حسناء سعادة
السفير
طـلاب يعترفـون بهـا ليرفضوهـا
«الكفر مرفوض أما بقية الشتائم فربما قد نتقبلها» هذه هي خلاصة رأي شباب وصبايا مدرسة الكرملية في مجدليا قضاء زغرتا حول الشعارات الطائفية ومدى تأثيرها على الشباب.
في البداية كابروا وأكدوا أنهم لا طائفيين، هم في مدرسة مختلطة طائفياً ومناطقياً، يقولون إن الإدارة والأساتذة يفسرون لهم يومياً أهمية تقبل الآخر ولكنهم في النهاية اعترفوا بأن في داخلهم شيئاً من هذا القبيل بنسبة معينة. بين طالب وآخر تتراوح بين الابيض والاسود وصولاً الى كل الالوان «فالطائفية موجودة عبر الاذاعات والتلفزيونات، في البيت والشارع والحي» حسب مي التي رأت انه يجب إعادة النظر في الأسس التربوية للوصول الى لا عنف ولا طائفية. الطلاب يحب بعضهم بعضا داخل المدرسة وصداقاتهم متينة «أما في الخارج فالموضوع يستفد، لا سيما حين تُستعمل شعارات بغيضة» حسب نسرين. أكثر من ستين طالباً وطالبة في الصفوف الثانوية توزعوا على حلقتين استمعوا وناقشوا وأبدوا رأيهم وأجمعوا على أنهم يأسفون لقول وكتابة الشعارات التي تحرض على الطائفية ولكنهم مقتنعون بأنها قد تؤدي الى توترات محدودة ولكن ليس الى حرب أهلية.
«من رابع المستحيل ان ننخرط في حرب اهلية» تقول ماريا، مضيفة «أن مجتمعنا تربى على الطائفية وهذا غلط وعندما نتحدث تبدأ ترسبات ما تعلمناه في محيطنا من أشياء مغلوطة بالظهور تدريجياً الا انه كلما تعرفنا الى الآخر كلما ابتعدنا عن الطائفية».
اسئلة كثيرة، محرجة في قسم منها، طرحتها عليهم المدربة صفاء الضيقة ممثلة الفريق الوطني لتعلم اللاطائفية الذي تؤسسه الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية. صفاء اكتشفت حسبما أوضحت لنا أنهم ردوا «بصدق وصراحة وبتعاون تام وهذا يساعد على تقبلهم للموضوع» مشيرة الى انها تعتبر ان المدرسة كان لها الفضل في إبعاد شبح الطائفية عن الطلاب كونها تضم تلامذة من مختلف المناطق والطوائف. التدريب تخلله عرض لفيلم قصير يحكي بالصورة قصة الحروب وتعكس المشاهد طبيعة كل محارب والنتيجة السيئة للحرب ووقوع القتلى والجرحى ليختتم بإعلان كل فريق انه انتصر على غريمه... فيلم استفز الطلاب وترك أثراً كبيراً عليهم طبعاً مع بعض الاعتراضات القليلة من طلاب اعتبروا ان رؤية العنف تشجع على العنف فكان الرد من أصدقائهم أن رؤية العنف تجعل الانسان يشمئز من القتل ويعرف نتيجة الحرب مسبقاً.
يقول ذو الفقار ان والده أخبره ان الحرب بشعة لكنه عندما شاهد الفيلم اكتشف مدى هذه البشاعة فيرد مارون بأن الجيل الجديد قادر على التغيير شرط ان يعيد النظر في كثير من الامور.
من جهته عبد القادر أشار الى أن الفيلم دفعه للتعرف أكثر على الآخر من أجل بناء علاقة سليمة بين المسلم والمسيحي، فيما رأت فيه مروى أن الطائفية تؤدي الى حروب ودمار ويجب نبذها، فيما اعتبر لحود ان السلاح كل السلاح يجب أن يوجه باتجاه العدو ويجب ألا ننخرط في حرب أهلية مهما جرى. وحدها سالي لم تحب الفيلم معتبرة أن العنف يولد العنف وان المشاهد لن تؤخر أو تقدم بل يجب الاستفادة من تجربة لبنان الفريدة بتعدد طوائفه.
في الختام عاد الطلاب الى صفوفهم ليؤكد بعدها مدير المدرسة الأب ميشال حداد انه لا يخشى عليهم حتى من مجتمعهم الضيق، فالنواة التي تزرعها فيهم المدرسة حول أهمية تقبل الآخر واحترام رأيه لا بد أن تثمر، مشيراً الى انه رغم ما جرى من توترات أمنية خلال السنوات السابقة في المنطقة لم يتأثر الطلاب واستمروا في تعاونهم ومحبتهم بعضهم لبعض.
الجدير ذكره انه تم اختيار الكرملية لتجاوب الادارة ولكونها مدرسة تضم مختلف فئات المجتمع وطلاباً من مختلف الطوائف وهي ايضاً تضررت من العنف الهمجي خلال الحروب لكنها عادت صرحاً تربوياً جامعاً على تلة تشرف على زغرتا المارونية وطرابلس السنية وجبل محسن العلوي.
يذكر أن فريق الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية الذي ينفذ مشروعاً لتعليم اللاطائفية، قد درب 20 منشّطاً على مدى 12 لقاءً مكثفًا، حيث تعلّموا واختبروا 63 تمرينًا وتطبيقًا تربويًا للتنشئة اللاطائفية، وفي 2009 باشر معظمهم بنشاطات في مناطق ومؤسسات متنوعة لنقل هذه الخبرة وتوعية مئات المواطنين من سائر الأعمار على اللاطائفية في التربية والسلوك كما في القوانين والسياسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق