، ولم يُبالوا عندما قبلوا بانضمام أحزاب صغيرة لا وزن لها أو شخصيات مغمورة الى جبهة الخلاص للرفع من شأنها ، وكذلك لم يُبالون بأي طعنة وجهت لهم من حُلفاء الأمس ، مُعتمدين في ذلك كما جاء في بيانهم على الآية الكريمة (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) ولأنهم أيضاً يُدركون سعة حجمهم وضخامة شعبيتهم وتفاهة وسخافة ونتانة فكر المتطاولين الذين لا يمتلكون أي قاعدة شعبية ، بل وحتى أفكارهم التي بشروا بها في السابق ذهبت إلى مزابل التاريخ ، بعدما تخلو هم عنها واعتنقوا الفكر المُعادي لها ، ولن أُطيل بهذا الشأن سوى للتذكير بحالة جبهة الخلاص اليوم التي أصبحت بكل أسف مرتعاً للتآمر وبث الأحقاد وتوجيه السهام على المؤسس الأم ، وبعدما أثبتت الأيام بأن لا حل لهذه المشكلة إلا بالبتر ، كون هذه الجبهة التي يتزعمها الإخوان والسيد خدام لم يستطيعا التخلص من هذه العناصر الموبوءة المُتسللة التي لم تُراعي في الحليف إلاً ولا ذمّة ، بل الأنكى من ذلك أن يتحول موقعنا الجميل سورية الحرة منبراً لهؤلاء ، وبما أتحفنا به هذا الموقع أخيراً بمقالات لا ينبغي أن تكون فيه إلا إذا تمّ تبنيها من المشرفين عليه ، بينما حجب في نفس الوقت للمقالات التي ترد عليهم كتعبير عن روح الديمقراطية التي صار يتمتع بها هذا الموقع الذي طالب من خلاله غسان المفلح أحد كتابه بما توهمه أو تمناه أو رآه في منامه القيادات الواعدة في الإخوان المنقلبة على قياداتها بحسب رأيه المزعوم ، التي تؤمن كما وصفها بتبني فعلي وحقيقي لمفاهيم العصرنة والديمقراطية التي نراها هنا ، من خلال الحجب وكلامه الممجوج والسافر العداء ، والذي يكشف عن حقيقة ونوايا هذه الزمرة التي التي طفت على السطح مؤخراً لتُتحفنا بالعجائب والغرائب
ومن العجائب التي ساقها هذا المفلح حشر الحركة الإسلامية في سورية بل وحتى التنظيمات الإسلامية في العالم العربي في الفلك الإيراني مُتناقضاً مع نفسه في مقالة كتبها منذ أيام عن حماس والتوجه السني الإسلامي بوصفه إياهم بالعصاة عن التوغل المذهبي الإيراني ، ولذلك هي كما قال سعت للقضاء عليهم في حرب غزّة ، وكذلك هو يلوم الإخوان صعودهم في قطار توجه الحركة الإسلامية ، وتبنيهم للاستراتيجيات الحركة الأم ، مُتمنياً عليهم الانسياق وراءه ووراء أفكاره الجهنمية ، ما لم فهم مُنساقين وراء المشروع الإيراني وتتويجه كسيد للموقف في مُغلطة فادحة ومكشوفة لا نستطيع ان نفهم من وراءاها إلا جلب الاستعداء والتآمر ، ليدخل ضمن جوقة العازفين للمشاريع الغربية في بلادنا بعد أن ترك اليسار وتحول لليمين ، ليصير بين ليلة وضُحاها أكثر يمينية ، وملكاً أكثر من الملك ، ولينبري متشدقاً بمحاكمة البشير الذي أعلن الغرب فجأة أنه قاتل ، وصار علينا أن نُردد بأنه قاتل ، بينما أركان الكيان العنصري الصهيوني الذين ارتكبوا المذابح في غزة وفلسطين وبالوثائق والتصوير أبرياء ودُعاة السلام ، ومن ارتكب المجازر في العراق الجريح وأفغانستان ضحايا زرع الديمقراطية ، ليرهن أمور التغيير على المحكمة الدولية في مُحاكمة الشهيد الرمز رفيق الحريري رحمه الله ـ التي طالت عليها السنين ، والتي لن تكون بأحسن من سابقاتها كما في لوكوربي ، والتي لن تكون على الأرجح إلا بتحقيق المزيد من المكاسب لأشقائنا اللبنانيين في السيادة والاستقلال ، وبذلك لا يكون دم الحريري قد ضاع سُدىً ، ولكن في الوقت نفسه لا يُؤمل بأن تكون النتائج أكثر من ذلك ، حتى لا نوهم الناس بشيء ويُصابوا بعده بالإحباط ، وخاصة بعدما رأينا الانفتاح الأوربي والأمريكي على النظام السوري ، والذي كما وصفه المفلح كمكافئة من الرئاسة الفرنسية على اجتياح حزب الله لبيروت
وأخر ما أود قوله من المقالة رقم 2 من هذه السلسلة المفتوحة من مقالات " السياسة فن الممكن ومبادرة الإخوان " التي سأتناول من خلالها الردود التي وصلتني على تساءل (كيف ترى مُبادرة الإخوان المسلمين ذات طبيعة اليد الممدودة بتعليق مُعارضتها للنظام السوري
) واستطلاعات الرأي الكاسحة المؤيدة لخطوة الإخوان ، والمُعبرة عن الاشمئزاز من الطُفيليات التي ظهرت على السطح وتُريد أن تصطاد في الماء العكر ، والتي أنضم إليها مُسفهاً للآراء التي تُريد أن تُعلمنا كإسلاميين ضالعين في العمل السياسي ما ينبغي علينا فعله وما لا ينبغي ، ونحن ذوو التاريخ النضالي المُشرف الطويل ، الذي لم نكن فيه يوماً إلا إلى جانب الشعب وطموحاته وتطلعاته ، ليأتي الأغرار في مُحاولة سخيفة لفرض الوصاية علينا ، في صفاقة وتبجح مُعتمدين في ذلك على أساليب خسيسة بغية التأثير وليس الحجة والإقناع ، مُبتعدين في نفس الوقت عن النقد البناء المقبول من أي طرف ما لم يكن فيه الإساءة الوقحة التي لا تقصد النقد بل التجريح ، في أسلوب مُستعل علينا ، وكأنهم يريدوا أن يُعلمونا أبجديات السياسة في استخفاف واضح للقراء والمُتابعين ، مُغالطين أنفسهم قبل غيرهم ، ومستغلين صفاء ونقاوة الاتجاه الإسلامي الذي باعتقادي لن يصمد كثيراً أمام هذه السخافات إن لم تُلم ويُضرب على أيدي سُفهائهم
لأقول في الختام : دعوا الناس تعمل إن بطرتم أنتم ، وليستفيد كُل طرف من امتداداته الطبيعية له في خدمة الشعب والوطن والصالح العام ، ولنُسخر كل طاقاتنا من أجل قضايا المظلومين ، لا أن نحمل السلاح على بعضنا ، والبادئ على الدوام هو الأظلم ، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"
mnq62@hotmail.com
باحث وكاتب وناشط سياسي ..مُعارض سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق