راسم عبيدات
.......هذا الرقم في سفر النضال الوطني الفلسطيني في زيادة مستمرة وهو يكبر باستمرار،إنه رقم المنسيين من أسرى شعبنا الفلسطيني،والذي أفنوا زهرات شبابهم في غياهب سجون الاحتلال وظلمات زنازينه،هذا رقم الأسرى الذين أمضوا أكثر من خمسة عشر عاماً قي سجون الاحتلال ومعتقلاته،وعدد لا بأس منهم دخل موسوعة "دينيس" للأرقام القياسية،هؤلاء الأسرى الذين زعماء أمريكا وأوروبا الغربية وغيرهم من ما يسمى بدعاة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان،والذين ليل نهار يتباكون على مصير الجندي الإسرائيلي المأسور في قطاع غزة"جلعاد شاليط"،لم نسمع منهم حرفاً أو جملة عن الأسرى الفلسطينيون وما يتعرضون له من ممارسات قمعية واذلالية في سجون الاحتلال ومعتقلاته،ولم يطالب أي مسؤول منهم بأن يطلق سراح أسرى شعبنا الفلسطيني،وعلى اعتبار أن ذلك يشكل خطوة مهمة جداً على طريق إقناع شعبنا الفلسطيني بجدوى خيار المفاوضات العبثية،وكيف سيقنع شعبنا بهذا الخيار،وهو يرى إسرائيل يومياً تتعمد اذلال أسرانا وأهانتهم،وتحول قضيتهم إلى قضية ابتزاز سياسي،وإطلاق سراحهم رهن بحسن نواياها وصفقات إفراجها أحادية الجانب،هذه حسن النوايا وصفقات الإفراج المستثنيين منها،على اعتبار أن إسرائيل والتي تتحكم في هذا الملف من ألفه إلى ياءه،وضعت لهم تقسيمات وتصنيفات،تجعل من المستحيل إطلاق سراحهم،ما بين رفض شمول تلك الصفقات على أي أسير من الداخل- مناطق 48 وأسرى القدس،وأي أسير حسب زعمهم ووصفهم يداه"ملطختان بالدماء"،وهذا يعني بالملموس تحول هؤلاء الأسرى في الأكياس الحجرية الإسرائيلية من شهداء مع وقف التنفيذ إلى شهداء فعليين.
نحن ندرك جيداً انه رغم ثبات وصمود آسري الجندي الإسرائيلي"شاليط" على مطالبهم،فإن ذلك لن يغلق ملف أسرانا في سجون الاحتلال،هذا الاحتلال المغرق في العنصرية والتطرف ورغم ما نسمعه من حديث ممجوج ومعسول وأسطوانة مشروخة ومكررة عن تقديم تنازلات مؤلمة من أجل السلام ودعم معسكر الاعتدال الفلسطيني،فلم تقدم الحكومة الإسرائيلية أي تنازل ذو مغزى في هذا الملف ولا حتى غيره من الملفات الأخرى وقف استيطان وانسحاب ..الخ،ومن هنا بات هناك قناعة عند شعبنا بعدم جدوى هذا الخيار،وهم يتطلعون إلى أن فرصة الكثير من أبنائهم للتحرر من الأسر مرهونة وموقوفة على صفقة التبادل بالجندي المأسور"شاليط، وقناعة الكثير من شعبنا الفلسطيني،بأن صفقة "شاليط" لن تغلق ملف الأسرى،ولكنها عدا عن أنها ستشكل كسراً لكل المعايير والمحرمات الإسرائيلية في حجم ونوعية الأسرى الذين ستشملهم الصفقة،بحيث تتحدث الأنباء عن شمول الصفقة على 20 من أسرى الداخل والمحكومين بالسجن المؤبد ومدى الحياة وعدد مثلهم أو أكثر من ذلك من أسرى القدس،ناهيك عن الأسرى الذين تصفهم إسرائيل"بالملطخة أيديهم بالدماء"،والحديث هنا يجري عن المئات من الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالأحكام العالية والمؤبدة،ومن ضمنهم قادة سياسيين من أمثال الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات والقائد مروان البرغوثي وغيرهم من الوزراء والنواب،ناهيك عن قادة أذرع عسكرية،ما كان لإسرائيل أن تقبل بإطلاق سراحهم خارج هذا الإطار،من أمثال قادة القسام عباس السيد وعبدالله البرغوثي وابراهيم حامد وحسن سلامة وغيرهم.
في حين لم تثمر عشرات اللقاءات العلنية والسرية بين قيادة السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية المتواصلة والمستمرة منذ تولي الرئيس عباس لرئاسة السلطة عن إحداث تقدم جدي في هذا الملف،وبقيت إسرائيل ممسكة به كورقة ابتزاز سياسي،ومخضعة إياه لشروطها ومعايرها.
إن هذا الرقم لأسرانا الذين أمضوا في سجون الاحتلال خمسة عشر عاماً فما فوق،كل الرهان على صفقة"شاليط" بأن يتم تخفيضه إلى النصف أو أكثر،ومع أنه لن يغلق هذا الملف كلياً،لكنه يحقق مجموعة من الأهداف،والتي يأتي في مقدمتها تحرر هؤلاء الأسرى بعزة وكرامة وبدون أية اشتراطات أو التزامات،وكذلك يعيد الثقة والأمل إلى أوساط حركتنا الأسيرة بثورتها وفصائلها المقاومة،بعد أن تسرب اليأس والإحباط إلى صفوفها،بعدما ترك المفاوض الفلسطيني واتفاق أوسلو مصيرهم إلى إسرائيل تتحكم به كيفما تريد وتشاء،كما أن صفقة بهذه المواصفات ستشيع جو من التفاؤل والأمل بين أوساط شعبنا،أنه رغم الثمن الباهظ الذي دفعه شعبنا الفلسطيني من حصار واستشهاد ودمار،إلا أن نهج وخيار الصمود والمقاومة أثبت نجاعته وجدواه،وهو رسالة واضحة إلى إسرائيل وأمريكا وأوروبا الغربية،بأن شعبنا الفلسطيني لن يترك ويرهن مصير أسرانا إلى شروطهم وتصنيفاتهم وابتزازهم،وان استمرار وتعنت إسرائيل في هذا الملف،يجعل شعبنا وفصائلنا يبحثون عن طرق وخيارات أخرى من أجل تأمين إطلاق سراحهم وتحررهم من السجون الإسرائيلية،وهو كذلك رسالة واضحة إلى السلطة الفلسطينية،بضرورة إجراء مراجعة شاملة وجدية لهذا النهج،ولا بد من بناءه على أسس وشروط جديدة ،تمنع إسرائيل من استغلال نهج التفاوض هذا من أجل تمرير خططها ومخططاتها في فرض الوقائع ومواصلة الاستيطان وقضم وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية،وبما يحول الطرف الفلسطيني إلى شاهد زور على ذلك،فالمفاوضات بنهجها والياتها وطرائقها السابقة،لم تعد مجدية وهي لن تقود إلى تحقيق حتى الحد الأدنى من حقوق شعبنا الفلسطيني،وما ينتظر شعبنا سيكون أشد وأخطر في ظل قيام وتشكل حكومة إسرائيلية يمينية،ترفع لواء وراية الطرد والتهجير والتطهير العرقي وإقصاء الآخر وعدم الاعتراف بوجوده.
ومن هنا يجب علينا كشعب وأحزاب وفصائل ومؤسسات مجنمع مدني خوض كل الطرق والوسائل من أجل العمل على تحرير أسرانا من السجون الإسرائيلية،واعتبار هذه القضية قضية مركزية تخص كل فلسطيني داخل وخارج فلسطين،فأسرانا يواجهون خطر الموت البطيء في السجون الإسرائيلية،وإدارات سجون الاحتلال،كل يوم تبدع أشكال جديدة في عفابهم،وتحاول بكل الطرق والوسائل تفريغهم من محتواهم النضالي والكفاحي،ودفعهم إلى خانات اليأس والإحباط،ورقم 335 هذا المرشح للزيادة المستمرة والذي ينظر بخطر محدق بأسرانا نحو التحول إلى شهداء في السجون،وخصوصاً أن من استشهد في سجون الاحتلال وزنازينه من أسرانا يقترب من رقم 200 أسير.
الأحد، مارس 01، 2009
رقم 335
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق